اخر الروايات

رواية للعشق وجوه كثيرة الفصل الحادي والعشرين 21 بقلم نورهان العشري

رواية للعشق وجوه كثيرة الفصل الحادي والعشرين 21 بقلم نورهان العشري 



                                    
للهِ سلَّمْتُ أمرًا لَسْتُ أَعْلَمهُ 

+


‏            مالي على حِمْلِه لكِنْ سَأرْضَاهُ

+


‏ربّاهُ لولاكَ لا سندٌ ولا أحَدٌ 

+


‏              فأنْتَ حَسبي وَحَسْبِي أنّكَ اللهُ🤲


+


***********

+


- طلقني ... 

+


حاولت كاميليا المحاوله علي ثباتها أمام غزو سحره الذي يمارسه علي كل ذره من كيانها و قالت كلمتها و ياليتها لم تفعل فقد شعرت بسكونه للحظات أدركت أنها السكون الذي يسبق العاصفه فأسرعت تصلح ما تفوهت به لتردف بلهفه 

+


- اقصد يعني نمثل قدامهم اننا اتطلقنا لحد ما نشوف هنعمل ايه معاهم ؟

+


تجمد يوسف للحظات يحاول أن يستوعب ما تفوهت به ليتحول جموده تدريجيا لغضب كبير و هي تكمل تلك التراهات التي تخرج من ثغرها التوتي الذي يريد الآن و بشده أن يعاقبه و يفتك به ليلقنه درساً كبير علي كل هذا الغباء و لم يدري أن يداه كانت تقبض  عليها بقوة آلمتها فأخذت تتململ بجانبه وهي تتمتم بألم 

+


- يوسف .. ارجوك .. انت بتوجعني كدا 

+


زفر يوسف محاولاً التنفيس عن غضبه الذي لا نهاية له فتركها بغتة و هو ينظر إليها بنظرات مرعبه تشير بأنه على شفا الإنفجار ليتحدث بلهجة آمرة لم تعتادها منه 

+


- تلت دقايق تكوني مجهزه حاجات عشان نمشي ... مستتيكِ تحت 

+


القى بكلماته و توجه ناحيه باب الغرفه و هو يحاول التحكم بغضبه كي لا يحطم الغرفه فوق رأسها ليجد تلك التي هرول قلبها ساحبا إياها خلفه لتمسك به قبل ان يخرج وتديره إليها وهي تهمس وعينيها تغلفها طبقه كريستالية نتيجه تجمع العبرات في مقلتيها 

+


- لا يا يوسف متخرجش و انت زعلان مني ... حقك عليا والله مقصدش .. انا بس خايفه ... خايفه ليشوهوا صورة مامتي و يحاولوا يبعدونا عن بعض تانى .. غصب عني يا يوسف والله 

+


حاول يوسف ألا يضعف أمام حزنها الذي أدمي قلبه ليقترب منها رافعاً ذقنها لتصبح عينيها في مواجهته و هو يقول بثبات عكس كل ذلك التخبط الذي يشعر به 

+


- المرة اللي فاتت لما سميرة هددتك هربتي يا كاميليا و المرادي بردو عايزه تهربي و تبيني قدامهم اننا مُنفصلين !  للدرجادي مش واثقه فيا اني اقدر احميكِ ...؟ 

+


لم يتلق رد سوي اعتذار صامت من عينيها مصحوب بدموع الندم الذي يقرض كل ذرة في داخلها ليردف بنفس نبرته 

+


- الهروب ضعف يا كاميليا و انا مش هقبل تكون مراتي ضعيفة ... انا شايل عيله كامله علي كتافي لو مقدرتش اوفر الأمان و الحمايه لكل فرد فيهم يبقي مستحقش اكون كبيرهم  لو مش مدركه لكل دا يبقي دي مشكلتك 

+



                
قاطعته مستعطفه ترفرف برموشها في حزن 

+


- يوسف …

+


قاطعها بعنفوان رجل لم يعرف معنى الضعف أبدًا

+


- انا معنديش وقت للهروب . لو عايزه تتطلقي عشان اي سبب من الأسباب يبقى هاخدك دلوقتي ع المأذون و ننهي كل حاجه و بردو هفضل جمبك و هفضل أحميكِ .

+


رقت نبرته قليلًا قبل أن يُضيف

+


_ اما لو عايزه تكملي معايا يبقي تحطي إيدك في إيدك و تواجهي الدنيا كلها وانتِ رافعه راسك و مقدره انتِ مين و مرات مين ؟

+


تبدد تلك الرقة في نبرته وهو يُضيف بجفاء

+


_ الإختيار ليكِ و صدقيني مش هناقشك في اي قرار هتاخديه و لا هفرض عليكِ حاجه و هنفذلك اللي انتِ عيزاه ..

+


قال جملته الأخيرة وهو يشعر بغصة في حلقه سرت مرارتها إلي قلبه الذي ارتعب من فكرة فراقها و لكنه أخذ قراره إما أن تفعل ما يليق بها و بقلبه او تدفع ثمن خياراتها 

+


 اغلق باب الغرفة خلفه و هو يلتقط هاتفه و يجري مكالمه هاتفية ليقول بعد ثوان 

+


- هات أدهم و تعالولي عالقصر دلوقتي حالاً .....




+


*************


+


- و بعدين يا علي من وقت ما رجعنا إسكندريه و انت حالك مش عاجبني هتفضل كدا كتير ؟

+


كان هذا صوت فاطمة التي منذ ذلك اليوم عندما قرر على الرجوع إلي الإسكندريه فجأة وهي تراه على غير عادته مشتت و غاضب و متجهم الوجه ليخبرها قلبها بأن شيئاً ما حدث معه و لكنها أبت التدخل إلا أنها لم تحتمل أن يكون فلذه كبدها بمثل هذا التشتت و الضياع لتأخذ قرارها بالتحدث معه ..

+


- ماما بتقولي حاجه ؟

+


جفل على إثر صوت والدته الذي اخرجه من شروده فلم يلحظ ما كانت تقوله فقد كان غارق في عالمه الخاص

+


- مالك يا علي؟

+


- مالي يا ماما .

+


- متغير من يوم ما كنا في القاهرة و خرجت و قلت شويه و راجع و جيت حالك متشقلب كدا ممكن اعرف حصل ايه ؟

+


زفر علي بحزن و الإحساس بالذنب يتآكله من الداخل فلأول مرة في حياته يعجز عقله عن التفكير ليهب من مكانه ناصباً عوده متوجهاً لنافذه غرفته ناظراً للفراغ لا يدري بماذا يجيب والدته لتفاجأة هي و تقطع عليه شوط طويل من المقدمات 

+


- حصل إيه عند جدك خلاك كدا يا على ؟

+


التفت لها علي متفاجئاً من ذكائها لتبتسم بهدوء و تقترب منه قائله 

+


- إيه يا علي فكرت انك كبرت عليا و هتعرف تخبي عني ؟ لعلمك بقى انا بفهمك من عنيك و هفضل كده على طول فمتحاولش مرة تانية تخبي عليا عشان هاخد منك موقف يزعلك ..

+



        
          

                
ابتسم علي و امسك بكفيها مقبلاً إياهم وهو يقول بحب و نبرة يشوبها الأسف 

+


- حقك عليا يا ست الكل انا مكنتش عايز اضايقك أو أشغلك معايا 

+


نظرت إليه فاطمه بنصف عين و هي تقول بتهكم 

+


- و دا من امتى ان شاء الله ؟ عموماً احنا لينا قاعدة طويله عشان عنيك فيها كلام كتير يا سيادة الرائد 

+


تحدث علي بمرح 

+


- دا إستجواب بقى ؟

+


أضافت فاطمه بنبرة آمرة مصطنعة

+


- بالظبط كدا اتفضل اقعد و قولي حصل ايه ؟

+


انهت جملتها ثم امسكت بكفه و اجلسته بجانبها و اعطته إيماءة من رأسها بمعنى ان يبدأ بالحديث ليبتسم على طريقتها التي تجعلها و كأنها طفلته و ليست والدته ليبدأ حديثه من عمق المعاناة التي يشعر بها 

+


- عمرو كلمني عشان اروح اشوف جدي لان حالته الصحية متدهورة  بصراحه مكنتش ناوي اروح بس في آخر لحظه غيرت رأيي لما افتكرت بابا الله يرحمه و قولت مينفعش يكون تعبان و مروحلوش ..

+


 صمت لثوان و صوره جده بذلك الضعف تشعره بألم لا يدري ما سببه ليتتابع بصوت حاول ان يكون ثابتاً 

+


- دخلت لقيته نايم عالسرير و متعلقله خراطيم و محاليل بصراحه اتصدمت لما شفته متخيلتش ان كل القوة و الجبروت دي في لحظة تتحول لمنتهى الضعف اللي انا شفته فيه . وقتها كان نفسي أسأله سؤال واحد  كل جبروتك و قسوتك نفعوك دلوقتي ؟ بس فاجئني بكلامه 

+


عودة لوقت سابق 

+


- انا عارف يا علي ايه اللي بيدور في دماغك دلوقتي زمانك بتقول الراجل الضعيف دا هو اللي كان من كام سنه بس بيحاربنا و عايز ياخدنا من امنا ..؟ 

+


كان هذا صوت هاشم الرفاعي الجد الأكبر لعلي و قد اهتزت نبرة صوته من كثرة التعب فقد تمكن منه المرض ليشعر بأن أيامه علي وشك الإنتهاء فحاول ان يصلح بعضاً من أخطائه ليقول بألم 

+


- انا عارف كل اللى بيدور في دماغك يا ابني و أنا استاهله و استاهل انك تشمت فيا ..

+


قاطعه علي و قد غص حلقه من كلمات جده و لكنه حاول الظهور بمظهر اللامبالاه 

+


- استغفر الله لو سمحت متقولش كدا مفيش شماته في المرض 

+


ابتسم هاشم ابتسامه بطيئه فأي غرور قد اعماه ليبقي بعيداً عن أحفاده فقد شعر بأنه أضاع الكثير من الأشياء القيمه في هذه الحياة ليمد كفه المرتعش لعلي و عيناه يملؤها التوسل بألا يرد يده خالية ليتبادلا النظرات لمدة ليست قصيرة حتى شعر هاشم بالحزن فهاهو حفيده يرفض حتى الإقتراب منه . و حين أوشك علي إعاده يده التقطها علي محاولاً ألا يظهر أي ردة فعل و أخذ يقنع نفسه بأنه يفعل هذا لذكري والده و أيضاً فإن أخلاقه تمنعه من أن يرد يد عجوز قد امتدت إليه ليضغط هاشم بكل ما يمتلك من قوة علي يد علي و قد فرت دمعه هاربه من عينيه تحكي مدى ندمه وأسفه وهو يقول 

+



        
          

                
- انا عارف إني مستهلش يا علي ... صدقني يا ابني عارف بس انا طمعان في شهامتك و مروءتك و عايزك متحرمنيش من اني اموت وسط احفادي اللي اتحرمت منهم عمري كله بسبب جبروتي و غبائي 

+


قطب علي جبينه فهل سيتجرأ و يطلب منه أن يبعدهم عن والدتهم مرة ثانية ؟  ليقول باستفهام غاضب 

+


- تقصد ايه ...؟ 

+


- أقصد إن آن الأوان نتجمع مع بعض و نلم شملنا يا علي و تيجوا تعيشوا معايا في القصر و تاخدوا حق ابوكوا ..

+


ثار علي و هب من مكانه منفعلا و قد تذكر معاناة والديه بسبب ذلك الرجل 

+


- أبويا اللي انت حرمته من كل حاجه و فضلت تحارب فيه طول عمره و حتى بعد ما مات مفوقتش بردو و استمرت أنانيتك و جبروتك و حاولت تحرم عياله من أمهم .. تصدق أنا غلطان إني ... 

+


قاطع حديثه سعال قوي خرج من جوف هاشم ليتقدم اليه بلهفه ليمسك هاشم بكفه و هو يبتسم بود فقد لمسه قلبه تلك اللهفة التي وجدها في عينيه ليقول بحب 

+


- تعرف يا علي ان عينيك نفس عنين ابوك الله يرحمه انت واخد نفس صفاته كان يتخانق معايا و يقسى عليا و لو حس اني تعبان و لا فيا اي حاجه كنا بييجي جري عليا و كنت بشوف في عنيه نفس اللهفه اللي شوفتها في عينيك دلوقتي

+


حاول علي أن يترك يداه فقد أصابته كلماته في الصميم ليتمسك هاشم بيده أكثر و هو يقول في ضعف 

+


- المرادي انا عايزكوا كلكوا يا علي و تقدر تجيب الست والدتك معاكوا 

+


تفاجأ على من حديثه و لكنه سرعان ما أجاب بسخريه 

+


- و إيه سبب التضحية العظيمة دي ؟

+


ليجيبه هاشم بفظاظة و قد أبي الإعتراف بأخطائه حتى و إن نوى إصلاحها 

+


- عشان احفادي.  مقدرش ابعد عنهم و اموت و هما مش حوليا مضطر اتحمل و اضحي باي حاجة في سبيل انهم يكونوا جمبي اللي باقي لي من عمري 

+


شعر علي بالسخرية من نفسه لظنه بأن هذا العجوز يمكن ان يلين و يعترف بأخطائه ليتجاهل براكين الغضب التي عصفت بداخله و تحدث بنبره قويه و ثابته 

+


- انا مقدر تضحياتك دي بس طلبك مرفوض يا هاشم بيه انا و امي و اخواتي هنعيش في بيتنا بيت ابويا اللي اتربينا فيه و مش هنقدر نسيبه ابدًا و لا نعيش في مكان تاني ... 

+


ثم اقترب قليلا منه مضيفًا بلهجة حادة

+


- البيت اللي امي متتشالش فيه عالراس ميلزمناش و حق ابويا اللي انت بتقول عليه خليهولك يمكن ينفعك احنا مش محتاجينه 

+


القي علي كلماته التي استقرت في قلب ذلك العجوز و قد أدرك انه أخطأ هذه المرة أيضا ليردف بعدما رأى علي على وشك المغادره 

+



        
          

                
- هستناك تفكر و ترد عليا يا علي انا عارف انكوا لسه قاعدين في مصر يومين بنات الغالي وحشوني اوي و نفسي اشوفهم و اكيد هما كمان نفسهم يشوفوني 

+


استدار علي بنصف جسده ثم قال بلهجه ساخره 

+


- معلوماتك غلط احنا مسافرين اسكندريه كمان شويه و اخواتي مش فاكرينك اصلًا و لا يعرفوك عشان توحشهم او يكونوا عايزين يشوفوك 

+


عودة للوقت الحالي 

+


- غلط يا علي 

+


تحدثت فاطمة بعدما استمعت لحديث 

+


علي لتقرر مساندته ليصل إلى الطريق الصحيح فهب علي من مكانه ما ان استمع لحديثها قائلًا بلستنكار

+


- هو ايه اللي غلط يا ماما ؟

+


- اللي انت عملته و اللي قولته . أصول كنت جيت خدت اخواتك و روحت خلتهم يشوفوا جدهم و يطمنوا عليه 

+


صُدم علي من حديثها و قال مستفهماً 

+


- انتِ يا ماما اللي بتقولي كده بعد كل اللي جدي عمله فيكِ؟! 

+


- أيوا انا اللي بقولك كدا . اللي حصل بينا و بين جدكوا زمان كان ماضي و اتقفل و انتوا ملكوش دعوة بيه دول اهلك انت و اخواتك و دا جدكوا و له حق عليكوا 

+


قاطعها علي غاضبا

+


- دانتِ ناقص تقوليلي خد اخواتك وروحوا عيشوا معاه 

+


- مش هقدر اجبركوا علي حاجه بس هقولك كلمتين تحطهم حلقه في ودنك أبوك الله يرحمه عاش متعذب عشان كان بعيد عن أبوه كان بيتمني ان جدك  يراجع نفسه و يرضى عنه و مفيش حاجه هتفرحه في تربته غير ان ابوه ياخد ولاده في حضنه .... 

+


صمتت لثوان ثم اقتربت منه وهي تربت على كتفه ثم قالت بصوت حاني 

+


- اعمل الصح يا علي عشان متجيش تندم يا ضنايا بعد فوات الأوان و متفكرش انك لما تروح تزوره انت و اخواتك انكوا كدا بتيجوا علي كرامتي ! لا . انا كرامتي ابوك الله يرحمه ردهالي يوم اختارني و وقف قدام الدنيا بحالها عشاني  و دي اكتر حاجه تاعبه جدك يا ابني .. فكر يا علي و انا متأكدة انك هتقدر توصل للقرار الصح .. انا واثقه فيك. 

+


اتهت كلماتها لتتركه يتخبط في حيرته فقد أشعره حديثها بالذنب تجاه ذلك الرجل فهو يعلم حق المعرفة انه يحتاج اليهم كثيرًا و لكنه يعشق والدته ولا يستطيع نسيان ما عاشته من ألم كان هو المتسبب الرئيسي به ...


+


*************


+


بعد وقت ليس بكثير قضته كاميليا في السيارة بجانب يوسف  لم يتحدث معها سوى بعد إنطلاق السائق الذي وجه سؤاله إلى يوسف عن وجهتهم لتسرع كاميليا بالرد عليه  

+


- عالقصر يا عم عبده .

+


ثم أخذت تنظر إلى جانب وجهه بوسامته الفائقه و تلك الهاله من الهيبه تحيط به لتجد نفسها تقترب منه و تطبع ورود اعتذارها على صدغه و هي تقول بهمس  

+



        
          

                
- أسفه .

+


و لكنها لم تجد منه أي استجابه لفعلتها فأصابت قلبها الخيبة لعدم تأثره بإعتذارها و لكنها لم تكن تدري شيئاً عن تلك العواصف التي أخذت تضرب قلبه ف فعلتها تلك وقربها منه بهذا الشكل المُهلك لجميع دفاعاته و حصونه قد أصاب ثباته في مقتل فهو في كل الأحوال و إن كان غاضباً منها يعشقها حتى النخاع و لكنه أراد أن يقسو عليها قليلاً لكي لا تعود لتلك الافعال الغبيه مرة آخري 

+


وقفت السيارة أمام الباب الداخلي للقصر ل يترجل منها  بطلته المهيبة مُتجهًا إلى باب القصر مُتجاهلاً وجودها خلفه ليتفاجأ بتلك اليد الرقيقه تنسل بين كفه تمسك به بشدة وهي تُهديه تلك النظرة التي كان لها وقع السحر على قلبه و كذلك نبرتها الرقيقه وهي تقول هامسة 

+


- مش المفروض ندخل إيدنا في إيد بعض هو أنا مش مراتك و لا ايه ؟

+


أبى عقله أن يُسلم رايته ليمنع نفسه بصعوبه من التهامها و هي بكل تلك الرقة و الجمال ليقول بنبرة ساخرة 

+


- إيه ؟

+


ثم ترك يدها لتشعُر بالحزن يُخيم عليها حتى كادت عينيها أن ترفع رايات ضعفها و تستسلم لطوفان العبرات الذي تهتز لأجله جفونها و لكن فاجئها حين مد يديه يطوقها مما جعلها قريبة جدًا منه فتعالت دقات قلبها وزادت بشكل جنوني لتقول له بهمس و وجنتين مشتعلتين من فرط الخجل 

+


- يوسف .. انت بتعمل ايه ؟ حد يشوفنا .

+


أجاب يوسف و هو مأخوذاً برائحتها العذبة و جمالها الذي يأسره 

+


- و ايه المشكله هو إنتِ مش مراتي و لا ايه ؟

+


لتشعر بالسعاده إذن فهو كان يشاكسها منذ قليل و حاولت رسم القوة في نبرة صوتها 

+


- أيوا طبعاً مراتك بس لو حد شافنا كدا يعني ميصحش... و بعدين مانا كنت ماسكه إيدك إيه بقي لازمته كدا 

+


راق له حديثها الممزوج بالخجل ليقترب منها يقتنص إحدى ثمارها الناضجة قبل أن يقول متخابثاً 

+


- انا عايز كدا و بعدين دا جزء من عقابك ع الهبل اللي قولتيه في المستشفى 

+


اغتاظت من حديثه لتهم بالرد عليه و لكن فجأه انفتح الباب و رحبت بهم الخادمه و سرعان ما تقدم بها يوسف وهي على مقربة كبيرة منه به فكان كل من يراهم يظن أنهم قادمان من شهر العسل لا من المشفى ..

+


تقدموا إلى الداخل و قد وجدوا الجميع في إنتظارهم  و اندفعت روفان تجاه كاميليا تحتضنها بشوق و ترحيب و كذلك صفيه و كان خلفهما كلًا من سميرة التي كانت نظراتها مُمتلئه بالحقد والغضب من ما تراه و مراد الذي عاد للتو من رحلته و رحيم الذي كانت عيناه مشتعلة من طريقة اقترابهم ببعض ليتضاعف الغضب داخله حين  وجد ذلك القادم من الخلف و هو يناظره بنظرات تملؤها السخرية فاندفع قائلًا بصياح

+



        
          

                
- انت ايه اللي جابك هنا ؟ أنا مش قولتلك مش عايز اشوف وشك هنا تاني .

+


دب الذُعر في أوصالهم جميعاً من هيئة رحيم الغاضبة ليفاجئهم يوسف و هو يقول بقوة 

+


- أنا اللي قولتله ييجي يا جدي عشان دا بيته ..

+


تبلور الغضب بعيني رجيم الذي صاح بانفعال 

+


- انت بتكسر كلامي يا يوسف !

+


بادله يوسف الحديث بنفس القوة و هو يقول 

+


- انا مبكسرش كلامك يا جدي . بس القصر دا مش قايم لوحده القصر دا مبني على عمدان ولاد الحسيني و لو عمود منهم اتكسر و لاغاب عن مكانه القصر دا هيتهدم فوق راسنا كلنا . 

+


تنبه الجميع لحديثه و انحبست أنفاسهم فتابع وهو ينظُر إلى أخيه بفخر 

+


_ و أدهم عمود من عمدان  القصر دا . عشان كدا مينفعش يتطرد منه أبداً ....

+


ثم وجه أنظاره للجميع و هو مُحتفظ بوجودها بالقرب منه  قائلاً بعنفوان يليق به 

+


- احنا كُلنا عيله و المفروض نبقى إيد واحدة و نبقي في ضهر بعض . العيله دي كفايه عليها اوي الاعداء اللي بره مش محتاجه أعداء جوه كمان . 

+


طافت عينيه على وجوه الموجودين ثم أكمل بنبرة قويه لا تقبل الجدال

+


_ طول ما احنا مُشتتين كدا سهل اي حد يدوس علينا و دا اللي مش هسمح بيه و لآخر يوم في عمري هتفضل العيله دي راسها مرفوعة و أي حد هيفكر يقرب من البيت دا أو سكانه هيلاقيني قدامه . 

+


كانت لهجته حادة تحمل الكثير من الوحيد و التحذير الذي تبلور في جملته الأخيرة 

+


_اظن كلامي واضح للكل .. 

+


كان مازن هو أول من مزق ثوب الصمت و اقترب منه قائلًا  

+


- يمكن انا مش اسمي مازن الحسيني بس  انا في ضهرك يا صاحبي ..

+


اجابه يوسف بنبرة يملؤها العرفان

+


- العيله مش بس اسم يا مازن ... و انت اخويا و صاحبي و دي عيلتك و دول اهلك 

+


ابتسم مازن ابتسامه ذات مغزى قابلها يوسف بمثيلاتها و هو يربت على كتفه ليتقدم منهم مراد قائلاً بمرح 

+


- طب ايه يا شباب مش عايزين أخ صغير وسطكوا ؟

+


انطلقت الضحكات من أفواههم قبل أن يُضيف أدهم بمُزاح  

+


- والله يا عمي انت باشا و اللي يشوفك يقول انك اصغر مننا فعلًا

+


ابتسم مراد و وجه انظاره الي يوسف قائلًا بفخر 

+


- طول عمرك راجل من ضهر راجل يا يوسف و انا معاك في اي حاجه 

+


ثم نظر الي صفيه نظره ذات مغزى لتبتسم هي بتفهم و لكن يبقى لكل جنة شيطان و كان هذا الشيطان مُتجسِد في إمرأة رقطاء  اخترقت سمومها اجوائهم الدافئة 

+



        
          

                
- مش لما تبقى موجود الأول تبقى تقف معاهم يا مراد بيه. 

1


+


التفتوا جميعهم الي ذلك الصوت الملئ بالشر ليقول يوسف بقسوة و توعد 

+


- قريب اوي هيزول السبب اللي مخليه مش موجود وده وعد مني !

+


قفز الرعب إلى قلبها من نظرات يوسف و مغذى حديثه و أخذت الاستفهامات تطن برأسها كالذُباب فهل يا ترى تلك الحمقاء كاميليا اخبرته بما حدث ؟ ولكن سُرعان ما نفى عقلها هذا الهاجس فلو علم شيئا كان سيقيم القيامة ولمن يبقى السؤال حائرًا لماذا يتحدث بتلك النبرة و ذلك التأكيد ؟

+


أخرجها من شرودها صوت صفية وهي ترحب بكاميليا قائله 

+


- نورتي بيتك يا حبيبتي .

+


ليتقدم مراد تجاهها هو الآخر و هو ينظر اليها بنظرات اعتذار قائلاً بحب 

+


- الف سلامه عليكِ يا كاميليا حقك عليا مسألتش عليكِ و انتِ تعبانه .

+


شعرت كاميليا بحنانه فقالت برقه 

+


- و لا يهمك يا عمو حمد لله على سلامة حضرتك ..

+


- الله يسلمك يا حبيبتي..  نورتي بيتك يا غالية يا بنت الغالي

+


 ثم نظر الى يوسف بنظره ذات معنى و اردف 

+


- و مرات الغالي .

+


خجلت كاميليا من حديثه و شعر رحيم بالغضب يتصاعد بداخله بعدما انتباه الغبطة لحديث  يوسف و تجمع عائلته من جديد لتُذكره كلمات مراد بتلك الحقيقة التي يرفُضها عقله و لكنه آثر الصمت حتى إشعار آخر 

+


- دا نور حضرتك يا عمو والله حضرتك وحشتنا اوي 

+


اقترب مراد منها و قد افرحته كلماتها بشده و قال بحب أبوي كبير 

+


- طب تعالي في حضن عمك بقي

+


ما ان همت بالارتماء بين ذراعيه حتى وجدت ذلك المارد يقف بالمنتصف و هو يقول بغلظة 

+


- إيه هي وكاله من غير بواب ؟ حضن مين اللي تيجي فيه ؟

+


 ثم التفت إليها و القى عليها نظرات ارعبتها قائلاً 

+


- و إنتِ إيه رايحه كدا علي طول ؟

+


تفاجئوا جميعا من فعلته و غيرته التي لم يستطِع التحكم بها فقد كان دائمًا بارد لا يعرف احد دواخله أما الآن فلم فققد سيطرته أمامهم  و قد كان هذا ما يفكر فيه رحيم و هو ينظر بذهول لحفيده  .

+


قهقه كلاً من مراد و مازن و أدهم بشده على غيرته وقال مراد  بجانب اذنه 

+


- بالراحه شويه يا جو عينك هتطق شرار  ..

+


نفث يوسف النيران من انفه فقد شعر بالغيرة القاتلة عند رؤيتها تندفع إلى رجل غيره حتى و ان كان عمهما فهي ملكه حبيبته و عشقه الذي لا يتحمل لأي شخص ان يحظى بلمسة واحدة منها 

+



        
          

                
- يالا كل واحد يجهز عشان الغدا قدامكوا ربع ساعه مش عايزين تأخير عايزين نتجمع كلنا زي زمان 

+


كان هذا صوت صفيه التي أرادت إنهاء الموقف سريعًا ليلتفت يوسف إلي كاميليا قائلًا بصوت يُنافي نظرات الغضب التي تُطل من عينيه 

+


- هدخل المكتب ورايا شوية شغل هخلصهم و انتِ خليكِ مع ماما و روفان ..

+


- و انا جاي معاك يا يوسف 

+


كان هذا صوت مازن الذي تبعه صوت أدهم و هو ينظر بسخريه لجده و يقول 

+


- و انا جاي معاك يا جو اصل عندنا شغل عايزين نخلصه .

+


انصرف جميهم كلاً إلى وجهته لينفجر يوسف ما ان اغلق ادهم باب المكتب خلفه 

+


- زي ما توقعت .. كاميليا بتكذب عليا . خبت عليا السبب الحقيقي لهروبها 

+


تحدث مازن في مُحاولة لتهدئته  

+


- إهدى يا يوسف شويه . انت ايه عرفك إنها كذبت عليك ؟

+


حاول يوسف تمالك غضبه ليقول من بين اسنانه 

+


- طلبت الطلاق !

+


فغر أدهم فاهه من فرط الذهول و كذلك مازن ليُتابع يوسف بسخريه 

+


- عايزانا نمثل اننا متطلقين قدامهم .

+


- هي كاميليا اتجننت ؟

+


كان هذا صوت ادهم الذي غضب لغضب اخيه ليردف مازن بهدووء

+


- لا هي اكيد متجننتش . هي زي ما يوسف قال في سبب كبير يخليها تطلب دا مش بس مجرد تهديد .

+


-  انا واثق ان سميره السبب و مش بعيد جدك كمان يكون له يد فيه

+


هكذا تحدث أدهم بحنق قابله مازن باستنكار

+


- أدهم حاسب على كلامك . دا مهما كان جدك !

+


عانده قائًلًا 

+


- انا عارف بقول ايه يا مازن..

+


قاطعهم يوسف قائلا بحزن 

+


- أدهم كلامه صح يا مازن جدي بقصد او بغير قصد له يد في الموضوع .

+


- يوسف انت بتقول ايه ؟

+


كان هذا صوت مازن المذهول من حديث يوسف الذي أجابه بجمود 

+


- انا لسه متأكدتش بس عندي شك بنسبه كبيرة.

+


تحدث أدهم بنفاذ صبر 

+


- طب و هنتأكد ازاي ؟

+


اطلق يوسف تنهيدة خرجت من اعماقه و قال 

+


- هيبان . اللي خلى كاميليا تهرب قبل كدا مش هيسكت غير لما اللي حصل دا يتكرر تاني.




+


***************

+


في الخارج قام الخدم بإعداد مائدة الطعام و كانت صفية تباشر عملهم إلى أن اقتربت منها سميرة قائله بخبث 

+


- ايه يا صفيه شيفاكِ فرحانه اوي و ضحكتك منورة وشك كل دا عشان كاميليا جت من المستشفى و لا تكونيش ناسيه انها كانت هربانه من ابنك و هو قبل علي نفسه و رجعها ؟ لا و ايه جاييها تحت جناحه كدا عادي قدامنا كلنا و لا كإنهم كانوا في شهر العسل !

+


تصاعدت أبخرة الغضب في أعين صفيه من حديث تلك الرقطاء المسموم و لكنها ابت ان تجعلها تشعر بالانتصار عليها لتنظر لها  نظرة ملؤها الاحتقار وهي تقول بتشفي 

+


- فرحانه عشان شايفه ولادي ربنا يخليهملي متجمعين مع بعض و ضحكتهم منورة وشهم و الحمد لله ربنا رجعلنا كاميليا بالسلامه من عند خالتها اللي كانت قاعده عندها بعلم جوزها ... انتِ بقى ايه مضايقك و مخليكِ تهري في نفسك كدا ؟

+


شعرت بكلماتها و كأنها دلو مياه انسكب فوق رأسها لتحاول منع تصاعد الغضب بداخلها و تقول بهدوء عكس ما يعتمل بداخلها من حقد 

+


- أبدًا و انا ههري ليه انا بس صعبان عليا الكبير بتاعنا حته عيله متجيش لحد كتفه تضحك عليه !

+


صفية بسجفتء

+


- و مين قالك يا سميرة انها بتضحك عليه ؟

+


تلونت الحرباء بلون الجدية

+


- باين اوي يا صفية و بعدين هي هتجيبه من بره ماهي طالعه لأمها !

+


صفية بنبرة مُحتقرة

+


- أمهااا.. انتِ مشكلتك مع امها .... عارفه يا سميرة كتير بسأل نفسي انتِ بتغيري من زهرة الغيرة دي كلها وهي ميته امال لو كانت عايشه كنتِ عملتي ايه ؟! 

+


لم تستطع سميرة منع تدفق الكلمات من فمها لترد بغضب شديد 

+


- اخرسي ... زهرة مين دي اللي اغير منها مبقاش غير الرخيصة دي اللي اغير منها والله عال !

+


- انتِ اللي تخرسي و تحترمي نفسك و انتِ بتتكلمي عن امي 

1


كان هذا صوت كاميليا الغاضب ما ان سمعت كلمات سميرة المُهينه عن والدتها حتى اشتعلت النار برأسها و لم تستطِع تمالك نفسها مما أثار غضب سميرة و لكنها نظرت اليها نظرة ذات مغزى قائلًة بسخريه 

+


- الله الله دي القطه المغمضه فتحت و بقت ترد ... !

+


ثم قامت باللف حول كاميليا لترهبها وهي تبث سمومها بنبرة تشوبها السخرية و الوعيد

+


- بقي انا مش محترمه يا بنت زهرة !

+


فطنت كاميليا إلى ما تشير اليه و لكنها تماسكت وقالت بقوة وهي تنظر اليها بكُره كبير 

+


- لما تغلطي في واحده ميته و تقولي عنها الكلام دا يبقي ايوا مش محترمه !

+


ثارت ثائرة سميره و قالت بصياح غير عابئه بشئ حولها 

+


- طب انا بقي هعيد تربيتك من اول وجديد و هعلمك الاحترام اللي امك معرفتش تعلمهولك يا بنت زهرة ..

+


ثم رفعت احدى يديها لتهوي على وجه كاميليا التي أغمضت عينيها بشدة تنتظر سقوط الصفعة فوق خدها و إذا بها تتفاجئ بتلك الانفاس الغاضبه التي امسكت بيد سميرة لتمنعها من الوصول إليها و الكل النظرات التي تلبستها شيطاين الغضب الذي تبلور في ذلك الصوت الرنان الذي هز أركان القصر 

+


- إيدك لو اتمدت عليها تاني هكسرهالك ووووووو.....

+


يتبع....



الثاني والعشرين من هنا 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close