اخر الروايات

رواية ابو الرجالة الفصل الحادي عشر 11 بقلم شيما سعيد

رواية ابو الرجالة الفصل الحادي عشر 11 بقلم شيما سعيد 


بمنزل ثريا..
حالة غريبة من الجنون حدثت، قام الشباب لاحتضان أبيهم بسعادة أستقبلهم كمال بكل صدر رحب، شعر بالانتشاء من كم المباركات الساقطة على أذنه من تربية يده الطيبة، ليضم الثلاثة بوقت واحد وهمس لهم بصوت وصل إليهم فقط :
_ الجول الرابع جاي في السكة..
نظروا لبعض قبل أن يقول خاطر :
_ يا كبير يا قدوة أنت عارف يا حاج أنا بمشي في الشارع رافع رأسي لأني أبن كمال أبو الدهب وتربية إيده..
نظرت هادية لوالدتها بصدمة منتظرة أن تسمع منها كلمة رفض تريح قلبها ولكن كانت الصاعقة عندما قالت عطر بمرح :
_ إيه الكلام ده ألف مبروك يا ماما..
أين ثريا من كل هذا؟!.. تجلس بجوار كمال كما هي وتضع كفها على بطنها بعجز شديد، هذا الصغير الذي مازال ينبت بداخل رحمها أعلن هزيمتها، غير قادرة على رفع عينيها بعين بناتها، اذا رفعتها لن تتحمل العتاب، الدهشة، وربما ستكون النظرة الأقوى هي الخذلان..
لأول مرة كمال يكون على قدر عالي من المسؤولية، أشار للشباب بالخروج ثم وضع يده على ظهر ثريا قائلا بهدوء :
_ أخرجي معاهم يا ثريا أنا عايز البنات لوحدنا..
رفضت بحركة سريعة من رأسها ليأخذ نفسا عميقا قبل أن يقوم من على الأريكة ثم جذبها من يدها إلى خارج الغرفة وأغلق الباب خلفه، عاد ليجد الثلاث فتيات واحدة خائفة من القادم والأخرى سعيدة بما حدث والإخيرة تأخذ وضع الهجوم، جلس محله مردفا :
_ أكيد مش موافقين صح؟!..
أجابته هادية بغضب :
_ هو حضرتك كنت مستني رد تاني غير ده مننا؟!..
_وليه لأ؟!..
_ بجد بتسأل ليه لأ، يمكن مثلا عشان عملة إبنك الكبير في أختي والا يمكن عشان اللي ناوي يعمله نوح باشا بعد ما أكل بعقل الحمارة دي حلاوة، ده كفاية أوي كم الجوازات اللي اتجوزتها في السر بعد موت مراتك وأيام ما كانت عايشة، أمي ست شافت كتير ويوم ما تختم السواد ده أكيد مش هيبقى بكمال أبو الدهب..
لم يرد بل أشار لفيروز كي تتحدث هي الأخرى وتقول ما بداخلها فقالت :
_ أنا عشت في بيتك فترة، عمري ما شوفت منك حاجة وحشة، لكن دي أمي وكلنا عارفين إن حضرتك مش هتقدر تعيش مع ست واحدة مهما كانت هي مين، بلاش توجع قلبها وقلوبنا عليها وأقفل على الموضوع ده..
تنهد بهدوء، رغم كل ما سمعه إلا إنه مازال على قدر كبير من الثقة والكبرياء، نظر لعطر بابتسامة حنونة مردفا :
_ وأنتِ يا عطر شايفة الموضوع زيهم كدة؟!..
حركت كتفها ببساطة قائلة :
_ حضرتك فعلاً اتجوزت كتير بس أول مرة تأخد خطوة زي دي، أنا مش مهم عندي حاجة غير إن ماما تكون راضية ومبسوطة وطالما جات معاك لحد هنا تبقى هي كمان عايزة، ربنا يوفقكم يا عمو..
ابتسم قائلا بحديث صادق :
_تفتكروا إيه اللي يخلي راجل بالصفات دي ييجي لحد هنا ويتقدم كمان؟!..
_ ايه؟!..
ضحك بخفة يخفى بها خجله لأول مرة قبل أن يقوم ويفتح الباب ليجد ثريا وثلاث شباب يضعون آذانهم عليه، جذبها ليضمها لصدره قائلا بقوة :
_ الحب يا بنات ثريا الحب ، اتكلمنا كتير وسمعت لآراء الكل لكن طبعاً عارفين إن محدش فيكم فارق معايا وإن القرار الأخير هيكون ليا عشان كدة مش عايز أسمع غير كلمة مبروك..
_____ شيماء سعيد _______
بصباح يوم جديد كانت تجلس ثريا بغرفة السفرة بمفردها، وصلت لمرحلة أنها تخشى حتى الدق على باب غرفة الفتيات، حركت يدها على بطنها بحنان قائلة :
_ متزعلش مني بس أنا خايفة أوي من وجودك، وكمان خايفة عليك أنا مش عايزك تبقى زي كمال المصيبة الأكبر لو طلعت بنت بجينات كمال المهببة دي..
فاقت على كف فيروز الذي طبطب على ظهرها، رفعت وجهها إليها مردفة :
_ زعلانة مني يا فيروز مش كدة؟!..
ابتسمت إليها ثم قبلت رأسها بحب قائلة :
_ أنا عارفاكي كويس يا ماما ومتأكدة إن في مصيبة ورا الجوازة دي بس كل اللي أقدر أقوله دلوقتي إني في ضهرك وقت ما تحبي حد مننا يقف جانبك هنبقى كلنا واقفين..
حديث بسيط ادخل بقلبها أمان ودفء لذيذ، وجدت نفسها تلقي برأسها على صدر ابنتها لأول مرة تأخذ حنان بعدما كانت تعطي فقط، خرجت هادية على هذا المشهد قائلة بسخرية :
_ أهلاً بالمصفوعين من أبو الدهب وعياله..
نظرت إليها فيروز نظرة قوية حتى تصمت فقالت ثريا بتعب :
_ سبيها تقول اللي في قلبها يا فيروز أنا مش زعلانة..
لمعت الدموع بعين هادية لتقترب من والدتها سريعاً وألقت بنفسها أسفل قدميها ويدها تضم يد ثريا مقبلة إياها عدة قبلات وهمست لها بنبرة رجاء واضحة :
_ بلاش الجوازة دي يا ماما الراجل ده وحش مش ده كان كلامك ليا من الأول أبو الدهب وعياله نار اللي يقرب منها لازم يتحرق راح فين الكلام ده دلوقتي؟!..
مسحت ثريا على خصلات هادية بكف مرتجف قائلة :
_ ولسة عند كلامي بس لازم تعرفي كويس أوي إني بحبكم ومعنديش في الدنيا أغلى منكم، بلاش عتاب يا هادية خليكم جانبي وبس لأول مرة بقولكم أنا عايزة أسند عليكم ينفع؟!..
حركت الاثنتان رأسيهما سريعاً لتفتح ثريا ذراعيها لهما، دام العناق دقائق طويلة حتى دق الباب، ابتعدت ثريا قائلة :
_ أبدأوا فطار لحد ما أشوف مين بيخبط..
كانت دقات الباب بصوت طبلة، ارتجف جسدها على سماع صوت أبناء أبو الدهب بأغنية " زينة شباب العيلة الحيلة الحلوة دي جابت رجليه" دارت الدنيا بها وأصبحت رؤيتها بسيطة وضعت يديها على رأسها لتحاول التحلي بالقوة والتغلب على تلك الكارثة، فتحت الباب أخيرا لترى كمال وأبنائه و بالمنتصف مأذون محمول على ذراع الثلاثة يسب ويلعن قائلا :
_ يا أستاذ كمال ده غلط الساعة سبعة الصبح مينفعش تأخدني من سريري بالطريقة دي..
قال نوح بهمجية :
_ معلش يا مرات أبويا خدي خطوة ورا خلينا ندخل الراجل بدل ما يقع مننا و يدغدغ..
جز المأذون على أسنانه بعصبية مرددا :
_ نزلوني بقى ما أنا معاكم أهو..
أفسحت لهم المجال وهي مصدومة من ما يحدث أمام عينيها، عن أي مأذون يتحدث وهي زوجته بالفعل؟!.. دلفوا ليضعوا المأذون على الأريكة الموضوعة بالصالة، حرك خاطر يده على رأس المأذون :
_ حقك علينا يا شيخنا بس أسلوبك خلانا نستخدم العنف..
_ أنا ساكت بس عشان الحاج كمال راجل محترم أوعوا تفتكروا إني خايف منكم..
ابتسم إليه كمال وقال بهدوء :
_ أنت عارف العيال دي جيل متهور كان الأفضل تيجي معاهم من غير ما ترفض، فيها إيه يعني لما تكتب كتاب الساعة 7 الصبح..
قبل أن يكمل حديثه جذبته ثريا لشرفة المنزل وهي بحالة من الصدمة، كل ما يحدث معها فوق طاقتها بكثير تشعر كأن بينها وبين الجنون خطوة واحدة فقط، رفع حاجبه ببراءة قائلا :
_ مالك يا حبيتي في عروسة حلوة زيك كدة تبقى مكشرة؟!..
عضت على شفتيها بتعب، هي الآن تشعر بالخمول وليس لديها روح للجدال، أشارت بعينيها للخارج هامسة :
_ مأذون إيه يا كمال وإحنا أساسا متجوزين عند نفس المأذون؟!..
أرسل إليها قبلة بالهواء ثم رفع كفه ليمرره بحنان على وجهها مردفا :
_ متخافيش ده مسلسل هنكتب قدام البنات وخلاص على كدة..
_ طيب أشمعنا النهارده وبدري كدة ما كنا نستنى أسبوع والا حاجة الناس هتقول علينا إيه؟!..
قرص وجنتها واليد الأخرى مسح على بطنها مردفا :
_ مش ابن كمال أبو الدهب اللي ينام برة بيته كفاية أوي ليلة أمبارح، وبعدين ده يوم المنى يا ثريا اللي تمشي فيه أيدك في أيدي قصاد الكل ويبقوا عارفين إنك حلالي..
أومأت إليه وهي مسلوبة الإرادة، ستذهب خلفه للنهاية وبعدها ستأخذ حقها منه بطريقة ثريا..
ذهبت خلفه ليقول كمال بهدوء :
_ يلا يا هادية يا حبيبة عمو أدخلي جيبي لنا الشربات..
حركت رأسها ساخرة وألقت نظرة سريعة على والدتها قبل أن تدلف للمطبخ لتعد القهوة، وضعت القهوة على النار مردفة بسخرية :
_ قال شربات قال،، المناسبة دي يلزمها قهوة سادة ويبقى كتر ألف خيري كمان..
شعرت بيد تلتف حول خصرها لتصرخ بفزع وقبل أن يخرج صوتها كان كف خاطر يوضع فوق شفتيها، قاومته بشراسة بعدما علمت هويته ليقول بنبرة مرحة :
_ اهدي على نفسك يا بسبوسة مهما قاومتي مش هتخرجي من حضني إلا لما أقرر..
أغلقت عينيها لعدة ثواني وظلت ثابتة حتى فتحتها بخبث لتضع كفه بين أسنانها صرخ خاطر قائلا :
_ سيبي إيدي يا بت أحسن لك..
بالفعل تركت كفه ليبتعد عنها خطوة للوراء وعلامات الغضب ظاهرة على معالم وجهه، حركت حاجبيها باستفزاز مردفة :
_ بلاش تلعب بالنار تاني يا أبن أبو الدهب أنت مش قدي.
رسم على وجهه إبتسامة لعوبة وتبخر غضبه ليعود ويقترب منها مردفا بمكر :
_ والله وهيتقفل علينا باب واحد دي هتبقى حاجة آخر قلة أدب..
نظرت إليه بعدم فهم مردفة :
_ هو أنت عقلك هفك وناوي تعيش معانا والا إيه؟!..
قهقة بمرح على غبائها وأشار لها على والدتها ووالده بالخارج وهو يقول :
_ لأ الحاجة ثريا بقت مرات أبويا ومكان الست فين؟!..
أجابته بنفس الغباء وهي تتمنى أن يكون ما وصل إليه عقلها مجرد تخيل :
_ فين؟!..
غمز لها بوقاحة قائلا :
_في سرير جوزها سرير أبويا بقى عندنا في الشقة، ومادام هي هتتجوز يبقى هتأخد معاها بناتها، الشقة عندنا على القد يا دوب كل واحد فينا أوضة وعشان كرم أخلاقي هخليكي معايا في نفس الأوضة..
فارت القهوة ليسقط منها القليل على الأرض، أشار لها بعينيه قائلا قبل أن يتركها ويذهب للخارج :
_ القهوة فارت منك إلحقي بقى بلي الشربات...
وضعت كفها على صدرها وهي تكاد تأخذ أنفاسها المسلوبة، عقلها توقف عن التفكير هي الآن على أبواب الحجيم، ستعيش معه تحت سقف واحد كيف؟!..
_ هبقي معاه في بيت واحد؟!...
أما بالخارج جاء المأذون ليذهب فقال فريد :
_ أستنى يا شيخنا أنا دافع فلوس وعايز أكتب أنا كمان..
تعجب كمال ونظر لفيروز ليري تبدل ملامح وجهها فقال :
_ عايز تتجوز مين يا فريد ما انت متجوز..
_ عايز أتجوز هادية..
_____ شيماء سعيد _____
أستغفروا الله لعلها تكون ساعة استجابة



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close