رواية ورد الجناين الفصل الخامس 5 والاخير بقلم ميمي عوالي
فى مكتب المحاماة بغرفة الاجتماعات
كانت صفية تقف مشدوهة وهى تنظر لاسماعيل وهى تحاول استيعاب ماذكره لها عن حبه لها ولم تبدى اى رد فعل ولكنها لملمت أوراقها باضطراب قائلة : انا اتأخرت اوى ولازم امشى
ولكن اسماعيل وقف حائلا بينها وبين الخروج قائلا : يمكن تكونى فعلا اتأخرتى ، اتأخرتى انك تحسمى موقفك ياصفية
اسمعى ياصفية انا هكلمك بصراحة شديدة ، بس ياريت ماتاخديش كلامى على انى بقول كده عشان توافقى عليا ، لأ ...انا هقولك اللى هقوله لك ده عشان تهندلى حياتك و تعيشى وانتى رامية ورا ضهرك
صفية : عاوز تقول ايه يا استاذ اسماعيل
اسماعيل بابتسامة سخرية : رغم أننا كنا شيلنا الألقاب من مابينا من فترة ...بس اللى يريحك ، بس اقعدى واسمعينى
لتجلس صفية مكانها دون أن تنبث ببنت شفة
اسماعيل : انتى عيشتى عشر سنين من عمرك مع على ، وربنا ماقسملكوش انكم تخلفوا رغم أن انتم الاتنين ماعندكمش موانع ، لكن ده اكيد بسبب مايعلموش غير ربنا سبحانه وتعالى
طب هل ده هيتغير ..يعنى هل لو رجعتم لبعض هتخلفوا ، طبعا العلم عند الله ..بس اللى فهمتوا منك أن الدكاترة قالوا صعب ، يعنى المشكلة هتفضل هى هى من غير حل
طب سيبك من ده ، أهله …...والزن اللى كانوا بيزنوه هل هينتهى، هيبطلوا هما يتكلموا يعنى على الموضوع ده ، طبعا مش هيحصل ، يبقى اللى هنبات فيه هنصبح نلاقيه
طب بعيدا عن كل ده ، هتقدرى تنسيله أنه اتجوز غيرك ، هتقدرى ترجعى لحضن كان ضامم غيرك ياصفية
صفية وهى تنهض بدموع : كفاية ...انت عاوز منى ايه
اسماعيل : عاوزك لما تفكرى ، ماتفكريش بقلبك بس ، دخلى عقلك فى الحوار ياصفية ، اقوللك….اقعدى مع على واتكلمى معاه
صفية بسخرية : ومش خايف أن قلبى يحنله وارجعله تانى
اسماعيل بجمود : تبقى انقذتينى
صفية : من ايه
اسماعيل : من انى اوهبلك عمرى وقلبى وانتى قلبك لسه معاه، انا لما عرضت عليكى الارتباط كان لما فهمت منك أن اللى باقى فى قلبك لعلى حب العشرة ، وانا صرحتلك بحبى فى الوقت ده بالذات عشان تحسى بالقوة ، وانك مش ضعيفة قدامه
انتى لسه صغيرة وجميلة والف مين يتمناكى ،لازم تفهمى ده كويس
صفية بدهشة : افهم ايه
اسماعيل : انك مرغوبة ياصفية ، صدقينى لو بصيتى حواليكى هتلاقى نظرة الاعجاب فى اللى حواليكى ..انتى شخصيتك جميلة بتاخد القلب
صفية بشرود : انا ماباقيتش عارفة انت عاوز توصللى ايه
اسماعيل : مش عاوزك ترجعى لعلى على أنه الاختيار الوحيد ، عاوزك تفردى جناحاتك وتطيرى ..حتى لو هتحطى على غصن تانى غير غصنى ، بس تبقى مبسوطة من جواكى وسعيدة
لتشرد صفية فى سنوات عمرها التى قضتها بصحبة على ، وكم كانت ساعات سعادتهما محدودة ومقتصرة على تواجدهما بمفردهما دون أن يشاركهما احد من أهله فوقتها كانت سعادتها تقفز من فوق أعلى الجبال ، أحبته وأحبها ولم يكفيه حبها ولم يصمد لها حبه ، لتتنهد صفية بصوت عالى وهى تنتبه بأنها أصبحت وحيدة بالغرفة فقد لملم اسماعيل أوراقه وانصرف وتركها لتفكيرها ، لتنصرف هى الأخرى إلى مكتبها
……………………
فى منزل حكيم مساءا
يجلس الجميع يتناولون طعام العشاء بين مشاغبات نوارة ووالدها وكانت ورد تتابعهم بابتسامة واسعة وهى تراقب صفية وشرودها بين فينة وأخرى
ورد وهى تميل هامسة باذن صفية : مالك ياصافى ….ايه اللى واخد عقلك
صفية وهى تنتبه على حديث ورد : ابدا هبقى احكيلك بعدين
لتنظر ورد الى حكيم وهى لازالت تهمس لصفية : هو حكيم قاللك حاجة
صفية : لسه
لتزوى ورد بين حاجبيها ، لتكمل صفية : بس عرفت
ورد بدهشة : من مين
صفية : بعدين ...هحكيلك بعد العشا
حكيم بتنمر وهو ينظر إليهما : بتتفقوا على مين يا بلاوى
صفية بدعاية : عليك ياحبيبى طبعا ...هو احنا لينا غيرك
حكيم وهو ينظر بمكر لورد : انا قلبى وعقلى كله لورد الجناين
ورد ضاحكة : لأ العب غيرها
حكيم وهو يدعى الدهشة : ايه ده ..هو انتى غيرتى خطة الاسعار
ورد بمشاكسة وهى تنهض وتلملم المائدة بمساعدة صفية : اومال لأ...اومال طبعا ، البورصة كل يوم فى حال ياصديقى
حكيم وهو يوجه الكلام لنوارة : عاجبك كده
نوارة وهى تجرى من أمامه : انا مع اللى هيكسب يا بأبى
ليخرج حكيم رأسه ذات اليمين وذات اليسار بقلة حيلة ويقول وهو يتجه لغرفته : انا معايا قضية محتاجة اقعد اراجعها شوية ، ياريت لو فنجان قهوة يا ورد من فضلك
ورد باستنكار : انت هتقفل على نفسك من دلوقتى ..بقى ده اللى اتفقنا عليه
حكيم بدفاع : انا بس هراجع حاجة على ما انتو تخلصوا اللى هتعملوه
ورد بغيظ : روح ياحكيم ..روح ...مافيش فايده
صفية بسخرية وهى تصف الاطباق بألة جلى الصحون : ايه ….هرب منك برضة
ورد بتنهيدة : حكيم هيفضل حكيم ... طول عمره اللى فى دماغه فى دماغه
صفية وهى تضع يديها على خصرها وتسأل ورد بحدة زائفة : وانتى بقى عرفتى من امتى
ورد بابتسامة : من شهرين
صفية باستغراب : شهرين ازاى وهو لسه رايح لبابا امبارح
ورد بصدمة : هو اسماعيل سافر لعمى
صفية باستنكار وهى تنظر لورد بنصف عين : انتى بتتكلمى على ايه ، واضح أن مواضيعنا مختلفة
ورد بلجلجة : طب قوليلى انتى الاول وانا مش هخبى عليكى حاجة
لتنفخ صفية وهى تجلس على كرسى وتستند على مائدة المطبخ الصغيرة وتقول : هقوللك ،بس انتى كمان ماتحكيش لحكيم حاجة دلوقتى لغاية ما اخد قرار نهائى
ورد : ماشى ..قولى
لتقص عليها صفية كل ما قد دار بينها وبين اسماعيل وبعد أن فرغت من حديثها سألت ورد قائلة : انا ليه حساكى كنتى عارفة
ورد بابتسامة : انا فعلا كنت عارفة ، بس ماقلتلكيش لأن حكيم كان عاوز الخطوة دى تيجى من اسماعيل ، بصى ياستى ...اسماعيل طلبك من حكيم من شهرين وقال له أنه بيحبك وعاوز يرتبط بيكى ، بس حكيم كان رأيه أن يسبب اسماعيل يقرب منك بشويش عشان تقدرى تاخدى قرار عن اقتناع سواء بالموافقة أو بالرفض
أما بقى موضوع أن على عاوز يرجعلك ..فده عرفناه امبارح بالليل وبصراحة حصل مشكلة بينى وبين حكيم بسببها
صفيه بدهشة : وليه بقى
ورد : لأن حكيم قال لوالدك يرفض ، وانا هاجمته وقلتله أن مش من حقه أنه ياخد قرار بالنيابة عنك ، وشدينا شوية ، بس فى الاخر قاللى أنه هياخد رأيك النهاردة ، واديه هرب على أوضته
صفية : امممم فهمت ، بس انتى هاجمتيه ليه ، انتى شايفة انى أوافق ارجع لعلى
ورد بحزم : لأ طبعا
صفية : الله ...اومال ايه
ورد : المبدأ فى حد ذاته ، كل واحد لينا له شخصيته المستقلة ، لازم تاخدى قرارك بنفسك عشان ماترجعيش ترمى مسئولية التبعية على اكتاف حد تانى
صفية : يعنى عاوزانى انا اللى اقول لأ
ورد : برضة لأ ...انا عاوزاكى تفكرى وتاخدى قرار وانتى مقتنعة بيه ، هل انتى عندك استعداد ترجعى لعلى تانى
صفية دون تردد : لأ
ورد : هو ده اللى انا عاوزاه ، عاوزة عمى لما يرد عليه يقول له صفية رفضت ترجعلك، مايقوللوش اخوها مش موافق ، عاوزاكى تقفلى الباب بنفسك ، ماتسيبيهوش موارب وكل شوية يدخللنا ريح تمرضنا وتضايقنا واحنا فى غنى عنها
حكيم وهو يستند بكتفه على باب المطبخ : وفيها ايه يعنى لو كنتى فهمتينى قصدك ده من امبارح بهدوء بدل الزعابيب اللى طلعتيها على جتتى من غير داعى
ورد وهى تلتفت إليه بغيظ : علموكم فى بلدكم انك تقف تتسنط كده
حكيم وهو يرفع يديه لأعلى : اتسنط ايه .. انا لقيت نفسى هنام وماعملتيليش القهوة ، قلت اجى اعملها انا ، سمعتكم ، بس ….هو ده اللى حصل
ورد بسخرية : امممم ، وسمعت من اول فين يامتر
حكيم وهو يحك رقبته باحراج ويجلس أمامهم : من اول ماكانت بتحكيلك على اللى حصل فى المكتب ياسيادة المستشار
صفية : وانت ايه رأيك ياحكيم
حكيم بحنان : دى حياتك انتى وقلبك انتى ، وانتى الوحيدة اللى تقدرى تاخدى قرار فى الموضوع ده زى ماقالت ورد
صفي. : انا عاوزة رأيك ،مش قرارك ياحكيم
حكيم : لو على رأيى، طبعا انا شايف أن رجوعك لعلى درب من الجنون ، لانك هتبقى عاملة زى اللى عارف ان الجحر مليان تعابين ورايح يحط أيده ورجله كمان جواه
أما بخصوص اسماعيل ، فهو كان صريح معاكى فى كل كلمة قالها لك ، اسماعيل تعب واتصدم فى حياته زيك يا صفية
اسماعيل صاحبى من حوالى عشرين سنة من واحنا فى أولى جامعة ، أخلاقه عالية جدا وعلى فكرة مش سهل ابدا انك تلاقيه يتدخل فى حياة حد ، لكن انا لما لقيته بيتكلم معاكى ولاحظت اهتمامه بيكى وبحياتك ، لمحت فى عينه لمحة حب وتمنى ليكى
لو عن نفسى هجوزهولك وانا مغمض ، لكن الوضع هناهيختلف لظروفكم انتم الاتنين ، انتى كانت ليكى تجربتك وهو كمان ...كان له تجربته ، وانتو الاتنين خرجتم مجروحين
هو شايف انك عوض ربنا ليه ، لكن لو انتى ياصفية مش شايفه كده ...يبقى بلاش ، انتى اختى وحيييتى ويهمنى سعادتك ، لكن كمان يهمنى سعادته ، وإسماعيل لو حس لحظة انك اتجوزتيه وانتى لسه قلبك مع على ….. هتبقى ضربتيه فى مقتل
صفية بدفاع : انت عارف ان اختك لايمكن تعمل كده
حكيم بحنان : عارف ياحبيبتى بس برضة واجبى انى انبهك ، وحبيت أن اسماعيل هو اللى يتكلم معاكى بنفسه ، عشان تقدرى تفهمى دماغه كويس
وعموما خدى وقتك وفكرى براحتك بس لازم تردى على الحاج النهاردة فى موضوع على ، وياريت لو تعرفينى قرارك النهائى
صفية : انا كلمت بابا من بدرى وبلغته رأيى
حكيم بدهشة : وماقلتليش يعنى
صفية وهى تقلده : مانت برضة ماكنتش قلتلى يعنى
حكيم : نظام واحدة بواحدة ...ماشى ، ادينى المفيد .. قلتيله ايه
صفية : قلتله انا لا يمكن ارجع لعلى تانى
حكيم بابتسامة واسعة يجذبها إليه ويقبل رأسها قائلا : عوض ربنا هيبقى اكبر بكتير أن شاء الله
لتومئ صفية برأسها وهى تقول : أن شاء الله
ورد وهى تحاول تغيير الموضوع : وان شاء الله هنروح كلنا الشغل بكرة متأخرين ، ياللا انت وهى عاوزين ننام
صفية وهى تنظر للساعة المعلقة أمامها : الساعة لسه ماجاتش عشرة
ورد وهى تشهق بصوت عالى : نوارة مختفية من ساعة العشاء ..ربنا يستر ماتكونش عملت كارثة من كوارثها
ليسرع الجميع إلى غرفة الاطفال ليجدوا نوارة وبيدها كتابها الذى يحوى القصص المصورة وتجلس أمام زين وهو بفراشه الهزاز وهو يوليها كل اهتمامه بينما هى تقرأ له قصة ما مع حركات تمثيلية بيدها ووجهها لتتحول معالم وجه زين مع كل حركة وكأنه يفهم ما تقصه عليه
ليقف الجميع بباب الغرفة مشدوهين مما يحدث أمامهم بينما يضم حكيم ورد بيده ويقبل رأسها هامسا : المنظر ده مابيفكركيش بحاجة
ورد بحب : بيفكرنى لما كنت صغيرة وتقعدنى فى المرجيحة اللى فى الجنينة وتقعد تحكيلى حواديت انت وصفية عشان مااعيطش وأسأل على بابا وماما الله يرحمهم
صفية وهى تدخل الغرفة وتغلق الباب أمام وجههم : طب ياللا اتكلوا على الله انتو وذكرياتكم وسيبوا العيال لعمتهم عشان عاوزين ننام
لتمنعها ورد سائلة إياها : طب مش تقوليلنا الاول قررتى ايه
صفية : بكرة أن شاء الله ارد عليكم
……………………….
فى مكتب المحاماة باليوم التالى
كان هناك اجتماع دورى يعقده حكيم وإسماعيل لبقية زملائهم الذين يعملون تحت إشرافهم أو تحت التمرين
وكانت القاعة تحوى الجميع ماعدا صفية والتى كانت تبحث عنها عينا اسماعيل فى كل لحظة ، وظن أنها سوف تمتنع عن الحضور إلى المكتب بسبب تصريحه بحبه إياها
فكان يجلس معهم بجسده أما روحه وعقله وقلبه فكانوا يحلقون بعيدا عنه حتى أنه قد شعر بضيق فى أنفاسه واجتاحه غضب شديد من نفسه ومنها
حتى سمع طرقات على باب الغرفة لينفتح وتطل منه صفية برأسها تعتذر عن تأخرها وتبرره بأنها كانت تجلب لهم بعض الاحتياجات المكتبية وأخذت توزع على الجميع وتعطى لكل منهم طاقم راقى يحتوى على قلم و نوت وحافظة ملفات غاية فى الذوق العالى ولاحظ اسماعيل أنها فوتته ولم تعطيه مثل الباقين رغم أنها أعطت مثله لأخيها واحتفظت لنفسها باكثر من نسخة ولكنه لم يعلق على الأمر واعتبر بأنها بذلك تغلق باب الحوار فيما بينهم
ليستكمل حكيم الاجتماع وسط نظرات اسماعيل اللائمة لها والتى تتعمد عدم النظر إليه رغم أنها جلست بمقابله وجها لوجه ولكنها لم تخطئ ولو مرة واحدة بالنظر اليه وبعد مايقرب من الخمسة عشر دقيقة ووسط النقاش وتوزيع القضايا ينهض اسماعيل من مكانه قائلا : معلش ياحكيم ..انا هضطر اسيبكم تكملوا من غيرى
حكيم وهو ينظر إليه بشفقة وهو يخمن ما من الممكن أن يكون بخلده فى تلك اللحظة : انت كويس
ليحرك اسماعيل رأسه يمينا ويسارا ثم يتجه إلى الخارج ، لينهى حكيم الاجتماع وهو يحاول اللحاق باسماعيل ولكن صفية أوقفت حكيم وحاولت تعطيله حتى خرج جميع من بالغرفة ثم قالت له : سيبنى انا اروحله
حكيم : خدتى قرار
لتومئ صفية رأسها بابتسامة خجل
حكيم بامتعاض : طب لما هو كده كان لزمته ايه الحركة اللى عملتيها دى
صفية باستغراب: حركة ايه
حكيم : انك توزعى على الكل النوت والاقلام وماتديهوش
صفية : كنت عاوزة اديهاله واحنا لوحدنا
حكيم : بس هو كده فكر انك بتوصليله رسالة بانك مش عاوزة تتعاملى معاه ولا حتى فى الشغل
صفية شاهقة : ياخبر ….. انا ماقصدتش كده خالص
حكيم بسخرية : طب روحى ياختى شوقى هتعملى ايه
لتذهب صفية إلى مكتب اسماعيل وتطرق الباب لتتفاجئ به يخرج مندفعا ليصطدم بها بقوة حتى وقع مابيدها و كادت أن تقع ارضا لولا أن تماسكت واستندت بيدها على الحائط بتأوه
وما أن تماسكت حتى نظرت إليه باستنكار قائلة : ايه ياعم ، قطر ماشى ، ما بالراحة
اسماعيل وهو يطمئن عليها بعينيه : اتخبطتى جامد
صفية بابتسامة : مش اوى ، ثم وهى تنحنى للملمة ما بعثر على الأرض وجدت اسماعيل ينحنى بسرعة ويجمع ماكان بيدها وينفخ من عليهم وكأن شيئا قد علق بهم ويعطيها إياها بأسف واجم قائلا : معلش ماتأخذنيش اصل ورايا مشوار مهم وكنت مستعجل
صفية بابتسامة مشاغبة : ايه ده ، يعنى مش فاضيلى نتكلم سوا
اسماعيل وهو يزوى مابين حاجبيه باستغراب : انتى عاوزة تتكلمى معايا انا
صفية بتنهيدة: أيوة ...وموضوع مهم ، بس لو انت فعلا وراك حاجة مهمة مش مشكلة استناك لما ترجع
اسماعيل وهو يدخل لغرفة مكتبه مرة أخرى ويدعوها للدخول : لا مش مشكلة انا ممكن ااجل المشوار شوية
لتدخل صفية من وراءه بابتسامة وتتجه إلى المقعد أمام مكتبه لتجده هو الآخر قد ترك مقعده خلف المكتب وجلس أمامها قائلا بهدوء: خير ياصفية انا سامعك
لتقدم له صفية طاقما مكتبيا مثل الآخرين ولكنه لاحظ أنه مختلف اللون حتى عن اللون الذى قد أعطته لحكيم ، فقد قدمت للجميع اطقم باللون البنى والذى يتماشى مع ديكورات المكتب بصفة عامة ، أما حكيم فكان طاقمه باللون الاسود ، ولاحظ أنه تبقى معها طاقمين بلون حجر الياقوت ،وقد قدمت إليه أحدهما
اسماعيل وهو يتناوله من يدها : مااديتهوليش جوة ليه زى الباقى
صفية : حبيت اقدمهولك لوحدنا وانا بقولك على قرارى
حكيم وهو يشعر بدقات قلبه تتسارع : وياترى ايه هو قرارك
صفية : انا موافقة
حكيم بفضول : على انهى عرض فيهم ياصفية
صفية : على انك تحبني يا اسماعيل
حكيم باستغراب : احبك
صفية بتنهيدة : أيوة يا اسماعيل ..تحبنى .. وموافقة على الجواز وانا مافيش فى قلبى مكان لحد غيرك ، مش هكدب واقول انى بحبك ، لكن هقولك انى بحب اقعد واتكلم معاك ، بحب منطقك وأسلوبك ، بحب عقلك وأوقات حكمتك فى معالجة الأمور ، بحس براحة لما افكر فى حاجة والاقى رأيك انت بالذات زى رأيى حتى اكتر من رأى حكيم
فياترى هتقدر تبتدى حياتك معايا على الاساس ده
اسماعيل بابتسامة أمل : وانا عمرى ماحلمت حتى بنص ده ..وانا متاكد انى هقدر اقتحم قلبك واسكن جواه ، بس عملتى ايه فى موضوع على
صفية : كلمت بابا امبارح اول ماخرجت من المكتب وبلغته انى قفلت الموضوع ده من يوم طلاقى وانى لا يمكن افتحه تانى ابدا
ليبتسم اسماعيل ويهب واقفا ويقول : طب ياللا على اخوكى عشان نحدد معاد كتب الكتاب
صفية : ومشوارك … مش قلت عندك مشوار مهم
اسماعيل : حاليا مافيش اهم من انك تبقى على أسمى يابنت عم عتمان
…………………..
بعد مرور خمس سنوات ..وفى منزل عتمان
تجلس صفية وهى منتفخة البطن وتمسك بين يديها حاسوبها المحمول وتحدث اسماعيل على أحد برامج الانترنت قائلة : انا بعتتلك كل النقط المهمة اللى طلعتها وبعتتلك كمان مسودة للمرافعة .. تقدر انت بقى تراجعهم وتشوف هتعمل ايه وربنا معاك ياحبيبى أن شاء الله
اسماعيل بحب : خلاص ياحبيبتى ماتقلقيش ، كله هيبقى تمام
صفية بحب : انا عارفة انى متقلة عليك من فترة بس سامحنى ، غصب عنى
اسماعيل : حبيبتى انا مش فارق معايا تعبى ، انا اللى فارق معايا بصحيح بعدك انتى وزينة عنى ...ماتتصوريش انتو واحشنى قد ايه
صفية : انت اكتر ياحبيبى ، بس اعمل ايه ...الحمل المرة دى تاعبنى اوى ، بس أن شاء الله هانت
اسماعيل ضاحكا : ااه ، وحكيم باشا اللى مبلط عندكم ده مش نأوى يخف الاستهبال شوية ويرجع
ليختطف حكيم الحاسوب من على قدم أخته وهو يضحك ويقول : انا ياحبيبى ماقدرش ابعد عن مراتى وولادى
اسماعيل : يامحترم المفروض انا اللى ابقى جنب مراتى اللى على وش ولادة دى مش انت ، خلى عندك دم
حكيم ضاحكا : خلص اللى فى ايدك ياحلو وانصرف وتعالى
اسماعيل : انت بتقول فيها ماهو ده اللى هيحصل وهقعد على قلبكم لطولون
ليأتى زين من الخارج وهو يمسك بيده بحنان شديد زينة ابنة صفية والتى كانت تبكى بطفولة محببة ، ليتقدم من عمته ويقول : عمتو ...زينة زعلانة عشان عمو اسماعيل مش هنا خليه ييجى وانت يابابا لأعبها شوية لحد ما تضحك وعمو ييجى
ليحمل حكيم ابنة أخته بمرح ويبدأ فى دغدغتها حتى انهمكت فى الضحك وبدت السعادة على وجه زين لضحكات زينة ليغمز حكيم بعينه الى ورد قائلا بمشاغبة : والله زمان يا عسل
ليقول عتمان بهدوء يناسب عمره الذى تخطى السبعين ببضع سنوات : التاريخ بيعيد نفسه يا اولاد ...ربنا يعينكم ويسعد قلوبكم
حكمت : الا صحيح ياحكيم ، هو انت مابتشوفش على
حكيم وهو ينظر لأعلى بقلة حيلة : وماله على بس يا امى
حكمت: يابنى بسألك سؤال ، رد وخلاص .. الله
حكيم : بشوفه يا امى
حكمت: ما اتجوزش تانى
حكيم : اتجوز تالت يا امى من اربع شهور ، وسمعت أن مراته حامل ، ربنا يتملها على خير
صفية بفرحة : بجد ياحكيم
حكيم بابتسامة : أيوة يا ام قلب حنين بجد
صفية بابتسامة : ربنا يطعمه مايحرمه يارب ، دعيتله وانا بولد زينة أن ربنا يرزقه
عتمان : طول عمرك قلبك حنين ياصفية
صفية : العشرة ماتهونش برضة يابابا
حكمت : الله يرحمها أمه ، اهى فضلت تحرب عليه وفى الاخر ….ياللا ..الله يرحمها
ورد : المهم ياصفية ، انا كلمت الدكتورة اللى هتولدك واتفقنا انك هتولدى على الأسبوع اللى جاى أن شاء الله ، عشان هتولدى قيصرى طبعا زى اول مرة ، فمش هينفع تستنى عليكى للآخر وعشان ضغطك ياهانم اللى على طول عالى ده ، وعاوزة تبص عليكى يوم الخميس ، فهنوديكى انا وحكيم أن شاء الله
صفية بابتسامة: ربنا يخليكم ليا ، بس أن شاء الله اسماعيل يكون هنا
حكيم : ماشى ماشى ...إذا حضر الماء بطل التيمم
صفية ضاحكة ،: مابلاش انت بالذات ياحكيم
حكيم ضاحكا بشدة : لا يا اختى ، انا على طول بتوضى مابتيممش انا ...ليضحك الجميع وهم
يتمنون دوام السعادة وراحة البال
……………………
يجلس حكيم مساءا بحديقة المنزل وتجلس ورد بجواره وهم يتمتعون بنسمة المساء وصفو السماء وكان القمر مضيئا والنجوم متلئلئة وواضحة بعيدا عن التلوث والضوضاء
ورد : تعرف انى لما باخد اجازتى يبقى سعيدة جدا لانى هقضيها هنا ، وكل أصحابى يقعدوا بتتريقوا عليا ويقولولى اللى يشوف سعادتك دى يفكرك مسافرة برة مش رايحة الصعيد ..بس انا بحب هنا اوى
حكيم بابتسامة : وياترى ليه
ورد : اولا طبعا عشان عمى وماما ، ثانيا عشان ده المكان اللى قضيت فيه احلى سنين عمرى ، وثالثا بقى الهدوء ونضافة الجو والناس الطيبة
ثم نظرت لحكيم وقالت : بذمتك ماعنديش حق
حكيم : عندك حق طبعا
ورد : طب وانت مش بتبقى مبسوط
حكيم : رغم انى عندى اسباب تانية لكن اكيد ببقى مبسوط وجدا كمان
ورد : وياترى ايه بقى الأسباب دى
حكيم بحب : انتى
ورد بخجل لم يتغير لحظة منذ احبها : انا ….
حكيم بتنهيدة وهو يضمها تحت جناحه بحب : لما بحاول افتكر ذكرى حلوة ليا هنا وانتى مش فيها مابلاقيش ، كل ذكرى حلوة ليا انتى كنتى فيها ، أو تقدرى تقولى أن عقلى اختزل كل ذكرياتي عليكى انتى وبس
ثم اكمل بتنهيدة عميقة : لما سافرتى تعملى الرسالة بتاعتك وبعدتى عنى ، اكتشفت انك بالنسبة لى زى الماية ، اللى الواحد من غيرها ينشف ويموت ، طول فترة سقرك كنت عامل زى فرع الشجرة اللى فى فصل الخريف ...ناشف ومستنى شوية مطرة يندوا عوده ويحييوه
تعرفى ….كنت كل يوم احلم بيكى وانتى بتبصيلى بلوم وعتاب من غير ماتكلمينى وتسيبينى وتمشى وابقى عامل زى العيل التايه اللى ماشى يدور على عنوان بيتهم ومش لاقيه
كنت تعبان اوى من غيرك ياورد الجناين ، وعشان كده قررت انى ما ابعدش عنك تانى ابدا مهما كان التمن
لتقبله ورد بوجنته قائلة ربنا يخليك لورد ياقلب ورد من جوة ، بس هو انت ليه كنت دايما تقوللى ورد الجناين
ليشرد حكيم قليلا ثم يقول : واحنا صغيرين لو تفتكرى كنا دايما بنروح نقعد عند شجر الورد اللى فى الحوض القبلى وكنتى دايما تطلبى منى اقطفلك ورد وتقوليلى هات ورد لورد ياحكيم
وفى يوم كنتى انتى تعبانة وسخنة وماقدرتيش تروحى معايا فروحت اجيبلك الورد اللى بتحبيه ، يومها لما بصيت للورد ماحسيتوش بنفس جماله اللى كنت دايما بشوفه بيه ، حسيت أن انتى اللى كنتى بتزينيه وانتى وسطيه وبتحليه ، ولقيت أن انتى احلى وردة فى الجناين كلها وعشان كده بقيت اقوللك ياورد الجناين
ماكنتش وقتها عرفت ولا فهمت انك هتبقى ورد قلبى وشريكة عمرى وام ولادى
لينظر لها قائلا بهيام : سامحتينى على البعد
ورد : عمر قلبى مابات ليلة من غير مايكون مسامحك
حكيم : حتى وقت ماكنا بعاد عن بعض
ورد بابتسامة : حتى وقتها كنت مسامحك وبدعيلك
حكيم : كنتى بتدعيلى بايه بقى
ورد : أن ربنا يريح قلبك وييسر لك سفينتك
حكيم باستغراب : سفينتى
ورد : طبعا ، كل واحد مننا بيبقى ماشى فى الدنيا دى زى السفينة، شايلة حمولتها وماشية فى البحر مش عارفة أن كانت هتوصل للميناء بتاعتها واللا لا ، بس لكل سفينة قبطان بيحاول يسيرها ، وانت قبطان سفينتك ، لازم بيقابلك موج عالى ويمكن رياح واعاصير، صحيح بتعمل اللى عليك بس انت ونصيبك فى سكتك
حكيم بابتسامة : ده انتى طلعتى فيلسوفة يابنت عمى
ورد بسعادة : انا اسعد فيلسوفة على ضهر سفينتك يا ابن عمى
فى مكتب المحاماة بغرفة الاجتماعات
كانت صفية تقف مشدوهة وهى تنظر لاسماعيل وهى تحاول استيعاب ماذكره لها عن حبه لها ولم تبدى اى رد فعل ولكنها لملمت أوراقها باضطراب قائلة : انا اتأخرت اوى ولازم امشى
ولكن اسماعيل وقف حائلا بينها وبين الخروج قائلا : يمكن تكونى فعلا اتأخرتى ، اتأخرتى انك تحسمى موقفك ياصفية
اسمعى ياصفية انا هكلمك بصراحة شديدة ، بس ياريت ماتاخديش كلامى على انى بقول كده عشان توافقى عليا ، لأ ...انا هقولك اللى هقوله لك ده عشان تهندلى حياتك و تعيشى وانتى رامية ورا ضهرك
صفية : عاوز تقول ايه يا استاذ اسماعيل
اسماعيل بابتسامة سخرية : رغم أننا كنا شيلنا الألقاب من مابينا من فترة ...بس اللى يريحك ، بس اقعدى واسمعينى
لتجلس صفية مكانها دون أن تنبث ببنت شفة
اسماعيل : انتى عيشتى عشر سنين من عمرك مع على ، وربنا ماقسملكوش انكم تخلفوا رغم أن انتم الاتنين ماعندكمش موانع ، لكن ده اكيد بسبب مايعلموش غير ربنا سبحانه وتعالى
طب هل ده هيتغير ..يعنى هل لو رجعتم لبعض هتخلفوا ، طبعا العلم عند الله ..بس اللى فهمتوا منك أن الدكاترة قالوا صعب ، يعنى المشكلة هتفضل هى هى من غير حل
طب سيبك من ده ، أهله …...والزن اللى كانوا بيزنوه هل هينتهى، هيبطلوا هما يتكلموا يعنى على الموضوع ده ، طبعا مش هيحصل ، يبقى اللى هنبات فيه هنصبح نلاقيه
طب بعيدا عن كل ده ، هتقدرى تنسيله أنه اتجوز غيرك ، هتقدرى ترجعى لحضن كان ضامم غيرك ياصفية
صفية وهى تنهض بدموع : كفاية ...انت عاوز منى ايه
اسماعيل : عاوزك لما تفكرى ، ماتفكريش بقلبك بس ، دخلى عقلك فى الحوار ياصفية ، اقوللك….اقعدى مع على واتكلمى معاه
صفية بسخرية : ومش خايف أن قلبى يحنله وارجعله تانى
اسماعيل بجمود : تبقى انقذتينى
صفية : من ايه
اسماعيل : من انى اوهبلك عمرى وقلبى وانتى قلبك لسه معاه، انا لما عرضت عليكى الارتباط كان لما فهمت منك أن اللى باقى فى قلبك لعلى حب العشرة ، وانا صرحتلك بحبى فى الوقت ده بالذات عشان تحسى بالقوة ، وانك مش ضعيفة قدامه
انتى لسه صغيرة وجميلة والف مين يتمناكى ،لازم تفهمى ده كويس
صفية بدهشة : افهم ايه
اسماعيل : انك مرغوبة ياصفية ، صدقينى لو بصيتى حواليكى هتلاقى نظرة الاعجاب فى اللى حواليكى ..انتى شخصيتك جميلة بتاخد القلب
صفية بشرود : انا ماباقيتش عارفة انت عاوز توصللى ايه
اسماعيل : مش عاوزك ترجعى لعلى على أنه الاختيار الوحيد ، عاوزك تفردى جناحاتك وتطيرى ..حتى لو هتحطى على غصن تانى غير غصنى ، بس تبقى مبسوطة من جواكى وسعيدة
لتشرد صفية فى سنوات عمرها التى قضتها بصحبة على ، وكم كانت ساعات سعادتهما محدودة ومقتصرة على تواجدهما بمفردهما دون أن يشاركهما احد من أهله فوقتها كانت سعادتها تقفز من فوق أعلى الجبال ، أحبته وأحبها ولم يكفيه حبها ولم يصمد لها حبه ، لتتنهد صفية بصوت عالى وهى تنتبه بأنها أصبحت وحيدة بالغرفة فقد لملم اسماعيل أوراقه وانصرف وتركها لتفكيرها ، لتنصرف هى الأخرى إلى مكتبها
……………………
فى منزل حكيم مساءا
يجلس الجميع يتناولون طعام العشاء بين مشاغبات نوارة ووالدها وكانت ورد تتابعهم بابتسامة واسعة وهى تراقب صفية وشرودها بين فينة وأخرى
ورد وهى تميل هامسة باذن صفية : مالك ياصافى ….ايه اللى واخد عقلك
صفية وهى تنتبه على حديث ورد : ابدا هبقى احكيلك بعدين
لتنظر ورد الى حكيم وهى لازالت تهمس لصفية : هو حكيم قاللك حاجة
صفية : لسه
لتزوى ورد بين حاجبيها ، لتكمل صفية : بس عرفت
ورد بدهشة : من مين
صفية : بعدين ...هحكيلك بعد العشا
حكيم بتنمر وهو ينظر إليهما : بتتفقوا على مين يا بلاوى
صفية بدعاية : عليك ياحبيبى طبعا ...هو احنا لينا غيرك
حكيم وهو ينظر بمكر لورد : انا قلبى وعقلى كله لورد الجناين
ورد ضاحكة : لأ العب غيرها
حكيم وهو يدعى الدهشة : ايه ده ..هو انتى غيرتى خطة الاسعار
ورد بمشاكسة وهى تنهض وتلملم المائدة بمساعدة صفية : اومال لأ...اومال طبعا ، البورصة كل يوم فى حال ياصديقى
حكيم وهو يوجه الكلام لنوارة : عاجبك كده
نوارة وهى تجرى من أمامه : انا مع اللى هيكسب يا بأبى
ليخرج حكيم رأسه ذات اليمين وذات اليسار بقلة حيلة ويقول وهو يتجه لغرفته : انا معايا قضية محتاجة اقعد اراجعها شوية ، ياريت لو فنجان قهوة يا ورد من فضلك
ورد باستنكار : انت هتقفل على نفسك من دلوقتى ..بقى ده اللى اتفقنا عليه
حكيم بدفاع : انا بس هراجع حاجة على ما انتو تخلصوا اللى هتعملوه
ورد بغيظ : روح ياحكيم ..روح ...مافيش فايده
صفية بسخرية وهى تصف الاطباق بألة جلى الصحون : ايه ….هرب منك برضة
ورد بتنهيدة : حكيم هيفضل حكيم ... طول عمره اللى فى دماغه فى دماغه
صفية وهى تضع يديها على خصرها وتسأل ورد بحدة زائفة : وانتى بقى عرفتى من امتى
ورد بابتسامة : من شهرين
صفية باستغراب : شهرين ازاى وهو لسه رايح لبابا امبارح
ورد بصدمة : هو اسماعيل سافر لعمى
صفية باستنكار وهى تنظر لورد بنصف عين : انتى بتتكلمى على ايه ، واضح أن مواضيعنا مختلفة
ورد بلجلجة : طب قوليلى انتى الاول وانا مش هخبى عليكى حاجة
لتنفخ صفية وهى تجلس على كرسى وتستند على مائدة المطبخ الصغيرة وتقول : هقوللك ،بس انتى كمان ماتحكيش لحكيم حاجة دلوقتى لغاية ما اخد قرار نهائى
ورد : ماشى ..قولى
لتقص عليها صفية كل ما قد دار بينها وبين اسماعيل وبعد أن فرغت من حديثها سألت ورد قائلة : انا ليه حساكى كنتى عارفة
ورد بابتسامة : انا فعلا كنت عارفة ، بس ماقلتلكيش لأن حكيم كان عاوز الخطوة دى تيجى من اسماعيل ، بصى ياستى ...اسماعيل طلبك من حكيم من شهرين وقال له أنه بيحبك وعاوز يرتبط بيكى ، بس حكيم كان رأيه أن يسبب اسماعيل يقرب منك بشويش عشان تقدرى تاخدى قرار عن اقتناع سواء بالموافقة أو بالرفض
أما بقى موضوع أن على عاوز يرجعلك ..فده عرفناه امبارح بالليل وبصراحة حصل مشكلة بينى وبين حكيم بسببها
صفيه بدهشة : وليه بقى
ورد : لأن حكيم قال لوالدك يرفض ، وانا هاجمته وقلتله أن مش من حقه أنه ياخد قرار بالنيابة عنك ، وشدينا شوية ، بس فى الاخر قاللى أنه هياخد رأيك النهاردة ، واديه هرب على أوضته
صفية : امممم فهمت ، بس انتى هاجمتيه ليه ، انتى شايفة انى أوافق ارجع لعلى
ورد بحزم : لأ طبعا
صفية : الله ...اومال ايه
ورد : المبدأ فى حد ذاته ، كل واحد لينا له شخصيته المستقلة ، لازم تاخدى قرارك بنفسك عشان ماترجعيش ترمى مسئولية التبعية على اكتاف حد تانى
صفية : يعنى عاوزانى انا اللى اقول لأ
ورد : برضة لأ ...انا عاوزاكى تفكرى وتاخدى قرار وانتى مقتنعة بيه ، هل انتى عندك استعداد ترجعى لعلى تانى
صفية دون تردد : لأ
ورد : هو ده اللى انا عاوزاه ، عاوزة عمى لما يرد عليه يقول له صفية رفضت ترجعلك، مايقوللوش اخوها مش موافق ، عاوزاكى تقفلى الباب بنفسك ، ماتسيبيهوش موارب وكل شوية يدخللنا ريح تمرضنا وتضايقنا واحنا فى غنى عنها
حكيم وهو يستند بكتفه على باب المطبخ : وفيها ايه يعنى لو كنتى فهمتينى قصدك ده من امبارح بهدوء بدل الزعابيب اللى طلعتيها على جتتى من غير داعى
ورد وهى تلتفت إليه بغيظ : علموكم فى بلدكم انك تقف تتسنط كده
حكيم وهو يرفع يديه لأعلى : اتسنط ايه .. انا لقيت نفسى هنام وماعملتيليش القهوة ، قلت اجى اعملها انا ، سمعتكم ، بس ….هو ده اللى حصل
ورد بسخرية : امممم ، وسمعت من اول فين يامتر
حكيم وهو يحك رقبته باحراج ويجلس أمامهم : من اول ماكانت بتحكيلك على اللى حصل فى المكتب ياسيادة المستشار
صفية : وانت ايه رأيك ياحكيم
حكيم بحنان : دى حياتك انتى وقلبك انتى ، وانتى الوحيدة اللى تقدرى تاخدى قرار فى الموضوع ده زى ماقالت ورد
صفي. : انا عاوزة رأيك ،مش قرارك ياحكيم
حكيم : لو على رأيى، طبعا انا شايف أن رجوعك لعلى درب من الجنون ، لانك هتبقى عاملة زى اللى عارف ان الجحر مليان تعابين ورايح يحط أيده ورجله كمان جواه
أما بخصوص اسماعيل ، فهو كان صريح معاكى فى كل كلمة قالها لك ، اسماعيل تعب واتصدم فى حياته زيك يا صفية
اسماعيل صاحبى من حوالى عشرين سنة من واحنا فى أولى جامعة ، أخلاقه عالية جدا وعلى فكرة مش سهل ابدا انك تلاقيه يتدخل فى حياة حد ، لكن انا لما لقيته بيتكلم معاكى ولاحظت اهتمامه بيكى وبحياتك ، لمحت فى عينه لمحة حب وتمنى ليكى
لو عن نفسى هجوزهولك وانا مغمض ، لكن الوضع هناهيختلف لظروفكم انتم الاتنين ، انتى كانت ليكى تجربتك وهو كمان ...كان له تجربته ، وانتو الاتنين خرجتم مجروحين
هو شايف انك عوض ربنا ليه ، لكن لو انتى ياصفية مش شايفه كده ...يبقى بلاش ، انتى اختى وحيييتى ويهمنى سعادتك ، لكن كمان يهمنى سعادته ، وإسماعيل لو حس لحظة انك اتجوزتيه وانتى لسه قلبك مع على ….. هتبقى ضربتيه فى مقتل
صفية بدفاع : انت عارف ان اختك لايمكن تعمل كده
حكيم بحنان : عارف ياحبيبتى بس برضة واجبى انى انبهك ، وحبيت أن اسماعيل هو اللى يتكلم معاكى بنفسه ، عشان تقدرى تفهمى دماغه كويس
وعموما خدى وقتك وفكرى براحتك بس لازم تردى على الحاج النهاردة فى موضوع على ، وياريت لو تعرفينى قرارك النهائى
صفية : انا كلمت بابا من بدرى وبلغته رأيى
حكيم بدهشة : وماقلتليش يعنى
صفية وهى تقلده : مانت برضة ماكنتش قلتلى يعنى
حكيم : نظام واحدة بواحدة ...ماشى ، ادينى المفيد .. قلتيله ايه
صفية : قلتله انا لا يمكن ارجع لعلى تانى
حكيم بابتسامة واسعة يجذبها إليه ويقبل رأسها قائلا : عوض ربنا هيبقى اكبر بكتير أن شاء الله
لتومئ صفية برأسها وهى تقول : أن شاء الله
ورد وهى تحاول تغيير الموضوع : وان شاء الله هنروح كلنا الشغل بكرة متأخرين ، ياللا انت وهى عاوزين ننام
صفية وهى تنظر للساعة المعلقة أمامها : الساعة لسه ماجاتش عشرة
ورد وهى تشهق بصوت عالى : نوارة مختفية من ساعة العشاء ..ربنا يستر ماتكونش عملت كارثة من كوارثها
ليسرع الجميع إلى غرفة الاطفال ليجدوا نوارة وبيدها كتابها الذى يحوى القصص المصورة وتجلس أمام زين وهو بفراشه الهزاز وهو يوليها كل اهتمامه بينما هى تقرأ له قصة ما مع حركات تمثيلية بيدها ووجهها لتتحول معالم وجه زين مع كل حركة وكأنه يفهم ما تقصه عليه
ليقف الجميع بباب الغرفة مشدوهين مما يحدث أمامهم بينما يضم حكيم ورد بيده ويقبل رأسها هامسا : المنظر ده مابيفكركيش بحاجة
ورد بحب : بيفكرنى لما كنت صغيرة وتقعدنى فى المرجيحة اللى فى الجنينة وتقعد تحكيلى حواديت انت وصفية عشان مااعيطش وأسأل على بابا وماما الله يرحمهم
صفية وهى تدخل الغرفة وتغلق الباب أمام وجههم : طب ياللا اتكلوا على الله انتو وذكرياتكم وسيبوا العيال لعمتهم عشان عاوزين ننام
لتمنعها ورد سائلة إياها : طب مش تقوليلنا الاول قررتى ايه
صفية : بكرة أن شاء الله ارد عليكم
……………………….
فى مكتب المحاماة باليوم التالى
كان هناك اجتماع دورى يعقده حكيم وإسماعيل لبقية زملائهم الذين يعملون تحت إشرافهم أو تحت التمرين
وكانت القاعة تحوى الجميع ماعدا صفية والتى كانت تبحث عنها عينا اسماعيل فى كل لحظة ، وظن أنها سوف تمتنع عن الحضور إلى المكتب بسبب تصريحه بحبه إياها
فكان يجلس معهم بجسده أما روحه وعقله وقلبه فكانوا يحلقون بعيدا عنه حتى أنه قد شعر بضيق فى أنفاسه واجتاحه غضب شديد من نفسه ومنها
حتى سمع طرقات على باب الغرفة لينفتح وتطل منه صفية برأسها تعتذر عن تأخرها وتبرره بأنها كانت تجلب لهم بعض الاحتياجات المكتبية وأخذت توزع على الجميع وتعطى لكل منهم طاقم راقى يحتوى على قلم و نوت وحافظة ملفات غاية فى الذوق العالى ولاحظ اسماعيل أنها فوتته ولم تعطيه مثل الباقين رغم أنها أعطت مثله لأخيها واحتفظت لنفسها باكثر من نسخة ولكنه لم يعلق على الأمر واعتبر بأنها بذلك تغلق باب الحوار فيما بينهم
ليستكمل حكيم الاجتماع وسط نظرات اسماعيل اللائمة لها والتى تتعمد عدم النظر إليه رغم أنها جلست بمقابله وجها لوجه ولكنها لم تخطئ ولو مرة واحدة بالنظر اليه وبعد مايقرب من الخمسة عشر دقيقة ووسط النقاش وتوزيع القضايا ينهض اسماعيل من مكانه قائلا : معلش ياحكيم ..انا هضطر اسيبكم تكملوا من غيرى
حكيم وهو ينظر إليه بشفقة وهو يخمن ما من الممكن أن يكون بخلده فى تلك اللحظة : انت كويس
ليحرك اسماعيل رأسه يمينا ويسارا ثم يتجه إلى الخارج ، لينهى حكيم الاجتماع وهو يحاول اللحاق باسماعيل ولكن صفية أوقفت حكيم وحاولت تعطيله حتى خرج جميع من بالغرفة ثم قالت له : سيبنى انا اروحله
حكيم : خدتى قرار
لتومئ صفية رأسها بابتسامة خجل
حكيم بامتعاض : طب لما هو كده كان لزمته ايه الحركة اللى عملتيها دى
صفية باستغراب: حركة ايه
حكيم : انك توزعى على الكل النوت والاقلام وماتديهوش
صفية : كنت عاوزة اديهاله واحنا لوحدنا
حكيم : بس هو كده فكر انك بتوصليله رسالة بانك مش عاوزة تتعاملى معاه ولا حتى فى الشغل
صفية شاهقة : ياخبر ….. انا ماقصدتش كده خالص
حكيم بسخرية : طب روحى ياختى شوقى هتعملى ايه
لتذهب صفية إلى مكتب اسماعيل وتطرق الباب لتتفاجئ به يخرج مندفعا ليصطدم بها بقوة حتى وقع مابيدها و كادت أن تقع ارضا لولا أن تماسكت واستندت بيدها على الحائط بتأوه
وما أن تماسكت حتى نظرت إليه باستنكار قائلة : ايه ياعم ، قطر ماشى ، ما بالراحة
اسماعيل وهو يطمئن عليها بعينيه : اتخبطتى جامد
صفية بابتسامة : مش اوى ، ثم وهى تنحنى للملمة ما بعثر على الأرض وجدت اسماعيل ينحنى بسرعة ويجمع ماكان بيدها وينفخ من عليهم وكأن شيئا قد علق بهم ويعطيها إياها بأسف واجم قائلا : معلش ماتأخذنيش اصل ورايا مشوار مهم وكنت مستعجل
صفية بابتسامة مشاغبة : ايه ده ، يعنى مش فاضيلى نتكلم سوا
اسماعيل وهو يزوى مابين حاجبيه باستغراب : انتى عاوزة تتكلمى معايا انا
صفية بتنهيدة: أيوة ...وموضوع مهم ، بس لو انت فعلا وراك حاجة مهمة مش مشكلة استناك لما ترجع
اسماعيل وهو يدخل لغرفة مكتبه مرة أخرى ويدعوها للدخول : لا مش مشكلة انا ممكن ااجل المشوار شوية
لتدخل صفية من وراءه بابتسامة وتتجه إلى المقعد أمام مكتبه لتجده هو الآخر قد ترك مقعده خلف المكتب وجلس أمامها قائلا بهدوء: خير ياصفية انا سامعك
لتقدم له صفية طاقما مكتبيا مثل الآخرين ولكنه لاحظ أنه مختلف اللون حتى عن اللون الذى قد أعطته لحكيم ، فقد قدمت للجميع اطقم باللون البنى والذى يتماشى مع ديكورات المكتب بصفة عامة ، أما حكيم فكان طاقمه باللون الاسود ، ولاحظ أنه تبقى معها طاقمين بلون حجر الياقوت ،وقد قدمت إليه أحدهما
اسماعيل وهو يتناوله من يدها : مااديتهوليش جوة ليه زى الباقى
صفية : حبيت اقدمهولك لوحدنا وانا بقولك على قرارى
حكيم وهو يشعر بدقات قلبه تتسارع : وياترى ايه هو قرارك
صفية : انا موافقة
حكيم بفضول : على انهى عرض فيهم ياصفية
صفية : على انك تحبني يا اسماعيل
حكيم باستغراب : احبك
صفية بتنهيدة : أيوة يا اسماعيل ..تحبنى .. وموافقة على الجواز وانا مافيش فى قلبى مكان لحد غيرك ، مش هكدب واقول انى بحبك ، لكن هقولك انى بحب اقعد واتكلم معاك ، بحب منطقك وأسلوبك ، بحب عقلك وأوقات حكمتك فى معالجة الأمور ، بحس براحة لما افكر فى حاجة والاقى رأيك انت بالذات زى رأيى حتى اكتر من رأى حكيم
فياترى هتقدر تبتدى حياتك معايا على الاساس ده
اسماعيل بابتسامة أمل : وانا عمرى ماحلمت حتى بنص ده ..وانا متاكد انى هقدر اقتحم قلبك واسكن جواه ، بس عملتى ايه فى موضوع على
صفية : كلمت بابا امبارح اول ماخرجت من المكتب وبلغته انى قفلت الموضوع ده من يوم طلاقى وانى لا يمكن افتحه تانى ابدا
ليبتسم اسماعيل ويهب واقفا ويقول : طب ياللا على اخوكى عشان نحدد معاد كتب الكتاب
صفية : ومشوارك … مش قلت عندك مشوار مهم
اسماعيل : حاليا مافيش اهم من انك تبقى على أسمى يابنت عم عتمان
…………………..
بعد مرور خمس سنوات ..وفى منزل عتمان
تجلس صفية وهى منتفخة البطن وتمسك بين يديها حاسوبها المحمول وتحدث اسماعيل على أحد برامج الانترنت قائلة : انا بعتتلك كل النقط المهمة اللى طلعتها وبعتتلك كمان مسودة للمرافعة .. تقدر انت بقى تراجعهم وتشوف هتعمل ايه وربنا معاك ياحبيبى أن شاء الله
اسماعيل بحب : خلاص ياحبيبتى ماتقلقيش ، كله هيبقى تمام
صفية بحب : انا عارفة انى متقلة عليك من فترة بس سامحنى ، غصب عنى
اسماعيل : حبيبتى انا مش فارق معايا تعبى ، انا اللى فارق معايا بصحيح بعدك انتى وزينة عنى ...ماتتصوريش انتو واحشنى قد ايه
صفية : انت اكتر ياحبيبى ، بس اعمل ايه ...الحمل المرة دى تاعبنى اوى ، بس أن شاء الله هانت
اسماعيل ضاحكا : ااه ، وحكيم باشا اللى مبلط عندكم ده مش نأوى يخف الاستهبال شوية ويرجع
ليختطف حكيم الحاسوب من على قدم أخته وهو يضحك ويقول : انا ياحبيبى ماقدرش ابعد عن مراتى وولادى
اسماعيل : يامحترم المفروض انا اللى ابقى جنب مراتى اللى على وش ولادة دى مش انت ، خلى عندك دم
حكيم ضاحكا : خلص اللى فى ايدك ياحلو وانصرف وتعالى
اسماعيل : انت بتقول فيها ماهو ده اللى هيحصل وهقعد على قلبكم لطولون
ليأتى زين من الخارج وهو يمسك بيده بحنان شديد زينة ابنة صفية والتى كانت تبكى بطفولة محببة ، ليتقدم من عمته ويقول : عمتو ...زينة زعلانة عشان عمو اسماعيل مش هنا خليه ييجى وانت يابابا لأعبها شوية لحد ما تضحك وعمو ييجى
ليحمل حكيم ابنة أخته بمرح ويبدأ فى دغدغتها حتى انهمكت فى الضحك وبدت السعادة على وجه زين لضحكات زينة ليغمز حكيم بعينه الى ورد قائلا بمشاغبة : والله زمان يا عسل
ليقول عتمان بهدوء يناسب عمره الذى تخطى السبعين ببضع سنوات : التاريخ بيعيد نفسه يا اولاد ...ربنا يعينكم ويسعد قلوبكم
حكمت : الا صحيح ياحكيم ، هو انت مابتشوفش على
حكيم وهو ينظر لأعلى بقلة حيلة : وماله على بس يا امى
حكمت: يابنى بسألك سؤال ، رد وخلاص .. الله
حكيم : بشوفه يا امى
حكمت: ما اتجوزش تانى
حكيم : اتجوز تالت يا امى من اربع شهور ، وسمعت أن مراته حامل ، ربنا يتملها على خير
صفية بفرحة : بجد ياحكيم
حكيم بابتسامة : أيوة يا ام قلب حنين بجد
صفية بابتسامة : ربنا يطعمه مايحرمه يارب ، دعيتله وانا بولد زينة أن ربنا يرزقه
عتمان : طول عمرك قلبك حنين ياصفية
صفية : العشرة ماتهونش برضة يابابا
حكمت : الله يرحمها أمه ، اهى فضلت تحرب عليه وفى الاخر ….ياللا ..الله يرحمها
ورد : المهم ياصفية ، انا كلمت الدكتورة اللى هتولدك واتفقنا انك هتولدى على الأسبوع اللى جاى أن شاء الله ، عشان هتولدى قيصرى طبعا زى اول مرة ، فمش هينفع تستنى عليكى للآخر وعشان ضغطك ياهانم اللى على طول عالى ده ، وعاوزة تبص عليكى يوم الخميس ، فهنوديكى انا وحكيم أن شاء الله
صفية بابتسامة: ربنا يخليكم ليا ، بس أن شاء الله اسماعيل يكون هنا
حكيم : ماشى ماشى ...إذا حضر الماء بطل التيمم
صفية ضاحكة ،: مابلاش انت بالذات ياحكيم
حكيم ضاحكا بشدة : لا يا اختى ، انا على طول بتوضى مابتيممش انا ...ليضحك الجميع وهم
يتمنون دوام السعادة وراحة البال
……………………
يجلس حكيم مساءا بحديقة المنزل وتجلس ورد بجواره وهم يتمتعون بنسمة المساء وصفو السماء وكان القمر مضيئا والنجوم متلئلئة وواضحة بعيدا عن التلوث والضوضاء
ورد : تعرف انى لما باخد اجازتى يبقى سعيدة جدا لانى هقضيها هنا ، وكل أصحابى يقعدوا بتتريقوا عليا ويقولولى اللى يشوف سعادتك دى يفكرك مسافرة برة مش رايحة الصعيد ..بس انا بحب هنا اوى
حكيم بابتسامة : وياترى ليه
ورد : اولا طبعا عشان عمى وماما ، ثانيا عشان ده المكان اللى قضيت فيه احلى سنين عمرى ، وثالثا بقى الهدوء ونضافة الجو والناس الطيبة
ثم نظرت لحكيم وقالت : بذمتك ماعنديش حق
حكيم : عندك حق طبعا
ورد : طب وانت مش بتبقى مبسوط
حكيم : رغم انى عندى اسباب تانية لكن اكيد ببقى مبسوط وجدا كمان
ورد : وياترى ايه بقى الأسباب دى
حكيم بحب : انتى
ورد بخجل لم يتغير لحظة منذ احبها : انا ….
حكيم بتنهيدة وهو يضمها تحت جناحه بحب : لما بحاول افتكر ذكرى حلوة ليا هنا وانتى مش فيها مابلاقيش ، كل ذكرى حلوة ليا انتى كنتى فيها ، أو تقدرى تقولى أن عقلى اختزل كل ذكرياتي عليكى انتى وبس
ثم اكمل بتنهيدة عميقة : لما سافرتى تعملى الرسالة بتاعتك وبعدتى عنى ، اكتشفت انك بالنسبة لى زى الماية ، اللى الواحد من غيرها ينشف ويموت ، طول فترة سقرك كنت عامل زى فرع الشجرة اللى فى فصل الخريف ...ناشف ومستنى شوية مطرة يندوا عوده ويحييوه
تعرفى ….كنت كل يوم احلم بيكى وانتى بتبصيلى بلوم وعتاب من غير ماتكلمينى وتسيبينى وتمشى وابقى عامل زى العيل التايه اللى ماشى يدور على عنوان بيتهم ومش لاقيه
كنت تعبان اوى من غيرك ياورد الجناين ، وعشان كده قررت انى ما ابعدش عنك تانى ابدا مهما كان التمن
لتقبله ورد بوجنته قائلة ربنا يخليك لورد ياقلب ورد من جوة ، بس هو انت ليه كنت دايما تقوللى ورد الجناين
ليشرد حكيم قليلا ثم يقول : واحنا صغيرين لو تفتكرى كنا دايما بنروح نقعد عند شجر الورد اللى فى الحوض القبلى وكنتى دايما تطلبى منى اقطفلك ورد وتقوليلى هات ورد لورد ياحكيم
وفى يوم كنتى انتى تعبانة وسخنة وماقدرتيش تروحى معايا فروحت اجيبلك الورد اللى بتحبيه ، يومها لما بصيت للورد ماحسيتوش بنفس جماله اللى كنت دايما بشوفه بيه ، حسيت أن انتى اللى كنتى بتزينيه وانتى وسطيه وبتحليه ، ولقيت أن انتى احلى وردة فى الجناين كلها وعشان كده بقيت اقوللك ياورد الجناين
ماكنتش وقتها عرفت ولا فهمت انك هتبقى ورد قلبى وشريكة عمرى وام ولادى
لينظر لها قائلا بهيام : سامحتينى على البعد
ورد : عمر قلبى مابات ليلة من غير مايكون مسامحك
حكيم : حتى وقت ماكنا بعاد عن بعض
ورد بابتسامة : حتى وقتها كنت مسامحك وبدعيلك
حكيم : كنتى بتدعيلى بايه بقى
ورد : أن ربنا يريح قلبك وييسر لك سفينتك
حكيم باستغراب : سفينتى
ورد : طبعا ، كل واحد مننا بيبقى ماشى فى الدنيا دى زى السفينة، شايلة حمولتها وماشية فى البحر مش عارفة أن كانت هتوصل للميناء بتاعتها واللا لا ، بس لكل سفينة قبطان بيحاول يسيرها ، وانت قبطان سفينتك ، لازم بيقابلك موج عالى ويمكن رياح واعاصير، صحيح بتعمل اللى عليك بس انت ونصيبك فى سكتك
حكيم بابتسامة : ده انتى طلعتى فيلسوفة يابنت عمى
ورد بسعادة : انا اسعد فيلسوفة على ضهر سفينتك يا ابن عمى
تمت