رواية معدن فضة الفصل التاسع والثلاثون 39 بقلم لولي سامي
البارت ٣٩
بحياتنا تتكرر الايام والشهور وربما السنين
وقد تتشابه الأحداث
بعضهم تمنينا بعدهم والبعض الآخر تمنينا قربهم .
تجلس ميار بمركز التجميل أسفل ايدي المصففة التي لا تكل ولا تمل من الثرثرة في كل شئ وبكل شيء.
تذكرت ميار اليوم المشابه لذلك فشردت قليلا في يوم زواجها من حسن
وكيف مع تشابه بعض الأحداث وربما المكان وبعض الشخصيات إلا أن مشاعرها اختلفت كليا .
تخللت الابتسامة حين تذكرت محاولاتها مع ماجدة وماسة وحتى چواد على إتمام الزواج بدون حفل زفاف
كان طلبها أن يقتصر فقط على عقد القران
ولكن الجميع رفض عرضها رفضا قاطعا
لا تنكر أن رفضهم أسعدها كثيرا ولكنها شعرت بالخجل من حالها
كيف يتم لها حفلين زواج ؟
تذكرت حين ارسل چواد رسالة لها يطلب منها تحقيق أمنيته
فهل هذا كثير عليه / ولو قولتلك أن ده أمنية حياتي اللي حلمت بيها طول عمري
حلمت أن ألبس بدلة الفرح وانتي جنبي بالفستان .....
حلمت أن ايدي في ايدك قدام العالم كله
والكل بيهنيني عليكي.....
برضه هترفضي يا ميار؟؟
ولم يقتصر الأمر على الرسالة وحسب بل وجدت اتصال هاتفي من اخلاص يتبع رسالة چواد مباشرة
لتجيب على الاتصال فتجد اخلاص تطلب منها تحقيق حلمها في حفل زفاف چواد
وهو يزف لعروسه التي تمناها طيلة حياته
فلم يسعها سوى الموافقة وكلها سعادة ورضى وشكر لله على عوضه الجميل.
انتبهت على تربيت ماجدة على كتفها قائلة / ها قوليلي مكياجي كدة حلو ولا في حاجة عايزة تتغير .
التفتت ماسه نحوها واتسعت ابتسامتها قائلة / الله اكبر عليكي .....
زي القمر والله مفيش بعد كده .......
قوليلي ماسة وصلت لفين ؟
ماجدة بابتسامه تشير برأسها تجاه ماسة الجالسة على المقعد الذي يليهم قائلة / ماسة يا عيني لسه متزنبة تحت ايد الكوافير
بتظبطلها شعرها زيك لسه .....
مانتوا عرايس بقى لكن انا مجرد خطوبة مكياج واقلب .
رفعت ميار حاجبيها تعبيرا عن الاندهاش لتقول / يا شيخة كل ده ومكياج بس !!
امال شعرك ده ايه ؟
لوحت ماجدة بكفها قائلة بلامبالاه / لا ده حاجه بسيطة كدة علشان مغطيش عليكم.
ثم مالت على إذن ميار واردفت قائلة / المهم .....
يا عيني ماسة واقعة تحت ايد واحدة يا ساتر كشرية.....
على قد ماهي شاطرة على قد ماهي متزمدة اوي ......
بصي مش مخلياها تحود رأسها حتى....
كتمت ميار ضحكتها ثم استأذنت المصففة الخاصة بها لتستقيم وتتجه هي وماجدة الي ماسة لتستاذن ميار من مصففة ماسة لتجيبها المصففة بحدة قائلة / عشر دقائق بس..
عقبال ما اعملي كوباية نسكافية .....
عايزين نخلص بدري.
انسحبت المصففة لتنطلق ضحكة من أفواه كلا من ميار وماجدة وتحاول كلا منهن على كتمها لتنظر لهم ماسة بغضب قائلة / اضحكوا اضحكوا وانا اللي متزنبة تحت ايد انثى العنكبوت ده ......
لتقول ماجدة بوسط ضحكاتها / بسرعة بس قبل ما ترجع...
معاكي بريك عشر دقائق بس.....
جزت ماسة على أسنانها وكادت أن تلكم ماجدة لولا ميار التي أحالت بينهن لتقول لماسة / المهم بس وريني شكلك كدة علشان اطمن علي اخويا ......
امممم مش بطال .
اتسعت نظرات ماسه ونظرت للمرآه ثم نظرت لميار قائلة بخوف / وحشة ؟؟
شكلي وحش بجد يا ميار !؟
تحسست ميار وجنتيها وابتسامة عذبة قالت لها / لا يا قلبي ما شاء الله طالعة زي القمر .....
انتي قمراية من غير حاجة يا ماسة .
ابتسمت ماسة لتحمحم ماجدة قائلة باعتراض / مش اوي يعني لحسن تتغر......
نظرت لها ماسة بنظرات نارية قائلة / عارفه.....
مش هرد عليكي .......
علشان ليكي يوم وكلنا هنكون فاضيلك .
ثم التفتت ماسة لميار قائلة / بس بجد يا ميرو عيني عليكي بارده ......
انتي من غير مكياج وتحسي كدة وشك منور ما شاء الله.
وكزتها ماسة وغمزت بعيونها لتستطرد قائلة / كل ده علشان سي جواد!؟
احمر وجه ميار خجلا وقضمت شفتها السفلية قائلة بصوت خافت وخجل شديد / عارفه يا ماسة.....
انا حاسة اني مكسوفة اوي ومرعوبة.....
مش خايفة بس اكني اول مرة .
تبادل ماسة وماجدة النظرات الاسفه لتنطق ماجدة / ايه اكني اول مرة ده ؟؟
مانتي اول مرة فعلا هي اللي فاتت ده تتحسب ؟
لتكمل ماسة خلف ماجدة قائلة / متفكريش في اللي فات يا ميرو واستمتعي بالموضوع وبس .
نظرت ميار لها وقالت بأسف / بس چواد مش هيستمتع .
لتقطع حديثهم المصففة ليعود كلا منهن الي مقعده ليمر اليوم ويأتي كل عريس لاستلام عروسه لتفاجأ ميار أنهم يبلغوها ان چواد اول من سيدخل
لتذهب ميار لغرفة استقبال العريس وتقف تشعر باضطراب شديد وتوتر زائد ....
ظلت تفرك بيدها حتى وجدت من يحيطها من الخلف ليقشعر جسدها وتغلق عيونها كمحاولة من تخفيف توترها
ليركز چواد رأسه اعلي كتفها ويقبلها من وجنتيها ومازال خلف ظهرها ليهمس بأذنها بصوت عذب / مش مصدق أن اليوم ده اخيرا جه ......
خايف اسيبك الاقي نفسي صحيت من حلم جميل....
قوليلي أن ده حقيقة مش حلم يا ميار ،
ظلت ميار مغمضة العين صدرها يتعالى من ملاحقة انفاسها ......
قلبها يرتجف رغبة ورهبة
لم تستطيع أن تتفوه ولو بكلمة واحدة ......
ادارها جواد ليرى جمالا لم يراه عينه من قبل ....
جمال روح طيبة طاغية على ملامح رقيقة ليعزفا معا سيمفونيه بعنوان الجمال الحقيقي .
وجدها ما زالت مغمضة العين فاقترب منها وقبلها من وجنتيها لتنتفض ميار بين يداه
فيحاول چواد ان يهدأها ليربت على كتفها قائلا / متخافيش يا ميرو .......
متخافيش وانا معاكي ابدا........،
افتحي عينك بقي خلي الجمال يكتمل .
تفتح ميار عيونها ولكنها صوبت نظراتها للاسفل
ليرفع جواد رأسها ويسافر بنظراته علي ملامح وجهها حتى استقر ينظر بداخل عيونها هامسا لها بحرارة / ياااااه معقولة الجمال ده كله من نصيبي ......
بحبك .......
بعشقك ........
بموت فيكي ميرو .......
تقبرني ها الملامح.
انطلق چواد بميار الي السيارة ينتظران دخول محمد لماسته التي وقفت تنتظره كثيرا بينما محمد كان يطمئن على ركوب ميار سيارتها ثم توجه لعروسه التي فور دخوله استدارت لتعطي له ظهرها فتقدم منها قائلا / اخيرا يا ماستي .....
اخيرا جه اليوم اللي هنكون مع بعض فيه......
حركت ماسة كتفها باعتراض قائلة بصوت حزين / لا انا هروح مع ماما علشان زعلانة منك .....
ابتسم محمد واستدار ليأتي لها في الامام ولكنها استدارت عنه قائلا باستهزاء / تروحي مع ماما ده ايه !!.....
لا انسي....
ده لو مش انا اللي همنعك يبقى عمك اللي هيعلقك .
عقدت ماسة حاجبيها سائلة / وعمي هيعمل كدة ليه ؟
انا هخرج أقوله هجي معاكم وهو مش هيرفضلي طلب .
استدار محمد ثانية من الجهه الاخرى حتى يصبح بمواجهتها ولكنها استدارت سريعا لتعطيه ظهرها مرة أخري فقال لها محمد / لا ماحنا مش هنبدا يومنا نلف حوالين بعضينا كدة
هرفهد منك في اول اليوم يا بنت الحلال ....
وبالنسبة لعمك لما نروح هفهمك هو مش هيوافق ليه .
استدارت بعصبية متخصرة امامه قائلة / لا قولي دلوقتي.....
يا اما هروح معاه فعلا .....
كفاية انك سيبني لوحدي مستنياك وانت متأخر.....
فور رؤية محمد لها بالفستان وكامل زينتها اذبهل وظل متسعا العينين صامت أمامها لتعقد هي حاجبيها قائلة / انت مبلم كدة ليه ؟
ليجيبها محمد وهو بحالة تيهه / ايه رايك لو روحنا البيت علي طول ؟
_ لا طبعا والفرح .
_ فرح ايه دانا الفرحة مش ساعياني .....
يخرب بيت جمالك.......
ما تجيبي بوسة .
شهقت ماسة لترفع فستانها وتهم بالانصراف ليوقفها محمد قائلا / استني عندك هتطلعي لوحدك !؟
دانا صارف ومكلف علشان الطلة ده ........
ثم أطلق تنهيدة عالية قائلا / يالا بينا ......
وأمسك ذراعها ليتأبط وسريعا اختطف قبلة من وجنتها شهقت على إثرها ماسة واتسعت نظراتها ليصطحبها محمد قائلا / كدة خالصين ......
انت مثبتاني بجمالك وانا ثبتك ببوسة.....
والباقية تأتي .......
ثم غمز لها بأحدى عينيه لتزم شفتيها وتشتعل وجنتيها احمرارا من الخجل.
دلف نضال ليستلم عروسه فوجدها تقف متأهبة وفور دلوفه تقدمت نحوه رافعه فستانها قائلة / يالا بسرعة لحسن هيمشوا ويسبونا........
ابتسم نضال ونظر لها من أعلاها لاسفلها قائلا / طب مش تستني اشوف الفستان عليكي .....
تحدثت ماجدة بعفوية تامة قائلة / ابقى شوفه في الفرح يالا بسرعة ......
وتأبطت ذراعه تسحبه بجوارها عنوة ليوقفها نضال قائلا/ متخافيش ......
محدش يقدر يمشي من غيري .....
ثم انا حابب اشوف الفستان عليكي لوحدنا .....
بيبقى له طعم تاني.
انزوت حاجبي ماجدة لتجد نضال ممسكا بيد واحدة ويرفع يدها عاليا
ثم يديرها فتستدير معه ماجدة ليتخللها احساس السعادة الممتزج بالخجل وهي تدور أمام نضال بمفردها بالفستان حتى أوقفها نضال لتجد نفسها تقريبا بين أحضانه فنظرت له بريبة قائلة / لو عملت زي المرة اللي فاتت هصوت والم عليك الناس كلها.
ابتسم نضال وادعى النسيان قائلا / هو انا عملت ايه المرة اللي فاتت ؟
فكريني كدة .
اضطربت نظرات ماجدة وشعرت باشتعال وجنتيها لتقول بهمس / نضال لو سمحت هيمشوا ويسبونا .
يقرب نضال وجهه منها ويجول في ملامحها قائلا بصوت خفيض / متخافيش.
وكأنه أعطى أمر الرهبة لقلبها ليخفق قلبها عاليا باقترابه وتغمض هي عيونها فيلاحظ نضال توترها الزائد ليغمض عينه ويحاول التحكم في انفعالاته قائلا بهمس / يخرب بيت البراءة ......
ثم سحب نفسا عميقا وفتح عيونه قائلا/ يالا يا بنتي علشان مضمنش نفسي بعد كدة بصراحة .
فتحت ماجدة عيونها تنظر له باندهاش فقال لها محذرا / لو ممشتيش دلوقتي هعتبره تصريح بالموافقة أن اعمل اللي في بالي ......
شهقت ماجدة وسريعا تابطت ذراعه ساحبة اياه للخارج .
.....................................
بقاعة الافراح وصل الأهل والاحباب منتظرين قدوم العرسان .
جلس يزن وغزل بمنضدة بمفردهم ليملي يزن شروطه على غزل والتي لم يعجبها الحديث قط فيكرر يزن شروطه قائلا / بعيد عليكي تاني يا غزل ......
رقص ممنوع حتى لو بنات القاعة كلهم رقصوا انتي لا ......
سامعه ؟؟
عبست غزل مطلقة نفخة تذمر قائلة / اوف انت جايبني فرح صاحبك تخنقني ؟
اكيد انت هترقص معاه انا بقى اقف اتفرج عليكم ؟
_ لا انتي هتصقفيلي .
أجابها ببرود تام فجزت غزل على أسنانها واطلقت نفخة من منخارها تعبيرا عن الغضب وادارت وجهها للجهة الأخري ليمد يزن إصبعه ليدير وجهها إليه قائلا بلهجة لم تعتاد هي عليها
لهجة بها المزيج من الحنية والغيرة فقال لها / بغير عليكي يا غزل .....
بموت لو حد بصلك بصة مش ولابد .....
ثم مد كفه ليمسك كفها بكل رقة متحسسا بابهامه بشرة كفها وهو مسلط نظراته بداخل عيونها حتى شعرا كليهما أنهما انعزلا عن العالم وأصبحا بعالمهم الخاص بهم
ليقرب يزن كفها من فمه ويلثمه لتبتسم غزل وتنظر للاسفل خجلا حتى انتبهت على ارتفاع صوت الموسيقى التي تنبأ بخبر وصول العرسان.
دلف كل عريس وعروسة للقاعة بوسط زفة مهيبة لكلا منهم ليستقر كل عريس بجوار عروسة بمقعدهم المعد لهم وتبدأ فقرات الحفل والتي دامت لمدة تزيد عن ثلاث ساعات يعمهم السعادة العارمة حتى حانت لحظة الانتهاء ليخفق قلب كلا من ميار وماسه لتميل ماسة على إذن ميار هامسة لها / انا مرعوبة .....
ده طبيعي؟؟
لتهمس ميار بدورها باذن ماسة قائلة / انتي طبيعي بس انا الرعب اللي فيا مش طبيعي ......
بينما قلب كلا من چواد ومحمد يخفق من السعادة .
بينما تترك ماجدة نضال لتنطلق الي ماسة وميار تتوسطهم وتمسك بأيديهم وتتبادل النظر بينهما قائلة / بتقولوا ايه ؟
ثم ابتسعت ابتسامتها قائلة / انا فرحانة بيكوا اوي....
وانتوا كمان صح ؟
نظر كلا من ميار وماسة لبعضهم وازدرأ ريقهم ثم نظرا لماجدة قائلين / عقبالك .
_ يااااارب
نطقت بها ماجدة لينطلق بعدها كل عروس مع عريسها لطريقهم لبيت الزوجية .
وصل چواد وزوجته وصعدا الي شقتهم الكائنة فوق شقة والدته وفور دلوفه هو وميار وبعد توديع الأهل والاحباب افلق چواد الباب
لتنتفض ميار اثر صفق الباب برغم أنه اغلفه ببطئ .
حاولت أن لا تظهر حالتها تلك فسحبت نفسا عميقا ليقترب چواد منها ويحاول أن يحيطها بذراعه لتنتفض ثانية .
رفع چواد ذراعه عنها متعجبا من رد فعلها ليستدير ويقف أمامها ليجدها مغمضة العينين ولكنها تزرف دموعا
عقد چواد حاجبيه وشعر بخطب ما
ليزيل دموعها بابهامه قائلا بفزع على حالها / مالك يا ميرو ؟
مالك يا قلبي ؟
فيكي ايه ؟
فور أن استمعت لصوته الحنون وسؤاله الهالع عليها
حتى اجهشت بالبكاء ليفزع چواد ويقترب يحاول احتضانها ولكن فور لمسها زادت ارتجافا ليبتعد خطوة للوراء رافعا ذراعه لأعلى قائلا بقلق عارم / خلاص بعدت .....
بعدت والله اهدي بقى ....
اهدي وحياتي.
حاولت تهدأة روحها لتفتح عيونها وهي تنتحب
وازالت دموعها لتردد كلمة واحدة / انا اسفة ....
والله اسفة .... مش قصدي .....
انا قولتلك منفعكش بس انت مصدقتنيش .
اقترب خطوة حذرة ليحاول تهدأة روعها فقال / متقوليش كدة .....
انا مستعد استحمل منك اي حاجة.....
المهم انك جنبي ومعايا .
امسك يدها وسحبها برفق ليجلسا على الأريكة قائلا / طب المهم بس تهدي ومتحطيش في دماغك اي حاجة.....
عايزك تحكيلي ايه اللي مخوفك كدة......
واتاكدي اني هعمل كل اللي انتي عايزاه.
أزالت ميار دموعها محاولة اختيار ألفاظها التي ستسرد له بها حالها وبوسط نحيبها بدأت تسرد له كيفية معاملة حسن لها بليلة زفافهم
وكيف تكونت لديها صورة بذهنها عن العلاقة الزوجية الحميمية وأنها تفسرها بجملة واحدة / مش عايزة ده منك انت بذات .....
مش عايزة اكرهك ......
واجهشت بالبكاء محتضنة وجها بكفيها .
احتل الذهول وجه چواد مرددا بداخله سؤال لم يجد إجابة له إلا الان / الهذا السبب كانت تردد كلمة خائفة ؟
اشتعلت عيونه لهبا لو استطاعت السنتها أن تخرج من مقلتيه لاحرقت العالم كله.
امتلأ قلبه غضبا كبركان ثائر لو وزع على البشر جميعا لفاض تنوره .
ظل جالسا أمامها يجهل ما عليه فعله كل ما يعلمه ويدور بذهنة أن يذهب لهذا السئ يبرحه ضربا بل سيمحيه من على وجه الارض .
برغم جلوسه أمامها إلا أنه لم يرى سوى السواد سواد يعم المكان لا يعرف كيف يمحيه .
انتبه من وسط ذهوله على صوت بكاءها الذي لم يتوقف ولكن ربما على نحيبها لدرجة جعلته يخرج من أفكاره السوداوية ....
فاغلق عيونه وسحب نفسا عميقا شعر كأنه حميم يغلى بصدره .
حاول تهدأتها فمد يده تجاهها وكاد أن يحتضنها ولكن تراجع باخر لحظة
لا يعرف كيف يهدأها
والأهم كيف يمحو هذه الذكريات حتى يتسنى له المعايشه معاها بصورة طبيعة.
نطق بصوته الحزين محاولا مخاطبة قلبها وروحها قبل أذنها / متخافيش واطمني .....
انا مش كدة......
وعمري ما هبقى كدة مهما كان.....
عقدت ميار حاجبيها عند سماعها هذا الحديث...
اليس كل الرجال هكذا ؟؟؟
فقد اقنعتها والدتها ان جميع الرجال هكذا !!!
فكيف يحاول إقناعها الان أنه ليس كذلك .......
أزالت كفوفها عن وجهها ونظرت له بعيون مليئة بالدموع نظرة تعجب واندهاش
ليبتسم چواد ابتسامة طفيفة محاولا مداراة حزنه عليها ولكنه اكمل / اوعدك مفيش اي حاجة تحصل بينا طول مانتي مش عايزة .....
حتى لو مش عايزة أي حاجة تحصل خالص.....
يكفيني انك معايا وجنبي ده عندي بالدنيا.
ثم اماء برأسه تأكيدا على حديثه واردف قائلا / وكل اللي عايزاه هيتم ......
مهما كان.....
وبالطريقة اللي تعجبك كمان.
بدأت الابتسامة تشق ثغرها فازالت دموعها بكل فرحه وبدون وعي منها ارتمت هي باحضانه
ارتمت بأحضان الامان التي استشعرته من صدق حديثة ونبرة صوته .
ارتمت بأحضان من اشتاقت روحها لروحه.
ليغلق چواد عيونه ويسحب نفسا عميقا وكأنه تذوق الآن الأكسجين
حاول محاوطتها بذراعه وذرعها أكثر بداخل احضانه
ولكنه تراجع قابضا كفه بغضب جم هامسا لنفسه / يااااا الله.
ثم سحب نفسا وأخذ يربت على ظهرها برفق وحذر
حتى انتبهت ميار من اندفاعها لتتراجع بخجل
ليحاول تغيير دفة الحوار فقال ممازخا / انا جعان اوي ....... هي حماتي معملتش صينية العشا زي ما بيقولوا عندكم بمصر ولا ايه ؟
نظرت له ميار ثم همت قائلة / لا في.....
ماما عملتلك كل اللي بتحبه في اكل المصريين
حتى الملوخية.....
ثواني هسخن الاكل واجيب الصينية .
استقام أمامها قائلا / لا ادخلي انتي غيري وانا هجيب الصينية الاوضة ....
بس لو سمحت طلعيلي هدوم
علشان لسه معرفش مكانها وانتوا اللي رتبتوا الدولاب.
أراد أن يجعلها تتصرف بعفوية فابتسمت ورفعت فستانها عن الأرض قليلا حتى تستطيع السير به لداخل الغرفة .
..........................................
جميل أن تتجاهل حزنا عميقا بداخلك وتقول قدر الله
وما شاء فعل.
دلفت للغرفة وأغلقت الباب خلفها
شاعرة براحة قلب وبال .
لم تتوقع أنه سيتصرف معها هكذا ....
نعم تعلم أن چواد يتسم بالرجولة والشهامة....
ولم ينقض عهد ابدا ....
ولكن هل سيتحمل كل هذا من أجلها ؟
والي متى سيتحمل ؟
شعرت بتأنيب الضمير من أجله فإذا كان تنازل عن حقه من أجل ارضاءها وراحتها
فلابد منها أن تتنازل ولو قليلا من اجل اسعاده
فهو يستحق هذا .
ظلت تدور حول نفسها كيف ستمنحه السعادة الذي يستحقها
حتى خطرت ببالها فكرة
قضمت شفتاها خجلا من أجلها
ولكنها تمالكت نفسها وهمت بتنفيذها.
بالخارج فور دلوف ميار الغرفة سقط چواد على الأريكة التي خلفه من هول الهموم التي به .
شعر وكأن جبل من الهموم يسقط على رأسه .
كيف سيزيل عنها كل هذه الذكريات السيئة ؟
كيف يسعدها ويمحو من ذاكرتها كل ما تم؟
لعن نفسه الآلاف المرات
وتكرر في مخيلته اقتراح يزن له منذ البداية.
أن يخطفها ويتزوجها رغم عن أهلها
ولكنه تراجع عن هذه الأفكار القبيحة ،
نعم قبيحه .....
فهي بالظاهر حل للأمور.....
ولكن عواقبها وخيمة
فمن الممكن أن تزيل اي ذرات حب بينهم .
فلو كان فعل هذا من المؤكد سيكون عقد زواجهم باطلا فلا زواج لبكر دون وليها......
وهو ليس من الشخصيات التي يقبل أن يعيش بالحرام....
كما أنها لم تستحق هذا العار التي سيلازمها طوال حياتها
وحياة ابنائها .....
وربما سيقطع كل الصلة بعائلتها مما سيحول حياتهم لجحيم ولعنة تلازم الحرام دائما.
فحرك رأسه منفضا هذه الأفكار الشيطانية عن رأسه
و اعتبر كل هذا اختبار من ربه فحمد الله على كل ما تم .
ويكفيه أنه جمع بينهم في خير ...
وسيحاول بشتى الطرق على جعلها تجاوز محنتها النفسية
فهي تستحق كل المحاولات الشاقة مهما يكن ....
وربما تكون منحة من الله لتوطيد علاقتهم معا.
خرج من وسط أفكاره على فتح باب الغرفة فتذكر أمر صينية العشاء فهم لجلبها
لولا جملة ميار التي أوقفته جبرا فاستدار لها ليتأكد مما استمعه ليراها حقا مازالت بالفستان وتكرر طلبها قائلة/ عايزاك تفتح لي سوستة الفستان......
لو سمحت.....
...................................................
صعد محمد شقته مع عروسة بعد أن أوصل أخته مع زوجها ليهم أن يغلق الباب لولا أنه وجد ماجدة تعرقل غلق الباب قائلة / استني يا محمد عايزة ابارك لماسة .
فتح محمد الباب عاقدا حاجبيه بتعجب قائلا باستنكار / تباركي لماسة !؟
كل الفرح ده ومباركتيش!؟
ابتسمت ماجدة بسماجة قائلة / مانا كنت مشغوله بشبكتي
معرفتش اباركلها كويس ......
وسع كدة خليني ادخل.....
عبرت من جواره ليتمتم محمد بصوت مسموع / شبكة ايه ؟
دانتي مقعدتيش جنب الراجل نص ساعة على بعض !
انا عارف صابر عليكي ازاي ده؟؟
لوحت ماجدة بكفها ثم وقفت أمام ماسه التي احتضنتها وكأنها لم تراها لسنوات
لتهمس لها ماسة بقلب مرتجف وعيون دامعة / خليكي معايا يا ماجي......
انا خايفة اوي .
تعجبت ماجدة من حوار ماسة لتعقد جبينها قائلة / خايفة من ايه !؟
محمد مش وحش .....
ثم التفتت لتحدث محمد الذي ظل واقفا بجوار الباب وتركه مفتوح عاقدا كفيه أمامه فقالت له / صح يا محمد مش انت طيب ؟
قلب محمد عيونه لأعلى ثم نفخ بفمه قائلا / شرفتي يا ماجدة .....
هنستناكي بكرة يا ماما .....
بس ابقى تعالي على العشا .
عقدت ماجدة حاجبيها متعجبه من رده الفج لتهمس لماسة قائلة / بصي هو المفروض أنه مش وحش .....
بس هو معايا مستفز شوية ......
انا هنزل واطلعلك ماما توصية عليكي .....
هو بيسمعلها اكتر.
مسكت ماسة بيدها بترجي قائلة / والنبي ما تسبيني .....
لو نزلتي مش هيفتح الباب لحد
انا عارفه......
_ ليه يعني ؟
علقت ماجدة باستنكار ثم سحبتها ماجدة لأقرب أريكة وكادت أن تجلس بجوارها ليلاحظ محمد الموقف فهَم نحو أخته وامسكها من كفها ساحبا إياها تجاه باب الشقة سائلا / انتي هتعملي ايه ؟
لتجيبه بكل عفوية / هقعد أهديها شوية......
البنت خايفة منك .
ظل يسحبها حتى أخرجها من الشقة قائلا لها / متخافيش انا مش بعوض ....
انا هعرف أهديها كويس....
اخرجي انتي بس منها ......
ثم أغلق باب الشقة لتقطب ماجدة جبينها بتعجب مما يفعله أخيها لتطرق على الباب قائلة / والله لاقول لماما .
ليجيبها محمد من الداخل قائلا / أيوة قولي لماما والنبي....
يارب تفهمك جتك خيبة في خيبتك.
هبطت ماجدة الدرج لتقتحم شقة والدتها التي تكمن أسفل شقة محمد صائحة بغضب غير مبالية لنضال الجالس والتي استأذنته لبضع لحظات دون أن تخبره ما تنتوي فعله فقالت بكل غضب / شايفة يا ماما .....
شايفة ابنك وقلة أدبه......
البنت معاه مرعوبه من أسلوبه الفج وبقوله هقعد معاها شوية أهديها طردني البيه من شقته .....
ويقولي انا ههديها بمعرفتي .....
اتفضلي اطلعيله بقى .
اتسعت كل العيون تجاهها لا يعرفون ماذا يقولون لها .
بينما نضال حاول كتم ضحكته متمتما لذاته / يخرب بيت السذاجه .....
خام خام يعني.
استقام توفيق وهو يشعر بالخجل محاولا تغيير الحوار ليقول لها / مش تقعدي مع نضال شوية يا حبيبتي ده النهاردة شبكتكم .....
ومعرفتوش تفرحوا بيها علشان افراح اخواتك.
نظرت تجاه والدها وتجاه نضال ثم قالت بتعجب / انا بتكلم في ايه وانتوا بتتكلموا في ايه ؟
ما نضال قاعد اهو هعمل ايه يعني....
المهم البنت اللي فوق ده بجد صعبت عليا .
انفلتت ضحكة من فم نضال جاهد نفسه على كتمها ولكن لم يستطع هذه المرة ليهب واقفا ويحاول الحفاظ على ماء وجهه فقال / طب هستاذن انا يا عمي وهبقى اجي اقعد ما ماجي مرة تانية أن شاء الله.
ثم نظر تجاه والدة ماجدة التي تمنت أن تنشق الأرض وتبتلعها ليقول ليرسل لها برسالة مستترة مكملا حديثه قائلا / عقبال ما طنط عزة تفهم من ماجي أو تفهمها أيهما اقرب .....
عن اذنكوا .
فور انصرافه نظر لها كلا من عزة وتوفيق وضرب كلا منهم كفا على الاخر محركا رأسهم يمينا ويسارا تعبيرا عن اللافائدة وانسحب توفيق لداخل غرفته تبعته عزة ولكن بعد أن أغلقت باب الشقة بالمفتاح وأحتفظت بالمفتاح بحوذتها تاركين اياها بوسط الصالة تستشيط غيظا .
فجلست ماجدة ونفخت نفسا كالتنين الغاضب ناظرة تجاه باب الشقة الموصود عاقدة كفها أسفل وجهها متمتمة / وبعدين هعمل ايه دلوقتي ؟
ماسة مع محمد ومرعوبة.
وميار مع جواد اكلم مين علشان يلحق البنت المسكينة ده ؟
ربنا يهديك يا محمد .
......................................
بعد ان أغلق محمد خلف أخته الباب استدار ليجد ماسة تدلف لغرفتها مسرعا وتغلق عليها باب الغرفه حاول اللحاق بها ولكن لم يستطع .
همس لاعنا ماجدة ثم طرق علي الباب قائلا / افتحي الباب يا ماسة .
_ لا انا زعلانه منك.
_ طب حقك عليا انا غلطان يا ستي....
بس افتحي الباب دانا بحلم باللحظة ده من سنين.
حركت كتفها لاعلي رافضة / لا انت مرضتش تخليني اروح مع عمي وضحكت عليا.
_ والله انا لسه مضحكتش عليكي.....
بس اوعدك هعمل.
همس باخر جملته لتسترق ماسة السمع من الداخل فلم تستمع لشئ فتقول / ايه بتقول ايه مسمعتش ؟؟؟
_ بقول يا حبيبتي أنا وعدتك هقولك عمك مش هياخدك النهارده ليه ...
بس انتي مش راضية تسمعيني ....
بصي افتحي اخد هدومي واقولك السبب اللي عمك كان هيرفض ياخدك علشانه ......
وهطلع على طول.
حركت عيونها يمينا ويسارا تفكر بالأمر فلتسمعه ثم تخرجه مرة أخرى من الغرفة لتسائلة قبل أن تفتح الباب / وعد ؟
ابتسم محمد بخبث وصفف شعره بيده قائلا / وعد اول ما اقولك السبب هعمل اللي انتي عايزاه.
فتحت ماسة باب الغرفة لتنظر له فتجده واقفا أمامها أيقونة من الوسامة والجاذبية يبتسم ابتسامة ماكرة خفق قلبها رعبا فقالت له/ اتفضل اتكلم .
عبر من جوارها غير عابئ بوقفتها واتجه صوب خزينة الملابس وهم يقول / هطلع لبسي الاول.
ثم اتجه ناحية الكوميد وأخرج ورق كوتشينة قائلا / وبعدين هتلاعبيني كوتشينة....
ومع كل مرة تكسبي هقولك على سبب من الأسباب.
لم تفهم خدعته فاستجابت سائلة / ولو خسرت؟
اتسعت ابتسامة محمد قائلا / كرم اخلاق مني لو خسرتي...
برضه هقولك على سبب اتفقنا.
تحمست ماسه لتجلس القرفصاء علي الفراش فتسائل محمد بتعجب / طب مش هتغيري هدومك الاول ؟
نظرت له ماسة بتحدي / لا انا كدة مرتاحة .
ليبتسم محمد قائلا / ولا يهمك براحتك خالص....
انا هتصرف......
لقضب جبينها فهى لم تفهم جملته الأخيرة ليهم هو في خلع قميصة فتشهق ماسة قائلة / انت بتعمل ايه ؟
قال بكل عفوية/ انا سيبتك تقعدي براحتك....
سبيني بقى اقعد براحتي انا كمان .....
ولا تحبي نلعب علي الهدوم قبل الاسباب؟
_ لا لا خلاص براحتك ....
بس.....
بس مش براحتك اوي.
نظرت للاسفل خجلا لييقرر محمد أن يرحمها قليلا من الخجل ويستقر أمامها ببنطال البدلة فقط وبجذع عاري وبدأ بتفنيط الورق وتوزيعه ومع كل دور كانت تذوب المسافات والرهبة كما أنه حاول جاهدا على فوزها
لتقفز فرحة وتصفق ثم تحتضنه وتلف ذراعها حول عنقه قائلة بتحدي / اتفضل اتكلم يا استاذ .
نظر محمد هائما بداخل عيونها فاضطربت انفاسها وزمت شفتيها مما جعلته ينتبه لهم فنظر تجاههم لتقضم هي شفتيها وتحاول أن تبللهم بلسانها ليزدرأ ريق محمد وتتحرك تفاحته قائلا بلهث من جم مشاعره / بصراحة السبب الأول ميتقالش...
بيتعمل بس.
اثار فضولها فقضبت حاجبيها لتسأله / هو ايه اللي يتعمل ؟
ابتلع ريقه بصعوبه وسلط نظراته على شفتيها قائلا/ عمك....
بيعمل كدة .
انقض على شفتاها يلتهمها بنهم ويتذوقها مرارا وتكرارا بينما هي لم تستطع تمالك ذاتها فقد ذابت فعليا كلوح الثلج في طقس حار لا يستطيع الاحتفاظ بجموده
بينما يذوب على مهلا وتروي .
حاولت إزاحته عنها قليلا بقوة واهية حتى لامست بكفيها صدره العاري
فإذا بها تحولت لمستها ارغبة لم تعتادها بعد
فاذداد هو لهيبا من لمستها
ليتخلص بحرفيه من فستانها التي لا تعلم متى وكيف انخلع عنها.
بعد فترة لم تعرف مدتها استراحت من لهثها فوق صدره تريح وجهها وكأنها تستند على وسادة مريحة.
لتلكمه برفق بقبضة يدها فوق صدره اللاهث وتقول بابتسامة تحاول اخفائها من الخجل / ضحكت عليا برضه يا قليل الادب.
ابتسم محمد وشعر بسعادة غامرة وكأنه يلامس عنان السماء فقبل رأسها ويده تداعب شعرها الحريري قائلا ببراءة تامة / انا مضحكتش عليكي يا حياتي.....
انا قولتلك السبب والله....
ثم رفع رأسها لتتقابل الأعين بلهفة وشوق ليكمل غامزا / على فكرة في أسباب كتيرة تانية انا لسه مقولتهاش....
تحبي اقولك على واحد تاني دلوقتي....
قضمت شفتاها ونظرت للاسفل ليحرك رأسها للأعلى فنظر بعيونها وكأنه تلقى القبول
ليقول مازحا وبصوت عالي / أيوة بقى ...............
هو ده ...............
السبب الثاااااااني .
لتطلق هي ضحكة صاخبة لم ينهيها سوى شفتيه.