رواية حور الشيطان الفصل الحادي والعشرين 21 والاخير بقلم ملاك محمد
بسم آلَلَهّ الرحمن الرحيم
رواية حور الشيطان
سلسلة عشق محرم
بقلمي ملاك محمد دودو
الخاتمه







كم ألمني هذا الزمان و كم ابكاني
منذ البداية وقد نالت مني الآلام
تائه بمتاهة الأحزان، لم أجد منها مهرب
مرت سنوات أجاهد كي أنجو منها ولا أمل في النجاة ، حتي وجدت عينيكِ و معكِ شعرت بالحياة
كانت نظرة عينيكِ وابتسامة ثغرك سعادتي
كنت فيها أجد أماني واهرب من الأحزان.
كلما أطالع ملامحك تغمرني السعادة و راحة البال
فأيكي ان تغادري يوماً و تأخذي مني هذا الإحساس
أياكي ان تسمحي لي بالعودة لمتاهة الاحزان
فأغدو ضائع حائر مجدداً تملكه اليأس من الحياه...






قاد سيارته و وجيب قلبه يتعالى كلما اقترب من وجهته، لا يدرك لما يعتريه القلق والخوف من المجهول أمامه، ثمة شعور غريب بداخله، روحه تؤلمه وتهفو لضمها ، لما يشتاقها وهي بقربه !، لما يشعر وكأنه يرغب بأن يخبئها بين حناياه!، مشاعر متضاربة تهتاج ك الأعصار بوجدانه ، يختطف نظرة عشق خالصه لها كل عدة لحظات، ليجد البسمة تلازم محياها ، عيناها تتوهج بوهج غريب ، تسألا ان كان يراه وحده من فرط العشق الذي يكنه لها، أم هو من شعورها بالسعادة لما تخطط له، أم هو شيئاً اخر مختلف..
بينما هي كانت تحلق في سماء تخيلاتها لتلك اللحظة التي تبوح فيها له بما يعتلج صدرها من فرحه غامرة، كم ترغب برؤية ملامح وجهه المحببة لها؛ حينما يعلم انها الان تحمل برحمها ثمرة عشقهم، طفلاً تتمني لو يشبه أباه فى وسامته المهلكة، ذاك الأربعيني الذي اقتحم عالمها وتمكن من آسرها وامتلاك وجدانها وأخضع وجيبه له ، معه نضج وأدرك العشق، لم تكن تظن يوماً ان يخفق لأحد ، لا ان تصيبه سهام العشق ؛ حتى التقت به و غرقت ببحور عينيه...
اخرجها من شرودها توقف السيارة، فقد وصلت لوجهتها، رمقها بنظرة عاشقه قائلاً ::-
-وصلنا يا سنوريتا..
ابتسمت له بشجن ، بادلها البسمة، وترجلا من السيارة؛ متوجهاً للجهة الاخرى و قام بفتح بابها لها، ترجلت منها و قامت بالاقتراب منه و طبعت قبلة على وجنتيه قائلة::-
- انا بعشقك وبحمد ربنا على وجودك بحياتي..
اتسعت ابتسامته وتوهجت عيناه بوهج العشق لها جذبها إليه يضمها بين حناياه بقوة، يخبرها بهمس انه يعشقها هو الأخر بل انها جنونه وهوسه وروحه، فهل يعيش الجسد بلا روح، غصه هاجمت قلبه، شرد بها وبدون وعي شدد في ضمها، بل كاد يعتصرها بين ذراعيه؛ حتي انها تأوهت من شدتها، أنتبه فأبتعد معتذراً، ساحباً أياها اتجاه المنزل، وجد أربع من الحراس يحاوطنه ، وكأنهم يعلمون مسبقاً بمجيئهم، وجها بصره لها، ابتسمت قائلة:-
- عاصي هو اللي أصر يكون في حماية معانا..
زفر بارتياح لتواجدهم، فقد غفل تماماً عن ذلك تحت أصرارها، اومئ لهم بتحية، وخطا أتجاه باب المنزل، قام بفتحه ودلفا معاً الى الداخل، كانت الأضواء مطفئه، ما ان أضاءها، حتى فوجئ بالطاولة المجهزة والورود المتناثرة، ألتفت لها مندهشاً مما يرى، ابتعدت هى باتجاه الطاولة، قامت بأشعال الشموع الموضوعة عليها، و أيضاً موسيقي ناعمه، ثم بسطت كفيها له في دعوة للرقص، وكان اكثر من مرحب، خطا خطواته بلهفه، مد أحد ذراعيه وجذب خصرها وبدأ في التمايل معاً، اقتربت أكثر، تميل برأسها أتجاه أذنه تهمس له قائلة:-
- فى سبب اننا هنا، عندي خبر مهم عايزة أقولك عليه ..
ما ان كادت ان تتحدث ، حتي تعالت صوت الطلقات النارية خارجاً ، شحبت ابتسامتها و دب الذعر بقلبها و ارتجفت أوصالها خاشيه من الاتي...
بينما هو ضمها إليه بقلق من تلك الغصة التي اعتلجت قلبه منذ قليل، الان يدرك انه كان ينبه بالخطر الوشيك ، عصفت به الى الأفكار لبحر الندم
ما كان عليه ان ينصاع لرغباتها والمجيء الى هنا دون حماية، تعالت الأصوات اكثر ، وأستمع الى صوت يعلمه جيدا صداه يخترق أذنيه ، كان صوت عماد قائلاً::-
وصلنا للنهاية يا بيجاد مفيش مهرب الليلة نهايتك، لكن الاول هحرق قلبك على الحلوة اللي معاك
للحظات أرتعد داخلياً من أن لا يتمكن من حمايتها
وأن يصل لها ذاك الوغد ويأذيها، تشتت وأحتار ماذا يفعل، سرعان ما صدح صوت هاتفه عالياً أفاقه، جذبه من جيب بنطاله، ليجد انه عاصي، الذي كان يقود السيارة متوجهاً أليهم و ما ان اجاب عليه حتى قال::- اسمعني كويس يا بيجاد عماد ____
وما كاد ان يتابع حديثه حتى أنتبه لصوت الطلق
الناري ، توغل القلق بقبله و إلى اشلاء تحطمه فكرة أن لا يلحق بهم، وان يتمكن ذاك الوغد من أذيتهم، خرج صوته مهزوزاً قائلاً:-
- بيجاد انا دقائق و اكون عندك، بلاش تطلع وحور بنتي أمانه في رقبتك، اوعى تسمح لها تتأذى..
وما ان كان ان يجيبه بيجاد، حتى اخترقت رصاصه زجاج النافذة فهشمته لشظايا، فأسرع بها
أتجاه غرفة النوم والهاتف مازال معه قائلاً: -
- حور روحي و أنا هحافظ على روحي.
ثم تابع بعد لحظه من التفكير قائلاً:-
- اسمع مش ينفع استني هنا، ممكن يقتحموا المكان في ثواني، انا هحاول اخرج بيها من الباب الخلفي.
أجابه عاصي قائلاً:-
تمام وانا هقبلكم، خد بالك منها ومن نفسك ...
دلف الى الغرفة وأنحني بها يخبأها بجانب الفراش، وما ان كاد ان يبتعد عنها حتى تمسكت به بذعر قائلة::-
- بيجاد انا خايفه، بلاش تسيبني.
انحني مجدداً يقبلها من جبينها قائلاً::-
اهدى انا جانبك مش هسيبك، بس لازم اجيب السلاح من الدولاب ...
اومئت له برأسها متفهمه، لكن كانت ترتجف من الخوف والقلق، شعرت بألم يداهمها بمعدتها يتصاعد تدريجياً، لكن لما ترد ان تخبره، يكفي ما هو به الأن
تحملت على ذاتها، كتمت أهاتها، بينما هو أخذ سلاحه وأقترب منها مجدداً، يجذبها خلفه لتتبعه بحذر، كان صوت الطلقات يتضاعف، يدرك ان الرجال بالخارج لن يصمدوا لعماد طويلاً، لذا عليه الأسراع وأنقاذها، عاد الى الردهة و كانت عدة طلقات تخترق نوافذها، كان يسير بها منحنياً للأسفل يخبأها بجسده
وقلبه كان يرتجف قلقاً عليها، يدرك أن عماد سوف يجاهد لأذيتها هي أولاً كي يكسره بها، بينما هي كان
الذعر أعترها، الألم يتضاعف، تداهمها ذكريات عماد، هي تهابه وبشده، ملامحه قاسيه مخيفه، هو أسوء كابوس في حياتهم، والان بات واقع يطاردهم، تخشى ان يتمكن من اللحاق بهم، تخشى ان يتمكن من أذيتهم، كانت شارده تحتضن بأحد ذراعيها رحمها وكأنها تحمى جنينها، تخشي فقدانه، كلما يدوى صدى صوت الطلقات عالياً فترتعد أكثر وتضم خصرها أقوى ...
بينما هو كل ما يشغل باله إنقاذها، لن يحتمل ان أصابها مكروه، أخيراً وصل للباب الخلفي، خبأها جانباً و قام بفتحه برفق، بينما كان قد جهز سلاحه سابقاً للأطلاق أذا لزم الأمر
ألتفت يميناً ويساراً بأمل ألا يجد أحد، وحمد الله على ذلك، جذبها مجدداً الى الخارج يتسلل اتجاه المكان المتفق عليه ، بأمل ان يأتي عاصي لهم سريعاً ...
أثناء ذلك كان عاصي قد هاتف الرجال وأخبرهم بأن ينقسموا؛ جزء منهم سوف يهاجمون رجال عماد لتشتيتهم ؛ والجزء الأخر سوف يلحق به من الخلف لأنقاذ حور وبيجاد..
ترجلا الرجال من السيارة بعيداً نسبياً حتى لا يراهم اياً من رجال عماد و يتم استهدافهم اثناء ترجلهم من السيارة ، معتمدين على عنصر المفاجئة
دقائق و اشتبك كل من الطرفين من الأمام، بينما كان عماد ورجاله استطاعوا التخلص من الحراس الأربعة ، و دلف عماد و معه عدد من الرجال للمنزل والباقي ، يبحثون عنهم في كل مكان، إلى أن وجد الباب الخلفي، شعر بالغضب لتمكنهم من الهرب، وأشار لرجاله باللحاق بهم ، ما أن كاد يذهب حتى لمح عدة قطرات من الدماء على الأرضية، ارتسمت ابتسامة
حاقده معبأة بالسعادة من فكرة أن يكون تأذي احدهم، انطلق للخارج بسرعه للخلاص منهم، فالآن تأكد أنهم لم يبتعدوا كثيرا، بينما عاصي كان وصلا وترجلا هو الاخر، يقترب من البيت الخلفي بحذر هو وبعض الرجال ، وأتى خلفه عمار الذى لم يعلم بوجوده بعد...
اثناء ذلك كانت حور في ذروة الألم، يداهمها الأغماء لكن كانت تكابر من أجله، التوتر و الخوف والقلق تلك المشاعر التي اعترته، لم تجعلها تلاحظ الدماء التي ينزفها رحمها ، يعلن فيه عن انتهاء فرحتها ومفاجئتها له، تلك الروح الصغيرة التى أحبتها قبل ان تراها الآن تفارقها، الألم يعصف بها، تجاهد أن لا تضعف، كانت عبراتها تهبط بصمت على وجنتيها، قلبها ينزف هو الأخر ألماً وقهراً لم تتداركه سره بعد، كان كل ما يهمها ان لا تكون عائق له، حتي يتمكنا من الهرب ولا تطاله أيدي عماد....
فجأة ظهر أحد الرجال أمامهم ، لكن استطاع بيجاد ان يطلق عليه سريعاً، فأصيب وسقط في الحال، بينما عماد ورجاله خلفه، ما أن أوشكوا على الاقتراب، حتى ظهر عاصي ورجاله، لمح عاصي اقترابهم فأسرع أليهم ..
تقدم نحوهم فلاحظ ما لم يلاحظوا اياً منهما أثناء هروبهم، تلك الدماء المتناثرة على ثوب أبنته الأبيض، هنا وقلبه صعق، فقد أدرك تماماً ماهيتها ، أنتابه الذعر، جال ببصره عليها، ليلاحظ شحوبها و تألمها الشديد و فجأة صدحت صرخة وجع منها لم تستطع كبتها ، دوى أنينها عالياً، لتجعل ذاك العاشق
يلتفت لها ، ما ان رأى الدماء حتى تمزقت روحه خاشيه وألم، هل تأذت
سمع قولها الذى حطمه كلياً بينما تشدد من احتضان خصرها بذراعيها ::-
- أبنى يا بيجاد، أبننا بيموت، أنقذه يا بيجاد أرجوك
كانت تلك أخر كلماتها قبل ان تستسلم لنوبة الأغماء تلك، لتسقط حينها بين يديه.....
بينما هو ألتقطها بقلب يعصف به الألم، تلبد أحساسه بالزمن، تجمد جسده، وثبت مكانه يطالعها بأعين تائهة غارق في ظلاما دامس لم يستوعب حديثها طفل!!!__
طفله هو!!__ في رحمها!!!__ يخسره ما أن علم بوجوده___ لما الأحزان وألام الفقد تلاحقه دوماً!!.
لحظات مرت عليه، كان ألمها يفوق ألم سنوات عمره
وهو يري دمائها على ثوبها، حاول عاصي جذبها منه، بألم وحصره على فرحة أبنته المنكسرة. ولكن كان بيجاد يشدد في تمسكه به يضمها أليه بقلب ينزف دمعاً أثر تحطمه ، لكن سرعان ما أظلمت عيناه وتوعد بالانتقام و القصاص ممن يسرق منه فرحته دائماً...
نظر لعاصي قائلاً :- خدها من هنا على المستشفى بسرعه يا عاصي، انا لازم أخلص منه، هو معاه حق إحنا وصلنا للنهاية، وهتكون نهايته...
لم يستجب عاصي لحديثه ورمقها بنظرة ألم قائلا:-
- انت لازم تكون معاها ، هي محتاجك أنت يا بيجاد إذا حصلك حاجه تموت، خدها انت على المستشفى
وأوعدك موت عماد يكون على أيدي، لكن لو حصلي حاجه بنتي أمانة في رقبتك وعارف انك هتحافظ عليها، وقول للجنيه بنتك أني بحبها وأن حبى ليها حقيقي، وكان غصب عنى!، هي اللي سرقت قلبي ، قولها أنها كانت النور بعد سنين ظلمه و وجع ...
كلماته ذكرت بيجاد بصغيرته حورية وعشقها
له ، فكيف له أن يتركه في النيران ويذهب ، ماذا سوف يقول لها ان أصابه مكروه، كيف سيتمكن من مواجهة أياً منهما، بالطبع لن يستطع....
كان عاصي يحثه على الذهاب، بينما هو جامد حائر، لا يدرك ماذا يفعل، هل يسرع في أنقاذها هي وطفله
ويتخلى عنه والدها وزوج ابنته ورفيق المراهقة...
لينزعه من شروده ظهور عمار المفاجئ و الذي لحق بعاصي ، وما ان وقعت عيناه على حور التي يحملها عمه والدماء تلوث ثوبها، فهلع حيناها هو الاخر قائلاً بينما يقترب منهم :-
- حور أتصابت!!! دي بتنزف!! لازم نخدها على المستشفى حالاً يا عمى، بينما غضب عاصي وصاح به قائلاً بخوف عليه وقلق من أن يصيبه مكروه :-
- انت ايه اللي جابك هنا ، انت أتجننت!
وما ان كاد ان يتابع حديثه حتى ظهر
رجال عماد ، وبدأوا في أطلاق النار اتجاههم، فتصدى لهم الرجال، بينما أسرع عاصي قائلاً أثناء مبادلته لأطلاق للنيران :-
- بسرعه يا بيجاد مفيش وقت أنقذها، خد عمار و
يلا على العربية وأنا هغطي عليكم.
اومئ له بيجاد رأسه بتيهه، وذهب بها أتجاه السيارة
ومعه عمار عازماً على توصيلهم للسيارة وأمر عمار بأخذها، بينما يعود هو لعاصي ولعماد الذي يود سلب روحه بذاته، وما ان أوشكوا على الاقتراب منها
حتى ظهر عماد أمامهم فجأة من العدم ، فقد أمر رجاله بأطلاق النيران عليهم ، بينما تسلل هو إليهم رفع سلاحه ورمقهم بنظرة حقد وابتسامة شامته قائلاً بينما يصوب سلاحه عليه :-
_ مش قولتلك ان دي النهاية يا بيجاد، أخيراً هخلص عليك بعد كل السنين دى وانتقم منك، انت خدت كل حاجه منى، البنت اللي بحبها و أخواتى اللى قتلتهم، كنت فاكرني مت انا كمان، لكن لا انا عايش و كنت بخطط لدمارك، وأخيراً جاه الوقت اللى بستنناه
بس هحرمك من اكثر حاجه بتحبها الأول
و في لحظه كان ضغط على الزناد قاصداً تلك الكامنة
بأحضانه، ألتفت بيجاد سريعاً يعطى عماد ظهره كي يتلقى الطلقة دون ان تصيب معشوقته، لتستقر الطلقة بقلب عمار الذى وقف حائل بين عماد وبين عمه،..
وفى ذات الوقت كان قد اتي عاصي. الذى ما أن رأي عماد يصوب سلاحه عليهم وأصابت عمار و اوشك على اطلاق الأخرى، حتى أسرع بأطلاق النار عليه، لتستقر الطلقة في رأسه، ليسقط صريعاً فى الحال، ليتجه عاصي مسرعاً إليهم ،و يري عمار الغارق بدمائه، وبيجاد المصدوم مما حدث للتو.، لقد تلقى ابن أخاه الطلقة بدلا منه،
هلع عاصي وأتى مسرعاً، أنحنى وقام بجث نبضه
بقلق، ألي أن تأكد انه ما زالا على قيد الحياه، رفعه
سريعاً هو وأحد الرجال و أدخله الى السيارة
و جلس بالخلف بجانبه ، يضغط على الجرح حتى لا يزداد نزيفه ويفقد الكثير من الدماء
بينما وضع بيجاد حور في السيارة الاخرى
وأنطلق بها حيث المشفى....
بعد مرور عدة دقائق وصلت السيارة الى مشفى قريب ، وأسرع بيجاد بحملها الى الداخل، بينما خلفه عاصي يحمل عمار هو وأحد رجاله، اسرع الاطباء باستلامهم و سرعان ما توجهوا نحو غرفة العمليات، بينما وقف كلا من عاصي وبيجاد بالردهة والقلق و الخوف يعتري قلب كلا منهما، في تلك الاثناء قام الرجل بالاتصال على أكرم يخبره بما حدث،
كانت أجلال وعلياء في ذاك الوقت بغرفتهم، والتوتر كان السائد بينهم، ماذا سوف يحدث!..
شعرت أجلال بالخوف على ابنها وحفيدتها التي قد تقتل اليوم بسببها هي، حتى انتبهوا الى صدى صوت اكرم الصارخ، فانتفضوا مسرعين الى الخارج، وما ان استمعت علياء لأكرم الذي أخبرها ان ابنها قد أصيب هو وحور، وأنهم الان بالمشفى، فصدح صوت صراخها عالياً، ليوقظ جميع من في القصر، بينما اجلال شعرت بألم غائر في أنحاء جسدها ، لكنها تماسكت كى تطمن على أحفادها،
و حورية التي أنتابها الذعر على حور، وجوليا تهدئها و حدقتيها تلاحق أكرم المتألم بقلق عليه...
سرعان ما تجهز الجميع و توجهوا الى المشفى، وصلا
كلا من اكرم وعلياء وأجلال أولاً الى الردهة حيث عاصي وبيجاد، كانت علياء تنساب العبرات من مقلتيها بألم ومرارة على وحيدها ، تسألهم بترجي عن حاله والخوف من فقدانه يعتريها ، بينما أجلال هي الاخرى كانت في اسواء حالتها، أحفادها الاثنان
بغرفة العمليات بسببها ولا تدرك كيف هي حالتهم
دقائق مرت والقلق والخوف يدب في جسد الجميع حتى الأوصال، إلى أن خرج احد الأطباء وكان المختص بحالة حور قائلاً بأسف:-
_ للأسف مقدرنا ننقذ الجنين، الأم نزفت كتير.
لكن هي بخير هينقلوها لأوضه عاديه دلوقت....
تلك الكلمات كانت كالسهم تخترق قلبه، طفله فقده،
ما أن علم به، استند بجسده على الحائط يستمد منه القوه، بينما عاصي تقدم منه وربت على منكبه قائلاً:-
_أقوى يا بيجاد عشان هي محتاجك
اومئ بيجاد له، بينما هو كان ينازع بداخله تذكرها و هي تطلب منه أن ينقذ طفلهما ولكنه مجدداً خذلها، كانت حالته مأساوية ، دقائق وخرج الطبيب الأخر الخاص بعمار ، توجه نحو الجميع بقلق طالعهم بنظرة أسف قائلاً::- البقاء لله....
كلمات صعقت الجميع من حوله، قلوب تحطمت على
فقدان ذاك الصغير لحياته، بينما صراخ علياء صدح بالأركان، تنوح وتنوح على فقدانها لصغيرها، تقول بلا وعي::- قتلته قتلت ابني!!!
ثم تتجه ألي والدتها وتتابع قائله::-
- عمار مات يا أجلال، عمار مش بيجاد
ابني مات يا أجلال، عماد قتل ابني مش قتل بيجاد
كنا بنخطط لموت أبني انا.. كانت تتمتم وتتمتم بكل ما فعله سويا، كأنها فقدت عقلها، تكشف كل مخططاتهم السابقة، بينما يطالعهم الجميع بصدمه، أكرم الذي اكتشف قذارة زوجته، اقترب منها و نظراته تنبعث منها لهيب قد يحرقها رفع كغيه وهبط به على وجنتها قائلاً:-
_ الطمع بالفلوس عماكي، كنتي عايزه تقتلي بيجاد وربنا عاقبك و ابنك هو اللى مات، انتى أسوء حد شفته بحياتي انتي طالق يا علياء طالق بالثلاثة..
لينتبهوا لصوت ارتطام بالأرضية، فتتجه أنظارهم أليه، فلم تكن غير إجلال، ليسرع باتجاهها عاصي، فهي لاتزال والدته من حملته برحمها لتسعة اشهر كاملة، و يناجي الأطباء للقدوم، بينما علياء كانت في حاله غير طبيعي تنوح و تتمتم بكلمات غريبه، جعلت الممرضات يقيدوا، و الاخريات يحملن أجلال ....
مربعض الوقت و الحزن قد تمكن منهم جوليا بجانب أكرم تدعمه، تخشى عليه من مرض عضالة الذي يتحطم من موت فقيده، و حورية بجانب عاصى تطالعه بنظرات عاشقه متألمة على حاله، تأسف لما أضعته بعيداً عن أحضانه، وبيجاد الذي انقسم قلبه الى أشلاء من الحزن، تارة على ابن اخيه الذي فارق الحياة و تارة على طفله الذي لم يفرح به وتارة على من أعتبرها مثل والدته وهي من كانت تخطط للخلاص منه، كان يعلم بطمعهم لكن ان يأول بهم الحال للتخطيط لقتله لم يجول بخاطره ولو لمره واحدة، توجهت قدميه دون أراده منه حيث غرفتها
دلف وأقترب من فراشها، جثى على ركبتيه و امسك كفيها وسمح لعبراتها بالانسياب على وجنتيه ضعفاً وألماً على كل ما مر به.....
مرت الساعات و فاقت حور وعلمت بخسارة أبنها و موت عمار، كانت تدمر داخلياً ولكنها كالعادة تتماسك لأجله هو كي تدعمه، تعلم تحطمه وان جاهد لاخفائه
عنها، بينما كان عاصي يقوم بالتحضيرات اللازمة و الاخيرة للعزاء، بعدما أخبره الطبيب بأصابة اجلال بجلطة دماغية أدت الى أصابتها بالشلل الكلي و تدهور حالة علياء العقلية فموت عمار أصابها بصدمة نفسية حادة و سوف يتم تحويلها لطبيب نفسي
تم العزاء وأنتهى اليوم وقد أصرت حور على حضوره رغم مرضها النفسي والجسدي إلا أنها آبت تركه وحيداً .....
آتىُ الليل وكلاً منهما غارق بهمومه وحزنه،
كانت حور بالمرحاض تأن بخفوت حتى لا يستمع لها
تضم خصرها بذراعيه، لقد فقدت طفلها للتو، كم غمرتها الفرحة حينما علمت بوجوده ولكنه ضاع منها
بينما هو كان في الردهة متوجهاً إلى غرفته
بعدما أطمئن على جميع من بالقصر:
أخيه اكرم والذي لم تتركه جوليا و كانت داعمه لها طوال اليوم مما أثار أنتباه حقيقة انها وتملك مشاعر لأخاه وحمد الله على وجوده بهذا الوقت بجانبه ..
منار التي آتت هي وزياد واكتشفت حقيقة امها وجدتها وأنهرت من موت شقيقها وكان زياد داعماً لها
وها هما يمكثان في أحدى غرف القصر، فقد أصر بيجاد على بقائهم هنا من أجل اكرم...
عاصي الذي دلف لغرفتها للتو وكذلك حورية بعدما آتت أليه تطلب منه ان تدعم زوجها وتقف بجانبه، نعم زوجها فقد اعترفت بذلك، لا تريد زفاف ولا غيره، هي فقد تريد ان تبقى بجانبه وتدعمه وبالطبع لم يمنعها عن ذلك، هو يدرك ان عاصي في أسوء حالته ويحتاج إلى وجودها بجانبه و كم أعجبه دعمها لزوجها.....
وصل الى باب غرفته يجاهد كي يخفي آلمه و تحطم قلبه عنها، دلف إلى الغرفة يجول بعينه المكان بحثاً عنها ولم يجدها، حتى أستمع لأنين خافت مصدره المرحاض توجه أله وطرق عدة مرات، كفكفت دموعها سريعاً ونثرت قطرات الماء على وجهها
تخبئ بها أثار نحيبها، جففت وجهها وخرجت له ما أن فعلت حتى ضمها بقوه بين ذراعيه قائلاً::
- أبكي يا حور، هسمحلك تبكي دلوقت، لأن بعد كده مش هسمحلك تانى، أبكي يا قلب بيجاد و طلعي كل اللي جواكي.....
وكأنها كانت تنتظر أن يأذن لها، لتتساقط عبراتها و يعلو أنينها ألماً وقهراً، كانت تتعالى شهقاتها فيشدد من ضمها أكثر وكأنه يرغب بأن يخبئها من أحزانها بين حناياه، كادت أن تذرف مقلتيه دمعه خائنه ولكنه آبى أن يسمح لها، جذبها الى الفراش وتمدد بها بين ذراعيه، قبلا جفونها واحتواها ألي ان غفت
بين يديه، ليرمقها بنظرات حانيه يقسم بأن لا يسمح لعبراتها بالسقوط مجدداً ولكنه لا يعلم ما يخبئه لهم القدر، فالحياة قاسية نذيق فيها الكثير من الالم وجميعها تكون اختبارا لها، علينا أن نجتزها بقلوباً ناقيه ونفوس طاهره، علينا ألا نسمح للغضب والكره والحقد والطمع أن يعتري قلوبنا لتكون عواقبنا وخيمه حيناها فثق ان لكل مخطئ عقاب ولو مر دهر
وكانت تلك القصة خير دليل وعبرا على ذلك، هنا كلا منهم أخطأ وكلاً منهما نال عقابه، لكن منهما من ادرك ذنبه واعتراه الندم، فكان الله غفورا رحيماً به، تقبل توبته منه، ومنهم من ضاع في متاهة الحياه، يأبى الغفران والندم فأنزل الله عقابه عليهم...
بينما في غرفة حورية كانت تقف امام طاولة الزينة
تمشط خصلاتها عازمه على التوجه له الأن، فهو يحتاج وجودها بجانبه، خرجت من غرفتها متوجها إلى غرفته....
بينما هو كان ممدداً على الفراش، الحزن يغمر قلبها فما حدث ليس بهين، موت عمار و مرض والدته وإصابة أخته بالجنون و إجهاض ابنته كل هذا حطمه من الداخل، لحظات وأستمع لصوت طرقات على باب غرفته، أحتار في هوية الطارق، فمن قد يأتي لغرفته الأن، لكن آذن بالدخول له على كل حال...
ما ان فتح الباب ودلفت هي وأغلقته خلفها، حتى أعثرته الدهشة من رؤيتها الأن بغرفته، هل ما يري من نسج تخيلاته، نابع من ألمه ورغبته بوجودها بجانبه تسانده ، فلا يعقل أن يكون حقيقي، لكنها لم تكن خيال أبداً، هي تخطو خطواتها أتجاه بخجل
ألي ان باتت أمام الفراش، وجهها الملائكي قد امتخض
بحمرة الخجل، متوترة، تعبث بأناملها، يعتريها الخجل مما تقوم به، تخشى أن ترفع بصرها تطالعه...
بينما هو لم يستوعب بعد تواجدها، حتى وأخيراً تمكنت من استمداد بعض القوه، قائله بنبرة صوت خافته::-
- ممكن أنام هنا جانبك، مش حابه أنام لوحدي.
صدم مما قالت، طالعها بأعين متشعه وفاهاً منفرج
أسدل جفون زرقاوتيه وأعاد فتحهم يتأكد أنها ليست طيف و ان ما يسمع حقيقي، حتى تابعت قولها::-
- ممكن أنام معاك ولا لا ....
لم تستمع لأجابه منه، فقد كان تائها، اعترها الخجل
كادت ان تستدير و لكنها ترددت ورمقته بنظرة غيظ من جموده قائلة:-
- على فكرة أنا مش بطلب أذنك، حقي كزوجه ليك أنى أكون ما كان ما تكون، يعني المفروض دي تكون اوضتي ذي ما هي أوضتك تمام،
لا يزال صامتاً لا يجيبها، مما ضاعف من غيظها منه، لقد أشعرها بالحرج حقاً، رمقته بنظرة غاضبه، ثم ابتعدت، فاق هو من صدمته حينما اوشكت على الخروج، انتفض من على الفراش حينما تأكد أنها ليست طيف و أنما حقيقه، جنيته آتت له، تعترف بزواجهم!!..
توجها نحوها مسرعاً، جذبها من ذراعيها قبل ان تخرج لترتطم بصدره، وقام بمعاودة أغلاق الباب، وحاصرها بجانبه قائلاً:-
- انتي بجد هنا !، أنتى حقيقه صح!،
انتي قولتي إيه من شوية، سمعينى تانى
صمتت هي، قربه وأنفاسه التي تلحف بشرتها جعل من وجيب قلبها يتضاعف، و الخجل يعتريها، لتبدو وجنتيها مثل ورد الجوري في حمرتها...
رمقها بنظرة عاشقه قائلاً:-
_ قولي تاني كده قولتي أيه من شويه؟.
أجابته قائلة بكلمه واحده، تخبره بها بكل مكنونات وجدانها، قائلة:- بحبك
أخيراً قالتها تلك القاسية، أخيراً ذاب جليدها
وأستمع لها من شفاها، أخيراً وجدانها خفق له
ضمها بقوه ألي صدره بينما وجيبه يتعالى عالياً
كأنه راغب ان تستمع له وهو ينبض بالعشق الخالص لها، قال بصوت متحشرج ملئ بالمشاعر:-
- وأنا مش بحبك!، أنا بعشقك يا جنيه، جنيتي أنا
كنت محتاج وجودك أوى، قربك هو راحة قلبي وسعادتي وجفاكي دماري ونهايتي...
ما ان قال هذا، حتى رفعت أناملها، تضعها على شفتاه
تمنعه من الحديث قائلة:- مفيش بعد تانى، مش هضيع من عمري لحظه تانية بعيد عنك، أنا لما شفت
الدم على قميصك بالمستشفى وقلبي دا كان هيقف من القلق والخوف، فكرة انك تتأذى أو اني أخسرك
كانت بتمزق روحي، أنا بحبك يا عاصى ومش عايزه غير قربك وحضنك، من اللحظة دي أنا مراتك وجنيتك فاهمني....
أزاح أناملها من على شفتاه بعدما قبلها قائلاً:-
- اسف يا حورية أنى مش هقدر أعملك فرح ذي باقي البنات، ومش هقدر كمان أبعد عنك اكثر....
أجابته قائله بعيون عاشقه:-
- وأنا مش عايزه فرح، أنا عايزه قربك أنت وبس
أنهت حديثها فجذبها ألي أحضانه مجدداً قائلاً:-
- أنتى احلى حاجه في حياتي، انتي عوضه ليا.
أنهى حديثه وهو يذهب بها أتجاه الفراش قائلاً:-
- انتي تعبتي النهارده ولازم ترتاحي و مددها على الفراش و تمدد بجانبها يأخذها بأحضانه
مقبلاً جبينها......
بعد مرور أربة أشهر كاملة، مرت عليهم، سعادتهم كانت تطغى على الحزن بقلوبهم ، يوماً عم يوماً
الحب هكان الشعور السائد بينهم...
خلال تلك الفترة حدث الكثير، فقد أبشرتهم منار بحملها واستقرارها معهم بالقصر..
جوليا التي تطورت علاقتها بأكرم، فقد شعر بالانجذاب لها، فطوال تلك الفترة كانت بجانبه، موت إجلال منذ شهر مضى بعد صراع مع المرض...
حور التي تنتظر حملها بطفلا اخر من معشوقها ينهى مرارة فقد خسارة جنينها....
والآن بحديقة القصر ،كان الجميع يتناول الفطور في جو يسوده السعادة والمرح، وما ان انتهوا ونهضت حوريه كي تودع عاصي حتى يذهب الى عمله، حتى داهمها الشعور بالأغماء، وكادت ان تسقط مغشي عليها، الا أن يديه كانت حائل تمنعها عن هذا بذعر، حملها بين يديه مسرعاً الى غرفتها و الجميع خلفها...
دلفت حور الى الغرفة كى تطمئن عليها، وبعد فحصها تبين لها ما بها بعدما جعلتها تفيق، نظرت نحوها بابتسامة قائلة:- أعتقد إنك المفروض عارفه حالاتك
ابتسمت حورية ابتسامة لم تصل لعينيها، فقد خبأت الامر عن حور حتى لا تؤلمها، قائلة:- أنا حامل
قالت حور بذات الابتسامة:-
- وليه مش قولتي لي
أجابتها بخجل:-
- لسه مفيش حد يعرف
رمقتها حور بدهشه قائلة:-
- ولا حتى عاصى
أجابتها بتحريك رأسها نافيا
فغرت حور شافها ورمقتها بنظرة خزى قائلة:-- معقول يا حورية مش قولتي له!، لازم تقولي له
وتفرحيه، ثم اقتربت منها وعانقتها وابتعدت قائلة بمرح: وغمزه تسليه: -
- هقوم افتح لهم الباب و تفرحيهم بالخبر الجامد دا
عشان انتي قلقتيهم!.
نهضت حور وقامت بفتح الباب لهم ليدلف الجميع
وعاصى الذي توجها نحوها بقلق قائلاً:-
- ما لك يا حبيبتي، ايه اللي حصل دا وسببه إيه
قال هذا وعيناه تطالع حور بتسأل، أجابته حورية قائلة:- مفيش حاجه يا عاصى، الموضوع اننا حامل
طالعها قائلاً دون ان ينتبه لما قالته:- بعظ الشر....
قطع جملته حينما أنتبه لما قالت، وطالعها بنظره استفهام لما قاله، فأومئت له برأسها تأكيد على حديثها، لتتسع ابتسامته هاتفاً بسعادة:- حامل بطفل
يعني بيبي!، أبني!، يعني هكون أب منك!..
بينما بيجاد أتسعت ابتسامته هو الأخر فرحاً لصغيرته
ولكن عيناه جالت على حوره و التي يعلم ألامها التي تجاهد لأخفائها ، فمنذ ثلاثة أشهر وهي تنتظر شهر بعد شهر بأمل خائب، يتظاهر حينها بكون لا يعلم ويدعمها بحبه وحضنه، فتلك الفترة كل شهره حينما يخيب أملها تكون أسوء فتره لها، تتأزم فيها نفسيتها
وتغدو ثائرة المشاعر ولكنه يتفهمها، هو لا يريد غيرها
هى، نعم يتمني ان يكون لهم طفلاً يكون بذرة عشقهم، لكن اذا لم يرد الله فهو راضي بقضائه وقدره وسوف يكتفي بها إلى الأبد...
بينما هنئ الجميع حوريه وغادرو لكى يمنحوهم المزيد من الخصوصية....
دلفت حور إلى غرفتها و دلفت للشرفة، جففت دمعه عالقة، لا تريدها ان تظهر فهي سعيدة لحورية و والدها...
بينما دلف هو الأخر خلفها، جال بعينيه بحثاً عنها، حتى راها بالشرفة، أتجه نحوها واقترب يضمها من الخلف، يدفن رأسه بعنقها، يقبله بعمق قائلاً:-
- وحشتيني جداً يا حوري وشغفي و جنوني
رسمت ابتسامة مزيفه علة ثغرها و استدارت له
قائلة و انت كمان يا حبيبي، مش روحت الشركة ليه
أجابها قائلاً قررت أخد أجازه النهارده وأقضيه مع حوري وجنوني، أيه رأيك نتغدى بره النهارده انا وانتي؟..
أجابته قائله بغضب:-
- بيجاد لو سمحت روح شغلك، أنا كويسه ومش هزعل عشان أختي طلعت حامل وانا لا، اكيد مش هغير من أختي!.
أقترب منها يجذبها مجدداً إليه متفهماً قائلاً:- ممكن أفهم ليه فهمتي كده، هو عشان حابب أخرج مع مراتي ونتغدى برا، لأنها وحشتني أكون غلطت
عانقته هي بشده متأسفه منها قائلة:-
- أنا اسفه يا حبيبي مش قصدي أتعصب وأعلى صوتي عليك
ابتسم متفهماً قائلاً:- لو مش عايزنى أزعل يبقي توافقي تتغدى معايا!.
أجابته بالموافقة.....
مضى شهراً أخر كانت حور بالمرحاض متوترة، تحمل بين يديها اختبارا منتظره خيبة الأمل كعادتها كل شهر، لتتفاجئي بظهور خطين على الاختبار، لم تصدق
ما ترى، هل هي حقاً الآن حامل، غمرت السعادة قلبه و ارتسمت الابتسامة على محياها، لم تستوعب الامر الى ان قامت باختبار اخر وكانت النتيجة ذاتها، فأسرعت كي تخبره ان الحلم قد تحقق وأستجاب الله لدعائها ...
بينما هو كان بالخارج يدرك جيداً ما تفعله بالداخل، يحضر ذاته كي يتقبل ثورة مشاعرها وحزنها، الى ان فتحت الباب ودلفت بملامح وجه غير المرات الماضية، ملامحها تملأها السعادة، خفق قلبه حيناها عالياً، فقد أدرك دون أن تخبره أن الله لم يكسر خاطرهما، توجه أليها بابتسامة واسعه قائلاً:-
- حامل مش كده، أنتى طلعتي حامل؟!
لم تندهش لأدراكه ما يعتلج صدرها دون ان تخبره، فتلك هي عادته، يعلمها جيداً ويتفهم ما بها يغدقها بالحنان في أحلك أوقاتها دون مللاً، اومئت له برأسها لتكون أجابته جذبها بقوه لأحضانها وقبلة يودع بها كل عشقه لها ...
بعد مرور شهرين وفي أحدى الليالي، في تمام الساعة الثانية بعد منتصف الليل كان بيجاد يخرج من غرفته حانقاً من جنونها فيما يدعى الوحم، فلها طلبات عجيبة وأغلبها تكون في مثل هذا الوقت ويخضع لتنفيذها له، وما أن كاد ان يهبط الدرج، حتى رأي عاصي هو الأخر في ذات الحالة، ليقول له:-
انت كمان!، المرة دي بتتوحم على إيه، أجابه قائلاً
عايزه مانجه، أجبلها منين دلوقت..
قال له بيجاد:- طيب على القليل بتطلب حاجات تتاكل عادى، مش ذي المجنونة بنتك، دي عايزه تاكل رنجة مع أيس كريم فانيليا أزاي دا.
طالعه عاصي باندهاش قائلاً:- رنجة على أيس كريم
وقهقه قائلاً ساخراً:: مكن السر أنها حامل فى توءم
وكل منهم طلب حاجه معينه..
رمقه بيجاد بغيظ و تركه وذهب، ليلحق به عاصي قائلاً:- استني خدني معاك حورية ممكن تاكلني لو مجبتش لها المانجا ولحق به قائلاً:-
كان مالنا ومال الجواز!...
بعد مرور عدة أشهر، بغرفة عاصى وحورية
كان عاصي غارق بالنوم حتى أستيقظ فازعاً
على صراخ حورية تخبره بأنها تولد، شعر بالتوتر وأحتار ما يفعل، صرخت به ان بسرع فى جلب الحقيبة المخصصة و أخذها الى المشفى، بينما استمعت حور لصرخة حورية، فحاولت ايقاظ بيجاد، الذي فزع هو الاخر قائلاً:- في أيه انتي بتولدي!.
اجابته قائلة:- أنا لسه في أخر الشهر السابع يا بيجاد، بس الظاهر ان حورية اللى بتولد، قوم بسرعه، وبالفعل نهض مسرعاً، ليري ارتباك عاصي، فتجهز الجميع مسرعاً واتجهوا الى المشفى؛ تحت صراخ حورية وتوتر حور....
ما أن دلفوا الى المشفى واقترب
الطبيب منهم و جهزوا حورية لأخذها حتى يتم توليدها، حتى شعرت حور بسائل يتسرب من بين ساقيها، وألم سرعان ما داهمها، فصدح صوت صرختها عالياً قائله:- ألحقني يا بيجاد أنا بولد
أجابها قائلاً:- لا انتي لسه قدامك شويه
أجابته بحده ساخرة:- هما عايزين يخرجوا، أمنعهم يعني!، ألحقني يا بيجاد وانت ساكت، انت السبب في الوجع اللي انا فيه دا يا أبن منيره!.
كان يطالعها بدهشه حتى أتى الممرضات وساعدوها هي الاخرى كي تلد...
بعد مرور بعضا من الوقت، تمت ولادتهما بنجاح طبيعياً، و تم نقلهم الى غرفه تجمع بينهم
كان كلاً منهما بجانب زوجته، حتى دلفت ممرضتين
تحمل كل منهم طفل، أقترب كلاً من بيجاد وعاصي واخذ طفلاً يتأمله بسعادة وفرحه غامره
قال عاصي:- أبنى نسخه منى
بينما قال بيجاد:- الحمد لله ان ابني مش شبهك وشبه أبوها..
رمقتهم الممرضتان باندهاش وقالت أحدهن :-
- لا حضرتك دا أبنك و دي بنته، أنتم بدلتوا الأطفال،
رمق كلاً منهما الطفل الذي يحمله، ثم قام بتبديلهم
قال عاصي بينما يعطيه له:- خد حفيدي وهات بنتى!.
بينما قال بيجاد:- وأنت كمان هات أبنى وبراحه على حفيدتي ...
ثم وجه بصره الى الممرضة متسائلاً:- أنا ليا أتنين، كده ناقص واحد
بينما كلاً من الممرضتين كان يرمقان بعضهم بحيره وعدم استيعاب لما تفوه به هؤلاء منذ قليل.
حتى انتبهوا لصوت بيجاد قائلاً انا ليا اثنين
كده ناقصني واحد!،
أجابته الممرضة وهى لا تزال مندهشة من حديثهم أن الاخر فتاه وهي ضعيفة و بالحضانة الآن، ليشعر بيجاد بالذعر هو وحور، فتطمئنه الممرضه انها بخير فقد تحتاج لمزيد من الوقت، ليرتاح قلبهم قليلاً ويتوجه كلاً منهما ألي زوجته كي يريها طفله
قالت حور ما ان رأته:- في شابه كبير منك يا بيجو
أدهم هيكون نسخه مصغره منك
بينما حورية قالت:- وحتى تقى شبه عاصي جداً.
مر بعض الوقت وانقضى الليل و اشرقت شمس السماء ، وأتى أكرم الذي عقد قرانه على جوليا و زياد ومنار التي تحمل بين يديها طفلاً
و منيرة وأدهم جوزها، يهنئهم كلاً منهما، ليسود الفرح والمرح بينهما وبالأخص حينما أحضرت الممرضة طفلتهما رسيليا بيجاد الحديدي والذى أسرع بيجاد لالتقاطها بين يديه، والذي ما ان فعل وفتحت
عينيها حتى وقع أسير خضروتيها، فهي صغيرته
رواية حور الشيطان
سلسلة عشق محرم
بقلمي ملاك محمد دودو
الخاتمه
كم ألمني هذا الزمان و كم ابكاني
منذ البداية وقد نالت مني الآلام
تائه بمتاهة الأحزان، لم أجد منها مهرب
مرت سنوات أجاهد كي أنجو منها ولا أمل في النجاة ، حتي وجدت عينيكِ و معكِ شعرت بالحياة
كانت نظرة عينيكِ وابتسامة ثغرك سعادتي
كنت فيها أجد أماني واهرب من الأحزان.
كلما أطالع ملامحك تغمرني السعادة و راحة البال
فأيكي ان تغادري يوماً و تأخذي مني هذا الإحساس
أياكي ان تسمحي لي بالعودة لمتاهة الاحزان
فأغدو ضائع حائر مجدداً تملكه اليأس من الحياه...
قاد سيارته و وجيب قلبه يتعالى كلما اقترب من وجهته، لا يدرك لما يعتريه القلق والخوف من المجهول أمامه، ثمة شعور غريب بداخله، روحه تؤلمه وتهفو لضمها ، لما يشتاقها وهي بقربه !، لما يشعر وكأنه يرغب بأن يخبئها بين حناياه!، مشاعر متضاربة تهتاج ك الأعصار بوجدانه ، يختطف نظرة عشق خالصه لها كل عدة لحظات، ليجد البسمة تلازم محياها ، عيناها تتوهج بوهج غريب ، تسألا ان كان يراه وحده من فرط العشق الذي يكنه لها، أم هو من شعورها بالسعادة لما تخطط له، أم هو شيئاً اخر مختلف..
بينما هي كانت تحلق في سماء تخيلاتها لتلك اللحظة التي تبوح فيها له بما يعتلج صدرها من فرحه غامرة، كم ترغب برؤية ملامح وجهه المحببة لها؛ حينما يعلم انها الان تحمل برحمها ثمرة عشقهم، طفلاً تتمني لو يشبه أباه فى وسامته المهلكة، ذاك الأربعيني الذي اقتحم عالمها وتمكن من آسرها وامتلاك وجدانها وأخضع وجيبه له ، معه نضج وأدرك العشق، لم تكن تظن يوماً ان يخفق لأحد ، لا ان تصيبه سهام العشق ؛ حتى التقت به و غرقت ببحور عينيه...
اخرجها من شرودها توقف السيارة، فقد وصلت لوجهتها، رمقها بنظرة عاشقه قائلاً ::-
-وصلنا يا سنوريتا..
ابتسمت له بشجن ، بادلها البسمة، وترجلا من السيارة؛ متوجهاً للجهة الاخرى و قام بفتح بابها لها، ترجلت منها و قامت بالاقتراب منه و طبعت قبلة على وجنتيه قائلة::-
- انا بعشقك وبحمد ربنا على وجودك بحياتي..
اتسعت ابتسامته وتوهجت عيناه بوهج العشق لها جذبها إليه يضمها بين حناياه بقوة، يخبرها بهمس انه يعشقها هو الأخر بل انها جنونه وهوسه وروحه، فهل يعيش الجسد بلا روح، غصه هاجمت قلبه، شرد بها وبدون وعي شدد في ضمها، بل كاد يعتصرها بين ذراعيه؛ حتي انها تأوهت من شدتها، أنتبه فأبتعد معتذراً، ساحباً أياها اتجاه المنزل، وجد أربع من الحراس يحاوطنه ، وكأنهم يعلمون مسبقاً بمجيئهم، وجها بصره لها، ابتسمت قائلة:-
- عاصي هو اللي أصر يكون في حماية معانا..
زفر بارتياح لتواجدهم، فقد غفل تماماً عن ذلك تحت أصرارها، اومئ لهم بتحية، وخطا أتجاه باب المنزل، قام بفتحه ودلفا معاً الى الداخل، كانت الأضواء مطفئه، ما ان أضاءها، حتى فوجئ بالطاولة المجهزة والورود المتناثرة، ألتفت لها مندهشاً مما يرى، ابتعدت هى باتجاه الطاولة، قامت بأشعال الشموع الموضوعة عليها، و أيضاً موسيقي ناعمه، ثم بسطت كفيها له في دعوة للرقص، وكان اكثر من مرحب، خطا خطواته بلهفه، مد أحد ذراعيه وجذب خصرها وبدأ في التمايل معاً، اقتربت أكثر، تميل برأسها أتجاه أذنه تهمس له قائلة:-
- فى سبب اننا هنا، عندي خبر مهم عايزة أقولك عليه ..
ما ان كادت ان تتحدث ، حتي تعالت صوت الطلقات النارية خارجاً ، شحبت ابتسامتها و دب الذعر بقلبها و ارتجفت أوصالها خاشيه من الاتي...
بينما هو ضمها إليه بقلق من تلك الغصة التي اعتلجت قلبه منذ قليل، الان يدرك انه كان ينبه بالخطر الوشيك ، عصفت به الى الأفكار لبحر الندم
ما كان عليه ان ينصاع لرغباتها والمجيء الى هنا دون حماية، تعالت الأصوات اكثر ، وأستمع الى صوت يعلمه جيدا صداه يخترق أذنيه ، كان صوت عماد قائلاً::-
وصلنا للنهاية يا بيجاد مفيش مهرب الليلة نهايتك، لكن الاول هحرق قلبك على الحلوة اللي معاك
للحظات أرتعد داخلياً من أن لا يتمكن من حمايتها
وأن يصل لها ذاك الوغد ويأذيها، تشتت وأحتار ماذا يفعل، سرعان ما صدح صوت هاتفه عالياً أفاقه، جذبه من جيب بنطاله، ليجد انه عاصي، الذي كان يقود السيارة متوجهاً أليهم و ما ان اجاب عليه حتى قال::- اسمعني كويس يا بيجاد عماد ____
وما كاد ان يتابع حديثه حتى أنتبه لصوت الطلق
الناري ، توغل القلق بقبله و إلى اشلاء تحطمه فكرة أن لا يلحق بهم، وان يتمكن ذاك الوغد من أذيتهم، خرج صوته مهزوزاً قائلاً:-
- بيجاد انا دقائق و اكون عندك، بلاش تطلع وحور بنتي أمانه في رقبتك، اوعى تسمح لها تتأذى..
وما ان كان ان يجيبه بيجاد، حتى اخترقت رصاصه زجاج النافذة فهشمته لشظايا، فأسرع بها
أتجاه غرفة النوم والهاتف مازال معه قائلاً: -
- حور روحي و أنا هحافظ على روحي.
ثم تابع بعد لحظه من التفكير قائلاً:-
- اسمع مش ينفع استني هنا، ممكن يقتحموا المكان في ثواني، انا هحاول اخرج بيها من الباب الخلفي.
أجابه عاصي قائلاً:-
تمام وانا هقبلكم، خد بالك منها ومن نفسك ...
دلف الى الغرفة وأنحني بها يخبأها بجانب الفراش، وما ان كاد ان يبتعد عنها حتى تمسكت به بذعر قائلة::-
- بيجاد انا خايفه، بلاش تسيبني.
انحني مجدداً يقبلها من جبينها قائلاً::-
اهدى انا جانبك مش هسيبك، بس لازم اجيب السلاح من الدولاب ...
اومئت له برأسها متفهمه، لكن كانت ترتجف من الخوف والقلق، شعرت بألم يداهمها بمعدتها يتصاعد تدريجياً، لكن لما ترد ان تخبره، يكفي ما هو به الأن
تحملت على ذاتها، كتمت أهاتها، بينما هو أخذ سلاحه وأقترب منها مجدداً، يجذبها خلفه لتتبعه بحذر، كان صوت الطلقات يتضاعف، يدرك ان الرجال بالخارج لن يصمدوا لعماد طويلاً، لذا عليه الأسراع وأنقاذها، عاد الى الردهة و كانت عدة طلقات تخترق نوافذها، كان يسير بها منحنياً للأسفل يخبأها بجسده
وقلبه كان يرتجف قلقاً عليها، يدرك أن عماد سوف يجاهد لأذيتها هي أولاً كي يكسره بها، بينما هي كان
الذعر أعترها، الألم يتضاعف، تداهمها ذكريات عماد، هي تهابه وبشده، ملامحه قاسيه مخيفه، هو أسوء كابوس في حياتهم، والان بات واقع يطاردهم، تخشى ان يتمكن من اللحاق بهم، تخشى ان يتمكن من أذيتهم، كانت شارده تحتضن بأحد ذراعيها رحمها وكأنها تحمى جنينها، تخشي فقدانه، كلما يدوى صدى صوت الطلقات عالياً فترتعد أكثر وتضم خصرها أقوى ...
بينما هو كل ما يشغل باله إنقاذها، لن يحتمل ان أصابها مكروه، أخيراً وصل للباب الخلفي، خبأها جانباً و قام بفتحه برفق، بينما كان قد جهز سلاحه سابقاً للأطلاق أذا لزم الأمر
ألتفت يميناً ويساراً بأمل ألا يجد أحد، وحمد الله على ذلك، جذبها مجدداً الى الخارج يتسلل اتجاه المكان المتفق عليه ، بأمل ان يأتي عاصي لهم سريعاً ...
أثناء ذلك كان عاصي قد هاتف الرجال وأخبرهم بأن ينقسموا؛ جزء منهم سوف يهاجمون رجال عماد لتشتيتهم ؛ والجزء الأخر سوف يلحق به من الخلف لأنقاذ حور وبيجاد..
ترجلا الرجال من السيارة بعيداً نسبياً حتى لا يراهم اياً من رجال عماد و يتم استهدافهم اثناء ترجلهم من السيارة ، معتمدين على عنصر المفاجئة
دقائق و اشتبك كل من الطرفين من الأمام، بينما كان عماد ورجاله استطاعوا التخلص من الحراس الأربعة ، و دلف عماد و معه عدد من الرجال للمنزل والباقي ، يبحثون عنهم في كل مكان، إلى أن وجد الباب الخلفي، شعر بالغضب لتمكنهم من الهرب، وأشار لرجاله باللحاق بهم ، ما أن كاد يذهب حتى لمح عدة قطرات من الدماء على الأرضية، ارتسمت ابتسامة
حاقده معبأة بالسعادة من فكرة أن يكون تأذي احدهم، انطلق للخارج بسرعه للخلاص منهم، فالآن تأكد أنهم لم يبتعدوا كثيرا، بينما عاصي كان وصلا وترجلا هو الاخر، يقترب من البيت الخلفي بحذر هو وبعض الرجال ، وأتى خلفه عمار الذى لم يعلم بوجوده بعد...
اثناء ذلك كانت حور في ذروة الألم، يداهمها الأغماء لكن كانت تكابر من أجله، التوتر و الخوف والقلق تلك المشاعر التي اعترته، لم تجعلها تلاحظ الدماء التي ينزفها رحمها ، يعلن فيه عن انتهاء فرحتها ومفاجئتها له، تلك الروح الصغيرة التى أحبتها قبل ان تراها الآن تفارقها، الألم يعصف بها، تجاهد أن لا تضعف، كانت عبراتها تهبط بصمت على وجنتيها، قلبها ينزف هو الأخر ألماً وقهراً لم تتداركه سره بعد، كان كل ما يهمها ان لا تكون عائق له، حتي يتمكنا من الهرب ولا تطاله أيدي عماد....
فجأة ظهر أحد الرجال أمامهم ، لكن استطاع بيجاد ان يطلق عليه سريعاً، فأصيب وسقط في الحال، بينما عماد ورجاله خلفه، ما أن أوشكوا على الاقتراب، حتى ظهر عاصي ورجاله، لمح عاصي اقترابهم فأسرع أليهم ..
تقدم نحوهم فلاحظ ما لم يلاحظوا اياً منهما أثناء هروبهم، تلك الدماء المتناثرة على ثوب أبنته الأبيض، هنا وقلبه صعق، فقد أدرك تماماً ماهيتها ، أنتابه الذعر، جال ببصره عليها، ليلاحظ شحوبها و تألمها الشديد و فجأة صدحت صرخة وجع منها لم تستطع كبتها ، دوى أنينها عالياً، لتجعل ذاك العاشق
يلتفت لها ، ما ان رأى الدماء حتى تمزقت روحه خاشيه وألم، هل تأذت
سمع قولها الذى حطمه كلياً بينما تشدد من احتضان خصرها بذراعيها ::-
- أبنى يا بيجاد، أبننا بيموت، أنقذه يا بيجاد أرجوك
كانت تلك أخر كلماتها قبل ان تستسلم لنوبة الأغماء تلك، لتسقط حينها بين يديه.....
بينما هو ألتقطها بقلب يعصف به الألم، تلبد أحساسه بالزمن، تجمد جسده، وثبت مكانه يطالعها بأعين تائهة غارق في ظلاما دامس لم يستوعب حديثها طفل!!!__
طفله هو!!__ في رحمها!!!__ يخسره ما أن علم بوجوده___ لما الأحزان وألام الفقد تلاحقه دوماً!!.
لحظات مرت عليه، كان ألمها يفوق ألم سنوات عمره
وهو يري دمائها على ثوبها، حاول عاصي جذبها منه، بألم وحصره على فرحة أبنته المنكسرة. ولكن كان بيجاد يشدد في تمسكه به يضمها أليه بقلب ينزف دمعاً أثر تحطمه ، لكن سرعان ما أظلمت عيناه وتوعد بالانتقام و القصاص ممن يسرق منه فرحته دائماً...
نظر لعاصي قائلاً :- خدها من هنا على المستشفى بسرعه يا عاصي، انا لازم أخلص منه، هو معاه حق إحنا وصلنا للنهاية، وهتكون نهايته...
لم يستجب عاصي لحديثه ورمقها بنظرة ألم قائلا:-
- انت لازم تكون معاها ، هي محتاجك أنت يا بيجاد إذا حصلك حاجه تموت، خدها انت على المستشفى
وأوعدك موت عماد يكون على أيدي، لكن لو حصلي حاجه بنتي أمانة في رقبتك وعارف انك هتحافظ عليها، وقول للجنيه بنتك أني بحبها وأن حبى ليها حقيقي، وكان غصب عنى!، هي اللي سرقت قلبي ، قولها أنها كانت النور بعد سنين ظلمه و وجع ...
كلماته ذكرت بيجاد بصغيرته حورية وعشقها
له ، فكيف له أن يتركه في النيران ويذهب ، ماذا سوف يقول لها ان أصابه مكروه، كيف سيتمكن من مواجهة أياً منهما، بالطبع لن يستطع....
كان عاصي يحثه على الذهاب، بينما هو جامد حائر، لا يدرك ماذا يفعل، هل يسرع في أنقاذها هي وطفله
ويتخلى عنه والدها وزوج ابنته ورفيق المراهقة...
لينزعه من شروده ظهور عمار المفاجئ و الذي لحق بعاصي ، وما ان وقعت عيناه على حور التي يحملها عمه والدماء تلوث ثوبها، فهلع حيناها هو الاخر قائلاً بينما يقترب منهم :-
- حور أتصابت!!! دي بتنزف!! لازم نخدها على المستشفى حالاً يا عمى، بينما غضب عاصي وصاح به قائلاً بخوف عليه وقلق من أن يصيبه مكروه :-
- انت ايه اللي جابك هنا ، انت أتجننت!
وما ان كاد ان يتابع حديثه حتى ظهر
رجال عماد ، وبدأوا في أطلاق النار اتجاههم، فتصدى لهم الرجال، بينما أسرع عاصي قائلاً أثناء مبادلته لأطلاق للنيران :-
- بسرعه يا بيجاد مفيش وقت أنقذها، خد عمار و
يلا على العربية وأنا هغطي عليكم.
اومئ له بيجاد رأسه بتيهه، وذهب بها أتجاه السيارة
ومعه عمار عازماً على توصيلهم للسيارة وأمر عمار بأخذها، بينما يعود هو لعاصي ولعماد الذي يود سلب روحه بذاته، وما ان أوشكوا على الاقتراب منها
حتى ظهر عماد أمامهم فجأة من العدم ، فقد أمر رجاله بأطلاق النيران عليهم ، بينما تسلل هو إليهم رفع سلاحه ورمقهم بنظرة حقد وابتسامة شامته قائلاً بينما يصوب سلاحه عليه :-
_ مش قولتلك ان دي النهاية يا بيجاد، أخيراً هخلص عليك بعد كل السنين دى وانتقم منك، انت خدت كل حاجه منى، البنت اللي بحبها و أخواتى اللى قتلتهم، كنت فاكرني مت انا كمان، لكن لا انا عايش و كنت بخطط لدمارك، وأخيراً جاه الوقت اللى بستنناه
بس هحرمك من اكثر حاجه بتحبها الأول
و في لحظه كان ضغط على الزناد قاصداً تلك الكامنة
بأحضانه، ألتفت بيجاد سريعاً يعطى عماد ظهره كي يتلقى الطلقة دون ان تصيب معشوقته، لتستقر الطلقة بقلب عمار الذى وقف حائل بين عماد وبين عمه،..
وفى ذات الوقت كان قد اتي عاصي. الذى ما أن رأي عماد يصوب سلاحه عليهم وأصابت عمار و اوشك على اطلاق الأخرى، حتى أسرع بأطلاق النار عليه، لتستقر الطلقة في رأسه، ليسقط صريعاً فى الحال، ليتجه عاصي مسرعاً إليهم ،و يري عمار الغارق بدمائه، وبيجاد المصدوم مما حدث للتو.، لقد تلقى ابن أخاه الطلقة بدلا منه،
هلع عاصي وأتى مسرعاً، أنحنى وقام بجث نبضه
بقلق، ألي أن تأكد انه ما زالا على قيد الحياه، رفعه
سريعاً هو وأحد الرجال و أدخله الى السيارة
و جلس بالخلف بجانبه ، يضغط على الجرح حتى لا يزداد نزيفه ويفقد الكثير من الدماء
بينما وضع بيجاد حور في السيارة الاخرى
وأنطلق بها حيث المشفى....
بعد مرور عدة دقائق وصلت السيارة الى مشفى قريب ، وأسرع بيجاد بحملها الى الداخل، بينما خلفه عاصي يحمل عمار هو وأحد رجاله، اسرع الاطباء باستلامهم و سرعان ما توجهوا نحو غرفة العمليات، بينما وقف كلا من عاصي وبيجاد بالردهة والقلق و الخوف يعتري قلب كلا منهما، في تلك الاثناء قام الرجل بالاتصال على أكرم يخبره بما حدث،
كانت أجلال وعلياء في ذاك الوقت بغرفتهم، والتوتر كان السائد بينهم، ماذا سوف يحدث!..
شعرت أجلال بالخوف على ابنها وحفيدتها التي قد تقتل اليوم بسببها هي، حتى انتبهوا الى صدى صوت اكرم الصارخ، فانتفضوا مسرعين الى الخارج، وما ان استمعت علياء لأكرم الذي أخبرها ان ابنها قد أصيب هو وحور، وأنهم الان بالمشفى، فصدح صوت صراخها عالياً، ليوقظ جميع من في القصر، بينما اجلال شعرت بألم غائر في أنحاء جسدها ، لكنها تماسكت كى تطمن على أحفادها،
و حورية التي أنتابها الذعر على حور، وجوليا تهدئها و حدقتيها تلاحق أكرم المتألم بقلق عليه...
سرعان ما تجهز الجميع و توجهوا الى المشفى، وصلا
كلا من اكرم وعلياء وأجلال أولاً الى الردهة حيث عاصي وبيجاد، كانت علياء تنساب العبرات من مقلتيها بألم ومرارة على وحيدها ، تسألهم بترجي عن حاله والخوف من فقدانه يعتريها ، بينما أجلال هي الاخرى كانت في اسواء حالتها، أحفادها الاثنان
بغرفة العمليات بسببها ولا تدرك كيف هي حالتهم
دقائق مرت والقلق والخوف يدب في جسد الجميع حتى الأوصال، إلى أن خرج احد الأطباء وكان المختص بحالة حور قائلاً بأسف:-
_ للأسف مقدرنا ننقذ الجنين، الأم نزفت كتير.
لكن هي بخير هينقلوها لأوضه عاديه دلوقت....
تلك الكلمات كانت كالسهم تخترق قلبه، طفله فقده،
ما أن علم به، استند بجسده على الحائط يستمد منه القوه، بينما عاصي تقدم منه وربت على منكبه قائلاً:-
_أقوى يا بيجاد عشان هي محتاجك
اومئ بيجاد له، بينما هو كان ينازع بداخله تذكرها و هي تطلب منه أن ينقذ طفلهما ولكنه مجدداً خذلها، كانت حالته مأساوية ، دقائق وخرج الطبيب الأخر الخاص بعمار ، توجه نحو الجميع بقلق طالعهم بنظرة أسف قائلاً::- البقاء لله....
كلمات صعقت الجميع من حوله، قلوب تحطمت على
فقدان ذاك الصغير لحياته، بينما صراخ علياء صدح بالأركان، تنوح وتنوح على فقدانها لصغيرها، تقول بلا وعي::- قتلته قتلت ابني!!!
ثم تتجه ألي والدتها وتتابع قائله::-
- عمار مات يا أجلال، عمار مش بيجاد
ابني مات يا أجلال، عماد قتل ابني مش قتل بيجاد
كنا بنخطط لموت أبني انا.. كانت تتمتم وتتمتم بكل ما فعله سويا، كأنها فقدت عقلها، تكشف كل مخططاتهم السابقة، بينما يطالعهم الجميع بصدمه، أكرم الذي اكتشف قذارة زوجته، اقترب منها و نظراته تنبعث منها لهيب قد يحرقها رفع كغيه وهبط به على وجنتها قائلاً:-
_ الطمع بالفلوس عماكي، كنتي عايزه تقتلي بيجاد وربنا عاقبك و ابنك هو اللى مات، انتى أسوء حد شفته بحياتي انتي طالق يا علياء طالق بالثلاثة..
لينتبهوا لصوت ارتطام بالأرضية، فتتجه أنظارهم أليه، فلم تكن غير إجلال، ليسرع باتجاهها عاصي، فهي لاتزال والدته من حملته برحمها لتسعة اشهر كاملة، و يناجي الأطباء للقدوم، بينما علياء كانت في حاله غير طبيعي تنوح و تتمتم بكلمات غريبه، جعلت الممرضات يقيدوا، و الاخريات يحملن أجلال ....
مربعض الوقت و الحزن قد تمكن منهم جوليا بجانب أكرم تدعمه، تخشى عليه من مرض عضالة الذي يتحطم من موت فقيده، و حورية بجانب عاصى تطالعه بنظرات عاشقه متألمة على حاله، تأسف لما أضعته بعيداً عن أحضانه، وبيجاد الذي انقسم قلبه الى أشلاء من الحزن، تارة على ابن اخيه الذي فارق الحياة و تارة على طفله الذي لم يفرح به وتارة على من أعتبرها مثل والدته وهي من كانت تخطط للخلاص منه، كان يعلم بطمعهم لكن ان يأول بهم الحال للتخطيط لقتله لم يجول بخاطره ولو لمره واحدة، توجهت قدميه دون أراده منه حيث غرفتها
دلف وأقترب من فراشها، جثى على ركبتيه و امسك كفيها وسمح لعبراتها بالانسياب على وجنتيه ضعفاً وألماً على كل ما مر به.....
مرت الساعات و فاقت حور وعلمت بخسارة أبنها و موت عمار، كانت تدمر داخلياً ولكنها كالعادة تتماسك لأجله هو كي تدعمه، تعلم تحطمه وان جاهد لاخفائه
عنها، بينما كان عاصي يقوم بالتحضيرات اللازمة و الاخيرة للعزاء، بعدما أخبره الطبيب بأصابة اجلال بجلطة دماغية أدت الى أصابتها بالشلل الكلي و تدهور حالة علياء العقلية فموت عمار أصابها بصدمة نفسية حادة و سوف يتم تحويلها لطبيب نفسي
تم العزاء وأنتهى اليوم وقد أصرت حور على حضوره رغم مرضها النفسي والجسدي إلا أنها آبت تركه وحيداً .....
آتىُ الليل وكلاً منهما غارق بهمومه وحزنه،
كانت حور بالمرحاض تأن بخفوت حتى لا يستمع لها
تضم خصرها بذراعيه، لقد فقدت طفلها للتو، كم غمرتها الفرحة حينما علمت بوجوده ولكنه ضاع منها
بينما هو كان في الردهة متوجهاً إلى غرفته
بعدما أطمئن على جميع من بالقصر:
أخيه اكرم والذي لم تتركه جوليا و كانت داعمه لها طوال اليوم مما أثار أنتباه حقيقة انها وتملك مشاعر لأخاه وحمد الله على وجوده بهذا الوقت بجانبه ..
منار التي آتت هي وزياد واكتشفت حقيقة امها وجدتها وأنهرت من موت شقيقها وكان زياد داعماً لها
وها هما يمكثان في أحدى غرف القصر، فقد أصر بيجاد على بقائهم هنا من أجل اكرم...
عاصي الذي دلف لغرفتها للتو وكذلك حورية بعدما آتت أليه تطلب منه ان تدعم زوجها وتقف بجانبه، نعم زوجها فقد اعترفت بذلك، لا تريد زفاف ولا غيره، هي فقد تريد ان تبقى بجانبه وتدعمه وبالطبع لم يمنعها عن ذلك، هو يدرك ان عاصي في أسوء حالته ويحتاج إلى وجودها بجانبه و كم أعجبه دعمها لزوجها.....
وصل الى باب غرفته يجاهد كي يخفي آلمه و تحطم قلبه عنها، دلف إلى الغرفة يجول بعينه المكان بحثاً عنها ولم يجدها، حتى أستمع لأنين خافت مصدره المرحاض توجه أله وطرق عدة مرات، كفكفت دموعها سريعاً ونثرت قطرات الماء على وجهها
تخبئ بها أثار نحيبها، جففت وجهها وخرجت له ما أن فعلت حتى ضمها بقوه بين ذراعيه قائلاً::
- أبكي يا حور، هسمحلك تبكي دلوقت، لأن بعد كده مش هسمحلك تانى، أبكي يا قلب بيجاد و طلعي كل اللي جواكي.....
وكأنها كانت تنتظر أن يأذن لها، لتتساقط عبراتها و يعلو أنينها ألماً وقهراً، كانت تتعالى شهقاتها فيشدد من ضمها أكثر وكأنه يرغب بأن يخبئها من أحزانها بين حناياه، كادت أن تذرف مقلتيه دمعه خائنه ولكنه آبى أن يسمح لها، جذبها الى الفراش وتمدد بها بين ذراعيه، قبلا جفونها واحتواها ألي ان غفت
بين يديه، ليرمقها بنظرات حانيه يقسم بأن لا يسمح لعبراتها بالسقوط مجدداً ولكنه لا يعلم ما يخبئه لهم القدر، فالحياة قاسية نذيق فيها الكثير من الالم وجميعها تكون اختبارا لها، علينا أن نجتزها بقلوباً ناقيه ونفوس طاهره، علينا ألا نسمح للغضب والكره والحقد والطمع أن يعتري قلوبنا لتكون عواقبنا وخيمه حيناها فثق ان لكل مخطئ عقاب ولو مر دهر
وكانت تلك القصة خير دليل وعبرا على ذلك، هنا كلا منهم أخطأ وكلاً منهما نال عقابه، لكن منهما من ادرك ذنبه واعتراه الندم، فكان الله غفورا رحيماً به، تقبل توبته منه، ومنهم من ضاع في متاهة الحياه، يأبى الغفران والندم فأنزل الله عقابه عليهم...
بينما في غرفة حورية كانت تقف امام طاولة الزينة
تمشط خصلاتها عازمه على التوجه له الأن، فهو يحتاج وجودها بجانبه، خرجت من غرفتها متوجها إلى غرفته....
بينما هو كان ممدداً على الفراش، الحزن يغمر قلبها فما حدث ليس بهين، موت عمار و مرض والدته وإصابة أخته بالجنون و إجهاض ابنته كل هذا حطمه من الداخل، لحظات وأستمع لصوت طرقات على باب غرفته، أحتار في هوية الطارق، فمن قد يأتي لغرفته الأن، لكن آذن بالدخول له على كل حال...
ما ان فتح الباب ودلفت هي وأغلقته خلفها، حتى أعثرته الدهشة من رؤيتها الأن بغرفته، هل ما يري من نسج تخيلاته، نابع من ألمه ورغبته بوجودها بجانبه تسانده ، فلا يعقل أن يكون حقيقي، لكنها لم تكن خيال أبداً، هي تخطو خطواتها أتجاه بخجل
ألي ان باتت أمام الفراش، وجهها الملائكي قد امتخض
بحمرة الخجل، متوترة، تعبث بأناملها، يعتريها الخجل مما تقوم به، تخشى أن ترفع بصرها تطالعه...
بينما هو لم يستوعب بعد تواجدها، حتى وأخيراً تمكنت من استمداد بعض القوه، قائله بنبرة صوت خافته::-
- ممكن أنام هنا جانبك، مش حابه أنام لوحدي.
صدم مما قالت، طالعها بأعين متشعه وفاهاً منفرج
أسدل جفون زرقاوتيه وأعاد فتحهم يتأكد أنها ليست طيف و ان ما يسمع حقيقي، حتى تابعت قولها::-
- ممكن أنام معاك ولا لا ....
لم تستمع لأجابه منه، فقد كان تائها، اعترها الخجل
كادت ان تستدير و لكنها ترددت ورمقته بنظرة غيظ من جموده قائلة:-
- على فكرة أنا مش بطلب أذنك، حقي كزوجه ليك أنى أكون ما كان ما تكون، يعني المفروض دي تكون اوضتي ذي ما هي أوضتك تمام،
لا يزال صامتاً لا يجيبها، مما ضاعف من غيظها منه، لقد أشعرها بالحرج حقاً، رمقته بنظرة غاضبه، ثم ابتعدت، فاق هو من صدمته حينما اوشكت على الخروج، انتفض من على الفراش حينما تأكد أنها ليست طيف و أنما حقيقه، جنيته آتت له، تعترف بزواجهم!!..
توجها نحوها مسرعاً، جذبها من ذراعيها قبل ان تخرج لترتطم بصدره، وقام بمعاودة أغلاق الباب، وحاصرها بجانبه قائلاً:-
- انتي بجد هنا !، أنتى حقيقه صح!،
انتي قولتي إيه من شوية، سمعينى تانى
صمتت هي، قربه وأنفاسه التي تلحف بشرتها جعل من وجيب قلبها يتضاعف، و الخجل يعتريها، لتبدو وجنتيها مثل ورد الجوري في حمرتها...
رمقها بنظرة عاشقه قائلاً:-
_ قولي تاني كده قولتي أيه من شويه؟.
أجابته قائلة بكلمه واحده، تخبره بها بكل مكنونات وجدانها، قائلة:- بحبك
أخيراً قالتها تلك القاسية، أخيراً ذاب جليدها
وأستمع لها من شفاها، أخيراً وجدانها خفق له
ضمها بقوه ألي صدره بينما وجيبه يتعالى عالياً
كأنه راغب ان تستمع له وهو ينبض بالعشق الخالص لها، قال بصوت متحشرج ملئ بالمشاعر:-
- وأنا مش بحبك!، أنا بعشقك يا جنيه، جنيتي أنا
كنت محتاج وجودك أوى، قربك هو راحة قلبي وسعادتي وجفاكي دماري ونهايتي...
ما ان قال هذا، حتى رفعت أناملها، تضعها على شفتاه
تمنعه من الحديث قائلة:- مفيش بعد تانى، مش هضيع من عمري لحظه تانية بعيد عنك، أنا لما شفت
الدم على قميصك بالمستشفى وقلبي دا كان هيقف من القلق والخوف، فكرة انك تتأذى أو اني أخسرك
كانت بتمزق روحي، أنا بحبك يا عاصى ومش عايزه غير قربك وحضنك، من اللحظة دي أنا مراتك وجنيتك فاهمني....
أزاح أناملها من على شفتاه بعدما قبلها قائلاً:-
- اسف يا حورية أنى مش هقدر أعملك فرح ذي باقي البنات، ومش هقدر كمان أبعد عنك اكثر....
أجابته قائله بعيون عاشقه:-
- وأنا مش عايزه فرح، أنا عايزه قربك أنت وبس
أنهت حديثها فجذبها ألي أحضانه مجدداً قائلاً:-
- أنتى احلى حاجه في حياتي، انتي عوضه ليا.
أنهى حديثه وهو يذهب بها أتجاه الفراش قائلاً:-
- انتي تعبتي النهارده ولازم ترتاحي و مددها على الفراش و تمدد بجانبها يأخذها بأحضانه
مقبلاً جبينها......
بعد مرور أربة أشهر كاملة، مرت عليهم، سعادتهم كانت تطغى على الحزن بقلوبهم ، يوماً عم يوماً
الحب هكان الشعور السائد بينهم...
خلال تلك الفترة حدث الكثير، فقد أبشرتهم منار بحملها واستقرارها معهم بالقصر..
جوليا التي تطورت علاقتها بأكرم، فقد شعر بالانجذاب لها، فطوال تلك الفترة كانت بجانبه، موت إجلال منذ شهر مضى بعد صراع مع المرض...
حور التي تنتظر حملها بطفلا اخر من معشوقها ينهى مرارة فقد خسارة جنينها....
والآن بحديقة القصر ،كان الجميع يتناول الفطور في جو يسوده السعادة والمرح، وما ان انتهوا ونهضت حوريه كي تودع عاصي حتى يذهب الى عمله، حتى داهمها الشعور بالأغماء، وكادت ان تسقط مغشي عليها، الا أن يديه كانت حائل تمنعها عن هذا بذعر، حملها بين يديه مسرعاً الى غرفتها و الجميع خلفها...
دلفت حور الى الغرفة كى تطمئن عليها، وبعد فحصها تبين لها ما بها بعدما جعلتها تفيق، نظرت نحوها بابتسامة قائلة:- أعتقد إنك المفروض عارفه حالاتك
ابتسمت حورية ابتسامة لم تصل لعينيها، فقد خبأت الامر عن حور حتى لا تؤلمها، قائلة:- أنا حامل
قالت حور بذات الابتسامة:-
- وليه مش قولتي لي
أجابتها بخجل:-
- لسه مفيش حد يعرف
رمقتها حور بدهشه قائلة:-
- ولا حتى عاصى
أجابتها بتحريك رأسها نافيا
فغرت حور شافها ورمقتها بنظرة خزى قائلة:-- معقول يا حورية مش قولتي له!، لازم تقولي له
وتفرحيه، ثم اقتربت منها وعانقتها وابتعدت قائلة بمرح: وغمزه تسليه: -
- هقوم افتح لهم الباب و تفرحيهم بالخبر الجامد دا
عشان انتي قلقتيهم!.
نهضت حور وقامت بفتح الباب لهم ليدلف الجميع
وعاصى الذي توجها نحوها بقلق قائلاً:-
- ما لك يا حبيبتي، ايه اللي حصل دا وسببه إيه
قال هذا وعيناه تطالع حور بتسأل، أجابته حورية قائلة:- مفيش حاجه يا عاصى، الموضوع اننا حامل
طالعها قائلاً دون ان ينتبه لما قالته:- بعظ الشر....
قطع جملته حينما أنتبه لما قالت، وطالعها بنظره استفهام لما قاله، فأومئت له برأسها تأكيد على حديثها، لتتسع ابتسامته هاتفاً بسعادة:- حامل بطفل
يعني بيبي!، أبني!، يعني هكون أب منك!..
بينما بيجاد أتسعت ابتسامته هو الأخر فرحاً لصغيرته
ولكن عيناه جالت على حوره و التي يعلم ألامها التي تجاهد لأخفائها ، فمنذ ثلاثة أشهر وهي تنتظر شهر بعد شهر بأمل خائب، يتظاهر حينها بكون لا يعلم ويدعمها بحبه وحضنه، فتلك الفترة كل شهره حينما يخيب أملها تكون أسوء فتره لها، تتأزم فيها نفسيتها
وتغدو ثائرة المشاعر ولكنه يتفهمها، هو لا يريد غيرها
هى، نعم يتمني ان يكون لهم طفلاً يكون بذرة عشقهم، لكن اذا لم يرد الله فهو راضي بقضائه وقدره وسوف يكتفي بها إلى الأبد...
بينما هنئ الجميع حوريه وغادرو لكى يمنحوهم المزيد من الخصوصية....
دلفت حور إلى غرفتها و دلفت للشرفة، جففت دمعه عالقة، لا تريدها ان تظهر فهي سعيدة لحورية و والدها...
بينما دلف هو الأخر خلفها، جال بعينيه بحثاً عنها، حتى راها بالشرفة، أتجه نحوها واقترب يضمها من الخلف، يدفن رأسه بعنقها، يقبله بعمق قائلاً:-
- وحشتيني جداً يا حوري وشغفي و جنوني
رسمت ابتسامة مزيفه علة ثغرها و استدارت له
قائلة و انت كمان يا حبيبي، مش روحت الشركة ليه
أجابها قائلاً قررت أخد أجازه النهارده وأقضيه مع حوري وجنوني، أيه رأيك نتغدى بره النهارده انا وانتي؟..
أجابته قائله بغضب:-
- بيجاد لو سمحت روح شغلك، أنا كويسه ومش هزعل عشان أختي طلعت حامل وانا لا، اكيد مش هغير من أختي!.
أقترب منها يجذبها مجدداً إليه متفهماً قائلاً:- ممكن أفهم ليه فهمتي كده، هو عشان حابب أخرج مع مراتي ونتغدى برا، لأنها وحشتني أكون غلطت
عانقته هي بشده متأسفه منها قائلة:-
- أنا اسفه يا حبيبي مش قصدي أتعصب وأعلى صوتي عليك
ابتسم متفهماً قائلاً:- لو مش عايزنى أزعل يبقي توافقي تتغدى معايا!.
أجابته بالموافقة.....
مضى شهراً أخر كانت حور بالمرحاض متوترة، تحمل بين يديها اختبارا منتظره خيبة الأمل كعادتها كل شهر، لتتفاجئي بظهور خطين على الاختبار، لم تصدق
ما ترى، هل هي حقاً الآن حامل، غمرت السعادة قلبه و ارتسمت الابتسامة على محياها، لم تستوعب الامر الى ان قامت باختبار اخر وكانت النتيجة ذاتها، فأسرعت كي تخبره ان الحلم قد تحقق وأستجاب الله لدعائها ...
بينما هو كان بالخارج يدرك جيداً ما تفعله بالداخل، يحضر ذاته كي يتقبل ثورة مشاعرها وحزنها، الى ان فتحت الباب ودلفت بملامح وجه غير المرات الماضية، ملامحها تملأها السعادة، خفق قلبه حيناها عالياً، فقد أدرك دون أن تخبره أن الله لم يكسر خاطرهما، توجه أليها بابتسامة واسعه قائلاً:-
- حامل مش كده، أنتى طلعتي حامل؟!
لم تندهش لأدراكه ما يعتلج صدرها دون ان تخبره، فتلك هي عادته، يعلمها جيداً ويتفهم ما بها يغدقها بالحنان في أحلك أوقاتها دون مللاً، اومئت له برأسها لتكون أجابته جذبها بقوه لأحضانها وقبلة يودع بها كل عشقه لها ...
بعد مرور شهرين وفي أحدى الليالي، في تمام الساعة الثانية بعد منتصف الليل كان بيجاد يخرج من غرفته حانقاً من جنونها فيما يدعى الوحم، فلها طلبات عجيبة وأغلبها تكون في مثل هذا الوقت ويخضع لتنفيذها له، وما أن كاد ان يهبط الدرج، حتى رأي عاصي هو الأخر في ذات الحالة، ليقول له:-
انت كمان!، المرة دي بتتوحم على إيه، أجابه قائلاً
عايزه مانجه، أجبلها منين دلوقت..
قال له بيجاد:- طيب على القليل بتطلب حاجات تتاكل عادى، مش ذي المجنونة بنتك، دي عايزه تاكل رنجة مع أيس كريم فانيليا أزاي دا.
طالعه عاصي باندهاش قائلاً:- رنجة على أيس كريم
وقهقه قائلاً ساخراً:: مكن السر أنها حامل فى توءم
وكل منهم طلب حاجه معينه..
رمقه بيجاد بغيظ و تركه وذهب، ليلحق به عاصي قائلاً:- استني خدني معاك حورية ممكن تاكلني لو مجبتش لها المانجا ولحق به قائلاً:-
كان مالنا ومال الجواز!...
بعد مرور عدة أشهر، بغرفة عاصى وحورية
كان عاصي غارق بالنوم حتى أستيقظ فازعاً
على صراخ حورية تخبره بأنها تولد، شعر بالتوتر وأحتار ما يفعل، صرخت به ان بسرع فى جلب الحقيبة المخصصة و أخذها الى المشفى، بينما استمعت حور لصرخة حورية، فحاولت ايقاظ بيجاد، الذي فزع هو الاخر قائلاً:- في أيه انتي بتولدي!.
اجابته قائلة:- أنا لسه في أخر الشهر السابع يا بيجاد، بس الظاهر ان حورية اللى بتولد، قوم بسرعه، وبالفعل نهض مسرعاً، ليري ارتباك عاصي، فتجهز الجميع مسرعاً واتجهوا الى المشفى؛ تحت صراخ حورية وتوتر حور....
ما أن دلفوا الى المشفى واقترب
الطبيب منهم و جهزوا حورية لأخذها حتى يتم توليدها، حتى شعرت حور بسائل يتسرب من بين ساقيها، وألم سرعان ما داهمها، فصدح صوت صرختها عالياً قائله:- ألحقني يا بيجاد أنا بولد
أجابها قائلاً:- لا انتي لسه قدامك شويه
أجابته بحده ساخرة:- هما عايزين يخرجوا، أمنعهم يعني!، ألحقني يا بيجاد وانت ساكت، انت السبب في الوجع اللي انا فيه دا يا أبن منيره!.
كان يطالعها بدهشه حتى أتى الممرضات وساعدوها هي الاخرى كي تلد...
بعد مرور بعضا من الوقت، تمت ولادتهما بنجاح طبيعياً، و تم نقلهم الى غرفه تجمع بينهم
كان كلاً منهما بجانب زوجته، حتى دلفت ممرضتين
تحمل كل منهم طفل، أقترب كلاً من بيجاد وعاصي واخذ طفلاً يتأمله بسعادة وفرحه غامره
قال عاصي:- أبنى نسخه منى
بينما قال بيجاد:- الحمد لله ان ابني مش شبهك وشبه أبوها..
رمقتهم الممرضتان باندهاش وقالت أحدهن :-
- لا حضرتك دا أبنك و دي بنته، أنتم بدلتوا الأطفال،
رمق كلاً منهما الطفل الذي يحمله، ثم قام بتبديلهم
قال عاصي بينما يعطيه له:- خد حفيدي وهات بنتى!.
بينما قال بيجاد:- وأنت كمان هات أبنى وبراحه على حفيدتي ...
ثم وجه بصره الى الممرضة متسائلاً:- أنا ليا أتنين، كده ناقص واحد
بينما كلاً من الممرضتين كان يرمقان بعضهم بحيره وعدم استيعاب لما تفوه به هؤلاء منذ قليل.
حتى انتبهوا لصوت بيجاد قائلاً انا ليا اثنين
كده ناقصني واحد!،
أجابته الممرضة وهى لا تزال مندهشة من حديثهم أن الاخر فتاه وهي ضعيفة و بالحضانة الآن، ليشعر بيجاد بالذعر هو وحور، فتطمئنه الممرضه انها بخير فقد تحتاج لمزيد من الوقت، ليرتاح قلبهم قليلاً ويتوجه كلاً منهما ألي زوجته كي يريها طفله
قالت حور ما ان رأته:- في شابه كبير منك يا بيجو
أدهم هيكون نسخه مصغره منك
بينما حورية قالت:- وحتى تقى شبه عاصي جداً.
مر بعض الوقت وانقضى الليل و اشرقت شمس السماء ، وأتى أكرم الذي عقد قرانه على جوليا و زياد ومنار التي تحمل بين يديها طفلاً
و منيرة وأدهم جوزها، يهنئهم كلاً منهما، ليسود الفرح والمرح بينهما وبالأخص حينما أحضرت الممرضة طفلتهما رسيليا بيجاد الحديدي والذى أسرع بيجاد لالتقاطها بين يديه، والذي ما ان فعل وفتحت
عينيها حتى وقع أسير خضروتيها، فهي صغيرته
