رواية ضمير ميت الفصل التاسع والعشرين 29 والاخير بقلم دنيا آل شملول
ضمير ميت
الحلقة التاسعة والعشرون :" الأخيييييره "
كانت تجلس على حافة سور الشرفة تتحدث إليه بابتسامة عريضة .. لقد مر أكثر من أسبوع وهما يتهاتفان سويًا .. اقتربا من بعضهما بشكل كافٍ ليعرفا جوانب شخصيتيهما ..
شادي :
سندس شوية وأكلمك .. عندي شغل ضروري .
سندس بهدوء :
أوك .. خلي بالك من نفسك .
شادي بابتسامة :
وانتي كمان .
أغلقت معه ومن ثم وضعت الهاتف تجاه قلبها وهي تبتسم بسعادة .. إنه حقًا رجل رائع .. لقد أصبح النبض له .. باسمه فقط ..
دلفت لغرفتها وبدلت ثيابها استعدادًا للذهاب للعمل .. أخرجت ملابسها الرسمية وارتدتها على عجل حينما وجدت الساعة تشير للعاشرة .. سيقتلها لؤي فهو أكد عليها الحضور في التاسعة لإنهاء العديد من المهام لأنه يود التفرغ نهاية اليوم ..
خرجت من المنزل سريعًا بعدما قبلت جبين والدتها بحب .. استقلت سيارتها وذهبت حيث قسم الشرطة .. وصلت ودلفت للقسم وهي تقوم بلف شعرها للخلف لتدخله في تلك الماسكة بيدها .. فأكثر ما تكرهه هو أن تنساب خصلاتها أثناء العمل .
وصلت حيث مكتب لؤي ودلفت دون أن تطرق الباب وهي تتحدث بسرعة :
آسفه اسفه آسفه اتأخرت عارفة بس غصب عني أنا جايه بأكبر سرعة حتى نسيت ألم شعري .
لؤي وهو ينظر لها رافعًا إحدى حاجبيه :
أسفك مش مقبول .. ودلوقتي هتتكفي على الورق ده تخلصيه ومش هتتحركي من هنا قبل ما يخلص .
سندس وهي تزفر بإرهاق :
لؤيييي .
لؤي بجدية :
مفيش لؤي .. يلا خدي شغلك وعلى مكتبك .
ضربت الأرض بقدمها بغيظ ثم أخذت الأوراق وخرجت .. ولكن قبل أن تغلق الباب نظرت له بجانب عينها وهي تتمتم :
روح ا شيخ .. إلهِ ما تعرف تشوف شدا ولا يصفالك الجو معاها دقيقة حتى .
ألقى بقلمه عليها وهو يتحدث بحنق :
أقسم بالله ما ناقصة هي .
أغلقت الباب قبل أن يصلها القلم وهي تضحك .. لقد أغاظته .
بينما ابتسم لؤي بتمني .. ففراس ودالين سيهتمان بالأمر .. يثق بهما حقًا .
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
أنهت عملها بالجريدة وهي تزفر بإرهاق .. اقترب منها حازم متمتمًا بهدوء :
شدا عايز منك خدمة .
شدا :
إرغي .
حازم :
عايز أخرج أنا وبدور شويه .
شدا بحنق :
مش عايزني أرتبلك جو رومانسي بالمره !
حازم بابتسامة وتلقائية :
ياريت .
نظرت له ليبتلع ابتسامته وهو يحك مؤخرة رأسه ببلاهه :
اا .. انا أقصد يعني هاخدها ونتمشى شوية .. مش هأخرها والله بجد .
شدا بتفكير :
أوك مفيش مشكله .
حازم :
هو أونكل مسعد جاي امته؟
شدا بلامبالاه :
آخر الأسبوع .
حازم :
تمام جدًا .. طب أنا هطير بقا عشان أشوف هظبط اليوم إزاي .
شدا بابتسامة :
ماشي يا عم .. طير .
ألقى لها قبله في الهواء ثم غادر سريعًا لتضحك عليه وهي تتنهد براحة .. الآن بإمكانها الإطمئنان على شقيقتها .. فلديها شخص رائع كـ حازم يحبها .. ويرتب لخطبتها في القريب العاجل .
أنهت عملها وعادت للمنزل واستلقت إلى فراشها بهدوء .. شردت في سقف الغرفة وهي تتذكر لؤي .. لم تره منذ فترة طويلة .. وأيضًا محادثاتهما لا تأتي سوى صدفة .. ترى كيف حاله الآن ؟.. وكيف يحيى في عالمه الجديد ؟.. هل اتخذ قرارًا بأن يعيد نسبه لرأفت الصاوي ليصبح فارس الصاوي ؟.. هل يتذكرها ويفكر بها .. أم أنها فتره في حياته وها قد مرت وانتهت ؟.. تنهدت بإرهاق .. فهي ليست لديها الجرأة الكافيه لأن تهاتفه وتسأل عن كل ما يدور بعقلها من أسئلة ..كادت تغفو إلا أن صوت هاتفها أجفلها لتنظر له بأعين شبه مفتوحة وأجابت بهدوء :
دالي ؟!
فراس :
شدا .. دالين تعبانة .. ومحتاجاكي .
انتفضت شدا من مكانها وهي تنتشل حقيبتها استعدادًا للذهاب :
مالها ؟.. في إيه ؟.. وهي فين؟
فراس :
في البيت عندي .. تعبت فجأه .. وبصراحه ماما مش هنا ولا لؤي .. وأنا يعني .. عشان .. ااا
شدا وقد تفهمت الأمر :
أنا في الطريق .. مسافة السكه وأكون عندك .
أغلق فراس معها وابتسامة ماكرة تعلو ثغره .
دالين بقلق :
ياريتنا جبناها بطريقة أفضل .. خايفة تتهور .
فراس :
لو حصل واتهورت .. لؤي يلمها .
لؤي من خلفهم :
هي مين دي اللي تتهور وألمها ؟
دالين :
فراس جايب شدا علي ملى وشها وقالها إني تعبانة .
لؤي :
دي طريقة يا بني آدم ؟!
فراس بلامبالاه :
إذا كان عاجبك .
لؤي :
طب انا هعمل إيه دلوقتي .
وقفت دالين واتجهت للڤيلا وهي تتمتم :
تعالى معايا .
دلف لؤي لتخرج دالين علبة قطيفة سوداء من حقيبتها وتُعطيها له ..
لؤي :
إيه ده؟
دالين :
تعالى بس .
دلف خلفها للغرفة .. لتشير دالين إلى الفراش متمتمة :
ده فستان .. لما شدا تيجي .. مش هيكون في حد هنا غيركم .. أنا وفراس هنمشي دلوقتي .. وانت هتقابلها وتعتذر عن الطريقة اللي جبتها بيها .
لؤي وهو يشير لنفسه :
أنا ؟
دالين :
انجز يا لؤي .. ولا تحب ننهي الحوار ؟
لؤي بسرعة :
لا لا كملي .
دالين :
المهم أنا وفراس اهتمينا بجو رومانسي في الجنينة .. بعد ما هنخرج هنطفي الأنوار الأساسية وهنسيب الاضواء الفرعية .. هتخليها تدخل تلبس الدريس ده .. ولما تخرج هتقدملها العلبة دي .. وطبعًا أكيد مش محتاج أقولك تقدمها إزاي .
لؤي ببلاهة :
لا مش عارف بصراحه .
دالين :
شوف .. ده عقد أوك .. فصوصه تشبه فصوص الدريس .. وانت بتقدمهولها تبقى باصصلها .. واللي في قلبك بقا قوله في الموقف ده .. قلبك هيتكلم لوحده .
لؤي :
دالين أنا هبوظ الدنيا .
دالين بيأس :
اعتبر دي فرصتك الأخيرة .. وانك لو ما اعترفتلهاش دلوقتي هتضيع من إيدك . فاهمني؟.. حط نفسك قدام الأمر الواقع .. ودلوقتي لازم نمشي عشان هي على وصول ..
اتصرف بطبيعتك يا لؤي .. الطبيعة ديمًا حلوه .
لؤي بابتسامة :
شكرًا أوي بجد .. مش عارف أقولك إيه .
دالين وهي تلوح بيدها :
مفيش داعي لأي كلام .. صحبتي في أمانتك .. حافظ عليها .
أنهت كلماتها مع خروجها من الغرفة واتجهت إلى فراس الذي ينتظرها بالخارج ..
لم يمر سوى عشرون دقيقة وكانت شدا تصف سيارتها أمام البوابة .. ودلفت للڤيلا لتجد الهدوء يعم المكان .. والأضواء الزرقاء تتداخل مع الأبيض بشكل خافت مما يوحي بجو رومانسي .. ظنت لوهله بأن فراس هو من فعل ذلك لأجل دالين .. لذا تحركت دالفة ليقابلها لؤي أمام الباب الداخلي يضع يديه خلف ظهره ويبتسم بجاذبية ساحرة مرتديًا ذاك البنطال البيج الفاتح ويعلوه قميص أبيض .. يرفع أكمامه قليلًا لتتبين ساعته البيج والذي أحضرهم له فراس وتركهم في غرفته .. وخصلاته البنية الفاتحة التي تأتي للجانب من بعد المنتصف بقليل والبقية تميل للجانب الآخر ويرفعه من عند جبينه للأعلي في تسريحة أنيقة .. ورائحة عطره المميزة التي تملأ المكان ..
شدا وهي تزدرد ريقها بتوتر :
ااا .. د دالين فـ فين ؟
لؤي بابتسامة خفيفة أودت بقلبها :
مش موجودة .
شدا بعدم فهم :
إزاي ؟.. فراس لسه مكلمني وقالي إنها تعبانه وإنهم هنا .
لؤي :
آسف .. معرفتش اجيبك غير كده .
شدا وهي ترمش بذهول :
كنتوا بتشتغلوني ؟
لؤي وهو يقترب منها بهدوء :
ليه متقوليش إني عاملهالك مفاجأه عشان حبيت أشوفك .
شدا وقد توترت من اقترابه :
اا .. بـ بس مش بالطريقه دي .
لؤي :
ممكن أطلب منك طلب ؟
شدا باستغراب :
إيه ؟
لؤي بهدوء وهو يؤشر برأسه على باب الغرفة :
هناك .. في الأوضه دي .. في .. في حاجه ليكي .. ممكن تشوفيها وتسمحيلي أشوفها عليكي ؟
شدا :
يعني إيه ؟.. مش فاهمة .
لؤي :
في فرح غرام .. ملحقتش أشوفك بالفستان كويس .. ممكن أشوفك بيه النهارده ؟
شدا بارتباك :
بـ بس اا أنا ..
لؤي مقاطعًا :
شدا من فضلك .
أماءت شدا باستسلام ليفسح لها الطريق .. دلفت للغرفة بهدوء وقد تفاجأت حقًا بفستان رقيق أمامها وعلبة ميك آب وحذاء ذو كعب عالي .. هل فعل كل هذا من أجلها ؟..
اقتربت بابتسامة وارتدت ذاك الفستان بهدوء ثم وضعت لمسات خفيفة من الميك آب وتركت العنان لخصلاتها البنية كي تنساب على كتفيها وظهرها بنعومة .
خرجت من الغرفة لتجده ينتظرها في مكانه .. وقد أخذته هيأتها حقًا .. إنها تبدو ساحرة .. فهي ترتدي فستان بأكمام تصل للكوع شفافة من اللون الكحلي .. ضيق من الصدر حتى الخصر من اللون الفضي الذي يتزين بفصوص كحلية .. وينزل من الخصر إلى الأسفل باتساع .. وهو عبارة عن طبقات عده من قماشة التول السادة باللون الكحلي .. وفي يدها إسورة فضيه .. بحذاء فضي كذلك .
اقترب منها بهدوء وعينيه لم تنحدر عنها في حين تقف هي بارتباك .
تقدم حتى وقف أمامها مباشرة .. ليخرج تلك العلبة السوداء من خلف ظهره ويقدمها لها بعدما فتحها بهدوء لتتبين منه تلك القلادة الفضية المرصعة بفصوص كحلية شبيهة فستانها ..
ابتسمت بهدوء ليخرج القلادة بينما ولته ظهرها ليعقدها لها .. وما إن انتهى حتى التفتت له بارتباك ليمد يده لها فأمسكت بيديه وتقدم بها حيث العشاء البسيط بجانب من جوانب الحديقة ..
جلسا بهدوء لتصدح بعدها الموسيقى الهادئة والتي تعجب لؤي لها .. فمن المفترض أن لا أحد سواهما هنا .. وهو لم يقم بتشغيل أي موسيقى .. كيف حدث إذًا .. لم يعط الأمر أهميه وبدآ في تناول العشاء بهدوء .. وعينا لؤي لم تنحدر عنها أبدا .. بينما كان الارتباك والتوتر يتآكلانها .. فتارة تنظر له وتارة تنظر للطبق القابع أمامها وأخرى تجول بعينيها حولهما .. حتى انتهيا أخيرا .
لؤي بهدوء :
شدا .. أنا أعرفك من مده قليلة .. لكن .. لكن .. حاسس إن .. يعني نعرف بعض من وقت أطول من كده .. و .. وبصراحة أنا .. يعني .. اا ..
قاطعهما صوت سيارة دلفت للڤيلا ليغمض لؤي عينيه بنفاذ صبر .. ثم مسح على وجهه وشعره بامتعاض ..
نظر لشدا التي تكتم ابتسامتها بغيظ وأخذ يتمتم بامتعاض غير مفهوم حتى وصل لمسامعه صوت تلك المشاكسة التي أتت ركضًا تجاههما وهي تقفز إلى لؤي تعض أذنه .
لؤي :
انتي أي حكايتك مع عض الودان بالظبط ؟
غرام بضحكة :
ياسيدي بحبك .. اللاااه .
لؤي :
حب أسود ومنيل بستين نيله .
اقتربت غرام من شدا واحتضنتها بود وهي تتمتم :
وحشتيني .
بادلتها شدا بهدوء :
وانتي كمان .
عمرو :
هاي شله .. أمال فين فراس ودالين والبقيه ؟
لؤي رافعًا حاجبه بعدم فهم :
بقية إيه ؟
عمرو بتلقائية :
فراس كلمنا وقال إن فيه سهرة الليلة على فيلم كوميدي .
لؤي وهو يضغط أسنانه بغيظ :
فراس الزفت .
فراس وهو يقترب بابتسامة واسعة :
أهلا أهلا نورتوا .
نظر لؤي تجاهه بغيظ وتوعد .. بينما اقتربت غرام منه واحتضنته بشوق فبادلها إياه قبل أن يصافح عمرو وتتعانق غرام ودالين .
اقترب لؤي من فراس وهو يتحدث كازًا علي أسنانه :
أفهم حالا اللي عملته ده .
فراس بابتسامة وكأنه لم يفهم :
ابدا٨ قلت نعمل لمه ونسهر سهره حلوه .. مش انت كان ده قصدك ؟
لؤي :
والله ما هعديهالك يا فراس .
ضحك بصخب وهو ينظر للؤي الذي يشتعل من الغضب وضرب كتفه بكتفه بخفه :
فوك بقا متبقاش إتِم .
لؤي :
ابعد عن وشي .
حضر البقية حيث أتت فاتن مع عاصم وسندس مع شادي وبدور مع حازم ..
قام فراس ودالين بوضع مفرش طويل على العشب ثم قام الجميع بإحضار المسليات التي جلبوها معهم وبدأوا بترتيب أماكن الجلوس بينما وقف فراس وعمرو يهتمان بأمر تشغيل الشاشة الكبيرة مع البروجكتور .
وأخيرًا بدأ الفيلم .. وانطفأت الأضواء .. كان الجو ملئ بضحكاتهم التي تخرج من القلب مباشرة .. وكل عاشق منبهر بمعشوقه وطريقة ضحكته .. انتهى الفيلم بعد ساعتين تقريبًا ليعود كل منهم إلى منزله بمشاعر متجدده وقلوب تنتعش بالحب ..
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
كانت روح تعمل بالمكتب الخاص بها فإذا بباب غرفتها يطرق ليدلف شريف بتوتر ..
روح بهدوء :
شريف ؟.. خير في حاجه ؟
شريف متحمحمًا بخفوت لينظف حلقه :
اا أبدا انا .. أنا كنت جاي ااا .. يعني ...
روح :
في إيه يا شريف .. حد من الولاد حصله حاجه .
شريف باندفاع :
روح تقبلي تتجوزيني؟
روح وهي تنظر له في ذهول :
إيه ؟
شريف وهو يأخذ شهيقًا طويلًا :
حاولي تفهميني .. انتي يمكن محستيش بحبي ليكي طول الفترة اللي فاتت دي .. بس أنا عمري ما كنت هعترف بحبي ليكي وانتي على زمة أخويا .. وبعدها دورت عليكي في انجلترا عشان اعترفلك باللي في قلبي ليكي لكن كنتي اتجوزتي .. وبعد ما رجعتي محسستكيش بأي شئ .. بس .. بس مبقتش قادر يا روح .. إحنا الحمد لله اتطمنا على بنتي وابنك مع بعض .. وشادي ربنا كرمه ببنت الحلال اللي دقلها قلبه .. نشوف نفسنا بقا .. أنا شاريكي .. وصدقيني لو ردك بالرفض عمر ما في حاجه هتتغير أبدًا وهنفضل أصدقاء .
روح بتلعثم :
ااا .. انت فاجئتني .
شريف :
خدي وقتك يا روح .. وأيًا كان قرارك .. أنا متقبله .
كان على وشك الذهاب ولكن أتاه صوتها :
شريف .
استدار شريف إليها لتتحدث وهي تنظر للأرض بخجل :
أنا .. أنا موافقة .
شريف بفرحة :
بتتكلمي جد ؟!!
روح بإماءة وابتسامة :
طبعًا جد .
شريف بفرحه حقيقية :
وأنا بوعدك إنك عمرك ما تندمي على قرارك ده .
روح :
أنا واثقة من كده .
أماء شريف بابتسامة قبل أن يذهب بهدوء لتضم روح يديها إلى قلبها بسعادة وهي تتمتم :
يا ما إنت كريم يارب .
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
مر على الجميع يوم آخر هادئ .. حتى أتى يوم معرض غرام المنتظر .. كانت تتجهز من أجل المعرض والجميع يساندها ويشجعها .. بدأ المعرض والناس بدأوا بالتوافد .. كان الارتباك والتوتر يسيطر عليها تمامًا .. ولم يبخل أيًا من عمرو أو فراس أو لؤي في منحها الأمان ..
كان ثلاثتهم بجانبها يدعمونها حتى انقضت الليله على خير .. وقد نالت لوحاتها استحسان لم تتوقعه ابدًا .. كانت غاية في السعادة .. وقرر الجميع الاحتفال بها .. نظموا لرحلة تجمعهم معًا وبالفعل استقلوا سياراتهم .
أخبرهم عمرو بأنه سيسمح لهم بيومين فقط وبعدها لا يريد أن يرى وجه أحد منهم .. فهو لم يحظى بشهر عسل مع غرامه .. وبالتأكيد لن يُسمح له بإجازة أطول من شهر .. مر على زواجهما ثلاثة أسابيع تقريبًا .. ولم يتبقى له سوى ثلاثة أيام أو أربعه على الأكثر .. ليستغلهم إذًا لهما فقط .
ركبت فاتن بجانب عاصم في سيارته .. وكذلك دالين بجانب فراس وبالطبع لن يُضيع لؤي فرصة كهذه كي يقطع خلوة فراس بدالين حتى وإن كان سيخسر خلوته بشدا .. فأصر على الذهاب معهما وبرفقته شدا .. وبدور مع حازم وسندس وشادي ركبا معهما .. كان الطريق طويلًا بعض الشئ لكنهم كانوا يتمازحون أحيانًا ويقفون في استراحه ليتناولون شيئًا .. وأحيانًا يترجلون على الطريق ليأخذوا صورًا لهم معًا ..
وصلوا أخيرًا حيث الشاليه الذي حجزوه .. ودلف الشباب جميعًا إلى جناح وبالطبع لم يوافقوا على أن يأخذ عمرو جناح خاص به مع غرامه وحدهم .. فبقيت غرام مع الفتيات في جناحهم ..
أخذوا قسطًا من الراحة .. وكانت دالين أول من نزلت للأسفل لتجد الشباب يجهزون لحلقه كبيرة للجلوس ..
دالين بابتسامة :
أي مساعدة ؟
اقترب فراس منها سريعًا وكاد يتعثر في لؤي لكنه لم يعطه بالًا وأكمل طريقه إلى دالين وهو يبتسم ببلاهه :
صحيتي بدري ليه؟
دالين :
أبدًا .. خدت كفايتي .
لؤي من خلفهم :
والنبي يا خي إغصب عليها تطلع ترتاح شوية لحسن رجليها تشد عليها ولا دماغها تتقل وتقوم تنام وتسيبك تخبط أخماس في أسداس .
ضحك جميعهم على حديثه ليضحك فراس باستخفاف :
ها ها ها .. لا خفيف تصدق .. ما بلاش إنت لحسن إنت الملف بتاعك فيه سوابق .
حازم ضاحكًا :
أنا بقول نركز في الفواكه اللي داخله علينا دي بدل ما انتوا قاعدين تلقحوا على بعض كده .
تحرك عمرو سريعًا وانتشل غرام من بينهم ليرفعها عن الأرض ويركض بها متجهًا للشاطئ ..
غرام وهي تصرخ بفرحه :
اوعي اوعي ترميني في الميه اوعي هصووووت .
عمرو وهو يرفعها تجاه المياه وكأنه سيقذفها فتتشبث بعنقه دافنه رأسه بتجاويفه :
عموري عشان خاطري عشان خاطري لا .
عمرو وهو يحكم قبضته عليها ليضمها أكثر إليه :
قلب عمورك مينفعش تخافي وأنا معاكي أبدًا .
غرام :
متكسفنيييش .
بينما تحرك لؤي تجاه شدا وهو يتمتم في ضجر :
تعالي يا حظي تعالي .
شدا :
إيه حظك ده ؟!!
لؤي :
والنبي ما تجريني إني أقولك كلام كله مشاعر لحسن معرفش المصايب بتهل على دماغي من حيث لا أدري وقتها .
ضحك الجميع على حديثه قبل أن يعود عمرو وانضموا جميعًا في حلقة حول الطعام وبدأوا بتناوله حتى انتهوا ..
أخذ شادي سندس ليسيرا قليلًا إلى الشاطئ .. وعمرو أخذ غرام إلى جناح الفتيات خلسه حتى لا يقفوا ضده .. ولؤي أخذ شدى إلى حمام السباحة .. ليستجموا هناك فهو المكان المفضل لدى لؤي .. في حين ذهبت بدور مع حازم حيث مكان تواجد الألعاب .. أما فراس ودالين فلم يغادرا مكانهما ..
( عند حازم ) ..
حازم بهدوء :
بدور .
بدور بانتباه :
هممم .
حازم :
تقريبًا كده كل الظروف متاحه قدامنا .
بدور بعدم فهم مصطنع :
بالنسبه لـ إيه ؟
حازم بغيظ :
بت انتي
بدور بضحكة :
خلاص خلاص .. بابا جاي بعد يومين .
حازم :
ياااامسهل .
بدور بابتسامة :
قولي يا حازم .. هو انت بتحبني ليه ؟
حازم بجانب عينه :
نعم يا روح أمك ؟
بدور بتصحيح :
لا يعني قصدي إيه اللي حبيته فيا .. كده يعني .
حازم بتنهيده :
الحب ملوش أسباب يا بدور .. أنا بحبك من زمان أوي .. بحب حركاتك الطفولية اللي بتفضل ملزماكي مهما عدا عليكي الوقت .. بحب ضحكتك الفُضَحيَّة اللي بتلحقيها بإنك تحطي إيدك على بوقك بسرعة تكتميها .. بحب رمشاتك السريعة لما تكون في حاجه مش فهماها .. بحب رفعة شعرك اللي بتقلبيه كله على الجنب الشمال بحركة عفويه مش مقصودة .. بحب سرحانك وانتي رافعة حاجب واحد .. بحب توترك لما بتقفي تبلعي في ريقك طول الوقت وتعضي شفايفك .. بحب ابتسامتك لما تبقي مكسوفة واللي بتلحقيها بوش خشب عشان تداري كسوفك .. بحب نظراتك ليا اللي كنتي بتخطفيها لما نكون سوا .. بحب كل حاجة فيكي .. صغيرة وكبيرة .. بحبك عشان انتي بدور يا بدور .
بدور وهي تنظر له بعيون دامعة :
وأنا بحبك .. بحبك أوووي والله .
حازم بابتسامة واسعة : وأخيرًا نطقتي .. وأنا بعشقك .. وكلها أيام بسيطة وتكوني ملكي لوحدي .
بدور بخجل وهي تضربه على كتفه بخفه :
بس خلاص بقا .
حازم وهو يضرب كتفه بكتفها :
يوه .. مش بقول اللي في قلبي .
بدور بضحكه :
خلاص وعرفت اللي عايزه أعرفه .
وصلا حيث مكان الألعاب المخصص وبدآ يمرحان معًا بضحكات عالية تخرج من قلبيهما بصدق .
( عند شادي )..
أخذا يسيران على الشاطئ بهدوء وصمت .. حتى أمسك بيدها وأكملا سيرهما بصمت .. وصلا حيث صخرة كبيرة فجلس شادي إليها وأسند ظهره وفعلت سندس مثله .. الصمت هو السائد ..
قاطعه شادي وهو يتحدث بابتسامة :
بت يا سندس .
سندس :
بت في عينك .
شادي بضحكة :
انتي بنت قلبي .
سندس بخجل :
شااادي .
شادي بغمزة :
يا حلاوتك يا أبيض لما بتحمر .
سندس وهي تضربه على ذراعه :
اتلم بدل ما إنت حر .
شادي وهو يقرب يدها من فمه طابعًا قبلة هادئة فوق يدها .
سندس بتوتر :
شـ شادي .
شادي :
ما انتي مش راضية ترحمي أمي ونتجوز .. يابنتي والله أنا راجل دوغري وشهم وقد كلمتي واعجبك أوي أوي يعني .. عندي شقتي وعندي شغلي وعربيتي والعروسة موجودة .. حني عليا يحنن عليكي ربنا .
سندس بعد فترة صمت :
مـ موافقة .
شادي :
موافقة !!.. احلفي بالله كده واصدقك .
سندي :
والله موافقة .
ركض إلى الشاطئ وهو يصيح بسعادة : وافققققققت .. يا هووووو .
سندس بضحكة : بس يا مجنون الناس .
شادي وهو ينظر إليها بحب :
ولا يهمني أي حد .. انتي كل الناس في عيني .
سندس وهي تدور بعينيها في المكان :
ربنا يخليك لقلبي .
شادي بتنهيده :
اااه .. الحب ده ابن كلب والله .
سندس وهي تناطره بغيظ :
لا والله !
شادي وهو يبتسم بغمزة :
لا لا والله ده عسل .. ده سكر .. ده ده ده الحب هو انتي أصلا .
وبقيا هكذا تارة يسيرون وتارة يجلسون ويتحدثون في أمور مختلفه ويضحكون أحيانًا ..
( عند عمرو )
كانت تتوسد صدره العاري وهي تحرك إصبعها عليه نزولا وصعودًا والابتسامه تعلُ شفتيها .
عمرو :
مبسوطه ؟
غرام بتنهيده :
أوي أوي .. عارف يا عمرو .. عمري ما كنت أتخيل السعادة اللي أنا فيها دي دلوقتي .. فراس معاه دالين وبيحبوا بعض أوي .. رغم رفضه التام للإرتباط لكن دالين دخلت قلبه وشايفه سعادته بيها .. فارس أخويا بعد سنييين رجعلنا تاني بفضل ربنا .. آه هو مخدش علينا أوي ومش مع بعض زي أي إخوات بس بحاول على قد ما أقدر ما افرقش في المعاملة بينه وبين فراس أبدًا .. وكمان حبه لشدا اللي باين في عينه أوي .. سعيدة بجد علشانه لإنه لقى الأم اللي اتعوضه عن طفولته .. وبقى حاجة كويسة أوي في المجتمع ولأنه عنده صاحب زيك عوضه عن أخوه .. وعشان لقى الحب في عيون شدا .. فرحانة عشان أنا معاك .. عشان بحبك وبتحبني .. فرحانه عشان شادي وسندس وبدور وحازم .. فرحانه بجد ياعمرو وفرحتي نفسي أوصلها للكون بحاله .
عمرو بمكرو :
طب ما توصليها .
غرام وهي ترفع رأسه عن صدره وتنظر له وهي تمد شفتيها للأمام علامة التذمر :
بتتريق عليا !
عمرو وهو يميل عليها :
أنا الكون يا روحي .. وصليلي أنا ..
لتضحك غرام بقوه قبل أن يذهبا معًا في جنتهما التي تجمعهما معًا مع فراشات الحب وورود الغرام .
( عند فراس )
بقي كلاهما ينظران للبحر في شرود حتى قاطع هذا الشرود صوت دالين :
فراس .
فراس بتلقائية :
قلبه .
دالين بابتسامة :
بتحب البحر ؟
فراس بتفكير :
اممم .. بحب بحر واحد بس .
دالين بعدم فهم :
بحر واحد إزاي ؟
فراس وهو ينظر لعمق عينيها :
بحر عيونك الزرق .. بحب بحر عنيكي انتي .. بحب أفضل شايفهم قصادي .. بحب لمعة حبك ليا فيهم .. بحب لمعة السعادة فيهم .. لو عيونك بحر بجد كنت غرقت جواهم .
دالين وهي ترمش عدة مرات بتوتر :
ااا .. أنا .. أنا بتكلم عـ عن البحر د ده .
قالتها وهي تشير إلى البحر أمامهم .
ليبتسم فراس بعبث :
وأنا بتكلم عن البحر الخاص بيا لوحدي .. البحر اللي هناك ده متاح للجميع .. أما اللي أنا باصلله ده فبتاعي لوحدي .
دالين وهي تزدرد ريقها وتعود للخلف قليلًا :
اا انت .. انت موترني .
فراس بضحكة :
طب ما تيلا .
دالين بعدم فهم :
يلا إيه ؟
فراس :
نتجوز .
دالين بتلعثم :
ااا نـ نـ اه لـ لـ .
فراس وهو يمسك بيدها :
وقت ما نرجع من هنا أنا هطلبك وأكتب كتابي عليكي .. أنا معنديش استعداد ابدًا أبعد عنك أكتر من كده .. دالين أنا محتاجك جنبي .
دالين بابتسامة :
وأنا كمان .
فراس وهو يضرب كتفه بكتفها :
وانتي كمان إيه ؟
دالين :
بحبك وعايزه أكون جنبك .
فراس وهو يقبل جبينها بعمق :
مفيش حاجه في الدنيا تفرق بينا يا قمر سمايا .
ابتسمت له بحب قبل أن تُريح رأسها على كتفه وهي تنظر للبحر بتنهيدة راحة وسعادة حقيقيه .. فهو سعادتها لا محاله ..
( عند لؤي )
جلسا أمام البسين واضعين نظارتيهما فوق عيونهما ويحمل كل منهما عصير فروت طازج ..
لؤي وهو يأخذ شهيقًا طويلًا :
أخيرًا مفيش إزعاج .. أخيرًا قدرت استفرد بيكي .
شدا :
تستفرد بيا ؟!!!
لؤي بابتسامة :
اوعي دماغك ترمي شمال .. أنا أقصد قعدنا لوحدنا يعني من غير زن الشله .
شدا بابتسامة :
أيوه .
لؤي :
هيييح شوفي بقا يا شدا .. أنا بقالي يطلع شهر محشور في زوري كلمتين كل ما أجي أقولهملك ينطلي حاجه تاخدني من وشك .. لحد ما بقيت حاسس إن حد باصصلي في الكلمتين دول .. وعشان كده أنا قررت أغيرهم وأجبهملك من الآخر كده في كلمة واحدة .
شدا بترقب وشغف لسماعها منه :
أي هي ؟
قبل أن ينطق لؤي كان هاتفه يعلن عن اتصال من اللواء أمجد .. نظر لؤي إلى الهاتف وكاد يبكي على حظه العثر معها .. الآن يقسم بأنها منحوسة .. أمسك بهاتفه بعصبية وأجاب بضيق :
ألو يا فندم .
أمجد :
لؤي .. جريمة جديدة وعمرو في إجازته لسه وسندس مش عارف أوصلها .. ساعة بالكتير وتكون قدامي .
لم يعطه اللواء فرصة للرد وأغلق الهاتف .. لينظر لؤي تجاه شدا التي تنظر له بغيظ وأعين تشتعل غضب .. فتمتم :
مهمة جديدة واللوا عايزنـ ...
لم يتمم جملته فإذا بشدا تنتشل الهاتف من يده وتلقيه بالماء وهي تتحدث بضيق :
مش هتتحرك من هنا .. سامع .. مش هتتحرك .
وقف لؤي ورفع نظارته عن عينه لتفعل هي المثل .. وبدأ في السير نحوها لتتحرك للخلف كردة فعل وهو يسألها :
انتي إيه اللي عملتيه ده ؟
شدا :
ااا أنا ... أنا مقصدش ... أنا بس اتضايقت و .. أنا .. عاااااااا .
لم تستطع التحدث بسبب سقوطها بالماء ليضحك لؤي بقوة على مظهرها وهو يشير إليها ويستند بيديه إلى ركبتيه وهو يقول من بين ضحكاته :
شكلك ههههه يموت ههههه من هههه الضحك ههههه مش هههههه قادر هههههه .. اااه .
انتهت ضحكته حينما رفعت شدا نفسها قليلا ثم جذبته من ملابسه ليسقط هو الآخر بالماء :
أي اللي عملتيه ده يا مجنونة .
شدا :
انت اللي بدأت .
لؤي :
وانا مالي .. انتي اللي نحس .
شدا :
أنا مش نحس .. ودلوقتي بقا قول الكلمة اللي عايز تقولها قبل ما يطب علينا حد .
اقترب لؤي من حافة البسين وجلس إليها ونظر لها وهي تجلس على الحافة الجانبية له ليتمتم بهدوء :
تتجوزيني يا شدا ؟
شدا بذهول .. فهي لم تتوقع هذا .. لقد انتظرت أن يقول بأنه يحبها .. أو يعترف بمشاعره .. لا أن يطلب الزواج مباشرة :
بـ بتقول إيه ؟
لؤي بابتسامته الساحرة :
بقولك تتجوزيني يا شدا ؟
بقيت تجول بعينيها في المكان لثوانٍ قبل أن تتمتم :
طبعا .
ازدادت ابتسامته اتساعًا وبدأ يرشها بالماء لتفعل هي المثل وهما يضحكان بسعادة .
وتوتا توتا خلصت الحدوته