اخر الروايات

رواية شظايا الكلمات الفصل الحادي والثلاثون 31 بقلم جهاد وجيه

رواية شظايا الكلمات الفصل الحادي والثلاثون 31 بقلم جهاد وجيه 

شظايا الكلمات
الفصل الواحد والثلاثون ( الأخير الجزء الأول)

النهايات: بِضع أحرف تُرسم للختام وتبني بروجًا من الخطوات للمزيد من البدايات، ينتظرها الجميع بـفضولٍ مُريب لـعل الراحة تتخلل نهايته الحتمية! النهايات رغم قسوة وتعاسة بعضها إلا أن للرخاء والحب حيزًا عند البعض الآخر، على الجانب المُطمئن أن بـقدوم النهاية تنكشف زلات القلوب، قهر الأيام، ظُلمة الروح وأيضًا تُزيل سحابة الحزن المتراكمة بـكثافة ترفض الإقلاع وكأنها مُستعمِر غاصب احتل الكيان ولا مجال لـتركه ولكن تأتي النهاية من بين جزيئات الدُجى لتعلن سقوط السِتار وخروج المارد من مصباحه وزوال القيود وهكذا هي النهايات.... مهما اختلفت تبقى نهاية!!

ثلاثة أيام من البرود، الأحاديث البسيطة المقتضبة، الوجوم، الصمت، التجاهل، الجفاء والكثير من النظرات الجامدة التي لا تمت له بـصلة!! ليس هو ما عهدته طوال تلك الأشهر التي عرفته بها! ليس من أحبت ولكن ربما هو بـهيكله ولكن برودة قلبه صعقتها وجعلتها تحترق بـنيران الندم ويلتهمها الحزن لما فعلته ولا تعرف هل حقًا أخطأت بتلك الطريقة وتستحق ما يفعله معها!؟ تشعر بالإختناق وأيضًا بـالحسرة فلم تَدُم سعادتها طويلًا وخيم الجفاء عليهم من جديد وكأن قدرها الوحيد والدائم هو الحزن!! هناك ألمًا خالص ووخزًا ثاقب يحفر بـمضغتها التي اسودت منذ هجر فراشهم وتبدل الدفء الذي كان بينهم لـصقيعٍ جليدي يُشبه قسوة شتاء ديسمبر! ليت الحب وقت الحزن يُلين القلب ويُعطي هدنة للعاشق بـالسماح اللحظي حتى لا يبقى للبُعد إنشًا واحد! ليت قسوة الحب هينة.... نهضت من فراشها بـتثاقل ودلفت للمرحاض وبعد عدة دقائق تحركت للخارج بـقميصها البيتي المُريح عاري الكتفين بفتحة عنقه الواسعة تاركة شعرها يتمرد وتوجهت لصنع بعض القهوة لتخفف صداع رأسها الشديد، كانت مُخفضة رأسها تسير بـشرود ولم تنتبه لوقوفه قبلها بالمطبخ، تلاقت نظراتهم للحظاتٍ قليلة هي بـندمها وشوقها وخالص أسفها وهو بـخيبة أمله وعِتابه لها! جذب عينيه عنوة من بين نظراتها وتحرك ينوي الخروج فـمنعته هي بـجسدها صادّة رغبته وهمست بلا تفكير:

_ أنا اسفه وعارفه إني غلط إني كدبت عليك وخرجت من غير إذنك ورغبتك وخصوصًا إننا في أول أيام جوازنا بس كنت محتاجه اتكلم معاه، كنت محتاجه ابني حياتي معاك من غير قسوة الماضي اللي مالية قلبي، كنت محتاجة بداية نضيفة مفهاش وجع بسببه، أنا غلط واعتذرت

رفع نظراته الثاقبة لها التي تخفي ألمه وحنينه لـضمها بين ذراعيه وجاهد نفسه لألا يفعلها ويدفن وجهه بين ثنايا عنقها الأبيض الذي اشتاقه حد الظمأ وتمتم بـعتب غاضب:

_ وأنا! مفكرتيش فيا؟! مخدتيش لحظة قبل ما تخرجي من البيت وتقولي رد فعلي هيبقى إيه؟! هزعل؟! هتوجع؟! مليش حق؟ مفكرتيش إنك على زمة راجل مفروض يعرف إنك خارجه والادهى إنك راحه مكان مبيدخلوش غير الجاني وراحه لشخص مفروض لو بتحبيني قلبك كان يوجعك عليا لما أعرف إنك روحتيله!! مفكرتيش في وجعي!!!

تهادت الدموع لـمقلتيها وهزت رأسها نافية بهستيريا ودفعت جسدها لـصدره وتمسكت بـتيشيرته هامسة بـألم وحب:

_ فكرت والله وندمانه بس قلبي كان محتاج يواجهه وأشوف حقي وربنا بينتقم ليا، كنت محتاجه اقفل كل الماضي بقرفه عشان ابني مستقبلي معاك، كنت محتاجه كدا يا ثائر عشان خوفي يروح، وجعك على عيني يا نور عيني والله ولو أطول أشيله عنك مش هتردد في كدا

لم يرفع يده التي تتمرد عليه وتبغي ضمها لأضلعه الني تحترق لملمس تواجدها جانبه وأغمض عينيه بـحزن لحالتها وقسوته عليها ولكنه تألم بشدة من فعلتها التي أهانت وجرحت رجولته وكيانه ككل وأوقفته ضائعًا بين مسامحتها ودعمها كما كان دومًا وبين قسوته عليها لتتعلم والاختيار يتجسد الآن عندما أبعدها عنه وغلف الاقتضاب ملامحه وتمتم:

_ كل مره كنت بدعمك وبكون جنبك بس المرو دي اسف رجولتي متسمحش ولا كرامتي إن مراتي تروح لطليقها تزوره في السجن تحت أي مُسمى حتى ولو عشاني، خيبة أملي فيكي ووجعي المرة دي أكبر من كل مره ومش بإيدي هنسى وأكمل وكأن محصلش حاجه

سيول الدموع التي تهطل بلا توقف من عينيها كـبحيرة ظلت تنتظر فيضانها وقد آتَ وارتجاف جسدها مع تشبثها بـقبضتها على السطح الرخامي جانبها جعلته يخرج بـغضب صافعًا الباب خلفه دون النظر للمزيد من ضعفها أو انتظار كلماتها مجددًا!! بينما وقفت هي تستند بقلة حيلة على جسدها ودلفت لغرفتها تنوي الانعزال بها كبقية الأيام السابقة تترك لدموعها العنان تخفف بها حدة الأنين الصارخ بداخلها يدفعها لصفع ذاتها المتهورة وانجرافها وأنانيتها معه! هي اختارت ذاتها هذه المرة كسابقتها ولم تنظر لوجعه!! ومع كل مرة كان يحتويها ويبدد قلقها وخوفها وها هو قرر أن يُريها هذه المرة منبع أوجاعه ومصب صرخاته وندباته منها بـالقسوة التي تقطر من كل تفصيلة منه!!!!

مًهّمًآ بًلَغُ ألَمًيَ مًنِکْيَ
سِتٌظُلَيَنِ سِريَ آلَأعٌظُمً
وٌرفُيَقُيَتٌيَ آلأوٌحًدٍ
سِتٌظُلَيَنِ ظُلَيَ آلَدٍآئمً
وٌأنِيَسِﮯ آلَمًلَآزٍمً

عٌلَﮯ قُدٍر حًبًيَ سِـتٌقُآبًلَيَنِ عٌتٌآبًيَ!
سِتٌوٌآجّهّيَنِ صّمًتٌيَ!
سِتٌخِتٌبًريَنِ بًروٌدٍتٌيَ!
سِـتٌعٌيَشُيَنِ قُسِوٌتٌيَ!

ضجّيَجّ قُلَبًيَ مًآ هّوٌ إلَآ ثًوٌرةّ لَمًروٌر طِيَفُکْ!
مًضغُتٌيَ تٌصّرخِ ألَمًآ!
أحًقُآ کْآنِ آلَوٌجّعٌ وٌآلَخِذِلَآنِ مًنِهّآ!
أکْآنِ آلَأنِيَنِ وٌآلَخِيَبًةّ مًنِهّآ!
أهّيَ آلَدٍآء آلَآنِ!
أهّيَ آلَجّزٍء آلَمًفُقُوٌدٍ مًنِکْ!


••______________________________________••

صمت الأيام الماضية على تبدل حالها ومكوثها الدائم مع «حمزه» بل وتحججها به كلما بادر على الاقتراب منها وهروبها للنوم بغرفته وترك فراشهم بحديثها الواهي ولكن اليوم قرر الخروج عن صمته وجذبها عنوة لغرفتهم بعدما نام الصغير وأغلق الباب وعاد للجلوس جانبها مترقبًا تهرب عينيها منه ومتسائلًا بـحدة طفيفة قلقة:

_ مش كفاية هروب وحِجج وتقوليلي في إيه وسبب تغيرك بقالك يومين؟

ابتسمت «أثير» بتوتر وفرك كفيها معًا مغمغمة بـاهتزاز:

_ تغير إيه يا حبيبي لا أنا بس من خوفي على حمزه ممكن أكون قلقت زيادة واهتميت بيه ب تعبه ونسيتك شوي غصب عني

يبغض الكذب بكل أساليبه وها هي تكذب مجددًا ولا تعلم أنه يكشف تعلثمها وهمهم بـضيق وحدة مكملًا استجوابه لها:

_ مش عاوز كدب تاني وأظن كفاية صبرت عليكي يومين عشان تيجي تقوليلي مالك بس محصلش، مفيش خروج من الأوضة دي غير لما أعرف في إيه وكنتي فين من يومين ومتقوليش عند ورده عشان أنا كلمت براء وسألته قالي مفيش الكلام دا

جف حلقها من تلك المواجهة المغلقة الأبواب التي حُصِرت بها وليس أمامها سوى البوح بذاك السر الذي لو قُتلت لن تهمس به لذاتها ولو بالخفاء، نظرت لعينيه الحادة التي تُجزم أنها ترسل أسهم قاتلة لها وابتلعت لعابها وقررت خوض كذبة جديدة مردفة بهدوء تحسد عليه:

_ كنت عند دكتورة تغذية يا راكان

ظهر التعجب جليًا على محياه وهز رأسه بعدم تصديق فتابعت هي بـثقة كاذبة وهدوء:

_ قررت اعمل رچيم طالما أنتَ رافض العملية عشان أنا نفسي أخلف منك وأجيب اخ لحمزه بس يعني وتغيري اليومين اللي فاتوا عشان خايفة نظام الدايت ياخد غترة طويلة والحمل يتأخر أكتر من كدا

لن ينكر أن الراحة تسربت إليه بعد كلماتها ولكن الشك اتخذ سبيله له ولا مجال للتراجع ولكنه استطاع قمعه وحاوط كتفيها بذراعيه ومال مقبلًا وجنتيها بـحب مردفًا:

_ أنتِ عجباني كدا وأنا بحبك وحبيتك كدا بس طالما دي رغبتك مش هقف قصادك بالعكس هدعمك ومش عشان الولاد أنا طبعًا سعادتي متتوصفش يوم ما تشيلي حته جواكي تجمعنا بس فرحتي الأكبر إن ارجع من شغلي أشوف ضحكتك وملامحك اللي بتدوبني دي وبعد يوم تعب اترمي في حضنك وبالنسبة للولاد دا رزق من ربنا مش هنستعجله لأن من استعجل الشيء قبل آوانه عُقب بحرمانه يا حبيبتي وكل شيء بأمر الله

أولجت الكذب والخِداع بحياتهم ولا مجال للتراجع فلتتحمل عواقبه، كلماته أذابت دموعها المجمدة وأسقطتها بلا توقف فدفنت وجهها بكتفه تكتم صرخاتها التي تضوي داخلها وتمسكت به بقوة فربت هو بحنانٍ لم يقل يومًا على وجهها المُبتل وهمس بـصدق:

يمكن مش هتصدقيني وتفكريني بقول كلام وخلاص بس أنا مش عاوز ولاد غير منك ولا عاوز اسمع كلمة بابا غير من طفل تكوني أنتِ أمه، أنا مُكتفي بيكي عن العالم كله يا أثير، مش لاقيكي عند باب جامع عشان لمجرد ما تحصل مشكلة اجري وأفر وأسيبك، لا داانا حفيت وراكي لحد ما قلبي داب في عذابه الحلو منك وراضي بيه، خليكي واثقة في حكمة وعظمة ربنا وإن مهما طال الليل الشمس هتهل

هزت رأسها بموافقة على حديثه الذي فتح أعمق جروحها وتشبثت بـكفه ورفعته ببطء تلثمه بـحب وهمست بـحشرجة من كثرة دموعها:

_ أنا لو فضلت أشكر ربنا واحمده عليك طول عمري مش هوفي حق لحظة فرح واحدة عشتها معاك، يمكن لسه في البداية بس أنا معاك وهصبر للنهاية وهرضى باللي ربنا مقدره لينا، قلبي ملوش مِلة معاك يا ضي العين، أنا ديمًا كنت محتاجة اطمن بس اطمن! وأنتَ جيت اديتني الحب والحنان والراحه وقبلهم كنت ديمًا بتطمني! تفتكر ددا مش كافيني وموفيني!! والله قلبي بيتنفس راحته في وجودك

بًحًثًتٌ بًـدٍآخِلَيَ عٌنِ مًکْآنِکْ
فُوٌجّدٍتٌکْ أبًدٍيَآ تٌرفُض آلَهّجّر
سِألَتٌ قُلَبًيَ عٌنِ حًآلَکْ
فُتٌفُآخِر مًردٍفُآ دٍوٌآء آلَروٌحً
تٌلَفُظُتٌکْ بًـهّمًسِيَ آلَنِآعٌمً
فُـأجّآبً جّوٌفُيَ بًأنِکْ آلَسِر آلَمًعٌلَنِ
فُضحًتٌنِيَ نِظُرآتٌيَ إلَيَکْ
فُتٌحًدٍثًتٌ عٌيَنِآيَ بًلَهّفُتٌهّآ لَآ آبًتٌعٌآدٍ عٌنِ روٌحً آلَفُؤآدٍ
هّذِآ أنِتٌ وٌهّذِآ مًکْآنِکْ وٌهّذِهّ أنِآ وٌتٌلَکْ أوٌصّآفُکْ

••____________________________••

أودعتك بـخافقي لـيذكرني بـكَ عند نبضاته ورسمتك بـمخيلتي لـتتراقص هيئتك أمام نظراتي، نقشت أحرفك بـخبايا أسراري لـاهمس بكَ بين أنفاسي، قطعتك وعدًا لأوفي بـبقائي وها أنا أخبرك بـثباتي ووفائي فأخبرني بحبك هل سـتظل حارس فؤادي؟!

اليوم هو بخير بعد الكثير من الأدوية المُسكنة والمهدئة وها هو يجلسها بين أحضانه ويقرأ لها رواية بسيطة اختارتها هي وكعادته منذ أيام يدثرها جانب قلبه ثم يتغنج صوته لأذنيها بـسرد كلمات الكاتب فلا تعلم أين توجه أذنيها ألصوته الهامس أم الرواية أم نبضات خافقة المتصادة لـظهرها!! ضاع ثباتها وتركيزها معه فأغلقت الرواية من يده والتفت تواجهه بـعينين حالمتين وبسمة هائمة على شفتيها، رفعت أناملها تتحسس ملامحه الوسيمة والهادئة فرجلًا مثله لم تعرف كيف يبدو غضبه للآن؛ واجهت عشقه وغيرته وحبه وحنانه وقوته ولكن غضبه عليها لم تختبره ولا تريد ذلك حقًا خصوصًا بتعبه! أودعت رأسها على أحد كتفيه وأحنت وجهها تتلمسه بـحب ولفت قبضتيها الصغيرتين حول خصره هامسة بـعشق:

_ أنا لو في حلم مش عاوزه أفوق منه ولا ارجع للواقع

ضم جسدها له وراح يربت على ظهرها كـطفلته ويده تمسح على خصلاتها بـعشق وهمس بجانب أذنيها:

_ لا مش حلم دا واقع وحقيقة بنعيشها وهنعيشها كتير يا وردتي، حقيقة إحنا فيها وأنتِ في حضني أنتِ وابننا

تبسمت باتساع وتمتمت بـحب:

_ ابننا
.. ربنا كبير وعوضه أكبر ورحمته أكبر وأعظم، صحيح الوجع كان كبير بس الطيب والراحة أحلى

ظل عدة دقائق يمعن النظر لوجهها المستدير ببشرتها المنقوشة بـحبات النمش اللطيفة التي تزينه ولونها الخمري الذي يناسب ضحكاتها الطفولية حقًا زوجته إمرأة كاملة الفِتنة والجمال والادهى هي أنوثتها! التي تؤرق مضجعه وتشعل النيران بجسده! مال على شفتيها بـقبلة حانية أودع بها عشقه لها ولم تبخل هي بل بادلته والتحمت روحيهما معًا وبعد فترة خرج صوته المشحون بالعاطفة:

_ قلبي عمره ما عرف للحب طريق غير بيكي يا وردة، أنا مش عارف أوصفلك لأي درجة وصلها حبي وخوفي من اللي جاي، من وقت ما حبيتك وحسيت بروحي عايشه مش بتتعذب، بعدتيني عن وحدتي وبقيتي ونيس أيامي، أنا بحبك يا وردة

ويا قلب الوردة الخجولة النابض بـعشق رجلًا تجسدت به معانِ الوسامة والرجولة والحب، أخفت جسدها داخل أحضانه وحاوطته كـطفلٍ رضيع يخشى برودة الابتعاد عن والدته، تمسحت بعنقه طابعة عدة قبلات خفيفة كالسحر بعثت الادرينالين بجسده وهمست بـصوتٍ خافت مُحب:

_ لو هحسب عمري يبقى من اليوم اللي بقيت ملكك فيه واليوم اللي حملت بحته منك هو يوم سعدي وهنايا وفرحتي، أنا ابتدا من يوم ما حبك طل عليا وعيونك فرحتني، أنا بعشقك يا نبض قلب وردة...

ضما كلاهما الآخر وتضاعفت رغبتهم المُلحة بالاختباء عن العالم الذي تسبب بحزنهم وخوفهم الذي يتوسط لحظات حبهم وطغى الصمت إلا من صوت دقات قلوبهم العامرة بالعشق والمُقيدة بالترانيم المميزة

ألَقُيَتٌ بًـفُؤآدٍيَ خِلَفُ خِطِوٌآتٌکْ
فُـعٌآدٍ أسِيَرًآ خِآضعٌآ لَکْ

بًحًثًتٌ عٌنِ قُلَبًيَ بًيَنِ ثًنِآيَآکْ
فُوٌجّدٍتٌنِيَ مًلَکْةّ مًتٌوٌجّةّ بًحًبًکْ
وٌأمًيَرةّ مًدٍلَلَةّ بًغُزٍلَکْ
وٌإمًرأةّ هّآئمًةّ بًکْ

تٌخِطِتٌ قُدٍمًآيَ حًآجّزٍ آلَسِيَر وٌرکْضتٌ مًهّروٌلَةّ إلَيَکْ
فُإلَتٌقُيَتٌ بًـروٌحًکْ وٌجّذِبًتٌنِيَ إلَيَکْ لَتٌحًتٌجّزٍنِيَ دٍآخِلَکْ

ذِآکْ قُلَبًيَ آلَعٌآشُقُ لَکْ وٌتٌلَکْ أحًرفُيَ آلَمًحًبًةّ لَکْ وٌتٌلَکْ أنِآ زٍوٌجّتٌکْ وٌطِفُلَتٌکْ وٌمًعٌشُوٌقُتٌکْ!

••__________________________________••

يومان أخران من الصمت الذي حاولت قطعه والتصدي له بكل جهدها ولكن خابت محاولاتها بالفشل معه ووجدت نفسها متكورة على الأريكة الصغيرة بغرفتهم تبكي بقوة وتنتحب بـحسرة على حالها وندمًا على شناعة فعلتها فهي محق هي زوجة وَجب عليها إخبار زوجها عند خروجها! رفعت نظرها للباب الذي فُتح ودلفت منه «رؤى» ببسمتها المعاتبة ولم تكلف نفسها عناء تجفيف دموعها بل تتابعت شهقاتها وحاولت التقاط أنفاسها، جلست «رؤى» جانبها واحتضنت كتفيها لها بـحب وتمتمت بـعتب:

_ غلطانه ومحاولتيش معاه وقاعدة تبكي وتحبي وخلاص!

شهقت «هبه» بـحزن وتعلثمت حروفها وتمتمت ببكاء:

_ بيتجاهلني وبيبعد عني.... بيبعد عني يا رؤى... كل... كل ما أكلمه أو اقرب منه... يجري يمشي ومش بيسمعني... هو كرهني!

ابتسمت «رؤى» بحنان على سذاجة زوجة شقيقها فهي بالكاد لم ترى حزن شقيقها وما يفعله هجره لها وبعده عنها! ببعض الأيام خارت قواه وضعف جسده وكست التعاسة ملامحه فكيف تظنه توقف عن حبها!!

تنفست الأخرى الهواء المُعبأ بالتوتر وتمتمت بـتعقل:

_ الغلط غلطك يا هبه وأنا نفسي متوقعتش منك كدا، مينفعش تخرجي من غير إذنه وكمان تكدبي عليه وتصغريه بالطريقة دي، ثائر بيتوجع لما يحس إنه طلع مغفل أو عيل وخصوصًا منك!! مشوفتيش شكله لما رجع البيت وملقكيش وخرج زي المجنون يدور عليكي وبعدين رجع وكأنه مكسور وهم الدنيا فوق راسه!!

نظرت لها «هبه» بعينين نادمتين وعضت شفتيها بـألم وخجل يبدو أن زوجها الحبيب لم يُصرح بأكثر من خروجها دون معرفته وكذبها عليها! وتجنب ذكر أنها ذهبت بزيارة لطليقها بالسجن!! يخجلها برجولته وحبه وتظل هي تؤلمه! ابتلعت لعابه الواخز مغمغمة :

_ مكنش قصدي.... عمري ما اقصد اوجعه بالطريقة دي... حد يوجع روحه! ثائر دا مش جوزي دا نبضي! مش بعرف اتنفس ولا ارتاح غير وهو جنبي! دا أبويا وأخويا وابني!

هزت «رؤى» رأسها بـحزن على حاله شقيقها وتلك الفتاة التي يقطر العشق منها وتابعت بـحماس:

_ وبردو اللي بتحب جوزها بالطريقة دي تسيبه يبعد عنها الأيام دي؟! تسمحله أصلا!! أنتِ دلوقتي تقومي تلبسي حاجه لطيفة تجننه كدا وتستنيه يرجع ومتتكلميش! قربي منه بس! اتأسفي ليه بعيونك! تعرفي إنه ديمًا كان بيقولي أنا صحيح مش بشوف غير عيونها بس حتى لو شوفتها كلها هتفضل عيونها زي الشظايا اللي طارت لـقلبي واتغرست فيه!!

وٌافقت حديثها فتابعت الأخرى بتوضيح:

_ أنتِ الوحيدة اللي مهما وجعتيه قلبه مش هيفكر يبطل يحبك! بس لما الموضوع يتعلق بكرامته هتلاقي ثائر غير اللي حبتيه وحبك!! متسيبيش البيت بناره وتقولي هيهدى وقتها هتلاقي البيت ولع كله لازم تلحقيه قبل ما النار تاكله كله!

ابتسمت «هبه» بأمل وجففت دموعها وهزت رأسها موافقة بينما نهضت «رؤى» مغادرة بعد حثها على وتحميسها على التخلي عن خجلها وعدم السماح للحزن بالولوج لعلاقتها بزوجها...

••________________________••

دلف «ثائر» بخطوات بطيئة نحو غرفته التي يعتكف بها منذ خمسة أيام يختفي بها عنها حتى لا يُفضح شوقه وحنينه لها ولكنه لم يمنع عينيه من البحث عنها عندما لم يجدها كعادتها جالسة على الأريكة أو بالمطبخ! تنهد بتعب وجلس هو على الأريكة والحزن يكسوه ويحفر طريقة لعقله، خمسة أيام امتنع عن الحديث معها أو التقرب لها بل واتخذ البرود بينهم حاجزًا ورآها تذبل أمامه وتتوسله بعينيها ولكن حزنه وألمه الذي فطر قلبه منها هذه المرة بلغ مبلغه منه! هذه المرة بلغ الوجع ذروته وسُحقت روحه حتى ولو كانت لها أسبابها! كان يستحق ولو أن تخبره بذهابها! لا أن يكتشف ذهابها لذلك الوغد من ورأه! اغمض عينيه واراح رأسه على الأريكة وبعد عدة دقائق شعر بأنامل صغيرة ترتب خصلاته وتتمشى على ملامحه ولعلمه بهوية صاحبتها لم يفتح عينيه بل اكتفى بتلك اللحظة التي تفوح رائحتها المُعبأة بالياسمين لتنتشر بـكامل خلايا جسده، فتح عينيه بـصعوبة ليواجه عينيها الحزينة التي تلمع بها الدموع والترجي ينبع منها وعندها لم يتحمل المزيد فنهض جاذبًا إليها لصدره بقوة فولاذية ألمته قبلها ولكنه يحتاج للشعور بها داخل عضلات صدره، لف ذراعيه حول جسدها ورفعها بلهفة لتشعر بالهواء يضرب قدميها بعدما كانت على ارضية صلبة، لم تشعر كيف وصلت لغرفتهم بل وجلس بها على الفراش يحتضنها كجوهرة يخشى خدشها ويدفن وجهه بـعنقها يتنفس بـتثاقل جعلها تبتعد عنه وترفع وجهه إليها هامسة بـقلق:

_ مالك يا نور عيني

رفرف «ثائر» بأهدابه بأرق وهز رأسه نافيًا وأجاب بـصدق:

_ بقالي كتير منمتش يا هبه، معرفتش أنام من غيرك

لا تعلم اتبتسم لحبه ام تحزن لما سببته له فهزت رأسها بحزن متلمسة جفنيه واقتربت منهم تاركة قبلة حانية عليهم وهمست بعشق:

_ أنا آسفه يا نن عيني، حقك عليا وزعلك على قلبي، ارتاح يا حبيبي، أنا جنبك هنا

ابتسم «ثائر» بعد غياب بضعف وجذبها تتوسد صدره ومدد جسده المتعب وتمتم بـحب:

_ قلبي مبيقدرش يزعل منك يا هبة روحي

ابتسمت «هبه» باتساع وعبثت بأزرار قميصه بـدلال هامسة:

_ هونت عليك خمس ليالي بعيدة عن حضنك!؟

اعتدل على جانبه ليصبح بمقابلة وجهها ورفع أنامله لترجع خصلاتها خلف اذنها وهمس بـعشق:

_ ولا عمرك تهوني عليا يا حبيبتي، أنا كنت تعبان وتايه أكتر منك

جذبته بـخجل مقربة وجهه من ملامحها أكثر تتشرب عبقه الآخاذ الذي يسكرها واقتربت مقبلة جانب ثغره بـعمق وابتعدت مردفة باستحياء:

_ مش عاوزه اتكلم في اللي فات، مش عاوزه افتكر الأيام دي، أنتَ جنبي وكفاية عليا

لم يسعها المزيد من الكلمات فانحني مُخرسًا شفتيها بـقبلاته وغاب كلاهما خلف سحابة وردية لا مكان للحزن لها هي فقط لحبهم!...

••____________________________••

مضى شهران على الجميع والأوضاع هادئة، تحركت «أثير» بمطبخها بـخفة كفراشة طفيفة ناعمة بـسعادة ورضا عن ما وصلت له فبعد مرور شهران نقصت الكثير من وزنها وأخبرها الطبيب بتحسن حالتها الإنجابية ولا مانع لديها أن تنجب! ابتسمت بسعادة عندما وصل إليها صوت ضحكات صغيرها الحبيب الذي رُزقت به لتعوضه ويعوضها هو الآخر «حمزه» تلك النقطة البيضاء بحياة تلك «ميار» التي توفت الشهر الماضي ولم يكلف «راكان» نفسه عناء الذهاب إليها بل تجاهل الإخبارية! تنهدت بـفرحة عندما سمعت صوت أقدامه إليها التفت تواجهه ووجدته يستند بـجسده على باب المطبخ ويبتسم بـعبث وعيناه تدور على جسدها المكشوف من أسفل قميصها البيتي الأسود الذي ابرز قوامها المشدود! رفعت حاجبها وسلطت نظراتها عليه وتمتمت بـثقة وقوة:

_ بتتفرج على إيه يا دكتور يا محترم!؟

شملها بنظراته ورفع حاجبيه بـمكر وهتف بـخبث:

_ على الحاجات اللي خست بس بقت دمار

اعترى الخجل ملامحها ولكنها قررت مجاراته وتخصرت هاتفة:

_ مش هقولك إنك قليل الأدب لأنك عارف بس هقولك عيب على الشهادة المتعلقة في الاوضة ومكتوب فيها دكتور ومُعلم أجيال!

فصل الخطوات الفاصلة بينهم وحاصر جسدها خلف رخامة المطبخ وعض على شفتيه بـخبث وتمتم بهمسٍ ماكر:

_ ما هو المعلم عاوز يدلع ويتعلم بردو مش هيعلم بس ولا إيه يا حرم المُعلم!

ضحكت «أثير» بشدة حتى أدمعت عينيها واراحت رأسها على كتفه من فرط الضحك وتمتمت بـسخرية:

_ اللي يشوفك في المحاضرة وأنتَ شبه الصنم ما يشوفك وأنتَ سافل ومش لاقي اللي يلمك دلوقت!

قرصها بـعنف بسيط بخصرها ورفعها لـتحاوط خصره بقدميها وجعد أنفه بتهكم مردفًا بتوعد:

_ ما تيجي نشوف السفالة دي جوه ونعرف هتلميني ولا!؟

دفنت وجهها بـعنقه من شدة خجلها وضحكت بخجل محاوطة عنقه وهمست:

_ عيب يا راكان حمزه برا

مط شفتيه بـعبث ومكر وتمتم:

_ ابن الكلب دا راح لرحمه بعد شكله هيقع زي ابوه ورحمه هتطلع عينه وعين اللي جابوه

ابتسمت «أثير» بسخرية واردفت:

_ ربنا بيخلص بردو

ضيق عينيه وتقاسم أنفاسها وتمتم بـوعيد:

_ وأنا هعرفك أنا بخلص إزاي يا بطل

وسط خجلها واعتراضها حملها وسار بها لغرفتهم وأغلق الباب بقدمه ودلفا لعالهم الخاص....

••_____________________________••

صرخت «وردة» بـسعادة وبهجة وخرت ساجدة وقلبها تتسارع الدماء إليه لتجاري نبضاته الثائرة والمتدفقة التي تجعل دقاته كالطبول! تحركت بـحماقة بأرجاء بيتها بعدما أصرت والدتها على تركهم لمنزلها والذهاب لبيتهم وهي تبحث عنه بـبلاهة وعندما وجدته انقضت على ظهره كـطفلة وجدت والدتها وظلت متمسكة بعنقة من الخلف وبسمتها البلهاء ترتسم على ملامحها ولا الف معجم للغة قادرًا عن وصف حالتها!! أدمعت عينيها عندما أنزلها وأجلسها على قدميه ببطنها المنتفخة وتحسسها بحب مردفًا بتساؤل:

_ سر سعادة حبيبي إيه؟

كورت وجهه بين كفيها وختمت قوله بقبلة عميقة على شفتيه بثت لها راحتها وسعادتها وابتعدت بسعادة هاتفة:

_ عشانك... فاضل جلسه!! جلسه وتخف!! جلسه وتنتصر عليه!!

ابتسم «براء» بسعادة شديدة ورفع عينيه شاكرًا لخالقه وأدمعت عيناه بـرجاء وفرحة ليس من أجله فقط بل لأجل فرحتها وضمها لصدره مردفًا:

_ الحمدلله... نقدر بقا نروح نشوف جنس البيبي بدل الحظر اللي فرضاه دا!!

وقفت محتجة وتخصرت وأردفت بحزم:

_ لا مش هنعرف غير يوم ما الدكتور يقول مفيش جلسات تاني وجوزك خف ودا كلام مفهوش نقاش الولد ابني وأنا اللي حامل فيه وانتهى!

أجابها متهكمًا:

_ ليه اتكاثرتي ذاتيًا؟!

نفخت وجنتيها غضبًا منه وأردفت بثقة:

_ لا بس هو جوايا أنا وأنا اللي حملت وأنا اللي هتوجع وأنا اللي هخلف وارضع وأربي واسهر

نهض وعقد ذراعيه بتحدي وتمتم:

_ والعبد للاه مجهوده راح فين؟!

احمرت وجنتيها خجلًا من حديثه وتمتمت بـتوتر:

_ معرفش وبعدين كلامي مفيش رجوع فيه وكلمتي مش هتنزل

حقًا!! ضحك ملئ شدقيه حتى خارت دموعه وبعد فترة من الضحك الذي شاركته به اعتدل بوقفته واقترب منها ووكز جانب رأسها وهتف بـقوة واصطنع الجدية:

_ كلمتك دي مش عليا يمدام... مش براء االي مراته تقولوا الكلام الفاضي دا وكلامي سيف عليكي فاهمهههه!!!

تخطاها للداخل رافعًا رأسه بكبرياء وعيناه تختلس النظرات إليها فعقدت هي ذراعيها أمام صدرها وهتفت بـقوة وغضب مصطنع:

_ برااااااااء

آتاها مهرولًا ورفع أناملها لفمه وقبلها بـتوتر وتمتم:

_ نستنى ومالو يروحي حتى الفرحة تبقى فرحتين أنا عندي كام ورده عشان مسمعش كلامك

ابتعدت عنه ورفعت حاجبها بكبرياء وسارت للداخل بينما ناظرها هو بـغيظ وتمتم بـخفوت:

_ ربنا على الظالم ربنا يقصرك ككمان وكمان

صرخت هي بـحدة تلك المرة:

_براااااااااء

صحح حديثه وهرول لغرفة غير التي توجهت لها وتمتم:

_ بقول ينصرك.... ينصرك يا روحيييييي

••_____________________________••

فركت «هبه» كفيها معًا بتوتر أمام ناظريه وهو يتابع لهفتها لنظرات الطبيب وهو يعيد مراجعة فحوصاتها التي أجرتها مجددًا بعد، وضع الطبيب الأوراق من يده وتمتم ببسمة عملية:

_ مدام هبه الفحوصات بتأكد إن كل مؤشراتك الحيوية كويسه والحمدلله عندك استعداد للعملية وبإذن الله ضمان نجاحها كبير

أومأت له بابتسامة متسعة وحولت نظرها لزوجها السعيد لسعادتها فوضع يده على خاصتها بحب وضمها له ونهض خارجًا معها وما إن وصلا للسيارة حتى ارتمت بأحضانه تتذكر رفضه لرغبتها بإجراء العملية التي لم يرى أي داعٍ لها! هو بالأصل لا يرى ما تدعيه تشوه فقط يري لمعة الحب بمقلتيها! عن أي عيبٍ تتحدث!! وأمام رغبتها وتوسلها وافق وها هي بعد إسبوعين ستخضع لتلك العملية!

لف ذراعه حول جسدها ليدعمها ويخفف من رجفة جسدها وتمتم بحنان:

_ اهدي... هتعدي وإحنا سوى زي كل حاجة... متخافيش

هزت رأسها نافية وهمست بشرود:

_ وحشتيني ملامحي قبل التشوه، وحشتني ضحكتي اللي كانت كاملة، نسيت شكلي!

هزت كتفيها وأجابت على نفسها:

_ مقدرش انسى بس كنت بواسي نفسي إني في يوم هرجع لشكلي دا وحتى لو بمعجزه كبيرة! فرحتي متتوصفش ولا قادرة اوصف شعوري! عاوزه اصرخ واعيط واتنطط واجري! عاوزه أبكي بحجم كل وجع حسيته وعيشته! عاوزه انزل خوفي ووجعي والليالي اللي قضيتها خايفة أواجه العالم وبتخبى بقماشة سودا!

ابعدها عن احضانه ومسح دموعها التي بدأت بالنزول والتي اتضحت بعدما عمل طوال الشهرين الماضين على دفعها لخلع نقابها وتقبل ملامحها التي عشقها وأنها كاملة بعينيه وإن رغبت بإرتداؤء سيدعمها ويساندها ولكن بعدما ترضى عن شكلها وتوقن أنها ملكة وملامحها لا عيب بها!

كور وجهها الباكي بين كفيه واعطاها بسمة دافئة من شفتيه وهمس بـصدق:

_ ربنا عمره ما جاب حاجة وحشه ولا ضرنا العيب كله مننا إحنا البشر وفي الأول والآخر كله مقدر ومكتوب، ولازم كلنا نخوض الاختبارات المليانه وجع بـألمها وحسرتها ونبكي ونتألم عشان يجي يوم لما نفرح نعرف الفرق ونعرف إن ربنا عظيم وحكمته فاقت كل شيء..

هز راسه مؤكدًا حديثه وتابع بصدق وحنان:

_ أنا لما هحب بحب الروح والقلب مش الشكل اللي هيدعمني لما اقع ولا الشكل اللي هيقويني ويسندني، مش الجسم اللي هيقف جنبي ويبقى في ضهري لا!! المعدن والأصل اللي هيكون سند ليا وأرض صلبة واثق أنها هتشيلني، الشكل والجسم أول حاجه بتختفي بعد ما التراب يلمنا وربنا بيفضل الروح ويرفعها ليه ودي اللي بتقابله! عمر الشكل ما كان مقياس ولا سبب لحبي ليكي! أنتِ في عيني ملكة جمال وأميرة فِتنة وأنوثه وفي قلبي نجمة بسماها ودلالها، بحبك يا هبه

عن أي هبه!! هل ينتظر حديثها؟! اين كلماتها؟! بل أين لسانها؟! يا لهذا الرجل زما يفعله بها وما فعله سابقًا! شيم الرجال يختص بها الله صِحاب العزيمة والصدق والرجولة لا الضعفاء ولا الحمقى!، ابتسمت بشجن وقبلت كفه المحتضن وجهها وهمست بعشق:

_ كلامي مش هيوصف لا فرحتي ولا حبي يا نور قلب هبه وثورة روحها، أنتَ بقيت ادماني


اعتدل كلاهما بمقعده وخافقه ينبض بجنون ولم تنفصل أناملهم عن بعضها كحال قلبيهما وظل هو طوال طريق قيادته يختلس النظرات العاشقة لها وتبادله هي دون خجل أو تردد فما رغبته يومًا وحلمت به يتحقق واحدًا تلو الآخر والحزن يبدو أنه هُزم بجدارة وقرر التنحي للفرحة والسعادة!!..

••___________________________••
بعد ثلاثة أيام
صرخت «أثير» بـصدمة وزهول وكممت فمها وتساقطت دموعها بـبطء في حين انتفض «راكان» بهلع وخوف عندما وصل إليه صراخها وهرول للمرحاض الذي تركته مفتوح فوجدها واقفة بزاوية تبتسم تارة وتدمع عينيها تارة وهي تنظر في نقطة واحدة أمامها ببلاهة!! عقد حاجبيه واقترب منها يسالها عن سبب صراخها ولكنها لم تستجب له بل أشارت بعينيها للسطح الرخامي فذهب له والتقط الاختبار الذي تبين انه للحمل!!! ابتلع لعابه بتوجس من نتيجته التي توقعها بسبب دموعها ورفعه لنظره لـتتسع عيناه بسعادة وصدمة وعادو النظر إليها وكأنه يسالها هل ما رأه صحيح!!! هل تلك النتيجة محقة!! هل هي!!!

هزت راسها بتأكيد واقتربت منه بخجل ودموعها تسبقها وتحاول ردعها ولكنها تأبى ترك تلك اللحظة! ابتسمت وسط بكائها والتقطت الشريط من يده ووضعته بين كفهت وثبتته على موضع قلبه وهمست بـخفوتٍ سعيد:

_ أنا حامل...!!

هز «راكان» راسه بإنكار وتمتم بـهمس:

_ بتهزري!؟

ابتسمت بـسعادة ووضعت كفه الآخر على بطنها وغمغمت بثقة وحب:

_ أنا حامل! في هنا بيبي منك!


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close