اخر الروايات

رواية أسمنجون الفصل الخامس 5 بقلم مريم عبدالقادر

رواية أسمنجون الفصل الخامس 5 بقلم مريم عبدالقادر 

سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته
بقلم/ مريم محمد عبد القادر
(إحتفال)
مرت الأيام المتشابهة تباعا أيام تمضي بلا عودة وزمرد ماتزال حبيسة هذا العالم وتلك المدينة حتى أتي أحد الأيام مختلف الملامح عن أخوته .. تم إلغاء جميع الأعمال وإجتمع الناس في الشوارع المزينة بالأشرطة الملونة وقد عزفت فيها الموسيقى.. لقد كان الجميع يحتفل بعيد ميلاد الملكة سيرا التي أتمت الأربعين من العمر
ترك العاملين في ذلك اليوم بدون عمل وسمح لهم بالتجوال بحرية تامة في أرجاء المدينة بشرط عدم تجاوز سورها الخارجي
خرجت زمرد مثل باقي زميلاتها في العمل لتتجول في المدينة وتجوب أرجائها عندما سمعت صوتا ينادي عليها من خلفها : زمرد انتظري
زمرد : أيلا !! ماذا تفعلين ؟
قالت أيلا بصوت متقطع الأنفاس : خذيني .. معكِ
زمرد : تبدين متعبه جدا .. ماذا حدث معكِ ؟
أيلا : أنت سريعة للغاية .. لقد أتعبتني وأنا أحاول اللحاق بكِ
زمرد : أعتذر منكِ .. إنها عادتي السير بسرعة
أيلا : لا بأس .. إذا الي أين ستذهبين ؟
زمرد : لا يوجد مكان محدد أتوجه إليه .. فقط أتجول
أيلا : إذا دعينا نتجول معا
زمرد: لا بأس بهذا .. هيا بنا
أستمرت زمرد وأيلا في التجوال في أرجاء المدينة حتى وصلتا الي قصر الملكة والذي كان في مركز المدينة .. وقد احتشد حوله العديد من الناس .. وبعد عدة دقائق خرجت الملكة الى شرفة القصر على يمينها رئيس الوزراء وعلى يسارها الوسيم الجَسور ليڤون قائد الجيش الأسمنجونيّ
أطلت الملكة ترفل في ثوبها الأبيض وقد تزينت بحليّ من الزفير الأزرق وزين شعرها الفحميّ تاجها الذهبي المرصع بالجواهر الملونة وفور ظهرها بدأ الناس بالهتاف لتحيتها بحرارة
تقدمت زمرد وسط الزحام الشديد متجهة للصفوف الأمامية أرادت أن ترى الملكة عن قرب وتستمع الى ما ستقوله
رفعت الملكة يدها فتوقفت الهتافات تدريجيا حتى صمت الجميع .. نظرت الملكة الي وجوه شعبها ثم قالت بصوتها الأغن : أريد أن أشكر كل فرد منكم لقدومه خصيصا للإحتفال بعيد مولدي الأربعين .. وكتقدير منى لجهودكم سأقوم بتقديم الهدايا الى كل من يعيش داخل مملكتي
فور قول الملكة لكلماتها هذه علا الهتاف والتصفيق والموسيقى وعم الفرح المكان
إنها تحب التفاخر حقا
سمعت زمرد هذه الكلمات على لسان شاب بصوت يخنقه الضيق وعندما نظرت إليه صرخت صرخة لفتت الأنظار إليها فوضعت يديها على فمها وظلت تحدق به في إرتباك.. إنه ذلك الشاب الذي رأته في مكتبة السيد بهاء والذي أعطاها الكتاب الغريب
نظر الشاب إليها بتعجب ثم استدار وهم بالرحيل فحاولت اللحاق به ولكنها لم تستطع هذا بسبب الزحام الشديد الذي محى وجوده من أمام ناظريها
خيم الليل بردائه البهيم وماتزال أفكار زمرد تتناطح داخل رأسها هذا الشاب الغريب لابد أنه يعرف شيئا عن كيفية عودتها الى بيتها ولكن كيف يمكنها إيجاده الآن في هذه المدينة العملاقة ؟
مر يوم الاحتفال ولم ينم لزمرد جفن فقد ظلت مستيقظة طوال الليل تفكر في هذا الشاب الغريب الذي ألتقت به بالأمس .بقلم/مريم_عبدالقادر. وظلت الأسئلة تطرح نفسها عن طريق الخروج من هنا .. وما الذي سيحدث في المستقبل؟ وماذا إن لم تتمكن من العودة للبيت ؟ والكثير من الأسئلة الآخرى التي ظلت معلقة بدون أي جواب
أنت ... ستأتين معي
قالتها السيدة القاسية بصوتها المرتفع .. والتي كانت تدعى باسم جومرا الذي يعني الجَمر
زمرد : أنا..!! الى أين ؟
جومرا : الى الصائغ
زمرد : لماذا ؟
جومرا : لكي نعطيه ما تم استخراجه من جواهر
زمرد : لم أقصد هذا .. كنت أعني لماذا اخترتني أنا ؟
جومرا: لديك الكثير من الأسئلة حقا أنا لا أحب هذا النوع من الفتيات .. اتبعيني في صمت
تبعت زمرد السيدة جومرا وقامت بمساعدتها في وضع الصناديق المليئة بالأحجار الكريمة في عربة خشبية بدون سقف يقودها حصان متعب
وصلت السيدة جومرا ومعها زمرد الى حانوت صائغ الجواهر السيد هيرمان .. اخذتا الصناديق ودخلتا الي الحانوت
هيرمان : مرحبا بالسيدة جومرا .. يبدوا أن لديك الكثير من الصناديق هذا اليوم
جومرا : أجل فالعمل يسير على قدم وساق بعد حفل ميلاد الملكة
هيرمان : ما هذا !! أين الفتاة التي كانت تساعدك دائما في إحضار الصناديق الي هنا ؟
جومرا : مريضة ولم تتمكن من المجئ اليوم لذا أحضرت فتاة آخرى لمساعدتي
هيرمان : تبدو ذكية
جومرا : لا أعتقد ذلك
غضبت زمرد بشدة عندما قالت السيدة جومرا ذلك عنها وكانت ترمقها بنظرات حادة .. قطع ذلك الجو صوت فتح الباب تلاه صوت مألوف لشاب يقول : مرحبا سيد هيرمان .. لقد عدت إليك مرة آخرى
هيرمان : عزيزي ليڤون أهلا بعودتك .. كيف أساعدك ؟
وقف ليڤون في مكان بعيدا عن زمرد .. وأمسك بسيفه في غمده ووضعه على الطاولة أمام السيد هيرمان ثم قال : إنها الجوهرة مرة آخرى لقد كسرت عندما كنت أبارز بسيفي
نظرت زمرد الى الجوهرة وقالت بصوت خافت: الجاديت
هيرمان : هذا صحيح .. إنه الجاديت .. يبدوا أنك تعرفين الكثير
(الجاديت هو حجر كريم يشبه الزبرجد ولكنه أصفى منه ويرجع تاريخ استخدامه الى 6000 ق.م في الأسلحة والأدوات بسبب شدة صلادته كما أنه يعد من الأحجار الإمبراطورية في الثقافة الصينية)
لم تجبه زمر ولكن فور اقتراب ليڤون منها عدة خطوات ليخاطب السيد هيرمان اتسعت حدقتاها وغرت فاها وظلت تحدق به بنظرات جمعت بين الدهشة والصدمة والتوتر والخوف دون ان تعير من حولها أي إهتمام
هيرمان : أخبرتك مائة مرة أن تأتي بين الحين والآخر لفحص سيفك .. جوهرتك نادرة للغاية فلا تتركها بدون عناية حتى تكسر هكذا
ليڤون : سأحاول في المستقبل
هيرمان : ها هي ذي جملتك التي حفظتها منك
كان ليڤون يعرف أن زمرد تنظر إليه منذ وقوفه بجانبها فقد لمحها بطرف عينه ولكنه كان يتجاهلها حتى قال أخيرا: المعذرة
ألتفت ونظر إليها ثم أردف قائلا : هل هناك شئ ما على وجهي ؟ كنت تحدقين فيه منذ مدة طويلة
لم تجبه زمرد وأستمرت بالتحديق به حتى جذبتها السيدة جومرا من زراعها بقوة فعاد لزمرد وعيها بعد تلك الجذبة ثم وجهت السيدة جومرا كلامها الي ليڤون قائلة في إرتباك : أرجوا المعذرة منك يا سيدي القائد .. تلك الفتاة مستجدة هنا ولا تعرف كيف تظهر الاحترام الي من هم أعلى مرتبة
نظر ليڤون الي السيدة جومرا ثم أعاد نظره الي زمرد الواقفة في ذهول وابتسم فكشف اللثام عن أنيابه الحادة وأسنانه اللؤلؤية البيضاء ثم قال: لا بأس .. تبدوا الفتاة مرتبكة بالفعل
أحمر وجه زمرد خجلا من إبتسامة ليڤون الجميلة فوجهت نظرها الي الأرض ولم تعاود النظر إليه ثانية ً
خرجت السيدة جومرا ومعها زمرد من حانوت الصائغ .. ثم نهرت جومرا زمرد قائلة: يالك من فتاة وقحة لقد قمتي بإحراجي بشدة أمام القائد الأعلى ليڤون ليتني لم أصحبك معي الي هنا .. توقعي أن عقابك سيكون شديداً
*****
قال ليڤون الي الجندي الواقف علي يمينه فور خروج زمرد من الحانوت : إنها تلك الفتاة ثانيةً .. هل تذكرها ؟
الجندي: وهل ألتقينا بها من قبل ؟
ليڤون: أجل .. عندما ذهبنا لنرحب بالعمال الجدد من المدن المجاورة .. كانت واقفة وحدها في نهاية الجمع وعلى وجهها نظرة حزينة
الجندي : ومازلت تتذكرها ! ؟
ليڤون : أجل تلك الفتاة تمتلك ملامح مختلفة عنا.. كما أن لون بشرتها ليس طبيعيا .. ولون عيونها جميل للغاية لقد لفتت إنتباهي لكن هذه أول مرة أراها عن قرب .. لا أعرف سبب تحديقها بي اليوم ولكن.....
ابتسم ثم أردف: ولكنها فتاة لطيفة حقا
الجندي : ماذا تقصد بهذا يا سيدي القائد !؟
ليڤون : لا تشغل بالك .. إذا يا سيد هيرمان كم سيستغرق إصلاح جوهرتي ؟
هيرمان : لن يستغرق الكثير من الوقت .. لا تقلق
*****
كانت العربة الفارغة تهتز من سيرها على الطريق المتعرج وزمرد جالسة بجانب السيدة جومرا وعقلها مازال داخل الحانوت تفكر في ليڤون .. ثم بدأت تتمتم بصوت غير مسموع وتسأل نفسها : ما سبب تلك الرائحة العطرة التي كانت تنبعث منه ؟ إنها نفس الرائحة التي كانت تنبعث من الصفحات الأخيرة من الكتاب الغريب الذي كنت اقرأه قبل مجيئي الي هنا .. ولكن لماذا ؟
ظل السؤال معلقا بلا جواب وزمرد تكاد تجن مما يحدث من حولها أولاً الكتاب الغريب ثم هذا المكان العجيب الذي حبست فيه ثم الشاب المريب الذي رأته هنا ثانيةً والآن القائد ليڤون .. حتى هو أيضا قد ظهر في الصورة .. كلها أسئلة بدون جواب
في هذا اليوم باتت زمرد ليلتها بدون عشاء .. فقد كانت السيدة جومرا تعاقبها على احراجها إياها أمام ليڤون
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close