اخر الروايات

رواية عزلاء امام سطوة ماله الفصل الرابع والثلاثون 34 بقلم مريم غريب

رواية عزلاء امام سطوة ماله الفصل الرابع والثلاثون 34 بقلم مريم غريب


( 34 )

_ إتفاق ! _

تنتفض "سمر" في هذه اللحظة و تقوم من مكانها بسرعة ... تقف أمام "زينب" محاولة أخذ الهاتف من يدها

سمر برجاء و دموعها تتراقص بعيناها :

-لأ يا ماما زينب . ماترديش إنتي عليه أبوس إيدك !

زينب بغضب :

-و مش عايزاني أرد عليه ليه ؟ خليكي إنتي برا الموضوع و سيبهولي أنا هتصرف معاه.

سمر بإنهيار تام :

-لأ كده الموضوع هيكبر . إنتي ماتعرفيش ده مين ماينفعش أي حد يعرف إللي حصل بيني و بينه أنا الوحيدة إللي هضر . عشان خاطري يا ماما زينب.

زينب بإنفعال :

-يعني هتسيبي نفسك كده ؟ هتكملي في سكة الحرام دي معاه ؟؟؟

سمر بنفي :

-لأ خلاص . أوعدك إني هقطع علاقتي بيه قريب . هسيبه !

و هنا إنقطع الرنين المتواصل ، لستوضحها "زينب" بحدة :

-و لو مقدرتيش ؟

سمر بثقة :

-مش هنتقابل لوحدنا تاني . مش هخليه يقربلي تاني أوعدك.

تنهدت "زينب" بحيرة و قالت بغيظ :

-طيب و إللي عمله فيكي ؟ هينفد كده منغير حساب ؟ ليه كده يابنتي ؟ ليه تعملي في نفسك كده يا سمر ؟ ليه تضيعي مستقبلك بإيدك ؟؟؟

سمر بنبرة متألمة :

-نصيبي كده يا ماما زينب.

زينب بحنق :

-لأ ده مش نصيبك . إنتي إللي إخترتي بإرادتك ربنا مابيعملش حاجة وحشة في حد.

تقلص وجه "سمر" بألم أشد و تدفقت من عينيها الدموع ..

حزنت "زينب" علي حالتها و رق قلبها أخيرا ، فأخذتها بين ذراعيها و ضمتها بعاطفة أمومية ..

زينب بلطف وهي تمسد علي ظهرها :

-خلاص يابنتي . خلاص .. أنا عارفة إن مافيش أنضف منك في الدنيا و عارفة إن أختك هي نقطة ضعفك و هي إللي خلتك ترمي روحك في النار منغير ما تفكري . بس يا سمر إيمانك بربنا كان لازم يبقي أقوي من كده . مافكرتيش إنك عالجتي أختك بفلوس حرام ؟ مافكرتيش إن ربنا مابيتعاندش و كان ممكن يحرمك منها عشان روحتي و لجأتي لعبده مش له ؟ لو لا قدر الله كان حصلها حاجة كنتي هتبقي كسبتي إيه ؟ بالعكس ده إنتي كنتي هتبقي خسرتي كل حاجة و قبل منهم نفسك.

سمر و قد إزداد بكائها حرارة :

-أنا عارفة كل ده . بس غصب عني . ماكنتش قادرة أشوف ملك بتعاني أكتر من كده . أنا كنت متكتفة شايفاها قدامي بتموت و مش عارفة أعملها حاجة !

زينب بتأثر :

-طيب خلاص . إللي حصل حصل مش هنقعد نندب حظنا علي إللي راح و مش هيرجع . أنا مش هسيبك يا سمر و هقف جمبك و هنصلح كل ده ماتقلقيش ربنا معانا إن شاء الله .. و تبدلت نبرتها لتصبح أكثر صرامة :

-بس من هنا و رايح لازم تعرفيني كل حاجة و خصوصا كل حاجة بتحصل بينك و بين إللي مايتسمي ده !

-حاضر .. تمتمت "سمر" بتعب و هي ما زالت في حضنها ، لتسألها "زينب" بجمود :

-قولتيلي بسلامته معاه فلوس ! يعني غني ؟

سمر بمرارة :

-غني . غني جدا يا ماما زينب.

زينب بإستهجان :

-الله الغني يا حبيبتي .. ثم قالت بوعيد :

-خليه بس يفكر يأذيكي أو يستغلك تاني . بعون الله أنا إللي هقفله !

و هنا دق الهاتف مرة أخري ...

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

في قصر آل"بحيري" ... مرارا يعاود "عثمان" الإتصال بـ"سمر" و لكن لا يوجد رد

شعر بالغضب الشديد و إعتبر ذلك تحد صريح منها ، فهو أكد عليها بأن تدق له ما أن تصل و لكنها لم تفعل و لم ترد عليه حتي ..

-ممكن أدخل !

إنتبه "عثمان" علي صوت أمه و تفاجأ بها تقف عند عتبة باب غرفته ..

-ماما ! إتفضلي طبعا .. قالها "عثمان" مبتهجا برؤية أمه ، لتدخل الأخيرة و تمشي ناحيته بخطواتها المتمايلة

جلست بجواره علي طرف السرير و مدت يدها و مسحت علي شعره المبتل ..

فريال برقتها المعهودة :

-قاعد بالبُرنس كده ليه ؟ و شعرك مبلول . كده تبرد يا حبيبي !

عثمان بإبتسامة :

-لسا خارج من الحمام . كنت قايم ألبس هدومي . سيبك مني دلوقتي بس . إنتي كنتي جاية عايزاني في حاجة ؟

فريال و هي ترد له الإبتسامة :

-كنت جاية أشوفك . وحشتني و بقالي كام يوم مش بلمحك في البيت .. كنت غطسان فين ؟؟؟

ضحك "عثمان" و قال :

-من إمتي يا فريال هانم بتستجوبيني كده ؟!

فريال و هي تداعب لحيته الكثيفة :

-مش من حقي يعني ؟ أنا أمك.

-من حقك طبعا و بعدين إنتي مش بس أمي إنتي ست الكل .. و إنحني ليقبل يدها

فريال بضحك :

-أه منك و من بكشك إللي هيجنني ده . تصدق إن البكش ده هو إللي بيشفعلك عندي !

عثمان بدهشة :

-ليه بس أنا كنت عملت إيه أصلا ؟!

فريال بمزاح :

-يا حبيبي إنت عمايلك كلها سودة و الحمدلله .. و تلاشت إبتسامتها فجأة لتقول :

-بس الفترة الأخيرة إتغيرت أووي يا عثمان . ممكن أقول إنك إتغيرت مع كل الناس لكن معايا أنا زي ما إنت !

عثمان بإستغراب :

-إيه الألغاز دي ؟!

فريال بجدية :

-دي مش ألغاز . أنا أكتر واحدة في الدنيا تعرفك . أكتر واحدة تحس بيك . إنت متغير بس أنا بقي خايفة يكون التغيير ده للأسوأ مش للأحسن.

عثمان بحيرة :

-أنا فعلا مش فاهم إنتي تقصدي إيه ! بس What Ever يعني إطمني . أنا تمام و ماعنديش أي مشكلة بالعكس حياتي هادية و شغلي مستقر .. ماتقلقيش.

فريال بإبتسامة :

-يا ريت يا حبيبي i Hope So بجد .. ثم قالت بشئ من التردد :

-كنت عايزة أكلمك في موضوع تاني !

عثمان بإهتمام :

-خير يا ماما ؟

-هالة !

عثمان و قد أصابه الفتور فجأة :

-مالها هالة ؟

-إنت مش واخد بالك إنها بقت إنطوائية أوي اليومين دول ؟!

عثمان بسأم :

-طب و أنا مالي يعني بتقوليلي الكلام ده ليه ؟؟؟

فريال بإنزعاج من إسلوبه :

-ممكن تهدا شوية و ماتبقاش Aggressive ( عدائي ) في الكلام كده ؟!

يهدئ "عثمان" نفسه ، ثم يقول :

-أنا آسف . بس حقيقي أنا مش عارف إيه علاقتي بحاجة زي دي !!

فريال بلطف :

-عثمان . البنت بتحبك و إنت عارف كده إوعي تقولي إنك مش واخد بالك.

عثمان بضيق :

-واخد بالي يا ماما بس أنا بقي مش بحبها و مش عايزها.

-ليه بس ؟ دي هالة بنت حلوة و ذكية و فوق ده كله بنت عمك يعني مش غريبة مش زي الأولانية إللي آا ..

و بترت عبارتها فجأة قبل أن تأتي تماما علي ذكر "چيچي" ..

-Sorry يا حبيبي . ماكنش قصدي !

عثمان بوجوم :

-و لا يهمك يا ماما.

-أنا قصدي يعني إن هالة بتحبك و إحنا مربينها و عارفينها مش هتلاقي أحسن منها يا عثمان صدقني و البنت بجد حلوة إيه إللي مش عجبك فيها بس ؟؟؟

عثمان بضيق شديد :

-حلوة و كل حاجة و هي علي راسي و الله . بس أنا مش بحبها و لو إتجوزتها مش هنكون علي وفاق مع بعض و مش هتكون مبسوطة معايا و لا أنا كمان.

تنهدت "فريال" و قالت :

-يعني مافيش فايدة ؟ يابني عايزه أفرح بيك و أشوف ولادك !

عثمان بضحك :

-لأ كده يدينا و يديكي طولة العمر بقي !

ضربته أمه في صدره بخفة قائلة :

-أخس عليك . مستكتر عليا حاجة زي دي يعني ؟

عثمان بجدية :

-إنتي مافيش حاجة في الدنيا تكتر عليكي يا فريال هانم . بس مش وقته . أنا لسا مش جاهز للخطوة دي.

فريال بإستسلام :

-إللي إنت شايفه . ربنا يوفقك يا حبيبي و يريح قلبك !

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

في منزل "سمر" ... تفتح باب شقتها و تدخل حاملة "ملك" علي ذراعها

تزقزق "ملك" بفرحة لوجودها مع شقيقتها ، فتبتسم "سمر" رغم كل شئ و تتفاعل معها

تؤرجحها بين ذراعيها ، تدغدغها أسفل ذقنها ، لتزداد موجات ضحكاتها الرنانة ..

و فجأة تتعثر "سمر" دون وعي في كدسة الحقائب و العلب بالطرقة ، تعبس بضيق و في نفس اللحظة تسمع هاتفهها و هو يدق للمرة السابعة تقريبا ..

ردت علي مضض :

-آلو !

يأتيها صوت "عثمان" غاضبا :

-لا و الله ؟ ألو ! ماكلمتنيش ليه زي ما قولتلك يا هانم ؟ و ماردتيش عليا ليه من أول مرة ؟؟؟

سمر ببرود :

-كنت مشغولة مع ملك . خير في حاجة ؟

عثمان بغيظ :

-سيادتك عاملة إيه دلوقتي ؟ لسا تعبانة ؟!

سمر بصلابة :

-لأ . أنا بقيت كويسة الحمدلله . بس آسفة مش هقدر أجي الشغل بكره.

-ليه بقي ؟

-ورايا حاجات في البيت و كمان عشان أكون بقيت أحسن أكتر !

عثمان بصبر :

-أوك . عندك بكره أجازة . لما أشوف أخرتها معاكي يا سمر.

سمر بعدم إهتمام :

-أخرتها خير إن شاء الله . إستأذنك دلوقتي بقي مضطرة أقفل عشان ملك جعانة هحضرلها الأكل.

و أقفلت دون أن تسمع رده ..

هذا السلوك حتما لن يعجبه ، و مؤكد أنه يشتعل من الغضب الآن و يفكر في شئ ليرد به عما فعلته

لكنها ما عادت تكترث ...

-لأ بردو .. تمتمت "سمر" بحيرة ، و أكملت بخوف :

-ماكنش لازم أرد كده . أنا عايزه أنهي الموضوع بسرعة و هدوء .. منغير مشاكل !

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°

يمر يومان ... و في صباح الخميس ، يصل "فادي" من سفره ليقضي عطلة نهاية الأسبوع مع أسرته

بدا عليه الهزل قليلا ، و بشرته غدت برونزية صافية و قد لوحتها الشمس ، و قوامه صار منحوتا بصورة واضحة

لم تصدق "سمر" أن يحدث له كل هذا في إسبوع فقط ..

-إيه يابني إللي جرالك ده ؟ .. قالتها "سمر" بتساؤل ، و تابعت بدهشة :

-معقول إسبوع واحد يبهدلك كده ؟؟؟

فادي بضحك و هو يتناول منها "ملك" :

-مش بشتغل و بشقي يا سمر ؟ و طول النهار في الموقع و الشمس عمودية هناك !

-بس بردو إتبهدلت أووي .. ثم قالت بإبتسامة :

-عموما حمدلله علي السلامة.

-الله يسلمك ياستي . رغم إني هتجنن من حكاية شعرك المقصوص ده ! ليه تعملي كده يا سمر ؟ إنتي أكيد أتهبلتي !!

سمر بشئ من الإرتباك :

-قولتلك حبيت أعمل تغيير يا فادي.

-لا يا شيخة ؟ تغيير تقومي تقصي شعرك إللي بنات المنطقة كلهم بيحسدوكي عليه ؟؟؟

سمر بضيق :

-خلاص بقي ما بكره هيطول تاني.

فادي بسخرية :

-إبقي قابليني .. ثم قال بإعجاب :

-بس إيه الشياكة دي كلها ؟ شكلك قبضتي و نزلتي شبرقتي نفسك لبس و حركات . أيووه ياستي ماشية معاكي.

سمر بمرارة خفية :

-ياخويا و الله لا ماشية و لا قاعدة . إنت بس عارف الشغل إللي أنا فيه بيعتمد علي المظاهر أكتر حاجة فكان لازم أحسن مظهري شوية .. بس إنت إيه رأيك يعني ؟ شكلي حلو ؟!

فادي بإبتسامة عريضة :

-قــمــــــر . الفستان هياكل منك حتة يا سمسمة.

سمر و قد توردت وجنتاها كلون فستانها :

-شكرا يا حبيبي .. طيب أنا لازم أنزل دلوقتي بقي . مش هتأخر هرجع بسرعة عشان أحضرلك الغدا.

فادي بلطف :

-علي مهلك يا حبيبتي . ماتستعجليش .. يلا مع السلامة.

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°

عندما وصلت "سمر" إلي الشركة ... ذهبت فورا إلي "عثمان" حيث بلغها الجميع أنه يريدها ما أن تصل

طرقت باب مكتبه مرتين ، ثم دلفت ..كان منكبا علي بعض الأوراق و الملفات و كان يرتدي نظارته الطبية الأنيقة و التي يستخدمها في الحالات الطارئة فقط ، كالصداع و الأرق الزائد ..

-صباح الخير ! .. قالتها "سمر" و هي ماثلة أمامه ، ليرفع وجهه بهدوء و ينظر لها

إستطاعت أن تري بوضوح شفتاه المفتوحتان و نظراته الساهمة ، بينما سرح هو في تأملها و هي ترتدي ذلك الثوب الذي أختاره لها بنفسه ..

فستان وردي اللون من القماش الثقيل ، مجسم عند النصف العلوي بأكمام طويلة و رباط علي الخصر فعكس نفخة عصرية إكتملت بالإكسسوارات البسيطة التي وضعتها و أيضا هذه الحقيبة الصغيرة جدا التي علقتها علي كتفها ..

حمحمت "سمر" لتخرجه من تأملاته

يجفل "عثمان" ثم يخلع نظارته ..

-حمدلله علي السلامة ! .. قالها "عثمان" بصوت أجش و هو يرسم علي وجهه تعابيره الصارمة

سمر بهدوء :

-الله يسلمك.

-إن شاالله تكوني بخير ! إزي صحتك دلوقتي ؟

سمر بإبتسامة متكلفة :

-الحمدلله . كويسة .. ثم قالت :

-قالولي إن حضرتك عاوزني !

تنفس "عثمان" بعمق ، و قال :

-إنهاردة ماليش مزاج للشغل و حاسس إني مرهق أوي . فكنت مستنيكي لما توصلي عشان أخدك و نروح الشقة إللي جبتها نقضي هناك طول النهار و أهو بالمرة تشوفيها.

سمر ببلاهة :

-شقة إيه ؟!

عثمان بتهكم :

-شقة يعني شقة يا حبيبتي إشترتها لينا . إنتي هتشوفيها و لو ماعجبتكيش هخليكي تختاري واحدة غيرها علي مزاجك.

أجفلت "سمر" بتوتر و ردت :

-أنا .. أنا مش . أنا مش هروح معاك في حتة !

عقد "عثمان" حاجبيه و إستوضحها :

-آسف قولتي إيه ؟!

سمر بإرتباك :

-قصدي مش فاضية إنهاردة . فادي لسا راجع و قاعد معانا يومين.

زفر "عثمان" بقوة و قال بحنق :

-يعني لو غيبتي ساعتين هيفرقوا أوي عند أخوكي ؟!

سمر بإبتسامة تهكمية :

-أه للآسف !

و هنا إنفتح الباب فجأة ... فإلتفتت "سمر"

لتري الزائر المعتاد لهذا المكتب و الذي لا يجرؤ أحد غيره علي الدخول بهذه الطريقة !!!!!!!

يتبـــــع .


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close