اخر الروايات

رواية ضمير ميت الفصل السادس عشر 16 بقلم دنيا آل شملول

رواية ضمير ميت الفصل السادس عشر 16 بقلم دنيا آل شملول


 ضمير ميت

الحلقة السادسة عشر :

تحرك فراس وشدا بالسيارة .

فراس بهدوء :
في معلومات هتاخديها تنشريها في الجريدة بتاعتك .. ومعلومات هتسلميها للؤي .. والباقي عليا أنا .

شدا :
خلاص كده .. كل حاجه هتبقى ع المكشوف ؟

فراس بتأكيد :
مظبوط .

شدا :
تمام .. خلي طريقنا المستشفى بقا عشان اللاب توب في العربية وحازم هيروحني من هناك .

أماء فراس بصمت وتابع قيادته حتى وصل للمستشفى وترجل هو وشدا من السيارة بهدوء وركبا سيارة شدا .. بدأت في فتح الجهاز ثم أعطته لفراس الذي بدأ بدوره في تصنيف تلك البيانات لمجموعة ستُنشر بعد الغد .. ومجموعة ستستلمها الشرطة ومجموعة أخرى سيحتفظ هو بها ..

انتهى مما يفعل ثم شرح كل شئ لشدا بالتفصيل وأخبرها بأنه سيُرسل لها رسالة توضيحية عن كل حالة من هذه الحالات المعروضة أمامهم لتكتب عنها بطريقتها ثم توثقها بهذه البيانات .

شدا بهدوء :
تمام أوي .. كده فهمت .

فراس :
بالتوفيق .

كان على وشك الخروج من السيارة والذهاب .. إلى أن نادته شدا سريعًا :
دكتور فراس .

فراس بانتباه :
نعم !

شدا بابتسامه :
شكرًا .

فراس :
على إيه ؟

شدا بهدوء :
على كل حاجة .. كل حاجة يا فراس .

فراس بابتسامة :
ده واجبي ياشدا .. واللي بيغلط لازم يتحمل نتيجة غلطه .

ابتسمت شدا بهدوء فبادلها ابتسامتها ثم خرج .. وقبل أن يذهب عاد ونظر لها من زجاج السيارة وهو يقول بتردد :
اا .. آنسه شدا ممكن سؤال ؟

شدا :
أكيد .

فراس :
اا .. هي .. هي دالين بتحب لون أي ؟

شدا بابتسامة واسعة :
الأزرق والأسمر .

فراس بابتسامة :
شكرًا .

ذهب فراس لتتنهد شدا بارتياح وهي تتمتم :
ربنا يخلصنا من كل ده على خير ويكتبلنا نفرح بقا يارب .

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°

وصل رأفت للمستشفى مجددًا ودلف لغرفة مكتبه حيث ترك جابر ومهاب ..

رأفت :
ها .. إيه اللي تم ؟

جابر :
خلاص يادكتور .. هانت .

أنهى عبارته وهو يضغط على زر الفتح ليظهر أمامه معلومات كاملة تخص الجهاز الذي يتصل بجهاز رأفت الصاوي ..

جابر :
شدا سعد المهندس .. صحفية في جريدة ( .... ) .. سته وعشرين سنه .

مهاب بتفكير .. فهو قد سمع باسم مشابه لهذا الاسم من قبل .

هتف مهاب فجأه :
بدور !!!!

التفت رأفت إليه بتساؤل :
مين بدور دي ؟

مهاب :
الممرضة الشقرة .

رأفت وقد تذكر حينما عاد لمكتبه وقد اصطدمت به وكادت تسقط .. وقد أخبرته أنها أتت لتطلب إجازه .

كز على أسنانه بغل وهو يقول بتوعد :
بنت الكلب .. هقتلها .

مهاب بابتسامة خبيثة :
لا يا رأفت .. دي بتاعتي أنا بقا .. أختها دسَّتها في المستشفى عشان توصلها المعلومات اللي تلزمها .. وأنا هرجعلها أختها متنفعش لأي حاجه .

ابتسم رأفت بخبث قبل أن يقول :
ليلة بكره كل حاجة تنتهي .

مهاب بتأكيد :
ليلة بكره كل حاجة تنتهي ياصحبي .

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°

أنهى شادي إجراءات خروج فاتن وصعد إليهم ..
كانت روح وسمر وشريف وحازم معها .. انتهوا أخيرًا وتحركوا للذهاب .. ولكن آهه خفيفة أطلقتها فاتن جعلتهم ينظرون لها بتفحص .

فاتن بهدوء :
متقلقوش أنا كويسة .

قلب شادي عينيه وأعطى الحقيبة التي يحملها لحازم ثم استأذن من شريف وقام بإسناد فاتن إلى كرسي متحرك .

فاتن متمتمة بخفوت :
اا انـ انت بتعمل إيه ؟.. أنا هقدر أمشي .

دفع شادي المقعد دون أن ينظر لها متمتمًا بعبث :
والله انتي اللي قاعدة ع الكرسي مش مكتفك أنا .

فاتن بغيظ :
ما إنت ماشي بيه هنط يعني .. وقف لو سمحت .

شادي :
اللي عاوز يعمل حاجة يعملها بنفسه .

فاتن بغيظ قامت بالاستعداد لتنزل قدميها وتوقف المقعد عن الحركة ليباغتها شادي وهو يدفع الكرسي للأمام أسرع مما جعلها تتشبث بذراع الكرسي بقوة مغمضة العينين .. فضحك عليها بخفة وهو يقول :
شوفتي بقا .. انتي اللي متبتة في الكرسي أهو .

فاتن بغيظ :
انت مستفز أوي على فكره .

شادي :
من بعض ما عندكم .

نفخت فاتن بغيظ فتحدث شادي :
هتطيريني .

فاتن :
ليه ؟ ريشه حضرتك ؟

شادي بابتسامة :
وأنا لو ريشه هقدر أزقك وإنتي بالحجم ده .

فاتن بتذمر واعتراض :
على فكره أنا تمنية وستين كيلو بس .. وده طبعًا قبل ما دمي يتصفى .

شادي بمجاراة :
يتصفى إيه ياحجة انتي .. دا انتي دم جسمك كله مني .. أنا اللي اتصفيت والله .

فاتن بعدم فهم :
يعني إيه ؟

شادي بابتسامة جانبية :
هو انتي متعرفيش إن يوم الحادثة أنا اللي اتبرعتلك بدمي .. ولما تعبتي تاني ودمك اتصفي .. قاموا صفوني أنا عشان يعوضوكي انتي ولا إيه ؟

فاتن بدهشه :
انت بتتكلم جد .. يعني اللي ماشي في عروقي ده دمك انت ؟!!!!

شادي :
أيوه .. مسكر وخفيف صح ؟

فاتن :
وأنا اللي عماله أقول جلدي كرمش ليه .. أتاري دمك بيجري تحته .

رمش شادي عدة مرات ثم توقف فجأه واستدار مواجهًا لها وهو يناظرها بتوعد مما جعلها تنكمش حيث تجلس متمتمة بتوتر :
بـ بـ بـ بهزر .

انفجر شادي في الضحك من شكلها ولم يستطع كبح ضحكاته مما جعلها تضحك هي الأخرى ونظر الجميع تجاههم وضحكوا على مظهرهم .. فهم يبدوان كأخوين مشاغبين .. وكأنهم قرعوا جرس أحد أبواب الجيران وفروا هاربين قبل أن يمسك بهم صاحب المنزل .

وقف أمامهم والشرر يتطاير من عينيه المعلقة على فاتن التي تضحك مع شادي .

نظر حازم تجاه عاصم وأغمض عينيه بقوة مترقبًا لما هو آتٍ .. نظر الجميع تجاهه أيضًا .. وفاتن هي الأخرى نظرت حيث ينظرون جميعًا لتجف الدماء من عروقها ويشحب وجهها ويجف حلقها خوفًا مما سيحدث الآن ..

بينما طالت نظرة التحدي بأعين شادي ونظرة الغضب والكره والتوعد بأعين عاصم .

قطع التواصل البصري هذا صوت شريف الذي تحدث إلى عاصم بجدية :
خير ياعاصم يابني ؟

نظر عاصم تجاه عمه بسخريه وهو يقول :
وهييجي منين الخير ياعمي وهي مبسوطة وبتضحك مع راجل غريب عنها أهو .. راجل بيضحكها ويقولها كلام حلو فتمثل الإحراج والخجل .. هتحتاج إيه تاني بنت سمر هانم .

صفعة دوت في المكان شهقت على إثرها فاتن وهي تنظر لعاصم الذي التف وجهه للجهة الأخرى بعدما صفعه عمه .

شريف بتحذير :
ده تمن الكلام اللي قلته دلوقتي .. أما تمن ضربك لبنتي وإنك اتسببتلها في الحالة اللي وصلتلها فـ ده غالي أوي ياعاصم ..
يظهر إني كنت غلطان لما سلمتك بنتي .. وكنت غلطان في نظرتي ليك كراجل ملو هدومه ويُعتمد عليه .. للأسف كنت غلطان ياعاصم .

أنهى كلماته ثم نظر تجاه شادي وهو يقول بأمر :
اتفضل قدامي .

تحرك شادي وهو يدفع مقعد فاتن ومرَّ من جانب عاصم الذي تشتعل عينيه غضبًا وقد تحولت للقتامه .. وبحركة سريعة جذبه عاصم من رقبته وهو يقول بغضب :
وحياة أمي ما هسيبك .

وقام بلكمه مما جعل شادي يترنح وكادت فاتن أن تسقط للأمام بسبب ترنح شادي إلى مقعدها من الخلف .. لكنه شدد على كتفيها يثبتها حيث هي .. وقبل أن يصل عاصم لشادي مجددًا كان حازم قد أمسك به وبدأ يدفعه للأمام وهو يقول بضيق :
إمشي معايا .. إمشي معايا ياعاصم يلا .

أخذت روح تبكي وكذلك فاتن التي دفنت وجهها بين يديها وأخذت تشهق بقوة .. شدد شادي من قبضته على ماسكي المقعد ثم ذهب تجاه السياره وأدخلها برفق في المقعد الخلفي وجلست إلى جوارها والدة عاصم التي أخذتها بين أحضانها واستقل شريف المقعد الأمامي بجانب شادي .. في حين اختفت سمر من المكان بأكمله .. حيث أنها في صدد مواجهة خيانتها قريبًا إن لم تتحدث إلى مراد لينتشلها من بطش شريف إن علم بخيانتها له .

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°

أيقظه صوت هاتفه الذي أعلن عن اتصال .. أجاب بخمول :
إيه يامهاب .. أنا لسه واصل من ساعة ومحتاج أنام عشان افـ ..

ابتلع باقي حروفه حينما أتاه صوت مهاب الصارخ :
ابنك اتجنن يارأفت .. ابنك اتجنن .. ابنك طرد كل دكاترتنا وطردني .

اعتدل رأفت سريعًا وهو يقول بغضب :
انت بتقول أي يا مهاب !!

مهاب :
اللي سمعته يا رأفت .. إرجع فورًا وإلا قسمًا عظمًا ههد المستشفى فوق دماغه .

رأفت :
فراس كده اتعدي كل حدوده .. اهدي يامهاب واعتبره يوم أجازة .. مش انت هتنفذ الليلة ؟.. أهو معاك اليوم كله خطط بهداوة وشوف دنيتك .. وأنا النهاردة وبكره بالكتير وهنزل .

مهاب :
ماشي يا رأفت .. بس خليها في دماغك .. فراس هيدفع تمن اللي عمله ده .. مش أنا اللي يقف وليد يبصلي من فوق بانتصار .. وليد ده يتداس بالجزمة .. مش كفا بينخور في كل شغلنا وراشق في كل عملية جراحه !

رأفت :
متقلقش يا مهاب .

أغلق رأفت الهاتف وهو يلعن فراس وغباءه .. ما الذي يفعله؟.. ولمَ فعل ذلك ؟

ضغط زر الاتصال وانتظر بفارغ الصبر حتى أتاه صوت فراس :
أهلا يا دكتور رأفت .. عامل إيه في إنجلترا ؟

رأفت :
فراااس .. إيه اللي انت بتعمله ده ؟.. انت إزاي تعمل كده ؟

فراس ببرود :
إيه يا والدي .. غلطت في إيه ؟.. دكاتره سرقوا المستشفي وهيشوهوا سمعتها وكمان بيعملوا حاجات غير مشروعة وبيسرقوا أعضاء المرضى .. المفروض أعملهم مكافأة ولا إيه ؟!

رأفت بارتباك :
انت إيه اللي بتقوله ده ؟.. انت اتجننت ؟.. إزاي تشك في أكبر دكاترة البلد و ..

فراس بعصبية :
قصدك أوسخ وأقذر دكاترة البلد .. وللأسف أبويا الرئيس .

رأفت وقد تبين له كل شئ .. فراس يعلم بكل شئ .. ولم يكن صمته دلالة على لامبالاته أو غباءه .. لقد كان صمت ما قبل تفجير المفاجأة .

رأفت في محاولة أخيرة لهد ثقة فراس في معلوماته :
كلها يومين وراجعلك يافراس .. وصدقني وقتها هندمك على الكلام اللي قلته ده .

فراس بضحكة ساخرة :
وليه يومين ؟!!.. في إيدك تنزل النهارده .. أصل مفيش مؤتمرات عندك ولا حاجه .. الحوار كله من اختراعي يعني .. زي بالظبط اللي كنت بتبعتني ليهم شرم ويطلعوا فشنك .

أغلق رأفت الهاتف فلم يعد باستطاعته سماع أي شئ آخر .. منذ متى وفراس يعرف بكل أعماله ؟.. وماذا يعرف أيضًا .. هل لعب فراس معه نفس اللعبة التي لعبها معه مرارًا .

تحرك بعصبية مرتديًا ملابسه ثم اتصل بالمطار لحجز أول طائرة .

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°

صدح صوتها في المكان .. لينظر تجاهها الجميع .

شدا بصوت عالي :
صباح كل حاجة حلوة علي أحلى صحفيين في أحلى جريده ياجدعان .

أحد زملائها بضحكة :
أي ياشدا انتي شاربة عصير قصب ولا إيه !

شدي بغمزة :
لا يا برنس جايبة خبر هيرفع الجريدة دي لفوق .. فووووق أوي كمان .

حازم وقد دلف للتو :
اشجيني يابطل .

شدا بابتسامة :
اتوحشتك ياحازم جوي جوي .

حازم بضحكة صاخبة :
واني عاد يابت عمي .. يلا يلا جولي إيه الخبر وارفعينا لفوووج جوي جوي .

ضحك الجميع على لهجتهما معًا .. فقالت شدا وهي تضرب يديها معًا كإعلان عن مفاجأة :
تجارة أعضاء في مستشفى كبيره في البلد وفيها أعظم الدكاترة كمان .

حازم بترقب :
إوعي تقولي إن فراس هيضرب القاضية .

شدا بغمزة :
انضربت وحياتك .

حازم :
ااااخ .. فاتني كتير أنا .

شدا :
شوفوا يا جماعة .. أنا معايا مستندات وتقارير من قلب مكتب صاحب المستشفى ذات نفسه ... لا ده من قلب جهازه الخاص كمان .. فاجهزوا كده عشان على آخر اليوم في شغل جامد .. وأنا جيالكم دلوقتي بعد ما خدت إذن رئيس التحرير .

ثم نظرت لحازم وقالت بهدوء :
تعالى معايا .

حازم وهو يسير خلفها :
على فين ؟

شدا :
لؤي .. في ورق لازم يستلمه .

حازم :
والله شكلها هتولع يافخري .

ذهب كلاهما للمستشفى ووجدوا لؤي ينهي إجراءات خروج والدته .

شدا بهدوء :
لؤي .. فيه مستندات مهمة لازم تشوفها .

لؤي :
هوصل ماما البيت واطلع ع القسم .

شدا :
بلاش القسم دلوقتي .. إحنا هنروح معاك نتكلم وتشوف المستندات دي وبعدين نخطط للي هنعمله .

أماء لؤي بهدوء قبل أن يصعد ليحضر والدته التي قابلت شدا بترحاب حار وأخذتها بين أحضانها وكأنها تعرفها منذ زمن .

جنات بابتسامة :
عامله إيه يا بنتي؟

شدا بابتسامة :
كويسه أوي ياطنط الحمد لله .. حمد الله على سلامتك يا ست الكل .

ربتت جنات على يدها بخفة وهي تبتسم لها بحب .. ثم دلفوا لسياراتهم واتجهوا لمنزل لؤي .

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°

طرقات على باب المكتب ثم دلفت بعدها شيرين وهي تتغنج كعادتها :
عاصم بيه فيه إجتماع الساعه ١١ مهم للإدارة .. ومراد بيه جاله سفر مفاجئ .. فحضرتك مضطر تحضره .

نظر لها عاصم لبعض الوقت قبل أن يقول بخفوت :
تتجوزيني ؟

جحظت عينيها وشعرت بأن الدنيا تدور بها .. الهواء قل كثيرًا في المكان .. هل ما سمعته حقيقي ؟.. هل حقا عرض عليها الزواج الآن ؟

عاصم بضيق :
سكوتك ده أعتبره رفض ؟

شيرين سريعًا :
لا لا أنا .. أنا بس مذهولة من العرض و ..

عاصم بحده :
لا متسوقيش فيها كده .. انتي متعرفيش أنا عايز إيه بالظبط .

شيرين بعدم فهم :
قصدك إيه ؟

عاصم بابتسامة خبيثة وهو ينظر لها بوقاحة :
هقولك قصدي إيه ...

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°

كانت تجلس على ارجوحتها تقرأ في إحدى كتب " أجاثا كريستي " وهي ترتشف كوب النسكافيه الخاص بها كل صباح ..

ابتسمت بسعادة وهي تستشعر تلك اليد التي وُضعت على عينيها تحجب عنها الرؤية .

غرام بابتسامة :
فراس !!

ثم اخذت تتحسس اليد جيدًا .. لكن هذه ليست يد فراس .. وبحركية تلقائية وضعت إصبعها في جانب يده اليسري تبحث عن تلك الوحمه التي تزينها لكنها لم تجدها .. وهذا أكَّد لها كونه ليس فراس .

فتحدثت بهدوء :
عمرو .

أزال يديه عن عينيها وبدأ في تحريك الأرجوحة بها قليلاً وهو يقول بابتسامة :
مش كنت فراس من شويه ؟.. عرفتي منين إني عمرو ؟

غرام ببساطة :
فراس عنده وحمه بارزة هنا .

أشارت بيدها إلى جانب اليد اليسرى مما جعل عمرو يزم شفتيه للأمام بحركة طفولية جعلتهت تبتسم .

عمرو بهدوء وصوت بالكاد يُسمع :
وحشتيني .

غرام وقد تذكرت أنها أخبرت فراس بأنهما لن يعودا الآن ... فتحمحمت بهدوء وهي تقول :
متشكرة .

عمرو :
غرام أنا ..

قاطعته غرام بقولها :
عمرو لو سمحت .

عمرو بهدوء :
أنا مستعد أصلح غلطي .. أنا استويت من بعدك عني .

غرام :
أنا لحد دلوقتي معرفش إيه اللي حصل بينك وبين فراس .. بس ياعمرو أنا مش هقدر أكون معاك وانت وأخويا بينكم مشاحنات وعدم ثقة .. معنديش استعداد اتحط في اختيار بينكم تاني .. أنا مقدرش أبعد عن فراس ولا أستغني عنه .. فراس ده الروح اللي عايشه بيها .

عمرو بألم :
وأنا يا غرام ؟!!

غرام :
انت !! .. انت الدنيا .. انت القلب .. الحب .. الحياه بكل جمالها .. أنا مش بس حبيتك ياعمرو .. أنا عشقتك ..
بس يوم ما أي حاجة في الدنيا هتتحط في مقارنة مع فراس .. فـ أنا هختار فراس .

عمرو : وأنا راضي يا غرام .. راضي والله .. أنا راضي حتي لو حبك ليا مكنش ربع حبي ليكي .. راضي ياغرام بس من غير بُعد .. أنا مقدرش من غيرك .

غرام بدموع :
لو قدرتوا ترجعوا انت وفراس .. ساعتها نرجع أنا وانت .. لإني زي ما قلتلك مش هقدر اتحط في اختيار تاني بينكم أبدا .

عمرو بتنهيدة :
وأنا أوعدك إن ده ميتكررش تاني أبدا أبدا .

ابتسمت غرام بهدوء فتابع عمرو :
همشي أنا عشان عندي شوية شغل وعلى بليل هكلم فراس .

أماءت غرام بابتسامه ليتحرك عمرو خطوتين قبل أن يصل لمسامعه صوتها تناديه بهدوء .. فاستدار ينظر لها لتتمتم بخجل :
انت كمان واحشني أوي .. متتأخرش عليا . ابتسم باتساع وقبل أن يذهب أرسل لها قبلة في الهواء مما جعل وجنتيها تتدرج بالحمرة وهي تقول لنفسها :
انت كل الحياه والله .. بس سامحني .. ده أخويا .

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°

طرقت عدة طرقات على غرفة المكتب قبل أن تدلف بهدوء وهي تقول بابتسامة واسعة :
خلاص كده مهمتي خلصت وأقدر أمشي ؟

فراس :
انتي كنتي مسجونة ولا إيه ؟

بدور :
لا والله بس يعني أصل أنا كنت خايفة طول الوقت اتقفش ولا حاجة .

فراس بضحكة :
اتقفش ؟.. انتي بتسرقي يابنتي !

بدور :
متركزش عشان متفصلش .

فراس رافعًا حاجبيه معا :
انتي بتجيبي الكلام ده منين .. دا أنا الراجل مبقولش كده .

بدور بتلقائية :
حد قالك متقولش .

فراس :
امشي يا بدور امشي .

بدور بابتسامة :
انت جدع أوي يادكتور .. آه والله .. وتستاهل كل خير .. مبقاش فيه منك الأيام دي .. ربنا يسعدك .

فراس بابتسامة :
ويسعدك يا بدور .. وانتي كمان جدعة أوي .

بدور بغرور مصطنع :
عارفة عارفة .

ضحكا بخفة ثم استأذنت بهدوء وخرجت من الغرفة وهي تتنفس الصعداء .. لقد انتهت مهمتها هنا بسلام .. أو هكذا ظنت .

بدلت ملابسها وخرجت من غرفة الممرضات وقبل أن تخرج من المستشفى أتاها صوته مناديًا :
آنسه بدور .. آنسه بدور استني لحظة لو سمحتي .

التفتت بدور إليه وابتسمت بهدوء .

وليد :
اا .. أنا عرفت إنك خلاص مش هتيجي تاني .

بدور :
آه خلاص كده .. اتشرفت بمعرفة دكتور مجتهد وأمين زي حضرتك يادكتور وليد .

وليد بابتسامة :
الشرف وكل الشرف ليا يا آنسه بدور .. خلي بالك من نفسك و .. وبتمنالك كل السعادة في حياتك .

بدور بهدوء :
وأنا بتمنالك المثل يا دكتور .. بعد إذنك .

تحركت بدور من أمامه وخرجت من المستشفى وقامت بمهاتفة شدا كي تخبرها بالعنوان الذي ستذهب إليهم به .

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°

وصلا حيث المنزل .. فترجل لؤي سريعًا وفتح باب السيارة لوالدته ثم أسندها برفق كي يصعد بها للمنزل ..

صعد خلفه مباشرة كل من شدا وحازم الذي علم من شدا كل ما حدث أمس وعلم أيضًا بوجود دالين هنا الآن ..

وقف لؤي أمام الباب ونظر لشدا كي تتقدم مع والدته .. اقتربت سريعًا وطرقت عدة طرقات حتى فتحت السيدة ابتهال بابتسامة خفيفة ..

تصافحت ابتهال وجنات ودلفوا جميعًا .. ثم صافحت دالين بود .. فتقدمت شدا وساعدت جنات حتى دلفت غرفتها وقامت بمساعدتها في الاستلقاء براحة .. مما جعل لؤي يبتسم بداخله على توافقهما معًا .

جنات بهدوء :
جيبي دالين وتعالوا اقعدوا معايا هنا .

شدا بابتسامة :
ارتاحي بس شوية وهنقعد كتييير أوي مع بعض .

جنات :
أعتبره وعد ؟

شدا بابتسامة :
وعد يا ست الكل .

ضغطت جنات عينيها معًا دلالة على الرضا .. ثم استلقت براحة إلى فراشها .
ابتسمت شدا بهدوء .. والتفتت لتغادر الغرفة لكنها وجدت لؤي يقف إلى الباب مستندًا بجزعه إليه وينظر تجاهها .
لم تستطع تفسير تلك النظرة التي ينظر بها إليها .. فازدردت ريقها قبل أن تتحرك لتخرج لكنه وقف أمامها يمنعها من الخروج .

نظرت له شدا بتساؤل .. وكانت تلك هي المرة الأولى التي يكون فيها قريبًا منها إلى هذا الحد .. وتلك هي المرة الأولى أيضًا التي يلاحظ فيها لون عينيها الزيتونيتين ..
هل هما بهذا القدر من الجمال حقًا .. تمتلك أهداب طويلة .. وخصلاتها البنية التي تتركها منسدلة دائمًا .. ماذا إن رفع تلك الخصلات المتمردة عن وجهها ؟!! ..

أفاقه من شروده بها صوت حمحمتها الخافتة .. فتحمحم هو الآخر قبل أن يقول :
اا .. ماما كويسه ؟

أماءت شدا عدة مرات مما تسبب في سقوط خصلة شاردة حجبت الرؤية عن عينيها .
وبتلقائية تحركت أصابع لؤي ورفعتها بخفة لتستقر يده خلف أذنها وهو ينظر لارتباكها الواضح وليديها التي تفركهما بعنف .. أخفض يده سريعًا وهو يقول بخفوت :
يلا .. تعالي وريني اللي عايزاني أشوفه .

أماءت عدة مرات لتسقط تلك الخصلة مجددًا ولكن يد شدا كانت الأسرع حينما وضعتهم خلف أذنها سريعًا بتوتر مما جعله يبتسم بداخله على تلقائيتها .
تحرك تجاه غرفة المكتب بينما تنفست هي الصعداء .. لما تبدو كالفرخ المبلول هكذا أمامه !!! .. أين قوتها وجرأتها !!! .. زفرت بقوة ثم خرجت خلفه وجلست مقابله وبدأت في شرح كل شئ من البداية .

لؤي بعدما إنتهت شدا من سرد ما حدث منذ اختطاف دالين إلى أن أعطاها فراس التقارير .

تحدث هو الآخر عن كل شئ أخبره به عمرو .. وبدأوا في تجميع الخيوط معًا .

لؤي بهدوء :
ماجد كان شغال مع رأفت في نقل الأعضاء .. ولما اختلفوا وطلع من الشغل ده .. هدد رأفت بإنه هيخليه يتحسر .. وتاني يوم ابن رأفت عمل حادثه على الطريق مات فيها .. وماجد سفَّر دالين بره البلد لحد ما شدت عودها ورجعت .. وزي ما بتقولي هي اللي أصرت ترجع .. ولما دالين رجعت رأفت سابها فترة طويلة عشان يضرب ضربته بعد ما يتطمنله ماجد وبعدها بعت اللي يخطفها من الحفلة .. ويشاء القدر إنهم ميعرفوش يخطفوها غير من قدام المستشفى .. وفراس صدفه شاف الحوار واتصرف .. وهما جابوا جثة م المستشفى حطوها في العربية عشان يشوشوا على خطف دالين لأطول وقت ممكن .. واللي خلى فراس ياخد البنت ويسفرها هو إنه يوقع أبوه بالبطئ .

شدا بهدوء :
بتفكر في إيه ؟

لؤي :
بفكر إزاي أطلع فراس من الليلة دي بأقل الخساير .

شدا بعدم فهم :
يعني إيه ؟.. فراس ماله بكل ده .. ده لو مش فراس كان زمان دالين دلوقتي في خبر كان .. ولو مش فراس مكناش عرفنا حاجة عن شغل اونكل ماجد ورأفت .. فراس ماله ؟

لؤي :
أظن إن ده اللي هيحسن موقف فراس .. بس معرفش بالنسبة لإن دالين عنده الفترة دي كلها بالإضافة لتستره على كل اللي حصل ده فترة طويلة هيبقى إيه .

شدا بتفكير :
إحنا ليه نفتح القضية تاني أصلا ؟

لؤي بعدم فهم :
قصدك إيه ؟
شدا بهدوء :
قصدي إن ملوش داعي نفتح القضية دي .. انت تفتح قضية جديدة .. اللي هي أعمال رأفت وماجد .

لؤي :
وخطف دالين ؟

شدا :
لقيناها .

لؤي :
ولما تنطلب في التحقيق .

شدا برجاء :
لؤي .. انت معانا من البداية وشايف دالين عانت قد إيه .. وفراس تعب قد إيه وعانى قد إيه عشان يوصل لكل ده .. انت شايف بنفسك .. فـ أرجوك .. اعمل أي حاجة عشان الموضوع ينتهي بدون ما حد فيهم يتأذي .

لؤي بضيق :
طب دالين صحبتك وقلنا ماشي .. فراس إيه بقا ؟

شدا وقد استشعرت الضيق من نبرته .. وبرغم تعجبها لذلك إلا أنها ابتسمت بداخلها على حديثه .

شدا بخبث :
فراس ده جدع أوي .. وراجل جدا .. فعلا شخص كويس أوي أوي .

لؤي وقد تملك الغضب منه :
خلصتي اللي عايزة تقوليه ؟.. اتفضلي اقعدي مع صحابك بره وسيبيني لوحدي بعد إذنك .

حاولت شدا إصلاح ما أفسدته بغبائها لكنه لم يعطيها فرصة للحديث حيث تحرك من أمامها .
فخرجت شدا لتجد دالين وحازم يمزحان معًا ويضحكان بمرح .. ابتسمت بحنين .. فكم اشتاقت لجلوسهم جميعًا معا يضحكون ويلعبون ويمزحون .. فـ الآن .. دالين تختبئ كمن افتعل جُرمًا .. عاصم وفاتن علاقتهم تدهورت .. ومن دون أي سبب .. حازم يمزح طوال الوقت .. لكن ما بداخله لا يعلمه سواه .. بدور التي تحيا بلامبالاه .. لكنها تعلم جيدًا أن بداخلها شئ كبير جدًا لا يعلمه أحد .. يا إلهِ كم هي قاسية هذه الحياة .. فلا شئ يدوم أبدًا .

قطع شرودها اقتراب حازم ودالين منها بأعين مترقبة ماكرة .

شدا :
انتوا .. انتوا بتبصولي كده ليه ؟!!

شهقت وهي تضع يديها على فمها تكتم شهقتها حينما اقتربت دالين ودفعتها بحركة سريعة إلى إحدى الارائك المصفوفة بانتظام .. وبدأت دالين في دغدغتها بينما يمسك حازم بيديها معًا حتى لا تفلت منهما .
وبقيت شدا تضحك بقوة وهي تتلوى حتى أدمعت عينيها من كثرة الضحك .

تركاها أخيرًا فتنهدت بسعادة وهي تنظر لهما بابتسامة .. ومن دون سابق إنذار جذبت دالين إليها لتحتضنها بقوة .

رمش لؤي الواقف في الخلف يراقب ضحكاتها الرنانة في المنزل بابتسامة واسعة .. وقد اندثرت ابتسامته وهو يستمع لشهقاتهما وهما تحتضنان بعضهما بعضًا كأختين بروح واحدة ..
ليضم حازم شفتيه معًا للأمام في تأثر وهو يتنهد بقوة .

بكت السيدة ابتهال الواقفة بجانب لؤي هي الأخرى وهي تقول بشهقات خافته :
والله منظرهم يقطع القلب .. أنا مش عارفة الدنيا عاملة فيهم ليه كده .

تحرك لؤي تجاه غرفة المكتب وأغلق الباب بهدوء وبدأ في تفحص المستندات التي حصل عليها .. ليُنهي هذا الأمر .. وبعد بعض الوقت خرج مسرعًا على صوت شدا الهادر بصراخها :
بدووووور ..

°°° يتبع °°°


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close