رواية جبران العشق الفصل السابع عشر 17 بقلم دينا جمال
جبران العشق
الفصل السابع عشر
الجزء الأول
¤¤¤¤¤¤¤
علي فراشه في غرفة نومه جسده مسطح جبينه يتفصد عرقا يهذي بالعديد من الكلمات الغير مفهومة يتمتم باسم والدته واسم أمل خيوط من الدموع تنساب من عينيه المغلقة يري والده وما كان يلاقيه وهو طفل يراه أمام عينيه يشعر بذلك العذاب وكأن صفعات السوط تنزل علي جسده الآن صرخة عذاب خرجت من بين شفتيه ومشهد ذبح والدته لنفسها يهجم عليه ... فتح عينيه فجاءة يصرخ مذعورا يلهث بعنف وقعت عينيه علي جبران الواقف أمام فراشه وآمل تقف عند باب الغرفة تبكي وشخص ما قريب منه للغاية ابتلع لعابه الجاف يتنفس بعنف ليسمع صوت ناعم يحادثه مترفقا :
- ما تشدش جسمك يا استاذ عشان الجرح ما يفتحش تاني
نظر لمن تحدثت لتتسع عينيه في دهشة الفتاة تكاد تُضئ من شدة جمالها الغير طبيعي بالمرة تحرك لسانه يتمتم مدهوشا :
- هو أنا مُت ودخلت الجنة ولا ايه
احمرت وجنتي روزا خجلا اجادت صبغه علي وجنتيها في حين ضحك جبران ساخرا اقترب أكثر من فراش حسن يدس في جيبي سرواله يغمغم ساخرا :
- بذمتك دا منظر واحد هيورد علي جنة ، وبعدين هو كل شوية أمل تكلمني تصوت حسن قاطع النفس ما تنشف كدة يا أبو الرجالة أنت قلبت حسنية ياض من ورايا ولا ايه
نظر حسن لجبران مغتاظا ليبتسم الأخير يستفزه في حين كانت روزا منهمكة في إعادة تضميد جرح كتفه المخدر الذي وضعته علي الجرح بعد تنظيفه جعله لا يشعر بالألم انتهتمما تفعل لتلف رباط طبي نظيف علي الجرح وقفت مستقيمة تنظر له تبتسم في حياء ! :
- حمد لله علي السلامة ، خد بالك الجرح محتاج اهتمام ... أنا ممكن ابقي اغيرلك عليه من وقت للتاني
التفت برأسها ناحية جبران ابتسمت في وداعة بريئة تسأله علي استحياء :
- ممكن حضرتك تقولي معلش الاقي فين المعلم جبران
نظر حسن لجبران يرفع حاجبه الأيسر ساخرا يتمتم متهكما :
- أنت قايلها أن اسمك هيثم ولا إيه
ضحك جبران عاليا يربت علي كتف حسن السليم يسخر منهم:
- خليك في خيبتك يا اخويا ، دي كلها ساعتين زمن وهلاقي أمل بتصوت الحقني حسن بيفرفر
سبة بذيئة خرجت من بين شفتي حسن يوجهها لجبران ليرد عليه الأخير ينعته بلفظ لا يقال أبدا .. توسعت عيني روزا أصفر وجهها تصيح مفزوعة :
- ايه اللي انتوا بتقولوه دا استغفر الله العظيم يارب ... أنا هنزل أسأل اي حد في الشارع عن اذنكوا
- أنت بتفهمي بصوابع رجلك صح دا ما هو حسن لسه قايله أن اسمك هيثم ولا ايه يبقي هو مين
أردفت بها أمل ساخرة تنظر لتلك العروس الملونة التي سرقت انظار الجميع ... نظرت روزا إلي جبران محرجة ليحمحم الأخير يغمغم في هدوء :
- تعالي معايا يا أستاذة هنتكلم تحت ... خلي بالك من نفسك يا أبو علي
افسح لها المجال لتتقدمه نظرت أمل لها باشمئزاو وهي تتحرك تخرج من الغرفة في حين ابتسم حسن يبدو أن أمل تغار عليه .. نظرت أمل ناحية حسن نظرة خاطفة تغمغم حانقة :
- هروح اجبلك تاكل أحسن نفسك زمانها جزعت من الحلويات
توسعت ابتسامة حسن يكاد يرقص فرحا في حين خرجت أمل من الغرفة ليعلو ثغرها ابتسامة ساخرة علي ثغرها حسن الأحمق ظن حقا أنها تغار كان عليها أن تظهر بمظهر الزوجة الغيور حتي يصدق حقا أنها بدأت تحبه حقا .. حملت صينية الطعام تعود بها للغرفة لتراه انتصف جالسا يستند إلي عارضة الفراش بظهره اقتربت تضع الطعام جواره علي الفراش جلست في الإتجاه الآخر تشيح بوجهها بعيدا تتدلل في تصنع ارتسمت ابتسامة صغيرة علي ثغره حين غمغمت حانقة :
- علي فكرة بقي أنا أحلي منها
مد يده السليمة برفق ناحية ذقنها يحرك وجهها إليه ابتسم يهمس بعشق صادق :
- أنتِ ست البنات كلهم
تبعثرت أوراق مشاعرها من همسه الخفيض المفعم بطوفان مخيف من المشاعر تحاشت النظر لعينيه ابتلعت لعابها الجاف كصحراء لم ترتوي بقطرة ندي يوما ... لتشعر بيده تتحرك ليبسط كفه علي خدها وتنهيدة حارة تخرج من بين شفتيه يهمس لها :
- بصيلي يا أمل
ترددت للحظات استجمعت رباطة جأشها ترفع مقلتيها إليه لتسمعه يكمل :
- أنا مش هقول الكلام دا تاني عشان أنا ماليش في الكلام الملزق بتاع عيال اليومين دول بس اللي عايزك تعرفيه إني ما حبتش حد في حياتي غيرك ، ما تستنيش مني انك تسمعي كلمة بحبك عشان مش هقولها تاني بس هبقي دايما في ضهرك هبقي الايد اللي تسندي عليها الظهر اللي تتحامي فيه البلطجي اللي هيزحف اي حد يضايقك ولو بكلمة علي وشه
صمت للحظات يلتقط أنفاسه لا يعرف حتي كيف يقول تلك الكلمات الغريبة الآن راقب تعابير وجهها ليراها تنظر له باهتمام تنتظر أن يكمل ما بدأه ليتنهد بعمق يكمل مبتسما :
- ما تطلبيش مني ورد ودباديب والهبل دا بس اطلبي عينيا ادهالك بطيب خاطر ... كيلو الكباب أحسن يا يسرية
ضحكت علي مزحته الأخيرة ولم تردف بحرف ما قاله رائع بل أكثر من رائع أن كانت تزوجته بإرادتها إن كانت تحبه أن لم يجبرها بخسة أن توافق علي الزواج منه مرغمة كلماته لا فائدة
منها الآن رسمت ابتسامة لطيفة علي ثغرها تتمتم بخفوت :
- ربنا يخليك ليا يا حسن ... يلا نتعشي ورايا مذاكرة قد كدة وأنت كمان محتاج ترتاح سمعت البت الصفرا قالت ايه لازم ترتاح
ضحك عاليا ينظر لها يلاعب حاجبيه مشاكسا أمسكت قطعة لحم تدسها في فمه تلوي شفتيها مغتاطة تصيح بدلال :
- علي فكرة أنا مش متغاظة بس هي فعلا صفرا
____________
وقف أمامها في مدخل عمارة حسن السكنية يكتف ذراعيه أمام صدره يستمع إليها وهي تردف بخجل :
- أنا آسفة ما كنتش أعرف أن حضرتك المعلم جبران ، أنا اسمي صفا منقولة من الصعيد هنا واحد عامل ابن حلال من المستشفي هو اللي دلني عليك وقالي أنك ممكن تساعدني .. وادي الاوراق كلها أهي عشان تتأكد لو مش مصدقني
ظل يتفحصها بنظرات صامتة لعدة دقائق يحاول أن يسبر أغوارها قبل أن يبتسم في هدوء يتمتم :
- اتفضلي معايا يا آنسة صفا مش آنسة بردوا
ابتسمت في خجل تومأ له بالإيجاب تحركت خلفه إلي عمارة سكنية قريبة من مكانهم صعد معها إلي الطابق الثاني وقف أمام باب شقة مغلقة دس يده في جيب سرواله يخرج سلسلة مفاتيحه فتح الباب يضئ مصباح الإنارة لتظهر شقة صغيرة الحجم بها بعض الفرش البسيط خطي لداخل الشقة وهي خلفه أشار للمكان حوله يغمغم :
- دي شقة صغيرة كنت بأجرها للطلبة المغتربين اللي فلوسهم علي قدهم شوفيها لو تنفعك
أخذت جولة سريعة وكأنها حقا تستكشف المكان قبل أن تعود إليه ابتسمت متوترة تغمغن بحرج :
- حلوة جدا ... المهم بس ما يكونش إيجارها غالي
ظل ينظر إليها دون كلام ليسأله فجاءة دون سابق إنذار :
- أنتي بتقولي أنك من الصعيد ازاي أهلك في الصعيد موافقين أنك تيجي تعيشي هنا لوحدك
توترت حقا من سؤاله لم تتوقع منه ذلك السؤال أبدا عليها أن تتصرف أن تكسب تعاطفه ولم تجد أفضل من الدموع ،دمعت عينيها تهمس بصوت خفيض مختنق :
- أنا أهلي ماتوا أنا ماليش حد في الدنيا غير ربنا ، تعبت من العيشة في الصعيد وكلام الناس اللي ما بيخلصش .. قولت اروح بلد جديدة ما حدش فيها يعرفني يمكن يكون حظي فيها أحسن
همهم متفهما يحرك رأسه بالإيجاب يغمغم مبتسما :
- علي العموم الشقة قدامك اهي ارتاحي من السفر وهنشوف موضوع العقد دا بعدين عن إذنك أنا طالع شقتي .. أنا ساكن فوقيكي بدورين علي فكرة
ابتسمت علي استحياء تومأ له تشكره بصوت هامس خجول ... تحرك يغادر اغلقت الباب خلفه لترتمي علي أحد المقاعد إلي الآن الخطة تسير وفق رسم المايسترو كما قال بالحرف الواحد اضجعت بجسدها إلي ظهر المقعد تتنفس بعنف علي الرغم من تدني المستوي التي تراه الآن ولكن الذعر الذي احتل وجه جبران حين أخبرته تلك السيدة لا تذكر اسمها أن صديقه مريض جذبها حرفيا من يدها يهرول لأعلي حيث رأت حسن من الجيد أن تشعر أن هناك من يهتم لأجلك شعور لم تجربه يوما كيف تجربه وقد نشأت بين أحضان مريض نفسي شوه طفولتها ومراهقتها ، نزع عذريتها غصبا وهي في سن السابعة عشر حرص علي تدمير كل ذرة نور بها شكل منها مسخا لا يعرف الرحمة ليحقق أهدافه المريضة وقد نجح
فتحت عينيها ترتسم ابتسامة خبيثة علي ثغرها ها هي هنا يفصلها عن منزل جبران طابقين فقط وستنال هدفها قريبا
_____________
في قصر سفيان الدالي حين حل الليل كان يجلس في غرفة مكتبه علي أريكة سوداء وثيرة من الجلد ومجدي يجلس علي مقعد بالقرب منه تحدث مجدي بنزق :
- أنت بتلعب يا سفيان إنت مش قولتلي أنك عندي في البيت أروح تقولي لاء أنا عندي تعالا هي استغماية
لم يبالِ سفيان بما قال مجدي فقط رفع كأس نبيذه يرتشف منه علي مهل نظر لمجدي يسأله :
- ابنك فين !!
زفر مجدي أنفاسه حانقا ليلتقط كأسا هو الآخر يسكب من زجاجة النبيذ القابعة أمامه ارتخي جالسا في مقعده يضع ساقا فوق أخري يغمغم بلا اكتراث :
- جاي ورايا .. ما قولتليش بردوا مشيت ليه
دفع سفيان ما في كأسه إلي فمه جرعة واحدة يحرك الكأس الفارغ في يده نظر لمجدي يغمغم ساخرا :
- مراتك المجنونة حاولت تتحرش بيا ... دي شكلها لسعت علي الآخر تخيل هددتني لو مشيت أنها هتقولك اني عملت معاها علاقة ..أنا مش فاهم أنت ليه مش راضي تركب كاميرات مراقبة في الفيلا
قتمت عيني مجدي غضبا ليشرب ما في كأسه بالكامل دفعة واحدة يتوعدها بالعذاب عند عودته ولكن الأهم الآن التفتت لسفيان يغمغم سريعا :
- عرفت آخر الأخبار صاحب الظل هنا في مصر
توسعت عيني سفيان مندهشا اعتدل في جلسته يردف مذهولا قلقا :
- صاحب الظل جه امتي وجاي يعمل ايه اصلا ليكون جاي يصفينا
حرك مجدي رأسه بالنفي يخرج من جيب سترته رسالة أنيقة مد يده بها لسفيان فتحها الأخير سريعا ينظر لما خط علي سطحها ليجد التالي
« صديقي العزيز مجدي ... طال غيابي عن مصر انشغلت في الكثير من الأعمال مرت أشهر طويلة علي آخر لقاء لنا زيارتي لن تطول كم أرغب في رؤيتك ولكني لا استطيع فأنا ابتعد عنك كبعد الصحراء عن الأمطار لك مني مئة تحية قسمها بينك وبين صديقنا الثالث سفيان واتمني أن القاكم قريبا ربما عند اكتمال قمر الصداقة سنفعل »
نظر سفيان لمجدي يغمغم ساخرا :
- هو قاعد في الفيلا القديمة اللي في الصحراوي عند الكيلو خمسين ، هو القمر هيكمل امتي بقي
فتح مجدي هاتفه يبحث داخل أحد التطبيقات قبل أن يرفع وجهه لسفيان يغمغم :
- بعد بكرة
ابتسم سفيان ساخرا ذلك الرجل كالعقرب لا يستهان بلدغته أبدا ... قاطع جلستهم دقات علي باب الغرفة ، سمح سفيان للطارق بالدخول ليدخل طارق يبتسم وقف أمامهم يغمغم مرحبا :
- حمد لله علي السلامة ...
لم يكمل خفا صوته ودوي صوت رصاصات مسدس سفيان الذي سحبه من جواره في لحظة دون أن يرمش كان يصيبه برصاصتين أحدها في ذراعه الايمن والأخري في ساقه اليسري ارتمي طارق ارضا تكور حول نفسه يصرخ من الألم ومجدي لم يهتز له جفن فقط عاد يملئ كأسه من جديد وكأن شيئا لم يكن قام سفيان من مكان وقف أمام طارق الملقي أرضا وضع يده علي خصره يغمغم ساخرا:
- لولا بس إني وعدت مجدي إني مش هقتلك كان زمان الرصاصة في قلبك مش في رجلك ، ولو كنت لمست بنتي في غيابي كنت بعتك اعضاء بشرية
التفت إلي مجدي يغمغم ضاحكا :
- كلم حراسك يجيوا يشلوه يرموه في المشافي بتاعتك
تنهد مجدي مرهقا من الجميع أخرج هاتفه يحادث أحد حراسه لحظات ودخل حارسين ضخام الجثة ليوجه مجدي حديثه إليهم :
- شيلوا طارق باشا واطلعوا بيه علي المستشفى بتاعتي هما هناك مستنينه
نظر طارق لوالده مذهولا يكاد يبكي من الألم كالأطفال لم يكن عليه أن يظن أن والده لن يؤذيه كيف وقد قتل ابنه البكر بيديه وكان علي وشك أن يضحي برسل ارجل أعمال مريض لأجل صالحه ... ارتسمت ابتسامة ساخرة علي ثغره حين أردف سفيان ببساطة :
- ما تطولش في العلاج بقي علي ما اخلص وتر من البلطجي دا في نفس اليوم هتكتب كتابك عليها
كان يعرف أنه يعيش بين مجموعة من المرضي النفسين ولكنه لم يتأكد من ذلك سوي الآن اسنده الحراس لا قدرة له علي الحركة من الأساس وخرجا به من الغرفة ليرتمي سفيان جالسا رفع كأسه يصدمه بكأس مجدي بخفة نخب اختلالهم العقلي علي ما يبدو !!
_____________
منذ متي وهي هنا لا تعرف الشمس شرقت وغربت وهو لم يعد لم تره المكان غريب مخيف بالنسبة لها لم تخرج من غرفتها منذ أن تركها ذلك الرجل الذي يدعي قاسم الذي اخبرها بأنه يكون والد زياد الضابط كم رغبت في أن يظل هنا ولا يرحل لم تشعر بالأمان إلا معه الا وهو يتحدث وكأنه والدها من كان هنا زمجرت معدتها بشراسة تلح عليها أن تأكل ولو لقيمات قليلة تسد بها جوعها تحركت مرغمة للخارج تمشي بحذر تتلفت حولها في كل مكان تخشي أن تري وجه الشيطان من جديد بحذر شديد توجهت إلي المطبخ فتحت البراد لتجد الطعام يقبع هناك أخرجت طبق صغير به جبن ورغيف خبز واحد جلست منكمشة في أحد جوانب الصالة تأكل تنظر حولها بهلع كل لحظة وآخرة قربت لقمة الطعام من فمها لتنهمر دموعها دون سابق إنذار تشهق في بكاء عنيف موحش لم تخطئ لم تفعل شيئا لتفعل بها الحياة ما فعلت لم ترتكب ذنبا جللا ليكن جزائها أن تقع في قبضة مريض مختل هشم كل ذرة بها رمت الطعام من يدها تخبئ وجهها بكفيها تبكي بحرقة تنعي نفسها فلن تجد من يواسي أبدا ... انتفضت مفزوعة علي صوت دقات علي باب المنزل وقعت عينيها علي الباب لتهز رأسها بالنفي بعنف لن تفتح لن تدعه يدخل لن تدعه يؤذيها من جديد ... رأت من أسفل الباب طرف ورقة بيضاء يدخل للداخل ومن صوت الأقدام تبتعد قامت بخطي مرتجفة ناحية الورقة التي بات نصفها تقريبا داخل الشقة مالت تلتقط الورقة فتحتها لتشخص عينيها فزعا صرخت من أعماق روحها والذعر يأكل قلبها رمت الورقة من يدها تحرك رأسها بالنفي بعنف تعود للخلف تصرخ مذعورة :
- لا .. لا مش هرجعله تاني لاء ... مش هيعذبني تاني ... لا
ركضت إلي المطبخ تمسك السكين الكبير ارتجفت حدقتيها والدموع تغشي عينيها تنظر لرسغ يسراها ويدها اليمني تهتز بالسكين بعنف يكفي لاقت ما يكفي ويزيد قضت سنوات من الذل في منزل عمها والحياة لم تكتفي بذلك أبدا القتها في بوتقة من العذاب المنصهر كالحمم شهقة بعنف وهي تحرك نصل السكين الحاد علي رسغ يدها تشعر بشرايينها تتمزق والدماء تنفجر من يدها وقفت تنظر لدمها وهو يراق أمام عينيها تبكي بعنف إلي أن بدأت تشعر بالدوار وجسدها يزداد برودة وستار أسود اُسدل أمام عينيها ولم تعد تشعر بشئ إطلاقا
أخيرا انتهي من الكثير وقف بسيارته أمام عمارته السكنية نزل يلتقط الحقائب البلاستيكية من جواره دق هاتفه برقم مساعده في العمل ليمسك الهاتف بيمناه واليسري يحمل بها الحقائب صعد لأعلي يوجه حديثه لمساعده :
- ايوة زي ما قولتلك الصبح الحراسة تزيد علي الست اللي اسمها فتحية والدكتور والممرضة اللي معاك ال ID بتاعهم بس هما اللي يدخلوا غير كدة لاء ...
فتح الباب بصعوبة خطي لداخل الشقة يكمل حديثه مع مساعده :
- ايوة ايوة وحطلي مخبر ولا اتنين جداد في الحارة بتاعت الزفت جبران أما نشوف آخره
توجه إلي المطبخ ليضع الحقائب لتتجمد ساقيه شخصت عينيه ذعرا سقطت الحقائب من يده وتهاوي الهاتف أرضا وصرخة مذعورة خرجت من بين شفتيه باسمها ، يبدو أنه تأخر ، تأخر كثيرا حتي فقدت حياة الحياة !!
____________
في منزل قديم من يراه من الخارج يظنه مهجورا يجلس الشيطان علي عرشه هناك يغطي وجهه بقناع أسود يقف أمامه حارسين ارتعشت نبرة أحدهم يردف :
- سيدي صاحب الظل لقد فقدنا أثرهم السيارة كانت فارغة والسيارة الأخري قام بيجاد بتفجيرها لم نعثر عل
لم يكمل اخترقت الرصاصة رأسه ليسقط صريعا نظر صاحب الظل للرجل الآخر يغمغم ساخرا :
- أتعرف لم أحبه يوما ، لم يجلب لي أخبارا سارة قط .. والآن اذهب وأحضر روزا الجميلة أخبرها أن صاحب الظل ينتظرها
- لا داعي فروزا الجميلة هنا
التفت لمصدر الصوت ليجدها تقف أمامه تبتسم شعرها الأشقر يتطاير مع الهواء
الفصل السابع عشر
الجزء الأول
¤¤¤¤¤¤¤
علي فراشه في غرفة نومه جسده مسطح جبينه يتفصد عرقا يهذي بالعديد من الكلمات الغير مفهومة يتمتم باسم والدته واسم أمل خيوط من الدموع تنساب من عينيه المغلقة يري والده وما كان يلاقيه وهو طفل يراه أمام عينيه يشعر بذلك العذاب وكأن صفعات السوط تنزل علي جسده الآن صرخة عذاب خرجت من بين شفتيه ومشهد ذبح والدته لنفسها يهجم عليه ... فتح عينيه فجاءة يصرخ مذعورا يلهث بعنف وقعت عينيه علي جبران الواقف أمام فراشه وآمل تقف عند باب الغرفة تبكي وشخص ما قريب منه للغاية ابتلع لعابه الجاف يتنفس بعنف ليسمع صوت ناعم يحادثه مترفقا :
- ما تشدش جسمك يا استاذ عشان الجرح ما يفتحش تاني
نظر لمن تحدثت لتتسع عينيه في دهشة الفتاة تكاد تُضئ من شدة جمالها الغير طبيعي بالمرة تحرك لسانه يتمتم مدهوشا :
- هو أنا مُت ودخلت الجنة ولا ايه
احمرت وجنتي روزا خجلا اجادت صبغه علي وجنتيها في حين ضحك جبران ساخرا اقترب أكثر من فراش حسن يدس في جيبي سرواله يغمغم ساخرا :
- بذمتك دا منظر واحد هيورد علي جنة ، وبعدين هو كل شوية أمل تكلمني تصوت حسن قاطع النفس ما تنشف كدة يا أبو الرجالة أنت قلبت حسنية ياض من ورايا ولا ايه
نظر حسن لجبران مغتاظا ليبتسم الأخير يستفزه في حين كانت روزا منهمكة في إعادة تضميد جرح كتفه المخدر الذي وضعته علي الجرح بعد تنظيفه جعله لا يشعر بالألم انتهتمما تفعل لتلف رباط طبي نظيف علي الجرح وقفت مستقيمة تنظر له تبتسم في حياء ! :
- حمد لله علي السلامة ، خد بالك الجرح محتاج اهتمام ... أنا ممكن ابقي اغيرلك عليه من وقت للتاني
التفت برأسها ناحية جبران ابتسمت في وداعة بريئة تسأله علي استحياء :
- ممكن حضرتك تقولي معلش الاقي فين المعلم جبران
نظر حسن لجبران يرفع حاجبه الأيسر ساخرا يتمتم متهكما :
- أنت قايلها أن اسمك هيثم ولا إيه
ضحك جبران عاليا يربت علي كتف حسن السليم يسخر منهم:
- خليك في خيبتك يا اخويا ، دي كلها ساعتين زمن وهلاقي أمل بتصوت الحقني حسن بيفرفر
سبة بذيئة خرجت من بين شفتي حسن يوجهها لجبران ليرد عليه الأخير ينعته بلفظ لا يقال أبدا .. توسعت عيني روزا أصفر وجهها تصيح مفزوعة :
- ايه اللي انتوا بتقولوه دا استغفر الله العظيم يارب ... أنا هنزل أسأل اي حد في الشارع عن اذنكوا
- أنت بتفهمي بصوابع رجلك صح دا ما هو حسن لسه قايله أن اسمك هيثم ولا ايه يبقي هو مين
أردفت بها أمل ساخرة تنظر لتلك العروس الملونة التي سرقت انظار الجميع ... نظرت روزا إلي جبران محرجة ليحمحم الأخير يغمغم في هدوء :
- تعالي معايا يا أستاذة هنتكلم تحت ... خلي بالك من نفسك يا أبو علي
افسح لها المجال لتتقدمه نظرت أمل لها باشمئزاو وهي تتحرك تخرج من الغرفة في حين ابتسم حسن يبدو أن أمل تغار عليه .. نظرت أمل ناحية حسن نظرة خاطفة تغمغم حانقة :
- هروح اجبلك تاكل أحسن نفسك زمانها جزعت من الحلويات
توسعت ابتسامة حسن يكاد يرقص فرحا في حين خرجت أمل من الغرفة ليعلو ثغرها ابتسامة ساخرة علي ثغرها حسن الأحمق ظن حقا أنها تغار كان عليها أن تظهر بمظهر الزوجة الغيور حتي يصدق حقا أنها بدأت تحبه حقا .. حملت صينية الطعام تعود بها للغرفة لتراه انتصف جالسا يستند إلي عارضة الفراش بظهره اقتربت تضع الطعام جواره علي الفراش جلست في الإتجاه الآخر تشيح بوجهها بعيدا تتدلل في تصنع ارتسمت ابتسامة صغيرة علي ثغره حين غمغمت حانقة :
- علي فكرة بقي أنا أحلي منها
مد يده السليمة برفق ناحية ذقنها يحرك وجهها إليه ابتسم يهمس بعشق صادق :
- أنتِ ست البنات كلهم
تبعثرت أوراق مشاعرها من همسه الخفيض المفعم بطوفان مخيف من المشاعر تحاشت النظر لعينيه ابتلعت لعابها الجاف كصحراء لم ترتوي بقطرة ندي يوما ... لتشعر بيده تتحرك ليبسط كفه علي خدها وتنهيدة حارة تخرج من بين شفتيه يهمس لها :
- بصيلي يا أمل
ترددت للحظات استجمعت رباطة جأشها ترفع مقلتيها إليه لتسمعه يكمل :
- أنا مش هقول الكلام دا تاني عشان أنا ماليش في الكلام الملزق بتاع عيال اليومين دول بس اللي عايزك تعرفيه إني ما حبتش حد في حياتي غيرك ، ما تستنيش مني انك تسمعي كلمة بحبك عشان مش هقولها تاني بس هبقي دايما في ضهرك هبقي الايد اللي تسندي عليها الظهر اللي تتحامي فيه البلطجي اللي هيزحف اي حد يضايقك ولو بكلمة علي وشه
صمت للحظات يلتقط أنفاسه لا يعرف حتي كيف يقول تلك الكلمات الغريبة الآن راقب تعابير وجهها ليراها تنظر له باهتمام تنتظر أن يكمل ما بدأه ليتنهد بعمق يكمل مبتسما :
- ما تطلبيش مني ورد ودباديب والهبل دا بس اطلبي عينيا ادهالك بطيب خاطر ... كيلو الكباب أحسن يا يسرية
ضحكت علي مزحته الأخيرة ولم تردف بحرف ما قاله رائع بل أكثر من رائع أن كانت تزوجته بإرادتها إن كانت تحبه أن لم يجبرها بخسة أن توافق علي الزواج منه مرغمة كلماته لا فائدة
منها الآن رسمت ابتسامة لطيفة علي ثغرها تتمتم بخفوت :
- ربنا يخليك ليا يا حسن ... يلا نتعشي ورايا مذاكرة قد كدة وأنت كمان محتاج ترتاح سمعت البت الصفرا قالت ايه لازم ترتاح
ضحك عاليا ينظر لها يلاعب حاجبيه مشاكسا أمسكت قطعة لحم تدسها في فمه تلوي شفتيها مغتاطة تصيح بدلال :
- علي فكرة أنا مش متغاظة بس هي فعلا صفرا
____________
وقف أمامها في مدخل عمارة حسن السكنية يكتف ذراعيه أمام صدره يستمع إليها وهي تردف بخجل :
- أنا آسفة ما كنتش أعرف أن حضرتك المعلم جبران ، أنا اسمي صفا منقولة من الصعيد هنا واحد عامل ابن حلال من المستشفي هو اللي دلني عليك وقالي أنك ممكن تساعدني .. وادي الاوراق كلها أهي عشان تتأكد لو مش مصدقني
ظل يتفحصها بنظرات صامتة لعدة دقائق يحاول أن يسبر أغوارها قبل أن يبتسم في هدوء يتمتم :
- اتفضلي معايا يا آنسة صفا مش آنسة بردوا
ابتسمت في خجل تومأ له بالإيجاب تحركت خلفه إلي عمارة سكنية قريبة من مكانهم صعد معها إلي الطابق الثاني وقف أمام باب شقة مغلقة دس يده في جيب سرواله يخرج سلسلة مفاتيحه فتح الباب يضئ مصباح الإنارة لتظهر شقة صغيرة الحجم بها بعض الفرش البسيط خطي لداخل الشقة وهي خلفه أشار للمكان حوله يغمغم :
- دي شقة صغيرة كنت بأجرها للطلبة المغتربين اللي فلوسهم علي قدهم شوفيها لو تنفعك
أخذت جولة سريعة وكأنها حقا تستكشف المكان قبل أن تعود إليه ابتسمت متوترة تغمغن بحرج :
- حلوة جدا ... المهم بس ما يكونش إيجارها غالي
ظل ينظر إليها دون كلام ليسأله فجاءة دون سابق إنذار :
- أنتي بتقولي أنك من الصعيد ازاي أهلك في الصعيد موافقين أنك تيجي تعيشي هنا لوحدك
توترت حقا من سؤاله لم تتوقع منه ذلك السؤال أبدا عليها أن تتصرف أن تكسب تعاطفه ولم تجد أفضل من الدموع ،دمعت عينيها تهمس بصوت خفيض مختنق :
- أنا أهلي ماتوا أنا ماليش حد في الدنيا غير ربنا ، تعبت من العيشة في الصعيد وكلام الناس اللي ما بيخلصش .. قولت اروح بلد جديدة ما حدش فيها يعرفني يمكن يكون حظي فيها أحسن
همهم متفهما يحرك رأسه بالإيجاب يغمغم مبتسما :
- علي العموم الشقة قدامك اهي ارتاحي من السفر وهنشوف موضوع العقد دا بعدين عن إذنك أنا طالع شقتي .. أنا ساكن فوقيكي بدورين علي فكرة
ابتسمت علي استحياء تومأ له تشكره بصوت هامس خجول ... تحرك يغادر اغلقت الباب خلفه لترتمي علي أحد المقاعد إلي الآن الخطة تسير وفق رسم المايسترو كما قال بالحرف الواحد اضجعت بجسدها إلي ظهر المقعد تتنفس بعنف علي الرغم من تدني المستوي التي تراه الآن ولكن الذعر الذي احتل وجه جبران حين أخبرته تلك السيدة لا تذكر اسمها أن صديقه مريض جذبها حرفيا من يدها يهرول لأعلي حيث رأت حسن من الجيد أن تشعر أن هناك من يهتم لأجلك شعور لم تجربه يوما كيف تجربه وقد نشأت بين أحضان مريض نفسي شوه طفولتها ومراهقتها ، نزع عذريتها غصبا وهي في سن السابعة عشر حرص علي تدمير كل ذرة نور بها شكل منها مسخا لا يعرف الرحمة ليحقق أهدافه المريضة وقد نجح
فتحت عينيها ترتسم ابتسامة خبيثة علي ثغرها ها هي هنا يفصلها عن منزل جبران طابقين فقط وستنال هدفها قريبا
_____________
في قصر سفيان الدالي حين حل الليل كان يجلس في غرفة مكتبه علي أريكة سوداء وثيرة من الجلد ومجدي يجلس علي مقعد بالقرب منه تحدث مجدي بنزق :
- أنت بتلعب يا سفيان إنت مش قولتلي أنك عندي في البيت أروح تقولي لاء أنا عندي تعالا هي استغماية
لم يبالِ سفيان بما قال مجدي فقط رفع كأس نبيذه يرتشف منه علي مهل نظر لمجدي يسأله :
- ابنك فين !!
زفر مجدي أنفاسه حانقا ليلتقط كأسا هو الآخر يسكب من زجاجة النبيذ القابعة أمامه ارتخي جالسا في مقعده يضع ساقا فوق أخري يغمغم بلا اكتراث :
- جاي ورايا .. ما قولتليش بردوا مشيت ليه
دفع سفيان ما في كأسه إلي فمه جرعة واحدة يحرك الكأس الفارغ في يده نظر لمجدي يغمغم ساخرا :
- مراتك المجنونة حاولت تتحرش بيا ... دي شكلها لسعت علي الآخر تخيل هددتني لو مشيت أنها هتقولك اني عملت معاها علاقة ..أنا مش فاهم أنت ليه مش راضي تركب كاميرات مراقبة في الفيلا
قتمت عيني مجدي غضبا ليشرب ما في كأسه بالكامل دفعة واحدة يتوعدها بالعذاب عند عودته ولكن الأهم الآن التفتت لسفيان يغمغم سريعا :
- عرفت آخر الأخبار صاحب الظل هنا في مصر
توسعت عيني سفيان مندهشا اعتدل في جلسته يردف مذهولا قلقا :
- صاحب الظل جه امتي وجاي يعمل ايه اصلا ليكون جاي يصفينا
حرك مجدي رأسه بالنفي يخرج من جيب سترته رسالة أنيقة مد يده بها لسفيان فتحها الأخير سريعا ينظر لما خط علي سطحها ليجد التالي
« صديقي العزيز مجدي ... طال غيابي عن مصر انشغلت في الكثير من الأعمال مرت أشهر طويلة علي آخر لقاء لنا زيارتي لن تطول كم أرغب في رؤيتك ولكني لا استطيع فأنا ابتعد عنك كبعد الصحراء عن الأمطار لك مني مئة تحية قسمها بينك وبين صديقنا الثالث سفيان واتمني أن القاكم قريبا ربما عند اكتمال قمر الصداقة سنفعل »
نظر سفيان لمجدي يغمغم ساخرا :
- هو قاعد في الفيلا القديمة اللي في الصحراوي عند الكيلو خمسين ، هو القمر هيكمل امتي بقي
فتح مجدي هاتفه يبحث داخل أحد التطبيقات قبل أن يرفع وجهه لسفيان يغمغم :
- بعد بكرة
ابتسم سفيان ساخرا ذلك الرجل كالعقرب لا يستهان بلدغته أبدا ... قاطع جلستهم دقات علي باب الغرفة ، سمح سفيان للطارق بالدخول ليدخل طارق يبتسم وقف أمامهم يغمغم مرحبا :
- حمد لله علي السلامة ...
لم يكمل خفا صوته ودوي صوت رصاصات مسدس سفيان الذي سحبه من جواره في لحظة دون أن يرمش كان يصيبه برصاصتين أحدها في ذراعه الايمن والأخري في ساقه اليسري ارتمي طارق ارضا تكور حول نفسه يصرخ من الألم ومجدي لم يهتز له جفن فقط عاد يملئ كأسه من جديد وكأن شيئا لم يكن قام سفيان من مكان وقف أمام طارق الملقي أرضا وضع يده علي خصره يغمغم ساخرا:
- لولا بس إني وعدت مجدي إني مش هقتلك كان زمان الرصاصة في قلبك مش في رجلك ، ولو كنت لمست بنتي في غيابي كنت بعتك اعضاء بشرية
التفت إلي مجدي يغمغم ضاحكا :
- كلم حراسك يجيوا يشلوه يرموه في المشافي بتاعتك
تنهد مجدي مرهقا من الجميع أخرج هاتفه يحادث أحد حراسه لحظات ودخل حارسين ضخام الجثة ليوجه مجدي حديثه إليهم :
- شيلوا طارق باشا واطلعوا بيه علي المستشفى بتاعتي هما هناك مستنينه
نظر طارق لوالده مذهولا يكاد يبكي من الألم كالأطفال لم يكن عليه أن يظن أن والده لن يؤذيه كيف وقد قتل ابنه البكر بيديه وكان علي وشك أن يضحي برسل ارجل أعمال مريض لأجل صالحه ... ارتسمت ابتسامة ساخرة علي ثغره حين أردف سفيان ببساطة :
- ما تطولش في العلاج بقي علي ما اخلص وتر من البلطجي دا في نفس اليوم هتكتب كتابك عليها
كان يعرف أنه يعيش بين مجموعة من المرضي النفسين ولكنه لم يتأكد من ذلك سوي الآن اسنده الحراس لا قدرة له علي الحركة من الأساس وخرجا به من الغرفة ليرتمي سفيان جالسا رفع كأسه يصدمه بكأس مجدي بخفة نخب اختلالهم العقلي علي ما يبدو !!
_____________
منذ متي وهي هنا لا تعرف الشمس شرقت وغربت وهو لم يعد لم تره المكان غريب مخيف بالنسبة لها لم تخرج من غرفتها منذ أن تركها ذلك الرجل الذي يدعي قاسم الذي اخبرها بأنه يكون والد زياد الضابط كم رغبت في أن يظل هنا ولا يرحل لم تشعر بالأمان إلا معه الا وهو يتحدث وكأنه والدها من كان هنا زمجرت معدتها بشراسة تلح عليها أن تأكل ولو لقيمات قليلة تسد بها جوعها تحركت مرغمة للخارج تمشي بحذر تتلفت حولها في كل مكان تخشي أن تري وجه الشيطان من جديد بحذر شديد توجهت إلي المطبخ فتحت البراد لتجد الطعام يقبع هناك أخرجت طبق صغير به جبن ورغيف خبز واحد جلست منكمشة في أحد جوانب الصالة تأكل تنظر حولها بهلع كل لحظة وآخرة قربت لقمة الطعام من فمها لتنهمر دموعها دون سابق إنذار تشهق في بكاء عنيف موحش لم تخطئ لم تفعل شيئا لتفعل بها الحياة ما فعلت لم ترتكب ذنبا جللا ليكن جزائها أن تقع في قبضة مريض مختل هشم كل ذرة بها رمت الطعام من يدها تخبئ وجهها بكفيها تبكي بحرقة تنعي نفسها فلن تجد من يواسي أبدا ... انتفضت مفزوعة علي صوت دقات علي باب المنزل وقعت عينيها علي الباب لتهز رأسها بالنفي بعنف لن تفتح لن تدعه يدخل لن تدعه يؤذيها من جديد ... رأت من أسفل الباب طرف ورقة بيضاء يدخل للداخل ومن صوت الأقدام تبتعد قامت بخطي مرتجفة ناحية الورقة التي بات نصفها تقريبا داخل الشقة مالت تلتقط الورقة فتحتها لتشخص عينيها فزعا صرخت من أعماق روحها والذعر يأكل قلبها رمت الورقة من يدها تحرك رأسها بالنفي بعنف تعود للخلف تصرخ مذعورة :
- لا .. لا مش هرجعله تاني لاء ... مش هيعذبني تاني ... لا
ركضت إلي المطبخ تمسك السكين الكبير ارتجفت حدقتيها والدموع تغشي عينيها تنظر لرسغ يسراها ويدها اليمني تهتز بالسكين بعنف يكفي لاقت ما يكفي ويزيد قضت سنوات من الذل في منزل عمها والحياة لم تكتفي بذلك أبدا القتها في بوتقة من العذاب المنصهر كالحمم شهقة بعنف وهي تحرك نصل السكين الحاد علي رسغ يدها تشعر بشرايينها تتمزق والدماء تنفجر من يدها وقفت تنظر لدمها وهو يراق أمام عينيها تبكي بعنف إلي أن بدأت تشعر بالدوار وجسدها يزداد برودة وستار أسود اُسدل أمام عينيها ولم تعد تشعر بشئ إطلاقا
أخيرا انتهي من الكثير وقف بسيارته أمام عمارته السكنية نزل يلتقط الحقائب البلاستيكية من جواره دق هاتفه برقم مساعده في العمل ليمسك الهاتف بيمناه واليسري يحمل بها الحقائب صعد لأعلي يوجه حديثه لمساعده :
- ايوة زي ما قولتلك الصبح الحراسة تزيد علي الست اللي اسمها فتحية والدكتور والممرضة اللي معاك ال ID بتاعهم بس هما اللي يدخلوا غير كدة لاء ...
فتح الباب بصعوبة خطي لداخل الشقة يكمل حديثه مع مساعده :
- ايوة ايوة وحطلي مخبر ولا اتنين جداد في الحارة بتاعت الزفت جبران أما نشوف آخره
توجه إلي المطبخ ليضع الحقائب لتتجمد ساقيه شخصت عينيه ذعرا سقطت الحقائب من يده وتهاوي الهاتف أرضا وصرخة مذعورة خرجت من بين شفتيه باسمها ، يبدو أنه تأخر ، تأخر كثيرا حتي فقدت حياة الحياة !!
____________
في منزل قديم من يراه من الخارج يظنه مهجورا يجلس الشيطان علي عرشه هناك يغطي وجهه بقناع أسود يقف أمامه حارسين ارتعشت نبرة أحدهم يردف :
- سيدي صاحب الظل لقد فقدنا أثرهم السيارة كانت فارغة والسيارة الأخري قام بيجاد بتفجيرها لم نعثر عل
لم يكمل اخترقت الرصاصة رأسه ليسقط صريعا نظر صاحب الظل للرجل الآخر يغمغم ساخرا :
- أتعرف لم أحبه يوما ، لم يجلب لي أخبارا سارة قط .. والآن اذهب وأحضر روزا الجميلة أخبرها أن صاحب الظل ينتظرها
- لا داعي فروزا الجميلة هنا
التفت لمصدر الصوت ليجدها تقف أمامه تبتسم شعرها الأشقر يتطاير مع الهواء
جبران العشق
الفصل السابع عشر
الجزء الثاني
¤¤¤¤¤¤¤
- لا داعي فروزا الجميلة هنا
التفت لمصدر الصوت ليجدها تقف أمامه تبتسم شعرها الأشقر يتطاير مع الهواء ... ارتسمت ابتسامة ساخرة علي ثغره في حين ابتسمت هي برقة تقطر سما رفع يده يصرف الحراس لتقترب منها يُسمع صدي كعب حذائها الرفيع يمزق الصمت قام صاحب الظل من مكانه يقترب منها عدة خطوات وقف أمامها ينظر لها دون كلام للحظات عينيه حادة غاضبة ابتسمت ساخرة لم ترمش عينيها حتي حين رفع يده ونزل بها بعنف علي وجهها التف وجهها للاتجاه الآخر من عنف صفعته ولكنها عاودت النظر له من جديد تبتسم وكأن شيئا لم يكن وكأنها لم تصفع توا مد يده يقبض علي فكها بعنف يقرب وجهها منه سمعته بنعتها بأنها عاهرة خائنة قبل أن يصيح فيها محتدا :
- أين كانت الجميلة قبل أن افصل رأسها الآن
ابتسمت ساخرة لترفع يدها تبسطها علي وجنته تتمتم بنعومة :
- اشتقت لصاحب الظل ، كان عليك أن تأتي أبكر
أبعد يده عن فكها يدسها في جيب سرواله ينظر لعينيها ذات النظرات الثابتة تدحرجت عينيه إلي ثغرها إبتسامة ناعمة كسم الأفعي هو أكثر من يعرفها تحرك إلي أحدي الارائك الوثيرة أشار لها بسبابته أن تقترب منه ففعلت تحركت تتغنج الخطی جلست جواره تضع ساقا فوق أخري جذبت سيجارة من علبته تدسها بين شفتيها اشعلتها بقداحته تنفث دخانها في الهواء ببطأ التفتت له تغمغم :
- أن رفعت يدك مجددا اقسم سأجعلك تشتاق إليها ... أنا أحذر مرة واقتل الثانية فهمت
لم يجيب فقط ابتسم ساخرا لتميل هي بجسدها تطفأ السيجارة بعنف في طبق زجاج علي سطح الطاولة أمامهم التقطتت زجاجة النبيذ تفرغ لها وله معا سكبت كأسين مد يدها له بأحدهم التقطته منها لتردف في هدوء :
- تريد أن تعرف أين كانت الجميلة .. جئت لهنا لنمد أذرع جديدة لنا بدلا من العجوزين صدقا ألم تمل منهما
قطب ما بين حاجبيه تقصد مجدي وسفيان ولكن ماذا تعني بأذرع جديدة رفع كأسه يرتشف منه يغمغم :
- مجدي وسفيان حكام السوق السودا هنا في مصر إيديا اللي بحركها هنا في مصر
همهمت تتفهم ما يقول لتتجرع ما بقي في كأسها دفعة واحدة التفتت بجسدها إليه تغمغم في هدوء :
- عارفة ، وعارفة أنك مستحيل تستغني عنهم .. بس تعالا نبصلها من جهه تانية مجدي وسفيان تعاملهم كله مع الطبقة الغنية في كل دولة هما مسؤولين عنها والجامعات الخاصة والانترناشونال الناس اللي زينا من الآخر احنا عايزين دم جديد في الشوارع والحواري وبين الجامعات الحكومة الموظفين والعمال كل دول بعيد عن أيدينا عشان مجدي وسفيان رافضين يتعاملوا مع الطبقة دي
بدأت تجذب بكلماتها انتباهه وضع الكأس من يده ينظر لها يحثها أن تكمل لتبتسم منتصرة مالت تلتقط الزجاجة من جديد تملئ كأسه وكأسها صدمت كأسها بخاصته في حركة خاطفة تكمل بثقة :
- بعد بحث بسيط قدرت اوصل لتاجر حشيش صحيح هو صغير وعلي قده بس احنا نقدره نكبره شخص ذكي من معلوماتي عنه أنه عنده طرق جديدة لتوزيع الحشيش وكمان لسه شاب ودي بوينت ممتازة فاحنا هنغير نشاطه من حشيش لمخدرات ... أنت عارف إن في أنواع من الهيروين بتطلع رديئة وبتتأكسد بسرعة فبدل ما نخسر فلوسها نوزعها للناس اللي زي دول هتبقي كنز بالنسبة ليهم
التمعت عينيه والفكرة تطرق في رأسه بعنف روزا صاحبة الأفكار السامة ... نظر لها وهي ترتشف ما في كأسها ببطئ تنظر ناحيته هي الأخري لتبتسم تردف بالروسية :
- أن استطعنا ضم ذلك الشبل الصغير إلينا سنحكم قبضتنا علي البلد بأكملها لن نخسر جرام مخدر واحد .. لذلك قررت أن اذهب إلي الحي متنكرة هيئة ممرضة مسكينة والتقيت بجبران يجب أن أخبرك أن الرجل يضج بالعنفوان شخص مثله سيفيدنا أكثر مما تتخيل
حرك رأسه بالإيجاب يوافق فكرتها الخبيثة ربما عليهم فعلا أن يضخوا دما جديدا ليسري فيها سمهم الأبيض ... عاد ينظر إليها يسألها :
- ولما لم تخبريني من البداية .. لما جئتي لهنا دون علمي
حان الوقت لتستخدم روزا سراحها الأكثر براعة وضعت الكأس من يدها فوق الطاولة اقتربت منه تجلس بين أحضانه طوقت عنقه بذراعيها تبتسم في رقة :
- لم تكن لتوافق إنت ترفض خروجي من القصر فكيف علي سفري لبلد أخري ... عليك أن تثق بي أكثر من ذلك حبيبي فأنا فعلت كل ذلك منذ البداية لأجلك أنت فقط ... قتلت حتي أخي لأجلك .... هل تظن أن روزتك ستخونك يوما
وصدق كم كانت بارعة وكم كان أحمق ليصدق تلك النظرات الناعسة التي صدقها قبله الكثيرون وانتهي بهم المطاف قتلي علي يدي صاحبة النظرات الرقيقة رفع يده يمسح علي وجنتها اليسري بخفة ارتسمت ابتسامة ساخرة علي ثغره يغمغم في هدوء يفجر به القنبلة :
- علي ذكر ذلك اخيكِ لا زال حيا ، بيجاد لم يمت
توسعت عينيها في ذهول أصفر وجهها في دهشة بيجاد حي ؟!! كيف وهل يعلم المايسترو بتلك المعلومة الكثير سيتغير بعد تلك المفاجأة الغير متوقعة بيجاد حي !! .. اجفلت تنظر له حين غمغم ساخرا:
- هل الجميلة خائفة ، لا تخافي لن ادعه يمس منكِ شعرة .. سأقتله قبل أن يفكر في فعل ذلك
اومأت له بالإيجاب سريعا ارتمت بين أحضانه تطوق جزعه بذراعيها تغمغم سريعا :
- نعم اقتله ، لاتدعه يعثر علي ... سيكشف السر اقتله قبل أن يفعل هو
شردت عينيها في الفراغ تنظر بعيدا أسودت نظرات عينيها في حقد بيجاد حي شقيقها الأحمق المغفل الذي شق الأرض ليعثر عليها صحيح أنه كان لا يفعل شيئا منذ أن وجدها سوي أنه يحاول تعويضها عن سنوات فقده لها ولكنها تكرهه وستظل تفعل قامت بقتله مرة وستكررها مئة مرة أن سنحت لها الفرصة لتفعل !! تذكرت آخر ما دار بينها وبين المايسترو
Flash back
- عليكِ أن تعودي لصاحب الظل أن يثق بك من جديد ... روزا أن لم تفعلي ذلك سأسلخ روحك
نبرة صوته وهو يقولها دبت الفزع في أوصالها
اومأت له سريعا كطفلة مرتعبة من وحش أسفل الفراش ابتسم في شر مد يده يمسح علي خصلات شعرها يكمل في هدوء :
- عليك إقناع صاحب الظل أن جبران سيكون أكثر من مفيد وسأخبرك بما ستقوليه تحديدا ... احذري الخطأ روزا .. علي جبران أن يثق بكِ أكثر من صاحب الظل حتي أظهر أنا أمامه ونقضي علي الجميع فهمتي
حركت رأسها بالإيجاب سريعا فهمت وحفظت ولن تخطأ أبدا ليضحك عاليا يجذبها من رسغها بعنف إلي حيث غرفته ليمزق من روحها جزءً جديدا
Back
عادت من شرودها وصوت ضحكاته لا يزال يتردد في اذنيها ابتعدت برأسها عن صاحب الظل حين سمعته يهمس لها :
- أنا أثق في الجميلة لا تحاولي خيانتي ، اقسم سأقتلك بين أحضاني
صمت للحظات قبل أن تتبدل نبرة صوته بأخري مخيفة :
- اشتقت للجميلة بين أحضاني وبالطبع الجميلة اشتاقت لي أليس كذلك
لم يعطيها فرصة للإجابة علي سؤاله حملها بين ذراعيه كالعروس وهي لا تكاد تختلف عن العروس شيئا عروس لم تملك خيوط حياتها يوما عروس هم من يحركوها تقتل بإيديهم ويلقي اللوم عليها ... اختفي بها خلف باب أحدي الغرف وللحديث بقية لن نستطيع الحديث عنها
________________
أنها الواحدة بعد منتصف الليل وهو لازال يجلس علي الأريكة في صالة منزله التبغ في فمه يزفر دخانه بعنف يفكر بسخرية تقطر ألما كيف انتهي به الحال لهنا ... حين رآها لأول مرة
بذلك الشموخ والعنفوان ظن أنهم لم يكسروها بأن خطته لم تتم كان سعيدا لأنها لم تتم ... لم يعرف أنه فقط كان قناعا تخفي به بقايا روحها .. بقايا هو من فتتها هو من ساعدهم دون أن يدري لذلك كان يجب أن يكون جزاءه أن يعش معها الألم الذي تسبب فيه أن يراها وهي تتعذب فيما اقترفت يداه ... إن يكوي بنيران قهرها ارتمي بجسده يتسطح علي الأريكة يفكر في القادم رفع يده ينظر لكفه ليبتسم ساخرا كان يعش قديما اجمل قصة حب يمكن أن يخطها قلم ولكنه خسر كل شئ حتي نفسه لا زال بتذكر كف يدها الصغير وهو يختبئ في كفه نظرات عينيها الناعسة الخجولة ضحكاتها الغنائة كل شئ بها كان مثالي ولكنه فقط كان !! ... تحرك من مكانه إلي غرفته رأي وتر تتكور حول نفسها في منتصف الفراش ما فعله خاطئ ما كان يجب أن ينجرف خلف تلك الدوامة لم يكن عليه لمسها من الأساس ... ستكرهه حين تعلم الحقيقة وستكره نفسها لأنها سمحت له بلمسها ...اقترب منها جلس جوارها يمسح علي خصلات شعرها يتنهد حزينا نادما وتر عليها أن تكرهه وتر لا يجب أن تحبه سيكون جرحها مضاعف حين تنكشف الحقيقة أمامها ... الحقيقة التي ستعرفها عاجلا أم اجلا لن يكسر قلبها للمرة الثانية يكفي ما فعله بها ...مال يطبع قبلة خفيفة علي رأسها جذب الوسادة الأخري وغطاء خفيف يتحرك للخارج ارتمي بجسده علي الأريكة يعقد ذراعيه خلف رأسه يتمتم بجملة واحدة :
- لازم اخليها تكرهني .. سامحيني يا وتر
______________
الثانية بعد منتصف الليل يقف أمام غرفة الطوارئ التي فيها منذ أكثر من ساعة يكاد القلق يفتت قلبه الي شظايا يده تقبض علي الورقة التي رآها ملقاه جوارها الشيطان بعث لها برسالة لتبث الذعر فيها جملة واحدة أرسلها لها
( اشتقت للعبث مع الصغيرة أمام صندوق الأفاعي )
ذلك الشيطان فعل بها أسوء مما قد يتخيله عقله ... صندوق من الأفاعي ؟!! التخيل فقط جعل جسده يرتجف ... اجفل حين فتح الطبيب باب الغرفة ليخرج منه هرع إليه يسأله قلقا :
- طمني يا دكتور هي كويسة مش كدة
ابتسم الطبيب يربت علي كتفه يغمغم :
- ما تقلقش يا زياد باشا الجرح ما كنش عميق وقفنا النزيف وخيطنا الجرح وعوضنا الدم اللي نزفته ... بس نصيحة لازم تتابع مع دكتور نفسي شاطر
اومأ له موافقا سمح له الطبيب برؤيتها ليتقدم لداخل الغرفة رآها تجلس علي الفراش تنظر للضماد الذي يغطي جرح يدها تبكي في صمت جذب مقعد يجلس جوارها اجفلت تنظر ناحيته مذعورة ارتجفت حدقتيها حين رأته اختنقت نبرة صوتها تهمس بحرقة :
- ليه ما سبتنيش أموت ...هيرجعني هيأذيني ... حرام عليك أنا كنت عاوزة ارتاح بقي
أقسم علي جعله يدفع الثمن دس يده في جيب سترته يخرج الصورة القديمة قربها منها يحثها علي اخذها ارتجفت أصابعها تمسك بالصورة توسعت حدقتيها قليلا حين وقعت عينيها علي ما بداخل الصورة صورتها وها هي والدتها وخالتها من ذلك الفتي الصغير لا تذكر ..رفعت وجهها تنظر له مدهوشة ليبتسم مترفقا يومأ لها بالإيجاب تنهد بعمق يهمس برفق :
- اكيد مش هتفتكري الصورة دي أنتي ومامتك وأنا وماما
شخصت عينيها في ذهول توقف عقلها عن الاستيعاب لبضع لحظات لا تفهم ما يقول ماذا يعني هو ووالدته ، والدته التي تكون خالتها إذا هو ولكن كيف تلعثمت تهمس :
- خالتو سناء أنت ابنها إزاي ... أنا مش فاكرة غير أبيه مراد ...
انطفأت عينيه حين نطقت اسم أخيه الأكبر ابتلع غصته يهمس مختنقا :
- مراد الله يرحمه مات من كذا سنة ... جيت اصحيه الصبح لقيته ميت .. أنتي إزاي مش فكراني يا حياة أنا زياد الواد الرخم اللي كان بيسرق منك المصاصات
وضمت بعيدة أضاءت في عقلها تذكرت زياد لم تقابله سوي بضعات مرات قليلة وهي طفلة صغيرة ... نظرت له تميل برأسها قليلا لليمين تحاول أن تجد وجه الشبه بينه وبين الطفل في الصورة عينيه وأنفه وشعره هما العوامل المشترك بين الصورة والحقيقة شعور طفيف بالأمان حين علمت أنهم أقرباء ربما يحميها سمعت يردف في حزم :
- أنا عارف إنك ممكن ما تصدقنيش بس اقسملك بالله إني مش هسمحله يمس شعرة واحدة منك ... وهدفعه تمن اللي عملوا فيكي غالي أوي خلي عندك ثقة فيا يا حياة ... مش عايزك تخافي أبدا طول ما أنا علي وش الدنيا
حركت رأسها بالإيجاب بتردد اعطاها ابتسامة هادئة ، لتعقد ما بين حاجبيها تغمغم بحذر :
- بس إزاي إنت بتقول أنك ابن خالتي وجوز خالتي كان ميت من زمان اومال مين الراجل اللي قال أنه باباك دا
ذكية حياة عليه أن يعترف أنها حقا ذكية .. ابتسم متوترا يمسد رقبته محرجا :
- بصراحة دا كان دكتور نفسي وأنا اللي قولتله يقول أنه والدي خوفت لما تعرفي أنه دكتور نفسي ترفضي تتكلمي معاه
علا ثغرها ابتسامة ألم تنظر للفراغ بشرود باتت مريضة نفسية مثيرة للشفقة الآن انتفضت حين مد يده يربت علي كف يدها لتسحب يدها سريعا في حين اردف هو :
- ما تخافيش مني يا حياة ..المهم دلوقتي لازم نوديكي مكان أمان عرف مكانك عندي لحد ما أوصله
اضطربت حدقتيها خوفا ليتناهي إلي أسماعهم صوت شجار يأتي من الخارج تحرك زياد للخارج يري ما يحدث ليري طبيبة تقف أمام رجل ما تحادثه حانقة :
- بقي كدة يا خالد بتقول للمرضة يا جميل
- يا بنتي دي قد بنتي
أردف بها الرجل ضاحكا في حين ظلت تلك الطبيبة تنظر له حانقة قبل أن تتركه وتتجه إلي أحدي الغرف تصفع الباب بعنف ... نظر زياد عن كثب لوجه الرجل لتتسع عينيه في دهشة يغمغم مذهولا :
- خالد باشا !!
نظر خالد لمن صاح باسمه يغمغم مع نفسه بصوت خفيض حانق :
- اتفضحت يقولوا عليا ايه دلوقتي لاء دا أنا راجل أوي في بيتي ماشي يا لينا
ذلك الشاب يعرفه أحد أصدقاء زيدان اقترب الشاب منه سريعا يغمغم متلهفا :
- أنت جيتلي نجدة من السما والله يا باشا أنا عايز حضرتك في موضوع مهم اوي
بدأ زياد يشرح له بشكل سريع ما حدث وخالد يومأ له متفهما ما يقول انهي زياد كلامه يقول :
- دلوقتي هو عرف أنها عندي وأنا مش هخاطر أنها تفضل عندي اكتر من كدة ... أنا حرفيا مقطوع من شجرة حضرتك تقدر تساعدني مش كدة
ابتسم له الأخير في هدوء يربت علي كتفه يحادثه بجد :
- موضوع حياة دا أبسط جزء في الموضوع المهم دلوقتي أننا نمسك الشبكة دي كلها من أول صاحب الظل لحد اصغر ديلر فيهم ... هاتها عندي في الفيلا ما حدش هيقدر يقربلها وهي في بيتي
لم يعترض زياد وافق سريعا عليه أن يطمئن علي أن تكن حياة في مأمن بعيدا عن اذرعة الشر ومن ثم سيتفرغ للقضاء عليهم واحدا تلو الآخر
تحرك زياد بصحبة خالد إلي غرفة حياة دخل أولا حمحم يوجه حديثه إليها :
- حياة ... دا خالد باشا يبقي خال واحد صاحبي الفترة الجاية هتكوني عنده ... ما حدش هيقدر يوصلك وأنتي في بيته
تحركت حياة بعينيها إلي ذلك الرجل الذي جلس علي مقعد زياد ينظر لها يبتسم في هدوء تحركت بعينيها إلي زياد تهمس بتلعثم متوترة :
- وأنت هتيجي معايا
- لاء ما أنا مش فاتحها لوكاندة اشواق
غمغم بها خالد ساخرا ليحمر وجه حياة خجلا في حين حمحم زياد محرجا اقترب من فراش حياة من الاتجاه الآخر يهمس لها مترفقا :
- مش هينفع ما تخافيش هتكوني في أمان عنده دا سيادة اللوا ما حدش يقدر يقرب من بيته ... هو راجل طيب والله بس هو بيحب يهزقنا كدة كل شوية راجل كبير بقي معلش نستحمله
خرجت ضحكة خفيفة من بين شفتي حياة تومأ برأسها بالإيجاب في حين غض هو شفتيه مغتاظا رفع كفه الأيسر يشير لزياد أن يقترب منه يغمغم متوعدا :
- زيزو تعالا يا حبيبي عايزك في كلمتين برة
توترت قسمات وجه زياد قلقا يتذكر حديث زيدان عن لكمات خاله التي لم يكن يسلم منها تحرك معه للخارج ليجد تلك الطبيبة تقترب منهم توجه خالد إليها يهمس لها ببضع كلمات لتومأ له متفهمة ما يقول تركتهم وتوجهت إلي غرفة حياة ليشمر خالد عن ساعديه يقبض علي تلابيب ملابس زياد يجذبه الي مكتب لينا يغمغم متوعدا :
- تعالا يا حبيبي أنا هوريك الراجل الكبير ولو راجل استحمله !
_______________
ربما هي الخامسة فجرا أشعة الشمس تسطع علي مهل تُضئ المكان بنورها تبدد عتمة الليل وقفت أمام منزلهم الصغير تنظر لأشعة الشمس وهي تنعكس علي مياة النيل أين هي في منزل صغير في محافظة أسوان بعيدا في الجنوب تنظر حولها تري الدنيا من جديد لم تسنح لها الفرصة وهي تهرب مع زوجها من فيلم اكشن حدث بعد أن رأت الدنيا بلحظات ذلك الذي دق علي زجاج سيارة بيجاد كان أحد أصدقائه لا تعرفه لم تره قبلا ولكنه هو من ساعدهم نقلهم في سيارة أخري سلم مفاتيحها لبيجاد رحلة طويلة من الصمت استمرت لساعات أري أن وصلوا هنا بعد منتصف الليل كان التعب قد آكل منهم وشرب ... المنزل لم يكن فيه سوي غرفة واحدة للنوم لم يكن لاي منهم طاقة حتي للجدال لذلك انسحب بيجاد دون نقاش القي بجسده علي الأريكة في الصالة لحظات وغط في النوم وهي بالمثل الآن فقط استيقظت فتحت عينيها فجاءة تشهق بعنف تنظر لكفي يدها لازالت تري لم يكن حلما قامت من فراشها تنظر من الشرفة لتفغر فاهها مدهوشة أين هم المكان يبدو أكثر من رائع ولكن أين هم ... تحركت إلي حقيبتها تلتقط ثيابها بحثت إلي أن وجدت مرحاض صغير سيفي بالغرض اغتسلت وبدلت ثيابها القت نظرة خاطفة علي بيجاد يغط في نوم عميق بسكون طفل صغير ليس قناص قاتل رصاصته لا تخطئ هدفها فتحت باب المنزل بهدوء خرجت منه مشت بضع خطوات لتري شط مياه النيل بالقرب منهم تأملت المكان حولها بأعين طفل صغير في خضم انسجامها مع ما حولها شعرت بيديه تطوقها من الخلف ورأسه تحط علي كتفها بخفة يهمس لها :
- حرام عليكِ وقعتي قلبي افتكرت في حاجة حصلتلك
وضعت كفيها علي يديه تبعده عنها التفتت له تسأله :
- احنا فين يا بيجاد
أشار الي بناء ضخم مهيب علي مرمي بصرهم يقع بعيدا عنهم ابتسم يغمغم :
- انتي ما خدتيش معبد أبو سمبل في المدرسة ولا ايه احنا هنا في أسوان يا قلب بيجاد ، هنقضي احلي شهر عسل
قطبت ما بين حاجبيها لا تفهم ما يقول شهر عسل ؟!! قبل عدة ساعات فقط كانوا يهربون من الموت من مسلحين يطاردوهم بأسلحتهم وهو هنا الآن يريد أن يقضي شهر عسلهم المزعوم !! رفعت سبابتها أمام وجهه تحادثه محتدة :
- أنا عايزة افهم كل حاجة مين الناس دي واحنا ليه بنهرب أنا مش عروسة تشدها وراك مطرح ما تروح
ابتسم يآسا قبل أن يفاجئها يحملها بين ذراعيه صرخت فيه مغتاظة تتلوي بين ذراعيه تصدمه علي صدره في حين ضحك هو عاليا يغمغم :
- ازعجتي اجدادنا الفراعنة في نومتهم احنا آسفين يا حتشبسوت عندي دي يا ملكة مصر
احنا نخش جوا بيتنا وأنا هشرحلك ليه بنوا المعابد معبد معبد
________________
أشرق الصباح واستيقظت هي من ثباتها ليلة الأمس كانت مريعة بكل ما تعنيه الكلمة من معني انهيار وبكاء وكوابيس لم تتركها لحظة ولكنها الآن افضل نظرت جوارها لتجد الفراش فارغ لا تزال الثامنة جبران لا يذهب إلي ورشته باكرا اذا أين هو ... تحركت لخارج الغرفة لتقع عينيها عليه نائما علي الأريكة اقتربت منه جلست علي ركبتيها جواره تبتسم مدت يدها تمسد علي وجنته وهو نائم طبعت قبلة خاطفة علي جبينه ليفتح عينيه رأته يبتسم لها للحظة فقط قبل أن تختفي ابتسامته تماما وتتغير نظراته بأخري باردة ساخرة لم ينطق بحرف فقط تحرك متجها إلي المرحاض صافعا الباب تاركا اياها تتسائل عن ما به ... هل زهدها فجاءة بعد أن نالها نفضت تلك الأفكار السامة من رأسها سمعت صوت دقات علي باب المنزل توجهت تفتحه ليطل عليها فتاة جميلة بشكل يخطف الأنفاس تمسك بين يديها طبق طعام به قطع كعك ابتسمت تهمس برقة :
- هو دا بيت المعلم جبران ، أنا صفا جارتكوا الجديدة أنا كنت عاوزة المعلم في حاجة ضروري
دون كلمة واحدة صفعت وتر الباب في وجهها تلك الفتاة تبدو سامة بشكل مخيف رأت خبث مرعب يتراقص في مقلتيها كاللهب ... خرج جبران من المرحاض يجفف وجهه بمنشفة صغيرة رفع المنشفة عن وجهه يسألها :
- مين علي الباب يا وتر؟
ابتسمت في هدوء رفعت كتفيها تغمغم ببساطة :
- دا الراجل اللي بياخد الزبالة بس قولتله ماعندناش النهاردة !!
الفصل السابع عشر
الجزء الثاني
¤¤¤¤¤¤¤
- لا داعي فروزا الجميلة هنا
التفت لمصدر الصوت ليجدها تقف أمامه تبتسم شعرها الأشقر يتطاير مع الهواء ... ارتسمت ابتسامة ساخرة علي ثغره في حين ابتسمت هي برقة تقطر سما رفع يده يصرف الحراس لتقترب منها يُسمع صدي كعب حذائها الرفيع يمزق الصمت قام صاحب الظل من مكانه يقترب منها عدة خطوات وقف أمامها ينظر لها دون كلام للحظات عينيه حادة غاضبة ابتسمت ساخرة لم ترمش عينيها حتي حين رفع يده ونزل بها بعنف علي وجهها التف وجهها للاتجاه الآخر من عنف صفعته ولكنها عاودت النظر له من جديد تبتسم وكأن شيئا لم يكن وكأنها لم تصفع توا مد يده يقبض علي فكها بعنف يقرب وجهها منه سمعته بنعتها بأنها عاهرة خائنة قبل أن يصيح فيها محتدا :
- أين كانت الجميلة قبل أن افصل رأسها الآن
ابتسمت ساخرة لترفع يدها تبسطها علي وجنته تتمتم بنعومة :
- اشتقت لصاحب الظل ، كان عليك أن تأتي أبكر
أبعد يده عن فكها يدسها في جيب سرواله ينظر لعينيها ذات النظرات الثابتة تدحرجت عينيه إلي ثغرها إبتسامة ناعمة كسم الأفعي هو أكثر من يعرفها تحرك إلي أحدي الارائك الوثيرة أشار لها بسبابته أن تقترب منه ففعلت تحركت تتغنج الخطی جلست جواره تضع ساقا فوق أخري جذبت سيجارة من علبته تدسها بين شفتيها اشعلتها بقداحته تنفث دخانها في الهواء ببطأ التفتت له تغمغم :
- أن رفعت يدك مجددا اقسم سأجعلك تشتاق إليها ... أنا أحذر مرة واقتل الثانية فهمت
لم يجيب فقط ابتسم ساخرا لتميل هي بجسدها تطفأ السيجارة بعنف في طبق زجاج علي سطح الطاولة أمامهم التقطتت زجاجة النبيذ تفرغ لها وله معا سكبت كأسين مد يدها له بأحدهم التقطته منها لتردف في هدوء :
- تريد أن تعرف أين كانت الجميلة .. جئت لهنا لنمد أذرع جديدة لنا بدلا من العجوزين صدقا ألم تمل منهما
قطب ما بين حاجبيه تقصد مجدي وسفيان ولكن ماذا تعني بأذرع جديدة رفع كأسه يرتشف منه يغمغم :
- مجدي وسفيان حكام السوق السودا هنا في مصر إيديا اللي بحركها هنا في مصر
همهمت تتفهم ما يقول لتتجرع ما بقي في كأسها دفعة واحدة التفتت بجسدها إليه تغمغم في هدوء :
- عارفة ، وعارفة أنك مستحيل تستغني عنهم .. بس تعالا نبصلها من جهه تانية مجدي وسفيان تعاملهم كله مع الطبقة الغنية في كل دولة هما مسؤولين عنها والجامعات الخاصة والانترناشونال الناس اللي زينا من الآخر احنا عايزين دم جديد في الشوارع والحواري وبين الجامعات الحكومة الموظفين والعمال كل دول بعيد عن أيدينا عشان مجدي وسفيان رافضين يتعاملوا مع الطبقة دي
بدأت تجذب بكلماتها انتباهه وضع الكأس من يده ينظر لها يحثها أن تكمل لتبتسم منتصرة مالت تلتقط الزجاجة من جديد تملئ كأسه وكأسها صدمت كأسها بخاصته في حركة خاطفة تكمل بثقة :
- بعد بحث بسيط قدرت اوصل لتاجر حشيش صحيح هو صغير وعلي قده بس احنا نقدره نكبره شخص ذكي من معلوماتي عنه أنه عنده طرق جديدة لتوزيع الحشيش وكمان لسه شاب ودي بوينت ممتازة فاحنا هنغير نشاطه من حشيش لمخدرات ... أنت عارف إن في أنواع من الهيروين بتطلع رديئة وبتتأكسد بسرعة فبدل ما نخسر فلوسها نوزعها للناس اللي زي دول هتبقي كنز بالنسبة ليهم
التمعت عينيه والفكرة تطرق في رأسه بعنف روزا صاحبة الأفكار السامة ... نظر لها وهي ترتشف ما في كأسها ببطئ تنظر ناحيته هي الأخري لتبتسم تردف بالروسية :
- أن استطعنا ضم ذلك الشبل الصغير إلينا سنحكم قبضتنا علي البلد بأكملها لن نخسر جرام مخدر واحد .. لذلك قررت أن اذهب إلي الحي متنكرة هيئة ممرضة مسكينة والتقيت بجبران يجب أن أخبرك أن الرجل يضج بالعنفوان شخص مثله سيفيدنا أكثر مما تتخيل
حرك رأسه بالإيجاب يوافق فكرتها الخبيثة ربما عليهم فعلا أن يضخوا دما جديدا ليسري فيها سمهم الأبيض ... عاد ينظر إليها يسألها :
- ولما لم تخبريني من البداية .. لما جئتي لهنا دون علمي
حان الوقت لتستخدم روزا سراحها الأكثر براعة وضعت الكأس من يدها فوق الطاولة اقتربت منه تجلس بين أحضانه طوقت عنقه بذراعيها تبتسم في رقة :
- لم تكن لتوافق إنت ترفض خروجي من القصر فكيف علي سفري لبلد أخري ... عليك أن تثق بي أكثر من ذلك حبيبي فأنا فعلت كل ذلك منذ البداية لأجلك أنت فقط ... قتلت حتي أخي لأجلك .... هل تظن أن روزتك ستخونك يوما
وصدق كم كانت بارعة وكم كان أحمق ليصدق تلك النظرات الناعسة التي صدقها قبله الكثيرون وانتهي بهم المطاف قتلي علي يدي صاحبة النظرات الرقيقة رفع يده يمسح علي وجنتها اليسري بخفة ارتسمت ابتسامة ساخرة علي ثغره يغمغم في هدوء يفجر به القنبلة :
- علي ذكر ذلك اخيكِ لا زال حيا ، بيجاد لم يمت
توسعت عينيها في ذهول أصفر وجهها في دهشة بيجاد حي ؟!! كيف وهل يعلم المايسترو بتلك المعلومة الكثير سيتغير بعد تلك المفاجأة الغير متوقعة بيجاد حي !! .. اجفلت تنظر له حين غمغم ساخرا:
- هل الجميلة خائفة ، لا تخافي لن ادعه يمس منكِ شعرة .. سأقتله قبل أن يفكر في فعل ذلك
اومأت له بالإيجاب سريعا ارتمت بين أحضانه تطوق جزعه بذراعيها تغمغم سريعا :
- نعم اقتله ، لاتدعه يعثر علي ... سيكشف السر اقتله قبل أن يفعل هو
شردت عينيها في الفراغ تنظر بعيدا أسودت نظرات عينيها في حقد بيجاد حي شقيقها الأحمق المغفل الذي شق الأرض ليعثر عليها صحيح أنه كان لا يفعل شيئا منذ أن وجدها سوي أنه يحاول تعويضها عن سنوات فقده لها ولكنها تكرهه وستظل تفعل قامت بقتله مرة وستكررها مئة مرة أن سنحت لها الفرصة لتفعل !! تذكرت آخر ما دار بينها وبين المايسترو
Flash back
- عليكِ أن تعودي لصاحب الظل أن يثق بك من جديد ... روزا أن لم تفعلي ذلك سأسلخ روحك
نبرة صوته وهو يقولها دبت الفزع في أوصالها
اومأت له سريعا كطفلة مرتعبة من وحش أسفل الفراش ابتسم في شر مد يده يمسح علي خصلات شعرها يكمل في هدوء :
- عليك إقناع صاحب الظل أن جبران سيكون أكثر من مفيد وسأخبرك بما ستقوليه تحديدا ... احذري الخطأ روزا .. علي جبران أن يثق بكِ أكثر من صاحب الظل حتي أظهر أنا أمامه ونقضي علي الجميع فهمتي
حركت رأسها بالإيجاب سريعا فهمت وحفظت ولن تخطأ أبدا ليضحك عاليا يجذبها من رسغها بعنف إلي حيث غرفته ليمزق من روحها جزءً جديدا
Back
عادت من شرودها وصوت ضحكاته لا يزال يتردد في اذنيها ابتعدت برأسها عن صاحب الظل حين سمعته يهمس لها :
- أنا أثق في الجميلة لا تحاولي خيانتي ، اقسم سأقتلك بين أحضاني
صمت للحظات قبل أن تتبدل نبرة صوته بأخري مخيفة :
- اشتقت للجميلة بين أحضاني وبالطبع الجميلة اشتاقت لي أليس كذلك
لم يعطيها فرصة للإجابة علي سؤاله حملها بين ذراعيه كالعروس وهي لا تكاد تختلف عن العروس شيئا عروس لم تملك خيوط حياتها يوما عروس هم من يحركوها تقتل بإيديهم ويلقي اللوم عليها ... اختفي بها خلف باب أحدي الغرف وللحديث بقية لن نستطيع الحديث عنها
________________
أنها الواحدة بعد منتصف الليل وهو لازال يجلس علي الأريكة في صالة منزله التبغ في فمه يزفر دخانه بعنف يفكر بسخرية تقطر ألما كيف انتهي به الحال لهنا ... حين رآها لأول مرة
بذلك الشموخ والعنفوان ظن أنهم لم يكسروها بأن خطته لم تتم كان سعيدا لأنها لم تتم ... لم يعرف أنه فقط كان قناعا تخفي به بقايا روحها .. بقايا هو من فتتها هو من ساعدهم دون أن يدري لذلك كان يجب أن يكون جزاءه أن يعش معها الألم الذي تسبب فيه أن يراها وهي تتعذب فيما اقترفت يداه ... إن يكوي بنيران قهرها ارتمي بجسده يتسطح علي الأريكة يفكر في القادم رفع يده ينظر لكفه ليبتسم ساخرا كان يعش قديما اجمل قصة حب يمكن أن يخطها قلم ولكنه خسر كل شئ حتي نفسه لا زال بتذكر كف يدها الصغير وهو يختبئ في كفه نظرات عينيها الناعسة الخجولة ضحكاتها الغنائة كل شئ بها كان مثالي ولكنه فقط كان !! ... تحرك من مكانه إلي غرفته رأي وتر تتكور حول نفسها في منتصف الفراش ما فعله خاطئ ما كان يجب أن ينجرف خلف تلك الدوامة لم يكن عليه لمسها من الأساس ... ستكرهه حين تعلم الحقيقة وستكره نفسها لأنها سمحت له بلمسها ...اقترب منها جلس جوارها يمسح علي خصلات شعرها يتنهد حزينا نادما وتر عليها أن تكرهه وتر لا يجب أن تحبه سيكون جرحها مضاعف حين تنكشف الحقيقة أمامها ... الحقيقة التي ستعرفها عاجلا أم اجلا لن يكسر قلبها للمرة الثانية يكفي ما فعله بها ...مال يطبع قبلة خفيفة علي رأسها جذب الوسادة الأخري وغطاء خفيف يتحرك للخارج ارتمي بجسده علي الأريكة يعقد ذراعيه خلف رأسه يتمتم بجملة واحدة :
- لازم اخليها تكرهني .. سامحيني يا وتر
______________
الثانية بعد منتصف الليل يقف أمام غرفة الطوارئ التي فيها منذ أكثر من ساعة يكاد القلق يفتت قلبه الي شظايا يده تقبض علي الورقة التي رآها ملقاه جوارها الشيطان بعث لها برسالة لتبث الذعر فيها جملة واحدة أرسلها لها
( اشتقت للعبث مع الصغيرة أمام صندوق الأفاعي )
ذلك الشيطان فعل بها أسوء مما قد يتخيله عقله ... صندوق من الأفاعي ؟!! التخيل فقط جعل جسده يرتجف ... اجفل حين فتح الطبيب باب الغرفة ليخرج منه هرع إليه يسأله قلقا :
- طمني يا دكتور هي كويسة مش كدة
ابتسم الطبيب يربت علي كتفه يغمغم :
- ما تقلقش يا زياد باشا الجرح ما كنش عميق وقفنا النزيف وخيطنا الجرح وعوضنا الدم اللي نزفته ... بس نصيحة لازم تتابع مع دكتور نفسي شاطر
اومأ له موافقا سمح له الطبيب برؤيتها ليتقدم لداخل الغرفة رآها تجلس علي الفراش تنظر للضماد الذي يغطي جرح يدها تبكي في صمت جذب مقعد يجلس جوارها اجفلت تنظر ناحيته مذعورة ارتجفت حدقتيها حين رأته اختنقت نبرة صوتها تهمس بحرقة :
- ليه ما سبتنيش أموت ...هيرجعني هيأذيني ... حرام عليك أنا كنت عاوزة ارتاح بقي
أقسم علي جعله يدفع الثمن دس يده في جيب سترته يخرج الصورة القديمة قربها منها يحثها علي اخذها ارتجفت أصابعها تمسك بالصورة توسعت حدقتيها قليلا حين وقعت عينيها علي ما بداخل الصورة صورتها وها هي والدتها وخالتها من ذلك الفتي الصغير لا تذكر ..رفعت وجهها تنظر له مدهوشة ليبتسم مترفقا يومأ لها بالإيجاب تنهد بعمق يهمس برفق :
- اكيد مش هتفتكري الصورة دي أنتي ومامتك وأنا وماما
شخصت عينيها في ذهول توقف عقلها عن الاستيعاب لبضع لحظات لا تفهم ما يقول ماذا يعني هو ووالدته ، والدته التي تكون خالتها إذا هو ولكن كيف تلعثمت تهمس :
- خالتو سناء أنت ابنها إزاي ... أنا مش فاكرة غير أبيه مراد ...
انطفأت عينيه حين نطقت اسم أخيه الأكبر ابتلع غصته يهمس مختنقا :
- مراد الله يرحمه مات من كذا سنة ... جيت اصحيه الصبح لقيته ميت .. أنتي إزاي مش فكراني يا حياة أنا زياد الواد الرخم اللي كان بيسرق منك المصاصات
وضمت بعيدة أضاءت في عقلها تذكرت زياد لم تقابله سوي بضعات مرات قليلة وهي طفلة صغيرة ... نظرت له تميل برأسها قليلا لليمين تحاول أن تجد وجه الشبه بينه وبين الطفل في الصورة عينيه وأنفه وشعره هما العوامل المشترك بين الصورة والحقيقة شعور طفيف بالأمان حين علمت أنهم أقرباء ربما يحميها سمعت يردف في حزم :
- أنا عارف إنك ممكن ما تصدقنيش بس اقسملك بالله إني مش هسمحله يمس شعرة واحدة منك ... وهدفعه تمن اللي عملوا فيكي غالي أوي خلي عندك ثقة فيا يا حياة ... مش عايزك تخافي أبدا طول ما أنا علي وش الدنيا
حركت رأسها بالإيجاب بتردد اعطاها ابتسامة هادئة ، لتعقد ما بين حاجبيها تغمغم بحذر :
- بس إزاي إنت بتقول أنك ابن خالتي وجوز خالتي كان ميت من زمان اومال مين الراجل اللي قال أنه باباك دا
ذكية حياة عليه أن يعترف أنها حقا ذكية .. ابتسم متوترا يمسد رقبته محرجا :
- بصراحة دا كان دكتور نفسي وأنا اللي قولتله يقول أنه والدي خوفت لما تعرفي أنه دكتور نفسي ترفضي تتكلمي معاه
علا ثغرها ابتسامة ألم تنظر للفراغ بشرود باتت مريضة نفسية مثيرة للشفقة الآن انتفضت حين مد يده يربت علي كف يدها لتسحب يدها سريعا في حين اردف هو :
- ما تخافيش مني يا حياة ..المهم دلوقتي لازم نوديكي مكان أمان عرف مكانك عندي لحد ما أوصله
اضطربت حدقتيها خوفا ليتناهي إلي أسماعهم صوت شجار يأتي من الخارج تحرك زياد للخارج يري ما يحدث ليري طبيبة تقف أمام رجل ما تحادثه حانقة :
- بقي كدة يا خالد بتقول للمرضة يا جميل
- يا بنتي دي قد بنتي
أردف بها الرجل ضاحكا في حين ظلت تلك الطبيبة تنظر له حانقة قبل أن تتركه وتتجه إلي أحدي الغرف تصفع الباب بعنف ... نظر زياد عن كثب لوجه الرجل لتتسع عينيه في دهشة يغمغم مذهولا :
- خالد باشا !!
نظر خالد لمن صاح باسمه يغمغم مع نفسه بصوت خفيض حانق :
- اتفضحت يقولوا عليا ايه دلوقتي لاء دا أنا راجل أوي في بيتي ماشي يا لينا
ذلك الشاب يعرفه أحد أصدقاء زيدان اقترب الشاب منه سريعا يغمغم متلهفا :
- أنت جيتلي نجدة من السما والله يا باشا أنا عايز حضرتك في موضوع مهم اوي
بدأ زياد يشرح له بشكل سريع ما حدث وخالد يومأ له متفهما ما يقول انهي زياد كلامه يقول :
- دلوقتي هو عرف أنها عندي وأنا مش هخاطر أنها تفضل عندي اكتر من كدة ... أنا حرفيا مقطوع من شجرة حضرتك تقدر تساعدني مش كدة
ابتسم له الأخير في هدوء يربت علي كتفه يحادثه بجد :
- موضوع حياة دا أبسط جزء في الموضوع المهم دلوقتي أننا نمسك الشبكة دي كلها من أول صاحب الظل لحد اصغر ديلر فيهم ... هاتها عندي في الفيلا ما حدش هيقدر يقربلها وهي في بيتي
لم يعترض زياد وافق سريعا عليه أن يطمئن علي أن تكن حياة في مأمن بعيدا عن اذرعة الشر ومن ثم سيتفرغ للقضاء عليهم واحدا تلو الآخر
تحرك زياد بصحبة خالد إلي غرفة حياة دخل أولا حمحم يوجه حديثه إليها :
- حياة ... دا خالد باشا يبقي خال واحد صاحبي الفترة الجاية هتكوني عنده ... ما حدش هيقدر يوصلك وأنتي في بيته
تحركت حياة بعينيها إلي ذلك الرجل الذي جلس علي مقعد زياد ينظر لها يبتسم في هدوء تحركت بعينيها إلي زياد تهمس بتلعثم متوترة :
- وأنت هتيجي معايا
- لاء ما أنا مش فاتحها لوكاندة اشواق
غمغم بها خالد ساخرا ليحمر وجه حياة خجلا في حين حمحم زياد محرجا اقترب من فراش حياة من الاتجاه الآخر يهمس لها مترفقا :
- مش هينفع ما تخافيش هتكوني في أمان عنده دا سيادة اللوا ما حدش يقدر يقرب من بيته ... هو راجل طيب والله بس هو بيحب يهزقنا كدة كل شوية راجل كبير بقي معلش نستحمله
خرجت ضحكة خفيفة من بين شفتي حياة تومأ برأسها بالإيجاب في حين غض هو شفتيه مغتاظا رفع كفه الأيسر يشير لزياد أن يقترب منه يغمغم متوعدا :
- زيزو تعالا يا حبيبي عايزك في كلمتين برة
توترت قسمات وجه زياد قلقا يتذكر حديث زيدان عن لكمات خاله التي لم يكن يسلم منها تحرك معه للخارج ليجد تلك الطبيبة تقترب منهم توجه خالد إليها يهمس لها ببضع كلمات لتومأ له متفهمة ما يقول تركتهم وتوجهت إلي غرفة حياة ليشمر خالد عن ساعديه يقبض علي تلابيب ملابس زياد يجذبه الي مكتب لينا يغمغم متوعدا :
- تعالا يا حبيبي أنا هوريك الراجل الكبير ولو راجل استحمله !
_______________
ربما هي الخامسة فجرا أشعة الشمس تسطع علي مهل تُضئ المكان بنورها تبدد عتمة الليل وقفت أمام منزلهم الصغير تنظر لأشعة الشمس وهي تنعكس علي مياة النيل أين هي في منزل صغير في محافظة أسوان بعيدا في الجنوب تنظر حولها تري الدنيا من جديد لم تسنح لها الفرصة وهي تهرب مع زوجها من فيلم اكشن حدث بعد أن رأت الدنيا بلحظات ذلك الذي دق علي زجاج سيارة بيجاد كان أحد أصدقائه لا تعرفه لم تره قبلا ولكنه هو من ساعدهم نقلهم في سيارة أخري سلم مفاتيحها لبيجاد رحلة طويلة من الصمت استمرت لساعات أري أن وصلوا هنا بعد منتصف الليل كان التعب قد آكل منهم وشرب ... المنزل لم يكن فيه سوي غرفة واحدة للنوم لم يكن لاي منهم طاقة حتي للجدال لذلك انسحب بيجاد دون نقاش القي بجسده علي الأريكة في الصالة لحظات وغط في النوم وهي بالمثل الآن فقط استيقظت فتحت عينيها فجاءة تشهق بعنف تنظر لكفي يدها لازالت تري لم يكن حلما قامت من فراشها تنظر من الشرفة لتفغر فاهها مدهوشة أين هم المكان يبدو أكثر من رائع ولكن أين هم ... تحركت إلي حقيبتها تلتقط ثيابها بحثت إلي أن وجدت مرحاض صغير سيفي بالغرض اغتسلت وبدلت ثيابها القت نظرة خاطفة علي بيجاد يغط في نوم عميق بسكون طفل صغير ليس قناص قاتل رصاصته لا تخطئ هدفها فتحت باب المنزل بهدوء خرجت منه مشت بضع خطوات لتري شط مياه النيل بالقرب منهم تأملت المكان حولها بأعين طفل صغير في خضم انسجامها مع ما حولها شعرت بيديه تطوقها من الخلف ورأسه تحط علي كتفها بخفة يهمس لها :
- حرام عليكِ وقعتي قلبي افتكرت في حاجة حصلتلك
وضعت كفيها علي يديه تبعده عنها التفتت له تسأله :
- احنا فين يا بيجاد
أشار الي بناء ضخم مهيب علي مرمي بصرهم يقع بعيدا عنهم ابتسم يغمغم :
- انتي ما خدتيش معبد أبو سمبل في المدرسة ولا ايه احنا هنا في أسوان يا قلب بيجاد ، هنقضي احلي شهر عسل
قطبت ما بين حاجبيها لا تفهم ما يقول شهر عسل ؟!! قبل عدة ساعات فقط كانوا يهربون من الموت من مسلحين يطاردوهم بأسلحتهم وهو هنا الآن يريد أن يقضي شهر عسلهم المزعوم !! رفعت سبابتها أمام وجهه تحادثه محتدة :
- أنا عايزة افهم كل حاجة مين الناس دي واحنا ليه بنهرب أنا مش عروسة تشدها وراك مطرح ما تروح
ابتسم يآسا قبل أن يفاجئها يحملها بين ذراعيه صرخت فيه مغتاظة تتلوي بين ذراعيه تصدمه علي صدره في حين ضحك هو عاليا يغمغم :
- ازعجتي اجدادنا الفراعنة في نومتهم احنا آسفين يا حتشبسوت عندي دي يا ملكة مصر
احنا نخش جوا بيتنا وأنا هشرحلك ليه بنوا المعابد معبد معبد
________________
أشرق الصباح واستيقظت هي من ثباتها ليلة الأمس كانت مريعة بكل ما تعنيه الكلمة من معني انهيار وبكاء وكوابيس لم تتركها لحظة ولكنها الآن افضل نظرت جوارها لتجد الفراش فارغ لا تزال الثامنة جبران لا يذهب إلي ورشته باكرا اذا أين هو ... تحركت لخارج الغرفة لتقع عينيها عليه نائما علي الأريكة اقتربت منه جلست علي ركبتيها جواره تبتسم مدت يدها تمسد علي وجنته وهو نائم طبعت قبلة خاطفة علي جبينه ليفتح عينيه رأته يبتسم لها للحظة فقط قبل أن تختفي ابتسامته تماما وتتغير نظراته بأخري باردة ساخرة لم ينطق بحرف فقط تحرك متجها إلي المرحاض صافعا الباب تاركا اياها تتسائل عن ما به ... هل زهدها فجاءة بعد أن نالها نفضت تلك الأفكار السامة من رأسها سمعت صوت دقات علي باب المنزل توجهت تفتحه ليطل عليها فتاة جميلة بشكل يخطف الأنفاس تمسك بين يديها طبق طعام به قطع كعك ابتسمت تهمس برقة :
- هو دا بيت المعلم جبران ، أنا صفا جارتكوا الجديدة أنا كنت عاوزة المعلم في حاجة ضروري
دون كلمة واحدة صفعت وتر الباب في وجهها تلك الفتاة تبدو سامة بشكل مخيف رأت خبث مرعب يتراقص في مقلتيها كاللهب ... خرج جبران من المرحاض يجفف وجهه بمنشفة صغيرة رفع المنشفة عن وجهه يسألها :
- مين علي الباب يا وتر؟
ابتسمت في هدوء رفعت كتفيها تغمغم ببساطة :
- دا الراجل اللي بياخد الزبالة بس قولتله ماعندناش النهاردة !!
