رواية القاتل الراقي الفصل السادس 6 بقلم سارة بركات
رواية/ القاتل الراقي .. بقلم/ سارة بركات
الفصل السادس
"بداية الحب إهتمام"
يقف عماد بمكانه وواضح بملامحه الضيق الشديد بسبب ياسين و مما فعله والذي إستنتجه من تلك الدماء التي كانت بملابسه مما يجعله متيقنًأ أنه قتل جمال ... هز رأسه بيأس وخذلان ونظر أرضًا يؤنب نفسه تأنيبًا شديدَا لأنه السبب في كل ذلك .. غاب ياسين بالداخل وكل المسموع هو أصوات طلقات النيران المستمرة .. نظر لساعة يده يحسب الوقت الذي تأخره وقلق عليه كثيرًا .. هدأ صوت إطلاق النيران ولكن ياسين لم يخرج .. إنتفض عماد عندما سمع صوت سيارات الشرطة تقترب من المكان وبدون وعي هرول سريًعا نحو ذلك المستودع للبحث عنه تاركًا تلك الفتاة الملقاة بجانب الشجرة وحيدة ... عندما دخل ذلك المكان وجده عبارة عن كومة من الجثث وبدأ بالبحث عن ياسين في غرف ذلك المستودع وبين تلك الجثث حتى وجده واقفَا ينظر أمامه بشرود .. شعر عماد بالهلع والفزع مما يراه حوله وكيف يقف ياسين هكذا وكيف فعل كل ذلك؟؟؟!!! .... إلتفت ياسين بهدوء بوجه وملابس مليئة بالدماء ولكن بالتأكيد تلك ليست دمائة، ونظر لعماد الذي ينظر له بخوف ..
عماد بخوف:"إنت عملت كل ده إزاي؟؟؟ ... إنت إزاي عرفت تعمل كل ده؟؟؟ ... إنت إزاي قتلت دول كلهم؟!!"
تحرك ياسين خطوة نحو عماد الذي إبتعد عشرة مقابلهم .. تحرك ياسين خطوة أخرى ولكنه ركع أرضًا من الألم الذي يشعر به ووضع يده في جنبه ونظر لعماد الذي ينظر له بالمقابل ...
ياسين بألم:"كان لازم ياخدوا جزائهم، قصتي ماينفعش تتكرر."
أغمض ياسين عينيه من الألم الذي يشعر به، هرول عماد نحوه سريعًا ..
عماد:"إسند نفسك عليا."
وبالفعل إتكأ ياسين على عماد وخرجا من المستودع في نفس الوقت الذي إنتشرت به الشرطة في المكان ... حاول عماد الإسراع قليلًا ليصلا إلى سيارته ويتحركا قبل أن تصل الشرطة لهما ولكن كبر سنه لا يساعده وأيضًا جسد ياسين فهو ثقيل بالنسبة لعجوز مثله .. إستفاقت الفتاة الصغيرة ووقفت في مكانها تنظر حولها .. وجدت نفسها وحيدة بالخارج ... لا تعلم أين تذهب وأين الشخص الذي حملها للخارج تحركت بتيه لعلها تجده في طريقها ويساعدها في العودة للمنزل .. تحركت عدة مترات بسيطة وتوقفت عندما وجدت أمامها رجال الشرطة والذين هرولوا نحوها سريعًا ... وصل عماد لسيارته ووضع ياسين الذي يعي لما حوله بنصف وعي للخلف ثم تحرك بسيارته، كان ياسين مستندًا برأسه على زجاج السيارة وهنا رأى الفتاة من على بُعدٍ وهي تركب إحدى سيارات الشرطة وهناك عددًا من الأطفال يركبون معها أيضًا، وهنا أغلق عينيه بهدوء وإستسلم للنوم ... ينظر بشرود من خلال نافذته الزجاجية .. يتذكر ما عانته زوجته ألفت بسبب خوفها من فقدانها إبنها ياسين مرة أخرى .. فقد هرولوا نحو المشفى لإنقاذه سريعًا قبل أن يفقد دماءًا كثيرة وقد أنقذوه ... يتذكر جيدًا كم ترجته ألفت ألا يؤذي ياسين .. يتذكر بكائها الشديد بسبب خوفها من فقدانه بأي شكل .. إستسلم لرجاء زوجته وبدأ بمتابعة قضية مقتل جمال دون أن يلاحظ أحد ذلك ولدهشته وصل الشرطة أن الهجوم الذي حصل بالمستودع ماهو إلا هجوم عصابات مما جعل الجميع موتى ... يتذكر جيدًا الكوابيس التي حلم بها ياسين بعد ذلك الحادث ... يتذكر صراخه بإسم والده ووالدته .. يتذكر صراخه وهو يعزم على قتل جمال في أحلامه .. ظلت كوابيس ياسين تُقلق راحته هو وأُلفت ومما يُدهشهم أيضًا أنه عاد لصمته الذي كان ملازمًا له منذ صغره ... وفي يوم ما ... خرج من جامعته حاملًا كتبه وبدلًا من أن يتجه لسائق عماد الذي ينتظره إتجه لطريقٍ آخر وتحرك السائق خفية خلفه .. دخل ياسين صالة رياضية كبيرة ولم يُلقِ التحية على أحد كعادته إتجه نحو خزانة ملابس معينة وقام بتغيير ملابسه وإرتدى ملابس رياضية بديلة .. وقام بربط كفي يده جيدا إستعدادًا للملاكمة ... وقف عماد أمام الصالة الرياضية التي أخبره بها سائقة ودخل الصالة وبدأ بالسؤال عن ياسين، ثم إتجه لصالة الملاكمة .. كان يتعرق بشده وهو يلكم حقيبة الملاكمة بقوة وكل ما يراه أمامه هو جمال وليس تلك الحقيبة .. يرى جمال أمامه وهو يقوم بإغتصاب والدته ... قام ياسين بضرب حقيبة الملاكمة مرة أخرى بغضب ... وكل مايسمعه هو صرخات والدته المستمرة ... ظل يضرب في حقيبة الملاكمة بكُرهٍ وشرٍ كبير ... مما لفت إنتباه جميع من بالصالة ونظروا له بتعجب وهو يضرب الحقيبة بغلٍ ..
عماد:"ياسين."
توقف عندما سمع صوت عماد ونظر له بنظرات خالية من الحياة...
عماد:"أنا محتاج أتكلم معاك .. لازم نتكلم أنا وإنت، ممكن نطلع بره؟"
تركه ياسين ثم إتجه لغرفة تبديل الملابس .. أما عماد تنهد بيأس وإنتظره بالخارج .. يجلسان بمطعمٍ يطُّل على النيل الذي كان ينظر له ياسين بشرود ..
عماد:"ياسين."
نظر له ياسين بهدوء منتظرًا حديثه ...
عماد:"أنا مقدر إنك واحد خسرعيلته .. وشوفت أهلك بيموتوا قدام عينيك ... بس ده مش مبرر للي إنت عملته."
قلب ياسين عينيه بملل وتأفف من حديثه ..
عماد بضيق حاول إخفاءه:"إحترم كلامي وإسمعني، أنا عارف إنك خايف، واللي بيحصلك ده من الخوف، بس أرجوك إهدى كده وإرجع ياسين إللي أنا عرفته من صغره."
كان ياسين ينظر لعمق عينيه وهو يتحدث ...
عماد:"أرجوك إرجع إبني إللي مسكت إيده وأنا داخل البيت وبقدمه لمراتي على إنه إبننا الجديد."
وهنا خرج ياسين عن صمته قائلًا ..
ياسين:"إنت عايش في أوهام كبيرة يا عماد."
عقد عماد حاجبيه بغضب من حديثه ...
عماد بغضب:" أنا عايز أعيش وأنا بالي مرتاح، أنا مش عارف أنام بسبب إني عارف إن في قاتل في بيتي، إرجع يا ياسين عن إللي إنت بتعمله، أنا مباقتش مطمنلك، القدر أنقذك من أول جريمة إنت عملتها .. من الآخر .. أنا مباقتش حابب وجود قاتل في بيتي، يا ترجع لعقلك يا تخرج بره بيتي."
ظل ياسين ينظر له بهدوء ... أما عماد كان يتنفس سريعًا نتيجةً لغضبه ...
عماد:"قولت إيه؟"
ياسين ببرود:"أنا فعلا واعي للي بعمله."
عماد برجاء:"يبقى أرجوك أنا محتاج أنام وأنا مرتاح، مش عايز أبقى خايف عشان في قاتل عايش معايا في نفس البيت."
همهم ياسين موافقا .... إستفاق عماد من شروده في ذكرياته وأغمض عينيه بإرهاق لا يعلم كم من الوقت ظل هكذا ... ضغط زر إستدعاء الخدم وقد أتى إثنين منهم، قام أحدهم بتحريكه بالكرسي أم الآخر جهز له الفراش لكي يستريح قليلًا ... تجلس بسريرها في غرفتها يملؤها الحزن مما حدث اليوم .. فقد رأت هشام .. رأت من حاولت أن تنساه تلك المدة ولكن رؤيتها له أثبتت أنها لم تنساه ... لا زالت تحبه ... هبطت دمعة من عينيها ولكنها قامت بمسحها سريعًا؛ فليس ذلك وقت البكاء على الأطلال ... عقدت حاجبيها بإصرار على أنها قوية .. "أنتِ قوية مريم، لن يؤثر بك هشام أو غيره .. أنتِ تعيشين لنفسكِ فقط" .. ظلت هكذا تشجع نفسها بالكلام قليلًا .. تسطحت على سريرها تحاول أن تلهي أفكارها عن أحداث اليوم وأتي على تفكيرها .. "ياسين المغربي" .. فهو على الرغم من أنه يبدو شخصٌ شديدٌ قليلًا إلا أنه لطيف بالنسبة إليها .. فقد سعدت اليوم بمحاورتهما .. يبدو أنه شخص مُتفهم، صارم يحب عمله .. يبدو ذكي جدا، كبيرٌ في السن قليلًا يبدو أنه في بداية الأربعينات، لكنه وسيم، و ذو أعين جذابه و....... وسعت عينيها بدهشه عندما إنتبهت لأفكارها السيئة ..
مريم بغضب من نفسها:"إيه إللي بتعمليه ده يا مريم؟؟ فوقي بقا .. فوقي."
تأففت بضيق وحاولت النوم ولكنها لم تستطع .. وتذكرت عرض ياسين لها ... وهو أن تقوم برعاية عماد .. لكنها هزت رأسها بنفيٍ ؛فذلك مستقبلها لن تترك العمل بالمشفى .. سوف تخبر ياسين بقرارها حينما تراه في المرة القادمة ... كان هشام يجلس بأحد المطاعم، ينتظر أحدهم طلب لنفسه مشروبًا .. نظر لساعته يحسب الوقت حتى أتت .. نظر لتلك الفتاة التي دخلت المطعم وإبتسمت له إبتسامة كبيرة وبادلها الإبتسامة، وإستقام من مقعده وعندما إقتربت منه..
؟؟ بسعادة:"هشام."
ضمته بشدة أما هشام بادلها بفتور .. إبتعدت ونظرت له بشكل كلي ..
؟؟:"إنت إتغيرت جدا .. إحنا بقالنا كام سنة ماتقابلناش؟"
هشام:"إقعدي إرتاحي يا رضوى .. إنتي لسه راجعة من السفر، هنتكلم على راحتنا ماتقلقيش، يلا إقعدى."
إبتسمت له رضوى وجلست قبالته؛ ثم نظرت لملامحه الهادئة أو المرهقة ...
رضوى بإستفسار:"مالك يا هشام؟؟ لما كنت بتكلمني كان صوتك باين منه إنك مخنوق، قولت لازم أرجع مصر بسرعة عشان أشوفك لإنك واحشني وتاني حاجة عشان أقدر أتكلم معاك، إحكيلي بقا .. مالك فيك إيه؟"
تنهد هشام ثم نظر لها قليلًا ولكنه لم يتحدث ..
رضوى بإستفسار:"يابني في إيه؟؟ مالك؟؟ ساكت ليه؟"
هشام بتنهيدة:"تتجوزيني؟"
...........................................................
تتقلب بسريرها بإستمرار .. قلقة ولا تستطيع النوم .. لا تعلم لماذا تشعر بالأرق ولماذا تشعر بإنقباضة قلبها .. وضعت يدها على مكان قلبها تحاول أن تهدأ ...
مريم بتوتر:"خير ... خير."
ظلت هكذا قليلًا حتى هدأت وغطت في نوم عميق ..
.....................
رضوى بعدم إستيعاب:"نعم؟"
هشام بهدوء وتكرار:"تتجوزيني؟"
ضحكت رضوى ضحكات عالية فهي لا تصدق .. هشام يعرض عليها الزواج؟؟ .. منذ متى وهشام صديق طفولتها يفكر بذلك الأمر نحوها؟؟؟ .... ظلت تضحك لعدة ثوانٍ لكنها صمتت عندما وجدت ملامحه جادة ...
رضوى بعدم إستيعاب:"إنت بتتكلم بجد؟؟؟"
هشام بهدوء:"بتكلم بجد ... وأتمنى إنك تسعديني بموافقتك .. *أغمض عينيه قليلًا ثم نظر لها* ... من صغرنا وأنا بتمنى إننا نكون سوا."
لا تدري لماذا هي سعيدة هكذا، هل لأنها قد نالت أخيرا ماتريده منذ البداية؟؟ ... هشام يريدها زوجةً له!! ...
رضوى بإستفسار:" طب إنت فاتحت أونكل طارق و بلقيس في الموضوع ده؟"
هشام بإبتسامة هادئة:"هما عارفينك كويس وبيحبوكي .. لما يلاقوني قررت إننا نتجوز هما أول ناس هيفرحولنا .. إنتي لحد دلوقتي ماقولتيش قرارك يا رضوى."
رضوى بإبتسامة رقيقة:"موافقة طبعا."
...........................................................
الفصل السادس
"بداية الحب إهتمام"
يقف عماد بمكانه وواضح بملامحه الضيق الشديد بسبب ياسين و مما فعله والذي إستنتجه من تلك الدماء التي كانت بملابسه مما يجعله متيقنًأ أنه قتل جمال ... هز رأسه بيأس وخذلان ونظر أرضًا يؤنب نفسه تأنيبًا شديدَا لأنه السبب في كل ذلك .. غاب ياسين بالداخل وكل المسموع هو أصوات طلقات النيران المستمرة .. نظر لساعة يده يحسب الوقت الذي تأخره وقلق عليه كثيرًا .. هدأ صوت إطلاق النيران ولكن ياسين لم يخرج .. إنتفض عماد عندما سمع صوت سيارات الشرطة تقترب من المكان وبدون وعي هرول سريًعا نحو ذلك المستودع للبحث عنه تاركًا تلك الفتاة الملقاة بجانب الشجرة وحيدة ... عندما دخل ذلك المكان وجده عبارة عن كومة من الجثث وبدأ بالبحث عن ياسين في غرف ذلك المستودع وبين تلك الجثث حتى وجده واقفَا ينظر أمامه بشرود .. شعر عماد بالهلع والفزع مما يراه حوله وكيف يقف ياسين هكذا وكيف فعل كل ذلك؟؟؟!!! .... إلتفت ياسين بهدوء بوجه وملابس مليئة بالدماء ولكن بالتأكيد تلك ليست دمائة، ونظر لعماد الذي ينظر له بخوف ..
عماد بخوف:"إنت عملت كل ده إزاي؟؟؟ ... إنت إزاي عرفت تعمل كل ده؟؟؟ ... إنت إزاي قتلت دول كلهم؟!!"
تحرك ياسين خطوة نحو عماد الذي إبتعد عشرة مقابلهم .. تحرك ياسين خطوة أخرى ولكنه ركع أرضًا من الألم الذي يشعر به ووضع يده في جنبه ونظر لعماد الذي ينظر له بالمقابل ...
ياسين بألم:"كان لازم ياخدوا جزائهم، قصتي ماينفعش تتكرر."
أغمض ياسين عينيه من الألم الذي يشعر به، هرول عماد نحوه سريعًا ..
عماد:"إسند نفسك عليا."
وبالفعل إتكأ ياسين على عماد وخرجا من المستودع في نفس الوقت الذي إنتشرت به الشرطة في المكان ... حاول عماد الإسراع قليلًا ليصلا إلى سيارته ويتحركا قبل أن تصل الشرطة لهما ولكن كبر سنه لا يساعده وأيضًا جسد ياسين فهو ثقيل بالنسبة لعجوز مثله .. إستفاقت الفتاة الصغيرة ووقفت في مكانها تنظر حولها .. وجدت نفسها وحيدة بالخارج ... لا تعلم أين تذهب وأين الشخص الذي حملها للخارج تحركت بتيه لعلها تجده في طريقها ويساعدها في العودة للمنزل .. تحركت عدة مترات بسيطة وتوقفت عندما وجدت أمامها رجال الشرطة والذين هرولوا نحوها سريعًا ... وصل عماد لسيارته ووضع ياسين الذي يعي لما حوله بنصف وعي للخلف ثم تحرك بسيارته، كان ياسين مستندًا برأسه على زجاج السيارة وهنا رأى الفتاة من على بُعدٍ وهي تركب إحدى سيارات الشرطة وهناك عددًا من الأطفال يركبون معها أيضًا، وهنا أغلق عينيه بهدوء وإستسلم للنوم ... ينظر بشرود من خلال نافذته الزجاجية .. يتذكر ما عانته زوجته ألفت بسبب خوفها من فقدانها إبنها ياسين مرة أخرى .. فقد هرولوا نحو المشفى لإنقاذه سريعًا قبل أن يفقد دماءًا كثيرة وقد أنقذوه ... يتذكر جيدًا كم ترجته ألفت ألا يؤذي ياسين .. يتذكر بكائها الشديد بسبب خوفها من فقدانه بأي شكل .. إستسلم لرجاء زوجته وبدأ بمتابعة قضية مقتل جمال دون أن يلاحظ أحد ذلك ولدهشته وصل الشرطة أن الهجوم الذي حصل بالمستودع ماهو إلا هجوم عصابات مما جعل الجميع موتى ... يتذكر جيدًا الكوابيس التي حلم بها ياسين بعد ذلك الحادث ... يتذكر صراخه بإسم والده ووالدته .. يتذكر صراخه وهو يعزم على قتل جمال في أحلامه .. ظلت كوابيس ياسين تُقلق راحته هو وأُلفت ومما يُدهشهم أيضًا أنه عاد لصمته الذي كان ملازمًا له منذ صغره ... وفي يوم ما ... خرج من جامعته حاملًا كتبه وبدلًا من أن يتجه لسائق عماد الذي ينتظره إتجه لطريقٍ آخر وتحرك السائق خفية خلفه .. دخل ياسين صالة رياضية كبيرة ولم يُلقِ التحية على أحد كعادته إتجه نحو خزانة ملابس معينة وقام بتغيير ملابسه وإرتدى ملابس رياضية بديلة .. وقام بربط كفي يده جيدا إستعدادًا للملاكمة ... وقف عماد أمام الصالة الرياضية التي أخبره بها سائقة ودخل الصالة وبدأ بالسؤال عن ياسين، ثم إتجه لصالة الملاكمة .. كان يتعرق بشده وهو يلكم حقيبة الملاكمة بقوة وكل ما يراه أمامه هو جمال وليس تلك الحقيبة .. يرى جمال أمامه وهو يقوم بإغتصاب والدته ... قام ياسين بضرب حقيبة الملاكمة مرة أخرى بغضب ... وكل مايسمعه هو صرخات والدته المستمرة ... ظل يضرب في حقيبة الملاكمة بكُرهٍ وشرٍ كبير ... مما لفت إنتباه جميع من بالصالة ونظروا له بتعجب وهو يضرب الحقيبة بغلٍ ..
عماد:"ياسين."
توقف عندما سمع صوت عماد ونظر له بنظرات خالية من الحياة...
عماد:"أنا محتاج أتكلم معاك .. لازم نتكلم أنا وإنت، ممكن نطلع بره؟"
تركه ياسين ثم إتجه لغرفة تبديل الملابس .. أما عماد تنهد بيأس وإنتظره بالخارج .. يجلسان بمطعمٍ يطُّل على النيل الذي كان ينظر له ياسين بشرود ..
عماد:"ياسين."
نظر له ياسين بهدوء منتظرًا حديثه ...
عماد:"أنا مقدر إنك واحد خسرعيلته .. وشوفت أهلك بيموتوا قدام عينيك ... بس ده مش مبرر للي إنت عملته."
قلب ياسين عينيه بملل وتأفف من حديثه ..
عماد بضيق حاول إخفاءه:"إحترم كلامي وإسمعني، أنا عارف إنك خايف، واللي بيحصلك ده من الخوف، بس أرجوك إهدى كده وإرجع ياسين إللي أنا عرفته من صغره."
كان ياسين ينظر لعمق عينيه وهو يتحدث ...
عماد:"أرجوك إرجع إبني إللي مسكت إيده وأنا داخل البيت وبقدمه لمراتي على إنه إبننا الجديد."
وهنا خرج ياسين عن صمته قائلًا ..
ياسين:"إنت عايش في أوهام كبيرة يا عماد."
عقد عماد حاجبيه بغضب من حديثه ...
عماد بغضب:" أنا عايز أعيش وأنا بالي مرتاح، أنا مش عارف أنام بسبب إني عارف إن في قاتل في بيتي، إرجع يا ياسين عن إللي إنت بتعمله، أنا مباقتش مطمنلك، القدر أنقذك من أول جريمة إنت عملتها .. من الآخر .. أنا مباقتش حابب وجود قاتل في بيتي، يا ترجع لعقلك يا تخرج بره بيتي."
ظل ياسين ينظر له بهدوء ... أما عماد كان يتنفس سريعًا نتيجةً لغضبه ...
عماد:"قولت إيه؟"
ياسين ببرود:"أنا فعلا واعي للي بعمله."
عماد برجاء:"يبقى أرجوك أنا محتاج أنام وأنا مرتاح، مش عايز أبقى خايف عشان في قاتل عايش معايا في نفس البيت."
همهم ياسين موافقا .... إستفاق عماد من شروده في ذكرياته وأغمض عينيه بإرهاق لا يعلم كم من الوقت ظل هكذا ... ضغط زر إستدعاء الخدم وقد أتى إثنين منهم، قام أحدهم بتحريكه بالكرسي أم الآخر جهز له الفراش لكي يستريح قليلًا ... تجلس بسريرها في غرفتها يملؤها الحزن مما حدث اليوم .. فقد رأت هشام .. رأت من حاولت أن تنساه تلك المدة ولكن رؤيتها له أثبتت أنها لم تنساه ... لا زالت تحبه ... هبطت دمعة من عينيها ولكنها قامت بمسحها سريعًا؛ فليس ذلك وقت البكاء على الأطلال ... عقدت حاجبيها بإصرار على أنها قوية .. "أنتِ قوية مريم، لن يؤثر بك هشام أو غيره .. أنتِ تعيشين لنفسكِ فقط" .. ظلت هكذا تشجع نفسها بالكلام قليلًا .. تسطحت على سريرها تحاول أن تلهي أفكارها عن أحداث اليوم وأتي على تفكيرها .. "ياسين المغربي" .. فهو على الرغم من أنه يبدو شخصٌ شديدٌ قليلًا إلا أنه لطيف بالنسبة إليها .. فقد سعدت اليوم بمحاورتهما .. يبدو أنه شخص مُتفهم، صارم يحب عمله .. يبدو ذكي جدا، كبيرٌ في السن قليلًا يبدو أنه في بداية الأربعينات، لكنه وسيم، و ذو أعين جذابه و....... وسعت عينيها بدهشه عندما إنتبهت لأفكارها السيئة ..
مريم بغضب من نفسها:"إيه إللي بتعمليه ده يا مريم؟؟ فوقي بقا .. فوقي."
تأففت بضيق وحاولت النوم ولكنها لم تستطع .. وتذكرت عرض ياسين لها ... وهو أن تقوم برعاية عماد .. لكنها هزت رأسها بنفيٍ ؛فذلك مستقبلها لن تترك العمل بالمشفى .. سوف تخبر ياسين بقرارها حينما تراه في المرة القادمة ... كان هشام يجلس بأحد المطاعم، ينتظر أحدهم طلب لنفسه مشروبًا .. نظر لساعته يحسب الوقت حتى أتت .. نظر لتلك الفتاة التي دخلت المطعم وإبتسمت له إبتسامة كبيرة وبادلها الإبتسامة، وإستقام من مقعده وعندما إقتربت منه..
؟؟ بسعادة:"هشام."
ضمته بشدة أما هشام بادلها بفتور .. إبتعدت ونظرت له بشكل كلي ..
؟؟:"إنت إتغيرت جدا .. إحنا بقالنا كام سنة ماتقابلناش؟"
هشام:"إقعدي إرتاحي يا رضوى .. إنتي لسه راجعة من السفر، هنتكلم على راحتنا ماتقلقيش، يلا إقعدى."
إبتسمت له رضوى وجلست قبالته؛ ثم نظرت لملامحه الهادئة أو المرهقة ...
رضوى بإستفسار:"مالك يا هشام؟؟ لما كنت بتكلمني كان صوتك باين منه إنك مخنوق، قولت لازم أرجع مصر بسرعة عشان أشوفك لإنك واحشني وتاني حاجة عشان أقدر أتكلم معاك، إحكيلي بقا .. مالك فيك إيه؟"
تنهد هشام ثم نظر لها قليلًا ولكنه لم يتحدث ..
رضوى بإستفسار:"يابني في إيه؟؟ مالك؟؟ ساكت ليه؟"
هشام بتنهيدة:"تتجوزيني؟"
...........................................................
تتقلب بسريرها بإستمرار .. قلقة ولا تستطيع النوم .. لا تعلم لماذا تشعر بالأرق ولماذا تشعر بإنقباضة قلبها .. وضعت يدها على مكان قلبها تحاول أن تهدأ ...
مريم بتوتر:"خير ... خير."
ظلت هكذا قليلًا حتى هدأت وغطت في نوم عميق ..
.....................
رضوى بعدم إستيعاب:"نعم؟"
هشام بهدوء وتكرار:"تتجوزيني؟"
ضحكت رضوى ضحكات عالية فهي لا تصدق .. هشام يعرض عليها الزواج؟؟ .. منذ متى وهشام صديق طفولتها يفكر بذلك الأمر نحوها؟؟؟ .... ظلت تضحك لعدة ثوانٍ لكنها صمتت عندما وجدت ملامحه جادة ...
رضوى بعدم إستيعاب:"إنت بتتكلم بجد؟؟؟"
هشام بهدوء:"بتكلم بجد ... وأتمنى إنك تسعديني بموافقتك .. *أغمض عينيه قليلًا ثم نظر لها* ... من صغرنا وأنا بتمنى إننا نكون سوا."
لا تدري لماذا هي سعيدة هكذا، هل لأنها قد نالت أخيرا ماتريده منذ البداية؟؟ ... هشام يريدها زوجةً له!! ...
رضوى بإستفسار:" طب إنت فاتحت أونكل طارق و بلقيس في الموضوع ده؟"
هشام بإبتسامة هادئة:"هما عارفينك كويس وبيحبوكي .. لما يلاقوني قررت إننا نتجوز هما أول ناس هيفرحولنا .. إنتي لحد دلوقتي ماقولتيش قرارك يا رضوى."
رضوى بإبتسامة رقيقة:"موافقة طبعا."
...........................................................
