رواية غمرة عشقك الفصل الثلاثون 30 بقلم دهب عطية
برغم ملامحها المضطربة الشاحبة من شدة
الوجع المداهم لامعائها إلا انها عقدت ذراعيها امام صدرها تحتضر اكبر قدر من الكراهية والبغض نحو كذبة وخيانته لها…….
كان يقف امامها بشموخ… بملامح محتقنة غيظاً وعينان تلمعان بالغضب منها………
بعد ان أغلق الباب فتح أزرار سترته ثم خلعها بمنتهى الهدوء و الغيظ……. ثم نظر لباب الغرفة التي كانت تختبئ خلفها في سابق……
اتجه الى تلك الغرفة بخطوات واثقة وكانه يمتلك البيت وأصحابه….. قائلاً ببرود دون النظر لها….
“تعالي…….. عايزك……..”
احتقن وجهها غيظاً وسارت خلفه بتهكم….
“هو اي اللي عايزني….. اطلع برا من اوضتي…. عايز تكلمني كلمني برا…..”
راقب الغرفة البسيطة ذات الطابع الانثوي البسيط
ثم جلس على حافة الفراش وامامه مقعد
خشبي اشار عليه وهو يرد على امتناعها الغبي
باستنكار……..
“ليه هاكلك……. قعدي……..” كانت ستفتح فمها وتعنفه لكنه اسرع بنظر لها نظرة شديدة الخطورة
اخرستها وهي تجلس ببغض…….قائلة
“عايز إيه…… مفيش كلام بينا…..انا مش عايزه غير ورقة طلاقي…….”
سالها وعيناه تطوف على ملامحها الشاحبة
المجهدة بصمت…..
” ليه…..اي سبب……من حقي اعرف….عايز تطلقي ليه…….”
مدت وجهها للامام قليلاً نحوه وهي تصرخ
فجأه اجفلت حواسه لبرهة وهي يسمعها تصيح بجنون….
“مش عارف اي السبب….مش عارف انك رجعت
لي طليقتك…..وانك بقالك يومين متجوزها……”
عقد حاجبيه بتعجب وهو يناظرها
باستفهام…….
“طليقتي……….طيلقتي مين؟!…….”
مطت حنين شفتيها هازئة…..
“آآه معلش نسيت انهم اربعه……ميرال هانم….انا شفتك بعيني وانت واخدها في حضنك في الحفلة وبترقص معاها قدام الكل…….بامارة فستان الفرح
اللي على ذوقك اللي جبته عشانها…….”
لم تنحل عقدة حاجبيه وهو يهدر سائلاً….
“فستان فرح إيه……..ورقص إيه…. انتي اتجننتي….”
نهضت بحنق وهي تضيف بسخط….
“لا والله….اي عايزني اكدب عينيا وصدقك…
انا شوفتك بعينيا……وانت معاها…بامارة فيلا
(المسيري..)مش ابوها دا برضو………”
نظر لها بنفس الحيرة والغضب…….عضت حنين على شفتيها بغيظ امام تلك النظرات ثم اتجهت لهاتفها
التقطت اياه ثم فتحت الرسائل الواردة….واعطت
الهاتف له بعدها بملامح متشنجة غضباً……
دقق عز الدين في الصورة التي أرسلت لها في يوم الحفلة……….ومجرد ثواني وبدأ صدره يتضخم
غضباً حتى اوشك على ان يقتلع ازرار قميصة
وقد ازدادت ملامحه قتامة وهو ينظر لها بغضب مختلف تلك المرة مشتبك به شيءٍ…..كخذلان
“هو ده اللي خلاكي تسيبي البيت وتطلبي
الطلاق…..”
ترفت بعينيها الحزينة بدهشة وهي تنظر اليه ملياً
في محاولة لإيجاد صوتها امامه…..
“والمفروض بعد دا كله…..مطلبش الطلاق؟!!…اي
عايز تكون معانا احنا الاتنين……”
نهض واولاها ظهره وهو يقول ببرود وتباهي….
“ومالوا يوم عندك ويوم عندها…… الموضوع مش صعب انتي عارفه من قبل ما تتجوزيني اني راجل بمل بسرعة وبحب التغيير…….”
شعرت بصدرها يحترق بل وجسدها باكملة في حالة نفور وكراهية منه…وشعور الغيرة يتفاقم بضراوة داخلها…….فقد أكد خيانة كان يبرهن قلبها الغبي
انه مظلوم منها….. وانه لم يستبدلها بأخرى يوماً…..
ها هو يقف امامها يأكد انه تزوج غيرها ويريدهن الاثنين زوجات له…. يبدل بهم كما يبدل جواربة !..
استدار عز الدين اليها فوجد تأثير واقع كلماته
عليها…..نظر لها ببرود وامرها بسطوة مهيبة….
“البسي هدومك ويلا……هتروحي معايا……”
ابتسمت بانفعال وهي تشعر بتلوي امعائها اسفلها بقوة بعد كلامه……”اروح معاك……” زاد تعرق
جبهتها بقطرات باردة وهي تكبح الوجع قائلة
بصوتٍ صلب…….
“انا مش راحه معاك في حته…….انت هطلقني…….ودلوقتي حالاً هترمي عليا اليمين…..”
قال بنبرة شديدة اللهجة……
“بعينك…… مفيش طلاق وانا مش هسيبك…..”
توسعت عينيها ولمعة بالغضب وهي تهدر….
“هتعمل بي إيه………كفاية عليك اللي عندك…..”
رد عز الدين ببرود واستهانه وكانه يعاتب
عيناها…..
“انتي وهي….. ياعيوني…..مين يقدر يستغنى عنك…….غيري هدومك ويلا…..”استدار ليخرج
من الغرفة بجمود……
اتجهت اليه سريعاً ووقفت امامه صائحة
بحنون…
“مش هيحصل….مش كل حاجة هتمشي زي مانت عايز…..المرادي هعمل اللي انا عيزاه…..وطالما
عايزه أطلق منك يبقا هطلقني…….”
القى عليها نظرة مهدده وهو يقول من بين
انفاسه اللهثة غضباً……
“مش هتمشي على مزاجك ياحنين…..طلاق مش مطلق وقعده هنا مفيش….هتروحي معايا تقعدي
في بيتك زي اي واحدة محترمة بطيع كلمة جوزها…….”
ضربته في صدره عدت مرات وهي تقول هائجة…
“جوزي….جوزي اللي خني واتجوز عليا….احلوت في عينك طليقتك لما سبتها…..احلوت ها…وانا…انا اللي كنت بحاول ارضيك باي طريقه……”
ارتسم بعيناه خطٍ من الوجع وقد انتفض ذاهلا
وهو يسالها بتعجب…….
“ترضيني !!……كل اللي كنتي بتعملي ده كان عشان ترضيني…..انا كنت فاكر ان كل حاجة كنتي بتعمليها
معايا…….عشان بتحبيني وعايزه تفضل معايا وينجح
جوازنا……مش عشان ترضيني بس ؟!….”القى عليها نظر طويلة وهو يقول بنبرة باهته…..
“يااه ياحنين….هو انا لدرجادي كنت اعمى……”
وضعت يدها بخصرها وقالت بسخط..
“آآه……اقلب التربيزة….وطلع انت الملاك البريء المظلوم…..وانا الظلمة الوحشة المفترية مش كده…….”
ارتدى سترته باستهزء قائلاً…..
“لا انا لا ملاك ولا بريء….. ادخلي البسي ياما اخدك زي مانتي كده للعربية…..”
هزت راسها وهي تقول بصلابة….
“انا مش راحه في حته….هطلقني يعني هطلقني….
وهترمي اليمين دلوقتي….. عشان انا لا انفع زوجه اولى ولا تانية فاهم……..”
رفع عيناه الباردة عليها وهو يغلق ازرار
السترة وقال بمهانة…..
“فعلاً ولا حتى تنفعي تكوني زوجة أصلا…..”
شعرت بانه صفعها على حين غرة فنظرت اليه لبرهة
بوجع وهي تشعر بنيران حارقه بصدرها…
“يسلام….. وعايزني ارجع معاك ليه… ما تخلص….”
اقترب منها بانفعال مكبوت…..
“هخلص…. هخلص ياحنين….. بس لما اربيكي الأول……..” حملها سريعاً على كتفه كشوال
بطاطس…..
صرخت حنين وهي تركل بطنه بقدميها….
“انت اتجننت سبني…..هصوت ولم عليك الناس وقول خطفني……”
قال هازئاً وهو يخرج بها من الشقة…..
“هو في راجل برضو بيخطف مراته….”
صرخت بجنون وهي تحاول النزول من على
كتفه الصلب……
“انا مش مراتك…… مش مراتك…. روح للجديدة زمانها مستنياك على نار…….”
رد عز الدين بجمود…..
“هروحلها وطفي نارها متشغليش بالك انتي…… وبلاش تدخلي نفسك بين واحد ومراته احنا
هنساوي امرنا سوا…….”
صاحت بغيرة وهي تعافر كي تنزل…..
“اولعه انتوا الاتنين نزلني….. نزلني واشبع بيها…”
قال هازئاً وهو يهبط من على درجات السلم
المتهالكة….
“مش لم اشبع منك انتي الاول ياعيوني…..”
هدرت باشمئزاز مفعم بالكراهية……
“بطل كلامك ده… خلاص الكلام ده معدش بياكل معايا……نزلني…. ”
القاها بسيارة في المقعد الخلفي سريعاً امام اعين المارة المندهشه فالجميع يعرف انه زوجها
الثري……
كانت ستصرخ حنين لكنه كمكم فمها بيده
الكبيرة وهو يرمقها بعسليتاه الضارية…..
“ولا كلمة وفري كلامك لما ترجعي بيتك… يامؤدبة…….آآه… ” كبح التاوه سريعاً وهو يبعد
يده عن فمها……. فقد قضمت يده باسنانها
الحادة فطبعت اسنانها علامه حمراء عليها….
نظر لها بشر وفي لحظة تهور رفع يده وكاد
ان يصفعها لكنه توقف حينما راها تغمض
عينيها بخوف منه…..منتظرة شيءٍ يقسي
قلبها اكثر عليه………
انزل يده المرفوعه وقبض عليها بقوة وهو يلقي عليها نظرة معاتبه غاضبه ثم جذب بعدها حزام الامان وربطه جيداً بها بقوة… حرصاً على الا
تفتعل جنوناً اثناء قيادته……
خرج من السيارة صافق الباب خلفه بقوة بينما
سار بعدها خطٍ من الالم منتشر بجسدها ولم تلبث
إلا واغمضت عينيها مستسلمة للواقع المرير
معه والحروب التي ستقام بينهما من الان
فصاعداً………حتى يتنازل احدهم ويترك
للآخر حرية الهرب منه…….
دخل السيارة واحتل مقعد القيادة…أدار محرك
السيارة وهو يلقي عليها نظرة محتنقة….
بينما هي ساكنة بالخلف تغمض عينيها هرباً من نظراته………
اثناء قيادته والصمت الأسود بينهما…..لاح بعقله تفاصيل تلك الحفلة التي اقامت في فيلا (المسيري)
الفخمة والد ميرال……الحفلة التي امتنع عن مرافقتها
له حتى لا تحصل مشادة كلاميه بينها وبين ميرال
فهو يعرف ميرال حينما تضع احد في راسها تحاول بكل الطرق افساد حياته وما يمتلك……وخصوصاً
ان كانت تمتلك حنين مكانة كانت تسعى ميرال لاستردادها مجدداً……..
يتذكر اليوم جيداً وتفاصيله…كانت وقتها ميرال
تنزل على سلالم الفيلا بثوب أبيض لامع…. ينساب
من الجانبين أرضا باناقة……. عاري الكتفين
والظهر….. وجزاء كبير من ثديها بارز بجرائة……..
كان شعرها المصبوغ بالاحمر منسدل على ظهرها بقصة عصرية وتضع أعلى راسها تاج ملكي يلمع بالالماس……..
من يراها وقتها يعتقد انه حفل زفاف ميرال المسيري
مدير أهم واثقل مكاتب في الدولة……..والذي يمشي
صفقات والمناقصات برشْوة من بعض رجال الأعمال
الذي هو للأسف واحد منهم وقد ساهم مرراً في نجاح هذا المرتشي اكثر من الازم…….بل انه ناسب اياه سابقاً في ابنة لا تقل طمع وحقارة كوالدها تماماً……….
اتجهت اليهم ميرال بدلال في حديقة الفيلا الفخمة
المضيئه بالانوار والتي تم تجهيزها باعلى مستوى فخم يليق بالعائلة العريقة وضيوفها…….
اقتربت ميرال من دائرة تحيط عدت رجال اعمال
من ضمنهم والدها وعز الدين الخولي……اتجهت
اليهم بهيئة العروس تلك وهي تقول…..
“اي يا داداي…. هو احنا هنفضل نتكلم في الشغل… انت ناسي ان النهاردة عيد ميلادي…..”
عقد عز الدين وقتها حاجبيه وهو ينظر للمسيري باستفهام…..ثم تنحنح قائلاً….
“انا فاكر ان الحفلة على شرف نجاح المناقصة ولا
انا فهمت غلط……”
قد اوشك والدها على الرد لكن سبقته ميرال
قائلة بصوتٍ ناعم متملق……
“الاتنين ياعز…… بصراحة انا قولت لدادي يخبي عليك موضوع عيد ميلادي عشان متعتذرش كلعادة…….”
لاحت بوادر الإزعاج على وجهه… لكنه فضل
معايدتها بالباقة امام رجال الاعمال الواقفين
معاهم…..
“كل سنة وانتي طيبة….معلش مجبتش هدية معايا…..”ابتسم على مضض…..
كانت جواره حينما احاطت ذراعه بيدها وكان وقد
انشغل عن عمد في الحديث مع احد
الرجال………همست جوار اذنه بميوعة…..
“كفاية انك جيت………دي احلى هدية عندي……”
تم التقاط الصورة المنشودة وقتها والتي ارسلتها لحنين بعدها……وقتها نظر لها بقوة مهيبة…ثم سحب يده بنفور بارد……..وقتها شعرت بالغضب والحرج
امام رجال الاعمال الذين كانوا يرقبا تصرفها المتملق
مع طليقها السابق….حتى والدها هز راسه وهو ينظر
لها في الخفاء بعدم رضا……
في لحظة استشعرت بمرارة الهزيمة بحلقها مما جعلها تبتعد عنهم بابتسامة رسمية……..
وقتها وبعد لحظات لمحها عز الدين تغلق هاتفها بانتصار وهي تتجه له بدلال واغراء محاولة
جذبة بكل الطرق….
اقتحمت مجدداً بسماجة وميوعة المكان
ووقفت جواره وهو يتحاور مع بعضٍ من الرجال
في مشاريع جديدة يقارب على تنفيذها….
وقتها حدث ميرال احد الرجال الوافقين
باعجاب…..وكان بعمر والدها……..
“بس اي الجمال دا ياميرو…..معقول النهاردة عيد ميلادك انا افتكرته فرحك بالفستان الابيض ده….”
رفعت وجهها بترفع وهي تقول بزهو مغري….
“ومالو يانكل تغيير……..الاستايل عجبني فقولت
اكون اول واحده تلبس الابيض في عيد ميلادها….”
اوما لها الرجل وهو يقول ضاحكاً…..
“على كده هتطلعي ترند الكامرات في كل مكان…….وانتي عارفه الحاجات الغريبة دي
بتسمع مع الناس…… ”
اومات ميرال وهي تقول بمكر…..
“ودا المطلوب….تجارة ربحانه….انك تتعرف اكتر من خلال ترند سمع عند ناس…….”
لوى عز الدين شفتيه وقتها بازدراء وتابع الحديث بصمت……
عقب وقتها احد الرجال مجاملاً…..
“برافو ياميرال بنت ابوكي… ميرال المسيري بصحيح…..”
ابتسم والدها بزهو وهو ينظر لابنته التي بادلته الإبتسامة بصلف…….. نظرت لعز الدين لترى انطباعه
على الحديث المقام امامه…وجدته صامت يرتشف
من كأس العصير بصمت وعيناه لا تنظرا لها….
وهي التي تأنقت خصيصاً له بل انها اختارت اكثر الاثواب جمالاً و آثاره لأجل ان تجذب عيناه
وتاثر عليه كما كانت تفعل بسابق……
ماذا حدث له لماذا لا شيء يأتي بنفع معه…….
هل فقدت اسلحتها الفتاكة المغرية امام خادمة
خالية من الانوثة فاقدة الفتنة والجمال…. ماذا فعلت له لكي لا يتاثر بقربها ولو للحظة !….ماذا فعلت بقلبه لكي يظل معها كل تلك الاشهر الطويلة بدون ان يمل منها كغيرها……..لماذا لم ينفصل عنها حتى الآن………ماذا يحدث هل ستظل معه للأبد ؟!!…….
اخرجت زفرة عميقة مفعمة بالغيرة والغل
ثم ابتعدت عنهم واتجهت لساحة الرقص
واخذت المكرفون من منسق الحفل…..محاولة ان
تجعل الجميع ينتبه لها بمقدمة لطيفة ممتنه للحاضرين…….
“شكراً لحضوركم الحفلة ووجودكم معايا في يوم مميز زي ده…. بما ان النهاردة عيد ميلادي فانا
حبى ارقص النهاردة مع شخص معين هو موجود
هنا بينكم……..”التقطت عيناه من بين الجمع
وقالت بدلال……
“عز الدين الخولي……ينفع نرقص سوا على
الاغنية دي………اعتبرها هدية عيد ميلادي ”
صفق الجميع بعدها بحرارة لهما والكل ينظر لعز الدين مشجعه على قبول طلب أميرة الحفل
جز على اسنانه وهو يشعر بالبغض لتواجده هنا
فاليوم لأول مرة سيفعل شيءٍ لا يريده لمجرد
ان يحافظ على واجهة التحضر ولباقة امام المتواجدين………
اوما لها بابتسامة خرجت باعجوبة امام الاعين المحيطه بهما….وزداد التصفيق بحرارة واصرار
فلم يتمكن من الهروب بل تقدم من ساحة الرقص ورقص معها على اوتار موسيقى غربية ناعمة………
ونظرات الجميع تحيط بهما باعجاب ومنهم من اخرج شائعة عودتهم لبعضهما وهذا الحفل ليس إلا حفل زفاف لهما كما ظنت من كانت تراقبهما من بين
الافرع الحديديّة……….
سحب رابطة عنقه باختناق محاول التركيز اكثر في الطريق ثم لاحت منه نظرة على الهاربة منه بعينيها لمكان آخر…..تسند راسها بأسى على زجاج النافذة وتنظر للطريق الراكض امامها بشجن……
عادت عيناه للطريق بانفعال حزين منها….لهذه
الدرجة لا تثق به ولا بحبه لها…..صدقت انه خانها وتزوج عليها صدقت امرأه تعلم جيداً انها المستفادة الوحيدة من هذا الانفصال…….لماذا لا تثق به ولا بحبه لها…ولماذا لم تدخل وقتها اليه وتواجهة امام الجميع……. كانت وقتها ستعرف انها مجرد مكيدة حقيرة هدفها الخراب بينهما…..لكنها كالعادة جعلت ضعفها يقودها وهربت مبتعده عنه محاولة بعدها
بكل غباء اقتلاع نفسها من حياته…….
كيف ياحنين وانتِ بمثابة أكسير الحياة لي…انتِ عيوني ، عيون ارى من خلالها حلاوة الدنيا….. انتِ صاحبة الضحكة التي تجعل قلبي يخفق فرحاً
معها…….انتِ الهشة التي ترضيني وتجذبني اليها أكثر…. انتِ شفافة الروح والتعابير التي تجعلني أرى الطيبة والنقاء والصدق في امرأة واحده……
كيف بعد كل هذا الحب وتعلق بكِ تطلبي الهجر….. وكيف ارضى واسامح وانتِ خذلتي قلبي وظلمتِ حبي لكِ….كيف أرضى واسامح غباءك وتسرعكِ في البعد……كيف ؟!!…..
……………………………………………………………..
فتح له افراد الأمان الأبواب الحديديه الضخمة
دلف بسيارته الفارهة المجمع السكني الراقي
المطله معظم المباني منه على البحر مباشرةً…
هذا المكان الذي احضرها اليه يوماً لقضاء اول
أيام في ثمار حبهما حتى ترعرعت المشاعر
ومتدت جذورها لتربط بينهما بقوة…..
اوقف السيارة امام الفيلا التي تطل على البحر المميزة بركنها البعيد عن باقي البيوت المجاورة
حتى تكن خصوصية اكثر……..و تليق بصاحب
المجمع الثري……
انتبهت حنين انه اوقف السيارة أخيراً بعد رحلة طويلة من الصراع مع النفس ومناقشة نفسها
في كيف سترغمه على تنفيذ طلبها بالبعد عنه
للأبد….
بلعت غصة حادة كشفرة مسننة…… وهي تراه يخرج من السيارة ويفتح الباب جوارها… ثم اشار لها بمنتهى الهدوء وعيناه تحذرها إلا تفتعل جنوناً…
“انزلي ياحنين…….”
كتفت ذراعيها امام صدرها ونظرت امامها
بغضب……
“انا عايزة أروح………”
رد وهو يستند على سقف السيارة ببرود….
“مفيش مرواح….. انتي هتقعدي في المكان اللي
انا عايزة……”
قالت حنين بتمرد وهي تنظر اليه بقوة……
“يعني إيه….. تكونش اشترتني…….”
اجابها بقسوة مهينه…..
“آآه اشتريتك…. بصي على حسابك في البنك… والشقة الجديدة اللي في (….) وانتي هتعرفي انك بايعه وانا الشاري من زمان اوي……”
قالت بعينين نافرتين نحوه…….
“مش عايزهم…… خدهم وطلقني……..”
هدر بانفعال بعد تلك النظرة وهو يميل براسه
عليها….
“مفيش طلاق سامعه…. فكي الزفت ده وطلعي…”
حاولت جذب الحزام ولكنها فشلت في خلعه
فسبت بغيظ وهي تصيح……..
“تعالى فك الزفت اللي ربطني بي ده… ولا كانك
رابط بقرة…….. قرف…….”
حذرها ببرود….
“لمي لسانك يامؤدبة…… وتعدلي……”
صاحت حنين بتشنج من الخضوع اليها….
“مؤدبة غصب عنك…….احنا جايين هنا ليه انا
عايزة اروح……..روحني…….”
مالى عليها وفك حزام الامان وهو بالقرب منها انفاسه تضرب وجنتيها وتوصل الرجفة لجسدها وقلبها الابله الذي يخفق بالقرب منه بجنون…….
كان قريب منها جداً يكاد يلامس شفتيها بشفتيه ان رفع راسه قليلاً….. فقد كان منحني امامها يحل الحزام الذي يابى بعناد تحريرها مثل شخصٍ
ينحني امامها الان وعطرة الرجولي يداهم انفها بقوة…..واصابعه تلامس جانب وركيها بين الحين والاخر وهو يحاول حل الحزام……دققت النظر
لراسه المنحني وجانب وجهه الرجولي المتشرب
من اشاعة الشمس……وخصلات شعره المائلة
للاشقر قليلاً التي تلمع كذهب بجاذبية فاتنة
مع اشعة الشمس…..
تنفست باضطراب وهي تشعر بالحزام ينساب عن كتفيها و راسه ترتفع اليها لتكتمل الصورة بشكلا
مهلك ورغم الغضب تتدفق مشاعر حميمية اساسها
عاطفي راقي كحبهما تماماً………
تبدلا ذكرى عن أشياء كانت بمثابة الحلم الجميل وقد انتهت بكابوس خذلان وكلاً منهما له وجهة معينة….
بلعت ريقها وهي تقول بحنق……
“هتفضل تبصلي كده كتير……وسع عشان انزل…….”
تافف امام وجهها بغيظ يكبت تلك المشاعر التي
انكشفت عن الستار بنظرة واحده لعينيها…….
ابتعد عنها وانتصب واقفاً منتظراً اياها بصمت
خرجت وسارت جواره على مضض وهي تستشعر بالاعياء من كثرة المعافرة وصراخ عليه واصبح
الان إخراج حرفٍ اخر مجهود اكبر من جهدها…….
استغرب عز الدين صمتها وخضوعها تلك المرة
له… نظر اليها فوجدها تسير بصعوبة وتفتح عينيها
بجهد……..اقترب منها واحاط خصرها بحنان وقد تبخر في لحظة غيظة وغضبه منها وبات القلق
والخوف مشاعر تقوده اليها……
“مالك ياحنين……………انتي تعبانه……”
قالت بنبرة خافته وهي تغمض عينيها بتعب…..
“شوية……”خارت قواها وانزلقت قداميها اسفلها ولولا يداه القوية التي كانت تسندها لوقعت
أرضاً بقسوة…..
حملها عز الدين سريعاً بين ذراعيه برفق وهو
يسالها بقلق…..
“انتي اخر مرة كلتي فيها امتى……”
ردت باعياء…..
“امبارح……….الصبح…….”
فغر فمه بتعجب…..
“ايه كل ده !!……..ومجوعتيش…..”
“مش عايزة اكل….سبني انام عشان افوقلك…..”تثابت وهي تغمض عينيها على ذراعه بأرق……عقب عز الدين وهو ينظر امامه بغيظ…..
“تفوقيلي ؟!!….. شكلها هبت منك على الاخر ياحنين…….”
قالت وهي مغمضت العينين بين الحلم واليقظة….
“ولسه انا هطلع عليك كل اللي عملته فيا…ياجوز الأربعة…….”
غمغم بقرف بعدما شعر بان انفاسها انتظمت
سريعاً بشكلا مريب…….
“يادي الجوازت اللي كرهتها بسببك……”
صعد بها للغرفة ووضعها على الفراش ثم دثرها بالاغطية واطفأ الأنوار وهو يخلع سترته باختناق
خرج على الشاط حيثُ الامواج المتلاطمه بقوة
تسابق بعضها كي تصل لنقطة معينة… كما يفعل هو الان ويسابق افكاره وحزنه من ثقتها الواهية به…
خلع رابطة العنق والقاها على الرمال أرضا بغضب فاتت الأمواج الثائرة وسحبتها ببساطة وهو لم يمانع بل ظل ينظر الى ابتعادها بوجوم……. ان ترك حياته واستهان بالأمر كما فعل الان ربما سيخسرها ويخسر كل شيءٍ من بعدها………
يجب ان تعرف ان الحب المنزوع منه الثقة لا يدوم
ولا يثمر إلا وجع وشكوك طوال الوقت….وان كانت
تحمل الثقة داخلها ولو واحد بالمائة ما كانت ابتعدت بتلك الطريقة الغبية المثيرة للشفقة……
ماذا يفعل معها…….ولماذا اتى بها إلا هنا تحديداً…
كيف يبرئ نفسه ويشرح الامر لها وهو يحمل
غضباً وحزناً منها………كيف؟!………
صدح هاتفه في جيبه اخرجه وهو ينظر للبحر بوجوم ثم رد بعد ان رأى اتصالا من اخيها محمود
أكيد امها تهاتفه للاطمئنان على ابنتها.. اخذها
بدون علم أحد واستغل خروج امها بعد ان بلغه حارسه الخاص……وبعدها بدقائق اقتحم البيت
بدون ان يستأذن اصحابه…. وبمنتهى الهمجية التي
لا يفضلها مع اين كان حملها على كتفه والقاها بسيارة رغماً عنها……. لكن ماذا كان سيفعل مع عنادها وتصميمها الغبي……. غضبه الاعمى نحوها جعله يتصرف على نقيض شخصه……..فبات هنا يتنفس غضباً ويحترق غيظاً وهي بالاعلى تنعم في نومٍ عميق……. وهو هنا يشعر بانفجار براسه من
كثرة التفكير…..
اخذ نفساً عميقاً وهو يضع الهاتف على اذنه….
استمع بصدر رحب لحديث امها المتواصل الباكي
وعتابها اليه على اخذ ابنتها بهذا الشكل وسماع
الامر من الجيران….قال بصوتٍ هادئ قليلاً…..
“متخفيش على حنين…. انا عمري مأذيها ووعد
مني هنيجي نزورك انا وهي قريب……”
عادت امها تساله عن سبب المشكلة ومن المخطأ في حق الآخر رد بنفس الهدوء على السيدة المريضة التي لن تتحمل همٍ فوق همومها الثقيلة…..
“متقلقيش انا وهي هنحل مشكلنا احنا مش صغيرين….. وحنين مراتي وانا مقدرش استغنى عنها……..وهي كمان مع الوقت هتفهم انها كمان
متقدرش تبعد عني……..” ثم استمع لها بصدر رحب وبعد ان انهت حديثها طمئن قلبها بهدوء…….
“صدقيني متقلقيش عليها….حنين في عنيا…..وانا
وهي هنزورك في اقرب وقت….”اغلق بعدها الهاتف
وهو يخرج زفرة قوية ثم القى جسده القوي الصلب
على الرمال المبللة جالسا ، وظل مكانه يشكي للبحر
ما يجول بخاطره بتيه…..حتى اختفى ضوء النهار لياتي الليل حالك قاتم يخفي زُرقة البحر وصفاءه
عن العيون……
……………………………………………………………
فتحت عينيها بتعب وهي تشعر بثقل براسها
تحسست راسها باعياء وهي تتافف بوجع….
“آآه………راسي…..”
اعتدلت في نومها جالسة وهي تفرك براسها بتعب
سمعت خرير مياة صادر من الحمام….نظرت نحوه
فوجدت الباب مغلق وبداخله أحد……
نظرت للملابس البيتي التي كانت ترتديها في شقة والدتها وكانت عبارة عن بنطال اسود مهترى ويعتليه كنزة بنصف كم من اللون البني الباهت…….
شعرت ببوادر الحرج من رؤيته لها بهذا الشكل
لكن سرعان ما نفضت الاحساس وهي تذكر
نفسها بزيجته عليها……ورجوعه لطليقته
الآخرى…….
سحبت نفساً عميقا بتعب وهي تهدا من شعلة غيرتها تلك محاولة ايجاد حل كي تجبره على طلاقها منه…
رفعت عينيها بتعجب وقد اشتمت رائحة طعام تفوح
بالقرب منها……حركت حدقتيها جوارها فوجدت على المنضدة اكياس تفوح منها رائحة الطعام…….
شعرت بان معدتها تتضور جوعاً وبدأت تصدر اصوات مزعجة……..فتحت حنين الاكياس وكانت تحتوي على بعضٍ من العلب الانيقة تحتوي على افخم وجبات جاهزة من ارقى واشهى المطاعم هنا…..
بلعت ريقها وهي تفتح العلبة لتغمرها الرائحة الشهة
كانت علبة تحتوي على اصابع ورق عنب وشرائح اللحم تغطيها وحبات رمان تزين الطبق…. تمتمت بغيظ عند تلك النقطة…… وهي تغمض عينيها بانزعاج……
“رمان !!…. استغفر الله العظيم…….” التقطت واحده
من لفة ورق العنب وهي تبرهن ان الطعم سيكون كارثة……… لكنه بعد المضغ بثوانٍ انفكت عقدت حاجبيها وهمت بالتهام واحده تلو الأخرى بنهم
وكانها لم تاكل منذ قرون…….. كان المذاق حامض وحلو في نفس الوقت حتى طعم شرائح اللحم
كانت تذوب بفمها………
بعد دقائق مدت اصابعها فوجدت العلبة فارغة وقد انهت محتوى العلبة في وقتاً قياسي…برمت شفتيها
وهي تضعها جانباً وتفتح أخرى وكانت تحتوي على
نفس الصنف ابتسمت بسعادة وشفتيها ملطخه قليلاً
بلمعة زيت الطعام آثار الأكل……..
همت باخذ واحده تلو الأخرى ومضغها باستمتاع
وانسجام وكانها تجلس في فاضل مكان في
العالم….
خرج عز الدين في تلك الاوقات فوجدها تجلس على حافة الفرش تولي ظهرها له…لكن سمع همهمات
الاستمتاع تصدر منها مع اصوت مضغ بسيطة….
جفف وجهه بالمنشفة واقترب منها وهو يراقبها تاكل بنهم وراحة………
نظر لها وقال بفتور……
“اللي ياكل لوحده يزور…….ياعيوني……”
رفعت عينيها بصدمة وكانت للحظات امام
الطعام قد تناست امر شجارهما وسبب
وجودها هنا !…..
شعرت بالطعام يقف بحلقها….فاتسعت عينيها بقوة واحمر وجهها اقترب منها عز الدين بقلق……
“مالك ياحنين…….”اقترب منها وتحسس ظهرها
بيده برفق……فازداد الاختناق وبدات بسعال….
نهص سريعاً وخرج من الغرفة وعاد بعد ثانيتين بكوب من الماء….اعطاه لها شربتها على مهل وهي
تنظر اليه بتوجس…….
حينما هدأت اخذت انفاسها برفق وهي تضع الكوب وعلبة الطعام على المنضدة باحترام ؟!!…..
عقد حاجبيه وقال بصوتٍ حاني……
“سبتي الاكل ليه…….كملي اكلك……”
برمت حنين شفتيها واشاحت وجهها بحنق عنه
قائلة بامتناع وترفع…….
“مليش نفس………”
“مفيش حاجة اسمها ملكيش نفس…..كُلي ياحنين…..انتي يعتبر بقالك يومين مكلتيش….”
مال امامها وسحب العلبة ووضعها فوق حجرها… وقت هذا الانحناء البسيط منه داهم انفها رائحة عطرة الطفيفة…….
شعرت بتشنج معدتها…….نهضت سريعاً وقد وقعت العلبة أرضا وتناثر محتواها…..امام عيناه الذاهلة
راقبها تضع يدها على فمها وتركض للحمام…..لحق
بها فوجدها تتقيأ بقوة مفرغة كل ما اكلته منذ
دقائق……….
ظل جوارها حتى انتهت ساعدها وغسل وجهها
وفمها وسندها الى ان وصلت للفراش ثم سالها
حينما استرخت على السرير……
“انتي تعبانه ياحنين…..انا هتصل بدكتور يجي يشوفك…….”
نظرت امامها ثم قالت بنبرة باهته…..
“ملوش لازمه دول شوية برد في معدتي……متتعبش نفسك ووفر قلقك وخوفك ليها……”
عض على شفته وهو ينظر لسقف الغرفة بنفاذ صبر……ثم عاد لعينيها الهاربة منه وقال……
“بكرة لو لقيتك تعبانه هنروح للدكتور ….تمام… ”
القت نظرة باردة عابرة عليه ثم هربت من عيناه……
اتجه وقتها عز الدين لعلبة الطعام الواقعه أرضا….
انحنى ونظف المكان بهدوء مرتب امام عينيها التي
تختلس النظرات إليه بغيظ………..
بعد لحظات عاد المكان نظيف وقد اعد لها كوب
من الليمون الدافئ……..وضعه جوارها على سطح المنضدة قائلاً بصوتٍ رخيم……
“خدي اشرب اللمون ده……هيريح معدتك……”
قالت بوجوم…..
“شكراً مش عايزة…..”
قال بجزع وهو يجلس على اقرب مقعد…..
“اسمعي الكلام وبطلي مقوحه…..”
زفرة بغيظ وهي تنظر له ببغضٍ…..
“وبعدين……..هفضل محبوسه في المكان ده….”
ارجع ظهره للخلف وهو يشعل سجارته
بتهكم….
“يومين وهنروح……انا مش عاطل انا عندي شغل ومصيري ارجع اكمل روتين حياتي الطبيعي….”
عقدت حاجبيها ونظرت امامها وهي تقول
بلهجة شديدة المعنى…..
“تمام كمل روتين حياتك… وخرجني انا من
الروتين ده……”
نفث دخان السجارة وهو يقول ببرود
مستفز….
“انتي اساسه ياعيوني……. اشربي اللمون…..”
ابعدت الشرشاف عن جسدها وهي تنهض
بتشنج……
“مش عايزة……انا عايزه اروح…..عيزاك تطلقني….”
جز على انسانه وتشنجت عضلات وجهه وهو
يقول بنفاذ صبر……
“مفيش طلاق ومفيش مرواح غير على بيتك بيت جوزك ياحنين هانم………”
رفعت حاجبها بغيظ وزمجرت هازئة….
“جوزي !!…اللي اتجوز عليا….ومفكرش حتى يديني خبر…….طب كنت قولي كنت فرحتلك….. “القت
عليه نظرة ساخرة تحمل سوداوية المعاني……
نهض بتكاسل عن المقعد ووقف امامها ليظهر فرق
الطول بينهم وكم هي فريسة ضعيفة امام وحشية
حضوره وعينيه العسليه الضاريه التي تلمع
بقسوة مهيبة لقلبها……….قال بمرح بارد به
لمحة من الجبروت…..امام غضبها الثائر…
“اديكي عرفتي والفرحة اهيه بتتنطط في عينك…..اصيلة ياحنين……اوعدك ياعيوني المرة الجايه هاخدك معايا عشان تخطبيهالي بنفسك…”
وضعت يدها بخصرها بانفعال قوي……
“هي مين دي ان شاء الله……”
ادار وجهه وهو يقول بسخط….
“التالته…….مانتي عرفاني بمل بسرعة……”
دارت حوله بجنون وكان عقلها اختل للبرهة
من شدة الصدمة من ردوده المستفزة……
وقفت وسالته حائرة بوجع…..
“وطالما مليت مني مطلقتنيش ليه…..”
قرص وجنتها وقال ببرود……
“انتي الاولى ياعيوني…….حد يستغنى عن عينه برضو……..”
خفق قلبها بوجع وهي تنظر اليه
بحزن……..سائلة بتشتت….
“يعني انت فعلاً متجوزها ياعز…..”
مط شفتيه ولم يرأف بحالها بل قال بقسوة بها
عتاب خفي…….
“لو كان عندك شك واحد في الميه كنتي دخلتي وجهتيني وقتها……. بتسألي ليه دلوقتي مانتي متأكده اني متجوزها… عشان كده طلبتي الطلاق
من غير حتى ما توجهيني وتعرفيني السبب…..”
نزلت دموعها بانسياب حزين وهي تقول بصوت متهدج……
“انا وجهتك من كام ساعة بس….. وانت مانكرتش قولت انك متجوزها…..”
قال ساخراً بجفاء….
“وجهتيني بعد ما جتلك بدل المرة الف…. اتصالات ورسايل واول مرة جيت فيها كنتي حبسه نفسك
ورا الباب ولي طالع عليكي طلقني طلقني…..”
القى سجارته ارضا ودهس عليها وهو ينظر لها
بعتاب مطعون بالم الخذلان منها…. وثقتها
الواهية به…….اضاف بجسارة……
” آآه انا خونتك ياحنين….وتجوزت عليكي…وبرضو هتفضلي معايا غصب عنك……”
صاحت بوجهاً مبلل بدمع……
“في شرع مين ده……”
لمعة عيناه بقوة وقال بسطوة وسط غمار
غضبه منها……
“في شرع الحب……في شرع ان انا مقدرش
استغنى عنك ولا انتي كمان……..”
رفعت راسها اليه باختناق وهي تحارب الكلمات
قائلة بكسرة…….
“لا ياعز………… طالما دخلت واحده بينا يبقا خلاص…..ادوس على قلبي ولا اذل نفسي ليك.. ”
صاح ثائراً بعنف…..
“اشمعنا انا بذل نفسي ليكي…..عمري ماغصبت
على واحده تعيش معايا بالعافية…. وكلمة طلقني كانت بتتقالي مرة وبعدها ببقا رامي اليمين عليها قدام المأذون……اشمعنا انا صابر على كلامك
وساكت……..لا وجيبك من بيتكم كمان غصب
عشان بس تفضلي معايا…..مين فين دلوقتي
المذلول للتاني…….”اضاف وهو ينظر لملامحها
بوجع وقد راى في عينيها انهزام حبهما ……
أضاف وملامحه تحولت للرمادي الداكن في
لحظة امامها…..
” اول مرة اندم اني عرفتك……. وسلمت قلبي
لواحده معندهاش ذرة ثقة في نفسها….ولا فيا…”
خرج من الغرفة بعدها صافق الباب خلفه بقوة……
نظرت للباب بوجع شاعره بقبضة من الصقيع تثلج قلبها وعباراتها الساخنة تهبط واحده تلو الاخرى بانسياب ساكن كسكون جسدها في وقوفه….سمعت
بعدها محرك سيارته ينطلق بسرعة رهيبة تارك قلبها ينفطر المًا بعدها…….لم تلبث الا والقت نفسها على الفراش ودفنت وجهها به ودخلت بنوبة مريرة من البكاء…..حتى ظهرت اول خطوط النهار فذهبت في سباتٍ عميق والدموع لم تجف عن وجنتيها….
………………………………………………………..
خرجت من ابواب الجامعة وحيدة شاردة و… جميلة
حتى بحزنها وحيرتها…جميلة بطلتها الرقيقة..كانت
مرتديه بنطال جينز يعتليه قميص انيق هفهاف يزين وجهها الصغير الأبيض حجاب لونه يلائم الطقم……
اخذ نفساً عميقاً وهو يتاملها بعيون تلمع محبة وعشق لتلك الاميرة الصغيرة…….التي شبكته
بالهوى قبل اوانه…..
رفعت حبيبة عينيها فوجدته يستند على السور
بظهره ويناظرها وهي تقترب منه……
توقفت مكانها عن بعد وهي ترمقه بغضب وجفاءٍ
ثم في لحظة اولته ظهرها وهي تغير الاتجاه
وتسير باتجاه معاكس……
ركض أحمد خلفها سريعاً وعرقل سيرها بالوقوف أمامها مباشرة وجهاً لوجه…..وهو يقول معتذراً
لاول مرة من فتاة !!……..
“حبيبة….. استني…..حقك عليا…والله ما كنت اقصد حاجة….صدقيني الكلام طلع معايا كده وقتها….”
عقدت ذراعيها امام صدرها وهي تقول بترفع
صلب….
“ممكن تعديني ياستاذ……احنا في شارع…..”
نظرت حولها باحتقان……
زفر احمد بانزعاج وقال واجماً…..
“حبيبة بلاش الوش ده…محصلش حاجة لده كله…
انا اسف…..غلطه و مش هتكرر تاني….متكبريش الموضوع……..”
رفعت حاجبيها بغيظ وهي تقول بغضب مكبوت
“مكبرش الموضوع….انت مش واخد بالك ان رسلتك
ملهاش غير معنى واحد…… انك شايفني واحده مش محترمة مباح تكلم معاك في حاجات زي دي…..”
ظهر اليأس على وجهه وهو يقول بانزعاج….
“حاجات اي ياحبيبة….. مكنتش كلمة قولتها….”
قالت بجسارة حادة نحوه…..
“كلمة هتجر كلام….. انا مش عبيطه يا احمد ولا
غبية انا فاهمه كويس اوي البدايات دي بتبقا عامله إزاي….”
مسح على وجهه بقلة صبىر ثم التقط عينيها في نظرة مترجية قائلاً بصدق……
“والله ظلماني….. يابنتي انا بحبك واكيد مش
شايفك كده…….”
فكت عقدت ذراعها ثم قبضة على كف يدها وهي
تقول باللهجة شديدة….
“لو عايزني انسى اللي انت قولته وتثبت نيتك من ناحيتي……….. بطل ترن عليا… انا مبقتش مرتاحه
ولا حبى حوارات التلفونات دي……”
اغتاظ بشدة وهو يتخيل الايام بدونها كيف
ستكون…. بينما اليومين التي انقطعت عنهم
بالاتصال به كانوا غاية في الكآبة والجفاء….
ألا تفهم انها تعني له اكثر مما ظن وان الانقطاع
عنها والابتعاد امراً غير عادلاً ؟!…. أصبحت تشكل حياة اخرى لديه والابتعاد لا يناسبه قط…… فكيف يقبل بطلبها الاهوج……..زمجر بقنوط……
“يسلام وطمن عليكي ازاي وكلمك إزاي بقا….انت بتقفليها ياحبيبة وبتحطي العقده في المنشار… ”
قالت بجفاء غليظٍ…..
“انت اللي عملت كده الاول متبقاش تزعل من رد فعلي…..انا مش هستنى اسمع الكلام ده تاني
منك…. ”
اوشك على الانفجار غيظاً منها…. لكنه اخذ نفساً عميقاً وهو يستغفر عدة مرات قبل ان يقول
بهدوء وكانه يحدث طفلة صغيرة….
“لو اتكررت تاني انا بنفسي اللي هعمل البلوك خلاص…….”
اشاحت بوجهها بتردد وهي تفكر في تلك العلاقة التي لا تعرف كيف سيكون تاثرها في المستقبل عليها…….بينما في وقفتها الضائعة سمعته يعتذر
بحنان………
“حبيبة الله يرضي عليكي انسي انا بقالي يومين هريكي اتصالات ورسايل وانتي ولا انتي هنا….”
ناداها مجدداً حينما راى عينيها الزيتونية ترفضا
النظر الى عيناه الجامعة بين العبث والدفء
شيءٍ بالفطرة يجعل عيناه ونظراته جذابة
مؤثرة…..
انه لا يمتلك عينا ملونة فعيناه بني داكن كاغلب
البشر لكن نظراته بها شيءٍ مميز…. بها العبث الذي يربكها والدفء الذي يغمر قلبها طمأنينة وامان نحوه…..
غريب هذا الحبيب يمتلك شيئان من الصعب اجتماعهم معاً ؟!!…
“حبيبة……..”نادها مجدداً فافقت من شرودها وهي تدعي الحزم رغم خفقات قلبها المعلنة عن الانهزام امامه…….
“خلاص يا أحمد الموضوع انتهى…..بس ياريت
تحافظ على صحوبيتنا……ومتتعداش حدودك
معايا…..”
زفر بنفاذ صبر قائلاً بتهكم…..
“خلاص يا بيبه هانم…..كفاية أوامر…..انا كرهت نفسي وحروف الرسالة…….”
ثم بعد دقيقة أخرج السلسة الذهبية من جيبة
وقبض يداه الاثنين امامها وهو يقول بمرح
طفيف….
“دي ولا دي……انجزي عشان انا مش طايقك…. ”
هربت ضحكة خافته على بين شفتيها الصغيرة الرقيقة ككل شيءٍ بها…..ثم بدون تعليق اشارت على الكف المحتوي على السلسلة……حينما فرد أحمد يده ظهر ذاك السلسال الذهبي الرقيق الذي يحمل اسمها برقعة…..والذي وقع يوماً منها ورفض الجلف
احضاره لها……مطالباً مقابل ولم يكن المقابل
إلا رقم هاتفها…وهي رفضت وقتها تاركه السلسال معه……….وتناست أمره بعدها……
لمعة زيتونتين عينيها وهي تنظر لسلسال الذهبي بدهشة……
“تصدق اني نستها……مرجعتهاش لي من ساعتها
انت رخم…… “نظرت له بضيق…..
ابتسم وهو يحك في شعره بحرج…..
“حبيت احتفظ بيها شوية…… واهو جه وقتها ورجعتها…….”
قالت بسماجة…..
“انا قولت انك بعتها……”
برم أحمد شفتيه قائلاً باستهجان…..
“نعم ليه….. تساوي كام يعني….. دي شكلها دهب صيني…….”
لكزته بخفة في كتفه…..
“صيني في عينك……..دي دهب….. ”
فتحت قفلها الصغير ثم همت بلبسها امامه
بينما هو يقول بمداعبة مرحه….
“تحبي البسهالك…….”
ابتسمت بسماجة قائلة بغلظةٍ…..
“ومالو…. المرة الجاية…. انا لبستها خلاص…”
هز راسه باستياء من تلك العنيدة التي تتحداها
بكل شيءٍ وتضع حصن مشدد بينهما……..
“فاضيه تيجي معايا نص ساعة…..”
بدا في السير معاً فقالت باستغراب…..
“فين بظبط……..”
نظر لها اثناء سيره وقال…..
“عمرك لاعبتي سكيت قبل كده…..”
توسعت عينيها وقد لمعة زيتونتين عينيها سريعاً بحماس وفرح…
“متهزرش…. دا انا وشذى نفساً نتشجع ونروح مول
(…..) عشان نلعب في صالة التزلج اللي هناك……”
قالت بسعادة وهي تخرج هاتفها من حقيبتها….
“انا موافقة اروح معاك بس اتصل بيهم الأول
يجوا معاً…. وقول لنور بالمرة وانت هات كرم
ونتجمع سوا…….. ”
اوقفها أحمد وهو يقول بحنق….
“تتصلي بمين ياحبيبة….انا عايز اروح انا وانتي بس…..”
نظرت له بتوجس قائلة بقلق…….
“انا وانت بس….لا مينفعش لازم صحابي يبقوا معايا…”
قال أحمد بجزع…..وبوادر ملل….
“حبيبة المكان ده متروس ناس متخفيش مش هاكلك……. خلينا نروح المرادي سوا والطلعه الجاية يجوا معاً اتفقنا……”
نظرت له وقالت بتردد….
“ماشي……. بس نص ساعة بس…….”
ابتسم بفرح قائلاً اثناء سيرهم……
“تقريباً ساعة عشان مبقاش كداب… على مانوصل ونقطع تذكرة وندخل…… ماشي……”
اومات له وهي تسير جواره وبداخلها سعادة خائنة
يرقص على اوتارها القلب لكونها ستكن معه اليوم !!……
بعد مدة…….دخلا ساحة التزلج الشاسعة…….
قد ارتدى الاثنين احذية التزحلق المسننة
من الأسفل……..وارتدت حبيبة خوذة تغطي
راسها حرصاً على سلامتها في تلك الجولة
فهي من المبتدئين في تلك التجربة باستثناء
أحمد الذي كان ماهراً في الأمر فاتضح بعد
الاحاديث المتبادلة بينهما انه يمارس عدة رياضات
كرياضة التزلج والتزحلق على الأرض…..والسباحة
ورياضة كرة القدم………ليس منتظم في تلك الرياضات لكنه يمارسها على فترات بعيدة مع أصدقاءه……فعمله في المطعم بجوار الجامعة والمحاضرات يأخذا جهده وساعات يومه
تقريباً……
وقفت على تلك الارض الخشنة الجليديه المجمدة
بحذاء التزلج الذي كان غاية في صعوبة خصوصاً بالوقوف به…….
كانت يد أحمد تطبق على يدها بقوة وحرص….ورغم
انه مطمئن لارتداءه الخوذة الواقية لاي ضرر الا انه
كان يخشى ان تفقد التوازن وتصاب بجرح او كسر بسببه …….
قال أحمد بهدوء حريص وهو يقف معها بداخل تلك الساحة الجليدية……
“حبيبة بصيلي… حاولي تقفي كده….ضمي رجلك على شكل رقم سبعه……”
فعلت مثلما قال فبات التوازن أفضل بقليل….
ابتسمت بسعادة طفولية وهي تترك يده لكنه لم يعطي لها الفرصة للابتعاد بل شدد على يدها بين
كفه قائلاً بحزم……
“متسبيش ايدي….طول ماحنا هنا……عشان متقعيش…..”
اهدته ابتسامة تقطر عسلا وقالت بمراوغة….
“متخفش……. يعني انت هتسبني اقع…….”
شدد على يدها اكثر رغم انها تركتها معه تلك المرة
ولم تمانع…..لكنه قال بلهجه حازم مجدداً….
“هلحقك ازاي وانتي سايبه ايدي…….خليكي مسكه ايدي ياحبيبة……..اتفقنا……”
اومات له بانصياع…..
“اتقفنا………. قولي امشي ازاي زيهم…….”نظرت لمجموعة من الماهرين يركضون حولها ببساطة مستمتعين بتزلج يمرحون مع بعضهما……
مسك يدها وسار معها وهو يقول برفق لين…..
“وطي شويه لقدام يعني متخليش ضهرك مفرود اوي…حركي رجلك يمين وشمال براحة…..
متستعجليش لما تتعودي هتجري زيهما للورا كده….”
ابتسمت حبيبة وهي ترى شخصاً يتزلج عكس الاتجاه ظهره للامام ووجهه للخلف……
“تعرف تعمل زيه……”
“واكتر منه…..”قالها بزهو جذاب…..
فجعلها تقول بفضول……
“طب وريني……”
رد أحمد بمزاح وهو يسير معها على الجليد بتباطأ وحرص……..
“مش دلوقتي المرة الجاية….الساعة دي بتاعتك انتي نعلمك كده عشان المرة الجايه تيجي تتشقلبي لنا
هنا……. ”
ضحكت حبيبة وهي تسير معه على الجليد بتلك الاحذية المدببة من الأسفل…..كلما زادت دقائق
تعلمها من استاذها الصغير زادت ماهرة وتعلق
بتلك الرياضة الطريفة……ضحكة حبيبة بسعادة
وهي تقول بجذل….
“انا مبسوطه اوي يا أحمد….دا احلى يوم مر عليه……..”رمقته بامتنان يحمل لمحة من
الحب….
“شكراً…….”
ابتسم مراوغاً ثم قال بنظرته العابثه دفئاً ؟!!……..
“اعتبري عربون صلح عن سوء التفاهم اللي حصل بينا………”
ضحكت حبيبة ببال رائق وهي تسحب يدها سريعاً
من بين يده قائلة بشقاوة……
“تيجي نتسابق…….”
رفض سريعاً وعنفها…….
“هتقعي يامجنونة…… مش من اول مرة….”
لم تهتم لكلامه بل رقصت حاجبيها إليه…وسارت أمامه بحرص بحذاء التزلج…….
بينما أحمد لحق بها خوفا ان تقع او تنصدم في
أحد…….سار خلفها تارك مسافة بينهما ليكن خلفها مباشرة عن بعد بعدت خطوات.. ورغم انه بسهولة ممكن ان يتخطاها ويكسب السباق لكنه فضل الهزيمة امامها حتى لا تتعجل في ملاحقته
وتتعثر وتقع……
انتبه انها تراقب من حولها ولا تنظر امامها مما جعلها كانت على وشك الاصطدام باحدهم……..
جرى سريعاً وبمهارة سحبها من خصرها من الخلف واوقفها في لحظة خاطفة في ركن أمن………
بينما وقعت حبيبة على صدره اثار سحبته القوية المفاجئة لها…..نظرت له في قربهما العاطفي هذا وسالته بوجوم……
“لي عملت كده……… كنت هتوقعني……”
بلع ريقه ببطء متعب وهو يشتم انفاسها الممزوجة بعطرها الانثوي الخفيف على الأنف وملامحها القريبة جداً منه خصوصاً شفتيها الصغيرة التي زمت اياها بعد تلك الجملة الحانقة……
اجابها باعجوبة وهو يبعدها عنه برفق كي
تستقيم اكثر في وقفتها…..
“لو كنت استنيت شويه كان زمانك وقعه فعلاً…”اضاف بنصيحة جادة كاستاذ يعنف
طالبه على التهاون بالامور……
“بصي قدامك بعد كده يابيبه وركزي….متخليش حد يشوش تفكيرك….. سمعه……..”
عادت البسمة تداعب شفتيها الصغيرة وهي تسحبه من يده تلقائياً لساحة التزلج بسعادة كي يشاركها اللهو…….وقالت وقتها…….
“فاهمه…..بس يلا بينا قبل ما النص ساعة تخلص…”
قضت نصف ساعة في سعادة وهي تتزلج وتسير بسرعة على الجليد وأحمد معها يده بيدها يمزح
قليلاً معها واوقات يقهقه عالياً حتى تدمع عيناه وهي تشاركة الضحكة بنفس الصخب وكانهم كانوا يحتجزا الضحك والفرح حتى يتقابلا هنا هاربين من العالم والمنطق كي يلهوا على الارض الجليدية
كالأطفال…..
………………………………………………………….
كانت جالسة خلف مكتبها الصغير تلعب بسلسلة المفاتيح بشرود حزين وعيناها تطلع على القلب
الخشبي المحفور عليه اسماءهم……
مررت ابهامها الناعم على حروف اسمه مغمضة عينيها بعذاب وقلباً ملتاع انقسم لنصفين نصف
يتذلل بلوعة ان لا يتركه ويرحل…….بينما
النصف الآخر يعافر جاهداً على النسيان !……
بلعت ريقها واطرقت براسها بحزن…فتهدل شعرها المتموج حول وجهها صانع فوضى اقل بكثير من فوضة مشاعرها نحوه……..
رفعت عينيها الذابلة للمكان من حولها حيثُ السيدات الانيقات اللواتي يجلسنا على المقاعد للتزين او لكوي
الشعر بقصات عصرية…….او تقليم الاظافر…..
تطلعت للفتيات العاملات اللواتي يعملا على قدمٍ وساقٍ في محاولة
الوجع المداهم لامعائها إلا انها عقدت ذراعيها امام صدرها تحتضر اكبر قدر من الكراهية والبغض نحو كذبة وخيانته لها…….
كان يقف امامها بشموخ… بملامح محتقنة غيظاً وعينان تلمعان بالغضب منها………
بعد ان أغلق الباب فتح أزرار سترته ثم خلعها بمنتهى الهدوء و الغيظ……. ثم نظر لباب الغرفة التي كانت تختبئ خلفها في سابق……
اتجه الى تلك الغرفة بخطوات واثقة وكانه يمتلك البيت وأصحابه….. قائلاً ببرود دون النظر لها….
“تعالي…….. عايزك……..”
احتقن وجهها غيظاً وسارت خلفه بتهكم….
“هو اي اللي عايزني….. اطلع برا من اوضتي…. عايز تكلمني كلمني برا…..”
راقب الغرفة البسيطة ذات الطابع الانثوي البسيط
ثم جلس على حافة الفراش وامامه مقعد
خشبي اشار عليه وهو يرد على امتناعها الغبي
باستنكار……..
“ليه هاكلك……. قعدي……..” كانت ستفتح فمها وتعنفه لكنه اسرع بنظر لها نظرة شديدة الخطورة
اخرستها وهي تجلس ببغض…….قائلة
“عايز إيه…… مفيش كلام بينا…..انا مش عايزه غير ورقة طلاقي…….”
سالها وعيناه تطوف على ملامحها الشاحبة
المجهدة بصمت…..
” ليه…..اي سبب……من حقي اعرف….عايز تطلقي ليه…….”
مدت وجهها للامام قليلاً نحوه وهي تصرخ
فجأه اجفلت حواسه لبرهة وهي يسمعها تصيح بجنون….
“مش عارف اي السبب….مش عارف انك رجعت
لي طليقتك…..وانك بقالك يومين متجوزها……”
عقد حاجبيه بتعجب وهو يناظرها
باستفهام…….
“طليقتي……….طيلقتي مين؟!…….”
مطت حنين شفتيها هازئة…..
“آآه معلش نسيت انهم اربعه……ميرال هانم….انا شفتك بعيني وانت واخدها في حضنك في الحفلة وبترقص معاها قدام الكل…….بامارة فستان الفرح
اللي على ذوقك اللي جبته عشانها…….”
لم تنحل عقدة حاجبيه وهو يهدر سائلاً….
“فستان فرح إيه……..ورقص إيه…. انتي اتجننتي….”
نهضت بحنق وهي تضيف بسخط….
“لا والله….اي عايزني اكدب عينيا وصدقك…
انا شوفتك بعينيا……وانت معاها…بامارة فيلا
(المسيري..)مش ابوها دا برضو………”
نظر لها بنفس الحيرة والغضب…….عضت حنين على شفتيها بغيظ امام تلك النظرات ثم اتجهت لهاتفها
التقطت اياه ثم فتحت الرسائل الواردة….واعطت
الهاتف له بعدها بملامح متشنجة غضباً……
دقق عز الدين في الصورة التي أرسلت لها في يوم الحفلة……….ومجرد ثواني وبدأ صدره يتضخم
غضباً حتى اوشك على ان يقتلع ازرار قميصة
وقد ازدادت ملامحه قتامة وهو ينظر لها بغضب مختلف تلك المرة مشتبك به شيءٍ…..كخذلان
“هو ده اللي خلاكي تسيبي البيت وتطلبي
الطلاق…..”
ترفت بعينيها الحزينة بدهشة وهي تنظر اليه ملياً
في محاولة لإيجاد صوتها امامه…..
“والمفروض بعد دا كله…..مطلبش الطلاق؟!!…اي
عايز تكون معانا احنا الاتنين……”
نهض واولاها ظهره وهو يقول ببرود وتباهي….
“ومالوا يوم عندك ويوم عندها…… الموضوع مش صعب انتي عارفه من قبل ما تتجوزيني اني راجل بمل بسرعة وبحب التغيير…….”
شعرت بصدرها يحترق بل وجسدها باكملة في حالة نفور وكراهية منه…وشعور الغيرة يتفاقم بضراوة داخلها…….فقد أكد خيانة كان يبرهن قلبها الغبي
انه مظلوم منها….. وانه لم يستبدلها بأخرى يوماً…..
ها هو يقف امامها يأكد انه تزوج غيرها ويريدهن الاثنين زوجات له…. يبدل بهم كما يبدل جواربة !..
استدار عز الدين اليها فوجد تأثير واقع كلماته
عليها…..نظر لها ببرود وامرها بسطوة مهيبة….
“البسي هدومك ويلا……هتروحي معايا……”
ابتسمت بانفعال وهي تشعر بتلوي امعائها اسفلها بقوة بعد كلامه……”اروح معاك……” زاد تعرق
جبهتها بقطرات باردة وهي تكبح الوجع قائلة
بصوتٍ صلب…….
“انا مش راحه معاك في حته…….انت هطلقني…….ودلوقتي حالاً هترمي عليا اليمين…..”
قال بنبرة شديدة اللهجة……
“بعينك…… مفيش طلاق وانا مش هسيبك…..”
توسعت عينيها ولمعة بالغضب وهي تهدر….
“هتعمل بي إيه………كفاية عليك اللي عندك…..”
رد عز الدين ببرود واستهانه وكانه يعاتب
عيناها…..
“انتي وهي….. ياعيوني…..مين يقدر يستغنى عنك…….غيري هدومك ويلا…..”استدار ليخرج
من الغرفة بجمود……
اتجهت اليه سريعاً ووقفت امامه صائحة
بحنون…
“مش هيحصل….مش كل حاجة هتمشي زي مانت عايز…..المرادي هعمل اللي انا عيزاه…..وطالما
عايزه أطلق منك يبقا هطلقني…….”
القى عليها نظرة مهدده وهو يقول من بين
انفاسه اللهثة غضباً……
“مش هتمشي على مزاجك ياحنين…..طلاق مش مطلق وقعده هنا مفيش….هتروحي معايا تقعدي
في بيتك زي اي واحدة محترمة بطيع كلمة جوزها…….”
ضربته في صدره عدت مرات وهي تقول هائجة…
“جوزي….جوزي اللي خني واتجوز عليا….احلوت في عينك طليقتك لما سبتها…..احلوت ها…وانا…انا اللي كنت بحاول ارضيك باي طريقه……”
ارتسم بعيناه خطٍ من الوجع وقد انتفض ذاهلا
وهو يسالها بتعجب…….
“ترضيني !!……كل اللي كنتي بتعملي ده كان عشان ترضيني…..انا كنت فاكر ان كل حاجة كنتي بتعمليها
معايا…….عشان بتحبيني وعايزه تفضل معايا وينجح
جوازنا……مش عشان ترضيني بس ؟!….”القى عليها نظر طويلة وهو يقول بنبرة باهته…..
“يااه ياحنين….هو انا لدرجادي كنت اعمى……”
وضعت يدها بخصرها وقالت بسخط..
“آآه……اقلب التربيزة….وطلع انت الملاك البريء المظلوم…..وانا الظلمة الوحشة المفترية مش كده…….”
ارتدى سترته باستهزء قائلاً…..
“لا انا لا ملاك ولا بريء….. ادخلي البسي ياما اخدك زي مانتي كده للعربية…..”
هزت راسها وهي تقول بصلابة….
“انا مش راحه في حته….هطلقني يعني هطلقني….
وهترمي اليمين دلوقتي….. عشان انا لا انفع زوجه اولى ولا تانية فاهم……..”
رفع عيناه الباردة عليها وهو يغلق ازرار
السترة وقال بمهانة…..
“فعلاً ولا حتى تنفعي تكوني زوجة أصلا…..”
شعرت بانه صفعها على حين غرة فنظرت اليه لبرهة
بوجع وهي تشعر بنيران حارقه بصدرها…
“يسلام….. وعايزني ارجع معاك ليه… ما تخلص….”
اقترب منها بانفعال مكبوت…..
“هخلص…. هخلص ياحنين….. بس لما اربيكي الأول……..” حملها سريعاً على كتفه كشوال
بطاطس…..
صرخت حنين وهي تركل بطنه بقدميها….
“انت اتجننت سبني…..هصوت ولم عليك الناس وقول خطفني……”
قال هازئاً وهو يخرج بها من الشقة…..
“هو في راجل برضو بيخطف مراته….”
صرخت بجنون وهي تحاول النزول من على
كتفه الصلب……
“انا مش مراتك…… مش مراتك…. روح للجديدة زمانها مستنياك على نار…….”
رد عز الدين بجمود…..
“هروحلها وطفي نارها متشغليش بالك انتي…… وبلاش تدخلي نفسك بين واحد ومراته احنا
هنساوي امرنا سوا…….”
صاحت بغيرة وهي تعافر كي تنزل…..
“اولعه انتوا الاتنين نزلني….. نزلني واشبع بيها…”
قال هازئاً وهو يهبط من على درجات السلم
المتهالكة….
“مش لم اشبع منك انتي الاول ياعيوني…..”
هدرت باشمئزاز مفعم بالكراهية……
“بطل كلامك ده… خلاص الكلام ده معدش بياكل معايا……نزلني…. ”
القاها بسيارة في المقعد الخلفي سريعاً امام اعين المارة المندهشه فالجميع يعرف انه زوجها
الثري……
كانت ستصرخ حنين لكنه كمكم فمها بيده
الكبيرة وهو يرمقها بعسليتاه الضارية…..
“ولا كلمة وفري كلامك لما ترجعي بيتك… يامؤدبة…….آآه… ” كبح التاوه سريعاً وهو يبعد
يده عن فمها……. فقد قضمت يده باسنانها
الحادة فطبعت اسنانها علامه حمراء عليها….
نظر لها بشر وفي لحظة تهور رفع يده وكاد
ان يصفعها لكنه توقف حينما راها تغمض
عينيها بخوف منه…..منتظرة شيءٍ يقسي
قلبها اكثر عليه………
انزل يده المرفوعه وقبض عليها بقوة وهو يلقي عليها نظرة معاتبه غاضبه ثم جذب بعدها حزام الامان وربطه جيداً بها بقوة… حرصاً على الا
تفتعل جنوناً اثناء قيادته……
خرج من السيارة صافق الباب خلفه بقوة بينما
سار بعدها خطٍ من الالم منتشر بجسدها ولم تلبث
إلا واغمضت عينيها مستسلمة للواقع المرير
معه والحروب التي ستقام بينهما من الان
فصاعداً………حتى يتنازل احدهم ويترك
للآخر حرية الهرب منه…….
دخل السيارة واحتل مقعد القيادة…أدار محرك
السيارة وهو يلقي عليها نظرة محتنقة….
بينما هي ساكنة بالخلف تغمض عينيها هرباً من نظراته………
اثناء قيادته والصمت الأسود بينهما…..لاح بعقله تفاصيل تلك الحفلة التي اقامت في فيلا (المسيري)
الفخمة والد ميرال……الحفلة التي امتنع عن مرافقتها
له حتى لا تحصل مشادة كلاميه بينها وبين ميرال
فهو يعرف ميرال حينما تضع احد في راسها تحاول بكل الطرق افساد حياته وما يمتلك……وخصوصاً
ان كانت تمتلك حنين مكانة كانت تسعى ميرال لاستردادها مجدداً……..
يتذكر اليوم جيداً وتفاصيله…كانت وقتها ميرال
تنزل على سلالم الفيلا بثوب أبيض لامع…. ينساب
من الجانبين أرضا باناقة……. عاري الكتفين
والظهر….. وجزاء كبير من ثديها بارز بجرائة……..
كان شعرها المصبوغ بالاحمر منسدل على ظهرها بقصة عصرية وتضع أعلى راسها تاج ملكي يلمع بالالماس……..
من يراها وقتها يعتقد انه حفل زفاف ميرال المسيري
مدير أهم واثقل مكاتب في الدولة……..والذي يمشي
صفقات والمناقصات برشْوة من بعض رجال الأعمال
الذي هو للأسف واحد منهم وقد ساهم مرراً في نجاح هذا المرتشي اكثر من الازم…….بل انه ناسب اياه سابقاً في ابنة لا تقل طمع وحقارة كوالدها تماماً……….
اتجهت اليهم ميرال بدلال في حديقة الفيلا الفخمة
المضيئه بالانوار والتي تم تجهيزها باعلى مستوى فخم يليق بالعائلة العريقة وضيوفها…….
اقتربت ميرال من دائرة تحيط عدت رجال اعمال
من ضمنهم والدها وعز الدين الخولي……اتجهت
اليهم بهيئة العروس تلك وهي تقول…..
“اي يا داداي…. هو احنا هنفضل نتكلم في الشغل… انت ناسي ان النهاردة عيد ميلادي…..”
عقد عز الدين وقتها حاجبيه وهو ينظر للمسيري باستفهام…..ثم تنحنح قائلاً….
“انا فاكر ان الحفلة على شرف نجاح المناقصة ولا
انا فهمت غلط……”
قد اوشك والدها على الرد لكن سبقته ميرال
قائلة بصوتٍ ناعم متملق……
“الاتنين ياعز…… بصراحة انا قولت لدادي يخبي عليك موضوع عيد ميلادي عشان متعتذرش كلعادة…….”
لاحت بوادر الإزعاج على وجهه… لكنه فضل
معايدتها بالباقة امام رجال الاعمال الواقفين
معاهم…..
“كل سنة وانتي طيبة….معلش مجبتش هدية معايا…..”ابتسم على مضض…..
كانت جواره حينما احاطت ذراعه بيدها وكان وقد
انشغل عن عمد في الحديث مع احد
الرجال………همست جوار اذنه بميوعة…..
“كفاية انك جيت………دي احلى هدية عندي……”
تم التقاط الصورة المنشودة وقتها والتي ارسلتها لحنين بعدها……وقتها نظر لها بقوة مهيبة…ثم سحب يده بنفور بارد……..وقتها شعرت بالغضب والحرج
امام رجال الاعمال الذين كانوا يرقبا تصرفها المتملق
مع طليقها السابق….حتى والدها هز راسه وهو ينظر
لها في الخفاء بعدم رضا……
في لحظة استشعرت بمرارة الهزيمة بحلقها مما جعلها تبتعد عنهم بابتسامة رسمية……..
وقتها وبعد لحظات لمحها عز الدين تغلق هاتفها بانتصار وهي تتجه له بدلال واغراء محاولة
جذبة بكل الطرق….
اقتحمت مجدداً بسماجة وميوعة المكان
ووقفت جواره وهو يتحاور مع بعضٍ من الرجال
في مشاريع جديدة يقارب على تنفيذها….
وقتها حدث ميرال احد الرجال الوافقين
باعجاب…..وكان بعمر والدها……..
“بس اي الجمال دا ياميرو…..معقول النهاردة عيد ميلادك انا افتكرته فرحك بالفستان الابيض ده….”
رفعت وجهها بترفع وهي تقول بزهو مغري….
“ومالو يانكل تغيير……..الاستايل عجبني فقولت
اكون اول واحده تلبس الابيض في عيد ميلادها….”
اوما لها الرجل وهو يقول ضاحكاً…..
“على كده هتطلعي ترند الكامرات في كل مكان…….وانتي عارفه الحاجات الغريبة دي
بتسمع مع الناس…… ”
اومات ميرال وهي تقول بمكر…..
“ودا المطلوب….تجارة ربحانه….انك تتعرف اكتر من خلال ترند سمع عند ناس…….”
لوى عز الدين شفتيه وقتها بازدراء وتابع الحديث بصمت……
عقب وقتها احد الرجال مجاملاً…..
“برافو ياميرال بنت ابوكي… ميرال المسيري بصحيح…..”
ابتسم والدها بزهو وهو ينظر لابنته التي بادلته الإبتسامة بصلف…….. نظرت لعز الدين لترى انطباعه
على الحديث المقام امامه…وجدته صامت يرتشف
من كأس العصير بصمت وعيناه لا تنظرا لها….
وهي التي تأنقت خصيصاً له بل انها اختارت اكثر الاثواب جمالاً و آثاره لأجل ان تجذب عيناه
وتاثر عليه كما كانت تفعل بسابق……
ماذا حدث له لماذا لا شيء يأتي بنفع معه…….
هل فقدت اسلحتها الفتاكة المغرية امام خادمة
خالية من الانوثة فاقدة الفتنة والجمال…. ماذا فعلت له لكي لا يتاثر بقربها ولو للحظة !….ماذا فعلت بقلبه لكي يظل معها كل تلك الاشهر الطويلة بدون ان يمل منها كغيرها……..لماذا لم ينفصل عنها حتى الآن………ماذا يحدث هل ستظل معه للأبد ؟!!…….
اخرجت زفرة عميقة مفعمة بالغيرة والغل
ثم ابتعدت عنهم واتجهت لساحة الرقص
واخذت المكرفون من منسق الحفل…..محاولة ان
تجعل الجميع ينتبه لها بمقدمة لطيفة ممتنه للحاضرين…….
“شكراً لحضوركم الحفلة ووجودكم معايا في يوم مميز زي ده…. بما ان النهاردة عيد ميلادي فانا
حبى ارقص النهاردة مع شخص معين هو موجود
هنا بينكم……..”التقطت عيناه من بين الجمع
وقالت بدلال……
“عز الدين الخولي……ينفع نرقص سوا على
الاغنية دي………اعتبرها هدية عيد ميلادي ”
صفق الجميع بعدها بحرارة لهما والكل ينظر لعز الدين مشجعه على قبول طلب أميرة الحفل
جز على اسنانه وهو يشعر بالبغض لتواجده هنا
فاليوم لأول مرة سيفعل شيءٍ لا يريده لمجرد
ان يحافظ على واجهة التحضر ولباقة امام المتواجدين………
اوما لها بابتسامة خرجت باعجوبة امام الاعين المحيطه بهما….وزداد التصفيق بحرارة واصرار
فلم يتمكن من الهروب بل تقدم من ساحة الرقص ورقص معها على اوتار موسيقى غربية ناعمة………
ونظرات الجميع تحيط بهما باعجاب ومنهم من اخرج شائعة عودتهم لبعضهما وهذا الحفل ليس إلا حفل زفاف لهما كما ظنت من كانت تراقبهما من بين
الافرع الحديديّة……….
سحب رابطة عنقه باختناق محاول التركيز اكثر في الطريق ثم لاحت منه نظرة على الهاربة منه بعينيها لمكان آخر…..تسند راسها بأسى على زجاج النافذة وتنظر للطريق الراكض امامها بشجن……
عادت عيناه للطريق بانفعال حزين منها….لهذه
الدرجة لا تثق به ولا بحبه لها…..صدقت انه خانها وتزوج عليها صدقت امرأه تعلم جيداً انها المستفادة الوحيدة من هذا الانفصال…….لماذا لا تثق به ولا بحبه لها…ولماذا لم تدخل وقتها اليه وتواجهة امام الجميع……. كانت وقتها ستعرف انها مجرد مكيدة حقيرة هدفها الخراب بينهما…..لكنها كالعادة جعلت ضعفها يقودها وهربت مبتعده عنه محاولة بعدها
بكل غباء اقتلاع نفسها من حياته…….
كيف ياحنين وانتِ بمثابة أكسير الحياة لي…انتِ عيوني ، عيون ارى من خلالها حلاوة الدنيا….. انتِ صاحبة الضحكة التي تجعل قلبي يخفق فرحاً
معها…….انتِ الهشة التي ترضيني وتجذبني اليها أكثر…. انتِ شفافة الروح والتعابير التي تجعلني أرى الطيبة والنقاء والصدق في امرأة واحده……
كيف بعد كل هذا الحب وتعلق بكِ تطلبي الهجر….. وكيف ارضى واسامح وانتِ خذلتي قلبي وظلمتِ حبي لكِ….كيف أرضى واسامح غباءك وتسرعكِ في البعد……كيف ؟!!…..
……………………………………………………………..
فتح له افراد الأمان الأبواب الحديديه الضخمة
دلف بسيارته الفارهة المجمع السكني الراقي
المطله معظم المباني منه على البحر مباشرةً…
هذا المكان الذي احضرها اليه يوماً لقضاء اول
أيام في ثمار حبهما حتى ترعرعت المشاعر
ومتدت جذورها لتربط بينهما بقوة…..
اوقف السيارة امام الفيلا التي تطل على البحر المميزة بركنها البعيد عن باقي البيوت المجاورة
حتى تكن خصوصية اكثر……..و تليق بصاحب
المجمع الثري……
انتبهت حنين انه اوقف السيارة أخيراً بعد رحلة طويلة من الصراع مع النفس ومناقشة نفسها
في كيف سترغمه على تنفيذ طلبها بالبعد عنه
للأبد….
بلعت غصة حادة كشفرة مسننة…… وهي تراه يخرج من السيارة ويفتح الباب جوارها… ثم اشار لها بمنتهى الهدوء وعيناه تحذرها إلا تفتعل جنوناً…
“انزلي ياحنين…….”
كتفت ذراعيها امام صدرها ونظرت امامها
بغضب……
“انا عايزة أروح………”
رد وهو يستند على سقف السيارة ببرود….
“مفيش مرواح….. انتي هتقعدي في المكان اللي
انا عايزة……”
قالت حنين بتمرد وهي تنظر اليه بقوة……
“يعني إيه….. تكونش اشترتني…….”
اجابها بقسوة مهينه…..
“آآه اشتريتك…. بصي على حسابك في البنك… والشقة الجديدة اللي في (….) وانتي هتعرفي انك بايعه وانا الشاري من زمان اوي……”
قالت بعينين نافرتين نحوه…….
“مش عايزهم…… خدهم وطلقني……..”
هدر بانفعال بعد تلك النظرة وهو يميل براسه
عليها….
“مفيش طلاق سامعه…. فكي الزفت ده وطلعي…”
حاولت جذب الحزام ولكنها فشلت في خلعه
فسبت بغيظ وهي تصيح……..
“تعالى فك الزفت اللي ربطني بي ده… ولا كانك
رابط بقرة…….. قرف…….”
حذرها ببرود….
“لمي لسانك يامؤدبة…… وتعدلي……”
صاحت حنين بتشنج من الخضوع اليها….
“مؤدبة غصب عنك…….احنا جايين هنا ليه انا
عايزة اروح……..روحني…….”
مالى عليها وفك حزام الامان وهو بالقرب منها انفاسه تضرب وجنتيها وتوصل الرجفة لجسدها وقلبها الابله الذي يخفق بالقرب منه بجنون…….
كان قريب منها جداً يكاد يلامس شفتيها بشفتيه ان رفع راسه قليلاً….. فقد كان منحني امامها يحل الحزام الذي يابى بعناد تحريرها مثل شخصٍ
ينحني امامها الان وعطرة الرجولي يداهم انفها بقوة…..واصابعه تلامس جانب وركيها بين الحين والاخر وهو يحاول حل الحزام……دققت النظر
لراسه المنحني وجانب وجهه الرجولي المتشرب
من اشاعة الشمس……وخصلات شعره المائلة
للاشقر قليلاً التي تلمع كذهب بجاذبية فاتنة
مع اشعة الشمس…..
تنفست باضطراب وهي تشعر بالحزام ينساب عن كتفيها و راسه ترتفع اليها لتكتمل الصورة بشكلا
مهلك ورغم الغضب تتدفق مشاعر حميمية اساسها
عاطفي راقي كحبهما تماماً………
تبدلا ذكرى عن أشياء كانت بمثابة الحلم الجميل وقد انتهت بكابوس خذلان وكلاً منهما له وجهة معينة….
بلعت ريقها وهي تقول بحنق……
“هتفضل تبصلي كده كتير……وسع عشان انزل…….”
تافف امام وجهها بغيظ يكبت تلك المشاعر التي
انكشفت عن الستار بنظرة واحده لعينيها…….
ابتعد عنها وانتصب واقفاً منتظراً اياها بصمت
خرجت وسارت جواره على مضض وهي تستشعر بالاعياء من كثرة المعافرة وصراخ عليه واصبح
الان إخراج حرفٍ اخر مجهود اكبر من جهدها…….
استغرب عز الدين صمتها وخضوعها تلك المرة
له… نظر اليها فوجدها تسير بصعوبة وتفتح عينيها
بجهد……..اقترب منها واحاط خصرها بحنان وقد تبخر في لحظة غيظة وغضبه منها وبات القلق
والخوف مشاعر تقوده اليها……
“مالك ياحنين……………انتي تعبانه……”
قالت بنبرة خافته وهي تغمض عينيها بتعب…..
“شوية……”خارت قواها وانزلقت قداميها اسفلها ولولا يداه القوية التي كانت تسندها لوقعت
أرضاً بقسوة…..
حملها عز الدين سريعاً بين ذراعيه برفق وهو
يسالها بقلق…..
“انتي اخر مرة كلتي فيها امتى……”
ردت باعياء…..
“امبارح……….الصبح…….”
فغر فمه بتعجب…..
“ايه كل ده !!……..ومجوعتيش…..”
“مش عايزة اكل….سبني انام عشان افوقلك…..”تثابت وهي تغمض عينيها على ذراعه بأرق……عقب عز الدين وهو ينظر امامه بغيظ…..
“تفوقيلي ؟!!….. شكلها هبت منك على الاخر ياحنين…….”
قالت وهي مغمضت العينين بين الحلم واليقظة….
“ولسه انا هطلع عليك كل اللي عملته فيا…ياجوز الأربعة…….”
غمغم بقرف بعدما شعر بان انفاسها انتظمت
سريعاً بشكلا مريب…….
“يادي الجوازت اللي كرهتها بسببك……”
صعد بها للغرفة ووضعها على الفراش ثم دثرها بالاغطية واطفأ الأنوار وهو يخلع سترته باختناق
خرج على الشاط حيثُ الامواج المتلاطمه بقوة
تسابق بعضها كي تصل لنقطة معينة… كما يفعل هو الان ويسابق افكاره وحزنه من ثقتها الواهية به…
خلع رابطة العنق والقاها على الرمال أرضا بغضب فاتت الأمواج الثائرة وسحبتها ببساطة وهو لم يمانع بل ظل ينظر الى ابتعادها بوجوم……. ان ترك حياته واستهان بالأمر كما فعل الان ربما سيخسرها ويخسر كل شيءٍ من بعدها………
يجب ان تعرف ان الحب المنزوع منه الثقة لا يدوم
ولا يثمر إلا وجع وشكوك طوال الوقت….وان كانت
تحمل الثقة داخلها ولو واحد بالمائة ما كانت ابتعدت بتلك الطريقة الغبية المثيرة للشفقة……
ماذا يفعل معها…….ولماذا اتى بها إلا هنا تحديداً…
كيف يبرئ نفسه ويشرح الامر لها وهو يحمل
غضباً وحزناً منها………كيف؟!………
صدح هاتفه في جيبه اخرجه وهو ينظر للبحر بوجوم ثم رد بعد ان رأى اتصالا من اخيها محمود
أكيد امها تهاتفه للاطمئنان على ابنتها.. اخذها
بدون علم أحد واستغل خروج امها بعد ان بلغه حارسه الخاص……وبعدها بدقائق اقتحم البيت
بدون ان يستأذن اصحابه…. وبمنتهى الهمجية التي
لا يفضلها مع اين كان حملها على كتفه والقاها بسيارة رغماً عنها……. لكن ماذا كان سيفعل مع عنادها وتصميمها الغبي……. غضبه الاعمى نحوها جعله يتصرف على نقيض شخصه……..فبات هنا يتنفس غضباً ويحترق غيظاً وهي بالاعلى تنعم في نومٍ عميق……. وهو هنا يشعر بانفجار براسه من
كثرة التفكير…..
اخذ نفساً عميقاً وهو يضع الهاتف على اذنه….
استمع بصدر رحب لحديث امها المتواصل الباكي
وعتابها اليه على اخذ ابنتها بهذا الشكل وسماع
الامر من الجيران….قال بصوتٍ هادئ قليلاً…..
“متخفيش على حنين…. انا عمري مأذيها ووعد
مني هنيجي نزورك انا وهي قريب……”
عادت امها تساله عن سبب المشكلة ومن المخطأ في حق الآخر رد بنفس الهدوء على السيدة المريضة التي لن تتحمل همٍ فوق همومها الثقيلة…..
“متقلقيش انا وهي هنحل مشكلنا احنا مش صغيرين….. وحنين مراتي وانا مقدرش استغنى عنها……..وهي كمان مع الوقت هتفهم انها كمان
متقدرش تبعد عني……..” ثم استمع لها بصدر رحب وبعد ان انهت حديثها طمئن قلبها بهدوء…….
“صدقيني متقلقيش عليها….حنين في عنيا…..وانا
وهي هنزورك في اقرب وقت….”اغلق بعدها الهاتف
وهو يخرج زفرة قوية ثم القى جسده القوي الصلب
على الرمال المبللة جالسا ، وظل مكانه يشكي للبحر
ما يجول بخاطره بتيه…..حتى اختفى ضوء النهار لياتي الليل حالك قاتم يخفي زُرقة البحر وصفاءه
عن العيون……
……………………………………………………………
فتحت عينيها بتعب وهي تشعر بثقل براسها
تحسست راسها باعياء وهي تتافف بوجع….
“آآه………راسي…..”
اعتدلت في نومها جالسة وهي تفرك براسها بتعب
سمعت خرير مياة صادر من الحمام….نظرت نحوه
فوجدت الباب مغلق وبداخله أحد……
نظرت للملابس البيتي التي كانت ترتديها في شقة والدتها وكانت عبارة عن بنطال اسود مهترى ويعتليه كنزة بنصف كم من اللون البني الباهت…….
شعرت ببوادر الحرج من رؤيته لها بهذا الشكل
لكن سرعان ما نفضت الاحساس وهي تذكر
نفسها بزيجته عليها……ورجوعه لطليقته
الآخرى…….
سحبت نفساً عميقا بتعب وهي تهدا من شعلة غيرتها تلك محاولة ايجاد حل كي تجبره على طلاقها منه…
رفعت عينيها بتعجب وقد اشتمت رائحة طعام تفوح
بالقرب منها……حركت حدقتيها جوارها فوجدت على المنضدة اكياس تفوح منها رائحة الطعام…….
شعرت بان معدتها تتضور جوعاً وبدأت تصدر اصوات مزعجة……..فتحت حنين الاكياس وكانت تحتوي على بعضٍ من العلب الانيقة تحتوي على افخم وجبات جاهزة من ارقى واشهى المطاعم هنا…..
بلعت ريقها وهي تفتح العلبة لتغمرها الرائحة الشهة
كانت علبة تحتوي على اصابع ورق عنب وشرائح اللحم تغطيها وحبات رمان تزين الطبق…. تمتمت بغيظ عند تلك النقطة…… وهي تغمض عينيها بانزعاج……
“رمان !!…. استغفر الله العظيم…….” التقطت واحده
من لفة ورق العنب وهي تبرهن ان الطعم سيكون كارثة……… لكنه بعد المضغ بثوانٍ انفكت عقدت حاجبيها وهمت بالتهام واحده تلو الأخرى بنهم
وكانها لم تاكل منذ قرون…….. كان المذاق حامض وحلو في نفس الوقت حتى طعم شرائح اللحم
كانت تذوب بفمها………
بعد دقائق مدت اصابعها فوجدت العلبة فارغة وقد انهت محتوى العلبة في وقتاً قياسي…برمت شفتيها
وهي تضعها جانباً وتفتح أخرى وكانت تحتوي على
نفس الصنف ابتسمت بسعادة وشفتيها ملطخه قليلاً
بلمعة زيت الطعام آثار الأكل……..
همت باخذ واحده تلو الأخرى ومضغها باستمتاع
وانسجام وكانها تجلس في فاضل مكان في
العالم….
خرج عز الدين في تلك الاوقات فوجدها تجلس على حافة الفرش تولي ظهرها له…لكن سمع همهمات
الاستمتاع تصدر منها مع اصوت مضغ بسيطة….
جفف وجهه بالمنشفة واقترب منها وهو يراقبها تاكل بنهم وراحة………
نظر لها وقال بفتور……
“اللي ياكل لوحده يزور…….ياعيوني……”
رفعت عينيها بصدمة وكانت للحظات امام
الطعام قد تناست امر شجارهما وسبب
وجودها هنا !…..
شعرت بالطعام يقف بحلقها….فاتسعت عينيها بقوة واحمر وجهها اقترب منها عز الدين بقلق……
“مالك ياحنين…….”اقترب منها وتحسس ظهرها
بيده برفق……فازداد الاختناق وبدات بسعال….
نهص سريعاً وخرج من الغرفة وعاد بعد ثانيتين بكوب من الماء….اعطاه لها شربتها على مهل وهي
تنظر اليه بتوجس…….
حينما هدأت اخذت انفاسها برفق وهي تضع الكوب وعلبة الطعام على المنضدة باحترام ؟!!…..
عقد حاجبيه وقال بصوتٍ حاني……
“سبتي الاكل ليه…….كملي اكلك……”
برمت حنين شفتيها واشاحت وجهها بحنق عنه
قائلة بامتناع وترفع…….
“مليش نفس………”
“مفيش حاجة اسمها ملكيش نفس…..كُلي ياحنين…..انتي يعتبر بقالك يومين مكلتيش….”
مال امامها وسحب العلبة ووضعها فوق حجرها… وقت هذا الانحناء البسيط منه داهم انفها رائحة عطرة الطفيفة…….
شعرت بتشنج معدتها…….نهضت سريعاً وقد وقعت العلبة أرضا وتناثر محتواها…..امام عيناه الذاهلة
راقبها تضع يدها على فمها وتركض للحمام…..لحق
بها فوجدها تتقيأ بقوة مفرغة كل ما اكلته منذ
دقائق……….
ظل جوارها حتى انتهت ساعدها وغسل وجهها
وفمها وسندها الى ان وصلت للفراش ثم سالها
حينما استرخت على السرير……
“انتي تعبانه ياحنين…..انا هتصل بدكتور يجي يشوفك…….”
نظرت امامها ثم قالت بنبرة باهته…..
“ملوش لازمه دول شوية برد في معدتي……متتعبش نفسك ووفر قلقك وخوفك ليها……”
عض على شفته وهو ينظر لسقف الغرفة بنفاذ صبر……ثم عاد لعينيها الهاربة منه وقال……
“بكرة لو لقيتك تعبانه هنروح للدكتور ….تمام… ”
القت نظرة باردة عابرة عليه ثم هربت من عيناه……
اتجه وقتها عز الدين لعلبة الطعام الواقعه أرضا….
انحنى ونظف المكان بهدوء مرتب امام عينيها التي
تختلس النظرات إليه بغيظ………..
بعد لحظات عاد المكان نظيف وقد اعد لها كوب
من الليمون الدافئ……..وضعه جوارها على سطح المنضدة قائلاً بصوتٍ رخيم……
“خدي اشرب اللمون ده……هيريح معدتك……”
قالت بوجوم…..
“شكراً مش عايزة…..”
قال بجزع وهو يجلس على اقرب مقعد…..
“اسمعي الكلام وبطلي مقوحه…..”
زفرة بغيظ وهي تنظر له ببغضٍ…..
“وبعدين……..هفضل محبوسه في المكان ده….”
ارجع ظهره للخلف وهو يشعل سجارته
بتهكم….
“يومين وهنروح……انا مش عاطل انا عندي شغل ومصيري ارجع اكمل روتين حياتي الطبيعي….”
عقدت حاجبيها ونظرت امامها وهي تقول
بلهجة شديدة المعنى…..
“تمام كمل روتين حياتك… وخرجني انا من
الروتين ده……”
نفث دخان السجارة وهو يقول ببرود
مستفز….
“انتي اساسه ياعيوني……. اشربي اللمون…..”
ابعدت الشرشاف عن جسدها وهي تنهض
بتشنج……
“مش عايزة……انا عايزه اروح…..عيزاك تطلقني….”
جز على انسانه وتشنجت عضلات وجهه وهو
يقول بنفاذ صبر……
“مفيش طلاق ومفيش مرواح غير على بيتك بيت جوزك ياحنين هانم………”
رفعت حاجبها بغيظ وزمجرت هازئة….
“جوزي !!…اللي اتجوز عليا….ومفكرش حتى يديني خبر…….طب كنت قولي كنت فرحتلك….. “القت
عليه نظرة ساخرة تحمل سوداوية المعاني……
نهض بتكاسل عن المقعد ووقف امامها ليظهر فرق
الطول بينهم وكم هي فريسة ضعيفة امام وحشية
حضوره وعينيه العسليه الضاريه التي تلمع
بقسوة مهيبة لقلبها……….قال بمرح بارد به
لمحة من الجبروت…..امام غضبها الثائر…
“اديكي عرفتي والفرحة اهيه بتتنطط في عينك…..اصيلة ياحنين……اوعدك ياعيوني المرة الجايه هاخدك معايا عشان تخطبيهالي بنفسك…”
وضعت يدها بخصرها بانفعال قوي……
“هي مين دي ان شاء الله……”
ادار وجهه وهو يقول بسخط….
“التالته…….مانتي عرفاني بمل بسرعة……”
دارت حوله بجنون وكان عقلها اختل للبرهة
من شدة الصدمة من ردوده المستفزة……
وقفت وسالته حائرة بوجع…..
“وطالما مليت مني مطلقتنيش ليه…..”
قرص وجنتها وقال ببرود……
“انتي الاولى ياعيوني…….حد يستغنى عن عينه برضو……..”
خفق قلبها بوجع وهي تنظر اليه
بحزن……..سائلة بتشتت….
“يعني انت فعلاً متجوزها ياعز…..”
مط شفتيه ولم يرأف بحالها بل قال بقسوة بها
عتاب خفي…….
“لو كان عندك شك واحد في الميه كنتي دخلتي وجهتيني وقتها……. بتسألي ليه دلوقتي مانتي متأكده اني متجوزها… عشان كده طلبتي الطلاق
من غير حتى ما توجهيني وتعرفيني السبب…..”
نزلت دموعها بانسياب حزين وهي تقول بصوت متهدج……
“انا وجهتك من كام ساعة بس….. وانت مانكرتش قولت انك متجوزها…..”
قال ساخراً بجفاء….
“وجهتيني بعد ما جتلك بدل المرة الف…. اتصالات ورسايل واول مرة جيت فيها كنتي حبسه نفسك
ورا الباب ولي طالع عليكي طلقني طلقني…..”
القى سجارته ارضا ودهس عليها وهو ينظر لها
بعتاب مطعون بالم الخذلان منها…. وثقتها
الواهية به…….اضاف بجسارة……
” آآه انا خونتك ياحنين….وتجوزت عليكي…وبرضو هتفضلي معايا غصب عنك……”
صاحت بوجهاً مبلل بدمع……
“في شرع مين ده……”
لمعة عيناه بقوة وقال بسطوة وسط غمار
غضبه منها……
“في شرع الحب……في شرع ان انا مقدرش
استغنى عنك ولا انتي كمان……..”
رفعت راسها اليه باختناق وهي تحارب الكلمات
قائلة بكسرة…….
“لا ياعز………… طالما دخلت واحده بينا يبقا خلاص…..ادوس على قلبي ولا اذل نفسي ليك.. ”
صاح ثائراً بعنف…..
“اشمعنا انا بذل نفسي ليكي…..عمري ماغصبت
على واحده تعيش معايا بالعافية…. وكلمة طلقني كانت بتتقالي مرة وبعدها ببقا رامي اليمين عليها قدام المأذون……اشمعنا انا صابر على كلامك
وساكت……..لا وجيبك من بيتكم كمان غصب
عشان بس تفضلي معايا…..مين فين دلوقتي
المذلول للتاني…….”اضاف وهو ينظر لملامحها
بوجع وقد راى في عينيها انهزام حبهما ……
أضاف وملامحه تحولت للرمادي الداكن في
لحظة امامها…..
” اول مرة اندم اني عرفتك……. وسلمت قلبي
لواحده معندهاش ذرة ثقة في نفسها….ولا فيا…”
خرج من الغرفة بعدها صافق الباب خلفه بقوة……
نظرت للباب بوجع شاعره بقبضة من الصقيع تثلج قلبها وعباراتها الساخنة تهبط واحده تلو الاخرى بانسياب ساكن كسكون جسدها في وقوفه….سمعت
بعدها محرك سيارته ينطلق بسرعة رهيبة تارك قلبها ينفطر المًا بعدها…….لم تلبث الا والقت نفسها على الفراش ودفنت وجهها به ودخلت بنوبة مريرة من البكاء…..حتى ظهرت اول خطوط النهار فذهبت في سباتٍ عميق والدموع لم تجف عن وجنتيها….
………………………………………………………..
خرجت من ابواب الجامعة وحيدة شاردة و… جميلة
حتى بحزنها وحيرتها…جميلة بطلتها الرقيقة..كانت
مرتديه بنطال جينز يعتليه قميص انيق هفهاف يزين وجهها الصغير الأبيض حجاب لونه يلائم الطقم……
اخذ نفساً عميقاً وهو يتاملها بعيون تلمع محبة وعشق لتلك الاميرة الصغيرة…….التي شبكته
بالهوى قبل اوانه…..
رفعت حبيبة عينيها فوجدته يستند على السور
بظهره ويناظرها وهي تقترب منه……
توقفت مكانها عن بعد وهي ترمقه بغضب وجفاءٍ
ثم في لحظة اولته ظهرها وهي تغير الاتجاه
وتسير باتجاه معاكس……
ركض أحمد خلفها سريعاً وعرقل سيرها بالوقوف أمامها مباشرة وجهاً لوجه…..وهو يقول معتذراً
لاول مرة من فتاة !!……..
“حبيبة….. استني…..حقك عليا…والله ما كنت اقصد حاجة….صدقيني الكلام طلع معايا كده وقتها….”
عقدت ذراعيها امام صدرها وهي تقول بترفع
صلب….
“ممكن تعديني ياستاذ……احنا في شارع…..”
نظرت حولها باحتقان……
زفر احمد بانزعاج وقال واجماً…..
“حبيبة بلاش الوش ده…محصلش حاجة لده كله…
انا اسف…..غلطه و مش هتكرر تاني….متكبريش الموضوع……..”
رفعت حاجبيها بغيظ وهي تقول بغضب مكبوت
“مكبرش الموضوع….انت مش واخد بالك ان رسلتك
ملهاش غير معنى واحد…… انك شايفني واحده مش محترمة مباح تكلم معاك في حاجات زي دي…..”
ظهر اليأس على وجهه وهو يقول بانزعاج….
“حاجات اي ياحبيبة….. مكنتش كلمة قولتها….”
قالت بجسارة حادة نحوه…..
“كلمة هتجر كلام….. انا مش عبيطه يا احمد ولا
غبية انا فاهمه كويس اوي البدايات دي بتبقا عامله إزاي….”
مسح على وجهه بقلة صبىر ثم التقط عينيها في نظرة مترجية قائلاً بصدق……
“والله ظلماني….. يابنتي انا بحبك واكيد مش
شايفك كده…….”
فكت عقدت ذراعها ثم قبضة على كف يدها وهي
تقول باللهجة شديدة….
“لو عايزني انسى اللي انت قولته وتثبت نيتك من ناحيتي……….. بطل ترن عليا… انا مبقتش مرتاحه
ولا حبى حوارات التلفونات دي……”
اغتاظ بشدة وهو يتخيل الايام بدونها كيف
ستكون…. بينما اليومين التي انقطعت عنهم
بالاتصال به كانوا غاية في الكآبة والجفاء….
ألا تفهم انها تعني له اكثر مما ظن وان الانقطاع
عنها والابتعاد امراً غير عادلاً ؟!…. أصبحت تشكل حياة اخرى لديه والابتعاد لا يناسبه قط…… فكيف يقبل بطلبها الاهوج……..زمجر بقنوط……
“يسلام وطمن عليكي ازاي وكلمك إزاي بقا….انت بتقفليها ياحبيبة وبتحطي العقده في المنشار… ”
قالت بجفاء غليظٍ…..
“انت اللي عملت كده الاول متبقاش تزعل من رد فعلي…..انا مش هستنى اسمع الكلام ده تاني
منك…. ”
اوشك على الانفجار غيظاً منها…. لكنه اخذ نفساً عميقاً وهو يستغفر عدة مرات قبل ان يقول
بهدوء وكانه يحدث طفلة صغيرة….
“لو اتكررت تاني انا بنفسي اللي هعمل البلوك خلاص…….”
اشاحت بوجهها بتردد وهي تفكر في تلك العلاقة التي لا تعرف كيف سيكون تاثرها في المستقبل عليها…….بينما في وقفتها الضائعة سمعته يعتذر
بحنان………
“حبيبة الله يرضي عليكي انسي انا بقالي يومين هريكي اتصالات ورسايل وانتي ولا انتي هنا….”
ناداها مجدداً حينما راى عينيها الزيتونية ترفضا
النظر الى عيناه الجامعة بين العبث والدفء
شيءٍ بالفطرة يجعل عيناه ونظراته جذابة
مؤثرة…..
انه لا يمتلك عينا ملونة فعيناه بني داكن كاغلب
البشر لكن نظراته بها شيءٍ مميز…. بها العبث الذي يربكها والدفء الذي يغمر قلبها طمأنينة وامان نحوه…..
غريب هذا الحبيب يمتلك شيئان من الصعب اجتماعهم معاً ؟!!…
“حبيبة……..”نادها مجدداً فافقت من شرودها وهي تدعي الحزم رغم خفقات قلبها المعلنة عن الانهزام امامه…….
“خلاص يا أحمد الموضوع انتهى…..بس ياريت
تحافظ على صحوبيتنا……ومتتعداش حدودك
معايا…..”
زفر بنفاذ صبر قائلاً بتهكم…..
“خلاص يا بيبه هانم…..كفاية أوامر…..انا كرهت نفسي وحروف الرسالة…….”
ثم بعد دقيقة أخرج السلسة الذهبية من جيبة
وقبض يداه الاثنين امامها وهو يقول بمرح
طفيف….
“دي ولا دي……انجزي عشان انا مش طايقك…. ”
هربت ضحكة خافته على بين شفتيها الصغيرة الرقيقة ككل شيءٍ بها…..ثم بدون تعليق اشارت على الكف المحتوي على السلسلة……حينما فرد أحمد يده ظهر ذاك السلسال الذهبي الرقيق الذي يحمل اسمها برقعة…..والذي وقع يوماً منها ورفض الجلف
احضاره لها……مطالباً مقابل ولم يكن المقابل
إلا رقم هاتفها…وهي رفضت وقتها تاركه السلسال معه……….وتناست أمره بعدها……
لمعة زيتونتين عينيها وهي تنظر لسلسال الذهبي بدهشة……
“تصدق اني نستها……مرجعتهاش لي من ساعتها
انت رخم…… “نظرت له بضيق…..
ابتسم وهو يحك في شعره بحرج…..
“حبيت احتفظ بيها شوية…… واهو جه وقتها ورجعتها…….”
قالت بسماجة…..
“انا قولت انك بعتها……”
برم أحمد شفتيه قائلاً باستهجان…..
“نعم ليه….. تساوي كام يعني….. دي شكلها دهب صيني…….”
لكزته بخفة في كتفه…..
“صيني في عينك……..دي دهب….. ”
فتحت قفلها الصغير ثم همت بلبسها امامه
بينما هو يقول بمداعبة مرحه….
“تحبي البسهالك…….”
ابتسمت بسماجة قائلة بغلظةٍ…..
“ومالو…. المرة الجاية…. انا لبستها خلاص…”
هز راسه باستياء من تلك العنيدة التي تتحداها
بكل شيءٍ وتضع حصن مشدد بينهما……..
“فاضيه تيجي معايا نص ساعة…..”
بدا في السير معاً فقالت باستغراب…..
“فين بظبط……..”
نظر لها اثناء سيره وقال…..
“عمرك لاعبتي سكيت قبل كده…..”
توسعت عينيها وقد لمعة زيتونتين عينيها سريعاً بحماس وفرح…
“متهزرش…. دا انا وشذى نفساً نتشجع ونروح مول
(…..) عشان نلعب في صالة التزلج اللي هناك……”
قالت بسعادة وهي تخرج هاتفها من حقيبتها….
“انا موافقة اروح معاك بس اتصل بيهم الأول
يجوا معاً…. وقول لنور بالمرة وانت هات كرم
ونتجمع سوا…….. ”
اوقفها أحمد وهو يقول بحنق….
“تتصلي بمين ياحبيبة….انا عايز اروح انا وانتي بس…..”
نظرت له بتوجس قائلة بقلق…….
“انا وانت بس….لا مينفعش لازم صحابي يبقوا معايا…”
قال أحمد بجزع…..وبوادر ملل….
“حبيبة المكان ده متروس ناس متخفيش مش هاكلك……. خلينا نروح المرادي سوا والطلعه الجاية يجوا معاً اتفقنا……”
نظرت له وقالت بتردد….
“ماشي……. بس نص ساعة بس…….”
ابتسم بفرح قائلاً اثناء سيرهم……
“تقريباً ساعة عشان مبقاش كداب… على مانوصل ونقطع تذكرة وندخل…… ماشي……”
اومات له وهي تسير جواره وبداخلها سعادة خائنة
يرقص على اوتارها القلب لكونها ستكن معه اليوم !!……
بعد مدة…….دخلا ساحة التزلج الشاسعة…….
قد ارتدى الاثنين احذية التزحلق المسننة
من الأسفل……..وارتدت حبيبة خوذة تغطي
راسها حرصاً على سلامتها في تلك الجولة
فهي من المبتدئين في تلك التجربة باستثناء
أحمد الذي كان ماهراً في الأمر فاتضح بعد
الاحاديث المتبادلة بينهما انه يمارس عدة رياضات
كرياضة التزلج والتزحلق على الأرض…..والسباحة
ورياضة كرة القدم………ليس منتظم في تلك الرياضات لكنه يمارسها على فترات بعيدة مع أصدقاءه……فعمله في المطعم بجوار الجامعة والمحاضرات يأخذا جهده وساعات يومه
تقريباً……
وقفت على تلك الارض الخشنة الجليديه المجمدة
بحذاء التزلج الذي كان غاية في صعوبة خصوصاً بالوقوف به…….
كانت يد أحمد تطبق على يدها بقوة وحرص….ورغم
انه مطمئن لارتداءه الخوذة الواقية لاي ضرر الا انه
كان يخشى ان تفقد التوازن وتصاب بجرح او كسر بسببه …….
قال أحمد بهدوء حريص وهو يقف معها بداخل تلك الساحة الجليدية……
“حبيبة بصيلي… حاولي تقفي كده….ضمي رجلك على شكل رقم سبعه……”
فعلت مثلما قال فبات التوازن أفضل بقليل….
ابتسمت بسعادة طفولية وهي تترك يده لكنه لم يعطي لها الفرصة للابتعاد بل شدد على يدها بين
كفه قائلاً بحزم……
“متسبيش ايدي….طول ماحنا هنا……عشان متقعيش…..”
اهدته ابتسامة تقطر عسلا وقالت بمراوغة….
“متخفش……. يعني انت هتسبني اقع…….”
شدد على يدها اكثر رغم انها تركتها معه تلك المرة
ولم تمانع…..لكنه قال بلهجه حازم مجدداً….
“هلحقك ازاي وانتي سايبه ايدي…….خليكي مسكه ايدي ياحبيبة……..اتفقنا……”
اومات له بانصياع…..
“اتقفنا………. قولي امشي ازاي زيهم…….”نظرت لمجموعة من الماهرين يركضون حولها ببساطة مستمتعين بتزلج يمرحون مع بعضهما……
مسك يدها وسار معها وهو يقول برفق لين…..
“وطي شويه لقدام يعني متخليش ضهرك مفرود اوي…حركي رجلك يمين وشمال براحة…..
متستعجليش لما تتعودي هتجري زيهما للورا كده….”
ابتسمت حبيبة وهي ترى شخصاً يتزلج عكس الاتجاه ظهره للامام ووجهه للخلف……
“تعرف تعمل زيه……”
“واكتر منه…..”قالها بزهو جذاب…..
فجعلها تقول بفضول……
“طب وريني……”
رد أحمد بمزاح وهو يسير معها على الجليد بتباطأ وحرص……..
“مش دلوقتي المرة الجاية….الساعة دي بتاعتك انتي نعلمك كده عشان المرة الجايه تيجي تتشقلبي لنا
هنا……. ”
ضحكت حبيبة وهي تسير معه على الجليد بتلك الاحذية المدببة من الأسفل…..كلما زادت دقائق
تعلمها من استاذها الصغير زادت ماهرة وتعلق
بتلك الرياضة الطريفة……ضحكة حبيبة بسعادة
وهي تقول بجذل….
“انا مبسوطه اوي يا أحمد….دا احلى يوم مر عليه……..”رمقته بامتنان يحمل لمحة من
الحب….
“شكراً…….”
ابتسم مراوغاً ثم قال بنظرته العابثه دفئاً ؟!!……..
“اعتبري عربون صلح عن سوء التفاهم اللي حصل بينا………”
ضحكت حبيبة ببال رائق وهي تسحب يدها سريعاً
من بين يده قائلة بشقاوة……
“تيجي نتسابق…….”
رفض سريعاً وعنفها…….
“هتقعي يامجنونة…… مش من اول مرة….”
لم تهتم لكلامه بل رقصت حاجبيها إليه…وسارت أمامه بحرص بحذاء التزلج…….
بينما أحمد لحق بها خوفا ان تقع او تنصدم في
أحد…….سار خلفها تارك مسافة بينهما ليكن خلفها مباشرة عن بعد بعدت خطوات.. ورغم انه بسهولة ممكن ان يتخطاها ويكسب السباق لكنه فضل الهزيمة امامها حتى لا تتعجل في ملاحقته
وتتعثر وتقع……
انتبه انها تراقب من حولها ولا تنظر امامها مما جعلها كانت على وشك الاصطدام باحدهم……..
جرى سريعاً وبمهارة سحبها من خصرها من الخلف واوقفها في لحظة خاطفة في ركن أمن………
بينما وقعت حبيبة على صدره اثار سحبته القوية المفاجئة لها…..نظرت له في قربهما العاطفي هذا وسالته بوجوم……
“لي عملت كده……… كنت هتوقعني……”
بلع ريقه ببطء متعب وهو يشتم انفاسها الممزوجة بعطرها الانثوي الخفيف على الأنف وملامحها القريبة جداً منه خصوصاً شفتيها الصغيرة التي زمت اياها بعد تلك الجملة الحانقة……
اجابها باعجوبة وهو يبعدها عنه برفق كي
تستقيم اكثر في وقفتها…..
“لو كنت استنيت شويه كان زمانك وقعه فعلاً…”اضاف بنصيحة جادة كاستاذ يعنف
طالبه على التهاون بالامور……
“بصي قدامك بعد كده يابيبه وركزي….متخليش حد يشوش تفكيرك….. سمعه……..”
عادت البسمة تداعب شفتيها الصغيرة وهي تسحبه من يده تلقائياً لساحة التزلج بسعادة كي يشاركها اللهو…….وقالت وقتها…….
“فاهمه…..بس يلا بينا قبل ما النص ساعة تخلص…”
قضت نصف ساعة في سعادة وهي تتزلج وتسير بسرعة على الجليد وأحمد معها يده بيدها يمزح
قليلاً معها واوقات يقهقه عالياً حتى تدمع عيناه وهي تشاركة الضحكة بنفس الصخب وكانهم كانوا يحتجزا الضحك والفرح حتى يتقابلا هنا هاربين من العالم والمنطق كي يلهوا على الارض الجليدية
كالأطفال…..
………………………………………………………….
كانت جالسة خلف مكتبها الصغير تلعب بسلسلة المفاتيح بشرود حزين وعيناها تطلع على القلب
الخشبي المحفور عليه اسماءهم……
مررت ابهامها الناعم على حروف اسمه مغمضة عينيها بعذاب وقلباً ملتاع انقسم لنصفين نصف
يتذلل بلوعة ان لا يتركه ويرحل…….بينما
النصف الآخر يعافر جاهداً على النسيان !……
بلعت ريقها واطرقت براسها بحزن…فتهدل شعرها المتموج حول وجهها صانع فوضى اقل بكثير من فوضة مشاعرها نحوه……..
رفعت عينيها الذابلة للمكان من حولها حيثُ السيدات الانيقات اللواتي يجلسنا على المقاعد للتزين او لكوي
الشعر بقصات عصرية…….او تقليم الاظافر…..
تطلعت للفتيات العاملات اللواتي يعملا على قدمٍ وساقٍ في محاولة
