رواية حان الوصال الفصل السادس والثلاثون 36 بقلم أمل نصر
بعض الجروح لا تشفى إلا بالكي
وهناك اوقات لا يصلح معها إلا القطع، ان تقرر ، ان تفصل، ان تنجى بالباقي من كرامتك، لهو اهون الف مرة من تستمر على الخطأ، حتى وإن كان بالتنازل سعادة وقتية، ثق انها رويدًارويدًا سوف تزول.
كوني قوية ولا تقبلي بأنصاف الحلول، إما عشق بوضوح الشمس وإلا فلا .
#بنت_الجنوب
❈-❈-❈
– انا مع إيهاب.
– انتي مع إيهاب؟!
تمتم بها بشيء من الصدمة، لا يصدق الرد الفوري منها بهذه السرعة دون ان تعطي نفسها حتى فرصة للتفكير به, تلك من كانت منذ لحظات تذوب بين يديه، تنصر هذا الصغير عليه دون تردد ، هل لهذه الدرجة هو لا يعنيها؟.
– بسهولة كدة، بتمشي ورا كلام العيل الصغير والعته بيقوله ده؟
– انا مش عيل صغير يا باشا، ولا بخرف بعته…….
– ايهاب، استنى انت .
قاطعت بها شقيقها لتعطي كامل انتباهاها له، فيلتقي صفاء خضراوتيها بوهج ببندقتيه الحادتين، في حديث لا يخلو من عتب ولوم وكأنه تذنب في حقه وعلى وشك التخلي عنه دون انتظار .
– ممكن تخرج دلوقتي يا إيهاب؟
تفاجأ شقيقها بطلبها، فجاء رده يضيف مزيدًا من الدهشة بقلب هذا المطعون بموقفها المخزي ضده على حسب ما يرى الاَن:
– واسيبك لوحدك معاه؟
– من فضلك يا إيهاب.
اذعن في الاخير لرغبتها ، ولم يفوته توجيه نظرة الانتصار نحو ذلك المتجمد محله ، والذي لم يرفع ابصاره عنها سوى بعد خروجه ، لتبزغ ابتسامة ساخرة بزاوية فمه قائلا :
– كويس والله انه سمح لنا بالانفراد، بس انتي ازاي جاتلك الجرأة تطلبيها؟
قابلت تهكمه بثبات واهي، وقلبها من الداخل يأن وجع الترقب ،والخوف من النهاية الشويكة بالمواجهة الفاصلة الآن:
– انا مش ببيعك دلوقتي يا رياض، انا بشتري نفسي وكرامتي قبل ما اشتري اخواتي، حتى لو انت شايف اللي بيحصل عته ، وأن اعترافك بجوازنا قدام اسرتي انه أقصى ما عندك أو يمكن معتبره تفضل عليا……
– بلاش كلامك المستفز ده ، عشان انا على اخري اساسا.
هدر بها مقاطعًا بحدة ، ليجبرها على المزيد من المكاشفة، فلم يعد هناك شيء لا ينبغي البوح به:
– بلاش نضحك على بعض، عشان انا عارفة كويس سبب رفضك ، انت لحد الان عامل حساب للمجتمع الراقي بتاعكم ، دماغك صورتلك انك بكدة عملت اللي عليك قدام اخواتي، وتقدر من النهاردة تأخدني على عشنا السعيد ونعيش في امان وسلام، واللي يعرف هيبقى اعداد قليلة يدوب متأثرش على سمعتك، اللي ممكن تنهار لو اتعمل فرح واتكتبت اسم رياض باشا مع بنت خليل اللي كانت شغالة عاملة في مصنعه لا وكمان جليسة للست والدته ، متفتكرش اني غبية ومش واخدة بالي من التفصيلة الصغيرة دي .
لأ ينكر انها أصابت جزء كبير الحقيقة ، وكأنها اقتحمت عقله واكتشفت ما يدور برأسه ولكن روح العند بداخله تأبى الاعتراف ، والتمسك بالهجوم :
– اممم وايه تاني كمان؟ كملي يا بهجة، شكل إيهاب مش جايب ايه حاجة من عنده .
ردت بابتسامة جانبية ضعيفة، لم تصل لعيناها :
– اعتبرها كدة فعلا…. لو انت عايز كدة، بس في كل الحالات احنا وصلنا لطريق نهايته اختيارين، انا عارفة ان الاتنين أصعب من بعض عليك، لكن لابد منهم، وعلى العموم انت تقدر تريح نفسك خالص، وتعتبر حكايتنا قصة وانتهت، لو صعب اوي معاك التنفيذ،
– يبقى انتي اللي اختارتي يا بهجة مش انا، وكدة خليكي قد قرارك .
صدرت منه سريعًا وبدون تفكير، وكأن بها رد لكرامته، بعد تفضيلها لشقيقها عليه.
وتحرك فجأة يسحب نفسه للخارج امام صمتها المريب، حتى سمعت صوت غلق الباب الخارجي للمنزل بمغادرته، ليدلف شقيقها بعد لحظات قليلة ، ويجدها واقفة امامه دون حراك وكأنها تمثال من شمع، لا ترمش حتى عينيها، بهيئة أوقفت قلبه ، حتى صدر قوله بصوت هتز:
– ايه اللي حصل؟ انا شايفه خارج وشه ميطمنش.
لم تنطق ببنت شفاه، حاولت التظاهر بالثبات ، ولكن دموعها أبت الا تخونها، حتى وشكت على الوقوع، قبل ان تتلقفها ذراعي شقيقها حتى لا تسقط.
❈-❈-❈
أجلت الصعود إلى شقيقها، وتجاهلت الرد عن مكالمات والدتها التي هاتفتها عدة مرات، وصارت تتبع هذا المشهد الغريب، بسحب والدها لتلك المدعوة صفاء قريبة زوجة شقيقها، بفضول يكتسحها لمعرفة التقاء الشرق مع الغرب، تلك التي رأتها مرة واحدة اثناء زواج شقيقها وعرفت انها متزوجة في الصعيد، إذن ما الذي يجمع بينها وبين والدها؟
اما عن خميس والذي واصل سحب زوجته حتى وجد المكان المناسب ليدفعها بقوة فيصطدم ظهرها بالحائط الخلفي لمبنى المشفى، في زاوية بعيدة عن المارة وعن الجميع.
فيخرج صوته أخيرًا بعد ان اطمأن بعض الشيء لابتعاده بها عن مصدر الخوف، ويتذكر غضبه منها:
– انتي اتجننتي يا صفاء؟ جيالي برجليكي لحد المستشفى عشان تفضحيني؟
طق فمها بصوت مستهجن تستنكر قوله:
– افضاااحك! ليه يا خميس بقى؟ كنت شبهة مثلًا؟ ولا واحدة ماشية معاك في الغلط؟
صاح بها بحنق شديد:
– لا دا ولا دا؟ وبلاش تحوري في الكلام يا صفاء، تقدري تقوليلي ايه اللي جابك على هنا اصلا؟
تمسكنت بلهجتها تبتغي استعطافه وصب اللوم عليه:
– اخص عليك يا خميس، دا برضو سؤال تسأله وانا قلبي اتخلع من مكانه على ابنك بعد ما سمعت باللي جراله، دا جزاني يعني اني خوفت عليك انت كمان، لتكون تعبت ولا متحملش الخبر؟
جز على اسنانه بغيظ شديد:
– وانا ايه اللي هيجرالي بس؟ شايفاني ضعيف لدرجادي؟ صحتي زي البومب قدامك ولا مش واخدة بالك؟
مطت شفتيها على زاوية تقلب عينيها بتعبير واضح لسخريتها من عبارته، مما ضاعف من غضبه ليواصل بانفعال
– وكمان ابني يعرفك منين اصلا عشان تزويه؟ كان يكفي اتصال منك تسأليني فيه عن صحتي وعن الواد، مش تيجي برجليكي ع المستشفى…..
تخصرت تواجه بخطأه؛
– طب قول لنفسك الكلام دا يا غالي؟ وارفع التليفون كدة وعد كام مرة اتصلت بيك وانت مرديتش؟ من آخر مرة مشيت من عندي وانت خدت ايدك في سنانك وقولت يا فكيك، مش هاين عليك تتطمن على الغلبانة اللي سيبتها ولا حتى ترد على اتصالي، لدرجادي انا حملي تقيل عليك؟
وختمت بادعاء البكاء ليزمجر ضاربًا بقدميه على الارض:
– يووووه، ما هو لو عليكي لوحدك، والله ما كان همني، لكن المصيبة في اللي وراكي، كل مرة اجيلك فيها بكع دم قلبي، حتى اتصالك بيا بيبقى برضو وراه طلبات، لحد ما بقيت اخاف ارد عليكي.
زمت فمها بضيق يكتنفها لتقارعه بحديثها:
– مممم قول كدة بقى، سعادتك بتحسب الملاليم اللي بتدهاني عشان عيالي المساكين، انما اللي من صلبك تجيبلهم اللالي وتصرف بالمية الف في مستشفي استثماري قد الدنيا ميدخلهاش الا الناس العليوي..
– انتي بتحسبي لعلاج ابني؟ عايزاني اسيبه يموت من غير علاج يا صفاء؟
سألها بصدمة لتسارع هي بالتبربر:
– لا طبعا، ايه اللي انت بتقوله دا يا خميس؟ دا ابنك ده يبقى ابني، حتى لو فرق السن ما بينا قليل، انا بس بفضفض من حرقتي، عايزاك ماتفرقش ما بين العيال، ولا تفرق بيني وبين مراتك الاولى، يعني لو هنمشي بعدل ربنا، يبقى يومين عندي ويومين عندها.
هم يذكرها بالسبب المباشر لابتعاده عنها، ولكنها لحقت بذكائها :
– وان كان ع الدفع اللي بتتشكي منه، تعالي المرة الجاية واحنا نتفاهم، انا بتكلم في حقي فيك يا خميس
تابعت حديثها بنعومة تعلم بأثرها جيدا عليه:
اصلك بتوحشني اوي وبشتاقلك، وانا ست صغيرة ومحتاجة جوزي مبيعدتش عني، مش ابقى متجوزة ومش متجوزة…
وجهت كلماتها نحو المغزى الذي يعلمه، لتنطلي عليه ويصدق تبريرها، فيغمره شعور بالزهو، وحماقة تعجبها كي تواصل في خداعه.
– خلاص يا صفاء انا هحاول متأخرش عليكي، يخرج بس ابني من المستشفى واجيلك ان شاء الله، انتي فعلا صغيرة وحقك تخافي على نفسك من الفتنة، وأنا برضو راجل بفهم ولازم ارعي الحتة دي، بس هو يعني لدرجادي بوحشك يا صفاء؟
اخرجت تنهيدة مثقلة، تومي رأسها بادعاء الخجل:
– اوي اوي يا خميس، بس مينفعش افسر عشان مش وقته
– فعلا مش وقته
ردد بها بابتهاج متعاظم ، وقد اطربه حديثها بشدة حتى كاد ان ينسى نفسه ويذهب معها، ولكن استدرك لسوء الظرف، كي يعود إلى عقله ويأمرها
– خلاص بقى مدام اتفاهمنا، روحي دلوقتي على طول وانا مش هتأخر عليكي ان شاء الله.
سمعت منه لتمتد كفها نحوه على الفور:
– خلاص يبقى ايدك بقى ع المواصلات.
– مواصلات ايه؟ هو انتي جيتي مشي؟
– لا يا حبيبي مش مشي، بس انا ايدي فاضية دلوقتي، وعيالي وعدتهم بحاجات حلوة اجيبها معايا ، اول بس اما عرفو اني جيالك، كل واحد فيهم طلب اللي نفسه فيه، ها هتديني ولا اكسر بخاطرهم واقولهم عمكو مش طايقكو ولا طايق سيرتكم، عشان ساعتها يعندو معاك بحق؟
– لا يا صفاء متقوليش ولا تخليهم يعندو
تمتم بها بقلة حيلة، ليخرج من جيب بنطاله حافظة النقود التي كانت ممتلئة على آخرها بلفات النقود حتى اختطفتها منه سريعًا تخرج معظمها ليعترض محاولا لالتقاطهم:
– دول خمسة آلاف هدفعهم للمستشفى.
أبعدت يداها على الفور عنه، لترد بسخرية ردًا على كذبته:
– ارجع ع الوكانة يا حبيبي جيب غيرهم، بس حاول تكترهم شوية، هي الخمسة آلاف دي تعمل ايه في مستشفى استثماري زي دي؟
– وكمان بتخطفي منه المحفظة وبتطلعي منها الفلوس؟
تمتمت بهذا السؤال سامية بحديث نفسها، والتي كانت تتابع من جهة غير مرئية لهما، اللقاء بأكمله
❈-❈-❈
بخطوات مسرعة سارت تغادر مقر عملها في مكتب المحاماة خاصتها، بقلق يعصف بها بعد تلك المكالمة التي أجرتها للإطمئنان على صديقتها ، وما أخبرها به شقيقها عن حالة تلك المسكينة، تمكنت من النزول من المبني وكانت في طريقها إلى سيارتها، والتي ما ان وصلت اليها حتى انتبهت لتتسع عينيها بإجفال وهي ترا الإطار الخلفى من الجهة اليمني امامها متهدل وكأن الهواء قد انسحب منها بإصابة حلت به، تتذكر جيدا حينما أتت بها في بداية اليوم، لم يكن به شيء على الإطلاق، ولكن ما الفائدة الاَن للبحث والتنقيب؟ وهي لا تملك وقتا للتأخر؟
بفعل طفولي، ضربته بقدمها ، قبل ان تتحرك وتتركها لتبتعد قليلًا وتحاول إيقاف سيارة ما تقلها، وجدت المكان المناسب لتقف به، وما ان وقعت عينيها على إحداهما قادمة في الطريق نحوها، حتى ارتفعت كفها تشير الى سائقها وبتركيز شديد تريد لفت انتباه،،
ويحدث ان ينتشلها على حين غرة، صوت صرير سيارة اتيًا من الخلف، فتلتفت رأسها اليه لا إراديًا لتجفل فجأة وبدون سابق انذار بدفعة كبيرة من ماء الارض التي تقف عليها بفضل غسيل إحدى السيارات لساكني المبنى الذي تقف بجواره، وتُنثر على الطقم الذي ترتديه.
كاد قلبها ان يقف من الخضة، تطالع ردائها الجميل وقد تلطخ ببقع المياه والطين، فتظل لفترة من الوقت فاغرة فاهها بصدمة ، حتى ظهر امامها ذلك البلاء يترجل من سيارته ، لينظر الى ما اقترفته يداه هو الاخر بصدمة يدعيها مرددًا:
– يا نهار ابيض، ايه ده؟ ايه ده يا أستاذة يا آنسة صفية؟
خرج صوتها بنبرة توشك على البكاء:
– دا بجد؟! انت كمان اللي بتسأل ؟ على فكرة انا لو جاتلي ذبحة صدرية، ولا جلطة دماغية هيبقى بسببك، هو انت في حد مسلطك عليا؟
بصعوبة شديدة كتم ابتسامة خبيثة، يدعي الحزن :
– انا برضو يا أستاذة يا آنسة صفية؟.
صرخت به، فلم تعد بها طاقة لافعاله:
– يا عم متزفتنيش، متندهنيش بأي زفت، انا على اخري وربنا على اخري .
– وطي صوتك طيب، الناس حوالينا يقولوا عليكي ايه؟ منظرك قدام اهل منطقتك يا أستاذة.
همس بها مقربا رأسه منها، وكأنه يحذرها، لتنتبه هامسة هي الاخرى بغيظ شديد كازة على اسنانها:
– حاضر هتزفت واخرس خالص، انت عايز ايه دلوقتى؟
– اوصلك بيتكم .
– نعم !
– نعم الله عليكي يا أستاذة، قصدي يا ستي اوصلك لبيتكم عشان عربيتك العطلانة، بدل يعني متلقيش تاكسي يرضى يوصلك بالطقم المبقع بالطين ده، ولا تاخدي تريقة من السواق اللي يجي على نفسه ويقبل .
ضاقت عينيها بريبة لتنقل بأبصارها ما بينه وبين سيارتها المعطلة بإطارها المثقوب لتتوجه نحوه بتساؤول:
– وانت عرفت منين ان عربيتي عطلانة بسبب العجلة اللي نايمة؟
كالعادة لا يغلب ابدًا في التفسير، ليجيبها على الفور بتأثر:
– مش محتاجة ذكاء يا أستاذة، واقفة جمب عربيتك وبتشاوري لتاكسي، يا ترى هيكون ليه بقى؟ عشان تاخدي صورة معاه مثلا؟
ضحكة سخيفة تصنعتها في رد على مزحته:
– ظريف اوي يا دكتور هشام، ونبيه، يعني لقطها بسرعة كدة وانت ماشي بعربيتك، مش غريبة دي؟
– لا طبعا مش غريبة، واحنا هنحقق ليه صحيح؟ مش ياللا بقى عشان اوصلك، ولا تكوني مكسوفة مني، دا انتي حتى محامية ولازم تبقي جريئة.
قالها يشير لها عائدًا إلى سيارته، يثير حنقها بشدة، فتضطر في الاخير لتتبعه، قائلة بعند:
– انا هركب بس عشان معنديش وقت زي ما قولتلك وعشان مشواري .
❈-❈-❈
منذ آن قدمت تسبقه بلحظات، وهي لم ترفع عينيها عنه عقلها يدور بالتساؤلات والتكهنات الغير بريئة على الإطلاق عن تلك العلاقة التي تجمع رجل كهل مثله مع امرأة مثل صفاء التي اللعوب التي عرفت باتصال لزوجة اخيها انها مطلقة منذ شهور، إذن كيف اجتمعت مع ابيها لتستغله وتسحب منه الأموال لهذه الصورة الفجة وكأنه تملك الحق فيه؟ هذا الأمر يستحق المتابعة والبحث .
– مالك يا بت متنحة كدة ليه من ساعة ما جيتي؟
كان هذا سؤال والدتها، لتسحبها اليها من دائرة الشرود والتفكير المستمر، فتحاول استماع ذهنها:
– لا يا ما تشغليش نفسك، دي حاجة كدة.
– حاجة ايه اللي كدة يا.ختي؟ ما تتكلمي يا بت .
هتفت بها درية بحزم جعلها تحسم عازمة في نقل الأمر اليها ، ولكن نظرة واحدة نحو تلك الفتاة المرفهة الجالسة بقرب شقيقها المريض، وتذكر ما قد يحدث من فضائح، ان تكلمت الآن، وربما قد ينجى منها ويكذبها بقصة يختلقها كعادته، انها ادرى الناس به، لتعود لعقلها وتتراجع مؤجلة الحديث لوقته:
فتنقل بنظرة حادة متوعدة نحوه قائلة:
– معلش ياما، كل شيء ليه وقت، هقولك انا على كل حاجة بس بعدين.
❈-❈-❈
والى ذلك الثائر، وبعد ما حدث من تطورات، كان هو المتسبب الاول فيها، يغمره الآن شعور بالهم يقسم ظهره، يعلم أن موقفه صائب ولكن ما ترتب على فعله من حزن لشقيقته، جعل عقله يدخل في حيرة من امره
هو في الاخير شقيقها، يؤلمه ما يؤلمها حتى وإن كان يرى الأمور من زاوية محقة، ولكنه ايضًا لن يغفل عن سعادتها، والتي قد تفقدها بلا عودة ان استمر هذا المتعجرف في صلفه، واتخذ الأمر تحدي معه.
– لسة برضو مضايق، ارفع راسك يا بني انت عملت الصح.
جاءه الصوت الداعم لكل ما حدث من البداية، كمحفز الآن ليرفع رأسه اليه بالفعل، يطالعه بضعف قائلا:
– بس انا خايف عليها، بهجة اختي قوية وضعيفة في نفس الوقت، يعني تبقى زي الوحش في المواجهة، ومرة تانية تلاقيها سقطت من طولها بكلمة واحدة، ودا مش موضوع وخلاص، دا مستقبلها وسعادتها، خايف تكرهني بعد كدة والله.
ارتجف جسده في الأخيرة، بتأثر احتل كيانه، ليربت على كتفه الاخر بقوة وحزم:
– ان شاء الله ميحصلش الكلام ده، لأنه لو معملش الصح، يبقى ميستهلهاش، اختك عاقلة ولو مكانتش فاهمة ومؤيدة مكنتش هي بنفسها وقفلته معاك.
طالعه باستجداء يريد المزيد:
– بجد يا شادي، ولا بتقول كدة عشان تطمني.
رد المذكور بثقة واضعًا عينيه نصب خاصتي الاخر:
– انت كمان متأكد من موقفك، الاستمرار في الوضع ده إهدار كرامة، واختك غالية وتستاهل الدنيا كلها تفرح لفرحتها
❈-❈-❈
– ناوي تطلقها؟
– مين قال الكلام ده؟
تمتم غير مستوعبًا برفض تام، ليردف الاخر في توجيه الحديث اليه:
– رياض انا بسألك عشان تحدد موقفك، بعد اللي حكيته من شوية، واحساس الخذلان اللي حسيته منها زي ما بتقول، هل الحكاية كدة خلصت، وكل واحد هيروح لطريقه بقى؟…….
سمع منه ليزفر بضيق متعاظم ، يغطي بكفه على جبهته بتعب:
– مش عارف احدد اي قرار دلوقتي يا كارم، من ساعة ما خرجت من عندهم والصداع مسكني من كتر التفكير، هموت من الغيظ، ان حتة عيل هو اللي يفرض شروطه عليا، وهي ماشية معاه، طيب تصبر عليا شوية مش يمكن مع الوقت…….
– هيحصل ايه مع الوقت يا رياض؟
يقاطعه بأسئلته الواضحة بصورة تجعله محشورا في زاوية لا تعجبه، ليعبر عن سخطه نحوه:
– كارم انت معايا ولا معاهم؟ ما تخف عليا في أسئلتك دي يا سيدي .
تبسم الاخير بشيء من المكر في الرد له:
– طب وانا ايه ذنبي بس يا عم رياض عشان تحطني معاهم؟ انا مجرد واحد بيتكلم معاك بالمنطق عشان توصل لقرار، انت لازم تحدد اهدافك ، ان كنت هترضى وتنفذ المطلوب ولا تسيبها لحال سبيلها، أصلها مش هتفضل معلقة…..
– تروح لحال سبيلها ازاي يعني ؟
سأله بشيء من توجس واستنكار، ليأتي رد الاخر بكل وضوح:
– قصدي يا سيدي انها مش هتفضل معلقة وأكيد في يوم هتشوف حالها وتتجو……
– دا انا اقتلها واشرب من دمها.
هتف بها بحدة اجفلته ، لترتسم على محياه ابتسامة خبيثة ضاعفت من حنق الأخر، ليهتف به ينهاه:
– كارم بلاش اسلوبك ده عشان انا على اخري.
اومأ برفع كفيه امامه باستسلام:
– طب خلاص خلاص متزعلش…… دا انت الله يكون في عونك
غمغم بالاخيرة بصوت خفيض يخفي ابتسامته حتى لا يثور به مرة اخرى، وبداخله يشفق عليه بالفعل، فلا يعرف بصعوبة موقفه الا رجل مثله ومن نفس الطبقة، بل ويزيد عليه، تلك العقد التي ترسخت بمرور السنوات بعقله، ربما يحتاج الكثير من الوقت ليحارب وحوش الماضي، او ربما يستسلم لها وينسى بهجة وسعادته التي وجدها معها
❈-❈-❈
بكت كثيرا، ونامت كثيرا، ثم قامت وجلست بجوار النافذة تنظر في الفراغ ، بمشاعر لا تعلم لها مسمى، يغلب عليها الحزن، وربما اشياء اخرى، هل ما مرت به اليوم ، هو لحظة الوداع الفارقة؟ ام انها التمهيد لبداية جديدة؟
مازال قلبها يأن من الوجع، كم من مرة حضرت نفسها لتلك اللحظة، تعلم من البداية النهاية الطبيعية لذلك الزواج المشروط، ولكن لحظة الوداع لها وقع اخر، عذابها لا يضاهيه شيء، ألمها موجع، هل كان عليها التنازل والاستمرار في اقتطاف اللحظات الجميلة بينهم ، ولكن إلى متى؟
تنهيدة مثقله خرجت منها لترفع عينيها إلى السماء، متجهة إلى ربها بتضرع:
– يارب ساعدني، يارب قويني، اللهم ارح قلي بما انت به أعلم.
– بهجة.
ألتفت برأسها نحو صاحبة الصوت التي دلفت اليها بخطوات مسرعة، لتلقف لقاءها كالغريق:
– صفية.
❈-❈-❈
خرج من غرفة مكتبه، بعد انتهائه سريعًا من بعض اعماله، كان متخذًا طريقه نحو الصعود إلى جناحه حينما وصله صوت طرق الحذاء الانثوي على درجات السلم فتوقف محله، يتابع هبوطها بهيئتها التي دائما تبهره، ولكنها كانت غاضبة، وهو ليس بالغبي حتى يغفل عن السبب، فيكفي النظرة التي تحدجه بها، هي خير دليل على صدق ما يظنه:
– مساء الخير يا نجوان هانم
بادلته رد التحية بما يشبه السخرية:
– مساء الفل يا قلب نجوان، يارب تكون مبسوط دلوقتي؟
ابتسامة صغيرة لاحت بثغره، وقد أكدت له الان، انها على علم بكل ما حدث، ليسألها بهدوء:
– مبسوط على ايه يا ست الكل بالظبط؟ ممكن توضحي اكتر
ولأنها تفهمه جيدا قررت مراوغته هي ايضا:
– يا قلبي دا سؤال عادي، ما انا بتمنالك طول الوقت انك تكون مبسوط، عن اذنك بقى عشان خارجة
انزاح بجسده عن طريقها لتتخطاه متجهة المغادرة، وما ان وصلت لنصف المسافة من المنزل حتى وجدته يهتف بها:
– متنسيش تسلميلي عليها طيب .
❈-❈-❈
عادت مساءًا تترجل من سيارة الأجرة، تعطي السائق عدد من الورقات المالية تلقفها بضحكة متغزلًا:
– من ايد ما نعدمها يا قمر.
قابلت اطراءه بابتسامة منتشية، وابتهاج يدغدغ اسماعها ، في كل مرة استمعت لكلمات توصف جمالها او جمال جسدها المتناسق في تلك العباءة السمراء ، لتتمايل بخطواتها بدلال مقصود من أجل لفت انتباه المارة في الشارع، وسائق الاجرة الذي ظل على وضعه، يتابع مرورها امامه بابتسامة بلهاء، توقفت فجأة حينما لمع النصل الفضي بجوار رأسه، ليجفل منتبها لهذا السلاح الابيض، وحامله ذو الملامح الاجرامية الواضحة، فتصدر منه شهقة مرتعبة يتسائل نحوه بجزع:
– انت عايز ايه يا جدع انت؟
بكلمات محددة قرب وجهه ذو الندوب الواضحة به، يخاطبه بصوت بدى كالفحيح:
– في اقل من دقيقة، تطلع انت وعربيتك برا المنطقة دي، يا كدة يا تقول على نفسك يا رحمن يا رحيم، وما حد يعرفلك طريق جرة، لا انت ولا عربيتك.
سمع منه الرجل ليدير المحرك على الفور، فيتحرك بسيارته سريعًا، كي يغادر من امام هذا الرجل وتهديد المروع
راقبه الاخر قليلًا، ثم هرول يقطع الطريق نحو البناية التي يقصدها في اقل من دقيقة، ليلحق بتلك المتمردة والتي كانت وصلت الى منزلهم، وما ان شرعت بفتح الباب بمفتاحه، حتى شعرت بكف قوية تدفعها من ظهرها لداخل المنزل.
شهقت على اثرها بفزع حتى كادت ان تصرخ مستنجدة بأحدهم، قبل ان تلتف رأسها، وتفاجأ بهذا المدعو خطيبها، يصفق الباب الخارجي عليها وعليه، فتثور هذه المرة به ناهرة
– ايه يا عنيا انت اتجننت ولا ايه؟ اخرج حالا دلوقتي يا طلال، بدل ما اصرخ والم الشارع كله عليك.
تقدم نحوها بهيئة متحفزة تثير بداخلها الأرتياع مرددًا:
– طبعا ما انتي وشك مكشوف وتعمليها، بس اعمليها يا سامية وانا مش همنعمك حتى لو لميتي المحافظة كلها علينا، برضو كله هيصب في مصلحتي، عارفة ليه يا حلوة؟
عشان انا خطيبك، يعني اخري اخدلي كلمتين على تسرعي لما اساعدك واقطع هدومك دلوقتي، وأثبت التهمة عليا، عشان يستروا الموضوع ويلمونا في يوم وليلة بقى، بلا فرح بلا كلام فارغ، المهم تبقي في بيتي عشان اكسر سمك ده بقى واخلص، في ايه يا بت؟
انتفضت بفزع تأثرا بصرخته التي دوت فجأة ليخرج صوتها باهتزاز وهي تتراجع للخلف خوفا منه:
– انت اللي في ايه؟ ما تقول لنفسك الكلام ده؟ جاي ورايا لحد البيت تقفل الباب علينا لوحدينا، طب اعمل حتى حساب لابويا صاحب ابوك ، ولا لاخواتي الرجالة، هي دي برضو أصول يا طلال؟
– يا حلاوة طلال وهي طالعة من بوقك اللي زي الشهد ده.
تفوه بها يهتز بجسده امامها ، ليزيد من بث الرعب بقلبها، وهي مازالت تتراجع حتى اصطدم ظهرها بالعمود الذي يتوسط الصالة، لتقع يدها على تلك المزهرية الموضوعة بالقرب منه على طاولة صغيرة، بشكل إبداعي ضمن اثاث المنزل، فوجدتها فرصة كي ترفعها وتدفعها نحوه، لكنه كان اذكي من ان يمكنها، ليلحق سريعًا، ويسيطر على يدها بالمزهرية التي تمسكها واليد الأخرى سيطرت على ذراعها الثاني، يهدر بها:
– عايزة تفتحي دماغي يا بت؟
انتفضت شاعرة بحجم الخطر الذي ورطت نفسها به، قربه منها بهذه الصورة، وسيطرته على حركة جسدها ، حتى ان انفاسه كانت تصل بشرتها، ليردف متشفيًا:
– ايه رأيك يا حلوة؟ البيت خالي علينا لوحدنا والوضع اللي احنا يجعل الشيطان يلعب في راسي بمفك.
فخرج صوتها هذه المرة بتوسل:
– وانت تسمع ليه للشيطان يا طلال، ما تفتكر ان ليك اخوات بنات ومترضاش ان حد يعمل معاهم كدة
– بس انتي هتبقي مراتي يا بت، يعني مش اي حد .
صرخ بها بنظرة مرعبة جعلتها تفقد كل الثبات الذي تدعيه، حتى ان كانت على وشك البكاء، افلتها على حين غرة، يتنفس بخشونة، يرمقها بنظرات مشتعلة وهي بالكاد تحملها اقدامها، فما زال الرعب يحتل كيانها منه، وقد جفف الدماء في عروقها دون ان تهتز له جفن
عيناه مظلمة بالرغبة والشر ايضًا، يريدها ويريد تأديبها، يعلم أن الطريق مع امرأة مثلها ليس بالهين، ولكن منذ متى هو استحب السهل؟
دفع المزهرية على الارض بعنف يجفلها، ثم أصدر اوامره لها:
اسمعي يا سامية، انا النهاردة هكتفي ان اكلمك بالعقل،
وهتسمعي الكلام عشان مصلحتك، إياكي تخرجي مرة تاني من غير ما تبلغيني، مشيتك المعوجة قدام الناس في الشارع عشان تلفتي النظر وتسمعي منهم الكلام الحلو لو اتكررت هكسرلك رجلك، البس المحزق تنسيه خالص يا اجي وبإيديا الاتنين دول اولعلك فيهم.
إلى هنا ولم تعد تقوى على التحمل لتصرخ به بأعين باكية:
– في ايه؟ من يوم ما خطبتني وانت اوامر اوامر زي ما يكون اشترتني، دا كله في الخطوبة ، امال لو حصل بجد واتهببت اتجوزتك هتعمل فيا ايه؟
– هدلعك واكلك الشهد.
صدرت منه، لتُبهت ناظرة اليه بعدم استيعاب، فاستطرد يؤكد لها:
– ايوة يا سامية، صدقي كلامي ومتفكريش اني بضحك عليكي، قولتهالك المرة اللي فاتت يا بنت الناس، انا رايدك، بدليل ان اقدر اخدك دلوقتي، ومش هتقدري تصديني على فكرة، لكني مُصر احافظ عليكي، عارف اني مش عاجبك بس انا جيبتها من تحت، وحتى كل الغلط اللي عملته في حياتي، بحاول اصلحه دلوقتي عشان انا عايز كدة، زي ما انا عايزك برضو…..
اعقلي يا بت الناس وانتي تلاقيني عجينة طرية بين ايديكي، وأن كان ع الكلام الحلو اغرقك فيه واعيشك احلى خطوبة كمان، بس انتي بصي للحلو اللي فيا، وحاولي تنسي شيكاغو القديم، زي ما انا بزيح من دماغي سامية اللي قدامي، ومستني سامية اللي بتمناها.
❈-❈-❈
ولأن الانتظار في المنزل هو اسوء الأشياء لحالتها الآن.
سحبتها صفية لتخرج بها الى المحل حيث كان اشقائها في انتظارها هناك في اوقات عملهم، ولكن ما لفت نظرها بحق هو وجود شادي وزوجته، ونجوان التي هرعت اليها فور رؤيتها:
– بهجة يا قلبي
تفوهت بها نجوان تتلقفها من وسط المسافة، تحتضنها وتضمها بقوة، ثم سحبتها لتجلسها بجوارها على الطاولة التي تضمهم أجمعين، لتلقي التحية وتصافحهم قائلة بمزاح:
– مساء الفل يا جماعة، انتو بتجمعو بعض امتى وازاي؟
جاء الرد اولا من صبا التي ضحكت تحضنها هي الاخرى:
– حبيبتي القلوب الطيبة بتجمع بعضيها، وانتي مفيش أطيب منك يا بهجة.
– والله دا انتي اللي عسل.
تبسم شادي بارتياح، يعجبه روح المودة التي تجمعهم، فيتدخل بينهما مشاكسًا:
– هي عسل وانتي عسل ، كدة تعملوا قافلة
ضحك الجميع استجابة لمزحته، قبل ان يتخذ كل فرد منهم مقعده حول الطاولة، فتحدث إيهاب بنوع من الندم:
– بهجة انا اصريت ابعد البنات النهاردة عن القعدة معانا عشان اخد راحتي معاكي واقولك قدامهم، ان والله ما ما واخد الموضوع عند معاه، اكيد انتي فاهماني ، لكني في نفس الوقت، مستعد اوافق على اي قرار منك مهما كانت صعوبته عليا، لو هتبقى شايفة فيه سعادتك، عشان متجيش في يوم، تقولي اخويا هو السبب
طالعته بهجة بتأثر واضح تخفف عنه:
– انت السبب في ايه بالظبط يا عبيط انت، دا قراري قبل ما يكون قرارك على فكرة.
تدخلت صفية بحدتها:
– اه والله عبيط، دا انت استني عليا بس، ان ما كنت اطلع عينه، مبقاش انا
– اتلمي يا بنت، ايه اللي انتي بتقوليه ده؟
صدرت بحمائية من نجوان، لتستدرك الاخرى هفوتها قائلة بحرج :
– يا نهار ابيض، انا اسفة يا نجوان هانم، معلش بقى اخدتني الجلالة ودخلت في مود المحاماة من غير ما انتبه لوجودك.
ردت تحذرها برقة لا ترقى للحديث الجاد اصلا:
– حتى لو ما كنتش موجودة، برضو تاخدي بالك، ثم مين قالك اساسا انه هيحتاج لمحاكم ، شكلك انت كمان عبيطة .
قابلت توبيخها بالنبرة الناعمة، بشيء من التسلية جعلها تضحك بمرح حقيقي تواصل ابداء اعتذارها، حتى توقفت حينما تفاجأت بقوله من خلفها:
– تدوم الضحكة.
ألتفت اليه بحدة، تجده يلقي السلام على باقي اعضاء الطاولة، قبل ان يتخذ جلسته بجوار نجوان التي اصرت على تقديمه:
– مش عايزاكم تستغربوا يا جماعة، الدكتور هشام عارف بكل حاجة، وبصراحة ثقة.
جاء الرد من شادي:
– اي حد من طرفك ثقة يا نجوان هانم ، مدام انتي قولتي عليه تمام يبقى تمام
– مرسي ربنا يحفظك.
تفوهت بها نجوان، ليضيف على قولها الاخر، وعيناه تطالع الأخرى بصورة مكشوفة:
– تشكر على زوقك يا استاذ شادي، انا عرفتك من كلام مدام نجوان عنك، زي ما عرفت إيهاب من سنه الصغير والانسة الأستاذة صفية دي مش محتاجة تعريف اصلا، ولا ايه يا أستاذة؟
تطلعت اليه بغيظ تكتمه بصعوبة، وقد انتابها الحرج الشديد، للنظرات المصوبة منهم بتسلية نحوها، ليزيد عليها بمشاكسته الثقيلة.
– كان نفسي تعزميني ولو بكباية شاي حتى اطلع اشربها مع الأسرة، شكلك بخيلة يا أستاذة يا آنسة صفية.