رواية معدن فضة الفصل الثامن والعشرين 28 بقلم لولي سامي
البارت٢٨
قد يعمينا حبنا عن رؤية حياة من نحب فلا نرى ما يصارعه من أجل الحفاظ على حياتنا وتحقيق آمالنا فالأم تضحي بكل عزيز وغالي من أجل ابنائها دون إدراك من الأبناء بماذا ضحت وتنازلت حتى يهنأ أبناءها ببعض مشاعر الحب والاهتمام فربما ضحت وتنازلت بنفسها عن سعادتها وراحتها بل وحياتها من أجلهم دون انتظار شكر أو مقابل ولكن من أنانية حب الأبناء يرودنها دائما معطاءة ومتحملة مهما كثرت المهام ومهما تثاقلت الهموم.
في الصباح استيقظت ماسة علي رنين هاتفها فوضعت الوسادة أعلى اذنها فهي من المفترض أنها إجازة اليوم ولا تريد من يزعجها ولكن عند تكرار الاتصال اعتقدت أنها ميار لتعتدل بعصبيه ممسكه الهاتف ناوية على أن تهدر بها ولكن قبل أن تجيب على الهاتف بعصبيتها المعهودة وجدت اسم محمد هو من يضئ شاشة هاتفها فمسحت على وجهها ثم فتحت المكالمة وأجابت عليه بنبره ناعسه/ صباح الخير يا محمد.
_ صباح الفل يا قمر ايه صحيتك.
اومأت ماسة برأسها وكأنه يراها ثم أصدرت همهمه تؤكد على ما قاله للتو ليكمل هو قائلا بنبرة حانية /
_ حقك عليا بس انا طول الليل كنت مشغول عليكي وعايز اعرف سبب التكشيرة بتاعة امبارح ايه؟
لحسن انا كنت قربت اشك في نفسي اني مجبور عليكي.
شهقت ماسة لتفاجئها بما فهمه محمد من عبوسها بالأمس لتحاول تصحيح فهمه قائلة / لا طبعا مش كدة.
وكأنه توصل لهدفه فقد حفزها للتحدث قائلا /
امال ايه بقي المشكلة فهميني.
سحبت نفسا عميقا تجاهد ما تذكرته من حديث الامس ثم بدأت بسرد ما استمعت إليه من حوار بين عمها ووالدتها ليتركها محمد تسرد بكامل حريتها دون مقاطعتها حتى تخرج ما تشعر به حتى انتهت من حديثها فقالت تحثه على الكلام / انا بجد مش عارفه اتصرف ازاي؟
قولي انت المفروض اعمل ايه؟
هل اكلمها واطلب منها تنهي الموضوع؟
ولا اعمل ايه يا محمد!!
سحب محمد نفسا عميقا وزفره على مهل وكأنه يستعد لحرب ما ثم بدأ حديثه قائلا / اولا يا ماسة انا مش شايف في كل اللي قولتيه اي مشكلة.
_ ازاي يا محمد ده......
حاولت التحدث بحمقة فقطع حديثها قائلا/ انا سيبتك لحد ما فرغتي كل الي عندك من غير ما اقاطعك يبقى تسمعيني من غير ما تقاطعيني.
سمع زمجرتها على الهاتف ولكنه لا يبالي سيكمل ما يريد قوله لعله كان مرآتها التي ترى من خلالها الحقيقة.
تحدث بتروي قائلا / انا عارف انها مامتك وبتحبيها جدا وبتغيري عليها كمان ،
ده غير أن والدك بالنسبالك كان شئ عظيم يعني اكيد مش هترضي تتخيلي حتى أن حد ياخد مكانته.
بس احنا لازم منظلمش اللي بنحبهم ونيجي عليهم .
استشعر من صمتها أنها رافضة لحديثه وتخيل منظرها عابسه فابتسم قليلا واستطرد قائلا/ انا طبعا عارف انك مش قابلة الكلام اللي بقوله بس عايز اسألك علي حاجة ،
تفتكري والدتك بعد والدك تعبت قد ايه وهي لوحدها .
انطلقت تجيبه باعتراض / بس ماما مكنتش لوحدها !
استرعى انتباهه الجملة ليبدأ حديثه منها سائلا / يعني في كل الأزمات اللي قابلتها في حياتها وحياتك بعد والدك كان في حد واقف معاها!؟
من خلال تحليله لجملتها أدركت فضاحتها لتخجل من روحها قائلة بتلعثم الطفل المخطئ / اااه.... كان ....كان عمي واقف معاها دائما.
ولكنها حاولت تبرير ما كانت تدركه أو تظن أنها تدركه فاردفت قائلة / بس هو عمي وواجب عليه يعمل كدة .
ابتسم وكأنه وصل لمبتغاه فقد أنهت النقاش من مجرد سؤال وإجابة ليكمل هو مدافعا لا يعرف لما ربما اطمئن له من مقابلة واحدة وربما لتوضيح بعض الرؤى لها قائلا / مقولناش حاجه هو عمك وواجب عليه يعمل كدة فعلا ويهتم بيكي مكان والدك بالظبط وبرضه طلبه لاهو حرام ولا عيب من حقه يطلب ورفض والدتك أو قبولها ده شئ يرجعلها .
_ يعني ايه يعني ممكن تقبل ده لا يمكن ابدا !!
نطقت بها كمحاولة لرفض احتمالية قبول امها بهذا العرض فسحب محمد نفسا عميقا وحاول تهدأتها قائلا / بصي يا ماسة للاسف مجتمعنا بيقبل للراجل أنه يتجوز بعد وفاة زوجته وبيوجدله مبررات كتير ونفس المجتمع بيجرم ده على الست بالرغم أن رأئي الست أحق لأنها الجانب الأضعف في مجتمعنا واللي هتكون فعلا هي اللي محتاجة الظهر والسند وبالرغم من كدة بيحملها فوق طاقتها ويطلب منها تستكمل كافة الظروف ومتشتكيش كمان.
انا رأيي انك لازم تتكلمي مع والدتك بس رايي تسمعيها مش تفرضي رأيك عليها.
يعني ممكن يكون في حاجات انتي مش واخده بالك منها فالاحسن اسمعيها بدون تعليق علشان متصعبهاش عليها .
اسمعيها وفكري ولو حبيتي تاخدي رأيي بعد كدة انا موجود.
منحها السبيل وهدأ من عصبيتها قليلا فقد كانت تائهة تعبث الأفكار بذهنها فسادا فقد فكرت أن تتحدث مع عمها وتخبره بعدم تقبل حديثه هذا.
كما فكرت بأن تطلب منه عدم التدخل مرة أخرى بحياتهم من الاساس ولكن تراجعت قليلا حتى تهدأ فهو عمها وتكن له كل التقدير ويجب أن تتحدث معه باحترام مهما يكن فاعدلت عن فكرتها لنفكر في مواجهه والدتها وتخبرها برفضها التام للفكرة ،
نعم توصلت لهذا القرار ولكن حاولت مرارا وتكرارا قبل الولوج لنومها أن تهدأ قليلا فيجب أن لا تحدثها بحالتها الغاضبة تلك لذلك آجلت حوارهم للغد ،
وهاهو محمد قد نجدها مبكرا ليهديها للطريق الصحيح وكيفية التعامل معه.
همت من رقدتها بالفراش واتجهت صوب المطبخ لتجد والدتها تعد الافطار فقبلتها من وجنتها سائلة إياها بنبرة حانية / صباح الفل بتعملي ايه يا جميل ؟
ابتسمت غالية قائلة / بجهز الفطار يا حبيبتي محبتش اصحيك عارفاكي بتحبي النوم.
وضعت ماسة غلاية المياة واشعلتها من خلال الزر بها وهي تقول / سيبك من كل ده احنا نشربلنا كوباتين شاي باللبن مع الجاتوه اللي جابه محمد امبارح .
ابتسمت غالية بخبث قائلة / واشمعنا جاتوه محمد ما عمك برضه جاب جاتوه.
توقفت ايدي ماسة وارتعشت قليلا محاولة تماسك ذاتها وتذكرت نصائح محمد فاغمضت عيونها ثم زفرت أنفاسها على مهل ثم فتحت عيونها قائلة/ واحد يا ماما مش هتفرق يالا انا جهزت الشاي هاتي الجاتوه اللي يعجبك .
خرجت ماسة محاولة تهدأة ذاتها حتى تبدأ الحوار بطريقة أفضل فخرجت الام خلفها وبدأوا بالتهام افطارهم وكلا منهم تلتهمه أفكاره فالأم تفكر كيف تعرض الموضوع علي ابنتها وماسة تفكر كيف تبدأ الحوار مع امها حتى نادا كلاهما في صوت واحد / ماما ... ماسة.
فابتسما كلاهما وكعادة الام اعتقدت أن ابنتها لديها موضوع هام تريد أخذ رأيها ففضلتها عن ذاتها قائلة / قولي يا ماسة انا سمعاكي.
نظرت ماسة للاسفل وقالت بصوت خافت مهزوز / انا سمعت عمي وهو بيكلمك امبارح.
وعت غالية جيدا ما تتحدث عليه ابنتها فصوتها المرتعش الخافت وعدم النظر لها جعلها تفهم مشاعر ابنتها الرافضة والتي تحاول جاهدة أن لا تظهر .
فابتسمت غالية وربتت على كفها تريد أن تطمئنها ثم رفعت رأسها لتنظر بداخل عيونها والتي رأت الدموع تتغلغل بها فقالت وهي مبتسمة / دموعك ده غالية عليا اوي يا ماسة. اوعي تفكري اني في يوم من الايام هنسي ابوكي ولا حبه ليا ولا تفكري أن ممكن يكون حد اغلي عندي منك .
حاولت ابتلاع غصه مريرة بحلقها ثم تابعت قائلة / الست مننا ضعيفة قوي يا بنتي وخاصة لما أهلها يكونوا سبب ضعفها وانا للاسف اخويا بدل ما يكون سندي هو سبب ضعفي وانتي السهم اللي بيحاول يقتلني بيه.
تعجبت ماسة من حديثها برغم معرفتها بشخصية خالها ونيته ولكن لم يهديها تفكيرها أنه من الممكن أن يؤذيها بعد زواجها لتسأل بتعجب / ليه يا ماما بتقولي كدة مش خلاص عرفنا هنعمل ايه وهو مش هيقدر يعملي حاجه بعد الجواز.
زفرت غالية نفسا ساخنا يحمل لهيب قلبها قائلة / يقدر يا بنتي يقدر ،
نظرت للأعلى وكأنها تحاول أن تستمد طاقتها لتكمل / البنت بعد الجواز محتاج أهلها يكونوا عزوتها في ظهرها الجواز مش كله هنا وسعادة في مشاكل هتقابلوها في حياتكم ولو اهلك مش في ظهرك هتتعبي عارفه ان عمك مش هيكل بيكي وهيقف في ظهرك دايما بس اللي خايفة منه أنه يقدر يمنعني ويمنع مساعدتي عنك وده اكيد هيعمله لما يحس أننا خدعناه وجوزناكي من غير موافقته ساعتها هكون لوحدي وهيقدر ياخدني بحجة الظروف وان مينفعش اقعد لوحدي واخويا موجود وهيحبسني عنده وهمنعنا من بعض وساعتها عمك مش هيقدر يقف قصاد اخويا لانه ملوش حجة.
اتسعت حدقتي ماسة فهي لم ترى الموضوع من هذا الجانب بل لم تتخيله هكذا وحقا فخالها شخصية مسيطرة من الممكن أن يقدم على هذا كعقاب لهن .
فكرت في أن تقترح علي والدتها بأن تعيش معها بعد الزواج ولكن شخصية مثل خالها لم يرتضي بذلك ليس خوفا على أخته ولكن عقاب لها .
نظرت غالية للاسفل قائلة بتشتت / انا نفسي مش عارفه اعمل ايه ؟؟
انا كنت فعلا هتكلم معاكي النهارده علشان نوصل مع بعض لحل .
من قبل عمك ما يعرض عليا الجواز وانا بفكر في الموضوع ومن ساعة ما عرفت اني هقف ضد اخويا علشان اجوزك اللي انتي رايداه وانا عارفه اني هدخل في حرب بحاول آجلها من زمان .
ولما عمك عرض عليا الجواز وكأنه كان عارف بحالي بس برضو معرفتش ارد عليه .
ثم رفعت عيونها والتي لاحظت ماسة امتلائها بالدموع وقالت بصوت متحشرج / برغم أن عمك كويس وكتر خيره واقف معانا من وقت موت ابوكي بس............
ابوكي ميتنسيش يا ماسة هيفضل حب عمري.
ابتسمت ماسة ابتسامة طفيفة وامتلأت عيونها بدموع الحنين ثم عانقت والدتها لتنخرط كلا منهم بالبكاء بكاء يحمل الحنين والحيرة وربما الاجبار
.......................................
احيانا يطول الظلام حتى تظن أنه لا انقشاع له ولكن لابد أن يأتي له وقت وينجلي ليحل محله النهار وينثر آماله حتى ينسيك ما ظننت أنه لم يندثر
جاء خطيب غادة لزيارتهم وتحديد موعد لكتب الكتاب فلاحظ وجود ميار الدائم بالمطبخ فاستشعر أن هناك خطب ما ليهمس لغادة قائلا / هي مرات اخوكي على طول في المطبخ انتوا مزعلنها ولا ايه ؟
اضطربت انفاس غادة وازدرأ ريقها لتبتسم له ابتسامة باهته ثم تقول بتلعثم وهي تحاول أن تفكر في مبرر للوضع / هاا... ابدا هنزعلها ليه داحنا ياما طلبنا منها تقعد معانا .
ثم طرأت بعقلها فكرة لتردف مكملة / هي بتحب تفضل في المطبخ دانا ياما اخويا يقولها تعالي اقعدي معايا لحد ما زهق.
ثم اقتربت منه هامسة بلهجة تدعي بها الحزن / أصلها يا عيني مبتخلفش فبتحاول تبعد عننا فاكرة أننا هنعايرها .
مصمصت شفتاها وكأنها متأثرة من أجلها قائلة بتأثر زائف / والنبي صعبانة عليا.
ثم نظرت تجاه خطيبها بطرف عيونها مكملة / واخويا صعبان عليا اكتر يالا حظوا قليل في الدنيا.
نظر لها خطيبها لا يعلم لما لم يتأثر من كلامها وكأنه يشعر أنه تأثر زائف فدعا لهم بصلاح الحال وان يعطيهم على قدر نيتهم.
انتهت الجلسة على تحديد ميعاد الزواج بعد شهر واحد برغم رفض حسن وانوار فهذه المدة قد تغير من خطتهم ولكن مع إصرار الخطيب وافقوا وبعد انصرافه أخبر حسن ميار بالصعود حتى ترتاح قليلا من مجهود اليوم وفعلا صعدت هي وجلسوا ثلاثتهم ورابعهم الشيطان الذي كان أقل وطأة منهم بل أكاد أجزم أنه يرفع القبعة لامثالهم جلسوا يتبادلون النظرات لبعضهم وكأنهم ينتون على شئ ما حتى تحدث حسن قائلا /وبعدين بقرار خطيبك ده هضطر أجل اللي اتفقنا عليه.
عقبت انوار قائلة / بالعكس
قضب جبينه سائلا باندهاش / بالعكس ازاي يا اما يعني أنا أزهق ميار في عيشتها لحد ما تطلب الطلاق واخليها تتنازل عن كل حقوقها مقابل أنها تطلق وبعدين اجوز اختي طب افرضي جوزها حس بحاجة ومرضيش يتمم الجوازة ابقي وقفت حال اختي.
ابتسمت انوار قائلة / يا واد ده مش خطيب اختك بس اللي هيتعاطف معاك ده أهل الحته كلهم هيتعاطفوا معاك لما ننشر خبر أنها مبتخلفش وان كمان أهلها عارفين من قبل الجواز ومقلوش يعني الموضوع مش مجرد حظ ونصيب ده غش ونصب .
ابتسمت غادة وقالت معلقة / انا فعلا قولت لخطيبي النهارده أنها مبتخلفش وانك مستحمل كل ده بالعافية .
وكمان يومين أقوله على موضوع أن أهلها كانوا يعرفوا وداروا علينا وبعدها هيكون لينا الحق فاي حاجه نعملها .
اقتنع حسن برؤية انوار وغادة وخاصة أنه رأي أن الموضوع سينتهي بدون اي خسائر من ناحيته وخاصة عندما يرغماها علي التنازل عن حقها وأما الفضيخة لتربت والدته على فخذيه قائلة بفخر / وساعتها اختارلك ست ستها وهتقبل كمان تدخل على فرشها وتبقي يا بن المحظوظة اتجوزت اتنين في احسن من كده.
لاحت الابتسامة على محيا حسن وهو يتخيل زواجه بفتاة أخري جميلة ليكرر ذكريات دخلته مع ميار وما احلاها من ذكرى لديه فقد كان مستمتع بخجلها وخوفها بل ورعبها الذي بدا عليها يومها.
ثم توجه للاعلي ليبدأ في زيادة الجرعة من سوء المعاملة والتقليل من شأنها وفي نفس الوقت الاستمتاع بها بشتى الطرق دون الأخذ في اعتباره ارهاقها .
صعدت ميار وقد حسمت أمرها برغم انهاكها طوال اليوم الا أنها قررت انها ستعيد التحدث معه مرة أخرى في أمر عمله من أجل العلاج وخاصة أن زواج أخته بموعد قريب وهو يقضي معظم وقته نوما .
صعد حسن الذي تأفف فور رؤياها لتوقعه لماذا تنتظره فهي باتت لا تتحدث الا بموضوع العمل ثم قال محاولا تغيير تفكيرها / اوف انتي لسه صاحية انا الحق عليا اني خليتك تطلعي بدري علشان ترتاحي شوية.
جلست ميار بجواره محاولة التحدث بطريقة لينه ربما استمع لها فقالت/ يا حسن اختك دلوقتي هتتجوز يعني محتاجة مصاريف وانا العملية بتاعتي....
اقتطع حديثها ملوحا بيده في الهواء قائلا بنبرة أكثر حده / اااااه قولي كدة ملكيش دعوة باختي لما تطلب منك حاجه ابقي قوليلها لا ،
انتي عماله تلفي وتدوري علشان موضوع العملية بصي بقي يا بنت الحلال عملية ودفع فلوس على الفاضي مش دافع انا مش هشتري سمك في ماية وحتى لو هتعمليها على حسابك انا مش موافق علشان اللي يحتاجه البيت يحرم على الجامع وده اخر كلام عندي ولو مش عاجبك الباب يفوت جمل كفاية عليا اني مستحمل قرفك .
تعرف عنه أنه غليظ القلب سليط اللسان ولكنها لم تتوقع أنه سيصل لهذه القدر من النذالة وقلة الأصل والبجاحة فلطالما وقفت بجواره وجوار عائلته فاستباح أموالها دون وجه حق تذكرت حديث اختها أنه لا يستحق المساعدة فتشجعت قائلة / وانا لو مش هعمل العملية مش هصرف مليم واحد على البيت ده دي بقي فلوسي وانا حرة فيها.
وكأنها أشعلت شياطينه فهب واقفا عازما على تعنيفها جسديا فرفع يده لاعلي ولكنه تذكر أخيها وما فعله به فأنزل يده ووقف مكانه ثم ابتسم ابتسامة خبث فقد طرأت بعقله فكرة أخرى لعقابها لا تستطيع أن تشتكي بها لاحد قائلا / شكلك لسه متهدتيش وفيكي طاقة عايزة تطلعيها وبفكر بدل ما نطلعها في الخناق نطلعها بطريقة تانية ممكن متعجبكيش بس المهم هتعجبني انا .
فهمت ميار ما يرمي إليه لتضطرب أنفاسها محاولة التهرب مما يقصده ولكنه لم يمهلها التفكير حتى فامسكها من معصمها وسحبها خلفه كالشاه ودلف بها الغرفه صافقا بابها باقدامه بقوة ثم قذفها للخلف بشدة لترتمي على الفراش خلفها بينما هو أخذ يخلع قميصه بعصبيه واستوحشت نظراته وامتلأت بمزيج من الرغبة والوحشية في آن واحد .
تغلغلت في مقلتيها الدموع تستجديه بألا يفعل.
لم تعلم أن بنظراتها المستعطفة تلك تزيده إثارة ورغبه
ثم لم يلبث لحظات الا وانقض عليها وكأنه وحش كاسر ينقض على فريسته كل ما يستمع إليه صوت صراخها وكأنها تعزف موسيقى تطرب آذانه.
انتهى منها ليستلقي بجوارها غير عابئ بحالتها بينما هي اخذت تلملم ما تطوله يدها لتوارى جسدها قليلا ودموعها تنهمر على وجنتيها ولكنها زادت إصرارا على تنفيذ ما عزمت عليه فهي بكل الاحوال تشعر بالاهانة والدونيه إذا فالصمت والتحمل لم يجدي شيئا ربما إذا ستخدمت اسلوب الضغط قليلا يتغير الأمر .
وبالفعل بعد أن تحدثت مع اختها واتفقا علي ما ستفعله . أصبحت تضع كل أموالها الخاصة بحقيبة يدها وتغدو الي عملها بها وتعود لتخفيها عنه .
كانت تحاول شراء ما يسد جوعها قبل الوصول للمنزل وتأكله بسرعة قبل وصولها وتظل بمنزلها لا تاكل لعدم تواجد شئ وعدم شرائها لشئ للمنزل أيضا .
................................
مرت فترة تتجاوز الثلاث أسابيع علي كل ابطالنا فقد حاول يزن مجددا أن يذهب لغزل جامعتها ولكن بكل مرة كانت تجيد الهروب برغم رغبتها في المقابلة ولكنها تعمدت على إثارة غضبه فقد أصبح هذا هو شغلها الشاغل بدون أن تدرك لما كل هذا الاهتمام من ناحيته ولا تدرك لما تتمنى في كل مرة أخري بأن يعيد محاولاته مرة أخرى .
بينما محمد يحاول كل اسبوع بالاتفاق مع عم ماسة علي ميعاد للحضور هو ووالده ووالدته لاتمام الخطبة والاتفاق على ميعاد عقد القران ولكن في كل مرة لم يتم الاتفاق إما لمرض والدتها أو لمرض عمها ذاته واخيرا تم الاتفاق على موعد قد اتفق عليه كلهم بعد يومين فقط.
بينما ظلت معاملة حسن لميار على نفس النحو سيئة ولكنه لم يفهم أنها اعتادت السوء فأصبحت هذه الحياة بالنسبة لها طبيعية ولكن كل ما تغير هو لم يستطع أن يجد طريقة حتى يأخذ أموالا منها أو أن تشتري للمنزل شئ فأصبح المنزل خاويا تماما وأصبح هو من يلجأ إلي والدته لتطعمه ولا يخلو الأمر من التقريع له بأنه غير قادر على زوجته .
دام الأمر لمدة الثلاث اسابيع تلك حتى وصل لمنتهاه فلم يتحمل هذا الوضع أكثر من ذلك .
بيوم من الايام دلفت من عملها وصعدت الدرج علي أطراف أصابعها حتى لا يعلموا بقدومها كما تفعل بالاونه الأخيرة حتى يتسنى لها اخفاء حقيبتها منه والتي كانت تخفيها داخل اناء طهي موجود داخل خزينة المطبخ وبما أنها هي فقط من تدخل المطبخ وبما أن المطبخ أصبح خاوي لا يوجد ما يطبخ به فلم يتوقع مكان كهذا .
تفتح بابها بحذر حتى لا يستمع احد لها فهو في هذا الوقت يجلس لدي والدته ليفطر حيث اعتاد على النهوض من النوم متاخرا.
لا تعلم أنه قد أعد عدته وتأهب لوقت حضورها وفور رؤيته لظلها تركها حتى صعدت وفتحت الباب وقبل أن تغلقه جاء هو ووضع قدمه يمنع الباب من الانغلاق .
استدارت ميار وجحظت عيونها وتشبثت بحقيبتها ،وتذكرت حديث ماسه منذ قليل قائلة / مش هيسيبك يا ميرو هاتي الفلوس اللي معاكي خليهم معايا وخلي معاكي يادوب قد الاكل والمواصلات بتاعة النهارده والصبح وكل يوم يا ستي ليكي عندي اديكي مصروفك.
ضحكا الفتيات حتى فاقت ميار على صوت حسن وهو يتقدم بخطوات متمهله يقول لها / مانا مش هفضل صابر عليكي كتير ،
انا سيبتك براحتك لكن انك تسيبي البيت من غير اكل خالص ده مينفعش
زادت دقات قلب ميار وارتفع مستوى الادرينالين لديها فاذدرأ ريقها تحاول أن تظهر أكثر ثباتا فقالت له / مانا قولتلك أنزل اشتغل وانت مش راضي .
كان يتحدث ويتقدم للامام لتتراجع هي خطوة على إثرها للخلف فقال ومازال يتقدم منها / طب هاتي فلوس علشان انزل ادور على شغل .
تشبثت أكثر بحقيبتها قائلة / مش معايا غير مواصلاتي خد من امك .
حسنا فقد أوصلته لمرحلة من الغضب جعله لا يري أمامه فتقدم خطوة سريعا وأمسك بحقيبتها محاولا خطفها منها ولكن من أثر تمسكها بها فقد امسك بالحقيبه وازاحها هي للخلف بشده لترتطم يظهرها ورأسها بالحائط بقوة الذي قد اقترب منها من أثر تراجعها ثم هوت على الأرض مطلقة صرخة تعبر عن الامها من أثر ارتطامها بالحائط و سقوطها أرضا ظلت أمامه تبكي بتألم تضع يدا علي ظهرها والأخرى على بطنها ولم تستطع التحرك بينما هو
امسك بالحقيقة وأخرج منها الأموال الذي لم تكن سوى جنيهات بسيطة كما قالت وعند وجوده هذا القى بالحقيقة بوجهها هادرا بها / لو مدتنيش الفلوس هيبقي كل يوم من ده أن شالله تروحي الشغل مشى جاك القرف.
ثم بصق عليها دون حتى الاهتمام ببكاءها أو عدم حركتها وتوجه للاسفل حيث شقة والدته.
بينما هي حاولت جاهدة اخراج هاتفها من حقيبتها التي حمدت ربها أنه قد ألقاها بجوارها وقامت بالاتصال على أخيها لتخبره بأنها في حاجة إليه .
هرول محمد إليها بعد سماع صوتها الباكي والمتألم بالهاتف فلم ينتظر حتى تسرد له ما حدث بل وصل لمنزلها في غضون دقائق ليهرول علي الدرج ووصل حتى شقتها ليري بابها مفتوح لينظر بداخلها فوجد ميار مغشيا عليها وملقاه أرضا ،
ملابسها غارقة في الدماء ليفجع من هذا المنظر ويهرول حاملا إياها صائحا باعلى صوته بتكرار / يا ولاد .....
والله ما هسيبكم يا اولاد .....
خرج حسن ووالدته واخته على إثر صوت محمد ليجدونه يهبط الدرج حاملا ميار وملابسها مصبغة بالدماء ليشهقا جميعهم بما فيهم حسن.
نكزته والدته قائلة / انت مش قولتلي ممدتش ايدك عليها يا موكوس اللي فيها ده من ايه ؟؟
ظل حسن جاحظ العينين يرد وهو يشعر بالتيه والاندهاش/ معرفش والله، ما اعرف انا معملتش حاجه ،
انا زقتها بس.
دخلت انوار وسحبت اياه لداخل المنزل ثم أغلقت الباب قائلة / يخرب بيت شيطانك لتكون زقتها علي حاجة وتروح في داهية .
ظل يراجع ذاكرته ما إذا كان يوجد شيئا بالأرض ولكنه تذكر قائلا/ ابدا كان وراها الحيطة .
بينما محمد توجه بأخته مباشرة الي اقرب مشفي ثم أخبر والده ووالدته وماجدة بما حدث ليهرولوا إليها ويكاد أنفاسهم تتوقف عن ملاحقتها.
..................................
كان جالسا بمكتبه بالجامعة يتابع عمله كعادته حتى جاءته رسالة من الرقم ذاته الذي يتابع معه مستجدات الأمر مما كلفه به فوجد أن الرسالة عبارة عن تسجيل لمكالمة هاتفية فور استماعه لها اغلق التطبيق فورا ليجري اتصالا بچواد يطلعه علي الأمر كله منذ بداية تتبعه لهم حتى آخر المستجدات التي تستلزم معرفته الان بالأمر تاركا له حرية التصرف فقد بات الأمر جديا ولا يحتمل التأخر به.