اخر الروايات

رواية اسرار الورد كاملة وحصرية بقلم بشري اياد

رواية اسرار الورد كاملة وحصرية بقلم بشري اياد



في حي قديم من أحياء دمشق، حيث البيوت متقاربة والجدران تحتفظ بروائح الزمن، جلس "قيس" في زاوية أحد المقاهي الشعبية، ينهمك في قراءة مستندات قانونية على طاولة صغيرة تتناثر فوقها أوراق الدعوى، وكأنها لوحة ترسم معركته المقبلة.

كانت أنفاسه تتلاحق وهو يقرأ التفاصيل المعقدة للقضية التي وصلته مؤخرًا، قضية قد تكون بداية طريقه نحو تحقيق حلمه كمحامٍ ناجح.

قيس: (يضرب القلم على الطاولة بملل) "يعني معقول؟ شلون بدي بلّش بهالقضية؟ كل شغلة أصعب من التانية!"

لم يكن وحده في المقهى. دخل "ماهر" بخطوات واثقة، مرتديًا قميصًا أنيقًا يناقض تمامًا أجواء المكان البسيط. لمح صديقه قيس من بعيد، وابتسم وهو يتوجه نحوه.

ماهر: (بصوت مرتفع) "قيس! شو عم تعمل هون؟ مفروض هالجدية تكون بمكتبك مو بين فناجين القهوة!"

قيس: (يرفع رأسه مبتسمًا) "ماهر! كنت عم فكر فيك هلق. اجيت بوقتك، يمكن تساعدني بهالمصيبة اللي وقعت براسي."

ماهر: (يجلس على الكرسي المقابل) "مصيبة؟ ههه، شلون بدك مهندس يساعد محامي؟"

بدأ قيس يشرح تفاصيل القضية، وبينما كان يتحدث، كان ماهر يستمع بانتباه، محاولًا أن يجد أي فكرة قد تساعد صديقه.

ماهر: (بعد تفكير) "شوف، يمكن ما أفهم بالقانون، بس إذا بدك نصيحتي... ركّز عالتفاصيل الصغيرة. أحيانًا الحل بيكون مخبأ بشغلة ما منتبه لها."

قيس: (بامتنان) "معك حق. لازم أرجع أقرأ الملف من الأول. بس يا ماهر، هالقضية مو سهلة، بتخص عائلة كبيرة وعلاقاتها الغامضة."

ماهر: (مازحًا) "يعني دراما قانونية؟ إذا احتجت محامي إضافي، لا تنسى تخبرني!"

ضحك الاثنان، لكن القلق ظل في عيني قيس، وكأن شيئًا ما يخبره أن هذه القضية لن تكون عادية.

---

على الجانب الآخر من المدينة، كانت حركة المستشفى لا تهدأ. أصوات أجهزة التنفس وأحاديث الأطباء تتداخل مع خطوات الممرضات السريعة. كان "مجد" يسير في أحد الممرات، يحمل تقارير طبية، وعقله مشغول بأفكار لا علاقة لها بالعمل.

كان يشعر بثقل في قلبه، ذلك الثقل الذي بدأ منذ أن رأى "جوري" لأول مرة في مكتبة المدينة.

مجد: (يتحدث لنفسه بصوت منخفض) "معقول أظل ساكت؟ جوري ما بتعرف شي عن اللي جواتي، ويمكن حتى ما تهتم. بس... شو رح أخسر لو حاولت؟"

بينما كان غارقًا في أفكاره، قاطعته إحدى الممرضات.

الممرضة: "دكتور مجد، في مريضة جديدة بغرفة 305. الدكتور محمد قال لازم تشوف حالتها."

مجد: (يبتسم بخفة) "أكيد، رح شوفها هلق."

دخل غرفة المريضة ليجد امرأة مسنّة تجلس على السرير، تحدّق عبر النافذة وكأنها تحاول الهروب من واقعها. جلس بجانبها، وبدأ يستمع لشكواها.

مجد: (بلطف) "طمنيني، شو اللي عم يزعجك؟"

المريضة: (بصوت متعب) "الدنيا ما بترحم، يا ابني. العمر راح، وكل شي حلو خلص."

كانت كلماتها تضرب وترًا حساسًا في قلبه، وكأنها تذكّره بمدى قصر الحياة وأهمية أن يعيش الإنسان مشاعره قبل فوات الأوان.

---

في مكتبة صغيرة تطل على أحد شوارع دمشق القديمة، وقفت "جوري" بين رفوف الكتب، تمسك برواية قديمة. كانت تبحث عن الإلهام لروايتها الجديدة، لكنها كانت تشعر أن شيئًا ما ينقصها.

جوري: (تحدث نفسها) "يمكن المشكلة فيني... أو يمكن لسه ما لقيت القصة اللي بدي أحكيها."

اقتربت منها "نرمين"، صديقتها المقربة، وهي تحمل كتابًا صغيرًا بين يديها.

نرمين: (مازحة) "شو هالانعزال يا جوري؟ طول النهار بالمكتبة؟"

جوري: (تبتسم بخفة) "المكتبة مو مكان عادي، نرمين. هون بحس إني بعيش حياة تانية."

نرمين: (بفضول) "طيب، وين الرواية الجديدة؟ شو الفكرة؟"

جوري: "ما بعرف. في فكرة ببالي، عن ناس بيكتشفوا إن حياتهم كلها كانت لعبة."

نرمين: (تضحك) "جوري! دايمًا أفكارك سوداوية. بس يمكن هالمرة تكوني محقة."

---

عند غروب الشمس، جلس الجد سليمان والجدة سعاد في الحديقة الخلفية لمنزلهما الكبير. كان المكان يعج برائحة الياسمين، لكن الأجواء بينهما بدت متوترة.

سعاد: (بصوت هادئ) "سليمان، فكرت كتير بالماضي... برأيك كنا صح لما خبينا كل شي عن الأولاد؟"

سليمان: (بتنهيدة) "سعاد، اللي عملناه كان ضروري. الأسرار أحيانًا لازم تظل مدفونة، لأن الحقيقة بتدمّر أكتر ما بتبني."

سعاد: (بقلق) "بس هالسر... رح يطلع، عاجلًا أم آجلًا. ومين رح يتحمل نتيجته؟"

سليمان: (بحزم) "إذا صار وطلع، نحن اللي رح نواجهه. بس لهلق، خلينا نحمي العيلة."

---
تكملة البارت الأول

---

في نفس الليلة، كان "أمير" يتجول في الأزقة القديمة للمدينة، يحمل كاميرته، يلتقط صورًا للحياة اليومية. كان يحاول أن يجد إلهامًا جديدًا لمعرضه القادم، لكن ذهنه كان مشغولًا.

بينما كان يلتقط صورة لواجهة متجر قديم، لمح شخصًا مألوفًا يقف عند ناصية الطريق. كانت "جوري"، تمشي بهدوء وكأنها تحاول الهروب من العالم.

أمير: (يناديها من بعيد) "جوري! معقول؟ شو عم تعملي هون بهالوقت؟"

التفتت جوري نحو الصوت، ابتسمت برقة عندما رأت أمير.

جوري: (بابتسامة خفيفة) "أمير! صدفة غريبة... كنت عم أمشي شوي، بحس الليل عنده أسراره هون."

أمير: (يقترب منها) "المدينة كلها أسرار. بس أنتِ... شكلك ضايعة بشي فكرة؟"

جوري: (تنظر بعيدًا) "يمكن... كنت عم فكر بالرواية الجديدة. بس كل ما لاقي فكرة، بحسها ناقصة."

أمير: (يمسك كاميرته) "تعرفي شو؟ أحيانًا الصورة هي اللي بتلهم الفكرة. تعي، خلي نتمشى، يمكن نلقى شي يلهمك."

سارا معًا في الشوارع الضيقة، حيث الهدوء يلف المكان. كان هناك نوع من الراحة في وجودهما معًا، رغم أن كلًا منهما يحمل داخله مشاعر مختلطة.

---

في وقت متأخر من الليل، عاد قيس إلى مكتبه بعد أن أمضى ساعات في المقهى. أشعل المصباح المكتبي، وجلس يتصفح الأوراق مرة أخرى.

كان الهدوء يعم المكان، لكنه شعر أن هناك شيئًا غير طبيعي. فجأة، دخل "إياد" إلى المكتب، مرتديًا معطفه الطويل، وابتسامة ساخرة تعلو وجهه.

إياد: (بمزاح) "شو يا أستاذ؟ سهران عالقانون ولا عالأسرار؟"

قيس: (يرفع عينيه بابتسامة) "إياد! شو جابك لهون بهالوقت؟"

إياد: (يجلس على الكرسي المقابل) "سمعت إنك ماسك قضية كبيرة. قلت لحالي لازم أجي شوف إذا فيني ساعد بشي."

قيس: (يتنهد) "القضية معقدة، وبتخص عائلة معروفة. المشكلة إنه في أسرار كبيرة خلف الدعوى، وأنا خايف إذا فتحت الملف، ما فيني أرجع."

إياد: (يضع يده على الطاولة) "أحيانًا الحل بيكون بالجرأة. إذا بدك نصيحتي... لا تخاف تفتح الملفات، لأنه الحقيقة بتتحمل أي شي إلا الكتمان."

---

في منزل صغير يطل على الحديقة، جلست "نرمين" أمام البيانو، تحاول عزف لحن قديم يذكرها بطفولتها. لكن أصابعها كانت تتوقف بين النغمات، وكأن الذكريات تمنعها من المضي قدمًا.

بينما كانت تعزف، رن هاتفها فجأة. كان المتصل "أسد".

نرمين: (ترد بارتباك) "أسد؟ شو صار؟ ليش عم تتصل بهالوقت؟"

أسد: (بصوت جدي) "نرمين، في شي لازم أحكي معك فيه... ضروري."

نرمين: (بتوتر) "خير؟ صاير شي؟"

أسد: "ما رح أقدر أحكي عالتلفون. رح أجي لعندك هلق."

لم يكن أسد من النوع الذي يطلب لقاءات مفاجئة، مما جعل نرمين تشعر بالقلق. أغلقت الهاتف وجلست تفكر في السبب الذي جعله يبدو متوترًا إلى هذا الحد.

---

في منزل العائلة الكبير، كان الجد سليمان يجلس في مكتبه الخاص، يحدق في صندوق خشبي قديم ويدخن غليونه. كان الصندوق يحمل ذكريات تعود لعقود، لكنه كان يعرف أن ما بداخله قادر على تغيير كل شيء.

فتح الصندوق ببطء، وأخرج منه مجموعة من الرسائل القديمة وصورة تجمعه مع أشخاص لم يرهم منذ سنوات.

سليمان: (يحدث نفسه) "لو كانوا بيعرفوا الحقيقة... لو بيعرفوا كيف بلشت هالقصة... يمكن كانوا رح يكرهوني."

تردد للحظات، ثم أعاد الرسائل إلى الصندوق وأغلقه بإحكام.

---يتبع...



الثانيم هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close