رواية ضمير ميت الفصل الثالث عشر 13 بقلم دنيا آل شملول
ضمير ميت
الحلقة الثالثة عشر :كانا يقفان متواجهين ونظرهما معلق ببعضهما ..
الطبيب بهدوء :
اا .. ده .. ده لؤي بيه ابن المريضة .. وده يالؤي بيه دكتور فراس .. الدكتور اللي هيعمل العملية لوالدتك .
فراس قاطعًا الصمت بينهما :
أهلا بحضرتك .. وألف سلامه على الست الوالدة .
لؤي ببعض التردد :
خلي بالك منها لو سمحت .
فراس بهدوء :
متقلقش خالص .. دي عملية بسيطة وإن شاء الله تقوم بخير .. بعد إذنك .
دلف فراس لغرفة العمليات .. بينما جلس لؤي على أحد المقاعد مغمضًا عينيه بقوة .. لا يعلم سببًا واضحًا لهذا الشعور بداخله الآن ..
فراس ليس سيئًا .. لما لم يفكر في مواجهته ؟..
يبدو لديه بأنه ليس بالسئ حقًا .. تنهد بضيق وقلق على والدته .. لا يهم فـ لتخرج والدته أولا وبعدها سيحاول إصلاح كل شئ قدر المستطاع .
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
عاد حازم حيث ترك شدا وسمر أمام غرفة فاتن ..
حازم بهدوء :
ها .. حد خرج ؟
شدا :
أيوه الدكتور قال إن دي حالة عصبية .. وجالها نزيف بسبب هياج عصبي وضغط نفسي شديد وكمان هي لسه خارجة من حادثة فكل حاجة فوق بعضها .. يا ربي أنا مش عارفة أي اللي بيحصلنا ده ؟.. وعاصم ده كمان اتجنن مثلا ولا أي اللي بيحصل بالظبط .
حازم بهدوء :
نتطمن بس على فاتن وبعدها نروح نشوف عاصم وحكايته .. اا .. لؤي كمان هنا .
شدا بسرعة :
هـ هنا فين ؟.. ماله في أي ؟
حازم بهدوء :
اهدي بس .. هو كويس مفهوش حاجة .. بس والدته تعبانة .
شدا :
هو فين ؟
حازم :
شفته عند غرف العمليات .
شدا :
طيب خليك مع طنط هنا لحد ما ينقلوا فاتن غرفة عادية وأنا هشوفه على طول وأجي .
حازم ممسكا بذراعها :
شدا .. هو فعلا تعبان عشان والدته .. فـ لو .
.
قاطعته شدا :
لو أي ياحازم !!.. ماتقلقش أنا رايحة اتطمن عليه وأقف جنبه .
أماء حازم بصمت فغادرت على الفور متجهة حيث غرف العمليات ..
رأته يجلس على أحد المقاعد مستنداً بظهره إليه ورأسه مرفوع إلى الحائط ومغمض العينين بإرهاق بادٍ على ملامحه المجهدة .
جلست إلى جانبه ووضعت يدها على كتفه بهدوء ففتح عينيه سريعًا ونظر إليها مطولاً .. وبقيت أعينهما معلقة ببعضهما لوقت لا يعلمانه حتى فُتح باب غرفة العمليات وخرج فراس بهدوء .. فنهض لؤي سريعًا متجهًا إليه .
فراس بهدوء واضعًا يده على كتف لؤي :
متقلقش .. هي كويسة دلوقتي .. حتى نقدر ننقلها غرفة عادية كمان شوية .. علاجها هكتبه وأجبهولك وحاول على قد ما تقدر تخليها تنتظم عليه .. وأي تعب بسيط تبلغني بيه عشان كل حاجة دلوقتي مهمة في تحديد حالتها الصحية .. حمد الله على سلامتها .
تحرك فراس ليتنهد لؤي بارتياح أخيرًا .
مرَّ فراس بجانب شدا الواقفة مكانها وتحدث بصوت خفيض دون أن يسمعه سواها ودون أن يتوقف :
خليكي جنبه متسبهوش .
نظرت لظهر فراس الذي تخطاها بذهول .. ثم عادت للؤي وهي تقول بهدوء :
حمد الله علي سلامتها .. إن شاء الله تكون كويسة .
لؤي ببرود :
شكرا .
شدا بحزن :
لؤي أنا ...
قاطعها لؤي :
لا الوقت ولا المكان مناسب لأي كلام .
شدا بهدوء :
تمام .. اا .. أنا هشوف فاتن وهاجي تاني عشان اتطمن عليها .
لؤي :
براحتك .
أماءت شدا بابتسامة حزينة ثم غادرت في صمت .. لينظر لؤي لظهرها الذي توليه له بنظرة حزينة .. رغم ما حدث ...آلمته ابتسامتها الحزينة تلك .. رغم كل شئ يحبها .. لا بل يعشقها تلك المتعجرفة .
ابتسم بخفة حينما تذكر هذا اللقب الذي أسماها به " المتعجرفة " .. ولا يعلم كونها قد أسمته بنفس المسمى ذات يوم .
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
جلسا يحتسيان الشاي بصمت قطعته دالين بسؤالها :
انتي كويسة ياغرام ؟.. في حاجة حصلت ؟
غرام بتنهيدة :
هكون كويسة قريب أكيد .. أنا بس حبيت أشوفك عشان مشينا بسرعة امبارح أنا وفراس .
دالين بهدوء :
اي اللي حصل خلى فراس في الحالة دي ؟
غرام بعدم فهم :
حالة أي ؟... هو جه تاني ؟
دالين بارتباك :
اا .. هو... هو كان ناسي محفظته هنا ورجع خدها وكان باين عليه التعب وحالته مكنتش كويسة بس .
غرام بتنهيدة :
حصل بينه وبين عمرو مشكلة كبيرة شوية .. معرفش تفاصيل بس .. بس هو خيرني بينه وبين عمرو .
شهقت دالين بخفة ووضعت يدها على فمها بذهول :
فراس عمل كده ؟.. طب .. طب ليه بس ؟
غرام بهدوء :
صدقيني مش عارفة .. بس هحاول معاهم يمكن ربنا يجعلني سبب في الصلح بينهم .
دالين :
في حاجة أقدر أعملها .
غرام بعدما طال صمتها :
فراس .
دالين بعدم فهم :
ماله ؟!
غرام بهدوء :
تكلمي فراس وتحاولي معاه .
دالين :
اا .. أيوه بس .. بس فراس يعني هيسمعلي أو ..
غرام مقاطعة :
مجرد محاولة يا دالين . من فضلك .
دالين باستسلام :
حاضر .
غرام بهدوء :
شكرًا .. أنا لازم أمشي بقا .. في عندي معرض وتنظيم .
دالين :
أوك يا حبيبتي خلي بالك من نفسك .
احتضنتها غرام بود وابتسامة ثم غادرت بهدوء .. وهي تتمني أن ينصلح الحال للجميع .
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
كان يدور في مكتبه كالأسد الجريح .. الدنيا تدور به .. عقله يكاد ينفجر من التفكير .. من يكون شادي ذاك ليكون قريب من والدته إلى هذا الحد .. إنه مجرد ابن لزوجها .. وهذا لا يعطيه الحق كي يبيت معها في نفس المنزل أو حتى يتواجد في مكان هي فيه ..
وما علاقته بفاتن كي يتبرع لها بدمائه ويطلب ألا يعرفه أحد ؟ ما الذي كان يقصده بفعلته هذه ؟.. وكيف علم بمكانها حينما حدثت تلك الحادثة .. وأي شقة تلك التي تحدثت والدته عنها؟.. يكاد يفقد صوابه .
طرقات على باب المكتب ثم دلوف شيرين التي تعلو ثغرها ابتسامة تشفِّي .
عاصم :
عايزة إيه ؟
شيرين :
مراد بيه وصل .. وطالبك في مكتبه .
ألقت كلماتها ثم خرجت على الفور حتى لا تنال من بطشه هي الأخري ما نالته فاتن .
أغمض عينيه بضيق وقد قرر المواجهه .. خرج من الغرفة متجها لغرفة مكتب والده .. دلف دون أن يطرق الباب حتى .. فـ أشار بيده لشيرين التي خرجت في صمت .
مراد وهو يشبك يديه معًا أمام المكتب :
حضرتك إزاي ترفض صفقة أنا عملتها ووافقت عليها ؟
عاصم :
والله أنا اللي متحكم فيا عقلي مش مشاعري يامراد بيه .
مراد :
لا والله .. أمال رفضتها ليه بقا يا بشمهندس لما عرفت إنها تخص شادي ابن أيهم .
عاصم بغضب :
أنا رفضتها عشان شركته هتعلن إفلاسها قريب .. والصفقة اللي بتقول عليها صفقة دي رابحة ليه هو وخسارة علينا .. انت هتقومله شركته وبس .. وإن كان ع الأمن فشركات الأمن مالية البلد منتاش محتاج واحد هيفلس .
مراد ببرود :
والله ياعاصم اللي أعرفه أحسن من اللي معرفوش .. غير إن شادي بيصفي شغل إنجلترا وهيدخل بيه هنا ويقوم شركته اللي شايف إنها هتعلن إفلاسها .. روح كلمتني وأنا وافقت .. وبعدها جالي شادي وخلاص إتفقنا .. انت كده بتصغرني سواء قدام روح أو شادي .. وأنا مبتنزليش كلمة في شركتي ياعاصم بيه .
عاصم بترقب :
يعني إيه ؟
مراد :
يعني أنا كلمت شادي ودلوقتي على وصول عشان نمضي العقد .. وياريت ياعاصم تتكرم وتقعد بهدوء بصفتك مالك مستقبلي للشركة دي .. فـ لما أموت ابقى خد قرارات من دماغك .
عاصم بغل :
وماله .. تمام تمام .
طرقات على الباب دلفت بعدها شيرين وهي تقول بهدوء :
شادي الأيهم بره يامراد بيه .
مراد :
خليه يتفضل ياشيرين .
جلس عاصم بهدوء كأنه لم يدخل في نوبة عصبية منذ الأمس أبدًا .. ربما هو هدوء ما قبل العاصفة .. فما قرره في تفكيره لن يحيد عنه أبدًا .
دلف شادي بهدوء وهو يقول بابتسامة :
إزيك يا بشمهندس مراد ؟
مراد بابتسامة مرحبة :
أهلا أهلا ياشادي اتفضل .
تحول نظر شادي لعاصم الجالس فوق مقعده ببرود وتابع بابتسامة وعينيه تنظر له بتحدي :
إزيك يابشمهندس عاصم ؟
عاصم ببرود وقد بادله نفس نظرة التحدي :
أنا فل أوي .. متشغلش بالك .. نورت الشركة يا .. يا ابن الأيهم .
استشعر شادي نبرة التذكير له من يكون في صوت عاصم فأكد برأسه بإماءة خفيفة ثم جلس مقابل عاصم وبدأ يتفق مع مراد على كل شئ .. في حين كان عاصم صامتًا تمامًا وهو ينظر لهما بضيق .. وما إن انتهوا حتى استأذن عاصم وخرج من المكتب ومن الشركة بأكملها .
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
دلفت لغرفة فاتن بهدوء لتجدها تنظر للشرفة بشرود ويجلس حازم بجوار الباب بينما تجلس سمر في نهاية الفراش والصمت مطبق على الغرفة بأكملها .
شدا بمزاح :
إيه بقا ياست فاتن .. هو كل شويه توقعي قلوبنا يعني .. ولا انتي معرفتيش غلاوتك في المرة الأولى ولا أي حكايتك .
نظرت لها فاتن بأعين دامعة وما إن اقتربت شدا منها حتى تشبثت بها وانفجرت في البكاء ..
أخذت شدا تمسد ظهرها بحنان في محاولة يائسه كي تهدئ من بكائها واهتزازها بهذا الشكل .
حازم بهدوء :
أنا خارج شويه وجاي على طول .
خرج حازم من الغرفة وقام بمهاتفة عاصم وهو يقسم بداخله أنه سيهشم رأسه بسبب تلك الحالة التي وصلت لها فاتن .
عاود الإتصال عدة مرات بلا فائدة .. فأغلق الهاتف بضجر وهي يمسح على وجهه ورأسه بضيق .
فراس من خلفه :
خير ولا إيه ؟
التفت حازم سريعًا وهو ينظر له بملامح متجهمه .
فراس :
أي يابني في أي ؟.. وانت بتعمل إيه هنا ؟
حازم :
فاتن صحبتي أنا وشدا .. كانت خارجة من حادثة قريب وحصل موقف معاها خلاها تنزف كتير وفقدت الوعي وحالتها وحشة فجبتها هنا .
فراس :
تعالى معايا .. قولي هي فين .
حازم ببلاهة :
ليه ؟
فراس :
هخطبها ! .. هيكون ليه يابني آدم .. هشوفها وافهم فيها أي .
أماء حازم سريعًا ثم صعدا معًا إلى غرفة فاتن .
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
طرق على الباب بهدوء لتفتح روح بابتسامة باهتة :
تعالى ياحبيبي .
شادي :
خدي خدي هنا .. إيه هو ده إن شاء الله .. في ورد هنا ياماما جاي لناس مخصوص .
ثم أخرج يده من خلف ظهره ورفعها أمام وجهها لتتبين لها تلك الباقة البنفسجية والتي تعشق لونها كثيرًا منتقاه بعناية وملفوفة بورق أبيض مزين بشريط بنفسجي لامع .. وتعل هذه الباقه لفافة شوكولاته كبيرة من النوع المفضل لديها أيضًا .. نظرت له بسعادة وهي تلتقطها من بين يديه ناظرة في عينيه بدموع :
مش عارفة أقولك اي ياشادي يا بني والله .. ربنا يخليك ليا .
قبل جبينها بهدوء وهو يتمتم :
ويخليكي ليا ياروح شادي .. مشوفش زعلك تاني لو سمحتي بقا .. وأنا وعاصم هنقدر نتفاهم بعدين ... الموضوع هياخد وقت عشان يقدر يتقبلني لكن مش هيأس .. أنا خلاص هفض شغلي في انجلترا وهكمل هنا .. وإن شاء الله هنكون أنا وعاصم اخوات وأكتر .
روح بتمني :
يارب ياشادي يارب .
أعلن هاتفها عن اتصال ليقطع حديثهما ..
أخرجته بهدوء لتجده شريف فأجابت بهدوء :
ألو .
شريف بصوت مبحوح :
روح .
روح بخضة :
شريف !!! .. في أي مالك ؟.. فاتن حصلها حاجه ؟
شريف :
فـ فاتن في المستشفي .. معرفش حصلها أي .. أرجوكي خليكي جنبها لحد ما أجي .. أنا في اجتماع بره البلد وراجع على طول .
روح :
مسافة السكة هروحلها .
أغلقت معه وركضت للداخل جلبت حقيبتها وخرجت مع شادي بعدما أخبرته بما قاله شريف .. فانطلق بها سريعًا حيث المستشفى .
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
كانت لا تزال تبكي بين ذراعي شدا حينما دلف فراس وحازم ..
سمر بتساؤل :
مين حضرتك .
حازم بهدوء :
ده دكتور فراس .. صديقي .. هيشوف فاتن وحالتها .
فراس :
شدا قومي شويه بعد إذنك .
أماءت شدا بأعين دامعة وتحركت من جانب فاتن التي ما إن تحركت شدا حتى سقطت فاقدة للوعي .
صرخت شدا بذعر واقترب فراس منها ليجد الفراش ملئ بالدماء .. خرج سريعًا وطلب احتياجاته الطبية وبدأ بفحصها بهدوء .
بينما هاتفت سمر شريف الذي بدوره حادث روح .. فهو يعلم بأن سمر لن تكون مسئولة جيدة عن ابنته في هذه الحاله .. وفاتن تصرفاتها مؤخرًا مع والدتها يوحي بالنفور بينهما .
تحدث فراس بهدوء :
هننقلها لغرفة تانية .
وبالفعل تم نقلها لغرفة أخرى وبدأ فراس وبعض الأطباء في متابعة حالتها .
كان الجميع في الخارج يقفون في حالة خوف وترقب .. حتى وصلت روح وشادي .
روح بخوف :
فـ فاتن حصلها أي ؟؟.. هي كويسة ؟
اقتربت منها سمر بغل :
كله بسبب إبنك .. كله بسبب إبنك .. هو اللي وصل بنتي للمرحلة دي .. أقسم بالله لو حصلها حاجة هقتله .. سمعاني ياروح .. هقتلهولك .
كان حازم يمسك بسمر حتى لا تتهور وتهجم على روح الواقفة بازبهلال وعدم فهم .. شعرت بالدوار فأسندها شادي وأجلسها إلى إحدى المقاعد ووقف بهدوء مع شدا التي كانت تقف مستندة إلى الحائط .. وقد تذكرها .. إنها نفسها الفتاة التي رآها اول مرة حينما أنقذ فاتن من الحادث .
شادي بهدوء :
ممكن أعرف مالها ؟.. هي كويسة ؟.. وأي اللي حصل ؟
شدا :
معرفش اللي حصل .. بس هي بتنزف جامد .. وفقدت الوعي كذا مرة .. وحالتها كل مدى كل ما بتسوء .. مش عارفة في إيه !!
أنهت جملتها ودموعها تسقط بضعف على وجنتها .
وقف شادي لا يعلم ماذا يفعل .. فأخذ يربت على كتفها بهدوء :
طـ طب اهدي لو سمحتي .. هي هتكون كويسة .. هتكون كويسة والله اهدي .
لم يكن يدري بوجود ذاك الواقف بنهاية الممر ويشعر بنيران تتصاعد في رأسه بسبب قرب شادي منها هكذا .. ولم يدري هو بقدميه التي تحركت لا إراديًا تجاههما وهو ينوي قتل أحدهم .. لكنه توقف متجمدًا وهو يراها تبكي .. هل حقًا تبكي ؟!!!
وصل حيث يقفان ونادى ببحته المميزة والمطربة لأذنيها :
شدا !
شدا بسرعة :
لـ لؤي ؟
اقترب لؤي منهما فابتعد شادي خطوتين للخلف ..
لؤي بهدوء :
في أي ؟
شدا :
فاتن تعبانة أوي .. مش عارفة إيه اللي بيحصلنا ده .. كل المصايب جاية ورا بعض .. أنا خايفة م اللي جاي بعد كده .
أخذت تبكي بقوه ولم يشعر بنفسه سوى وهو يمسك بيدها يطمئنها فنظرت له بعينيها المتورمة ليبتسم بهدوء وهو يضغط على عينيه .. فبدأت تهدأ شيئًا فـ شيئًا .
ولم يمر الكثير من الوقت حتى خرج فراس وهو يقول مسرعًا :
دم .. محتاجين دم .
خرج شادي من بينهم :
أنا نفس فصيلتها .. خد منـ ...
قطع كلماته وهو ينظر لفراس الناظر له بعدم فهم هو الآخر .. ما الذي يفعله شادي هنا ؟!!
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
دلف للڤيلا بهدوء لتقابله جومانه بسعادة :
رأفت .
رأفت باستفهام :
خير ؟
جومانه :
فراس .. فراس أخيرا أخيرا أخيرا قلبه اختار .
رأفت بلامبالاه :
آه واختار مين بقى .
جومانه :
معرفش بالظبط مين هي .. بس أنا بقى سمعته هو وغرام بيتكلموا مع بعض .. والبنت إسمها دالين .
شحب وجهه على الفور وهو يسألها متمنيًا أن يكون ما سمعه غير صحيح :
إسمها أي ؟
جومانه بابتسامة :
داليييين .. إسمها دالين .
كز رأفت على أسنانه بغضب ثم خرج من الڤيلا سريعًا وهو يلعن تحت أنفاسه .. استقل سيارته بسرعة وأخرج هاتفه وأجرى اتصالًا ما .. ثم وضع الهاتف بجانبه وهو يقول بضيق :
لو اللي في دماغي صح .. هتبقى جبته لنفسك يافراس .
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
دلفت غرام للمعرض الكبير الذي ستُعرض فيه لوحات لفنانين كبار .. كانت تسير بثقة ورشاقة .. من يراها يُقسم أنها لم ترى حزنًا في حياتها قط من تلك الإبتسامة الجذابة التي ترسمها على محياها دومًا ..
تقابلت مع مدير المعرض فرحب بها بحرارة وهو يُقدمها لبعض الفنانين الذين سيعرضون رسوماتهم أيضًا في المعرض .
غرام بهدوء بعد أن تبادلت معهم جميعًا السلام :
تشرفت بحضراتكم .
الجميع :
الشرف لينا طبعًا .
المدير :
اتفضلي معايا عشان تشوفي بنفسك المكان .
غرام بابتسامة :
شكرًا جدًا .
لم تكن تنتبه إلى ذاك الواقف عند باب المعرض يراقب تحركها برشاقة بين لوحة وأخرى وابتسامتها .. و آه من ابتسامتها وما تفعله به .. كان يتمنى فقط لو استطاع الدلوف معها محاوطًا كتفيها .. ويريان معًا جميع الرسومات هنا .. لكن أليس لكل شئ حكمة ؟.. يكفي رؤيتها وهي سعيدة بتحقيق حلمها .. حتى لو لم يشاركها إياه .. فسعادتها فقط تكفيه .
تنهد بابتسامة وهو يراها تضحك بخفة مع إحدى العاملات بكل تواضع .. واتسعت ابتسامته وهو يراها تُداعب طفلة صغيرة تحملها والدتها .. تنهد براحة ثم غادر بهدوء كما أتى بهدوء .
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
أنهت بعض الأعمال لديها وقررت الدلوف لمكتب رأفت خلسة .. أخرجت تلك الفلاشة من جيبها تتأكد من وجودها ثم وضعتها مجددًا .. وبالفعل استطاعت الدلوف للمكتب .. وضعت الفلاشة داخل جهاز اللاب توب الخاص برأفت ووضعت إحدي البرامج داخل الجهاز ثم سحبتها بهدوء وخرجت وكأن شيئًا لم يحدث .. وبينما تركض في الممر متجهة للأسفل فإذا بها تصطدم بصدر خشن قوي فترنحت للخلف وكادت تسقط لو لم تستعد توازنها سريعًا .
جحظت عينيها بخوف حينما رأته أمامها .. فتمتمت بخفوت :
د .. دكتور رأفت !!!