رواية انعكاس فلوب كاملة وحصرية بقلم منه وليد
البيت مليئ بالزغاريد والتهنئة، وكانت هي تجلس أمام مرآتها تظبط حالها وترتدي فستانها الأبيض ولكنه كان يعكس ما في قلبها كانت تتمني لو ترتديه مع الذي أحبته من قلبها، هذا الشخص الذي كان بارد المشاعر لا يعرف ما هو الحب من طرفٍ واحد ولكنها كانت لآخر لحظة تتمسك بحبال حبها ولكنه هو من قطعه كانت تتذكر حديثمها لآخر مرة انقطع فيه حبهما.
ساره (كانت تتحدث معه بالهاتف): أنا نفسي أعرف أنا عملت ليك إيه عشان تتعامل معايا ببرود كده؟!
يونس: معملتيش حاجه بس انا كده لو عجبك ماشي مش عجبك أحسن لنا كل واحد يروح لحاله.
ساره (بصدمه): إيه؟ بتقول ايه يا يونس؟ كل واحد يروح لحاله؟ ليه؟ أنا عملت ليك ايه؟
يونس: هقوهالك للمره التانيه انتي معملتيش ليا حاجه بس أنا مش بحبك.
ساره (بصدمه): مش بتحبني؟ ليه؟ دنا لآخر لحظة كنت متمسكه بحبي ليك.
يونس: وأنا بقا مش بحبك وأحسن حاجه ليا وليكي إن كل واحد فينا يروح لحاله ويشوف حياته.
ساره (بكسرة قلب ووجع): طالما انت مش بتحبني ليه جيت خطبتني وعلقتني بيك ليه؟ هااه ليييه؟
يونس (ببرود): أنا جيت خطبتك بس عشان آراضي أمي اللي كانت بتموت في إيدي ومكنتش عارف أعملها ايه وقالت لي انها مش هترتاح غير لما أتجوز البنت اللي تختارها ليا واتجوزها وأهي دلوقتي مش موجوده فبكده انتي مبقتيش تلزميني ولا ليكي لازمة عندي خلاص.
كانت كلماته تنزل عليها كالصاعقة وكان يدعس بكرمتها وقلبها تحت قدميه دون رحمه، كانت هيا التي تخبره بحبه لها كانت هيا التي تتمسك بهذا الحب المنبوذ بالنسبه لها، ها هي الآن أدركت لماذا هو بارد المشاعر معها.
يالها من غبية وحمقاء كيف لم تتدرك هذا طوال الوقت؟ كيف لم تعرف انه لا يحبها من أفعاله وبروده؟ أدركت بعد فوات الآوان.
وبينما هيا شاردةٌ في تفكيريها كان هو قد أغلق الهاتف ولم تتلق منه أي كلمةٍ بعدها.
(باك)
عادت من تفكيريها علي صوت دقات باب غرفتها وكانت هذه والدتها.
سارة: اتفضل.
سماح: إيه يا بنتي خلصتي؟
سارة: آه ياماما خلاص خلصت أهو.
سماح: طب يلا يا حبيبتي عشان المأذون واقف مستنيكي برا هو والعريس.
سارة: حاضر يا ماما.
سماح (وهي ترفع يديها إلي السماء): ربنا يبارك ليكي في حياتك يا حبيبتي ويريح بالك دايماً يا رب.
سارة (وهي تؤمن علي دعائها): آمين يارب يا حبيبتي.
أمسكت بيد والدتها وخرجتا من الغرفه، واتجهاتا نحو المأذون والعريس، جلست هيا بجانب والدتها، وبدأ المأوذن بعقد القِران، بينما هي كانت في عالم آخر.
(فلاش باك)
بعدما ألغق الهاتف انهارت في البكاء، وتعالت صوت شهقاتها.
سارة (بإنهيار وهي تكسر كل شئ أمامها): أنا عملت فيك ايه عشان تعمل معايا كل ده؟ حب وحبيتك، اهتمام واهتميت بيك، بس مكنتش معبرني ولا بتسأل عليا، ليه تعمل فيا كده يا يونس؟ لييييه؟
أدرفت والداتها إلي غرفتها بعدما سمعت صوت تكسيرها لغرفتها.
سماح (بصدمة): سااارة؟ مالك يابنتي فيكي اي؟ ليه عملتي كده؟
سارة (ببكاء وهي تحضن والدتها): يونس كسرني، كسرني ياماما و داس علي كرامتي وقلبي بدون أي رحمة عنده.
سماح: ليه يا بنتي قالك اي ولاّ عمل فيكي اي؟
حكت لها سارة كل المحادثة التي دارت بينها وبين يونس.
سماح (بعدم تصديق لما سمعته): ليه يا يونس ليه يبني تعمل كده؟!
فاقت من شرودها علي كلمة المأذون الشهيرة ( بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير وعلي خير).
ومن هنا تعالت الزغاريد والمباركات وأخذت سماح يد ابنتها لتسلمها ليد زوجها.
أمسكت بيد زوجها وخرجوا من المنزل واتجهوا نحو السيارة المزينة بالورود والبلالين، والسيارات التي خلفهم كانت تطلق صوت مزامير الزفاف والموسيقي الصاخبة، والشباب الذين يرقصون أمامهم ويطلقون المفرقعات في الهواء.
وبعد انتهاء حفل الزفاف ركبا السيارة وقامت سماح بعناق ابنتها واحتضانها وودعتها وقامت بالدعاء لها بأن يبارك الله لها في حياتها الجديدة وأن يعوضها زوجها عن الحزن والآلم التي عانتها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وبعد وصولهم إلي منزلهما الجديد، دخلت هيا أولاً وبعدها دخل زوجها الذي يدعي "خالد"، وقام بغلق الباب خلفه.
خالد ( بإبتسامة): نورتي بيتك يا عروسه.
سارة (بتوتر):ش..ش..شكراً.
خالد (بإبتسامة مضحكة علي توترها): تعالي يا سارة مالك متوترة كده ليه؟!
سارة (بتوتر شديد): هااه.. وأنا أتوتر ليه؟! منا كويسة أهو.
خالد (بإبتسامة): أمال ليه إيدك بترتعش كده؟
سارة(وهي تحاول تخفي توترها) : هااه.. لأ عادي هيا كده.
خالد (وهي يجذبها من يديها لتجلس علي الآريكة): بصي يا سارة يا حبيبتي أنا مش عايزك تخافي مني خالص، وأي حاجه في دماغك انتي خايفة منها او متوترة هنجليها دلوقتي خالص لحد أما تهدي.
سارة (بإستغراب) : حبيبتي؟!
خالد (بحب): آه يا سارة حبيبتي وبنتي ومراتي وكل حياتي، أنا عارف إنك متعرفنيش أوي ولا تعرفي عني حاجه غير اسمي، بس أنا أعرفك من زمان وكنت براقبك من بعيد، وعارف كمان إنك كنتي بتحبي يونس، ولما عرفت انه هو مش بيحبك فرحت انه في أمل اننك ممكن تبقي ليا في يوم من الأيام، بس زعلت عشانك لأنك كنتي منهاره ساعتها، بس متقلقيش أنا هعوضك بإذن الله عن كل ده، بس عاوزك أهم حاجه تهدي ومش هنعمل اي حاجه خالص غير لما تتعودي عليا وتقوليلي أنا مستعدة.
سارة: معلش يا خالد ممكن تسبني شويه لوحدي لحد اما أهدي؟
خالد (بتنهيدة): ماشي ياحبيبتي أنا هسيبك لحد أما تهدي خالص بس قبل كل ده تعالي نصلي الأول عشان ربنا يبارك لينا في حياتنا الجديدة.
سارة (بموافقة): ماشي تمام.
صلاا معاً ودعا خالد دعاء الزوجية وأن يبارك الله لها في حياتهما الجديدة.
خالد (وهو يلم سجادة الصلاة): طب أنا هنام بره في الصالة لو احتجتي مني حاجه.
سلمي: تمام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
داخل ملهى ليلي، الدخان كان يملأ المكان، الأضواء تتراقص على أنغام الموسيقى الصاخبة.
جلس يونس في ركن بعيد، ظهره مرتخي على المقعد الجلدي، وعيناه زائغتان في الفراغ. أمسك بالكأس في يده، يحرك السائل بداخله ببطء دون أن يشرب. لم يكن هنا ليستمتع… بل ليهرب. لكنه لم يهرب.
الموسيقى العالية لم تستطع أن تغطي على صوت أفكاره، على صدى كلماتها التي لا تزال تتردد في رأسه:
ليه يا يونس؟ ليه عملت فيا كده؟
ضغط على عينيه بقوة كأنه يحاول محو صورتها من ذاكرته، لكنه فشل. هي لم تتركه… رغم أنه تركها.
قطع شروده صوت أحدهم وهو يجلس بجانبه:
مش مصدق عينيّ… يونس؟!
التفت ببطء، ليجد أمامه عادل، صديق قديم لم يره منذ سنوات. كانت نظرة عادل تحمل مزيجًا من الصدمة والأسى، وكأنه رأى شبحًا وليس شخصًا كان يعرفه يومًا.
عادل (باندهاش): إيه اللي جابك هنا؟! ده مش مكانك.
يونس (بابتسامة ساخرة): وأنا لسه عندي مكان؟
عادل: يا ابني إنت كنت حد تاني… كنت طموح، كنت ناجح.... إيه اللي حصلك؟!
يونس (بضحكة فارغة): كل حاجة باظت… مش فاضل حاجة تتصلح.
أنهى كلماته برمي الكأس بعيدًا، نهض متمايلًا قليلًا، ثم سار نحو باب الخروج. الجو البارد في الخارج لفح وجهه، لكنه لم يخفف من الحرارة التي تحرق صدره.
لكنه تجمد في مكانه… عيناه اتسعتا بصدمة.
على الرصيف المقابل… رآها.
"سارة"
كانت واقفة هناك، ترتدي فستانًا بسيطًا، شعرها ينسدل على كتفيها كما كان دائمًا. كانت تبتسم… لكن ليس له. كانت تضحك مع رجل آخر.
قلبه سقط في مكانه، شعر كأن شيئًا ثقيلًا سحق صدره. كانت سعيدة… بدونه.
مد يده إلى قلبه، ضغط بقوة، كأنه يحاول أن يوقف الألم الذي انفجر داخله. حاول أن يتحرك، أن يبتعد، لكنه وقف كالمشلول، يراقبها وهي تختفي بعيدًا… بعيدًا جدًا عنه.
وأدرك حينها… أنه لم يفقدها فقط.
بل فقد نفسه أيضًا.
أتي خلفه صديقه عادل، ووضع يده علي كفته وأردف قائلاً: اي يا ابني روحت فين دورت عليك مش لقيتك؟
يونس (بهمس): شفتها.!
عادل (بقلق): هي مين؟
يونس (بخوف): سارة… شفتها!
نظر حوله بجنون، كأن عقله يرفض تصديق ما يراه. هناك… على بعد خطوات، كانت سارة تقف، ترتدي فستانها الأبيض، نفس الفستان الذي رأته به آخر مرة، عيناها الحزينة تتعلق به.
نهض بسرعة، ترنح قليلًا، ثم تحرك نحوها.
يونس (بصوت مرتجف): سارة؟!
لكنها لم ترد… فقط وقفت هناك، تنظر إليه بنظرة عتاب، ثم استدارت ببطء وابتعدت، تختفي وسط الحشود.
يونس (بصراخ): سارة استني!!
ركض خلفها، دفع الناس من طريقه، قلبه يدق بجنون، حتى توقف فجأة في منتصف القاعة… نظر حوله بعينين مذعورتين.
لا أثر لها.
اختفت.
بل لم تكن هنا من الأساس.
يونس (وهو يلهث): أنا شفتها… متأكد إني شفتها
عادل (يمسكه من كتفه): إنت بتخرف يا يونس سارة مش هنا.!
يونس (بهمس مرتعش): أنا… أنا اتجننت.
جلس على أقرب كرسي، دفن وجهه في يديه، بينما عادل كان يراقبه بحزن.
عادل: إنت لازم تفوق يا يونس… البنت خلاص مشيت وشافت حياتها. إنت كمان لازم تشوف حياتك.
يونس (بحزن): أشوف حياتي إزاي من غيرها يا عادل؟
يونس (بصوت مكسور): أنا اللي سيبتها…أنا اللي كسرت قبلها تحت رجلي بدون رحمه أنا استاهل اللي بيجرالي دلوقتي.
يتبع......
الثاني من هنا
