اخر الروايات

رواية حان الوصال الفصل الخامس والاربعون 45 بقلم أمل نصر

رواية حان الوصال الفصل الخامس والاربعون 45 بقلم أمل نصر




الفصل الخامس والأربعون
"تعيش الروح بين متناقضات الحياة، حيث ينبض الأمل من بعيد، وتواجهنا التحديات التي تقف أمامنا كجدران صلبة لا تنكسر بسهولة. ولكن، ورغم كل الصعوبات، يظهر دائمًا خيط رفيع من الأمل، ليذكرنا بقدرتنا على التغلب. في كل خطوة نخطوها، نتعلم شيئًا جديدًا عن أنفسنا وعن الحياة. فالفصول تتعاقب، وتختلف أحداثها، ولكن هناك دائمًا دروس مخفية في كل لحظة. ما يجعلنا أقوى هو تمسكنا بالإيمان، والأمل في غدٍ أفضل، مهما كانت الظروف."
اهداء الادمن الجميلة/ سنا الفردوس
❈-❈-❈
بوق السيارة الذي كان يصدح صوته في الخارج دون توقف، بإزعاج أثار استياء إيهاب، الذي كان يستعد للذهاب إلى جامعته، لينفخ بضيق وتأفف وهو يخرج من غرفته مناديًا النجدة:
يا صباح يا عليم يا رزاق يا كريم، حد ينبه صاحبنا يوقف لعب العيال بدل ما أخرج له أنا وأعملها خناقة على أول الصبح.
سارعت بهجة بالتلطيف معه:
أنا مخلصة وجاهزة وخرجاله حالًا يا إيهاب، بربط بس شعر عائشة.
ومتربطش هي ليه؟ إيدها مشلولة ولا لسة نوغة؟
قالها بضيق نحو عائشة التي لم تسكت كالعادة:
بعد الشر يا روحي ما أبقى مشلولة، بهجة بتعمللي شعري عشان أنا بحب كده.
حبك برص يا أختي.
صوت استنكار صدر منها عقب تقليده لها بسخرية امتزجت بغيظها، لتتوجه بقولها نحو بهجة التي أصابها التعب من مناكفتِهما، بالإضافة لاستعجال الآخر بعدم رفع يده عن بوق السيارة:
عاجبك كده يا بهجة؟ يعني لما يخرج مني لفظ مش كويس ناحية صاحبنا ده، هيسكت ولا هيلم نفسه ولا هتجيبي انتي اللوم عليا.
لا يا قلبي لا عليكِ ولا عليه، أهو خلصت القوطتين زي ما بتحبي.
وختمت بقبلة أعلى رأسها، لتذهب إلى غرفتها سريعًا تتناول حقيبتها، فكادت أن تصطدم بشقيقتها جنات التي كانت خارجة من المطبخ بصينية الشطائر التي أعدتها على عجالة للإفطار، وقد كادت أن تقع منها لولا انتباهها:
حاسبي يا بيبو... لا إخواتك الغلابة ما يلقوش حاجة يفطروا بيها.
طالعتها بأسف حتى همّت أن تتوقف وتسايرها المزاح، لولا الصوت المزعج الذي دوى فجأة، لتنتفض وتتركها نحو طريقها، ثم تخرج في أقل من ثوانٍ تلوّح بكفيها:
طيب أنا ماشية، ولو في أي حاجة اتصلوا عليّ، وانتي يا جنات ما تسيبيش عائشة غير وهي داخلة باب المدرسة.
طب مش هتفطري؟
هتفت بها جنات لتعطيها الرد وهي تخرج من المنزل دون أن تلتفت إليها:
هبقى أفطر في الجمعية. سلام بقى.
سلام.
تمتم بها إيهاب، يتبعها حتى وقف خلف السور الصغير الفاصل بين مدخل المنزل والحديقة في الأسفل، يتبعها بأبصاره حتى وصلت إلى هذا المتعجرف، والذي كان متكئًا على سيارته بخيلاء واعتدل كي يستقبلها بقبلة على جانبي وجهها، قبل أن يلتفت إليه ملوّحًا بكفه. فكان رده ابتسامة صفراء، تظهر المزيد من الحنق لأفعاله.
أما الآخر فبادله بابتسامة سمجة، ثم التف ليأخذ مكانه خلف عجلة القيادة كي يتحرك مغادرًا بشقيقته، ليعقب إيهاب في أثره:
ده مكانش أسبوعين دول اللي هاخدهم فوق دماغي، الله يسامحك يا شادي.
❈-❈-❈
أما بداخل السيارة التي كانت تقل الاثنين، كان الحديث الدائر بينهما:
إيهاب كان على تكة واحدة ويخرج يتخانق معاك، أنت كنت مزودها أوي النهاردة يا رياض.
قابل نقدها بعدم اكتراث وتحدي:
ما أنتي لو كنتِ خرجتي من أول مرة رنيت فيها مكنتش أنا زمرت بالغربية ولا عملت قلق.
ضحكت تضرب كفًا بالآخر بعدم استيعاب:
تعمل قلق عشان بس اتأخرت عليك! يا نهار أبيض يا جدعان! دا كدة إيهاب كان عنده حق لما قال شغّل عيال صغيرة.
مش هو اللي اتشرط وعَاند معايا بالاتفاق مع الغضنفر ابن عمته، وخلاه يأجل فرحنا أسبوعين،خليه بقي ينفعه.
سمعت تردد من خلفه بدهشة لا تتوقف، كلما لمست منه ذلك الجانب الصبياني الذي كان متخفيًا خلف ستار الوقار والجمود:
قلت بنفسك أسبوعين يا حبيبي، أسبوعين يعني يخلصوا في غمضة عين يا رياض، بس أنت قلبك أسود، حاططهم في دماغك مع إنهم ما طلبوش كتير ولا طلبوا أي حاجة صعبة، دول يدوب أسبوعين على قد التجهيزات السريعة كمان
رمقها بنظرة فهمت عليها قائلاً:
بلاش تلاوعي معايا يا بهجة، عشان أنتِ عارفة كويس إني مستعد أستنى شهر ولا شهرين كمان على ما يجهز الفرح اللي أنتِ عايزاه...
بس أكون في بيتك ومعاك!.
أضافت بها على كلماته ضاحكة لتضاعف من حنقه، ثم تسارع في التلطيف معه وكأنها تهادن طفلاً صغيراً:
رياض أنا بهزر معاك، بلاش التكشيرة دي الله يخليك، دا إحنا حتى لسه في أول الصبح.
بلاش تقولي الكلام دا عشان أنا على آخري.
حاضر.
تمتمت بها بطاعة وابتسامة رائعة تزين محياها، حتى كاد هو الآخر أن يفعل ولكنه استطاع رسم الجمود،
لتعود مردفة:
طب أنت علي كدة تنساني خالص بقى النهارده، يا تستنى أتصِل أنا بيك بالليل، عشان هخرج بدري من الجمعية أروح على صفية أجهز معاها وأقف جنبها في كتب كتابها، زي ما هي وقفت جنبي.
نطقت الأخيرة بغصة مريرة شعر بها هو الآخر، يتذكر الفرق الشاسع بين الاثنين، ليعود بذهنه لتلك المشاجرة الأخيرة التي كادت أن تنهي ما بينهما على الإطلاق:
مش ناوية تحكيلي بقى عن خناقتك مع اللي اسمها نادين؟ اطمني مش هأذيها، أنا بس عايز أعرف هي قالت لك إيه؟
تبدلت ملامحها من العبث والشقاوة إلى حزن، وانكمش حاجباها بضيق شديد تعيد الرفض:
وإيه لزوم إني أقول ولا أعيد، خلاص اللي حصل حصل وأنا نسيته، دول آخرهم كلمتين ماسخين زيها، المهم بس تلم نفسها، وتخف وتبطل تاخد آدم حجتها.
إن كان عليها، أنا إن شاء الله هلاقيلها صرفة، المهم أنتِ، أنتي فعلاً شايفاهم كلمتين مش مستاهلين، ولا نسيتيهم؟ ع العموم حاضر يا بهجة، أنا مش هزن تاني، وهانتظرك برضو تيجي تقوليلي بنفسك... لما تفتكري.
لما أفتكر.
تفوهت بها وكأنها لا تبالي أو هي بالفعل لا تذكر، لكن رأسها يستعيد كل ما حدث...
، من بداية دخولها المنزل والقاء بها، ثم التعرف على آدم وذلك الحديث الذي دار بينهم، عقب التلميح السافر من الأخرى.
أفندم، وانتي مالك بقى إن كنت مراته في السر ولا في العلن؟ هو فين رياض أصلاً؟ يا رياااض.
وتحركت أقدامها للصعود مواصلة النداء باسمه، والأخرى لحقت بها، حتى دلفت داخل غرفة نومه:
رياض انت فين؟
مش موجود يا حلوة،
بقي دا كله دا ولسه مفهمتيش؟
تفوهت نادين بهذه الكلمات مستندة بكتفها على إطار المدخل، تتابع بمكر:
الباشا أخد دش ولقمة ع السريع، وبعدها لبس وراح شغله، أمال بقى عاملة نفسك مراته إزاي وانتي حتى ما تعرفيش خط سيره.
كانت تنتقي كلماتها بذكاء شديد حتى تصيب هدفها بقلب بهجة التي اشتعلت زمردتيها بغضب عاصف، لتهتف ردًا عليها:
مش واخدة بالك إنك مزوداها بتلميحاتك المستفزة، أنا مراته ولا مش مراته، أعرف خط سيره ولا ما أعرفش، انتي مالك؟ انتي آخرك هنا تشوفي ابن أختك بكل أدب وبعدها تروحي، مش تردي على تليفون صاحب البيت وتبرطعي في غيابه ولا كأنه بيتك.
برقت عينيها تدعي الدهشة لتسخر ضاربة بيدها على صدرها:
يا لهوي، وكمان بتتشرطي عليا، دا على أساس إنك صاحبة البيت فعلاً.
توقفت تقرب وجهها منها متابعة بفحيح:
ما تزعليش مني، أصل انتي لو صحيح مالية مركزك بجوازة على حق من الباشا اللي معلق صورك في أوضته، كان أكيد أول واحد هيعرف يبقى آدم ابن أختي، ما كنتش أنا هاجي ألاقي مكانك خالي في بيتك، ما كنتيش هترني على الجرس عشان أنا اللي جوا البيت أفتح لك تدخلي.
تشعر بسم الكلمات يخترق جدار كرامتها، هذه الملعونة تغرز أظافرها بكل قسوة داخل الجروح المفتوحة، دون رحمة، ليحل بها صمت مطبق تستمتع لصوت الواقع المرير من فم تلك المرأة.
سكوتك ده يا بهجة يأكد فعلاً إني بقول كلام صح، على العموم رياض باشا حبوب وزي القمر، دا غير إنه قاعد لوحده وشيء طبيعي يحتاج لواحدة ست على ما ربنا يفرجها عليه ويلاقى بنت الأصول اللي تليق بيه، ويتشرف بيها قدام الخلق، أنا لو منك أمسك في الفرصة بإيدي وسناني، حتى لو طلب مني جوازة في السر أو... شكلكم ضاربين ورقتين عرفي صح؟
سمعت بهجة بالأخيرة لتستفيق من سباتها وكأنها قد تلقت صفعة، لتزأر كلبوة شرسة نحوها:
الورقة العرفي اتعملت لأشكالك يا حيوانة، ما هو واحدة بدنو أخلاقك دي، شيء طبيعي تفكر كل الناس زيها، أوعي من قدامي يا حقيرة يا منحلة أوعي.
ورفعت قبضتيها تضربها على صدرها حتى ابتعدت من أمامها تتأوه بتوجع ووعيد:
آآآه، وبتضربيني كمان، طب وربي المعبود لا أكون قايلة للباشا اللي خلاكي عيشتي الدور وافتكرتي نفسك ست بحق، وربنا مانا ساكتة على الإهانة دي.
تركتها بهجة تهذي بالوعيد والسباب عليها، دون أن تلتفت برأسها حتى نحوها، فقد كانت بحالة من الانهيار، تنتظر فقط الإشارة للوقوع، لتواصل طريقها نحو الخروج من المنزل، مقررة إنهاء كل شيء، لتطوي الصفحة كاملة بلا عودة، وحتى لا تتراجع أو تضعف قررت الذهاب إلى ابن عمتها شادي لتوكله بتلك المهمة، مهمة إنهاء هذا الأمر.
بهجة انتي نمتي؟
وصلها الصوت الرخيم لينتشلها من تلك اللحظات الموجعة، تتأمل ملامحه الجميلة الجادة وهو يقود السيارة بولَهٍ وعشق.
بعد أن تبدل قدرها في لحظات وفرحتها الكبيرة بالاقتران به باتت على وشك الحدوث.
❈-❈-❈
داخل المصنع
كان يسير بخطواته المتسعة داخل الطابق الذي يضم مكتبه، ليمر في البداية على مكتب السكرتيرة الجديدة، والتي انتقاها بجدية كي تحل محل لورا، تلك الفتاة التي كانت ممتازة في كل شيء، وكان عيبها الشديد هو رغبتها الغبية في الارتباط به، وتدبير المؤامرات لذلك، حتى ذهبت تحمل جرحًا بقلبها حينما علمت أنه لا فائدة مرجوة منه.
ألقى بالتحية نحو الفتاة قبل أن يصل لغرفته:
صباح الخير يا منيرة.
صباح الخير يا فندم، أستاذ كارم في انتظارك جوا بقاله فترة.
أجابت بها الفتاة ليقطب حاجبيه باستغراب حتى دلف إليه داخل المكتب، متحدثًا بمرح:
فاجأتني يا كارم والله بحضورك، مش بعادة يعني تيجي بدري كده؟
ضحك المذكور، يلملم في الأوراق التي كان يراجعها، لينهض عن كرسي المكتب، يجاريه ويقابله في الجلسة على الأريكة الجانبية في الغرفة:
طب أعملك إيه؟ وانت مقضيها دلع من دلوقتي، حتى قبل ما تعمل فرحك ولا تروح شهر العسل. أنا بحاول من دلوقتي يا برنس عشان ما اتزنقش لما تسافر انت، وأشيل لوحدي.
رمقه بإعجاب مرددًا خلفه:
والله انت اللي برنس، مفيش حاجة تفوتك أبدًا. عارف يا كارم، أنا لو معايا كام واحد زيك كده أسيطر على سوق الشرق الأوسط كله.
عقب كارم بتحفيز:
يا باشا هيحصل بإذن الله، بس الحكاية محتاجة شوية وقت مش أكتر. المهم، انت أخبارك إيه؟ وأخبار فرحك اللي قرب؟ وقبل كل حاجة أنا عايز أعرف منك، انت ناوي تعمل إيه مع آدم؟ هتسيبه مع خالته، ولا الست الوالدة هتتكفل بيه؟
أسئلة مهمة، تلك التي طرحها وقد كانت هذه الأسئلة أيضًا هي ما تشعل رأس الآخر، ليتنهد بتعب قائلًا:
والله ما أنا عارف أقولك إيه؟ والدتي، انت عارف طبعًا مفيش أحن منها، بس أنا مش عايز أفرض آدم عليها نظرًا لصعوبة الوضع. صفة الشبه الشديد اللي بتجمع بين آدم والسيد الوالد، ممكن تبقى عامل هايل وممكن تبقى بشكل سيئ، خصوصًا وهو بيمثل لها كل الذكريات السيئة. ومن الناحية التانية، الزفتة نادين اللي لازقة للولد وبتعلقه بيها، أنا شايف إنها هتبقى سبب كبير في وجود مشاكل بيني وبين بهجة. لذلك أنا محتار أعمل إيه معاها، نفسي أديها على دماغها وفي نفس الوقت خايف أخسر آدم لو منعته عنها أو هي نفخت في دماغه ناحيتي. أنا خدت المغرز ده قبل كده يا كارم من أختها، وخسرت أبويا. مش عايز كمان يتكرر وأخسر أخويا.
أممم.
تمتم بها الأخير بتفكير متعمق، بتفهم شديد لتلك المعضلة التي يقع بها شريكه وصديقه، حتى اهتدى إلى فكرة ما:
عارف يا رياض، اللي زي نادين دي حلها إيه؟
لايمني عليه الحل ده الله يخليك.
قابل كارم رجاء صديقه بنبرة مطمئنة:
لا، أنا مش هلايمك عليه دلوقتي. أمخمخ بس وأرتبها في دماغي وأقولك عليه، أو أفاجئك أحسن.
❈-❈-❈
بداخل إحدى المقاهي الشعبية التي أصبحت ترتادها معه، وفي تعمق لتلك العلاقة أو الصداقة التي تجمعهما منذ فترة، تستمتع بالجديد عليها في كل شيء معه.
تحبوا تشربوا إيه يا بهوات؟
توجه بها النادل نحوهما مرحبًا بهما بحبور،
بإبتسامة ودودة، ردت تسبقه لورا بالإجابة:
أول حاجة عايزة شيشة...
قاطعها سامر معقبًا بدهشة:
إيه شيشة! شيشة يا بنت الحسب والنسب؟
ضحكت تومئ برأسها، متابعة مع النادل:
وواحد قهوة كمان، عايزة أجرب قهوتكم.
من عنينا الجوز يا هانم، أحلى شيشة وأحلى قهوة. وانت يا باشا؟
تبسم سامر متفكهًا في إجابة النادل:
يعني هي هتطلب شيشة وأنا هطلب ليمون مثلًا؟ نزل زيها يا عم الحج، شيشة وقهوة،ولا أقولك شاي ، عشان شارب قهوة كتير النهارده.
من عيوني.
قالها النادل بابتسامة، ليذهب بحماسه أمامه، فتعلق لورا في أثره:
عاجبني أوي الحماس اللي بيتكلم بيه، ولا الحيوية في المكان كله، حاجة كده بتنبض بالحياة وصخب المدينة، أنا بفرح أوي بالأماكن دي. مرسي أوي سامر.
توجهت بالأخيرة بامتنان نحوه، لتثير بفمه ابتسامة عابثة:
افضلي كده أشكري وفخمي فيا على مشاوير تافهة أنا بعملها كل يوم، يا بنتي محسساني إنك جاية من القمر.
استجابت بضحكة رقيقة في ردها له:
ماشي يا سامر، اتريق عليا براحتك. بس اللي أنت شايفه تافه ده، في غيرك شايفه حاجة مهمة وكبيرة أوي. واحدة زيي طول عمرها متعودة على الوحدة وشايفة إن دي الحياة الطبيعية. شيء طبيعي لما تختلط وتشوف الواقع بمنظور تاني تبقى تحب الزحمة والإزعاج. يمكن أكون ببالغ، بس أنا بعبر عن اللي حاسة بيه.
رمقها بصمت وتأثر، لعلمه الأكيد أنها تصيب الحقيقة دائمًا، وكم يسعده ذكرها لكل ما تشعر به أمامه دون خجل أو مواربة. ولكنه أيضًا لا يريد الوقوف عند هذه النقطة، يطمع في المزيد من القرب، وكيف تأتيه الجرأة لذلك.
سرحان في إيه يا عم؟
أفاق من شروده على طرطقة بأصبعيها أمام وجهه، ليستجيب مبتسمًا لفعلها:
يا ستي وما أَسْرَح على كيفي، هو انتي مراتي؟
وكأنها فهمت تلميحه المبطن، لاح الخجل على محياها لتردد باضطراب، وضح جليًا في قولها:
لا يا سيدي، لا سمح لها. أسرح براحتك. المهم استعجلنا الولد اللي أخد الطلبات يجيب الشيشة. ولا أنده أنا... جرسون! فين اللي طلبناه؟
❈-❈-❈
داخل منزل خميس، حيث كان يتولى اليوم مهمة تصليح غسالة الملابس، حتى لا يدخل المنزل رجل غريب في غياب رجاله، ونظراته لا تكف عن العبث نحو تلك التي كانت تتعمد الميوعة أمامه، رغم ادعائها التجاهل والعبوس، تتركه لوالدتها تأكل رأسه بالثرثرة بأحاديث لا تتوقف، وهي تشعل رأسه بالذهاب والإياب أمام عينيه المتصيدة.
الخاين الدون، نسي عشرة العمر وراح لواحدة قد عياله يتجوزها وتلهف منه فلوسه. الفلوس اللي تعبت وشقيت فيها معاه! بقى دي جزاتي؟ دي جزاتي يا طلال يا بني؟
معلش يا حماتي، بكرة ربنا يهديه ويرجعلك لما يعرف قيمتك.
تمتم يراضيها بها على مضض، رغم عدم اقتناعه، وهي تواصل ادعاء المظلومية:
دا حتى سؤال بطل يسأل علينا، ولا يشوف محتاجين إيه؟ والعيال على حطة يدك، كل واحد ليه دنيته. اللي مراته شغلاه بعيا ابنها، واللي طالع على رأسه بيلف ورا بنت البهوات. وأما أقوله اتجوزها، يقولي أنا فين وهي فين؟
طب لما هو كده ماشي معاها ليه طيب؟!
أكيد هو أدرى يا حماتي، ومدام مستريح يبقى إحنا ما يلزمناش نتدخل في خصوصياته.
قالها يلقي إحدى الأدوات التي يعمل بها على الأرض بضيق، لتقع أبصاره على الأصابع المطلية خارج الخُف البيتي، والأقدام البيضاء المكشوفة منه أسفل العباءة الضيقة، والتي لا يمل من تحديد تفاصيلها كلما رآها، وقد أتت الآن بحجة جديدة:
الشاي يا مّا زي ما طلبتي... ليكي انتي والمعلم.
تبطأت في الأخيرة لتثير بزاوية فمه ابتسامة كسولة في متابعتها والرد عليها:
من إيد ما نعدمها يا سامية.
حطيه هنا يا بت.
قالتها درية تشير على المقعد البلاستيكي القريب من مدخل الحمام، حيث كانت جالسة بالقرب منه، تردف بأمر:
روحي كملي طبيخك.
وانتي بقى اللي هتفضلي قعدالي؟
صدرت منه نحو درية بسخط، يجفلها بحدته حينما لم تستوعب الأولى:
ما تقومي يا حماتي شوفي انتي الطبيخ اللي وراكي، ولا هتفضلي اليوم كله موقفة حالك قصادي؟
أنا يا بني؟
أمال أمي يعني؟ قومي، وأنا لما أحتاج حاجة هبقى أندهلك.
أومأت رأسها بصدمة تزعن لأمره:
حاضر يا بني، حاضر.
وذهبت من أمامه، ليتوجه هو بأبصاره نحو خطيبته أو زوجته المستقبلية، يأمرها هي الأخرى:
وانتي تعالي دخلي الغسالة دي جوا الحمام.
تخصرت باعتراض تقارعه بغرض استفزازه:
ليه بقى إن شاء الله؟ المعلم ما يقدرش يحركها، ولا يدخلها لوحده؟
قلد طريقتها بتسلية يميل ويتخصر هو الآخر:
لا، مقدرش أحركها يا سنيورة... حاكم تعبان، دا غير إن أعصابي سايبة، ورجليا شايلاني بالعافية.
وصلها المغزى الذي يقصده، ولكنها ادعت عدم الفهم، تزيد بمصمصة شفتيها:
أما دي حكاية والله! صعبت عليا يا معلم شيكاغو. على العموم أنا هساعدك عشان تعبك معانا في التصليح وتعطيلك عن مصالحك.
قالتها وتحركت أمامه لتساعد بتحريك الغسالة، فعقب هو يتأملها عن قرب بجرأة:
تسلمي يا غالية صاحبة واجب.
أبصر منها ابتسامة تحاول إخفاءها، ليتنشي داخله في متابعتها وهي تحرك الغسالة الثقيلة، يشجعها بضمير:
براحة، براااحة يا سامية. على أقل من مهلك خالص، لا دراعك ينخلع، ولا ضهرك... يحصل فيه طقطقة.
استقامت تطالعه بتحدي:
لا، متخفش. أنا شديدة وعفية أوي يا معلم شيكاغو.
تبسم بوسع فمه قائلًا، وقد أعجبه ردها:
وانتي لو ضعيفة، أنا كنت بصيتلك أصلًا؟ شرسة وقوية، دا اللي عاجبني فيكي.
❈-❈-❈
وبعدين بقى في قلة النوم
واليوم الملخبط ده ،ده
في حد يحب كده من يوم
ويتعلق بكده الله
شاغلني قوي ونسيت اسمي،
وأنا اللي فيه ده جنان رسمي،
شاغلني قوي ونسيت اسمي
وأنا اللي فيه ده جنان رسمي
ثواني ورماني في بحره ومليش في العوم
(وبعدين بقى في قلة النوم (بعدين
(واليوم الملخبط ده (ده
في حد يحب كده من يوم
ويتعلق بكده الله،
تلك الأغنية التي كانت تدوي بصخب على أسماعها، داخل البيت المزدحم عن آخره ببشر تعرفهم وآخرين لا تعرفهم، وهي بداخل غرفتها الآن أمام مرآتها تتأمل نفسها.
هذا يومها، هذا يوم خطوبتها الموعودة لهذا الشخص الغريب عنها، والذي فُرض عليها فرضًا.
تتطلع إلى المرآة بصورتها الجديدة بعد تزيينها ووضع المساحيق على وجهها بحرفية. لطالما كرهت هذه الأشياء لظنها الأكيد أنها لا تليق بها، ولكنها اليوم تشعر أنها مختلفة، جميلة كما سمعت من الجميع. ومع ذلك لا تنكر توترها، هذه الخطوة وهذه الأشياء الجديدة، لا تدري كيف ستتعايش معها.
صفية، زهرة جت.
وصلت إلى أسماعها على حين غرة من إحدى شقيقاتها الصغار حينما اقتحمت الغرفة دون استئذان لتجفلها، ثم تركض عائدة كما ذهبت لتضع هي يدها على قلبها متمتمة:
يخرب بيتكِ، خضتيني.
هي مين اللي خضتك يا بنت؟
هتفت بها زهرة تلج بمرح إلى شقيقتها، ثم تتقدم نحوها بفرحة طاغية:
مبروك يا سيادة المحامية، مبروك يا روح قلبي.
قابلت غمرتها باحتياج شديد، وكأنها كانت تبحث عن شيء ضائع ووجدته الآن:
حبيبتي يا زهرة، أنا كنت مشتاقالك أوي.
شعرت الأخيرة بارتجافها، لتنزع نفسها عنها، ثم تمسك كفها وتجس حرارتها لتصيح بها بدهشة:
إيه يا بنت؟ إيدك متلجة كده ليه؟ دي خطوبة مش دخلة يا منيلة.
وكتب كتاب، ولا نسيتي أن أبوكي ورطني وقبِل باقتراح الزفت خطيبي؟
قالتها بنبرة ساخطة تُظهر احتجاجها الشديد، مما ضاعف من تسلية زهرة التي سخرت تمازحها:
زفت من دلوقتي يا أستاذة؟ أمال بعد الجواز هيبقى إيه؟ هتقطعوا بعض بقى.
عبست صفية تترك يدها لتجلس على مقعدها ببؤس مرددة بإقرار:
ممكن، ليه لأ؟ أنا حاسة إنه ممكن يحصل. صدقيني لما تشوفيه أو تتكلمي معاه أكيد هيوصلك الإحساس ده.
سمعت منها لتصدح ضحكاتها معقبة على قولها بذهول:
طب وربنا أنا اشتقت أشوفه من كلامك. ده شكله عريس عسل اللي مبرجلك ومجننك يا سيادة المحامية.
أنا محدش يقدر يبرجلني ولا يجنني، خلي بالك من كلامك يا زهرة.
هتفت بها بانفعال ضاعف من دهشة شقيقتها، وجاء التساؤل من بهجة التي دلفت الغرفة لتنضم معهما:
إيه في إيه؟ صوتك جايب آخر الشارع يا بت... إيه ده؟ زهرة؟
قالتها لتَركض نحو المذكورة، والتي قابلتها بلهفة، يتبادلان الأحاديث الودية والأسئلة الروتينية حتى انشغلتا عنها.
وصلتني دعوة فرحك يا بت يا بهجة. وديني لحضر أنا وجوزي وولادي ونطفش طنط بهيرة، سمعت إنها خالة عريسك.
آه، هي فعلاً خالة رياض، بس واضح إنك بتحبيها أوي يا زهرة.
أوووي! مش قادرة أوصفلك بصراحة. أصلها ست في منتهى التواضع والرقة والذوق.
عارفاهم أنا الرقة والذوق دول ومجرباهم.
قالتها بهجة في استجابة واضحة لسخرية زهرة التي كادت أن تتابع مزاحها لولا صيحة صفية:
خلاص لقيتوا نفسكم في الرغي مع بعض وأنا العروسة بقى اتفلق، اتفلق أنا بقى...
قطعت ترهف السمع متابعة:
إيه الصوت ده؟ ده جاي من برا صح، مش من بيتنا؟
الحقي يا صفية شوفي عريسك عاملك تحت إيه في الشارع.
صدحت والدتها بالكلمات وهي تدلف إليهن بلهفة لتقودهن نحو النافذة:
تعالي يا زهرة، تعالي يا بهجة، تعالي يا منيلة، شوفي عريسك اللي عامل قلبان في الشارع.
قلبااان؟
تمتمت بها لتنضم على الفور بجوارها خلف النافذة، تشاهد منها العرض الاستثنائي لخطيبها المزعوم، وهو يدلف المنطقة على أقدامه والسيارات تسير من خلفه، بصحبة عدد من الرجال أصدقائه والدخان الملون حولهما في أجواء مبهجة تلفت أبصار جميع من يشاهدها. يمسك بباقة الزهور يلوح لها بقبلة في الهواء وأصوات الزغاريد من النساء كتحية لهم، تستمر بلا توقف، لتردد هي ببؤس:
يا ابن المجنونة، دي زفة دي ولا فضيحة؟
❈-❈-❈
بعد قليل
خرجت أخيراً من غرفتها بخطوات بطيئة وحياء غلب عنادها وتلك الروح المتمردة التي تشهرها أمام الجميع، برفقة بهجة التي كانت تشجعها وزهرة شقيقتها الكبرى التي تركت لعفويتها العنان في التعبير عن فرحتها بشقيقتها، تهلل وتطلق الزغاريد بصوت عالٍ تنافس السيدات المخضرمات في هذا الشأن.
ولماذا قد تعطي بالاً لأحد؟ وزوجها حبيبها يرحب فرحاً بأفعالها، وقد كان حاضراً هو الآخر ليحضر عقد قران شقيقتها الصغرى.
كانت الصالة ممتلئة بعدد الحضور المقربين من العائلتين، أهل العريس من والديه وإخوته وعدد من الأصدقاء.
بضيافة أهل العروس المتمثلة في والديها وخالد الذي كان شاهداً اليوم وزوجته المحامية نوال قدوتها هي وبهجة، أما رقية فقد أشرق وجهها فور انتباهها لها، ففتحت ذراعيها بدعوة صادقة تلقفتها صفية لترتمي في حضنها، فاطلقت الأولى كلماتها بتهليل:
يا ألف هنا يا ولاد، البت المفعوصة كبرت وبقت عروسة.
الله يسامحك يا رقية، كل ده ومفعوصة؟ قالتها صفية ضاحكة وهي تغادر حضنها بصعوبة لتتلفت، ثم تصافح على خجل باقي الحضور حتى استقرت في مكانها لتجلس بجوار عريسها المستقبلي، والذي كان ملتزماً الأدب أمام الجميع، ومعها هي أيضاً، غير تلك الجملة المبهمة التي همس بها بصوت خفيض في أذنها أثناء بدء رجل الدين في مراسم عقد القران:
خليكي جاهزة أول ما يخلص المأذون على طول.
جاهزة لإيه بالضبط؟ قالتها بعدم فهم، ولم تعِ لبلاهتها أو تفهم مقصده، حتى حينما غمّز بعينه بحرص لم يلحظه إلا القليل، لتمر لحظات عقد القران سريعاً، وتوقع هي إمضاءها على العقد الذي يربطها به، حتى إذا انتهوا أطلقت زغاريد عالية من بعض النساء، نهض هو من مكانه واقترب منها، وعلي حين غرة وجدته يجذب كفها التي امتدت لتصافحه، اعتقدت أنه قد جاء ليصافحها ويبارك لها، لكنه ضمها إلى صدره واحتضنها بجرأة جعلتها تشهق مجفلة لفعلته، فكان رده بثبات:
اهدي يا أستاذة، أنتي خلاص بقيتي عروستي على سنة الله ورسوله، أبوكي نفسه ما يقدرش يمنعني.
بارتجاف حاولت بصعوبة السيطرة عليه:
ابعد الله يخرب بيتك، إيه اللي بتعمله ده؟ يا دي الفضايح.
لم يسمع لها واستمر مشدداً عليها بين ذراعيه:
اهدي يا أستاذة، لا يطلع منظرك وحش قدام اللي بيصوروا.
قصد بالأخيرة الفتيات الصغيرات واللواتي تفننَّ بكاميرات الهواتف الخلابة لتسجيل المشهد الرومانسي بحالمية ارتسمت على وجوههن، وسط ترحيب العديد من الحضور، ليزيد من صعوبة الأمر عليها، وقد استغل الزخم أفضل استغلال، حتى تركها، وتأمل ملامحها التي لونها الأحمر القاني رغم وجود المساحيق التجميلية، وذلك نتيجة خجلها، حتى إنها لم تكن قادرة على مواجهة عينيه رغم غضبها الشديد منه.
لتحاول الثبات في تلقي المباركات والتهاني من باقي الحضور قبل الذهاب إلى السطح حيث الاحتفال، الذي تم إعداده لهذه المناسبة السعيدة.
❈-❈-❈
في سطح المنزل بعد قليل
كان الاحتفال المحدود بناء على رغبة العروس والتي رفضت البذخ والتكلفة، ليقتصر الحضور على المقربين فقط.
كانت بهجة في هذا الوقت ترافق نجوان التي حضرت اليوم من أجل الطبيب هشام لتهنئته والقيام بواجبها نحوه، فكانت تعبر عما تشعر به دون تردد:
صاحبتك صفية زي القمر يا بهجة، الخلبوص هشام عرف ينقي.
دا مش خلبوص، دا بلوة مسيحة، إنتي مش واخدة بالك من العمايل اللي عاملها هو وأصحابه. تمتمت بالكلمات بهجة، تشير نحو أولئك المنطلقين بفرحهم دون حدود. ضحكت نجوان الأخرى حتى توقفت فمها وذهلت ناظرة نحو من أتي فجأة، لتنتبه بهجة هي الأخرى، فتتبسم بوسع فمها مرددة:
معقول رياض، وجايب معاه آدم؟ قالتها بلهفة فلم تعِ بالوضع سوى بعد أن رأت رد فعل نجوان الذي تغيرت ملامحها بقلق وعيناها لا تفارق الصغير.
❈-❈-❈
في الجهة القريبة
وقد اتخذ الاثنان جلستهما في الركن المخصص للعروسين، لا يكف عن مشاكسته لها لفك جمودها، تاركاً فقرات الحفل والرقص الجنوني مع أصدقائه:
دا مكانش حضن أخوي دا يا أستاذة اللي يخليكي تفضلي مبوزة الليلة كلها. نظرة خاطفة إنما مشتعلة ألقتها نحوه، قبل أن تذهب بأبصارها نحو أصدقائه الذين احتلوا السطح برقصاتهم:
هو إنت إزاي أصحابك كده؟ بالذمة دول دكاترة؟ ولا يكونوا شاربين حاجة قبل ما يجوا على هنا يا هشام والله ما أستبعد. ضحك متحدثاً باعتزاز:
عشان ما بيرقصوا وعايشين اللحظة يعني، تجرديهم من مهنتهم، ثم إن حكاية يشربوا دي واسعة يا أستاذة، دول عاملين دماغ لوحدهم، لأنهم مساكين ليل ونهار شغالين، ما بيصدقوا تيجي فرحة لحد فينا، كل المواهب المدفونة تطلع.
يا شيييخ صعبوا عليا تصدق. قالتها بنبرة ساخرة، لتجفل بعدها بما توسعت له عينيها:
غوريلا، غوريلا يا هشام، جايب غوريلا في خطوبتي.
❈-❈-❈
فرحتها بحضوره كانت لا توصف، رغم غصتها بالانصراف المفاجيء لنجوان، في إشارة عن رفضها رؤية الصغير، فعبرت هي عن قلقها:
- انا خايفة على نجوان اوي، شكلها متحملش تشوف آدم قدامها .
اجابها مطمئنًا:
- لا متقلقيش عليها، انا موصي عم علي ودادة نبوية يخلوا بالهم منها، ويبلغوني لو حصل عليها أي تأثر، آدم بقى واقع في حياتنا دلوقتي، يعني ممكن تشوفه في اي مكان
لومأت رأسها بتفهم، تطالع الصغير الذي اصبح يندمج هو الاخر في الرقص مع باقي الاطفال، وقد تكفلت به عائشة اليوم.، لتدمجه مع اصدقائها:
- خسارة والله، نجوان بس لو تدي نفسها فرصة وتشوفه عن قرب، انا متأكدة انها هتفتح قلبها الحنين ليه .
عقب خلف قولها، يغمرها بغزله:
- ان شاء الله دا يحصل، المهم انتي تعالي هنا، ايه الحلاوة دي، هو دا اللي احنا متفقين عليه؟ مش قولنا تساعديني في ايام العد التنازلي للفرح، يا اما تطفي نار البعد بقى بالوصال، انا تعبت وجيبت اخري.
قالها بجدية ومغزى فهمت عليه بهجة لتردد بمرح:
- لا اله الا الله، دول ما كانوش يومين دول قبل الفرح، على العموم انسى يا باشا، عشان مفيش وصال، الا بعد الفرح، دا كلام خلصان من زمان.
- امممم
زام بفمه يعض على شفته السفلى بغيظ شديد متمتمًا بوعيد:
- ماشي يا بهجة، ادلعي براحتك، انتي قولتي بنفسك، هما كام يوم ويخلصوا......
اومأت بتوجس، ثم انصرفت بعيناها نحو صديقتها العروس، والتي اجبرت للرقص مع عريسها بعد أن سحبهما اصداقاء العريس ليلتفوا حولهما، وتلك الغوريلا المصنعة ، ترقص وسطهم، في لحظات من الجنون لا تستوعبها صفية ولكنها تساهم في فك جمودها رويدا رويدا، نحو التخلص من عقدها..
على نغمات الأغنية النوبية الدائرة
عسل سكر انت اي هي
هنا شامه هنا نقطه اي هي
عسل سكر انت اي هي
هنا شامه هنا نقطه اي هي
السميح ولدي اي هي
السميح زولي اي هي
عسل سكر انت اي هي
هنا شامه هنا نقطه اي هي
عسل سكر انت اي هي
هنا شامه هنا نقطه اي هي
عسل بسكويت اي هي
انا ليك حبيت اي هي
ابعتلي اضافه اي هي
علي الفيس بوك اي هي
يا ابو قلب صفصافه
ماتعملش بلوك اي هي
عسل سكر انت اي هي
هنا شامه هنا نقطه اي هي
عسل سكر انت اي هي
هنا شامه هنا نقطه اي هي
واحلم لو نمت اي هي
واكتب كومنت اي هي
تغريدة وتويتة اي هي
دي عايزالها خريطه اي هي
..يتبع

السادس والاربعون من هنا
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close