اخر الروايات

رواية مهمة زواج الفصل الخامس والثلاثون 35 بقلم دعاء فؤاد

رواية مهمة زواج الفصل الخامس والثلاثون 35 بقلم دعاء فؤاد 



أشغل معتصم نفسه في أعماله بطريقة انتحارية حتى لا يفكر في ريم ولا بزواجها، فقد كان يواصل العمل الليل بالنهار لألا يترك نفسه للحنين اليها، فقد فات أوان الندم و لم يعد يفيد البكاء على الأطلال و ليس بيده شيئ يفعله لاستعادتها، فقد وصل الى الحقيقة متأخرا... متأخرا للغاية. 
قام بنقل جميع أملاك نرمين الى ملكيته بموجب التوكيل العام الذي قامت بتوقيعه دون أن تدري جزاءا بم فعلته به، فمعتصم لم يكن طامعا يوما بها ولا بأملاكها و لكنه لم يلجأ لتلك الخدعة إلا حينما بدأت هي بملاعبته و ذبحه بلا شفقة. 
لم يقم باخبارها بما فعله منتظرا مرور زفاف ريم على خير حتى لا تقوم بأذيتها انتقاما منه. 
و رغم كل ذلك راودته نفسه بالحاح على رؤيتها بفستان الزفاف... كم تمنى أن يراها تُزف اليه بتلك الاطلالة الملائكية و لكن لم يُكتب له ذلك..  
كم تهرب من تلك الرغبة الملحة حتى لا ينكسر قلبه برؤيتها ترتديه لرجل آخر، و لكنه اقنع نفسه بأنه سيكون اللقاء الأخير... يجب أن يراها و يمتع عينيه برؤيتها قبل أن يُحرم منها إلى الأبد. 
حين أصبحت رغبته في رؤيتها ليلة زفافها ملحة للغاية قام بالاتصال بعمر قبل موعد الزفاف بيومين ليرد عليه الآخر استعدادا لاوامر جديدة من سيده، فتحدث معتصم بجدية تامة: 
ـــ اسمع يا عمر... عايزك تركز معايا في اللي هقوله و تنفذه بالحرف. 
ـــ أوامر سيادتك يا معتصم باشا 
ـــ تروح دلوقتي الفندق اللي هيتعمل فيه فرح الدكتورة ريم و......... 
أملى عليه الكثير من الأوامر و كان يستمع اليه بذهول، علامَ ينوي سيده يا ترى؟!.. و حين انتهى معتصم من سرد أوامره قال أخيراً: 
ـــ أنا هحولك مبلغ كبير على حسابك عشان تحاسب الناس اللي هتساعدك.. و ف نفس الوقت عايز كل حاجة تتعمل في سرية تامة.. و الهدية محدش يعرف عنها حاجة غيري انا و انت... عايز ريم و كل اللي هيكونوا في الفرح يتفاجئوا بيها. 
رد عمر بقلق: 
ـــ معتصم بيه حضرتك متأكد من اللي بتقوله دا؟!... أنا بقول تراجع نفـ... 
قاطعه بحدة بالغة: 
ـــ أنا مطلبتش منك تقول رأيك.. و اللي قولته يتنفذ بالحرف... و لو مش هتقدر قول و هشوف غيرك..أنا مش هغلب. 
رد بخنوع: 
ـــ العفو يا باشا... حاضر.. هنفذ كل اللي قولت عليه. 
ـــ كل خطوة تخلصها تكلمني و تعرفني انها تمت زي ما انا عايز. 
ـــ حاضر يا باشا.. 
ـــ تمام.. يلا شوف شغلك.. مع السلامه 
ـــ سلام يافندم. 
أغلق معتصم الهاتف و هو يزفر أنفاسه بعمق، يتمنى أن تمر تلك المحنة عليه مرور الكرام... و أن يتحمل قلبه ما هو مُقدم عليه من تهور. 

+


و جاء اليوم الموعود... 

+


كانت قاعة الاحتفالات بالفندق مزينة بطريقة تدل على الفخامة التي لا تليق سوى بعائلة اللواء الراحل برهام الكيلاني، و كان أدهم في استقبال الضيوف مع والد خالد و أشقائه و صهره محمود زوج روان. 
بينما خالد كان في احدى الغرف بالفندق يتجهز بمساعدة مصفف الشعر و فريقه لإخراج العريس في أبهى صورة. 
بينما ريم كانت في غرفة أخرى بعيدة عن غرفته تحيطها فتيات فريق التجميل الخاص بها و بالطبع لم تتركها والدتها و ندى، بينما اكتفت روان بالانتظار بالقاعة بسبب تعب الحمل. 

+
    
و هناك في غرفة ثالثة قريبة جدا من غرفة ريم يقبع معتصم بمنتصف الفراش يستمع الى الزغاريد و الموسيقى، يشعر بأن روحه تحترق و قلبه ينشطر الى نصفين. 
حين أعلنت الشمس عن المغيب نهض بتثاقل من الفراش ليدخل الحمام الملحق بالغرفة ليستحم و يخفف من ذقنه و لحيته، و بعد دقائق خرج و قام بارتداء بدلة سوداء مجسمة قيمة في غاية الروعة، و لكنه خلع السترة حتى يصفف شعره أولا و بقي بالقميص الناصع البياض. 
وقف أمام المرآة يتأمل نفسه قليلا و ملامحه التي أرهقها الحزن و التفكير منذ علم بعقد قرانها، فأغمض عينيه للحظة متنهدا بعمق ثم نَحّى حزنه جانبا لكي يستعد لما هو قادم.
رغم يقينه بإثم ما سيفعله و الخطأ الكبير المُقدم عليه إلا أنه لم يستطع مقاومة رغبته الملحة في رؤيتها بتلك الليلة بالذات. 
قام بتصفيف شعره باحترافية و نثر عطره النفاذ بغزارة و أحكم الكرافت حول ياقة القميص ثم جلس بأحد الكراسي ينتظر مكالمة عمر ليخبره بالوقت المناسب الذي سيدخل فيه الى غرفة ريم. 

3


حين اوشكت خبيرة التجميل على انهاء زينة ريم قامت احدى المساعدات و التي اتفق معها عمر مسبقا مقابل مبلغ من المال بالاتصال به تخبره أن مديرتها اوشكت على الانتهاء و لكن والدتها و زوجة شقيقها لم يتركوها بعد. 
أنهى معها المكالمة ثم اتصل بأحد عمال الفندق ليُملي عليه مهمته. 
صعد العامل الى غرفة ريم و طرق الباب لتخرج له تيسير فقال لها: 
ـــ مدير الفندق عايز حضرتك و مدام ندى تبصوا على الاوبن بوفيه عشان لو حابين تضيفو حاجة او ليكم أي ملاحظة. 
اومأت تيسير بموافقة ثم استأذنت من ريم و أخذت ندى من يدها و هبطا الى طاولة الطعام الضخمة. 
بعد ثواني طرق معتصم الباب لتخرج له احدى الفتيات فبمجرد ان رأته واقفا مرتديا تلك البدلة بوسامته الفتاكة ظنت أنه العريس فقالت له: 
ـــ حضرتك أكيد العريس. 
هز رأسه و هو يبتسم بسخرية ثم قال: 
ـــ ممكن تخرجوا دقايق بس.. عايز اشوف العروسة. 
هزت رأسها و هي تبتسم ببلاهة و تقول: 
ـــ حاضر... احنا خلصنا اصلا.. مش فاضل غير التاج 
هز رأسه بايماءة، لتدخل الفتاة تقول لمديرتها: 
ـــ مدام رنا العريس واقف برا عايز يشوف العروسة.. 
ـــ حاضر... احنا كدا خلصنا يا عروستنا... بعد ما العريس يخرج هثبتلك التاج. 
هزت رأسها دون أن ترد، فقد كانت تائهة ليس لديها رغبة في أي شيئ. 
خرجت الفتيات واحدة تلو الأخرى ينظرن لمعتصم باعجاب بالغ الى أن خرجت كبيرتهم لتقف أمامه قائلة باعجاب: 
ـــ ألف مبروك يا عريس... ما شاء الله عروستك زي القمر.. و حضرتك برضو متتخيرش عنها... ما شاء الله من أحلى الكابلز اللي شوفتهم في حياتي. 

3


هز رأسه بايماءة بسيطة الى أن انصرف الفريق بالكامل. 

+


من فرط توترها نهضت من الكرسي و وقفت امام النافذة مولية ظهرها للباب لعلها تستجمع نفسها قليلا و تحاول أن تتظاهر بالسعادة قبل أن يراها خالد. 
سمعت صوت الباب ينغلق بالمفتاح، فأخذت نفسا عميقا استعدادا لمواجهة عريسها في لحظة انتظرها طويلا. 

+



        

          

                
وقف معتصم بالقرب من الباب ينظر لها و هي واقفة مُدٰبرة عنه، يبتلع رمقه بتوتر، يقاوم نفسه بشق الأنفس حتى لا يركض إليها و يحتضنها و هي لا تحل له. 

+


حين طال انتظارها و لم تسمع منه كلمة، استدارت ببطئ بسبب ثقل الفستان على جسدها و هي تنحني تلملم ذيله، و قبل أن ترفع رأسها لتراه سقط التاج من فوق رأسها، فلم يتم تثبيته بعد.. 
تدحرج التاج حتى توقف بالقرب من قدم معتصم. 
في نفس اللحظة التي انحنى فيها يلتقط التاج رفعت هي رأسها لتتسع عينيها بصدمة حين تراه واقفا أمامها و ليس خالد، و من فرط صدمتها أُلجم لسانها فلم تستطع نطق كلمة واحدة، بينما معتصم حين استقام و التاج بيده نظر لها بوَلَه من فرط جمالها في حجابها الأبيض و طرحتها البيضاء التي تتدلى من على رأسها و زينة وجهها البسيطة التي أبرزت جمالها الخلاب. 
يا إلهي أنها تشبه الملائكة.. 
بينما هي تحولت صدمتها لانبهار بوسامته الفتاكة في تلك البدلة التي ضاعفت وسامته مع تسريحة شعره العصرية مع عطره الذي يكاد يصيبها بالثمالة. 

+


تقدم منها أخيراً حتى أصبح لا يفصله عنها سوى انشات قليلة لتمتد يديه حاملة التاج و يضعه على رأسها بعناية، فأغمضت عينيها بتيه و كأنها على وشك الإغماء، فرؤيته بتلك الهيئة الرائعة كانت آخر شيئ تتوقع حدوثه في ليلة كهذه. 
حين وضعه على رأسها أخذ يتأملها عن قرب بهيام و وَلَه شديدين، فقد أخذت عقله لدرجة أنه نسيَ كل ما مرا به و تمنى في تلك اللحظة لو أن كل ما حدث كان كابوسا و أن تلك اللحظة هي الحقيقة الوحيدة في كل تلك الأحداث المريرة. 
ـــ جميلة... جميلة شبه الملايكة زي ما تخيلتك بالظبط.

2


قالها بنبرة رقيقة خافتة للغاية حبست أنفاسها بصدرها و كأنهما انفصلا عن العالم بما فيه و لم يبقى فيه غيرهما. 
حاولت قدر الامكان أن تتخطى ثمالتها إثر قربه و رائحة عطره و نبرته المثيرة و كل ما فيه، كل ما فيه أصابها بالثمالة و الخدر. 
بعد ثوانٍ كثيرة استجمعت نفسها  فتحولت نظرتها اليه للشراسة ثم دفعته بكفيها بعيدا عنها لتقول بغضب: 
ـــ انت جاي ليه؟!.. جاي تبوظلي فرحي؟! 

+


لم يغضب منها او ينصدم من رد فعلها، فقد توقع منها ذلك، فبالتأكيد مازالت تعتقد أنه قد كذب عليها للمرة الثانية في لقائهما الأخير ولا زالت الضغينة مزروعة بداخلها.  
رد عليها بنبرة هادئة ثابتة: 
ـــ بالعكس... أنا جاي أباركلك و أتمنالك السعادة من كل قلبي حتى لو هتكوني مع غيري. 
أخذت تهز رأسها بسخرية و هي تقول: 

+


ـــ انت ممثل شاطر أوي... أشوف شكلك و اسمع كلامك أصدقك.. و بعد كدا تطلع أكبر كداب عرفته. 

+


تنهد بحزن بعدما فهم مغذى كلامها ثم قال بشجن: 
ـــ مش هزعل منك لأني زيك بالظبط اتخدعت و دوقت من نفس الكاس... ريم احنا اتلعب علينا لعبة كبيرة أوي عشان نفترق عن بعض و نكره بعض. 
ردت بحدة و غضب: 
ـــ انت لسة جاي تكدب تاني؟!.. كفاية بقى.. كفاية.. دمرتني و خلتني مش عارفة أحبـ... 
بترت كلامها حين أدركت أنها ستخبره بحقيقة عدم مقدرتها على حب زوجها، و لكنه أشفق عليها و على قلبه المكلوم ليرد عليها بحدة أكبر: 
ـــ أنا مكدبتش عليكي اخر مرة لما كنا مع بعض.. بقولك اتلعب علينا.. افهمي بقى. 

+



        
          

                
نظرت له باستفهام و هو تتنفس بسرعة من فرط انفعالها، و لكنه سكت تماما بعدما شعر بالندم على ما تفوه به، فلا جدوى الآن من كشف الحقيقة... بل سيزيد وجعها أكثر حين تدرك مدى تسرعها و ربما تنقلب حياتها الجديدة مع زوجها الى جحيم... 
لا... هو لن يفعل بها ذلك... فلتفكر به كيفما شاءت و لتعتقد ما تشاء... فهو ليس بذلك الأناني الذي يحاول استعادتها ليلة زفافها و بعدما عُقد قرانها... لقد أخذ نصيبه معها و انتهى. 
حين طال سكوته حثته على التكلم: 
ـــ لعبة ايه اللي بتتكلم عنها؟!.. قول ساكت ليه؟! 
تأملها قليلا بحيرة بالغة ثم أطرق رأسه بحزن قائلا: 
ـــ أنا لازم أمشي دلوقتي قبل ما حد ييجي. 
استدار ليغادر و لكنها ركضت خلفه بصعوبة: 
ـــ استنى.... فهمني الأول... استنى. 
لم يكد يضع يده على المفتاح ليفتح حتى جذبته من ذراعه، ليقف متنهدا بضيق ثم استدار لها ليرى نظرة الرجاء بعينيها، فقال بجدية: 
ـــ ريم أنا كان نفسي أشوفك و انتي لابسة فستان الفرح... على قد ما كان نفسي تلبسيه ليا.. على قد ما نفسي تنسي كل الوجع اللي شوفتيه معايا و تبدأي حياتك الجديدة و انتي مبسوطة.. مش عايز أتمادى أكتر من كدا لأني عارف من البداية اني اللي بعمله دا غلط بس قلبي غلبني.. كنت حاسس اني هموت لو مكنتش شوفتك النهاردة.. 

+


تركت ذراعه و أخفضت عينيها للتتغلب على تلك الدمعة التي تجاهد للسقوط من عينيها، فهو لا يدري كم هي مشتاقة له... كم هي نادمة على ما اقترفته في حق نفسها من توريط في زواج سريع بتلك الطريقة.
 
حين شعر بحزنها و ندمها رفع ذقنها لتنظر له بعينين متلألأتين بالدّموع، فابتسم رغم الحزن الدفين الذي احتل ملامحه و قال: 
ـــ العيون الجميلة دي متبكيش تاني... ولا انتي عايزة الميكاب يبوظ و الميكاب ارتيست تعلقني؟! 
قال كلماته الأخيرة بمزاح لكي يزيل حزنها، فابتسمت رغم كل ما يحدث، فاتسعت بسمته أكثر و تجرأ و قال: 

+


ـــ عايز اطلب منك طلب... و اعتبريه آخر طلب في آخر مرة نشوف بعض فيها.. 
هزت رأسها بإيجاب، فاسترسل يطلب بترقب: 
ـــ عايز أصورك و احتفظ بالصورة على تليفوني... و وعد يا ريم اني هخفيها و محدش هيشوفها أبداً غيري... عايزك تثقي فيا و فـ حبي ليكي.. استحالة في يوم هأذيكي ولا هكون سبب في أذيتك. 

5


استشعرت صدق كلامه و كأنه عاد الى معتصم الذي أحبته بصدق و كان لها الحصن الآمن، فهزت رأسها بإيجاب و هي تبتسم بوجع. 
استخرج هاتفه من جيبه على الفور، فقامت بدورها بالرجوع للخلف ثم وقف أمامها رافعا كاميرا الهاتف حتى التقطتها الكاميرا بفستانها بالكامل.. 
ـــ بلاش التكشيرة دي بقى... ابتسمي يا ريم..
 
بصعوبة رسمت بسمة على ثغرها حتى تم التقاط الصورة، فأخذ معتصم يتأمل الصورة باعجاب.
 
و في لحظة توقف عندها الزمن لم يستطع معتصم تقبيلها في الواقع فقام بتقبيل صورتها عبر شاشة هاتفه بعمق، الأمر الذي جعلها تنهار بعدما أدركت مدى عشقه الكبير لها بتلك الفعلة، فافترشت الأرض بعدما خانتها قدماها و انخرطت في بكاء مرير و هو تنظر له بحسرة.. 
ركض اليها معتصم مذعورا ثم أخذ يهدئها دون أن يلمسها: 
ـــ ريم عشان خاطري متعيطيش... متخلنيش أندم اني جيتلك.. اهدي عشان خاطري.. كدا الميكاب هيبوظ. 
سحب منديل من العلبة ثم أخذ يجفف عبراتها بحذر حتى لا يُفسد زينتها و هو يقول: 
ـــ خلاص يا ريم أنا آسف.. أنا المفروض مكنتش جيت في ليلة زي دي... بس صدقيني غصب عني... مقدرتش امنع نفسي.. عشان خاطري يا ريم كفاية عياط بقى. 

+



        
          

                
بدأت تهدأ قليلا الأمر الذي جعله يتنفس الصعداء، ثم قال بحزن: 
ـــ أنا همشي دلوقتي و اعتبريني مجيتش... و أنا آسف لو كنت ضايقتك او زعلتك.. 
اعتصر جفنيه بألم و هو يقول عبارته الأخيرة: 
ـــ مبروك يا ريم. 
تركها سريعا قبل أن يتهور و يحتضنها فعليا و فتح المفتاح و الباب و من ثم هرول الى غرفته الذي قام بحجزها مسبقا و دخلها ثم أغلق الباب و استند عليه من الداخل و هو يتنفس بوتيرة سريعة للغاية محاولا السيطرة على نغزات قلبه المؤلمة. 
بينما هي أخذت تنظر في أثره بحسرة و تضرب الأرض بكفيها من الندم و هي تردد ببكاء: 
ـــ جيت ليه... جيت ليه.. انا كنت ماصدقت نسيتك و لو شوية.. جيت ليه... ليه.. 

+


بعد قليل و بعدما لملم شتات نفسه اتصل بعمر لكي يُرسل فريق التجميل لريم بعدما فسدت زينة وجهها بسبب البكاء. 

+


ـــ ايه اللي حصل بس يا عروسة... أكيد بقى عيطتي من الفرحة.. 
كان ذلك هو كلام خبيرة التجميل التي صُعقت بالسواد الذي لطخ وجنتيها فردت ريم بملامح متجهمة: 
ـــ أنا آسفة مقدرتش أمسك نفسي. 
ابتسمت بود ثم قالت بنبرة ذات مغذى: 
ـــ بصراحة ليكي حق... العريس قمرر.. ما شاء الله ربنا يهنيكو. 
حاولت السيطرة على تلك الغصة الأليمة التي وقفت بحلقها، فبالطبع تلك المرأة تتحدث عن معتصم ظنا منها أنه هو العريس. 
ـــ شكرا ليكي.. 
بعد دقائق انتهت تماما فشكرتها ريم و طلبت منها أن تغادر و ستقوم هي بإخبار والدتها و شقيقها لكي يصعدوا لأخذها و تسليمها ليد عريسها، بالطبع حتى لا ترى المرأة خالد و تكتشف أن معتصم لم يكن العريس. 

+


بعد عدة دقائق كانت ريم تتأبط ذراع خالد واقفين على المنصة يتلقون التهاني و التبريكات من الأهل و الأحباب و الموسيقى تصدح في الأجواء. 
جلسا بالأريكة المُزينة المُعدة  لهما بالمنصة في أجواء مفعمة بالفرح و الحماس خاصة من قبل خالد و أسرته و أصدقاءه الذين أشعلوا الأجواء بالرقص و الغناء. 

+


دلف معتصم الى الحفل يبحث بعينيه عن أدهم ليبارك له، فوجده يقف هناك بجوار العروسين. 
تقدم منهما بخطى واثقة حتى وصل اليهما، فبُهتت ملامح أدهم حين رآه...  و لسان حاله يقول تُرى علامَ ينوي هذا الرجل؟!.  
مد يده أولا اليه ليضطر أدهم الى مصافحته، ليقول معتصم ببسمة ودودة: 
ـــ ألف مبروك يا أدهم باشا. 
رد بنبرة باردة: 
ـــ الله يبارك فيك 
ثم ضغط على كفه ليقول بنبرة ذات مغذي: 
ـــ عقبالك. 
ابتسم معتصم بسخرية ثم توجه بنظره الى خالد ليقول له: 
ـــ ألف مبروك يا عريس.. ربنا يتمم بخير. 
ـــ الله يبارك فيك... بس ممكن نتعرف على حضرتك؟! 
حانت منه شبه ابتسامه و هو ينظر لريم بطرف عينه ثم قال: 
ـــ أنا معتصم البدري بيزنس مان.. و صديق أدهم باشا. 
ـــ أهلا اتشرفت بحضرتك. 
ثم مد يده لريم فتتردد في مصافحته فحثها بعينه لتمد يدها و تصافحه فقام بالضغط قليلا على كفها و هو يقول بنبرة باردة و نصال الألم تمزق قلبه: 
ـــ مبروك يا دكتورة ريم.. 
ردت بخفوت و هي تتحاشى النظر بعينيه: 
ـــ الله يبارك فيك. 
ترك كفها على مضض و استدار مغادرا اياهم ليذهب خلفه أدهم و حين ابتعدا قليلا عن الأنظار زجره بحدة: 

+



        
          

                
ـــ انت ايه اللي جابك... مفتكرش ان انا او ريم عزمناك. 
رد ببرود: 
ـــ أنا مش محتاج عزومة يا أدهم باشا... أنا جيت أبارك و بس... و متقلقش معنديش نية اني أعمل حاجة تبوظ الفرح او تزعل ريم لاسمح الله. 
رد عليه بتحذير: 
ـــ متقدرش أصلا تعمل حاجة.. 
رد عليه بنظرة مستهزأة استفزت أدهم للغاية و جعلته ينظر له بغيظ ثم تركه و ذهب الى ضيوفه.
 بينما معتصم وقف بركن قريب من بوابة القاعة ينظر الى ريم يُشبع عينيه برؤيتها قبل أن يتركها الى أجل غير مسمى. 
بعد دقائق قليلة توقفت صوت الموسيقى و صدح صوت جميل يعرفه الجميع تمام المعرفة... و لكن الغريب أن صوت الاغنية ليس مسجل، بل إنه الصوت الاصلي للمطربة المعروفة "شيرين عبد الوهاب" 

+


ـــ لالالالال... لالالالا.. لالالالال.. لالالالا.. 
  بيعاملني بطيبة و احساس 
  مدلعني قدام الناس 
  التفت الرؤوس لمصدر الصوت الذي كان آتيا من بوابة القاعة لتتعالى الصيحات حين تظهر لهم المطربة بنفسها و هي تغني اغنيتها المعروفة. 
اخذ كل من ريم و خالد ينظران لبعضهما باستغراب، فمن الذي اتفق معها لتحييي الحفل.. نفس الشيئ حدث مع أدهم و باقي أفراد العائلة.. 
دلفت المطربة شيرين و هي تغني فصافحت معتصم أولا، الامر الذي أثار استغراب الحضور خاصة ريم و أدهم، ثم قامت بالذهاب الى العروسين و صافحتهما ثم قالت بابتسامة عريضة عبر الميكروفون: 
ـــ الف مبروك لأحلى عريس و عروسة.. و أحب أشكر معتصم بيه اللي أصر اني أغني في الفرح الجميل دا كهدية للعروسين و اتمنى يا رب المفاجأة تكون عجبتكم... 
التفت الرؤس نحو معتصم فأماء بابتسامة من مكانه و هو يضع يديه في جيبي بنطاله ..
ذهبت المطربة الى العروسين مرة أخرى لتجذبهما من يديهما ليقفا بمنتصف المنصة ثم تراقصوا معا و هي تغني:
ـــ و يلا كلو معايا بصوت عالى... 
بعاملني بطيبة و احساس 
مدلعني قدام الناس 
بيعرف اني رومانسية 
بيلعب ع الوتر الحساس
مدوب روحي مدوبني 
في كل زيارة بيعجبني
و نظرات عينه خلتني
اضرب اخماس اف اسداس
بيتكلم يجن جنوني
انا انا بحن جنوني
بيغير شكلي انا و مضموني 
انا انا و مضموني
استمرت في الغناء و ريم تتمايل على استحياء، تشعر بأنها مُحاصرة بنظرات معتصم التي تتابعها في كل حركة و تصطدم بعينيه كلما نظرت تجاهه. 
حين انتهت تلك الأغنية الراقصة، طلبت المطربة من الجميع الجلوس ليتركوا المجال للعروسين للرقصة البطيئة "slow" 
قام خالد بلف ذراعي ريم حول عنقه ثم احتضن خصرها بتملك، فأخفض معتصم عينيه على الفور، فهو لم يتحمل أن يراها بين ذراعي رجل غيره و لو كان زوجها. 
بدأت الموسيقى الهادئة تتناغم على أنغام أغنية رومانسية للمطربة جعلت الجميع يصيح و يصفر بسعادة لتبدأ بالغناء من جديد... 
ـــ  أناااااا ...
أنا كلي ملكك
أنا كل حاجة حبيبي فيا بتناديك
أناااااا...
أنا مش بحبك
الحب كلمة قليلة بالنسبة ليك
أنااااا ...
أنا كلي ملكك
أنا كل حاجة حبيبي فيا بتناديك
أنااااا ...
أنا مش بحبك
الحب كلمة قليلة بالنسبة ليك

+


 و كأن شيرين لعبت على الوتر الحساس لدى معتصم، و كأنه يغنيها لها..حبيبته التي أخذت قلبه معها و رحلت، حبيبته تتمايل الآن بين ذراعي رجل آخر و بعد قليل سيُقفل عليهما بابا واحدا. 

+


أنت فرحة جت لعندي
بعد عمر من التعب
في السعادة اللي باعيشها
يا حبيبي أنت السبب
ضحكتك عقلك جنونك
والحنان اللي في عيونك
هاوصف إيه و أحكيلك إيه
أنا ...
أنا كلي ملكك
أنا كل حاجة حبيبي فيا بتناديك
أنا ...
أنا مش بحبك
الحب كلمة قليلة بالنسبة ليك
معاك ...
باضحك وبافرح
مابقتش خايفة
ازاي هخاف وأنا بين إيديك
ساعات بخيالي باسرح
قبل أما باحلم كل حاجة ألاقيها فيك
والسنين هتفوت وتمشي
منك أنت أنا مش هامّل
باوعدك يا حبيبي عمري
شوقي ليك ما في يوم يقل
هبقى فرحك وقت حزنك
في التعب تلاقيني حضنك
كل يوم ...
من عمري ليك
أنا ...
أنا كلي ملكك
أنا كل حاجة حبيبي فيا بتناديك
أنا ...
أنا مش بحبك
الحب كلمة قليلة بالنسبة ليك. 

+


لم يتحمل رؤية المزيد، فقد احترق قلبه بما فيه الكفاية، فنزع يديه من جيبي بنطاله فاستدار مغادرا الحفل بروح محطمة، يدعو الله أن يلهمه الصبر حتى يعتاد حياته بدونها، بينما ريم تابعت بعينيها خروجه فتمنت في تلك اللحظةلو تنشق الأرض و تبتلعها لعلها تتخلص من ذلك الألم الذي اجتاح وصالها برؤيته مهزوما جريحا هكذا. 

+


يتبع... 
القادم أسخن ان شاء الله.. 
بتمنى اني اكون قدرت ارسم المشهد بالظبط كأنكم شايفينه و كمان نقلت ليكم المشاعر اللي الشخصيات بتحس بيها كأنكم حاسينها و قدرت اخليكم تتفاعلو معاهم بمشاعركم 
أنا شخصيا عنيا دمعت 🥺
يا ريت بقى كل اللي حابب الرواية و بيستناها يتفاعل معايا 
عايزة اشوف توقعاتكم للي جاي
عايزين تعرفوا ريم هترجع لمعتصم ولا كدا خلصت حكايتهم؟!.. 
طاب ندى خلاص هتسيب أدهم و كدا خلصت الحكاية؟! 
طاب حمد هينسى صافية و مش هيرجعلها تاني؟!.. يمكن يتجوز غيرها مثلا؟! 
كل اللي اقدر اقوله دلوقتي ان لسة بدري و الحكاية مخلصتش و الرواية لسة هيكون فيها أحداث كتير و شخصيات جديدة و مش عايزة أحرق الأحداث.. 
هستنى أرائكم و توقعاتكم 
مع تحياتي/دعاء فؤاد 




تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close