اخر الروايات

رواية أسمنجون الفصل السادس 6 بقلم مريم عبدالقادر

رواية أسمنجون الفصل السادس 6 بقلم مريم عبدالقادر 

سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته
بقلم/ مريم محمد عبد القادر
(برسين (ابن القمر))
بعد عدة أيام كانت أيلا تشعر بتوعك شديد في معدتها بعد تناول العشاء فذهبت صديقتها العزيزة زمرد تسير في شوارع المدينة شبه مغلقة الحوانيت متجهة الي حانوت العطارة لتجلب لها دواء يخفف عنها ما تشعر به من ألم
وصلت زمرد أخيراً الى الحانوت الذي كان على وشك الإغلاق هو الآخر .. وطرقت على الباب بيدها الرقيقة طرقات خفيفة فتح إثراها صاحب الحانوت الباب الخشبي
كادت زمرد تلج الي الحانوت لولا وجه صاحبه الذي استوقفها في ذهول .. إنه الشاب المريب مرة آخرى .. أخيراً ألتقت به زمرد
فور رؤية زمرد لوجه الشاب قامت بإمساك كم ردائه بقوة خشية أن تفقد أثره مرة آخرى كالمرة السابقة
نظر الشاب الي زمرد وابتسم ثم تنحى جانبا قليلا ليسمح لها بالدخول الي الحانوت وهي لاتزال ممسكة بكمه
ببطئ وشيئا فشيئاً تركت زمرد كم ملابس الشاب بتردد ثم خطت بعض الخطوات الي داخل الحانوت وهي مثبته نظرها عليه رغم عدم رغبتها بإطالة النظر اليه فهو شاب غريب في نهاية الأمر
بعد دخول زمرد من الباب قام الشاب بإغلاقه ثم سار حتى وصل الي طاولة خشبية مستديرة جلس علي أحد كراسيها وأعاد النظر الي زمرد ثانيةً وهو يبتسم .. كان يبدوا هادئا للغاية وكأنه كان يتوقع قدومها بل بدى الأمر وكأنه كان ينتظر عثورها عليه
سارت زمرد متجهة الى الطاولة وفي نفسها شئ من الخوف والتوتر .. توقفت أمام الشاب ونظرت إليه بنظرات تحمل كل أسئلتها المعلقة
طرق الشاب على الطاولة طرقات هادئة طالبا من زمرد الجلوس ففعلت ثم بدأت بطرح أسألتها بسرعة وبصوت خائف بدون ترك فرصة له لكي يجيب عليها فطلب منها التمهل قليلا : تمهلي قليلا .. يمكنك سؤالي ما تشائين .. فلن أرحل كما فعلت سابقا .. المكان هنا هادئ ويمكننا التحدث فيه بكل حرية
زمرد : أولا من تكون أنت ؟
الشاب : أدعى برسين .. وأنا صاحب حانوت الأعشاب الطبية كما ترين
زمرد : لم أقصد هذا يا سيد برسين بل قصدت كيف تعرفني !؟ وكيف كنت في مكتبة السيد بهاء ؟ والآن أنت هنا أمامي .. كيف جئت الي هنا ؟
برسين : إنه الكتاب
زمرد : أي كتاب .. اتقصد الكتاب الذي أعطيتني إياه ذلك اليوم
برسين : أجل .. هو من ساعدني على الإنتقال إليك
زمرد : وماذا يكون هذا الكتاب ؟ ولماذا أعطيته لي ؟
برسين : اهدئي وسأشرح لك كل شئ
زمرد : آسفة .. تفضل
برسين: أولا أعرفك بنفسي في الحقيقة عملي هو مساعدة للمسافرين .. ليتمكنوا من أداء مهامهم المخولة إليهم
زمرد : أي مسافرين ؟ وأي مهام ؟
برسين : تقول الأسطورة " أن هناك أشخاص يسافرون من مكان لم يره أحد قط ويأتون الي مدن مختلفة ليقوموا بمهمة واحدة فقط ... تغير تلك المدينة "
زمرد : تغير ماذا ؟
نهض برسين وأتجه الي دولاب خشبي كبير وأحضر من على رفوفه العديد من الأغراض المختلفة .. قلادة وسهم صغير ذهبي وزجاجة صغيرة زرقاء وياقوتة حمراء مستديرة .. وغيرها من الأغراض .. وقام بوضعها فوق الطاولة الخشبية جنبا الي جنب .. ثم جلس مرة آخرى وأردف قائلا : هذه أغراض لمسافرين آخرين أتوا الي عالمنا من قبل .. وكنت أستخدم هذه الأدوات لأصل اليهم كما فعلت بالكتاب الخاص بك وكل واحد من هؤلاء المسافرين قام بإنهاء مهته وعاد الي وطنه والآن ستتكرر الأسطورة ثانيةً .. جاء دورك لتؤدي مهمتك وتغيري مدينة أسْمَنْجون العظمى
زمرد : وكيف أغيرها ؟
برسين : أسمنجون مليئة بالظلم وعليك رفع هذا الظلم عنها ونصرة المظلومين
زمرد : وإن لم أفعل ؟
برسين : ستبقين هنا حتى تموتي .. لقد حدث هذا مع بعض المسافرين الذين لم يتمكنوا من إنهاء مهامهم
زمرد : إذا لم أقم بالمهمة فلن أتمكن من العودة لعالمي أليس كذلك ؟ إذا كيف ارفع هذا الظلم ؟
برسين: هذا شئ عليك معرفته بنفسك يا آنسة ولكن عليك الإسراع فجسدك لن يحتمل البقاء هنا طويلا .. يمكنك معرفة هذا من التوباز في يدك فقد خفت لونه بالفعل
زمرد : كنت أريد سؤالك عن تلك الجوهرة بالفعل ؟
برسين : إنها جوهرة تظهر في يد المتطوعين للعمل في أسمنجون ويستدل بها الأطباء على صحة الشخص ومرضه فإذا امعنت النظر داخلها ستجدين سائل أزرق يتحرك في حركات بيضاوية وكلما قلت زرقة هذا السائل فهذا يعني أن الحالة الصحية لهذا الشخص في تدهور حتى تفقد الجوهرة لونها تماما بموت حاملها فتتلاشى من يده كأن لم تكن
زمرد : هذا ضرب من الجنون حقا إذا ماذا عن الكتاب .. انا لم أمتلك كتاب مثله يوما
ابتسم برسين وهو يحدق في الأرض ثم رفع رأسه ونظر الي زمرد وقال: ستفعلين ... قريباً
زمرد : لدي العديد من الأسئلة لك حقا ولكن لا يمكنني أن أسألك إياها اليوم فقد تأخر الوقت كثيرا وصديقتي مريضة وتنتظر عودتي إليها بالدواء
برسين : ماذا بها ؟
زمرد : إنها تشكي ألما شديداً في معدتها منذ تناول العشاء
قام برسين بجلب زجاجة صغيرة فيها سائل أخضر وقدمه الي زمرد وقال: ضعي القليل منه على كوب من الماء .. وقدميه لها وستكون بخير
زمرد : حسنا .. شكراً لك .. سأعود مرة آخرى لنكمل حديثنا
أخذت زمرد الزجاجة وسارت نحو الباب تريد الخروج لتعود الى صديقتها المريضة لكنها لم تسر الا بضع خطوات قليلة ثم ألتفتت تنظر الي برسين مرة آخرى وقالت : الصفحة الأخيرة من الكتاب كان ينبعث منها رائحةً عطرية هل تعرف مصدرها ؟
برسين : لماذا تسألين ؟
ترددت زمرد قليلا ثم قالت بعد صمت: هناك شخص يدعى ليڤون سمعت أنه قائد الجيش هنا .. كانت تفوح منه نفس تلك الرائحة
برسين : ماذا ؟ هل قابلتي قائد جيش المدينة ؟
زمرد : أجل قابلته عند الصائغ كان قادما لإصلاح جوهرة سيفه
نظر برسين الي زمرد وزفر بعمق ثم قال بإبتسامة حزينة :
بين اليدين الحجريتين يكمن باب الخروج والفارس الشهم سيساعد الجميلة التائة .. حظا موفقا لك أيتها الفارسة
لم تفهم زمرد معنى كلمات برسين تلك وعندما سألته عن معناها لم يجبها وبدى على وجهه أنه لن ينطق بأي كلمة آخرى فخرجت من الحانوت تهرول عائدة الي أيلا التي تنتظر الدواء
عادت زمرد الى أيلا وسقتها الدواء الذي أعطاه إياه برسين وقد كان دواء شديد المرارة شربته أيلا وغطت في نوم عميق.. وعلى السرير المجاور لها ظلت زمرد مستيقظة حتى الفجر تفكر فيما سمعته من برسين .. لقد أصبحت الأمور أكثر تعقيداً الآن
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close