اخر الروايات

رواية أسمنجون الفصل الرابع 4 بقلم مريم عبدالقادر

رواية أسمنجون الفصل الرابع 4 بقلم مريم عبدالقادر 

سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته
بقلم/ مريم محمد عبد القادر
(أيلا)
تسللت احدى الرشيقات من أشعة الشمس من خلال النافذة وداعبت عيني زمرد النائمة فأيقظتها .. فتحت الفتاة عينيها لتجد نفسها في سريرها الدافئ داخل غرفتها الهادئة وصوت طهي والدتها للطعام صادر من المطبخ
زمرد : يا إلهي .. حلم ؟ لقد كان بشعا جدا
هرولت الفتاة في حبور لتفتح باب غرفتها وفور أن فتحته تحول المكان حولها الي ظلام حالك قطعه ركلة شديدة في كتفها وصوت جهوري يحدثها : الي متى ستظلين نائمة ؟
فتحت زمرد عينيها وجالت بنظرها في المكان فهربت من عينيها دمعة عندما أدركت ما هو الواقع وما هو الحلم عندما أدركت أنها لا تستطيع أن ترتمي في أحن صدر في العالم كما تمنت
تابع الجندي الغليظ قائلا : هيا .. فلينهض الجميع .. عليكم بدأ العمل من اليوم .. تحركوا بسرعة
ثم نظر الي زمرد وقال : وأنتِ عليك أن تبدلي ثيابك الغريبة تلك
لم تجبه زمرد ولم تتحرك قيد أنمله من مكانها فقد كان قلبها منكسر وطرفها حائر .. فقام الجندي بجذبها من السلاسل في يدها وقام بجرها جرا خلفه حتى خرجت من الزنزانة وقامت سيدة أربعينية بأخذها لتغير ثيابها
قامت زمرد بتغير ملابسها بملابس أهل المدينة التي كانت شئ كعباءة طويلة ذات أكمام واسعة وعليها شئ كملاءة .. تقوم بلفها حول جزعها وتمررها من تحت أحد ذراعيها .. رافعة إياها لتمر من فوق كتف ذراعها الآخرى .. ولكن زمرد لم تكن تريد أن ترتدي مثل تلك الملابس فهي تكشف شعرها .. ترددت كثيرا حتى رأت بعض النساء يرفعن الملاءة على رؤوسهن بدلا من وضعها على كتفهن ففعلت مثلهن وغطت شعرها
انضمت زمرد الي الجمع الكبير الذي احتشد في الساحة أمام مبنى الزنازين وقد وقف أمامهم جندي ضليع وسيم ممشوق القوام مفتول العضلات كان يرتدي عباءة ناصعة البياض الي ركبته وملاءة بلون أسمنجوني وعلى خصره علق سيفه المرصع بالجواهر ووقف على يمينه ويساره جنديان يرتديان نفس الثياب بألوان معكوسة الأسمنجوني للعباءة والأبيض للملاءة وعلى ظهرهما أقواس وسهام
قال الجندي بصوته الجهوري : أدعى ليڤون (بمعني الأسد) وأنا قائد الجيش الأسمنجوني الذي يدافع عن أمن المملكة أسمنجون داخليا وخارجيا .. وجئت اليوم لأرحب بكم بالنيابة عن الملكة ( سيرا ) .. أخبركم أنكم من اليوم قد أصبحتم جزء من أسمنجون .. ستظلون هنا حتى ينتهي دين بلادكم بعدها يمكنكم العودة الي أهلكم مرة آخرى أما قبل هذا فلا يمكنكم عبور سور المدينة ابدا وفي تلك المدة التي ستبقون فيها هنا سيتكفل المسؤولين عنكم بكل احتياجاتكم وسيقومون بمعاملتكم بشكل حسن
قلّب ليڤون عينيه العسليتان بين الوجوه المتجهمة ثم أشار الي بعض الرجال الواقفين خلفه والتي كانت جميع ثيابهم رمادية ثم أردف قائلا: هؤلاء الرجال هم من سيتولون أمركم في المدة التي ستبقون فيها هنا .. ستقسّمون الي مجموعات متفرقة.. كل مجموعة في عمل مختلف يشرف عليها أحد الرجال
صمت هنيهة ثم أردف : وأتمنى لكم الحظ الجيد في أسمنجون
نظر ليڤون الي الجنديان خلفه ثم أنطلق ثلاثتهم مبتعدين تاركين الجمع بين أيدي هؤلاء الرجال
قام الرجال بتقسيم الناس الي مجموعات متعددة كل مجموعة صحبها واحد منهم وبدأوا يتفرقوا وينتشروا في أرجاء المدينة وكان من صحب زمرد ومن معها رجل طويل القامة عريض المنكبين أصلع الرأس.. أسمرت بشرته بسبب عمله في الشمس طويلا وظهر على ملامحه علامات القسوة والبأس .. قام باصطحابهم الي عربة كبيرة قاموا بالصعود إليها
تحركت العربة وسارت لمسافة كبيرة جدا طوال النهار حتى وصلت الي الجبال العملاقة التي اختلفت ألوان حجارتها من الأبيض الي الأسود مرورا بالأحمر والذهبي توقفت العربة أمام مبنى كبير للغاية وطلب الرجل من الجميع أن يترجلوا من العربة ففعلوا ثم اصطفوا ليقف الرجل الفتيّ أمامهم ويقول بصوته الجهوري : هنا ستعيشون .. هذا مسكن الرجال أما النساء فلهن مبنى منفصل خلف هذا المبنى .. ستحصلون هنا على وجبتين يوميا ومكان للنوم
ثم أشار الي الجبال التي بعدت عنهم بمسافة ليست كبيرة ثم أردف: وهناك ستعملون .. نحن نستخرج الأحجار الكريمة من جبال أسمنجون العظيمة وستقومون بالمساعدة في هذا.. الرجال ستساعد في تحطيم الصخور وإستخراج الجواهر ... أما النساء ستساعدن في تنظيفها وإعدادها للبيع في المصنع بجانب الجبال .. وليس لديكم مجال للتكاسل وإلا ستعاقبون .. هل كلامي واضح ؟
قام الرجل بإصطحاب الرجال الي الجبال بينما صحبت النساء امرأة طويلة القامة قاسية الملامح قوية بشكل لا يلائم امرأة .. توجهوا جميعا الي بناء كبير بني من طوب نحاسي اللون وقد بدى على ملامحه علامات القدم .. دلفوا الي المبنى وولجوا الي أحدى الغرفات الكبيرة
جالت زمرد بعينيها في المكان كان هناك العديد من الطاولات الخشبية الكبيرة وأمام كل طاولة العديد من الصناديق المعدنية بداخلها العديد من الأحجار الكريمة المختلفة وتجلس على كل طاولة امرأة أو اثنتين تقوم بتنظيف المجوهرات من بقايا الصخور والرمال وفرزها ..
كل نوع في صندوق منفرد
جلست زمرد هي الآخرى على إحدى الطاولات وبدأت تعمل كباقي النساء عندما قاطعها صوت رقيق لفتاة تقول لها: ها نحن نلتقي ثانيةً ... يا ذات العيون الجميلة
رفعت زمرد عينيها فوجدت فتاة ذات شعر طويل شديد السواد وعيون بنية داكنة -كانت تلمع تحت أشعة الشمس- التي إنعكست على وجهها الصغير الوردي قالت الفتاة مرة آخرى وهي تطالع زمرد بنظراتها المتفحصة: تبدين أجمل مما تصورت .. لم أتمكن من رؤيتك جيدا في الظلام ولكن بعد رؤيتك في النور هكذا تبدين فاتنة للغاية
زمرد : أنا أتذكر صوتك .. هل يمكن أنك تلك الفتاة من الأمس ؟
الفتاة : هذا صحيح كنت معك في تلك الزنزانة
صمتت الفتاة هنيهة ثم أردفت: اسمي أيلا سررت بلقائك ثانيةً أيتها الجميلة
ارتسمت علي شفتي زمرد إبتسامة رقيقة ثم قالت : غزال
أطلقت أيلا ضحكة خافتة وقالت: هذا صحيح اسمي يعني غزال
زمرد : وأنا زمرد وهو نوع من الأحجار الكريمة الخضراء
أيلا : لا عجب أن عيونك بهذا الجمال يا زمردة
ابتسمت زمرد ابتسامة واسعة فقد اعجبها نداء أيلا لها بزمردة .. شعرت بشئ من الدفئ فيه بعد كل المتاعب التي تعرضت لها بالأمس
قطع حديث الفتاتين صوت محشرج لامرأة قاسية والتي كانت تشرف على عمل الإناث داخل المصنع : كفى عبثا وتابعا العمل وإلا سيتم معاقبتكما
نظرت الفتاتان لبعضهما وابتسمتا ثم عادت كل واحدة لعملها مرة آخرى
وبعد حلول المساء والإنتهاء من العمل توجه الجميع الي المباني التي سيباتون ليلتهم فيها اتجهوا جميعا الي مطعم المبنى حيث سيحصلون على عشائهم هناك وكان ذلك أول طعام يدخل معدة زمرد منذ وصولها الي هذا العالم الغريب ولكنه لم يكن طعاما يمكن لآدمي تناوله .. قطعة خبز صلبة مع صحن من حساء الخضروات وكوب من الحليب موضوعين في صحون وأكواب قذرة
تناولت زمرد بعضا من الخبز فقط ولم تستطع تناول شئ آخر فقد إشمئزت نفسها من مظهر الطعام السئ
نهضت زمرد متجهة الي غرفتها في المبنى المكون من عدة طوابق وكان في كل طابق الكثير من الغرف المرقمة يمينا ويسارا .. دخلت الي غرفتها في الطابق الثالث عندها فوجئت بايلا جالسة على أحد الأسرة الكثيرة المتراصة بجانب بعضها البعض لا يفصل بين كل سرير والآخر سوى دولاب خشبي قصير به ثلاثة أدراج وستارة
نظرت زمرد إليها بإندهاش وقالت : أيلا !!.. هل ستمكثين في هذه الغرفة أنت أيضا ؟
أيلا : أجل
ابتسمت أيلا ثم أردفت : يبدوا أنه مقدر لنا البقاء معا في تلك المدينة
زمرد : معك حق
مر يوم كان شاقا على زمرد فهي لم تعتد على عمل مثل هذا من قبل وأصيبت أطراف أصابعها ببعض الخدوش من الصخور أيضا ولكن حصولها على صديقة جديدة خفف عنها بعض الألم والوحدة التي شعرت بها
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close