رواية جبر السلسبيل الفصل الرابع والعشرين 24 بقلم نسمة مالك
الفصل ال24..
جبر السلسبيل..
نسمة مالك..
"جابر"..
بينما أصدقاءه المقربين له لم يتوقفوا عن مواصلة البحث عن أي شئ يُساعد صديقهم في العثور على محبوبته،
حتى صدح صوت رنين هاتفه أعاده لواقعه الخالي من وجودها مجددًا،فأسرع بالرد عليه قائلاً بلهفة..
"ها وصلتوا لحاجة!! "..
أتاه صوت صديقه "أيمن" مردفًا.. "حاجاااات مش حاجة واحدة يا فخامة"..
غادر "جابر" الفراش بهرولة نحو ثيابه قفز داخلهم، و قد غمرته الفرحة و هو يستمع لحديث صديقه يُتابع بجملة تسارعت بسببها دقات قلبه..
"أخيرًا عرفنا مكان بنت خالتك"..
"أنا جيلكم حالاً"..
قالها، و هو يجمع أغراضه على عجل، ليوقفه صوت"أيمن " قائلاً..
" لا خليك و أنزل بعد ساعة كده لأننا لسه داخلين على المنصورة، و هنروح على الچيم.. تعالي لنا هناك عشان معانا ضيف عايزين نكرمه على الأخر "..
عقد "جابر" و هو يقول بتعجب..
"أنتو خرجتوا برة المنصورة رحتوا فين!!!"..
استمع لصوت أنين مكتوم عبر الهاتف، فزمجر بعصبية مفرطة مغمغمًا..
"و مين الضيف اللي معاكم ده يا أيمن!!! "..
"أنا و الرجالة فضلنا ورا عبد الجبار المنياوي لحد ما لقينا نفسنا في إسكندرية و أدينا راجعين في الطريق أهو يا جابر".. نطق بها" أيمن"، و صمت لبرهةً و أكمل بأسف ..
" وبالنسبة للضيف فهو مش ضيف خالص الصراحة.. إحنا خطفناه ، و هو بيقول أنه الدكتور المسؤول عن حالة بنت خالتك"..
" جابر" بنبرة لا تحمل الجدال و هو يغادر غرفته بل المنزل بأكمله بخطوات راكضة..
" أنا هتحرك بالعربية و أطلع على إسكندرية .. ابعتلي عنوان سلسبيل ده أهم حاجة عندي دلوقتي، و اللى معاك ده خدوا يا أيمن أنت على الچيم، و أتصرف معاه بمعرفتك و أبقى بلغني بالجديد أول بأول "..
............ لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم....
" عبد الجبار "..
أبتعد عن زوجته بشق الأنفس، معشوقته التي أحيت بقلبه مشاعر لم يتخيل بيومٍ أنه يكنها بداخله،تأكد الآن أن كل تلك السنوات التي مرت عليه كان فيها زوج يقوم بأداء واجباته الزوجيه كما لو كان آله مجردة من المشاعر ..
أستطاعت "سلسبيل" التسلل لأعمق نقطة داخل قلبه لم يتمكن أحدًا قبلها من الوصول إليها، أما هو قد نجح في نزع خوفها و رهبتها من قربه منها، لم يتركها إلا بعدما عالج جروحات قلبها الغائرة، نعمها بفيض غرامه الذي أهاله عليها بكرمٍ و شغف فلم يسعها سوي الاستسلام الكامل له..
بقت متكومة بأحضان زوجها دون حراك،بينما هو يمسد على شعرها المشعث بفوضوية مثيرة، و يلثم كل مكان تقع عليه شفتيه بقبلات عميقة تدل على مدى لهفته، و عشقه لها..
"أنت عندك كام سنة يا عبد الجبار؟!"..
همست بها "سلسبيل" و هي تعتدل بتكاسل مستنده على صدره العاري، و تطلعت له بابتسامتها التي تزيد من جنونه بها..
استغرق بعض الوقت ليعاود إتصاله بالعالم مرةً أخرى، رمقها بنظراته المُتيمة يراقب قسماتها المحمرة التي جعلتها مثالاً للإغواء و الفتنة،
شعرت بأنامله تجد طريقها إلى خطوط عنقها الملساء..
كانت الدهشة واضحة على ملامحه الجذابة التي تخطف أنفاسها، لتجده حملها فجأة بمنتهي الخفه حتى أصبح جسدها الصغير بأكمله فوق جسده العريض ، و كم شعرت بتلك اللحظة بضئلتها بين يديه، داعب أرنبة انفها بأنفه كأنها طفلته المدلله مردفًا بتعجب..
"بجي في ست في الدنيا معرفاش راچلها عمره قد أيه!!!"..
"راجلي!!!.. الله حلوة أوي الكلمة دي"..تفوهت بها بسعادة واضحة على تعابير وجهها الخجول، و بتنهيدة تابعت..
"أنا عارفه إنك كبير يا عبد الجبار"..
رفعت كف يدها ببطء، و وضعته على ذقنه مكملة بفخر..
"كبير في المقام و الهيبة رغم إن شكلك مكملش ال33 سنة.. صح؟! "..
كان يستمع لحديثها الذي يشبه رذاذ بارد يتساقط على لهيب قلبه الخافق بعشقها، صوتها وحده يدغدغه، عينيه تتفرس ملامحها التي أزدهرت و تفتحت كالوردة بفضل أهتمامه بها..
حرك رأسه لها بالايجاب قبل أن يقبل جانب شفتيها قبلة رقيقة بعثرت كيانها،احتضن وجهها بين كفيه، و همس لها بنبرته المدوخة قائلاً..
"كانك مولودة في جلبي.. قولتها لك قبل سابق و هقولهالك تاني و تالت و مليون ، و عمري ما هبطل اقولهالك يا سلسبيل"..
امتلئت عينيها بالدموع، و اعتلت ملامحها الذعر و هي تقول بصوتٍ مرتجف..
"خايفة يا عبد الجبار.. خايفة أوي"..
"وه.. كيف تخافي و أنتي مراتي.. مرات عبد الچبار المنياوي!!!"..
ابتلعت غصة مريرة بحلقها، و ببوادر بكاء قالت..
" قلبي عمره ما كدب عليا، و لا احساسي عمره خاني،و أنا حاسة أني مش هفضل مراتك يا عبد الجبار "..
شهقت صارخة بخفوت حين نهض بها فجأة دون سابق إنظار، و عكس وضعهما فأصبح هو فوقها، و تحدث بغضب عارم و قد توحشت نظرته حتى سارت عدوانية لأقصى حد..
"أنتي الليلة برضاكي بجيتي مراتي، و هتفضلي مراتي مهيفرقنيش عنك غير موتى يا سلسبيل "..
مدت يديها و حاوطت عنقه بذراعيها جذبته عليها، تضمه بكل قوتها لعل قربه يمحي من قلبها هذا الخوف المبهم الذي يجتاحه بين حين و أخر متمتمة بتمني شديد...
"ربنا ميكتبش علينا الفراق أبدًا يارب"..
طبعت قبلة ناعمة على كتفه مكملة..
" و لا يحرمني من حضنك أبدًا يا عبد الجبار "..
ضمها له بتملك مجنون، دافنًا رأسه بعنقها يغمره بقبلاته الحاره، و من ثم احتواها بين ضلوعه بحماية حين شعر بثقل رأسها على كتفه، فعلم أنها ذهبت في ثباتٍ عميق..
ظل بجوارها لبعض الوقت قبل أن يدثرها جيدًا بالغطاء و يغادر الفراش، أختفي لدقائق داخل حمام الغرفة، و خرج منه بكامل أناقته، جمع أغراضه و اقترب منها طبع وابل من القبلات المتفرقة على وجهها و شفتيها، تراقص قلبه بفرحة غامرة حين وصل لسمعه همسهما المتأوه بأسمه أثناء نومها..
أثلجت قلبه المُتيم بها عشقًا بفعلتها هذه، لجم نفسه و ابتعد عنها بصعوبة بالغة، سار لخارج الغرفة غالقًا الباب خلفه..
"عفاف".. نطق بها و هو يدلف داخل المطبخ، تأهب جميع العاملين لوجوده المفاجئ، وقف بينهم بطوله المهيب، و تحدث بصرامته و هو ينظر بساعة يده..
"الهانم نايمة محدش يقلقها واصل لغاية ما أروح مشوار و أعاود طوالي.. مفهوم"..
"مفهوم يا عبد الجبار بيه"..
قالتها "عفاف " و هي تسير خلفه نحو الخارج، ليكمل "عبد الجبار" حديثه قائلاً بحزم..
"لو فاقت هي لحالها اتصلي عليا على طول.. لكن ممنوع حد يصحيها، و إن شاء الله أني هعاود قبل ما تصحي"..
ذهب و ترك قلبه بحوزتها، على أمل أن يعود قبل أن تستيقظ،لكنه قاد سيارته بالطريق المعاكس لطريق "جابر".......
"قبل أن ألتقيكِ كانت مشاعرى ينفث الموت فيها، فقير العشق بقلب مشقوق، لملمتِ بقايا الروح، جزلتِ لي المشاعر و سهرتِ معي لأتنعم بترف الحُب،
أغفو على سكر من عناقيد العنب المفرطة على شفتيكِ، و أصحو على فنجان عشق، أرتحلتي بمدائني وحدك مشعلة بها حريقي مبتسمة، فاض نهرك لي أنا فقط حتى أرتوي قلبي الأجعف، عشت معك مساءات من الجنون أتمنى لو تدوم، ويدوم لي نبض قلبك"..