رواية شظايا الكلمات الفصل الثالث والعشرين 23 بقلم جهاد وجيه
الفصل الثالث والعشرون
شـظـايـا الـكـلـمـات
اغمض عينيك وحلق بـالأفق مُهاجرًا جُمِ مخاوفك
خشيت التعلق وإن كان نعيمًا وابتعدت... خِفتُ المواجهة وإن كانت سَكينة وصمت... أنا أُنثى انساقت خلف بحور عشقها الخادع لـرجلٍ أرهقها بـكبريائه المتين وحكمته الثابتة ونظرة عينيه الثاقبة....
توترت قدميها بسبب برودة أعصابها مما أدى إلى ارتجاف جسدها وبـصعوبة تحاملت على المقعد الذي طالته وألقت بـجسدها عليه تاركة دموعها تراقبه وعينيها اللعينتين تلومانه!! رأته يقف مهرولاً إليها وعلى وجهه علامات الفزع والقلق وعيناه تجوبها بحثًا عن سبب تهاوي جسدها ألا يعرف أنه السبب الأوحد!! أغمضت عينيها ونكست رأسها بـتعب ومازالت عِظام جسدها ترتجف من أثر لمسات ذلك الدنيء! اعتلتها غيرة واضحة جعلتها تلتهب كما النيران المشتعلة ولكن تلك الغيرة هي ما تمسكت به وعظمة شعورها بها حتى لا تهرول باكية لأحضانه وتسرد له ما عاشته!!! جلس «ثائـر» أمامها بـقلق محاولاً منع يده مز تلمسها وهتف بـنبرة حانية تخللها الشوق
_ مالك، شكلك تعبانه يا هبه، طمنيني عنك
كلمات ساذجة ألقاها على مسمعها جعلتها تضحك بـتهكم وتحاول النهوض بـتعب متخطية إياه هاتفة بـحزمٍ غاضب
_ مفيش وبما إنك جيت بـالسلامه أنا هرجع بيتي
عقد « ثائر» حاجبيه بـضيق من تهربها وإشاحتها بـصرها عنه والادهى من ذلك أنها تريد الذهاب وترك البيت اليوم!! خلل أناملها بـخصلاته الطويلة وهتف ملطفًا الوضع ومشيرًا للفتاة الغريبة التي تراقبهم هي ووالدته بـبسمة مرحة
_ طب حتى اتعرفي على رؤى أختى!!
تنفست بـراحة عندما تبينت هوية الفتاة والتفتت مُطلعة على ملامحها التي تشبهه كثيرًا وكأنها نسخة عنه إلا من عينيها المشابهتين لوالدته! تبدو صغيرة بنهاية عقدها الثاني على الأرجح!! ولكنه لم يخبرها عنها ولا مرة!! وضعت يديها على قلبها تهدأ من نبضاته العالية وابتسمت عندما اقتربت الفتاة منها واحتضنتها بلا انتظار هامسة بـخفوت
_ متخليش غيرتك تتحكم في مشاعرك، قالي إنه بيحبك بس دلوقت عرفت قد إيه بتحبيه
عضت «هبه» على شفتيها بـخجل وحمدت ربها على النقاب بـتلك اللحظة وهمست لها
_ كنت مكشوفه أووي كدا؟!
هزت «رؤى» رأسها بـتأكيد وبسمة مشاكسة زينت ثغرها عندما ابتعدت محتضنة ذراع « ثائر» هاتفة بـدراما وغنج
_ لـيه بيقولوا الحب أسيه.... ليه بيقولوا شجن ودموع.... صوتي قمر صح؟! مش محتاجه رأيكم أصلاً
لكزها شقيقها بـحرج عندما لاحظ صوت أنفاس «هبه» الذي وصله ومن الواضح أن شقيقته المشاكسة تُخجلها!! قبض على شحمة أذنها بـحدة طفيفة وتمتم من بين أسنانه
_ فاكرة البلكونه؟! ولا افكرك عملي ونظري ونلعب شوي؟!
ابتلعت «رؤى» لعابها المرتجف بـصمت وأومأت بـخنوعٍ له ونظرت لـ «هبه» بـتوعد... هي مازالت تتذكر البلكونة التي كان يجعلها مُعلقة بـأحد جدرانها العالية عندما يريد التخلص من إزعاجها ومع محاولاتها المستميتة للفرار من عقابها كانت تلقى حتفها! فـمرة سقطت على فمها مما أدى إلى تهشم إحدى أسنانها ونزيف لـثتها ومرة أخرى التوى كاحلها وزلت معدتها تؤلمها لاسبوعين والمرة الأقوى والأخيرة عندما حاولت حماية جسدها بـذراعيها وكسر كليهما!!! منذ تلك المرة كانت تتلقى عقابها بـصمت وبسمة سمجة حتى تنتهي العشر دقائق المقدرين لها مُعقلة وهي صامتة!!! حقاً شقيقها كان قاسي القلب معها أم هي مثلما يقول بئر المصائب والأحداث!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
بـاليوم التالي انتهت « أثـير» من وضع الأطباق على الطاولة وهمت بـالعودة لـتوقظهم ولكنها وجدت «راكــان» حاملاً لـ «حمزه» أمامها وكأنهم كانوا ينتظرونها!! ابتسمت بـسعادة مقتربة منهم وزادت بـسمتها عندما رأت تهجم وجه « راكــان» منذ الليلة الماضية!! لم تضحك بـحياتها كـليلة أمس فعندما كانت تناظره تجده ينفخ بـوجهها وكأنها كرة من الجمر يحاول إخمادها! كانت تبغض تلك العادة بـسبب ألمها الشهري ولكنها باتت تحبها مؤخراً لأنها تصف معها ضدَّ زوجها العزيز!! تناولت «حمزه» من والده وقبلت خده بـقوة ومحبة جارفة وهمست بـحنان
_ صباح الخير على عيون أرنوبي الصغير
ابتسم « حمزه» بـمرح وبادلها قبلتها الصباحية وتمتم بـنعاس
_ صباح القمر يا أثـير
توجهت له للمائدة تحت أنظار زوجها الحانقة وصوت أسنانه التي تستغيث منه بسبب ضغطه عليها!! رمقته بـنظرة مسلية من طرف عينيها العسليتين وادعت عدم الاكتراث موجهة حديثها للصغير بينما مقصدها هو!
_ لو مأكلتش لواحدك متحلمش إني اعبرك يا حبيبي
ضحك «حمزه» بـشدة على تفاقم غيظ والده ومُكر « أثـير» وظل يوزع نظراته عليهم بينما هتف « راكــان» بـغضب
_ متحلمش إني هعديلك ليلة امبارح يا حمزه وحرقة دمي ومقابلك اللي هطلعها كلها على جتتك دي!
كتمت ضحكتها بـصعوبة وأشاحت بـنظرها عنه وتناولت كأس من العصير البارد مقربة إياه من الصغير هاتفة بـتأثر وحزن مصطنع
_ خدي يا حبيبي دا بيهدي الأعصاب ويخليها ريلاكس عشان حرقة الدم اللي عندك
افترس « راكــان» شفتيه بـغضب وسرعان ما ابتسم بـشر واقترب جاذبًا تلك الماكرة من ذراعها وابتسم لـ «حمزه» بـلطف هاتفًا
_ معلش يا حبيبي عاوزها في حاجه ثانيه
لم ينتظر إجابته بل جذبها خلفه بـقوة حتى المطبخ ودفعها بـغيظ على الجِدار هامسًا بـسخرية
_ العصير بيهدي الأعصاب صح؟! وحرقة الدم!؟
ابتلعت « أثـير» لعابها من هيئته وبسمته الغريبة لها وتمتمت بـتعلثم وبراءة
_ دا مش أنتَ دا حمزه
أومأ لها بـموافقة وحدق بـعينيها مطولاً وهتف بـغموض
_ عارفه إيه اللي بيهدي أعصابي!؟ كدا
أتتها الإجابة بـقبلة مطولة بـث بها أشواقه للأيام والساعات والثوانِ التي ابتعد عنها بها، تعمق بـقبلته مقربًا جسدها منه مستنشقًا عبيرها الساحر مبستمًا بـسعادة لـقربها منه وخفقان قلبها الذي يتردد صداه بـصدره!! اتسعت بـسمتها عندما رفعت كفيها تحاوط عنقه مسايرة هجومه الكاسح عليها ولكنها فشلت فـتمسكت به متنعمة بـأنفاسه الرجولية التي جعلتها تحلق بـالسحاب معه!! ابتعد تاركًا لها أنفاسها المسلوبة بـسببه وحدق بـها بـبسمة عاشقة مردفًا بـهيامٍ فياض
_ والله عندي استعداد ادفع عمري كله عشان الضحكة دي
تلمس وتر أنوثتها الحساس بـحروفه المغازلة لها فـدفنت وجهها بـصدره بـخجل وصمت بينما صدحت ضحكاته المستمتعة عليها وهمس بـحب
_ مفيش بينا خجل، إحنا واحد، شخصين بروح وكيان واحد قلوبهم اتقابلت صدفه واتقيدوا ببعض لآخر لحظه ليهم في العالم
جاهدت لإخراج كلماتٍ مترابطة ولكنها فشلت فـهمست بـخجل
_ أنا جعانه
هز رأسه بلا فائدة منها وضمها لـقلبه بـقوة هي بالكاد تصل لـأسفل كتفه مما جعلها متناسقة معه تماماً!! بـداخله موجاتٍ من السعادة والتوتر الخفي يدفعانه لـسرق لحظاتٍ مطولة معها راغبًا بـإجبار عقله على جعلها دواؤه الأول ومسكنه الأوحد وملجأه الأمن من العالم.....
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
وقفت « ورده» بـسعادة تختار له ثيابه الذي سـيرتديها أثناء زيارتهم للطبيبة، لقد أصر على متابعتها الدورية مع طبيبة مختصة ولا مجال للمناقشة، أضحت فاتنة موخرًا حسب وهذا ما تستشفه من نظراته المغازلة والوقحة لها! ليلة أمس عندما تأكدت من حملها حملها للفراش رغم تعبه الواضح وإرهاقه وضمها بـعنفٍ لـصدره وكانت تتألم إلا أنها تركته يشعر بها، تعلم ما يختلج قلبه الآن من خوف وتوتر هي أيضاً خائفة ولكن إن استعمر الخوف قلبيهما لن يكون هناك مجالاً لـنجاته من المرض!! تنهدت بـحب عندما شعرت بـكفيه يحاوطان خصرها بـحميمية شديدة مستندًا بـراسه على كتفيها هامسًا بحب
_ مش عارفه بتحلوي كل يوم زياده عن اللي قبله ليه ولا قلبي اللي بيطلع أسباب عشان يحبك من جديد ويقع فريسه ليكي من غير ما يتردد لحظه، أنا خوفي دلوقت كله عشانك مش عشان نفسي، قلبي بيحبك بطريقة وجعاني يا ورده، يمكن مش بعرف اتكلم كتير بس انا لو طولت اتنفسك مش هتردد!!
أغمضت عينيها بـراحة وسلام سامحة لـروحها بـالابتسام لـقلبه بـنعيمهم الخاص واراحت ظهرها على صدره العاري فمن الواضح أنه لن يقلع عن عادته بالخروج عاريًا من المرحاض مهما نهرته!! بقيا على تلك الحالة من السلام النفسي والروحي لـدقائق عديدة كلاً منهم يقطف من بستان الآخر ما يرغبه!! تحسس «براء» معدتها بـعشق وانحنى أمامها مقبلاً إياها قبلاتٍ متفرقة هامسًا بـصدق
_ ربنا اداني أمل جديد عشان أعافر بيه، عشان أقدر اواصل واتحمل وجعي واقوم عشانك، عشان لما تيجي تلاقيني وأكون جنبك وأول حد يمسك إيدك وأنتَ بتمشي أول خطواتك، أول حد تطنق اسمه وتجري تضمه، ربنا بيقولي ميأسش وإنه جنبي في كل وقت، صدقني هعافر عشان وجودك يستاهل وعشان ماما!! الست القمر اللي مخبياك عني دلوقت، أوعدني تحبها ديماً وتكون ضهرها وسندها، متزعلهاش لأن قلبها تعب من الوجع، خليك دوا روحها، متفارقش قلبها مهما كان السبب
انحنت جالسة أمامه مكورة وجهه بين كفيها واقتربت بـعشق مقبلة شفتيه بـخفة وهمست
_ عشان هو يستاهل هنحارب سوا، مش مرض اللي هياخدك مننا وتسيبنا، تعددت الأسباب والموت واحد وربنا رحيم بينا وأنا واثقه من عظمته وقدرته إنه هيداويك ويرحم قلوبنا بـلطفه وعدله، صدقني هنعدي اللحظات دي سوا وكل الأيم هيجي وقت ويخف ونفتكر وقتها ونضحك!!
أومأ لها بـتأكيد وعزيمة قوية وضمها لـصدره بـقوة هامسًا
_ رُبَ قلبٌ يأتيك خِلسة يجعلك تغدو العالم بـهجة وهيام
بـكل حواسها وجوارحها أحبته وانصاعت لـقلبها رغم ألمها منه ولكن بات حبها له أقوى من تناقض عقلها وروحها المتيمة به!! تعلم بأنه مثلها يُخفي ظلامًا دامس عن الجميع إلا عنها وأن فؤاده البشري مُحطم كما الأبنية التي تحت الانقاد ولكن!! عشقها فقط ما يُحيه ولن تتخلى عن ذرة واحده منه!!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
دلفت « هبه» بـتعب أسفل المياه الباردة مغمضة عينيها تسترجع لقطات من حديثه المبطن عن قرب نهاية عدتها واستعداده لـلزواج منها! اسندت رأسها على الجدار بـتشتت وضياع... هل ما هي مقدمة عليه هو الأفضل؟! أستكون أنانية معه إذا لاذت بـحبه وتزوجا!! هو كامل بـعينيها يـستحق فتاة جميلة كاملة الأوصاف مثله لا إمرأة مشوهة مثلها!! ارتجفت اصابعها وصولاً لـبداية كتفها متحسسة ذلت التشوه الصغير الذي لا يعلم به أحد سواها ولا حتى شقيقتها!! أخفته عن الجميع سوى زوجها ذلك النذل الذي كانت مجبرة أمامه عدا ذلك هي أدخرته سرها الثاني بعد ماضيها معه، رغم صِغره إلا أنه يؤلم قلبها أكثر من تشوه وجهها! يجب عليها إخباره قبل كل شيء لن تقع بخطائها مرتين وإن كان يعشقها، ضغطت بـغضب على الندبة التي خلفها التشوه وخرج أنين خافت من شفتيها تحمد ربها أنها اصرت على العودة لبيتها!! جففت جسدها جيداً واقتربت من خزانة ملابسها بـتردد اختارت أحد قمصانها القصيرة عاري الكتفين والصدر وارتدته، وقفت أمام المرأة تتمعن بـجسدها الهزيل واسفل عينيها المُتعب ولا سيما تشوهها الأكبر.... تساقطت دموعها في قهر وعزمت على مهاتفته وأخباره بما تخفيه بأنها تمتلك تشوهًا آخر حتى وإن كان نقطة لا ترى بالعين المجرده ستخبره!!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
بـمنتصف اليوم
هالة من الدُخان القاتم تحوم حوله مكونة سحابة حالكة أمامه! جلس بـغرور واضعًا قدمه فوق الطاولة منتظرًا دخول غريمته بالأصح سبب ندبات وجهه!! ابستم بـشر عندما دلف « ثائـر» بـهدوء وحوله هالة من الرعب والغضب تفتك به، لم ينتظر حديثه بل جذبه من مقدمته قميصه بـغضب ساحق صافعًا إياها بـعنف مهدرًا بـشر
_ اللي زيك ملوش الرحمه وأنا رحمتك مره المره دي مستحيل أفكر أكررها، اللي بيقرب من حاجه تخصني يبقى لعب في عداد عمره
لم يظهر على « فاضل» أي تعابير خائفة لأنه أخفاها جيداً هو حقاً يرتعب من ذلك الماثل أمامه ولكنه لن يحعله يلوذ بانتصاره عليه!! أنزل كفي « ثائر» عنه والتفت بـكبرياء وخطواتٍ واقفة بالغرفة مردفًا
_ وأنتَ مش ربنا عشان ترحمني، فكرك كنت هسيبك بعد ما شوهت وشي زيها؟! خلينا في موضوعنا دلوقت....
هز « ثائر» رأسه بـسخرية تامة ما لبث أن تحولت لـنظرة بثت الرعب بـقلب الآخر وجعلته يرتجف مبتعداً عنه ولكن كان « ثائر» الأسرع وانقض مكيلاً له لكمات عديدة بـمختلف جسده وخاصة وجهها وركلاتٍ مميتة بـأسفل معدته وهتف بـصوتٍ مرعب وقاتل
_ مجرد الضمير اللي بيشير ليها ميجيش على لسانك ولا تفكر فيها بـعقلك القذر دا يا حيوان، أنا اتهاونت معاك عشانها مره بس مش هتحصل تاني ولو هاخد فيك إعدام المهم أبقى خلصتها منك ومن قرفك وشرك
زحف « فاضل» بـجسده للخلف ملتقطًا أنفاسه كاتمًا الدماء التي تقطر من فتحات انفه وفمه ولعن اللحظة التي بعث له بـذلك الفيديو الذي صوره لها وهم معاً أثناء زواجهم!! ما أمامه ليس ذلك الهادئ الحكيم بل نسخته القاسية منزوعة الرحمة والتفاهم، لقد اختبر غضبه قبل ذلك عندما طلب من رجلاً أن يشوهه بـسكينٍ حاد ملوث بـملحٍ لـيحترق جرحه وكأنه بالجحيم!!!
خطوات فاصلة بينهم قطعها « ثائر» بـبطء لـيرتجف جسد « فاضل» رعبًا وتمتم بـكلماتٍ ندم عليها لاحقاً
_ لو مطلعتش من البيت دا خلال ساعه كل فيديوهاتها هتكون على النت وفي كل المواقع اللي تخطر على بالك
ندم حقاً عندما رأي وميض الحقد والقسوة يندلع من عيناه لـيحرقه ويتخلل لـروحه وآخر ما يتذكره هو أنه اقترب صافعًا رأسه مع الحائط بـقوة هائلة شعر بـانقسام رأسه لها!!!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡•♡♡♡♡♡♡♡♡♡
انتهى اليوم وسط القليل من المشاحنات والمشاكسات بينهم وكم أحبت تلك اللحظات التي جمعتهم، لن تنكر أن شيئاً بقلبها قد تبدل وأصبحت أقوى وأكثر حكمة وصبر وهذا يروقها وأيضاً يقلقها، هناك أيضاً « حمزه» وحبه الشديد لها وخوفها من أين يأتي يوماً وتقصر معه ويحتاج لوالدته!!، هناك عائلتها التي حجبت نفسها عنهم وهم لم يتسألوا عنها!؟ اكانوا ينتظرون ثورتها ليرفعوا ايديهم عنها!؟ أأصبحت المُلامة والمذنبة الوحيدة الآن؟! حقاً تبدل الأحوال البشرية أمراً بالغ القسوة والجحود فمعه تُنزع القلوب وتُغطى بـجليدٍ قارص!! وسط دوامة أفكارها غطت بـنومٍ عميق لم تشعر لـمتى ظلت نائمة على الاريكة بـالخارج ولكنها شعرت بـملمس كفٍ خشن يتحسس وجنتيها الساخنتين! فتحت عينيها بـنعاسٍ وتذمر مهمهمة
_ حمزه سيبني أنام شوي
لم يبتعد بل عبثت يداه بـفروة رأسها وخصلاتها النارية التي تُرهقه وطبع قبلة رطبة بـباطن كفها فـفتحت عينيها بـضجر هاتفة
_ يووه يا حمزه عاااو..
قطع حديثها عندما اعتلاها ولفحت أنفاسه الثقيلة صفحات وجهها الدافئ متلمسًا شفتيها بـإبهامه بـعشق وهمس بصوت دغدغها
_ بس أنا مش حمزه يا أثـير هانم أنا أبو حمزه منفعش؟!
جف حلقها من قربه الشديد وصوته الهادئ الذي يهمس به مما جعلها تغمض عينيها بـخجل وتوتر هامسة
_ أنا كنت نايمه برا جيت أوضتك إزاي؟
وضع سبابتها مانعًا حديثها وهمس بـرقة أذابتها
_ اسمها اوضتنا مفيش حاجه ملكيه خاصه لحد من وقت ما بقيتي على اسمي ماعدا أنتِ ملكي وبس وأنا اللي جبتك هنا!
تنهدت دافعة إياه عنها ولكنه كان كالصخر مما جعلها تنفخ بـضيق هاتفة
_ ابعد لو سمحت كدا عيب
ابتعد « راكــان» عنها والقى بـجسده جانبها على الفراش هامسًا بـحب بينما يجذبها لتتوسد صدره
_ نامي يا حبيبتي الوقت اتأخر، نامي
تملصت من بين أحضانه ولكنه كان الاقوى وقيدها فـهتفت بـحنق
_ هو خدوهم بالقوة ولا إيه، وسع كدا خليني اروح أنام في اوضتي
لم يعطيها نظرة وحيدة وتمتم بـتوعد
_ نامي لإما وقسماً بالله هوريكي بيستخدموا القوة إزاي وأنا هموت واستخدمها اصلا!
أغمضت عينيها مسرعة عندما وصلها مخزى حديثه الوقح متصنعة النوم فابتسم هو بـعشق مقبلاً شفتيها بـعمق وهمس
_ الدلال والجمال مرادفان لـبسمة شفتيكِ يا صاحبة الشعر الناري
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
فزعت « هبه» من نومها عندما استمعت لـصوت طرقات عنيفة على الباب جعلتها ترتعد خوفًا من أن يكون قد عاد!! بـأصابع مرتجفة ارتدت ثيابها كاملة وتوجهت للخارج بـخطوات بـطيئة ومع كل ثانية تتمنى أن لا يكون هو، نظرت للساعة التي تشير للثانية بعد منتصف الليل وابتلعت لعابها بـقلق وهمست بـتساؤل
_ مين وعاوز إيه؟
_ افتحي يا هبه
لم تطمئن كثيراً عندما علمت أن الطارق لم يكن سوى « ثائـر» ولكن صوته الفارغ والذي بعث المزيد من الرعب لها جعلها تفتح الباب بـحذر هاتفة
_ إيه جابك في الوقت دا؟
دفع الباب بـغضب ودلف للداخل وبقت هي تنظر في اثره بـخوف لأول مرة بحضوره وتمتمت
_ ممكن افهم إيه الهمجية دي وإزاي تجيلي البيت في وقت متأخر زي دا؟
تحكم « ثائر» بـصعوبة بـذاته التي تحسه على تهشيم رأسها العنيد ورفع نظره نحوها بـغضب هاتفًا
_ مقولتليش ليه إن الزباله دا اتعرضلك؟ خبيتي عني لييييه!!!
أجفلت من صوته وارتدت للخلف بـهلع وكأن الذي أمامها ليس من أحبت!! هذا يذكرها به هو!!! بـ «فاضل» ليس « ثائر» الذي وقعت بـحبه وحنانه نظرات ذلك الغاضب والشر المقتبس من حدقتيها جعلته تضم جسدها بـخوف وتهمس مبررة
_ مجتش فرصه وأنتَ لسه راجع امبارح متأخر وكنت هقولك
نهرها بـقسوة وغضب وهتف بنبرة جافة
_ هتقوليلي امتى لما صورك وفيديوهاتك معاه تملى كل مواقع النت وتبقي حديث الساعه!!!
لوهلة توقف الزمن عند حديثه!! ماذا يقصد بـتلك الكلمات والصور ومقاطع الفيديو!! هزت رأسها بـإنكار وأدرفت
_ صور إيه أنا مش فاهمه حاجه
لعن تحت أنفاسه غضبه الاعمى الذي آتى به إلى هنا وجعلها تراه بهذه الهيئة التي تمنى الموت قبل أن تلمحه بها!! تنهد بـتعب والتف خارجًا ولكنها أوقفته بـحزم وحدة
_ مش هتمشي قبل ما تقولي صور إيه وبتلومني على إيه!!!!وكأني أجرمت!
وجد الإصرار جلياً على ملامحها والحزم فـتنفس مبعدًا غضبه وتمتم
_ كان بيصورك لما كنتوا سوا وهددني بكدا
بضع كلمات جعلتها تغدو بـصدمة هائلة جمرة من اللهيب وُضعت بـاحترافية لتنهي انسانيتها، سقطت بـفتحة بركانٍ من الظلام والنيران تاركة كل قواها تتبخر لتستحوذ ابنهاية عليها!!... ومرت دقيقة وأخرى كانت ملامحها جامدة وكأنها تمثالًا لا حياة فيها!! ندم على ما تفوه به وما دفعه لإخبارها بهذا الأمر الذي لا يعلم عواقبه انتشله من شروده صوت ضحكاتها الهستيري وسقوطها أرضًا مع علو صوت ضحكاتها!!!! علم أنها ليست بحالة طبيعية بالمرة وليست بوعيها!!! سرعان ما تبدلت ضحكاتها لـبكاءٍ عنيف وتشنج جسدها بـقوة وعلا صوت نحيبها....
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
تقلبت بـنومها بـقلق ونظرت الساعة التي تشير للثالثة صباحاً وتنهدت بتعب، تشعر بعدم راحة وخوف لا تعلم مصدره، اقتربت من « براء» النائم وضمت جسدها الصغير له عندما تضاعف الم قلبها مجهول الهوية، انحدرت دمعة واحده من عينيها تحرق وجنتيها مما جعلها تشهق بـعنف كاتمة بداية بكائها!! وجدت نفسها تهاتف والدته بـدون تردد رغم تأخر الوقت! مرت عدة دقائق حتى أتاها صوت والدتها الباكي!! حينها فقط خارت قواها وهتفت بـذعر
_ ماما بابا كويس صح؟! بابا فين؟!
أتاها رد والدتها المزيد من البكاء الحارق الذي جعل أسوأ مخاوفها تزورها!! وضعت يديها على قلبها تهدأ من المه ولكنها فشلت فعاودت سؤالها بـإنكار
_ بابا حصله حاجه؟؟!!!
هزت رأسها بـنفي وهلع عندما اخبرتها والدتها أنها بالمشفى وحالة والدتها سيئة للغاية!! سقط الهاتف من قبضتها معلنًا إنذار الخطر لـعقلها!! شعرت بـنغزة قوية تجتاح فؤادها حتى اُدميَ! تكونت غشاوة من الدموع بـعينيها حجبت عنها الرؤية وبـنفس الوقت شعرت بـشئٍ ساخن على قدميها!!! هزت رأسها بـرفض رافضة تصديق واقعها واغمضت عينيها مستسلمة لغياب وعيها وهي موقنة أنها عندما تستيقظ ستكون فقدت الكثير والكثير الذي ستعجز عن إعادته.....
شـظـايـا الـكـلـمـات
اغمض عينيك وحلق بـالأفق مُهاجرًا جُمِ مخاوفك
خشيت التعلق وإن كان نعيمًا وابتعدت... خِفتُ المواجهة وإن كانت سَكينة وصمت... أنا أُنثى انساقت خلف بحور عشقها الخادع لـرجلٍ أرهقها بـكبريائه المتين وحكمته الثابتة ونظرة عينيه الثاقبة....
توترت قدميها بسبب برودة أعصابها مما أدى إلى ارتجاف جسدها وبـصعوبة تحاملت على المقعد الذي طالته وألقت بـجسدها عليه تاركة دموعها تراقبه وعينيها اللعينتين تلومانه!! رأته يقف مهرولاً إليها وعلى وجهه علامات الفزع والقلق وعيناه تجوبها بحثًا عن سبب تهاوي جسدها ألا يعرف أنه السبب الأوحد!! أغمضت عينيها ونكست رأسها بـتعب ومازالت عِظام جسدها ترتجف من أثر لمسات ذلك الدنيء! اعتلتها غيرة واضحة جعلتها تلتهب كما النيران المشتعلة ولكن تلك الغيرة هي ما تمسكت به وعظمة شعورها بها حتى لا تهرول باكية لأحضانه وتسرد له ما عاشته!!! جلس «ثائـر» أمامها بـقلق محاولاً منع يده مز تلمسها وهتف بـنبرة حانية تخللها الشوق
_ مالك، شكلك تعبانه يا هبه، طمنيني عنك
كلمات ساذجة ألقاها على مسمعها جعلتها تضحك بـتهكم وتحاول النهوض بـتعب متخطية إياه هاتفة بـحزمٍ غاضب
_ مفيش وبما إنك جيت بـالسلامه أنا هرجع بيتي
عقد « ثائر» حاجبيه بـضيق من تهربها وإشاحتها بـصرها عنه والادهى من ذلك أنها تريد الذهاب وترك البيت اليوم!! خلل أناملها بـخصلاته الطويلة وهتف ملطفًا الوضع ومشيرًا للفتاة الغريبة التي تراقبهم هي ووالدته بـبسمة مرحة
_ طب حتى اتعرفي على رؤى أختى!!
تنفست بـراحة عندما تبينت هوية الفتاة والتفتت مُطلعة على ملامحها التي تشبهه كثيرًا وكأنها نسخة عنه إلا من عينيها المشابهتين لوالدته! تبدو صغيرة بنهاية عقدها الثاني على الأرجح!! ولكنه لم يخبرها عنها ولا مرة!! وضعت يديها على قلبها تهدأ من نبضاته العالية وابتسمت عندما اقتربت الفتاة منها واحتضنتها بلا انتظار هامسة بـخفوت
_ متخليش غيرتك تتحكم في مشاعرك، قالي إنه بيحبك بس دلوقت عرفت قد إيه بتحبيه
عضت «هبه» على شفتيها بـخجل وحمدت ربها على النقاب بـتلك اللحظة وهمست لها
_ كنت مكشوفه أووي كدا؟!
هزت «رؤى» رأسها بـتأكيد وبسمة مشاكسة زينت ثغرها عندما ابتعدت محتضنة ذراع « ثائر» هاتفة بـدراما وغنج
_ لـيه بيقولوا الحب أسيه.... ليه بيقولوا شجن ودموع.... صوتي قمر صح؟! مش محتاجه رأيكم أصلاً
لكزها شقيقها بـحرج عندما لاحظ صوت أنفاس «هبه» الذي وصله ومن الواضح أن شقيقته المشاكسة تُخجلها!! قبض على شحمة أذنها بـحدة طفيفة وتمتم من بين أسنانه
_ فاكرة البلكونه؟! ولا افكرك عملي ونظري ونلعب شوي؟!
ابتلعت «رؤى» لعابها المرتجف بـصمت وأومأت بـخنوعٍ له ونظرت لـ «هبه» بـتوعد... هي مازالت تتذكر البلكونة التي كان يجعلها مُعلقة بـأحد جدرانها العالية عندما يريد التخلص من إزعاجها ومع محاولاتها المستميتة للفرار من عقابها كانت تلقى حتفها! فـمرة سقطت على فمها مما أدى إلى تهشم إحدى أسنانها ونزيف لـثتها ومرة أخرى التوى كاحلها وزلت معدتها تؤلمها لاسبوعين والمرة الأقوى والأخيرة عندما حاولت حماية جسدها بـذراعيها وكسر كليهما!!! منذ تلك المرة كانت تتلقى عقابها بـصمت وبسمة سمجة حتى تنتهي العشر دقائق المقدرين لها مُعقلة وهي صامتة!!! حقاً شقيقها كان قاسي القلب معها أم هي مثلما يقول بئر المصائب والأحداث!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
بـاليوم التالي انتهت « أثـير» من وضع الأطباق على الطاولة وهمت بـالعودة لـتوقظهم ولكنها وجدت «راكــان» حاملاً لـ «حمزه» أمامها وكأنهم كانوا ينتظرونها!! ابتسمت بـسعادة مقتربة منهم وزادت بـسمتها عندما رأت تهجم وجه « راكــان» منذ الليلة الماضية!! لم تضحك بـحياتها كـليلة أمس فعندما كانت تناظره تجده ينفخ بـوجهها وكأنها كرة من الجمر يحاول إخمادها! كانت تبغض تلك العادة بـسبب ألمها الشهري ولكنها باتت تحبها مؤخراً لأنها تصف معها ضدَّ زوجها العزيز!! تناولت «حمزه» من والده وقبلت خده بـقوة ومحبة جارفة وهمست بـحنان
_ صباح الخير على عيون أرنوبي الصغير
ابتسم « حمزه» بـمرح وبادلها قبلتها الصباحية وتمتم بـنعاس
_ صباح القمر يا أثـير
توجهت له للمائدة تحت أنظار زوجها الحانقة وصوت أسنانه التي تستغيث منه بسبب ضغطه عليها!! رمقته بـنظرة مسلية من طرف عينيها العسليتين وادعت عدم الاكتراث موجهة حديثها للصغير بينما مقصدها هو!
_ لو مأكلتش لواحدك متحلمش إني اعبرك يا حبيبي
ضحك «حمزه» بـشدة على تفاقم غيظ والده ومُكر « أثـير» وظل يوزع نظراته عليهم بينما هتف « راكــان» بـغضب
_ متحلمش إني هعديلك ليلة امبارح يا حمزه وحرقة دمي ومقابلك اللي هطلعها كلها على جتتك دي!
كتمت ضحكتها بـصعوبة وأشاحت بـنظرها عنه وتناولت كأس من العصير البارد مقربة إياه من الصغير هاتفة بـتأثر وحزن مصطنع
_ خدي يا حبيبي دا بيهدي الأعصاب ويخليها ريلاكس عشان حرقة الدم اللي عندك
افترس « راكــان» شفتيه بـغضب وسرعان ما ابتسم بـشر واقترب جاذبًا تلك الماكرة من ذراعها وابتسم لـ «حمزه» بـلطف هاتفًا
_ معلش يا حبيبي عاوزها في حاجه ثانيه
لم ينتظر إجابته بل جذبها خلفه بـقوة حتى المطبخ ودفعها بـغيظ على الجِدار هامسًا بـسخرية
_ العصير بيهدي الأعصاب صح؟! وحرقة الدم!؟
ابتلعت « أثـير» لعابها من هيئته وبسمته الغريبة لها وتمتمت بـتعلثم وبراءة
_ دا مش أنتَ دا حمزه
أومأ لها بـموافقة وحدق بـعينيها مطولاً وهتف بـغموض
_ عارفه إيه اللي بيهدي أعصابي!؟ كدا
أتتها الإجابة بـقبلة مطولة بـث بها أشواقه للأيام والساعات والثوانِ التي ابتعد عنها بها، تعمق بـقبلته مقربًا جسدها منه مستنشقًا عبيرها الساحر مبستمًا بـسعادة لـقربها منه وخفقان قلبها الذي يتردد صداه بـصدره!! اتسعت بـسمتها عندما رفعت كفيها تحاوط عنقه مسايرة هجومه الكاسح عليها ولكنها فشلت فـتمسكت به متنعمة بـأنفاسه الرجولية التي جعلتها تحلق بـالسحاب معه!! ابتعد تاركًا لها أنفاسها المسلوبة بـسببه وحدق بـها بـبسمة عاشقة مردفًا بـهيامٍ فياض
_ والله عندي استعداد ادفع عمري كله عشان الضحكة دي
تلمس وتر أنوثتها الحساس بـحروفه المغازلة لها فـدفنت وجهها بـصدره بـخجل وصمت بينما صدحت ضحكاته المستمتعة عليها وهمس بـحب
_ مفيش بينا خجل، إحنا واحد، شخصين بروح وكيان واحد قلوبهم اتقابلت صدفه واتقيدوا ببعض لآخر لحظه ليهم في العالم
جاهدت لإخراج كلماتٍ مترابطة ولكنها فشلت فـهمست بـخجل
_ أنا جعانه
هز رأسه بلا فائدة منها وضمها لـقلبه بـقوة هي بالكاد تصل لـأسفل كتفه مما جعلها متناسقة معه تماماً!! بـداخله موجاتٍ من السعادة والتوتر الخفي يدفعانه لـسرق لحظاتٍ مطولة معها راغبًا بـإجبار عقله على جعلها دواؤه الأول ومسكنه الأوحد وملجأه الأمن من العالم.....
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
وقفت « ورده» بـسعادة تختار له ثيابه الذي سـيرتديها أثناء زيارتهم للطبيبة، لقد أصر على متابعتها الدورية مع طبيبة مختصة ولا مجال للمناقشة، أضحت فاتنة موخرًا حسب وهذا ما تستشفه من نظراته المغازلة والوقحة لها! ليلة أمس عندما تأكدت من حملها حملها للفراش رغم تعبه الواضح وإرهاقه وضمها بـعنفٍ لـصدره وكانت تتألم إلا أنها تركته يشعر بها، تعلم ما يختلج قلبه الآن من خوف وتوتر هي أيضاً خائفة ولكن إن استعمر الخوف قلبيهما لن يكون هناك مجالاً لـنجاته من المرض!! تنهدت بـحب عندما شعرت بـكفيه يحاوطان خصرها بـحميمية شديدة مستندًا بـراسه على كتفيها هامسًا بحب
_ مش عارفه بتحلوي كل يوم زياده عن اللي قبله ليه ولا قلبي اللي بيطلع أسباب عشان يحبك من جديد ويقع فريسه ليكي من غير ما يتردد لحظه، أنا خوفي دلوقت كله عشانك مش عشان نفسي، قلبي بيحبك بطريقة وجعاني يا ورده، يمكن مش بعرف اتكلم كتير بس انا لو طولت اتنفسك مش هتردد!!
أغمضت عينيها بـراحة وسلام سامحة لـروحها بـالابتسام لـقلبه بـنعيمهم الخاص واراحت ظهرها على صدره العاري فمن الواضح أنه لن يقلع عن عادته بالخروج عاريًا من المرحاض مهما نهرته!! بقيا على تلك الحالة من السلام النفسي والروحي لـدقائق عديدة كلاً منهم يقطف من بستان الآخر ما يرغبه!! تحسس «براء» معدتها بـعشق وانحنى أمامها مقبلاً إياها قبلاتٍ متفرقة هامسًا بـصدق
_ ربنا اداني أمل جديد عشان أعافر بيه، عشان أقدر اواصل واتحمل وجعي واقوم عشانك، عشان لما تيجي تلاقيني وأكون جنبك وأول حد يمسك إيدك وأنتَ بتمشي أول خطواتك، أول حد تطنق اسمه وتجري تضمه، ربنا بيقولي ميأسش وإنه جنبي في كل وقت، صدقني هعافر عشان وجودك يستاهل وعشان ماما!! الست القمر اللي مخبياك عني دلوقت، أوعدني تحبها ديماً وتكون ضهرها وسندها، متزعلهاش لأن قلبها تعب من الوجع، خليك دوا روحها، متفارقش قلبها مهما كان السبب
انحنت جالسة أمامه مكورة وجهه بين كفيها واقتربت بـعشق مقبلة شفتيه بـخفة وهمست
_ عشان هو يستاهل هنحارب سوا، مش مرض اللي هياخدك مننا وتسيبنا، تعددت الأسباب والموت واحد وربنا رحيم بينا وأنا واثقه من عظمته وقدرته إنه هيداويك ويرحم قلوبنا بـلطفه وعدله، صدقني هنعدي اللحظات دي سوا وكل الأيم هيجي وقت ويخف ونفتكر وقتها ونضحك!!
أومأ لها بـتأكيد وعزيمة قوية وضمها لـصدره بـقوة هامسًا
_ رُبَ قلبٌ يأتيك خِلسة يجعلك تغدو العالم بـهجة وهيام
بـكل حواسها وجوارحها أحبته وانصاعت لـقلبها رغم ألمها منه ولكن بات حبها له أقوى من تناقض عقلها وروحها المتيمة به!! تعلم بأنه مثلها يُخفي ظلامًا دامس عن الجميع إلا عنها وأن فؤاده البشري مُحطم كما الأبنية التي تحت الانقاد ولكن!! عشقها فقط ما يُحيه ولن تتخلى عن ذرة واحده منه!!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
دلفت « هبه» بـتعب أسفل المياه الباردة مغمضة عينيها تسترجع لقطات من حديثه المبطن عن قرب نهاية عدتها واستعداده لـلزواج منها! اسندت رأسها على الجدار بـتشتت وضياع... هل ما هي مقدمة عليه هو الأفضل؟! أستكون أنانية معه إذا لاذت بـحبه وتزوجا!! هو كامل بـعينيها يـستحق فتاة جميلة كاملة الأوصاف مثله لا إمرأة مشوهة مثلها!! ارتجفت اصابعها وصولاً لـبداية كتفها متحسسة ذلت التشوه الصغير الذي لا يعلم به أحد سواها ولا حتى شقيقتها!! أخفته عن الجميع سوى زوجها ذلك النذل الذي كانت مجبرة أمامه عدا ذلك هي أدخرته سرها الثاني بعد ماضيها معه، رغم صِغره إلا أنه يؤلم قلبها أكثر من تشوه وجهها! يجب عليها إخباره قبل كل شيء لن تقع بخطائها مرتين وإن كان يعشقها، ضغطت بـغضب على الندبة التي خلفها التشوه وخرج أنين خافت من شفتيها تحمد ربها أنها اصرت على العودة لبيتها!! جففت جسدها جيداً واقتربت من خزانة ملابسها بـتردد اختارت أحد قمصانها القصيرة عاري الكتفين والصدر وارتدته، وقفت أمام المرأة تتمعن بـجسدها الهزيل واسفل عينيها المُتعب ولا سيما تشوهها الأكبر.... تساقطت دموعها في قهر وعزمت على مهاتفته وأخباره بما تخفيه بأنها تمتلك تشوهًا آخر حتى وإن كان نقطة لا ترى بالعين المجرده ستخبره!!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
بـمنتصف اليوم
هالة من الدُخان القاتم تحوم حوله مكونة سحابة حالكة أمامه! جلس بـغرور واضعًا قدمه فوق الطاولة منتظرًا دخول غريمته بالأصح سبب ندبات وجهه!! ابستم بـشر عندما دلف « ثائـر» بـهدوء وحوله هالة من الرعب والغضب تفتك به، لم ينتظر حديثه بل جذبه من مقدمته قميصه بـغضب ساحق صافعًا إياها بـعنف مهدرًا بـشر
_ اللي زيك ملوش الرحمه وأنا رحمتك مره المره دي مستحيل أفكر أكررها، اللي بيقرب من حاجه تخصني يبقى لعب في عداد عمره
لم يظهر على « فاضل» أي تعابير خائفة لأنه أخفاها جيداً هو حقاً يرتعب من ذلك الماثل أمامه ولكنه لن يحعله يلوذ بانتصاره عليه!! أنزل كفي « ثائر» عنه والتفت بـكبرياء وخطواتٍ واقفة بالغرفة مردفًا
_ وأنتَ مش ربنا عشان ترحمني، فكرك كنت هسيبك بعد ما شوهت وشي زيها؟! خلينا في موضوعنا دلوقت....
هز « ثائر» رأسه بـسخرية تامة ما لبث أن تحولت لـنظرة بثت الرعب بـقلب الآخر وجعلته يرتجف مبتعداً عنه ولكن كان « ثائر» الأسرع وانقض مكيلاً له لكمات عديدة بـمختلف جسده وخاصة وجهها وركلاتٍ مميتة بـأسفل معدته وهتف بـصوتٍ مرعب وقاتل
_ مجرد الضمير اللي بيشير ليها ميجيش على لسانك ولا تفكر فيها بـعقلك القذر دا يا حيوان، أنا اتهاونت معاك عشانها مره بس مش هتحصل تاني ولو هاخد فيك إعدام المهم أبقى خلصتها منك ومن قرفك وشرك
زحف « فاضل» بـجسده للخلف ملتقطًا أنفاسه كاتمًا الدماء التي تقطر من فتحات انفه وفمه ولعن اللحظة التي بعث له بـذلك الفيديو الذي صوره لها وهم معاً أثناء زواجهم!! ما أمامه ليس ذلك الهادئ الحكيم بل نسخته القاسية منزوعة الرحمة والتفاهم، لقد اختبر غضبه قبل ذلك عندما طلب من رجلاً أن يشوهه بـسكينٍ حاد ملوث بـملحٍ لـيحترق جرحه وكأنه بالجحيم!!!
خطوات فاصلة بينهم قطعها « ثائر» بـبطء لـيرتجف جسد « فاضل» رعبًا وتمتم بـكلماتٍ ندم عليها لاحقاً
_ لو مطلعتش من البيت دا خلال ساعه كل فيديوهاتها هتكون على النت وفي كل المواقع اللي تخطر على بالك
ندم حقاً عندما رأي وميض الحقد والقسوة يندلع من عيناه لـيحرقه ويتخلل لـروحه وآخر ما يتذكره هو أنه اقترب صافعًا رأسه مع الحائط بـقوة هائلة شعر بـانقسام رأسه لها!!!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡•♡♡♡♡♡♡♡♡♡
انتهى اليوم وسط القليل من المشاحنات والمشاكسات بينهم وكم أحبت تلك اللحظات التي جمعتهم، لن تنكر أن شيئاً بقلبها قد تبدل وأصبحت أقوى وأكثر حكمة وصبر وهذا يروقها وأيضاً يقلقها، هناك أيضاً « حمزه» وحبه الشديد لها وخوفها من أين يأتي يوماً وتقصر معه ويحتاج لوالدته!!، هناك عائلتها التي حجبت نفسها عنهم وهم لم يتسألوا عنها!؟ اكانوا ينتظرون ثورتها ليرفعوا ايديهم عنها!؟ أأصبحت المُلامة والمذنبة الوحيدة الآن؟! حقاً تبدل الأحوال البشرية أمراً بالغ القسوة والجحود فمعه تُنزع القلوب وتُغطى بـجليدٍ قارص!! وسط دوامة أفكارها غطت بـنومٍ عميق لم تشعر لـمتى ظلت نائمة على الاريكة بـالخارج ولكنها شعرت بـملمس كفٍ خشن يتحسس وجنتيها الساخنتين! فتحت عينيها بـنعاسٍ وتذمر مهمهمة
_ حمزه سيبني أنام شوي
لم يبتعد بل عبثت يداه بـفروة رأسها وخصلاتها النارية التي تُرهقه وطبع قبلة رطبة بـباطن كفها فـفتحت عينيها بـضجر هاتفة
_ يووه يا حمزه عاااو..
قطع حديثها عندما اعتلاها ولفحت أنفاسه الثقيلة صفحات وجهها الدافئ متلمسًا شفتيها بـإبهامه بـعشق وهمس بصوت دغدغها
_ بس أنا مش حمزه يا أثـير هانم أنا أبو حمزه منفعش؟!
جف حلقها من قربه الشديد وصوته الهادئ الذي يهمس به مما جعلها تغمض عينيها بـخجل وتوتر هامسة
_ أنا كنت نايمه برا جيت أوضتك إزاي؟
وضع سبابتها مانعًا حديثها وهمس بـرقة أذابتها
_ اسمها اوضتنا مفيش حاجه ملكيه خاصه لحد من وقت ما بقيتي على اسمي ماعدا أنتِ ملكي وبس وأنا اللي جبتك هنا!
تنهدت دافعة إياه عنها ولكنه كان كالصخر مما جعلها تنفخ بـضيق هاتفة
_ ابعد لو سمحت كدا عيب
ابتعد « راكــان» عنها والقى بـجسده جانبها على الفراش هامسًا بـحب بينما يجذبها لتتوسد صدره
_ نامي يا حبيبتي الوقت اتأخر، نامي
تملصت من بين أحضانه ولكنه كان الاقوى وقيدها فـهتفت بـحنق
_ هو خدوهم بالقوة ولا إيه، وسع كدا خليني اروح أنام في اوضتي
لم يعطيها نظرة وحيدة وتمتم بـتوعد
_ نامي لإما وقسماً بالله هوريكي بيستخدموا القوة إزاي وأنا هموت واستخدمها اصلا!
أغمضت عينيها مسرعة عندما وصلها مخزى حديثه الوقح متصنعة النوم فابتسم هو بـعشق مقبلاً شفتيها بـعمق وهمس
_ الدلال والجمال مرادفان لـبسمة شفتيكِ يا صاحبة الشعر الناري
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
فزعت « هبه» من نومها عندما استمعت لـصوت طرقات عنيفة على الباب جعلتها ترتعد خوفًا من أن يكون قد عاد!! بـأصابع مرتجفة ارتدت ثيابها كاملة وتوجهت للخارج بـخطوات بـطيئة ومع كل ثانية تتمنى أن لا يكون هو، نظرت للساعة التي تشير للثانية بعد منتصف الليل وابتلعت لعابها بـقلق وهمست بـتساؤل
_ مين وعاوز إيه؟
_ افتحي يا هبه
لم تطمئن كثيراً عندما علمت أن الطارق لم يكن سوى « ثائـر» ولكن صوته الفارغ والذي بعث المزيد من الرعب لها جعلها تفتح الباب بـحذر هاتفة
_ إيه جابك في الوقت دا؟
دفع الباب بـغضب ودلف للداخل وبقت هي تنظر في اثره بـخوف لأول مرة بحضوره وتمتمت
_ ممكن افهم إيه الهمجية دي وإزاي تجيلي البيت في وقت متأخر زي دا؟
تحكم « ثائر» بـصعوبة بـذاته التي تحسه على تهشيم رأسها العنيد ورفع نظره نحوها بـغضب هاتفًا
_ مقولتليش ليه إن الزباله دا اتعرضلك؟ خبيتي عني لييييه!!!
أجفلت من صوته وارتدت للخلف بـهلع وكأن الذي أمامها ليس من أحبت!! هذا يذكرها به هو!!! بـ «فاضل» ليس « ثائر» الذي وقعت بـحبه وحنانه نظرات ذلك الغاضب والشر المقتبس من حدقتيها جعلته تضم جسدها بـخوف وتهمس مبررة
_ مجتش فرصه وأنتَ لسه راجع امبارح متأخر وكنت هقولك
نهرها بـقسوة وغضب وهتف بنبرة جافة
_ هتقوليلي امتى لما صورك وفيديوهاتك معاه تملى كل مواقع النت وتبقي حديث الساعه!!!
لوهلة توقف الزمن عند حديثه!! ماذا يقصد بـتلك الكلمات والصور ومقاطع الفيديو!! هزت رأسها بـإنكار وأدرفت
_ صور إيه أنا مش فاهمه حاجه
لعن تحت أنفاسه غضبه الاعمى الذي آتى به إلى هنا وجعلها تراه بهذه الهيئة التي تمنى الموت قبل أن تلمحه بها!! تنهد بـتعب والتف خارجًا ولكنها أوقفته بـحزم وحدة
_ مش هتمشي قبل ما تقولي صور إيه وبتلومني على إيه!!!!وكأني أجرمت!
وجد الإصرار جلياً على ملامحها والحزم فـتنفس مبعدًا غضبه وتمتم
_ كان بيصورك لما كنتوا سوا وهددني بكدا
بضع كلمات جعلتها تغدو بـصدمة هائلة جمرة من اللهيب وُضعت بـاحترافية لتنهي انسانيتها، سقطت بـفتحة بركانٍ من الظلام والنيران تاركة كل قواها تتبخر لتستحوذ ابنهاية عليها!!... ومرت دقيقة وأخرى كانت ملامحها جامدة وكأنها تمثالًا لا حياة فيها!! ندم على ما تفوه به وما دفعه لإخبارها بهذا الأمر الذي لا يعلم عواقبه انتشله من شروده صوت ضحكاتها الهستيري وسقوطها أرضًا مع علو صوت ضحكاتها!!!! علم أنها ليست بحالة طبيعية بالمرة وليست بوعيها!!! سرعان ما تبدلت ضحكاتها لـبكاءٍ عنيف وتشنج جسدها بـقوة وعلا صوت نحيبها....
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
تقلبت بـنومها بـقلق ونظرت الساعة التي تشير للثالثة صباحاً وتنهدت بتعب، تشعر بعدم راحة وخوف لا تعلم مصدره، اقتربت من « براء» النائم وضمت جسدها الصغير له عندما تضاعف الم قلبها مجهول الهوية، انحدرت دمعة واحده من عينيها تحرق وجنتيها مما جعلها تشهق بـعنف كاتمة بداية بكائها!! وجدت نفسها تهاتف والدته بـدون تردد رغم تأخر الوقت! مرت عدة دقائق حتى أتاها صوت والدتها الباكي!! حينها فقط خارت قواها وهتفت بـذعر
_ ماما بابا كويس صح؟! بابا فين؟!
أتاها رد والدتها المزيد من البكاء الحارق الذي جعل أسوأ مخاوفها تزورها!! وضعت يديها على قلبها تهدأ من المه ولكنها فشلت فعاودت سؤالها بـإنكار
_ بابا حصله حاجه؟؟!!!
هزت رأسها بـنفي وهلع عندما اخبرتها والدتها أنها بالمشفى وحالة والدتها سيئة للغاية!! سقط الهاتف من قبضتها معلنًا إنذار الخطر لـعقلها!! شعرت بـنغزة قوية تجتاح فؤادها حتى اُدميَ! تكونت غشاوة من الدموع بـعينيها حجبت عنها الرؤية وبـنفس الوقت شعرت بـشئٍ ساخن على قدميها!!! هزت رأسها بـرفض رافضة تصديق واقعها واغمضت عينيها مستسلمة لغياب وعيها وهي موقنة أنها عندما تستيقظ ستكون فقدت الكثير والكثير الذي ستعجز عن إعادته.....