اخر الروايات

رواية ابو الرجالة الفصل السادس عشر 16 بقلم شيما سعيد

رواية ابو الرجالة الفصل السادس عشر 16 بقلم شيما سعيد 


سارت ويدها بيده بأحد العيادات الخاصة بالنساء، دقات قلبه وصلت للسماء وهو يراها كيف تنظر إليه، لما أتت به إلى هنا لا يعلم ولما وافق على القدوم أيضاً لا يعلم، نظر إليها بطرف عينيه ليجدها جامدة، ضغط على كفها بيده بقوة قبل أن يقول :
_ احنا بنعمل إيه هنا يا عطر؟!.. أنا مصدقك أنتِ مستحيل تبقى وحشة هغير الدكتور بتاعي وهعيد التحليل من أول وجديد أنا متأكد من إن اللي في بطنك يبقى إبني..
خرجت شهقة قوية من بين شفتيها دون ارادتها وهو تقول :
_ ولما أنت واثق قوي كدة مديت أيدك عليا ليه؟!.
ندم والندم يحرقه، كيف يشرح لها شعوره وقتها، يثق بها ويحبها لأبعد الحدود ولكن وقتها عجز عقله عن التفكير، توقفت الكرة الأرضية عن الدوران به، تنهد بقلب يحترق مردفا :
_ كنت مصدوم، حطي نفسك مكاني راجع من عند الدكتور بيقولي علاجك ممكن يأخد سنين، من عجزي قررت أطلقك عشان تشوفي حياتك بس صدمتيني بخبر حملك، معرفتش أنا بعمل إيه حقك عليا يا عطر..
أرتجفت شفتيها لتعطي إشارة له إنها على مشارف البكاء، ضمها لصدره سريعا ووضع أكثر من قبلة حانية على خصلاتها، زاد نحيبها لينظر لهم باقي المتواجدين بالعيادة، لم يعطي انتباه لأحد وهمس لها بحنان مردفا :
_ دموعك غالية كفاية دموع، يلا نمشي من هنا وبعدين نبقى نطمن على البيبي في أي وقت..
خبت وجهها بصدره أكثر ولفت ذراعيها حول عنقه مردفة بندم :
_ مفيش بيبي يا نوح..
صدمة جديدة انتفض جسده على أثرها، ابتعدت عنه مكملة حديثها :
_ لما طلقتني مكنتش هقدر أرجع لماما أقول لها اللي فضلت أحارب عشانه سنين طلقني بعد أربع شهور أصله زهق، كذبت وقولت إني حامل عشان تفضل معايا حتى لو عشان خاطر إبنك مش أكتر، مكنتش أعرف أنك عندك مشكلة وممكن الموضوع يوصل بنا لهنا أبداً..
توقعت ثورة من العصبية، توقعت أي رد حاد إلا انها خاب ظنها عندما حملها بين يديه مثل الطفلة الصغيرة وخرج بها من العيادة بلا كلمة واحدة، وضعها على المقعد المجاور إليه بالسيارة وذهب ليجلس محل السائق، بللت شفتيها بطرف لسانها مردفة بتردد :
_ نوح أنت ساكت ليه؟!..
_ المفروض أقول إيه؟!..
_ قول أي حاجة على كلامي..
نظر للطريق أمامه بتركيز شديد، ثم رد عليها بجمود :
_ مفيش كلام أنا طلقتك والقصة خلصت ولو على كلام ثريا أعتبري البيت بيتك لحد ما تقرري حابة تقولي أمتي للكل أننا انفصلنا ومتخافيش أنا هروح أعيش في شقة خاطر..
_ يعني يعني أنت هتسبني يا نوح..
_ قبل ما أنتِ تسبيني يا عطر، أكيد في يوم هيبقى نفسك تبقى أم وأنا حل مشكلتي في علم الغيب كدة أفضل بكتير ليكي وليا..
_ بس..
قاطعها بقوة رغم وجع قلبه إلا أن عقله كان يشجعه على تحريرها برغبته قبل أن يتعلق بها ويعلق حياته على وجودها معه وبالنهاية تطلبها هي :
_ مفيش بس إحنا هنا قصتنا خلصت..
_______ شيماء سعيد _______
بنفس التوقيت بحفل الزفاف..
دلف كمال لغرفة هادية ومعه ثريا التي كانت تتحرك بصعوبة غريبة ثقل جسدها يقيد حركتها، اتسعت إبتسامتها وهي ترى صغيرتها تقف أمام عينيها عروسا بفستان الزفاف..
أقتربت منها بخطوات بطيئة فقامت هادية من مكانها مقتربة من والدتها لتفتح لها ثريا ذراعيها، ألقت نفسها بصدر والدتها تأخذ منها القوة والكثير والكثير من الدعم، همهمت بحب :
_ أنا بقيت عروسة يا ماما..
ضغطت ثريا على ظهرها مردفة بسعادة يشوبها القلق :
_ كان نفسي ليكي في جوازة أحسن من عيال كمال وتربيتهم الزبالة بس أقول إيه عاملين ليا زي العمل الردي..
نظر إليها كمال بذهول على سبها الصريح له ولأولاده أمام عينه ثم قهقه بمرح مردفا وهو يضع يده على شعرها :
_ هسيب لك الصغير اعملي فيه اللي أنتِ عايزاه يمكن يطلع من أيدك حاجة عدلة، بس عايز أقولك من الأول عشان تبقي على نور دي للأسف جينات مهما حاولتي تعملي..
نظرت إليه بطرف عينيها مجيبة بنبرة ساخرة :
_ اهدى على نفسك مش يمكن تبقى بنت.
رغم كونها بشهرها السادس إلا أنها ترفض معرفة نوع الجنين، أبتلع ريقه من تلك الصدمة وهو يتخيل أن ينجب فتاة تحمل جيناته الوراثية،، أتسعت عيناه وهو يقول برفض :
_ لأ لأ مستحيل تبقى بنت، دي هتبقى مصيبة يا ثريا تخيلي لو طلعت زي أخواتها هما بتوع ستات وهي بتاعت رجالة أنا أقتلها قبل ما أشوف اليوم ده..
لم تقدر هادية على الصمت أكثر وأفلتت منها ضحكة بقلة حيلة على هذا الجنون، بهتت مع تذكرها لحديث خاطر عن خطفه لفريد وكونه هو العريس المنتظر لتنظر إلى والدتها بتوتر مردفة :
_ ماما خاطر خطف فريد وبقى هو العريس..
أومأت إليها ثريا وقالت :
_ عارفة يمكن خاطر مش أحسن حاجة بس على الأقل باين في عينه إنه بيحبك..
اقترب منها كمال أكثر وسحبها من كفها لتبقى أمامه ثم طبع قبلة أعلى رأسها بحب قائلا :
_ غلاوتك أنتِ وأخواتك عندي بقت من غلاوة ثريا، صدقيني من البداية كنت شايف لهفة في عين خاطر ناحيتك وكنت متأكد إنه مستحيل يسيبك لغيره أبداً، لو مكنش الموضوع كدة كنت وقفته، فريد مش مناسب ليكي ادعي له ربنا يهديه على مراته..
ابتسمت بشعور لطيف، لأول مرة منذ ذهاب والدها يأتي إليها هذا الشعور، قدر على بث الاطمئنان والقوة بداخلها، قالها مبطنة أصبح لها ظهر الآن، قالت بتوتر :
_ شكراً يا عمو..
مد يده إليها لتضع يدها بين ذراعه مردفا :
_ يلا عشان أسلمك بنفسي للكلب اللي تحت ده..
_____ شيماء سعيد ______
بمنزل فريد..
أخذت هالة نفسا عميقا وهي تراه ينام بجوارها على الفراش بكل أريحية، فريد بالفترة الأخيرة أصبح غريب الأطوار، ملت من حالة الصمت تلك لتقوم بتوتر :
_ هو مش النهاردة كان فرحك حسب كلامك ولكن الميعاد اتأجل..
ظل كما هو يلعب على هاتفه وقال :
_ لأ هو فعلاً النهاردة بس العريس اتغير..
شهقت بتعجب ثم وضعت كفها على فمها مردفة :
_ يعني إيه الكلام ده، هو عادي العريس يتغير يوم الفرح؟!..
أومأ إليها ببساطة :
_ كل حاجة عندنا عادي، الواد خاطر طلع نفسه فيها، الغبي بدل ما ييجي يقولي حط لي منوم وحبسني في شقته، نسي تقريبا إن معايا المفتاح صحيت طلعت من الشقة وجيت على هنا، كان نفسي أحضر فرح الغبي ده بس يلا المهم إنه مبسوط..
جنون حبها له جعلها تصل لأعلى درجة من الجنون، ابتعدت عنه متوترة وخائفة من ردة فعله ليضحك بهدوء مردفا :
_ اهدي يا حبيبي متخافيش أنا مش مجنون أنا بس كنت زهقان قولت أسلي نفسي شوية..
_ طيب وفيروز ناوي ترجع لها والا الموضوع باظ بعد ما خطبت أختها؟!..
أخذ نفسا عميقا ثم سألها بهدوء :
_ تفتكري حبك ليا زيادة عن اللزوم عشان كدة متحملة اللي بيحصل والا قليل لدرجة إني مش فارق معاكي؟!..
لأول مرة يسألها مثل هذا، تنهدت بتعب وألقت بجسدها تضم وسادتها إليها مردفة بشرود :
_ تصدق معرفش ده حب زيادة فيك والا قلة قيمة زيادة مني.. بس بتسأل ليه؟!..
قام من فوق الفراش وهو يشعر بالضجر، كيف يقول لها أنه يود ان تغار عليه، فيروز كانت عاشقة له وغيرتها كانت مثل النيران تحرقه، لما هالة هكذا؟!ربما هو السبب، ظل ثواني صامتا قبل أن يقترب منها مردفا بهدوء وهو يضم كفها إليه :
_ يعني عادي أقرب من غيرك؟!..
صمم على جرحها، صرخت بوجهه مردفة :
_ فريد أنا عارفة مكانتي عندك كويس مجرد واحدة أتجوزتها عشان تبقى صاحب المستشفى، يبقى أكيد مش من حقي أعترض ولا أغير..
أعتدل بوقفته وألقى عليها نظرة أخيرة قبل أن يخرج من الغرفة قائلا :
_ ده كان زمان أنا دلوقتي جوزك وحقك يا ريت تعرفي كدة..
_____ شيماء سعيد _____
بأحد أكبر المستشفيات كانت تقف فيروز على باب غرفة العمليات بتوتر، لا تعلم ما حدث فجأة سقط موسى الراوي بين يديها وبعد أقل من عشر دقائق أتت سيارة الإسعاف، لما أتت معه ولم تذهب لا تعرف، نظرت حولها وهي تائهة أمامها امرأة بمنتصف الخمسينات أنيقة، قوية، تجلس على المقعد باكية وبجوارها فتاة بنفس الأناقة والجمال يبدو أنها ببداية العقد الثالث، بنفس اللحظة دلف للمكان شاب يشبة موسى إلى حد ما ولكنه صغير ربما مازال بالثانوية سأل والدته بلهفة :
_ ماما موسى حصل له إيه؟!..
حركت رأسها بتعب ثم بكت وهي تلقي برأسها على كتف ابنتها :
_ مش عارفة يا سيف مش عارفة إيه اللي حصل لابني..
دلف إليها شعور بالشفقة على تلك المرأة وبتأنيب الضمير من نفسها، لو لم يقف معها ما كان حدث معه ذلك، اقتربت منهم بخطوات سريعة ثم قالت :
_ ألف سلامة عليه أنا دكتورة وكنت معاه وقت ما حصل له كدة متخافيش الرصاصة مش في مكان خطر..
جذبتها المرأة إليها وكأنها وضعت طوق النجاة قائلة :
_ إيه اللي حصل له يا بنتي بالظبط..
ترددت قليلاً بقول الحقيقة ولكن بالنهاية قصت لهم ما حدث بكل صدق لتقول شقيقته بغضب :
_ وأنتِ مين وكنتي عايزة منه إيه عشان ينزل بنفسه من العربية ويتكلم معاكي؟!..
أبتلعت ريقها بتوتر من هذا الهجوم لتقول المرأة :
_ اهدي شوية يا مايا..
تحدث سيف تلك المرة وهو يقول بشك واتهام واضح :
_ تهدى ازاي يا ماما، البنت دي وقفت قدامه في الوقت ده عشان ينضرب بالنار كل حاجة كانت مخططة..
أتسعت عيناها برعب وحركت رأسها بنفي لهذا الاتهام مردفة :
_ ايه اللي أنت بتقوله ده مستحيل طبعاً أعمل حاجة زي دي..
حتى المرأة التي كانت تدافع عنها تحولت ملامحها، لحظة والثانية أتى ضابط الشرطة لسوء حظها، نظر للسيدة باحترام مردفا :
_ألف سلامة على موسى باشا يا كاميليا هانم، لو حالته تسمح عايزين ناخد أقواله..
نظرت إليها شقيقته بقوة وقالت :
_ حالته للأسف متسمحش لأنه لسة جوا العمليات، بس الأستاذة كانت معاه وكلنا شاكين فيها، يا ريت يا حضرة الظابط يتم التحفظ عليها لحد ما موسى يفوق بدل ما تهرب...
______ شيماء سعيد ______
بحفل الزفاف أخذ خاطر هادية من يد أبيه وهو مسحور من جمالها، يضمها اليه وكأنه فاز بجائزة لم يحصل عليها أحد من قبل، قبل أن يخطو بها خطوة واحدة أردف كمال بقوة :
_ أخدتها من ايدي يا خاطر، لو رجعت في يوم معيطة منك هقطع الإيد اللي أخدتها مني أتفقنا يا إبن كمال..
رفع خاطر حاجبه بغيظ من حديث أبيه، ثم رد عليه بابتسامة سمجة :
_ متخافش يا حاج ده أنا تربية أيدك والمفروض يبقى في بنا ثقة أكتر من كدة شوية..
حرك كمال شفتيه بقلة حيلة مردفا :
_ مهو المصيبة السودة انك تربية ايدي يلا خدها وأخفي من وشي..
أخذ خاطر هادية لساحة الرقص ليجدها تتحرك بين يديه ببرود، وضع رأسه على رأسها هامسا :
_ مالك بوزك عشرة متر كدة ليه افردي وشك..
نظرت إليه وهي بالفعل تائهة لا تعلم ما إذا الذي يحدث صحيح أم كارثة ستدفع ثمنها الباقي من عمرها، تنهدت بتعب واضح على ملامحها ثم قالت :
_ تعرف أنا كنت راسمة في خيالي صورة حلوة أوي لفرحي، فستان فرح منفوش وأخواتي حواليا راجل بحبه ويكون هو كمان بيحبني بيت صغير يبقى بسيط بس في عنيا جنة، كل ده راح على الأرض من يوم ما دخلت نفسي في اللعبة دي..
ضمها إليه أكثر ليقدر على التحكم بها والتحرك بحرية أكبر، شعر بأرتجاف جسدها بين يديه لينزل برأسه على عنقها أخذ نفسا عميقا من رائحة عطرها مردفا :
_ النهاردة يوم فرحنا يا هادية، أرمي كل حاجة ورا ضهرك وأفرحي وبس ممكن..
أثر عليها بكلمات بسيطة لينتفض قلبها بين ضلوعها يطلب منها هو الاخر السعادة بتلك اللحظات المميزة فقط لا غير، بدأت تتمايل معه مثل الفراشة ليقول :
_ مبسوطة؟!..
_ كعروسة مبسوطة بس كل ما أفتكر إنك العريس اتقفل..
على تربيزة العائلة قالت ثريا بقلق :
_ عطر شكلها مش مبسوطة وفيروز مختفية من الصبح اتصلت بيها قالت مش هتقدر تحضر وهتقضي اليوم في المستشفى..
أجابها بهدوء :
_ ليا قاعدة مع نوح وعطر بعد الفرح أما فيروز فأكيد مش هتحضر وهي فاكرة فريد العريس..
مرت الساعات سريعاً وانتهى حفل الزفاف، بعد نصف ساعة وصل خاطر بهادية لعش الزوجية، شهقت فجأة وهو يحملها بين يديه فتح باب المنزل باليد الأخرى ودلف بها للداخل، وضعت يديها على صدره مردفة بغضب :
_ نزلي أنت هتعيش الدور والا إيه؟!..
_ هنزلك يا حياتي بس على السرير زي ما وعدتك قبل كدة مش أنا قولتلك هوصلك لحد سرير جوزك عشان تعرفي إني قد كلمتي..
صمتت وتركته يكمل بها الطريق حتى وصل بها للفراش، وضعها وعيونه الماكرة تأكلها أكلا، أخيراً وصل معها لتلك المرحلة، أبتعد عنها قليلاً وعقله يرسم لتلك الليلة أحلام ربما لم تكون المرأة الأولى بحياته ولكنه على يقين من تميز هذا اللقاء بينهما، بدأت عيناه تتحرك على ملامح وجهها بلهفة، يدرس جمالها المميز فتاة رائعة بشعر أسود وعيون سوداء واسعة، تعبيرات وجهها مصرية تعطي إليها حلاوة خاصة..
توقف عند شفتيها وأصبح غير قادر على البعد أكثر، لذيذة بشكل يجبره على الاقتراب وهو يسير مع الطوفان دائماً، يعلم رفضها من البداية لذلك وضع كفه خلف عنقها ثم ضم شفتيها بين شفتيه بقبلة خارقة للطبيعة من وجهة نظره..
بالبداية صدمت حاولت المقاومة إلا إنه رجل يعلم كيف يشعر المرأة باللذة من مجرد قبلة، ذابت معه وذاب معها حتى أوشك رصيدها من الأكسجين على الانتهاء شعر بها وأبتعد لتظل مغلقة العينين هامسة :
_ أنا دلوقتي بس عرفت ليه الستات بتكمل معاك رغم كل عيوبك..
أتسعت عيناه من وقاحتها إلا أنه ابتسم وأجابها بوقاحة أكبر :
_ جربي الباقي وقولي رأيك في النهاية..
_عارف الله يرحمها أمك يا خاطر..
أومأ إليها بترقب لتقول :
_ عندها بقى يا عنيا، يلا أخفي من هنا..
توقعت رفضه إلا أنه انصاغ إلى أمرها مردفا ببراءة وهو يخرج من الغرفة :
_ ماشي يا حبيبتي هسيبك لحد ما تيجي بنفسك..
_____ شيماء سعيد _______
أستغفروا الله لعلها تكون ساعة استجابة


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close