رواية مزرعة الريان الفصل الثالث 3 بقلم خلود عبيد
الفصل الثالث
"قفص العذاب "
(بعض الذكريات نحبس بداخلها وتكون هى محرك حياتنا ،تؤثر علينا وكأنها محرك افعالنا، بعضها مؤلم نتمنى لو نستطيع ان ننسها 'والبعض الأخر مفرح نتمنى ان نبيقيها الى الابد،لكن فى كلا الحالتين ما هى إلا لحظات قضيناها وتبقى مجرد وقت مضئ ؛الأسوء هو ان تصبح هذه الذكريات مثل قفص يعذب أرواحنا فنكون أحياء نعيش كالاشباح {جسد بلاحياة} )
فى الركن الاخر عند مزرعة الريان فى ارجاء البلد هناك رجل فلاح يصيح وينادى على اهل البلد
بصوت عالى يرج انحاء المكان ليكسرسكونه ويزعزع أمانه الزائف لينتبه الناس ويقف سير المكان لمعرفه ما يحدث فما يستطيع ان يصيح احد بفوضى هكذا فى الارجاء الا لأمر مجل وخطير
الفلاح بصوت عالى = يا اهل البلد يا اهل البلد الحقوا الحقوا يا اهل البلد
احد الماره = فى ايه يا واد يا حسنين
حسنين يحاول ياخذ نفسه ليحاول الكلام = الحق يا عم مصلحى الحق رجاله الريان علقوا قفص الحديد فى نص السوق الكبير
مصلحى يختفى اللون من وجهه ويصبح اصفر وكأنه رأى شبح =ايه!! ليه؟
حسنين= معرفش ،باين المرار هيرجع تانى
مصلحى = متعرفش مين المرادى
حسنين= لا يا عم مصلحى ،بس سمعت واحد من رجاله بتقول الجمعة الجايه هيكون اجتماع فى السوق الكبير ،وان اللهم ما احفظنا "ازيد بيه " هيخرج ويعاقب المجرم
مصلحى بحيره = بس ايه الحصل هو حد عمل حاجة غلط ولا خرج وعد الجسر من غير أمره ولا خرج من حته تانيه
حسنين بستنكار=انت بتقول ايه يا عم مصلحى هو حد يقدر يعدى البر التانى منغير إذنه ، والجسر بينزل مره بالاسبوع البيخرج من عليه لازم يكون معاه الإذن ، ومكان تانى منين هو حد مجنون يعدى من ظهر البلد دى صحراء التعالب والديابه تأكله ، والجهه الشرقيه قصر الريان محدش يقدر يمشى من قدامه غير خدم القصر ،ده اكيد عمل مصيبه كبيره القفص لا يخرج الا اذا كان واحد مستغنى عن عمره
مصلحى بحزن= هو يا ابنى فى حد مستغنى عن عمره
حسنين = ايوه اليخالف كلام "ازيد بيه " يبقى عمره منتهى
ليقلب مصلحى يده باليد الاخرى مصفق = لا حول ولا قوة الا بالله ، ربنا على الظالم والمفترى
حسنين= ربنا يستر يا رب
-كان الناس الواقفين يتابعون الحوار الذى يجرى وكانت وجهوهم تتقلب مع كل حرف ينطق وكأنها سكاكين او أسهم يمكن ان تصيبهم ، واخذ البعض يتهامسون بينهم على ما سيحدث ومن سيتلقى عذابه هذه المره ، من الجانى؟ ماذا ارتكب ؟ لا يهمهم اذ كان المعاقب مظلوم ام حقا هو مدان المهم أنه سيلقى حدفه على يد "اسيد الريان "من هو مثل (ماء النار) يحرق الاخضر واليابس فى بلدهم ولا حد من البشر يقدر عليه اوينجدهم من بين يده
****************************
بعد ليلة شاقه قضتها رحيل فى الشفت الليلى بالمستشفى وفى حدود السابعة صباحا وهى تعود الى منزلها فى ذلك الحى القديم كمثله من الأحياء الشعبيه فى مصر
كانت تسير ومجهد جسدها ووكانها تجر قدميها للعوده من كثرة التعب لتسمع احد الجيران ....
-شوفى يا اختى البت جايه وش الصبح منغير خشى ولا حيا ،ناسيه انها بقت ارمله ماهو صحيح مالهاش ظابط ولا رابط ماشيه على حل شعرها
=عيب كده يا ام احمد ، رحيل عرفنها من صغرها زينت البنات
-لتضحك ام احمد بطريق خليعة ممزوجة بالسخريه = هههه بنات مين يا ابله اشجان ، ماهى خلاص بقت مركونه على الرف ،تنفع استبن بس
اشجان بضيق= لا لا لا ميصحش كده يا ام احمد
-كانت رحيل كمن شلت من هذا الكلام ، أى حمل اكثر ستحمله ،لما كلام الناس كالسكاكين ينغز ويقطع الروح كالاشلاء فما بقايا النفس باقية
-تحاول أن تسير وهى تلملم حطام نفسها وكانت( الجملة الاخيرة) هى القشة التى قسمت ظهر البعير
ام احمد= {ربنا يريحنا من الاشكال دى ،وينظف الحته من الزبالة الفيها}
-لتجرى رحيل الى منزلها وهى تضع يدها على فمها تكتم شهاتها المتتاليه ودموعها المنهمره على وجهها،لتقف خلف باب مدخل البيت وهى تبكى من الذل الملحق بيها ذل ليس لها آى يد بيه
لتصعد الى الشقه فى الطابق الاعلى بعد تمسكت بأخر عزمه نفس بها
-لتسمع صوت مرتفع قادم من داخل الشقة لتدخل مسرعة
-لتجد أمها تصيح على اخيها الصغير(البالغ من العمر15 عاما )
رحيل= فيه ايه يا ماما ؟
-لتصمت امها فجأة وينظر لها اخيها نظرات محقنه بالضيق
مجدة (الام)=لا مفيش حاجة ، اخوكى متاخر على المدرسة
لتنظررحيل الى اخيها (سليم ايه يا سليم يا اله على المدرسة
ليتربع بذراعيه امام صدره ويتكلم بضيق متناهى= مش عايز اروح
رحيل بصدمه = نعم؟!! ليه؟!
لتنظر مجدة الى سليم بنظره قاتله ،ليرتبك سليم ويتوتر
سليم بتوتر= مفيش عايز اريح النهارده وبس
رحيل بعتاب=لا مينفعش الكلام ده ، انت ثلاثة اعدادى ولازم تشد حيلك عشان تجيب مجموع ثانوى ،وتخش طب زى ما بابا (الله يرحمه ) كان عايز
سليم ومجدة= الله يرحمه
سليم حامل حقيبه المدرسه بعد ان أطال بنظره الى امه بنظره ذات معنى بينهم
سليم= حاضر يا ابلة رحيل
رحيل ببتسامة بسيطة ،وهى تتأمل اخيها الشاب الصغير،الذى اصبح طوله مقترب لطول اخته، طفل على مشارف ان يصبح رجل بالغ ،تعرف انه من سيتحمل المسؤاليه مبكرا
رحيل = ربنا يوفقك يا حبيبى
-غادر سليم
رحيل لأمها= رحيم فين؟ سامعة البيت ساكت
لتبتسم مجدة= لسه وأخد الرضعة وبيلعب فى سريره بالالعاب بتاعته
لتبتسم رحيل وهى تتذكر طفلها الجميل
مجدة= شكلك جعانة احضر الفطار ونفطر مع بعض
لتحاول رحيل الابتسام = اه والله يا ماما بس انا جعانة نوم اكتر،بالهنا والسعادة ليكى (وتمسك يد امها وتقبلها)
مجدة= ربنا يباركلك ويبعدعنك ولاد الحرام
رحيل بتنهيدة = آمين يارب ، ادعيلى يا ماما ادعيلى
وتدخل رحيل الى غرفتها لتجد رحيم بسريره يلعب ويضحك ،ليمتلئ وجهها ببتسامه من برائه طفلها وجماله
*****
وبعد دخول رحيل تتنهد مجدة وتحزن على حال ابنتها وتلوم نفسها ويتشربها الندم ،فهى تحمل نفسها ما تعانى منه رحيل الآن
Flash bake
رحيل بعصبيه= انتى سامعة انتى بتقولى ايه يا ماما ؟ اتجوز اتجوز على!! ،على ده الطول عمرى تقولى اخويا ،وانه ابنك المخلفتهوش
مجدة بجديه = ايوه يا رحيل اتجوزيه ،على مش اخوكى
رحيل= بس يبقى زوج ليلى ،ليلى بنت اختك ، ليلى اختى انا فى الرضاعة يعنى نصى التانى
مجدة برجاء= عشان ليلى ، عشان ليلى تعيش ، هى رفضة تعمل العمليه خايفة تموت وتسيبه لوحده
رحيل= يا ماما لو ليلى طلبت روحى هاعطهالها ، مش انى ابقى ام ولاد على
مجدة= بعد العمليه مش هتقدر تخلف
رحيل ببكاء = صعب يا ماما صعب ،ده زى اخويا
مجدة= يا ابنتى ارحمى امك الضعيفة ، انا عارفة انه صعب عليكى ،بس انا عندى ليلى تعيش
مجيدة (اختها) يوم ما اقبل وجه كريم هاقولها ايه؟ مقدرتش احافظ على بنتك ،موت بنتك
رحيل بانفعال= مش ذنبك انها رفضة تعمل العمليه
مجده =بس هى شرطة انك تتجوز على وتبقى ام ،عشان تعمل العمليه ،خايفة تموت وتسيبه لوحده ،عايزة حاجة تمسكه فى الدنيا ، وانتى تقدرى تحققى ده
رحيل= كل حاجة عشان ليلى ، هو ده المهم عندك ،تفتكرى بعد العمليه (انا){مشيره الى نفسها} موقعى من الاعراب ايه ، مكانى فى حياتهم ايه ، حياتى هتبقى ازاى
لتصمت مجدة وتكمل رحيل
رحيل= هبقى زوجة ؟ ولا ام ؟ ولا الاخت والصاحبه ؟ ولا اربى العيال، فهمينى يا ماما
التضحيه هيبقى ثمنها ايه
لتصرخ مجدة= حيااااة ليلى!!
bake
*****
لتدمع عين مجدة= الثمن حياة بنتى أنا ،بتدفع ثمن غلطة من 30سنة وبسببها مجيدة خدت وعد احافظ على حياة بنتها ، بنتها ماتت وبنتى انا بتموت قدامى وهى عايشة
*********************
وفى حجرة رحيل تحمل رحيم بين ذراعيها وهو يضحك ويبتسم وتتأمل ملامحه ،فهو يشبه ابيه (على ) الى حد كبير
رحيل = حبيب ماما ،قلب ماما ،روح ماما ،وحشتنى موت يا عيونى (وتقبله)
-وتضمه الى حضنها وتتنهد بعمق فهوطفلها العزيز
وتتذكر أخر كلمات( على)
Flash bake
على سرير المستشفى ،جسد شاب على ملامحه الارهاق والذبول ،وكأن شبابه يتسرب منه
تجلس امامه شابه بدموع تسير على وجهها،جالسة على ركبتيها ممسكة بيدها
رحيل ببكاء ورجاء= على!! ارجوك اتماسك وارجعلنا يا على، دلوقتى انا ماليش غيرك انت الاب والاخ والصديق والزوج ،متسبنيش لوحدى
على بضعف ويشد علىيدها تقوم وتقترب منه، لتقف وتقرب وجهها منه ويقبل جبهة وجهها
على بصوت ضعيف= سامحينى يا رحيل ،سامحينى
رحيل مسرعة= انا مسمحاك ،بس ارجعلنا ،عايزاك تقوم وتبقى قوى عشان نربى رحيم سوا
رحيم محتاجلك
على= خالى بالك منه يا رحيل ،ربيه وكبريه وعلميه يبقى رجل يعتمد عليه
رحيل بصوت هامس رقيق= انت الهتعلمه ،هتعلمه المشى والركوب العجل وكل حاجة كل حاجة ، زى ما علمتنى انا كمان (وتبكى وتحاول ان تمسك دموعها) هترجع يا على هترجع
على= رحيم امانه يا رحيل خالى بالك منه
Bake
رحيل بدموع وعى ممسكه رحيم وتنظر له = طلع بيحبها حتى اكتر منك يا رحيم ورحلها مقدرش على بعدها
**********************
-بصوت بوق انتباه سياره يعالى ويعالى ويزيد
-بصوته الصارخ =حاااااااااااااااسبى
ليفق من صراعه المستديم فى نومه وهو متعرق فأذع وينتبه اين هو ؟ ليجد نفسه فى حجرته التى يسودها الظلام والسواد وهو قابع على سريرة العريق الفخم ،وكانه نجده من كابوسه الدائم لتلك الحادثة التى غيرت حياته ودمرت كيانه
ليعيد انتباه يجد من كان يطرق على باب
بصوت راعد= مين؟