رواية أسمنجون الفصل الثاني 2 بقلم مريم عبدالقادر
سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته
بقلم/ مريم محمد عبد القادر
فور أن قرأت زمرد تلك الكلمة (أسْمَنْجُون) .. حتى تحولت أوراق الكتاب في يدها الي اللون الأسود وبدأت الأرض تهتز من تحت قدميها بقوة .. فنهضت من على الكرسي الذي تجلس عليه .. وتراجعت عدة خطوات الي الخلف .. وهي تجول بنظرها في أرجاء الغرفة المهتزة
من شدة الاهتزاز سقط الكتاب على الأرض محدثا دويا مهيبا كاد ينخلع قلب زمرد بسببه ثم ظهر من تحت الكتاب دوامة سوداء ضخمة .. يتخللها بعض الخطوط الارجوانية والزرقاء والحمراء متداخلة معا في تناسق مبهر ومخيف في نفس الوقت .. ابتلعت الدوامة زمرد التي لم تجد وقتا لتذهل بما يحدث على الأقل وبعدها أُغلقت الدوامة وظل الكتاب في مكانه على الأرض لعدة ثواني لم تلبث حتى اشتعلت النار فيه وتحول الي رماد كأن شيئا لم يكن وعم الهدوء أركان الغرفة مجددا
ظلت زمرد تدور في دياجير الدوامة حتى فقدت وعيها وبعد فترة وجيزة .. أستقر جسدها في هدوء على الأرض وظلت فاقدة للوعي لعدة ساعات
استيقظت زمرد بعد عدة ساعات وهي تشعر بالدوار وآلام حادة في كتفيها وساقيها .. ولكن ما رأته أمام عينيها كان كفيلا بأن ينسيها الألم في جسدها
فتحت زمرد عينيها في ذهول شديد وهي تحدق في الأفق حولها وتقول : لا أصدق ما أرى .. هل أنا في الصحراء ؟؟
كان هذا ما رأته فعلا حولها .. ملايين الكيلومترات من الرمال الذهبية تمتد في الآفق من جميع الإتجاهات .. ظلت تركض في الأرجاء لا تصدق ما يحدث
زمرد : كنت في غرفتي منذ قليل .. كيف جئت الى هنا هكذا ؟ ما الذي يجري ؟
واستمرت زمرد في الركض باحثة عن أي شئ حولها لكنها لم تقابل في طريقها سوى الصحراء الذهبية الشاسعة والشمس الحارقة فوق رأسها
وبعد أن أرهقت زمرد نفسها من الركض دون جدوى جلست على الأرض بجبين يتفصد عرقا تلتقط أنفاسها وقد بدأت آلام ساقيها وكتفيها تعودان مرة آخرى
نظرت الي السماء الصافية فوقها-بقلم/مريم عبد القادر-وهي تمسح قطرات العرق من على جبينها حائرة تائة لا تعرف ماذا عليها ان تفعل الآن
حينها قَطَع حبل أفكارها صوته القَمئ وهو يصرخ عليها بلكنته الغريبة قائلا : كيف وصلت الي هنا ؟ وكيف قمت بفك أغلالك ؟
نظرت زمرد الي صاحب الصوت .. لترى رجلا قبيحا قصير وسمين ذا رأس أصلع وعينان قاسيتان وكان يرتدي ملابس رمادية غريبة الشكل تشبه في تصميمها الي حد ما ثياب الرومان قديما فسألته قائلة : من أنت ؟ وأي أغلا......
لم يعط الرجل القبيح الفرصة لها لتكمل كلامها وقام بجذبها بعنف من زراعها فآلمت تلك الجذبة كتفها بشدة أطلقت بسببها صرخة ألم بصوتها الشجيّ تقطع قلب من سمعها .. ولكن الرجل القبيح لم يكترث لألمها وأستمر في جرها خلفه وهو يردد كلمات لم تفهم زمرد كنهها وظل يجرها خلفه لمسافة ليست طويله .. وهي لا تقوى علي المقامة حتى وصل الي عربة خشبية ضخمة تشبه السجن وبداخلها الكثير من النساء والرجال والأطفال مقيدي الأيدي والأرجل بسلاسل عملاقة وكان هناك ثلاثة أحصنة مربوطة في مقدمة العربة ويجلس بجانب الأحصنة رجلين آخرين قبيحين أحدهما طويل ونحيل كعصى خشبية ذا شعر اجعد طويل .. والأخر متوسط الطول والحجم بشعر قصير .. كان الرجلين وجميع من في العربة يرتدون ملابس تشبه ملابس الرجل السمين في الشكل واللون
من هذه ؟
قالها الرجل الطويل بصوت يشبه الصرير فأجابه الرجل السمين بصوته القمئ : عندما ذهبت لأقضي حاجتي بعيدا وجدتها تحاول الهرب .. يبدو أنها فرت من العربة عندما أخرجناهم منذ قليل لنصلح العجلات المكسورة
الرجل الطويل : كنا سنقع في مشكلة كبيرة لو تمكنت من الهرب
الرجل الثالث : من الجيد أنك تمكنت من القبض عليها ..
أحسنت صنعا
الرجل السمين : لكنها تمكنت من فك القيود
الرجل الثالث : لا بأس لدينا المزيد منها هنا .. خذ واحدا آخر وقيدها به
زمرد : لحظة من فضلكم .. أنا لم أهرب من هنا .. انا لم اكن معهم أساسا
الرجل الثالث : اذا من تكونين ؟ ومن أين أتيت ؟
زمرد : أنا زمرد وفي الحقيقة أنا من .. في الحقيقة
كانت زمرد لا تدري أين هي ؟ ولا كيف أتت الي هنا ؟ ومن هؤلاء ؟ وماذا يفعلون ؟ لذا لم تعرف بماذا تخبرهم
الرجل السمين : إن كنت لا تعرفين كيف تكذبين فلا تحاولي إذا .. لقد هربت من هنا وقد أعدناك ولحسن حظك سنكون طيبون معك ولن نبلغ عن هذا .. اذا علم أحد عن محاولتك للهرب فقد تعاقبين أو حتى تُقتلين
زمرد : قُلت أنني لست منهم
الرجل الثالث : يكفي كذبا حتى الآن الدليل القاطع موجود على يدك .. فلماذا تكذبين ؟
-لم تفهم زمرد عن أي دليل هذا الذي يتحدث عنه-بقلم/مريم عبد القادر-فتابع الرجل الثالث قائلا : لا يوجد أحد يحمل تلك الجوهرة الا إذا كان فردا من عمال أسمنجون العظمى وبما أنكم اصبحتم منهم الآن فقد ظهرت الجوهرة في أيديكم
تابع الرجل السمين بدون ترك أي فرصة لزمرد لكي تستوعب ما قاله الرجل الآخر : هيا كفى عبثا لقد ضيعنا الكثير من الوقت بالفعل
ثم قام بتقيد قدمي زمرد ويديها الرقيقتين وقام بدفعها بيده الغليظة الي داخل العربة الخشبية وأغلق الباب خلفها ثم بدأوا في التحرك متجهين الي مكان ما لا تعرف زمرد ما هو !؟
كانت زمرد تجلس في العربة الخشبية لا تدري ماذا يحدث من حولها ولا ما ينتظرها لاحقا
بدأت تنظر الي ظهر يديها المقيدتين بالأغلال الضخمة التي آلمتها فلم تجد أي شئ أي دليل هذا الذي تحدث عنه هذا الرجل ؟.. وعندما أدارت يديها وفتحتهما صدمت بما رأت في يدها اليسرى
كان هناك حجر كريم بيضاوي الشكل - عرفته زمرد فقد قرأت عن الأحجار الكريمة سابقا - إنها جوهرة من التوباز الزرقاء مغروسة داخل يدها متصلة تماما بجلدها من الحواف وكأنها جزء منه وكان لها بروز قليل من المنتصف ويحيط بالجوهرة نقش لازوردي لنجمة خماسية الرؤوس .. كان شكل الجوهرة جذاب للغاية مع كل تلك الإنعكاسات اللامعة التي أحدثتها عندما سقطت على سطحها أشعة الشمس البرّاقة
أستمرت العربة بالسير .. حتى أنشق فراغ الأفق كاشفا عن مدينة ذات أسوار شاهقة ناصعة البياض مزينة بأحجار كريمة زرقاء عملاقة
إنها مدينة الأحجار الكريمة ( أسْمَنْجون ) العظيمة