اخر الروايات

رواية شظايا الكلمات الفصل الرابع والعشرين 24 بقلم جهاد وجيه

رواية شظايا الكلمات الفصل الرابع والعشرين 24 بقلم جهاد وجيه 

شـظـايـا الـكـلـمـات
الفصل الرابع والعشرون كدا

بـنقطة ما من العالم تتوقف جميع الحواس عِند لحظة مُعينة، صدمة قاسية، طعنة غادرة والكثير من الخذلان والحسرة التي تُجبر الفؤاد على النِزاع بـكل قوته للـفرار من ذلك الألم الذي ينهش روحه ولكنه يُشبه عجوزٍ ظل طيلة محياه يحاول قطع جذور شجرة مُترسخة بـزجاجة لم تتوانى عن جرح يداه بـكل مرة حاول بها!!

♕♕♕♕♕♕♕

صدمتها كانت أقوى من أن تُفلت حروفها لـتعبر عن الحروب الناشبة بها! توقفت حواسها عند تلك اللحظة التي وقعت حروفه عليها! ماذا كانت تنتظر؟! أن يبتعد ويتركها تحيا بـسلامٍ؟ أم يُقدمها قربانًا لـقذارته ودناءته!! لم يكتفِ بـإذلالها والتسبب بـجروحٍ لن يُشفيها الزمن بل قضى على آخر آمالها لـبداية جديدة مع رجلٍ أحبته! رجلٍ تمنته ورغبته بـكل ذرة من روحها المُعذبة أن يكون أمانها ومأمنها وسِجنها وسَجَانها!! قطع حِبال الوِصال بينهم بـفعلته الشنيعة! للآن لا يصدق عقلها فعلته!! عرض عرضه وشرفه واستمر بـإهانتها!؟ أهناك ما يؤلم أكثر من أن تتمنى الموت عوضاً عن النظر بـعينٍ عشقتها حد النُخاع؟! أهناك ما يُرهق أكثر من الألم الذي لا يتوقف عن ملاحقتها؟!، رفعت عيونها الفارغة له بـنظرة جافة لـتتقابل مع خاصته الحانية التي لم تتوقف عن دعمها حتى اليوم، تلك القدحتين المعبأتين بـذخيرة من الحب لها تنتظر وقت تصويبها السليم وتمتمت بتعب:

_ محتاجه أكون لواحدي وياريت تسيبني لواحدي فترة

أنصاع لـحديثها وغادر بدون كلمة زائدة تاركًا قلبه يراقب فؤادها الباكي وروحها النازفة يشاركهم الألم هو الآخر!

♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕

الكثير من اللقطات تضرب عقلها والمزيد من الصور تطوف حولها وكأنها تودعها! تلك الصورة تعرفها عندما أتمت حفظ الجزء الأول من القرآن الكريم وأهداها والدها خاتمًا من الفِضة لـحبها الشديد لها منذ الصغر! وتلك قبل الحادثة التي اصابتها بيومين كانوا يمرحون معاً عُقب اختباراتها الدارسية الكثيفه! وتلك السعادة التي تقطر منها بـإسراف كانت لحظاتها الدائمة معه!! ولكن هناك على بُعدٍ فارغ صورة لها تبكي بـحسرة وقهر!! تبكي بـكل ذرة من روحها وكأنها إن لم تبكي اليوم سـتفقد حريتها في الحياه!! ولكن لما كل ذلك الألم الذي رأته بعين نفسها!!! فتحت عينيها بـبطء حتى تعتاد على ضوء الغرفة مع أشعة الشمس الملتهبة وانساق عقلها خلف حديث والدتها أمس!! أمس!! كل خلية بـجسدها تداعت لها ببعض القوة وتحاملت على ذاتها المُرهقة مُخرسة أصوات عقلها وجميع أفكارها ونهضت بـتثاقل من الفراش غير آبهة بـحالاتها الصحية الضعيفه!! تمسكت بـمقبض الباب وكادت أن تخرج ولكنه كان لها بـالمرصاد بـعينيه القلقتين ووجهه المُتعب وكل آسف العالم المُجمع بـملامحه!! ابتلعت ريقها بـتردد وزاغت عينيها بـخوف هامسة:

_ بابا كويس!

أصبحت الكلمات بـمرارة العلقم بـحلقه وتثاقلت أنفاسه مُرددًا بـحذرٍ آسِف:

_ البقاء لله يا حبيبتي

ألهذا إذاً كانت تبكي بـتلك الطريقة الموجَعه!! ألهذا كانت تُسكت أصوات عقلها لأنه يخبرها أنها فقدته للأبد!! رفرفت بـأهدابها بـعدم تصديق وجفاء مرددة:

_ كلكوا كدابين، كلكوا هتسيبوني، أنا بكرهكوا كلكوا

هكذا فقط! وسقط مُرحبة بـظلامٍ حالك أحاطها مُتغيبة عن ذاك العالم الذي لم يُعطيها راحتها الكاملة يوماً!! كانت أبسط أمانيها العيش بـسلامٍ مع عائلتها والدها والدتها وزجها وأطفالها ولكن اليوم ذهب والدها وغداً زوجها بسبب مرضه وماذا أيضاً!!

هوى قلبه بهلعٍ عليها عندما رآها تذبل أمامه بـتلك الطريقة المُتأنية التي تعذبه، ألتقط جسدها بـحنانٍ ووضعها على الفراش مع دخول والدتها المُتعبة تطمئن عليها! أفسح لها المجال لـتجلس على مقربة منها مُحتضنة كفيها تقبلهم بـدموعٍ لم تجف منذ أمس وهمست بـحرقة:

_ قومي ومتحرقيش قلبي عليكي أنتِ كمان، قومي يا بنتي وخليكي قويه، قومي يا ورده وادعيله

ارتفع صوت نحيب والدتها المتألم وتعلثمت حروفها هاتفة:

_ هتقع، هتقع والمره دي هو مش هنا عشان يسندها، هو مش هنا عشان يقويها ويطمنها، غيابها هيكسرها عن أي حاجه، بنتي هتروح مني

سقطت دمعة وحيدة من عيناه عندما استمع لـكلماتها الحزينة والتي أصابته بـمقتل!! كيف سيطمئن زوجته ويحمي طفله ويستعيد ضحكاتها!!

" اتذكر يا والدي عندما أخبرتني أن العالم ينتهي على شخصٍ ما كل يوم! اتذكر قوتي التي أخمدتها بـوجودك وعجرت أمرح بـسلامٍ وروحك ترافقني! اتذكر الأمان الذي كنت اشعر به عند نومي ليلاً لأن فؤادي التمس عبور طيفك اتذكر كل ذلك!! واتذكر أيضاً أنه اختفى اليوم باختفاء أنفاسك عن عالمي!!..".

**************

في منتصف اليوم

أغلقت باب المرحاض خلفها بـعنف وضغطت على خطواتها مُصدرة أصوات غاضبة لـعلها تُحرك ذاك الجامد الذي يُشيح بـنظراته عنها! هو يتجاهلها بكل بساطة!! افترست شفتيها بـغيظ وفتحت خِزانة الملابس بـقسوة واختفى جسدها خلف أحد أبوابها، انتقت منامة زرقاء قطنية وبـحنقٍ وغضب نزعت روب الاستحمام لـيسقط أرضًا وبقت بـقميصٍ شفافٍ فقط وشرعت بـارتداء ملابس النوم تلك عادتها لا تحبذ أخذ ملابسها معها للمرحاض!! ولكنها كانت غافلة عن عيني ذلك العاشق التي تدور عليها وخاصة عندما نهض مُقتربًا منها مُتشربًا بـقزحيتيه أدق تفاصيلها التي حرمته منها! نافضًا كل أفكاره بـتجاهلها وعدم الاقتراب منها بسبب أفعالها الشيطانية به!! أحقا يقدر على مقاومة تلك الأنثى المُهلكة التي تتراقص بـهيامٍ على أوتار قلبه المتيم بها!!
بينما هي متناسية وجوده وانتهت من ملابسها والتفت لـتغلق الخِزانة ولكنها شهقت بـخوف عندما طل وجهه أمامها بـبسمته التي عَجزَت عيناها عن التزحزح عنها! ابتسم الآخر بـخبث ودهاء مقتربًا منها وحاوط خصرها بـأحد ذراعيه ومازالت هي تُمعن النظر بها وهمس بـمكر بـصدى أنفاسها التائهة:

_ مغيرتيش في الحمام لي؟

بـدون وعيٍ منها همست وكأنها مُتغيبة عن الواقع وجسدها تحت سيطرته الكاملة بينما عقلها يُجاري شفتيه:

_ مبعرفش ألبس فيه بخاف اللبس يقع ويتبل مني

ابتسم بـخبث ورفع أصابع يده الحرة لـيتلمس صفحات وجهها البديع هامسًا بـدهاء:

_ بس تصدقي كدا أحسن الرؤيه هنا أوضح.... تشرح القلب

فاقت من تخدرها به وناظرته بـعينين غاضبتين وحاولت فك قيد جسدها من بين ذراعه وهتفت بـحدة مصطنعة:

_ نزل إيدك وابعد عني وإلا...

هز رأسه بـسخرية وعض شفتيه بـتوعد وتمتم بـنبرة تحفظها عن ظهر قلب:

_ وإلا دي عندي أنا

نهي حديثه بـبسمة خبيثة ماكرة واقترب سالباً اعتراضها بـعشقه الجارف مُجبرًا قلبها على الخنوع له ولـقربه منها!! توقفت دثات قلبها لـثوانٍ من صدمة اقترابه عليها ولكنها ما لبثت أن دفعته وصاحت بـخجل حاد:

_ مين سمحلك تعمل كدا وازاي تقرب مني كدااا!؟؟

لم يُبعد جسده عنها ورفع حاجبيه بـلا اكتراث وتمتم:

_ أنا سمحت لنفسي عندك مانع؟! قربت ازاي!؟ قربت كدا
خطف قبلة سريعة من وجنتيها وابتعد تاركًا غصبها وزهولها يتفاقم وغمغم بـتحدي:

_ وكل ما اعوز أقرب هقرب واللي عندك هاتيه أصلك كلام على الفاضي وأنا بصراحه بـعشق الأفعال

ختم حديثه بـغمزة واثقة وذهب لـيتمدد على الفراش بينما بقت هي تغلي كـبركانٍ ظل لعقودٍ خامد يستجمع ثورته وها هو على وشك الانفجار به!!!....

**********
بـنهاية اليوم

وقفت بـجسدٍ شاحب كـالموتى وقلبٍ مُجمد كـالصقيع على أعتاب الغرفة التي يُغسل بها!! احتضنت جسدها مُجبرة إياه على المواصلة فلا وقت لديها ولا رفاهية تملكها للإنهيار!! استمعت لـصوت نحيب والدتها المُتعب ودعواتها له بـالرحمة والمغفرة والراحة وأيضاً ترقبت نظرات زوجها العطوفة وهمسه الدائم لها بـالصبر والتحلي بـالحكمة بـالنهاية أجبرت عقلها على الخروج من أفكاره مع صوت فتح باب الغُرفة لـيُعلن الشيخ انتهاء الغُسل وهم على استعداد لـلصلاة على الميت ودفنه!! بـضياعٍ وحماقة سارت مع الجنازة الكبيرة نسبيًا لوالدها دون ذرف دمعة واحدة!! لم تِغلق عينيها وكأنها أُعطت تهديدًا صريحًا بعدم البكاء!! فقط كانت تشعر بـلمساتٍ مُشفقة من بعض النساء وكلمات مواسية لن تُفيدها بشيء!! بعد ساعة ذهب الجميع!! بقى فقط هو ووالدتها يراقبونها بـشفقة وحزنٍ عليها!! وكيف لا وهي مدللة والدها ورفيقة دربه وأنيسة لياليه ومُفرحة أيامه والآن غادرها وهي لم تنهار!! لم تبكي!! ابتسمت بـخفة ورفعت نظرها لأول مرة لـزوجها القلق وهمست بـصوت بـالكاد وصله:
_ خد ماما روحها عشان تعبت النهاردة وأنا هفضل هنا شوي لواحدي

رأي الإصرار والاحتياج جليًا على ملامحها المُتعبة وكأنها كَبُرت عشرات السنين بـبعض الساعات!! اقترب منها بـحزنٍ مُتعب مُقبلاً جبينها ولم ينسى كفيها الباردين وهمس بـنبرة دافئة كحبه:
_ إن الله مع الصابرين إذا صبروا، أنا هنا ديماً، جنبك وفي ضهرك، خليكي قويه هو عمره ما كان هيتمنى يشوفك كدا يا ورده

أومأت له بـنظرة من عينيها الجافتين وبـمجرد أنا غادرا اقتربت من موضع دفنه وجلست على الأتربة وابتسمت وكأنها تتلمسه مُردفة:
_ طول عمرك عارف إيه أكتر حاجه كنت خايفه منها، بس معنديش مانع افكرك! كنت خايفه تسيبني لواحدي، خايفه أكون بجري طول حياتي وفي الآخر اكتشف إني لسه في بداية طريقى ومفروض أكمله من غيرك!! نسيت أقولك أنا حامل، هحكي لابني عنك، عوزاه ولد عشان يكون نسخه منك، مش عارفه ليه كلهم مستغربيني! عشان معيطش مثلاً؟! المشكله إن اللي جوايا مش العياط اللي هيخففه ويخليني بخير!! اللي جوايا أكبر من إنه يرجعني بخير!!

اختفت بـسمتها وتحشرج صوتها بـهمسٍ مُتأني:

_ أنا مش عارفه هكمل إزاي بس واثقه إنك زرعت فيا اللي يخليني أعافر عشان أكمل!! حاسه بضياع وخيبة أمل متتوصفش، مش بلومك ولا بعترض على أمر ربنا والله بس الاختبار المره دي كسرني يا بابا، عارفه إنك مسمعتش الكلمه دي مني من زمان بس هواسي نفسي بيها في الأيام من غيرك.... متنسانيش زي ما أنا مش هقدر انساك....

لملمت ثيابها المُتربة وسارت خارج المقابر رغم قُرب غياب قُرص الشمس إلا أنا لم تخاف! لم تخف ولكن هناك رجفة باردة سارت بـجسدها من مُقابلة يومٍ كهذا!! يذهب الجميع تاركين إياها بين ثنايا التُراب بـحُفرة بالكاد تتسع لـوضعها مستقيمة مُخلفين دعواتهم لها لـتصبح هي بـمواجهة أعمالها وذنوبها التي ربما ارتكبتها بـغير عمدٍ من هواها ونفسها الأمارة بالسوء!! هي تُجاهد لـتمت وخالقها راضٍ عنها... كانت دوماً دعوة والدها بـكل سجدة أن يتوفاه الله وهو راضٍ عنه! هل حقاً استجاب ورضى عنه بـرحمته وغفرانه!....

" ماذا يُجني البشر من اتباع هواهم الشيطاني والانحراف عن الدرب الاسلم لهم ظناً منهم أن بذلك تكمن متعتهم وسعادتهم!؟ علام يحصلون من نزاعتهم وخداعهم للحصول على الأموال والعقارات والأولاد!؟ أيبقى لهم أحد لحظة دلوف القبر ومواجهته بشاعة أفعالهم؟! يغفل الإنسان عن ذاته!! نفسه!! والتي هي بُنيان سبيله للحياه وكيفما يوجهها تُيسر له وكيفما يُنشأها تقوده!!!.... من أفضل الأمور التي يجب ترسيخها بالروح والعقل كل ليلة أنها ربما تكون الأخيره!! تكون النهاية فماذا ستنهي يومك وماذا ستفعل به!!؟...."

**************
بعد يومين

جلست « أثير» بـشرودٍ وحزن بـمحاذاته تُقلب بـطبقها تحت مراقبة « راكـان» لها! أنهى طعامه وكذلك « حمزه» المتعجب من صمتها منذ أتت من زيارة كلاً من « ورده» و « هبه» وهي تجول بـالبيت بـدون وجهة وتتخذ السكوت ملجأ بينهم!! أشار بـعينيه للصغير بالنهوض وتركهم وانصاع الآخر بـخنوعٍ بينما هو تلمس كفها بـحب هامسًا:

_ إيه اللي واخدك مننا يا هانم

لم يتلقى إجابة منها ولا نظرة بسبب تعمقها بافكارها فـقرصها من خِصرها بـخفة انتفضت هي على أثرها ناهضة بعيدة عنه وهتفت بـغضبٍ حاد:
_ إيه الغباء دا بتقرصني ليه

صُدم من حديثها بل ومهاجمتها له بـغير داعٍ وسبها له ولكنه تدارك نفسه سريعاً فهو يشعر بأنها ليست بخير أبدآ وتتفوه بـتراهاتٍ ستندم عليها لاحقاً!! نهض مقتربًا منها ورفع سبابته بـوجهها بتحذير هاتفاً:
_ خدي بالك من صوتك الأول وبعدين اتكلمي معايا يا هانم وخدي بالك إنك بتكلمي جوزك

تخصرت بـحقد وكأنها تستعد للثوران على غريمتها وهتفت بـغضب وشراسة:
_ معنديش غير كدا إذا كان عجبك ولا مش عاجبك يبقى بلاه الكلام معاك أحسن وأوفر عشان أنتَ بتحرق دمي وأعصابي

رفع شفتيه بـصدمه وتحدث:
_ أنا بحرق دمك؟! هي هرموناتك مالها قالبه عليا ليه لا بقولك إيه أنا على أخري

ناظرته بـقرف وتحدثت:

_ ملكش دعوه بـهرموناتي أحسنلك عشان معرفكش لما بتقلب بتبقى عامله إزاي وقتها لما تبقى في مستشفي المجانين هتتأكد من اللي تقدر تعمله هرموناتي يا بيه

هكذا!! فقط بصقت كلماتها الغاضبة التي اشعلت فتيل النيران بـقلبه وأسرعت للداخل غير مبالية بما ألقته عليه!! لـوهلة أعاد ما فعل لـيُجرم نفسه ويجد سببًا واقعي لـاندفاعها عليه ولكنه لم يجد!! هو فقط كان يعبث معها ويحاول التخفيف عنها!! مسح وجهه بـغيظ ودلف خلفها لـيجدها تجلس بـجانب حمزه بـغرفته تقضم أظافرها بـتوتر وقلق وكأنها استوعبت ما نطقت!! ألقى عليها نظرة مُعاتبة وغير وجهته لـغرفتهم متناولاً هاتفه لـيغادر!!

نظر للساعة التي تشير للثامنة مساءًا وابتسم ساخرًا على قلبه القلق عليها فهي لم تتناول أي طعامٍ منذ الصباح!! توجه للخارج ولكن صوتها المتردد أوقفه:

_ راكـان أنتَ رايح فين؟

لم يلتف لها بل هتف بـاقتضاب:
_ هسيبلك البيت عشان محرقش دمك ولا أعصابك! ولا اروح مستشفى المجانين!

توترت نظراتها بسبب تبلده معها وعضت على شفتيها بـحزن مردفة:
_ مكنتش اقصد والله أنا بس

قاطعها بـبرود:
_ ولا تقصدي مش هتفرق كتير عن إذنك

****************

دار بـالكثير من الطرقات طيلة اليومين المنصرمين يبحث عن وجهته معها ولكن بلا جدوة وكأنها حاربت لتفقده وبالفعل بدأ يُنزع منها!! قلبه قلقاّ من قرارها القادم مما حدث، متى عدت أيام يراقب بيتها لعلها تخرج لـيراها ولو صدفة ويعلم حالها ولكنه اكتشف بـمقابلته الصباحية مع « أثير» أنها مُنفردة بـنفسها بـغرفتها تبكي فقط وتواسي ذاتها! لما العشق مُحرمٌ عليه؟! يُعني لما قلبه دوماً يتألم بمن يحب؟! لم يدق فؤاده لأنثى قبلها وهو واثق أنه أسرها بين اضلعه ولن ينبض لـبسمة غيرها من نساء حواء جميعاً!! ولكن لما كل طُرقهم لا تتقابل وكأن الكون بأسره يحارب بـأسلحته لـيفرق بين روحيهما!!...

أوقف سيارته اسفل البناية راغبًا بـمقابلة صديقه الوحيد لـعله يخفف عنه القليل من الأوجاع التي تتأكله من الداخل وكأن الإخر يشعر به إذ وجده يهبط وعندما رأى سيارته لم يتردد بالقدوم له!!

صفع « راكـان» باب السيارة خلفه بـغضب وسط نظرات « ثائر» المُنصبه عليه بـغيظ وتنهد مردفًا:

_ كان مالي ومال الحب وسنينه وعمايله أنا صحتي راحت
ضحك « ثائر» بخفة وأراح رأسه على المقعد مردفًا بتهكم:
_ ليه يختي غسلتي المواعين ولا رضعتي العيال

جحده « راكـان» بـغضب وتمتم بـحنق:

_ لا يخويا استحملت الأنقح من كدا هرمونات مراتي

لم يتمالك« ثائر» نفسه إلا وصوت ضحكاته تقطع صمت الطريق من حولهم على غيظ صديقه وقلة حيلته!! يسمع عن تقلبات النساء وهرموناتهم اللحظية التي تتبدل وكم يتوق لـاختبارها معها!! ولكن هل ستكون حادة معه؟! فيما يفكر الإن لـينظر للمصيبة الجالس جانبه ويهتف:

_ هي مبهدلاك أووي!؟

ضيق «راكـان» عينيه بـاستفهامٍ مردفًا:

_ هي إيه يالا؟

ضم « ثائر» شفتيه بـمرح هاتفاً:

_ الهرمونات يا ريكو

ضحك «راكـان» بشدة على مزاح الآخر وقلب عينيه متحدثًا باهتمام وكأنه يصف حالة مستعصية:

_ بص دي حاجه عامله زي فصول السنه في بلدنا كدا في الصيف تشتي وتقلب عواصف وسيول وفي الشتا تقلب غابات استوائية ومقولكش على الربيع والخريف دول ميكس تاني هيبهرك ويجلطك

انخرط « ثائر» بـموجة حادة من الضحك حتى ادمعت عيناه وتناسى للحظات أوجاعه مع صديقه البائس!!

توقف « ثائر» عن الضحك وأردف بـتساؤل:

_ طب الهرمونات قلبت عليك دلوقتى ولا إيه؟

ابتسم « راكـان» بـسماجة وهز رأسه مؤكدا وتمتم:

_ أبداً يا سيدي طلعت بـحرق دمها وأعصابها وسكوتي هيوفر عليها الحرق دا عشان متودنيش العباسيه!! فقولت أسيبها بدل ما اتحرق أنا أو اتهطل ايهما اقرب للرجوله!!

كتم « ثائر» ضحكاته بـصعوبة وربت على كتفه بـاشفاق متمتما ً:
_ عاشت الرجوله يا بطل

عدل «راكـان» من وضع ياقة قميصه البيتي ونظر لـخُفه المنزلي بتفاخر وتمتم:

_ مبحبش اتكلم عن نفسي كتير

سخر « ثائر» بـداخله من ملامح صديقه المُتعبه ومزاحه المُبالغ المُبطن لـحزنه! فتنهد مردفّا:

_ قولي مالك

عقد « راكـان» حاجبيه بـتوجس وأشار على نفسه بـضيق وتحدث بـمزاح:

_ أنا!؟ مالي!؟ دا أنا زي الفل والهرمونات بتاعت أثير ماسحه بـكرامتي الأرض

تنهد بـإرهاق وغمغم بـهدوء:
_ عموماً هحكيلك على الله تتعلم وتتفادى غلطات أخوك

ابتسم « ثائر» بـسخرية لاذعة وعقد ذراعيه أمام صدره باهتمام مُنصتًا لـحديث الآخر!!!.

*******************
بـالثانية بعد منتصف الفجر

دلفت أمامه بـخطى مُتثاقلة تجر أوجاعها المتوالية ولم تُلقى لـحديثه الصامت بالاً وأسرعت لـغرفتها مُغلقة الباب خلفها كـرفضٍ صريح لـحديثه وتواجده!! انصاعت لـكلماته بـضرورة المبيت مع والدتها وفي الصباح تذهب!

سارت بـخطواتٍ ضعيفة لـتُلقي بـجسدها المُتهالك فوق الفراش مُخرسة أفكارها الحزينة التي تدور حول نقطة واحدة!! أنه ذهب!! رغبت بـكل ذرة منها أن تُعطي لـجسدها قوة بـالنوم بـفراشه ولكن والدتها سبقتها وأثارت نفسها عليه به! لم تحزن هي بالأصل للآن لا تصدق فكرة عدم تواجده ليشاركها نفس أنفاسها! لا تصدق أن بـغيابه سـينكشف ظهرها الضعيف وتسقط شيئًا فشيء!

هناك أوجاعًا مهما حاول الوقت تخفيفها يبقى عاجزًا عن الاقتراب منها وإعطاء ذاته فرصة معها! تتخفى القلوب خشية من نسيان تلك الآلام حتى لا تُغادرنا ذِكراهم السيئة قبل الحَسنه!

***************
دخل غرفتها بـهدوء واشتياق بلغ مبلغه منه حاملاً بعض الأكياس التي أخفاها خلف ظهره مُقررًا التريث والهدوء معها حتى لا تتعصب من جديد! يشعر من صميمه أنها تعاني وترفض مطلقًا تدخله وهذا لا يفهمه ولا يقبله!!

خابت أماله عندما وجدها تغط في نومٍ عميق وكأنها من خارج الكون وليست تلك التي أمطرته بـسيلٍ من غضبها مجهول السبب! ناظرها بـغيظ ووضع الأكياس على المنضدة القريبة من الفراش وفتح الخزانة ساحبًا ملابس تصلح للنوم ودخل المرحاض بـحنقٍ منها!!

بعد قليل من الوقت خرج من المرحاض ورأى حركتها المضطربة التي تُبرهن استيقاظها!!، اقترب منها وطبع قبلة شغوفة على جبهتها متلمسًا جفنيها المُخبئين راحته وضياء حياته بهما وهمس بـعشقٍ أتعبه:

_ كل حاجه هتكون بخير طول ما أحنا سوا يا هانم... بحبك

التف للجهة الأخرى من الفراش فاردًا جسده بإنهاك مغمضًا عينيه وألقى نظرة أخيرة عليها قبل أن يسحبه سلطان النوم وابتسم بـهيامٍ لـتلك المرأة التي استوطنت فؤاده قبل روحه الجافة واسرته ببسمتها الخجولة وعَبقها الذي أدمنه وأصبح ينتشي عليه بـكل صباحٍ يستيقظ وهي جواره! غلبه النوم وثَقُلت جفونه ولكن قبل أن يغط في النوم شعر بـكفها الرقيق يُدث بين خطوط كفه العريضة بـلهفة وعشق التمسه منها مما جعله يبتسم وينام براحة....

في كثيرٍ من الأحيان نحتاج لالتماس الحب مراراً وتكرارًا حتى وإن كان صادقًا وذلك لـرهبة القلب الدائمة وظُلمة زكرياته المريبة وتعاسته الطويلة التي جعلته يَنفي شعوره بـالإطمئنان مهما قُدم له!!!

**********
هائمه بين أفكارها التي تنهال عليها كـفيضانات كثيفة، أغلقت جفنيها لـثانية! ثانية واحدة حتى تعود يختفي ذاك الجفاف الذي أُلحق بها! وعندما أفرجت عنهم لم يهتز بؤبؤ سوداويتيها وكأنه جماد! بـالنظر لـجسدها الذي اختفى كاملاً داخل عباءتها السوداء وشعرها الذي بدأ في التساقط حتى بدأت تشعر بـبرودة تدب بـفروة رأسها من حينٍ لآخر بسبب الفراغ الذي خلفته خصلاتها المتساقطة! ذلك لم يكن شيء بـجانب وجهها الأبيض كالموتى والارتخاء الشديد به!!....
دلف بـهدوء وهالة من الحزن تُمزق قلبه العاشق عليها منذ وفاة والدها من إسبوعين وهي حبيسة هذه الغرفة والفراش تاركة الأحزان تجلدها وهو فقط يراقبها عاجزًا! تحرك واضعاً الطعام جانباً وجلس بـجانبها متناولاً كفها البارد يـدلكه بـحب وحنانٍ جارف، اعتصر ألم قلبه وحاول الابتسام عندما لم يرف لها جفن منذ دخل وهمس بـلوم:

_ حبيبتي قومي كلي أي حاجه الوقت أتأخر ودا غلط على صحتك

كالعاده لم يحصل على جوابٍ وكعادته هو أيضاً انحني لاثمًا باطن كفها بـعشقٍ ورجاء هامسًا:

_ وحشني صوتك يا وردة ربيعي، أثير جاتلك النهارده ومامتك اتصلت ونفسها تسمع صوتك زيي

ارتفعت أنفاسه قليلاً حتى وصل لـجبهتها وقبلها بـعمق مستنشقًا رائحتها التي غابت عنه، يُدرك فاجعة قلبها ومدى تعلقها بوالدها ذلك الرجل الحنون كان الصديق والحبيب قبل كونه الأب لها! أغدقها بـحبه وحنانه دوماً وهذا رآه جيداً بـعيناه! اختفت أنفاسه لـعدة لحظات عندما شعر بـحركتها تضم كفها على يده! تصلب جسده لـاستجابتها له وابتسم بـقوة مردفًا بـتوسل:

_ عارف إنك سمعاني وإنك حاسه بيا، لو مش عشاني يبقى عشان خاطر ابننا أو بنتنا، هو في مكان أحسن دلوقت مفهوش لا وجع ولا معاناه ولا دموع، مكان هيفضل يضحك فيه ويرتاح، أمر ربنا مفيش لا اعتراض ولا لوم عليه يا حته من روحي بس فوقي وارجعي وأنا هكون قوتك

شعر بها تُلصق جسدها به بـضعف وتهمس بـحروفٍ بالكاد وصلته:

_ مين هيعاند فيا ويقولي يا بشكير تاني؟ مين هصحى الصبح على صوت زعيقه فيا؟ مين هيطمني!؟ طب مين هيقولي حتى وأنا عاجز يابنت بلال لسه شايف قلبك وأحواله!؟؟ كان نفسه يشوف ولادي... قالي إنه هيعلمهم يحبوني زي ما هو بيحبني وأكتر... عمرها ما... عمره ما زعلني بقصده وحتى لو مش قصده مكنتش ببات ليله قلبي زعلان منه لأنه كان بيراضي خاطري... هو وحشني.... وحشني أوووي

أجهشت بـبكاءٍ مرير وارتفعت شهقاتها وكأنه للتو علمت بوفاته! يوم وفاته ولتلك اللحظة لم تسقط دموعها مما أقلق الجميع عليها وها هي الآن تعطي
نفسها الإشارة الخضراء لـتنهار بعيداً عن جليد قلبها وذلك الصقيع الذي يحيطه!!...

لم يوقفها أو يمنعها بل ربت على ظهرها بـحنان فياض وقبل مقدمة رأسها بـهيام وكأنه يخبرها أنه هنا! معها ولن يتركها! أنه أمانها! ملجأها من العالم!! ظلت تبكي لـفترة وجميع ذكرياتهم تضرب عقلها المجروح، ابتسامته، صوته، مشاكسته، ضمته، أنفاسه، حبه ودعواته أحقا ذهب كل ذلك؟! أهي بأحد كوابيسها الأكثر بشاعة على الإطلاق وعندما يحين الاستيقاظ سـتجده معها!؟ كم تمنت ذلك ولكن القدر دائماً يعاندها عضت على شفتيها بـقوة كاتمة صرخة قوية ترغب بتفجيرها وهمست بـألم يمزق روحها:

_ مش قادره... مش قادره أصدق إنه مبقاش موجود معايا... قلبي بيوجعني.... حاسه بـوجع في عقلي... هو أكيد هنا وعارف... عارف إني محتاجاه!! محتاجه يكون جنبي ويسمعني!! محتاجه حضنه!!! خايفه!!! أنا تعبت وقلبي مل الوجع والله مل الوجع وطاقتي استنزفت.... والله تعبت

اعتصر عيناه بـقوة وضمها إليه بـعنف راغبًا باستقبال آلالامها العديدة وجعلها طفلة نقية بعيدة عن الندبات والآهات والصرخات! قلبه وضع على حافة هاوية وبـلمحة تدحرج لـيسقط مسببًا رطمة طويلة الأمد له يعاني، عض شفتيه وكتم أنينه هامسًا بـصدق وتمني:

_ أنا هنا ديما وقلبي هنا وهو كمان هيفضل جنبك، خليكي قويه عشان تفرحيه بـسعادتك، خليكي بخير عشان قلبك... هتتعدل

احتضنته بـكل ما تمتلك من قوة لديها كـغريقٍ سُمح له بـوسيلة واحدة للنجاة وهي هو!! وهمست بـحرقة وسيلٍ من الدموع يلاحق بعضه البعض:

_ متسبنيش، أرجوك بلاش أنتَ كمان... خليك معايا للآخر وارحم قلبي من الوجع دا مره تانيه، قولي ديماً أنك جنبي ومش هتتخلي عني وتتعب قلبي

أغمض عينيه بـحزنٍ متين وشدد من ضمها لـضلوعه وهمس بـحب وصدق:

_ مش هتخلى عنك أبداً.... نامي يا حبيبتي وارتاحي

أعطاها تذكرة للراحة اللحظية لـيأتيها النوم كـتعويذة بـسرعة البرق تضربها وتغمض عينيها بعد أيامٍ من التعب والجفاء المُرابط حول قلبها ومنعها من ذرف الدموع على والدها لـدرجة شك البعض بـحبها له!! ابتسمت بـحزن متمنية رؤيته بـأحلامها وغلبها سلطان النوم بين ذراعيه.....

بينما بقي هو يناظرها بـعينين ذابلتين بسبب ما وصلت له من آلالامٍ مبرحة جعلتها أضعف من السابق وأهش من جِدارٍ من الورق!!

****************

هبطت من بيتها تتوارى خلف نقابها وكلها يقين أن العالم اجمع ينظر لها وكانها عاهرة او مذنبة افتعلت الفحشاء وليست ضحية لـشخصٍ ذُكر بـهوية الشخصية أنه ذكر على سبيل الأمور القانونيه!! تشعر أن كل من يقابلها يناظرها بـاشمئزازٍ جلي!! رغم عدم معرفة أحد بشخصها!!! اوقفت سيارة أجره وصعدت متوجهة لبيت صديقتها ولكن على عكس توقعاتها وجدته يتبعها ويصعد بـجانب السائق دون حديث مما جعلها تغمض عينيها بضعف وتدعو ربها أن يمر اليوم على خير!! تعجبت من وقوف السيارة بغير وجهتها ونزوله أمام البحر وفتحه للباب القريب منها لكي تهبط!! تنفست بضيق وهبطت عاقدة ذراعيها أمام صدرها مردفة بـضيق:

_ اقدر افهم إيه شغل المراهقين اللي بتعمله دا؟

أخيراً تحدث « ثائر» بعد صمتٍ ولم يرفع عينيه بها وهتف بلا مبالاه:

_ لازم نتكلم يا هبه

نهرته « هبه» بـحدة:

_ مفيش بينا كلام ولا حتى سلام وزي ما قولتلك قبل كدا مليون مره انساني وهمشني من حياتك دا اللي عندي ليك

ضحك بـتهكم ورفع عينيه بـنظرة ثاقبة لها جعلتها تبتلع بقايا حديثها وتحدث بـحزم:

_ قولت لازم نتكلم وأنتِ قولت اللي عندك جه دوري ومش عاوز اسمع كلمه منك لحد ما أخلص....

لم تجبه وإنما أشاحت بنظرها عنه ليبتسم بـحب وسرعان ما تحول لـحدة وتابع حديثه:

_ لا أحنا صغيرين ولا مراهقين عشان نفضل نلعب لعبة القط والفار دي وتهربك مني ورفضك ليا اللي طال اللي من غير سبب!

قاطعته بـحرقة وحسرة جارفه:
_ من غير سبب؟؟؟!!! أنتَ واعي لنفسك!!! سامع كلامك وفاهمه وعقلك موافق عليه!!!

جحدها بـنظرة حادة لم تهتم بها وأكمل حديثه:

_ بُعد مش هبعد يا هبه ولا تأخير في الجواز هيحصل إلا بسببين إما موتك أو موتي وهنفضل سوا مش هضيع حبنا دا وأنا ما صدقت لقيته ومعنديش كلام تاني اقوله

ضحكت بـمرارة وضربت زكريات تلك الليلة عقلها وصاحت به:

_ أنتَ أناني ومبتفكرش غير في نفسك واللي في دماغك عاوز تعمله وانشا الله غيرك يولع مش مهم بس مش عليا يا ثائر، جواز وعلاقه بينا مش هيحصل!! الحب اللي بينا انتهي عند نقطه مش هنتخطاها ولا هننساها، مفيش أمل لعلاقتنا

صمتت تجمع أنفاسها المسلوبة من وجعها الداخلي وتابعت بـحرقة ودموعٍ غزيرة:
_ احنا انتهينا وأرجوك كفايه واطلع من حياتي أنا خدت نصيبي ورضيت بيه

لم تنتظر رده بل أسرعت بـقلبٍ نازف وروحٍ تبكي وجعاً تركض من أمامه وكلها عزم على الفرار وتركه حتى لا يُوصم هو الآخر بفضلها!!!


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close