اخر الروايات

رواية ذئب يوسف الفصل السادس والعشرين 26 والاخير بقلم زكية محمد

رواية ذئب يوسف الفصل السادس والعشرين 26 والاخير بقلم زكية محمد 


ذئب يوسف
الفصل السادس والعشرون والأخير


شعر بالحرج الشديد لوابل السُباب الذي أطلقه من ثغره كالمدفع عندما وجدها والدته و أحمد، فهتف بابتسامة عريضة :- تعالي يا أما اتفضلي.

ضيقت عينيها بغيظ قائلة :- بالذمة أنت عندك دم!

بعثر خصلات شعره بحرج قائلاً :- فيه إيه يا أما بس؟

أردفت بحنق :- بقى مراتك حامل و متقولش! هنكرهلك إحنا يعني ولا هنكرهلك!

طالع الصغير بغيظ قائلاً :- عملتها يا أبو حميد يا اللي ما مبتسترش أبداً.

ثم نظر لوالدته قائلاً بمرح :- أهدي يا عواطف أنا بس قولت أعملكم مفاجأة متكبريش الموضوع.

دلفت للداخل قائلة بفرح :- ألف مبروك يا عين أمك، فين مريم أباركلها.

أردف بابتسامة :- أقعدي يا أما وأنا هروح أديها خبر و أجيلك.

أنهى حديثه و دلف للداخل ليجدها تهاجمه و تضربه بعنف في صدره قائلة بوجه متوهج خجلاً :- شوفت أخرة قلة أدبك، أهى هتقول عليا إيه دلوقتي؟

ضحك بمكر قائلاً :- هتقول إيه واحد بيحب مراته، يلا أنا هطلع أقعد معاها على ما تجهزي.

توجهت للخارج، ولكنه اعترض طريقها قائلاً بخبث :- إيه هتعدي كدة من غير ما تدفعي الضريبة.

لم يعطيها الفرصة للفهم و ابتعد عنها سريعاً فأردفت بحنق :- والله أنت معدتش عليك تربية.

قالت ذلك ثم أسرعت للمرحاض لتغتسل بينما خرج هو عند والدته وأحمد. بعد وقت خرجت مريم بوجه قاني وجلست جوار عواطف بعد أن سلمت عليها، لتربت الأخيرة على ظهرها قائلة بسعادة :- ألف مبروك يا مريم يا بنتي.

بادلتها ابتسامة عذبة قائلة :- الله يبارك فيكِ يا مرات عمي.

أخذت تعد عليها بعض النصائح قائلة بلهفة :- متشليش حاجة تقيلة ولا تتعبي نفسك لحد ما تولدي بالسلامة بإذن الله.

هزت رأسها بموافقة قائلة :- حاضر يا مرات عمي، أنا واخدة بالي كويس.

أردفت ببسمة :- ماشي يا حبيبتي ولو في حاجة قولي لسامية وهي تساعدك...

وأخذت تثرثر معها بالعديد من النصائح و التوصيات.

______________________________________

بعد مرور سبعة أشهر حدث بها الكثير وفاة ناريمان التي أنهت حياتها بنفسها لتلاقي عقابها بالآخرة، خيم الحزن على شادي و شيري لعدة أشهر وهم في حالة صدمة مما فعلت و مصيرها الذي اختارت أن تنهي حياتها به.
حاولت سلوى في تلك الأشهر كسب عطف ابنها الذي كسبته أخيراً بعد عناء، فما فعلته ليس بهين و تعاملت بتحفظ مع رحيق التي ذبلت في بداية المدة تحت تأثير صدمتي وفاة والدتها مقتولة والتي علمت به للتو و وفاة جنينها الذي لم تعلم أنه يسكن بأحشائها لم يتركها مراد طيلة تلك المدة رغم اعتراضها فهي لم تنسى له تلك الصفعة التي لم يبادر حتى بالإعتذار منها عما بدر منه، و كم زاد ذلك من غضبها نحوه، ذلك الجامد جبل الثلج المتحرك .

تم خطبة آلاء على إحدى الشباب بمنطقتها، كما تم عقد قرآن عاصم و سندس في جو أسري اقتصر على العائلة فقط، وكم شعرت باليتم لوجودها بمفردها إلا أن موقف مراد جعلها تبتسم بامتنان وأن الدنيا لا زال الخير يسكن بها حينما وكل نفسه بأن يكون وكيلاً لها ومنذ تلك اللحظة اعتبرته شقيقاً لها.

مريم التي أصبحت بشهرها الأخير من حملها والتي كانت تتدلل على إسلام يومياً و أحياناً تفتعل المشاكل بينهم بدون سبب وهو يتمنى أن يأتي اليوم الذي تضع فيه ذلك المولود ،والذي رفضت أن تعرف نوعه و تركته مفاجأة، ليرتاح قليلاً من العناء الذي تسببت له فيه، فقد أصابه الغيظ والضجر من غيرتها و تقلباتها المزاجية التي ستقوده للجنون.

______________________________________

تلزم فراشها كعادتها، و أصبحت في حالة يرثى لها منذ أن توفت والدتها، سمعت طرقاً على الباب ولكنها لم تعبأ له بل ظلت على حالتها .
دلفت رحيق وهي تنظر لها بشفقة حتى وإن كانت والدتها هي من قتلت أمها، فهي ليس لديها أي ذنب في ذلك الجرم، و لم تكن تتخيل أن فتاة مثلها ستذبل بتلك الطريقة سريعاً.

جلست إلى جوارها على الفراش ولا تعلم من أين تبدأ أو ماذا تفعل، بينما أشاحت شيرين وجهها للجانب الآخر نحو النافذة العريضة التي تتوسط الغرفة قائلة بصوت متحشرج به بعض التهكم :- جاية ليه؟ جاية تشمتي فيا؟ بقلم زكية محمد

هتفت بسرعة :- لا طبعاً، أنا عمري ما هشمت في الموت يا شيري، دي بقت بين أدين ربنا دلوقتي ميجوزش عليها غير الرحمة.

تجمعت العبرات في مقلتيها و سرعان ما تساقطت كالمطر في ليلة شتاء عاصف، نظرت لها بوجع من كلمات حُفِرت في ذهنها حفرتها المغفور لها بآلة حادة فبات من الصعب محوها :- أنتِ جاية ليه ؟ أديكي فزتي بكل حاجة بابا و أخدتيه زي ما مامتك عملت زمان كرهته فينا .

رسمت ابتسامة باهتة تخفي بها تلك الندوب التي لم تطيب بعد :- ماما الله يرحمها مكانتش بتكره حد وإلا مكانش أتقتلت بالشكل دة، وأنا عمري ما حاولت أكرّه بابا فيكِ يا ريت تشيلي الأوهام دي من دماغك.

صمتت قليلاً لتردف بصدق :- أنا جاية بس أقولك تعالي نبتدي صفحة جديدة من غير كره ولا حقد علشان دة آخرته وحشة أوي.

ثم اغتصبت إبتسامة لترسمها على صفحة وجهها :- أنا هسيبك دلوقتي و فكري كويس ولو عوزتي أي حاجة تعاليلي.

قالت ذلك ثم اقتربت منها و أودعت قبلة حانية على رأسها ثم غادرت لتترك الأخرى تتابع أثرها وهي تعيد حساباتها لآلاف من المرات.

خرجت وهي على أمل في أن تتغير ولو قليلاً فيكفي معاناة في دنيا فانية.
نزلت الدرج لتجد نفسها تصتدم بجدار صلد، فرفعت مقلتيها نحو ماهية هذا الشيء لتجده هو، وسرعان ما تجهم وجهها و ارتدت ثوب الغضب معلنة عن عدم الاستسلام والرضوخ له، فتخطته وهي لا تعيره أي انتباه، لتشتعل النيران بصدره قائلاً وهو يمسك بذراعها :- رايحة فين؟

نظرت للجانب الآخر قائلة بجمود :- رايحة عند بابا و بعدين الشغل.

كز على أسنانه بعنف فيبدو أنها تستخدم برودها ضده كما يفعل هو ولكنه سئم من كل تلك الترهات ، فقد أشتاق قربها و الغرق في رحيقها حد الثمالة فأردف بهدوء :- رحيق تعالي عاوز أتكلم معاكِ.

زمت شفتيها بضيق قائلة :- وأنا مش عاوزة أتكلم معاك.

أردف ببعض الحدة :- ما تتعدلي بقى أنا سايبك بمزاجي.

جعدت أنفها قائلة بغيظ :- إيه عاوز تضربني تاني؟ اتفضل مش همنعك.

زفر بحنق و قد أيقظت تلك الذكرى التي كلما مرت أمام عينيه جعلت الندم يركض خلفه يلاحقه في كل مكان، نظر لها قائلاً بهدوء وكلمات الاعتذار تتسطر بمقلتيه :- مكنتش أقصد، أنا آسف أوعدك مش هكررها تاني.

زمت شفتيها بتهكم قائلة :- والله جاي دلوقتي تتأسف! إيه غرورك أخيراً أتنازل!

اصطكت أسنانه ببعضها محدثة جلبة قائلاً :- ولازمته إيه الكلام دة أديني أهو أعتذرت.

أردفت بجمود :- أعتذارك مرفوض، It's too late .

قالت ذلك ثم ولته ظهرها، لتظهر ابتسامة خبيثة، ليمسكها الآخر من ذراعها يقربها منه قائلاً بغضب مكتوم :- رحيق لمي الدور أحسنلك.

رمشت بسرعة قائلة بوداعة :- عاوزني أسامحك؟

زفر بحنق قائلاً من بين أسنانه :- أممممم

طالعته بتشفي قائلة بمكر أنثوي :- قولي بحبك و بموت فيكِ قصاد سالي.

ضم قبضته بعنف قائلاً باستنكار:- نعم! وأقول قدامها ليه إن شاء الله هتشجعني ولا هتحييني على الأداء !

جعدت أنفها بضيق قائلة :- أيوة أهرب، قول من الآخر إنك ما بتحبنيش، صح؟

بلحظة كانت مقيدة بإحكام بقبضتيه وهو ينهل من رحيقها الذي أدمنه وبات له زمن لم يتجرع جرعته، فتناول الرحيق بنهم ضارباً بغروره عرض الحائط، وكل ما يهمه هو وجودها معه..

بعد وقت لم يذكر مدته، ابتعد عنها ليلصق جبينه بجبهتها قائلاً بحرارة :- بحبك و بموت فيكِ، ومش قادر على بعدك أكتر من كدة.

كاد ثغرها يصل للأرض من اعترافه الذي لامس أوتار قلبها فأحدث نغماً محبباً أشبع كيانها و زاد من عشقها له.
ولكن هيهات أبت الإعتراف أمام ذلك المغرور لتلقنه درساً قائلة بعدم استحسان وهي تمط شفتيها للأسفل :- الأداء مش حلو على فكرة، محستهاش قولها بضمير. بقلم زكية محمد

رفع حاجبه بذهول قائلاً :- نعم! رحيق أنا على أخرى منك أتجنبي شري أحسنلك.

دفعته بعيداً عنها قائلة بحنق :- أهو دة أكبر دليل على إنك بتمثل شوفت!

وضع أصابعه في خصلات شعره يشده بعنف، يفرغ طاقته السلبية به بدلاً أن يقوم بتهشيمها الآن، عن أي تراهة تتحدث؟!

أخذ يعدو جيئة و ذهاباً بدون هوادة، و فجأة طرأ على ذهنه فكرة خبيثة، فهز رأسه بتأكيد وتقدم نحوها بخطوات جعلت أوصالها ترتجف فأردفت بتوتر :- خلاص مش عاوزة ...بص اعتبرني ما اتكلمتش هو أنت هتاخد على كلام واحدة هبلة برده!

كبح ابتسامته بصعوبة و حملها على حين غرة لتصرخ بخوف بينما أردف هو بحدة طفيفة :- أخرسي خالص أنتِ هتلمي الناس علينا كدة، مش أنتِ الأداء مش عاجبك أنا هعيده تاني بقى وهنعرف ساعتها إذا كنت بمثل أو لا..

هزت رأسها بحذر قائلة :- أنت... أنت هتعمل ايه والله لأصوت و ......

لم تكمل حديثها حينما اقتطف رحيقها مجدداً ليهتف بخبث وهو يتأمل وجهها النبيذي :- صرخي وكل ما هتصرخي هتلاقي العقاب دة علطول وأنا هكون سعيد جداً وأنا بقوم بالمهمة دي.

لم ترد عليه وإنما دفنت رأسها بخجل في صدره وهي تهمس بخفوت ولكنه وصل لمسامعه:- قليل الأدب.

أردف هو بمكر وانتصار :- شاطرة يا رحيق و بتسمعي الكلام و دلوقتي لازم نعيد الأداء ..

قال ذلك ثم صعد بها للأعلى لينعما سوياً في بحور عشقهم الخاصة.

______________________________________

تجلس على الأريكة و حولها الكثير من المأكولات و بيدها طبق من البسبوسة تأكلها بنهم و بطنها المنتفخة أمامها.
يتابعها الصغير بتذمر فكلما اقتربت يده من أي شيء ليتناوله تتحول إلى تنين مخيف بأن لا يقترب من أشيائها، تحذره بأن لا يقترب منها، فما كان منه سوى أنه وضع يده على وجنته يراقبها بتحسر، لتمتد يده بحذر نحو قطع الشيكولاتة و يلتقطها خلسة منتهزاً انشغالها و انتباهها المصوب على شاشة التلفاز، فأخذ يتناولها سراً و بداخله فرحة عارمة انتصاراً بانجازه الطفولي.

دلف بانهاك بعد أن سحب العمل طاقته، ضيق عينيه بحذر عندما وجد السكون هو سيد الموقف فهتف بداخله :- راحت فين؟ يكون كلت الواد أحمد! أما ألحق أشوفها.

دلف للصالة ليزدرد ريقه بذهول وهو يراها هكذا، ليخطو بخطوات متمهلة و يجلس بجوارها وهتف بمرح :- عاملة إيه يا قلبي يا مفلساني أول بأول؟

طالعته بوداعة قائلة :- دة مش أنا، دة ابنك اللي عاوز ياكل كل دة.

ضحك مغلوباً على أمره قائلاً :- اه طبعاً، يجي بس وأنا هعلقهولك .
ثم أضاف بمرح وهو يتابع سكون الصغير :- إيه يا ميدو يا حبيبي مش بتاكل ليه في الوليمة اللي عملاها مامتك دي؟!

قوس شفتيه بتذمر قائلاً :- مش راضية تديني يا إثلام قولها أنت.

فرغ بصدمة قائلاً :- حتى الواد يا مؤمنة! خد يا حبيبي مد إيدك على اللي أنت عاوزه متخافش.

صاح الصغير بفرحة وراح يلتقط ما تطوله يداه و بدأ في تناوله، بينما أردفت هي بتذمر :- لا دي الحجات بتاعتي أنا أبقى أشتريله .

أردف بمرح وهو يمسك بوجنتيها :- يا أختي خلاثي عسل بكرشك دة.

تقلص وجهها حزناً قائلة بعبوس :- أنا بكرش يا إسلام! ماشي أنا هروح عند أمي ما أنت خلاص مبقتش طايقني.
ثم تابعت وهي تلقي بيديه بعيداً:- و أوعى أديك دي خدودي وجعتني.

أردف بضحك :- ما هما حلوين كدة وهما منفوخين.

ربعت يديها بضيق جلي و نظرت أرضاً وهي تكبح دموعها، فعندما رآها هكذا اقترب منها و احتضنها، فأخذت تحاول الفكاك منه إلا أنها فشلت قائلة بتذمر وصوت أقرب للبكاء :- أوعى كدة يا رخم.

ضحك بخفوت قائلاً بحنو :- بهزر معاكي يا قلبي، دة أنتِ بقيتي قمر كدة و بطة بلدي عاوزة تتاكل أكل ولولا قاطع اللحظات السعيدة دة كنت قومت كلتها دلوقتي.

نهرته بحدة قائلة :- إسلام!

رفع يديه باستسلام قائلاً بمرح :- حاضر هسكت علشان ما أبوظش الولد.

هزت رأسها بيأس منه، و فجأة جعدت جبينها بألم وهي تشعر بألم عنيف أسفل بطنها، ليردف هو بخوف ما إن رأى حالتها :- مالك يا مريم؟ أوعي تكوني هتولدي!

أردفت بألم :- مش عارفة، بس في وجع جامد...اااه..

صرخت بحدة عندما ازداد الألم لتبكي بصوت مسموع :- ألحقني يا إسلام، شكلي بولد.

أردف بغيظ :- يعني مش هنروح المستشفى و نرجع زي كل مرة ...

صرخ بحدة عندما وجدها تمسك يده و تغرز أسنانها بها، سحبها منها بصعوبة قائلاً بصراخ :- يا بنت المجنونة .

أردفت بصراخ :- بقولك بولد يا بارد اتحرك، أعمل أي حاجة. بقلم زكية محمد

تعالت صرخات الصغير تزامناً معها ليردف إسلام بهدوء :- حبيبي أهدى ماما كويسة.

إلا أن الصغير لم يتوقف عن البكاء وتلك التي تصرخ بوجع فوقف عاجزاً بينهما للحظات .
فاق على صرخات مريم التي تقطع نياط القلوب فالتقط هاتفه ليتصل بمحمود أن ينزل هو وسامية على عجالة، وما هي إلا لحظات حتى امتلأ المنزل بالعائلتين، و حمل إسلام مريم و توجه بها نحو المشفى، وأخذت تصرخ طيلة الطريق وهي تسبه و توبخه بأنه المتسبب فيما هي فيه، أما الآخر أخذ يتوعد لها وعلى لسانها الذي أوشى بالكثير و سبب له الحرج، ولكن الآن أهم شيء سلامتها الآن.

بعد وقت أخذ يسير جيئة و ذهاباً بالطرقة وقد تمكن الخوف عليها منه، وهو يسمع صراخها الذي رج المشفى وهو غير قادر على تقديم العون لها، ولو كان الوجع يُنتشَل لأقتلعه منها و زرعه في أضلعه.

انقطع صوت صياحها ليرتقب من بالخارج بقلق، وما إن خرجت الطبيبة أسىرعوا جميعهم نحوها فهتف إسلام بلهفة :- طمنيني على مراتي يا دكتورة .

ابتسمت بعملية قائلة :- ألف مبروك المدام رُزِقت ببنت زي القمر وهي حالتها مستقرة و تقدروا تشوفوها .

انصرفت الطبيبة ليدلف الجميع لتتوالى التهاني و المباركات عليهما .
حمل مولودته برفق وهو يخشى أن تتهشم بين يديه، و شعور أبوي جديد غزاه ليميل مقبلاً جبهتها بحنان و رقة وكأنها زجاج يخشى عليها من الكسر .

توجه ناحية مريم ليقبل جبينها بحب قائلاً :- مبروك علينا بنتنا يا روحي.

ابتسمت بوهن قائلة :- الله يبارك فيك، هات أشيلها.

أعطاها الصغيرة لتحتضنها بحنو أموي وهي تطالعها بسعادة، بينما أقدم الصغير يطالعها بانبهار قائلاً ببراءة :- دي أختي اللي كانت في بطنك.؟

أومأت بفرح قائلة :- اه يا روحي هي .

صعد على الفراش بجانبها ليردف بلهفة :- طيب خليني أشيلها شوية زي إثلام.

ضحكت بخفة قائلة :- لا يا حبيبي شوفها كدة أنت لسة صغير لتقع منك.

نظر لها بسعادة و مال مقبلاً إياها بوجنتها قائلاً :- ماما دي حلوة أوي و صغيرة أوي.

هتف محمود بابتسامة عريضة :- مبروك ما جالك يا إسلام أديني أهو هحجزها من دلوقتي للواد ابني علشان أجوزهاله.

نظر له أحمد قائلاً بغضب طفولي :- لا مصطفى وحش مش هخليه يتجوز أختي.

ضحك بصخب قائلاً :- بكرة نشوف يا ابن علي.

_____________________________________

مرت الأيام بسعادة على الجميع فتزوج شادي بعد عدة أشهر بإحدى زميلاته في العمل، و توطدت علاقة رحيق بشقيقتها في الآونة الأخيرة و تزوجت، كما بدأ الجد و الجدة في تقبلها وسط العائلة، عاشت أيامها بسعادة إلى جوار مراد الذي لم يبخل في إغداقها بالحب و السعادة رغم جنونها المعتاد إلى أنه عشقها و انتهى الأمر ليصبح أسيراً لسجن عشقها الذي قيدته فيه بإحكام و ما أسعد السجن في بحور المغرمين .

بعد مرور سبع سنوات تركض الصغيرة التي تبلغ ثلاث سنوات نحو أبيها الذي احتضنها و قبلها من وجنتها المكتنزة قائلاً :- مالك يا روح بابا؟

هتفت بضيق طفولي :- بابي مامي بتزعق !

أردف بتساؤل :- و بتزعق ليه؟

هزت كتفيها ببراءة قائلة :- آثل كثل الملاية في الأوضة وهي بتثرخ كتيل.

توجه بها ناحية غرفة ابنه قائلاً :- تعالي نشوف كدة.

دلف للداخل ليُفاجئ حينما وجدها تركض خلف آسر ابنهما ذو الستة أعوام، و الآخر يفعل حركات تزيد من جنونها عليه و هي تكيل له بالوعيد ما إن يقع تحت يدها .

خشي على الصغيرة فوضعها في مكان بعيد وأمرها بأن لا تتحرك، فتوجه ليقف قبالتها فأسرعت تقول بغضب :- أبعد يا مراد خليني أمسكه دة أنا هموته، الأستاذ بيلعب كورة في الأوضة في حد بيلعب كورة كدة يا ناس.

احتمى آسر خلف والده قائلاً بضجر و برود :- بابا حوش مراتك دي عني، أنا مش عارف مكبرة الموضوع على إيه؟

اتسعت عيناها بصدمة قائلة :- يا برودك يا أخي وكمان مش عارف حجم المصيبة اللي عملتها دة أنت كسرت المراية بتاعتي الوحيدة اللي بشوف شكلي فيها حلو يا معفن، لكن هقول إيه بارد و فريزر لأبوك.

نظر لها مراد باستنكار قائلاً بجمود :- إممممممم ها وايه تاني؟ بقلم زكية محمد

ازدردت ريقها بتوتر قائلة :- أااا....مراد حبيبى أوعى تفهم غلط أنا أقصد لعمه عاصم .

أومأ بصقيع جليدي ليهتف بهدوء مريب :- آسر خد جنا و روح لمرات عمك تحت .

أومأ الصغير بسرعة و قد وجدها فرصة للهرب، فأخذ أخته و انطلق بها للخارج بينما توجه هو نحوها قائلاً :- عيدي اللي قولتيه تاني كدة.

قوست شفتيها للأسفل وقد علمت أن لا محالة من العقاب، فأردفت بخفوت :- مراد أعقل يا حبيبي احنا معانا عيال دلوقتي و....و.......لو قربت مني هصوت أهو أنا كبرت على الضرب على فكرة !

حملها متوجهاً بها نحو غرفتهم قائلاً بخبث :- لا لازم نفكر المدام و نقرص ودنها شوية، و بالمرة تتعاقب العقاب اللي هي عارفاه كويس.

ضغطت على شفتيها بغيظ من نفسها وهي توبخ ذاتها، و لوهلة أردفت بداخلها :- تستاهلي يا رحيق أنتِ اللي جبتيه لنفسك..
لتستسلم بعدها لطوفان عشقه الذي يغمرها به.

______________________________________

كانت تعد الطعام حينما أتت لها ابنتها التي هتفت بضيق :- ماما تعالي شوفي ابنك.

زمت شفتيها بضجر قائلة :- عمل إيه ابني؟

قوست شفتيها بعبوس قائلة :- مش راضي يخليني أروح أقعد مع ندي بنت خالو محمود.

زفرت بملل قائلة :- بقولك إيه اطلعي من نافوخي، أنا فيا اللي مكفيني لما نشوف أبوكي كمان اللي الهانم بنت خالته قاعدة عندهم من الصبح وهو بيحكي معاها ما صدق لقاها.

ضربت بقدمها الأرض بغضب طفولي قائلة :- يا ماما خليكِ معايا أنا، الله! روحي قولي لابنك بقى ملوش دعوة بيا.

تمتمت بخفوت :- كان يوم مطلعتلوش شمس يوم ما قولناله أنه مش أخوكِ هيبتديها تحكمات من دلوقتي المفعوص!

دلف أحمد عندهم قائلاً بصرامة رجل كبير وليس طفل لم يبلغ عامه الثاني عشر بعد:- ماما عقلي بنتك مرواح فوق مش هتتطلع.

هزت رأسها بمهاودة قائلة :- حاضر يا عين أمك مش هتطلع، تعالي ساعديني يا فريدة على ما المحروس أبوكي يشرف، وأنت يا ميدو طُل على سيف شوفه صحي ولا لا.

أومأ لها بموافقة، بينما نفخت الصغيرة وجنتيها بغضب محبب لديه و شرعت في مساعدة والدتها.

بعد وقت صعد إسلام للأعلى وهو يحفز نفسه للمعركة التي ستنطلق الآن ما إن يدلف للداخل، حيث دلف بهدوء وما إن رآهم بانتظاره ورأى سهامها الحارقة التي تطلقها نحوه :- السلام عليكم يا أهل الدار، إيه دة أنتوا مستنيني حبايبي والله.

هتفت من بين أسنانها بغيظ :- وعليكم السلام، يا رب القعدة تكون حلوة بس.

ضحك بخبث قائلاً :- يووه دي حلوة بشكل.

حدجته بغضب وهي تغرز السكين التي بحوزتها في الطاولة :- والله! امممم طيب مفيش عشا و روح اتعشى مع أم سحلول اللي تحت..

ضحك بصوته العالي قائلاً :- عليكي تشبيهات يا مريومة عسل زيك.

هزت رأسها بوعيد قائلة :- هنشوف يا إسلام هنشوف. بقلم زكية محمد

قالتها ثم أخذت تأكل طعامها بغيظ تلوكه بعنف، بينما تحاشى هو النظر لها وبداخله يردف :- ربنا يستر.

بعد إنتهاء وجبة العشاء، نهضت هي تلملم الأطباق و عاونتها الصغيرة في ذلك، و بعدها تجاهلته عمداً حينما تخطته و توجهت نحو حجرة صغيرتها تستذكر لها الدروس، و بعد أن غفيت دثرتها جيداً و اودعت قبلة حانية على جبينها، ثم غادرت الغرفة لتذهب لغرفة أحمد و سيف و ظلت معهم بعض الوقت، لتتركهما بعد أن غفيا هما الآخران.

توجهت أخيراً لغرفتها لتجده مستيقظاً يطالعها بغيظ قائلاً :- ما لسة بدري يا مدام!

تجاهلته و توجهت للجانب الآخر من الفراش، ليغتاظ الأخير منها فسحبها نحوه قائلاً بحدة :- ممكن أعرف إيه الخلقة اللي مصدرهالي دي!

أردفت ببرود :- أبداً بس بحسسك بنفس احساسي وأنت معاها تحت ولو أنه مش هيوصل للتلت حتى.

زفر بغيظ وهو يمسح على وجهه قائلاً بتهكم :- هو أنا قاعد أحب فيها لا سمح الله ، و بعدين دي متجوزة يعني شيلي الهبل دة خالص من دماغك.

أردفت بحنق :- آه يعني دلوقتي أنا اللي بقيت وحشة و هتغلطني.

أردف بضجر قائلاً :- مريم بكرة هنروح للدكتورة أنتِ شكلك حامل أو أكيد، أصل جنونتك مش بتقوم غير لما تكوني كدة..

أردفت ببلاهة وقد تناست ما تقوله :- بجد يعني أنا حامل يا إسلام؟

هز رأسه قائلاً بتأكيد :- أقطع دراعي دة إن ما كنتي حامل هو أنا هتوه عنك دول عيلين يا أما وأنتِ أهو بتكرري كل حاجة بحذافيرها.

احتضنته بحب قائلة :- يا حبيبي يا إسلام أنا بحبك أوي.

بادلها العناق ليردف باستسلام وكأنها شخص آخر غير التي كانت مثل التنين المجنح منذ دقائق :- وأنا بموت فيكِ يا قلب إسلام.

_____________________________النهاية💙

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close