اخر الروايات

رواية شظايا قلوب محترقة الفصل الخامس عشر 15 بقلم سيلا وليد

رواية شظايا قلوب محترقة الفصل الخامس عشر 15 بقلم سيلا وليد 


                                   
"اللهم استرنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليك "

+


"وكانت تناديه حين يُبكيها : يا ندبة القلب، يا جُرحي الذي لن يندمل، وحين يُضحكها : يا لون السماء إذا أتىٰ ربيعها، وبهجة الأرض بالمطر! كان رجلاً واحداً؛ وتحوَّلت في حبِّه لأكثر من امرأة كي تجاريه، كي تحتمل وتستقبل سعادتها به وحزنها منه في آنٍ واحد..
فـ كم هي قاسية التراكمات التي تجعلنا نقسو رغمَ  حنانِنا وننطوي على أنفسنا رغمَ حاجتنا للآخرين ونصمُت رغمَ تَكَدُّس الكلمات في صدورنا
‏كم هي قاسية التراكمات التي تُجبرنا على أن نبدو  غير  حقيقتنا

+


لا عُذرَ يقنعُني ... بأنّك … مُجبَرٌ
في الحُبِّ لا تجدي معي الأعذارُ

+


دارت بنا الدُنيا وأنت تركتني
وغـداً بها تتـبدل ...  الأدوار

+


رفرفت بأهدابها الكثيفة، ثمَّ فتحت عيناها بتمهُّل، لتقعَ على وجههِ القريب وهو يغفو بنومهِ الثابت، كالذي لم ينم منذ فترةٍ طويلة..ظلَّت تطالعهُ لبعضِ الوقتِ وذكرياتُ ليلةِ الأمسِ تمرُّ أمامَ عيناها..ابتسامةٌ خجلةٌ حينما تذكَّرت تحرُّرهِ لأوَّلِ مرَّةٍ معها ليظهرَ الشخصُ العاشقُ الذي تمنَّتهُ منذُ سنوات..رفعت أناملها تمرِّرُها على وجههِ بهدوء، وكأنَّها نحَّاتٌ ليرسمَ ملامحه..دنت تستنشقُ رائحةَ أنفاسهِ بتلذُّذٍ مغمضةَ العينين. 
فتحَ عينيهِ حينما شعرَ بحركةِ أناملها فوقَ وجهه، ابتسامةٌ أنارت وجهه، ليمرَّرَ أناملهِ على جسدها، تراجعت فزعةً مع قهقهاتٍ وهو يجذبها لأحضانه:
-إيه دا ياإلياس خضِّتني..قرَّبها إليهِ بحنانِ ذراعيه:
-سلامة قلبك من الخضَّة ياميرو.
لمعت عيناها بالسعادةِ تتمتم:
-أوَّل مرَّة من وقتِ مااتجوِّزنا، يبقى صباحنا حلو كدا، تعرف اتمنِّيت تكون كدا من وقتِ مااتجوِّزنا، أصحى من النوم وتقولِّي صباحك ورد ياحبيبي. 

+


مرَّرت أناملها على وجههِ وتابعت حديثها:
-عايزة ولد يكون شبهك..ابتسمَ على مداعبتها وأردفَ مجيبًا:
-مابلاش شبهي، علشان لمَّا يكبر مايلقيش اللي يزهَّقه في عيشته، وكلِّ شوية تتنطَّط عليه وخصوصًا لو كانت حلوة زيك.. 
جملةٌ أشعلت قلبها بعشقه، ليزدادَ النبضُ داخلَ صدرها، دنت منهُ ودفنت رأسها بأحضانهِ تتمتم:
-حرام عليك ياإلياس بجد، ليه تعمل فيَّا دا كلُّه، يعني أقول فيك إيه دلوقتي مش قادرة أزعل منَّك..سنين عذاب وفراق وبس ليه علشان حضرتَك قرَّرت تعاقبني وتعاقب نفسك لأوهام في عقلك..لو بس إدِّيت لقلبك فرصة وجيت ووقفت قدَّامي وسألتني، حتى لو مسألتش، لو بصيت في عيوني كنت عرفت قدِّ إيه بموت من نظراتك اللي بتقهرني، لو كان بإيدي كنت رميت نفسي في حضنك وقولتلَك كفاية وجع وفراق..
مسَّدَ على ظهرها فلقد فتحت كلماتها أبوابَ قلبهِ الموصدة التي أتقنَ بإخفائها لسنوات.. 
-ميرال عندي أسبابي، وبعدين كنت إتجوزي حد قالِّك تستني دا كلُّه.. 
اتسعَ بؤبؤُ عينيها، وشعرت بصقيعٍ بكافةِ أجزاءِ جسدها.. 
-بجد يعني مكنشِ هيفرق معاك؟!.. 
-يفرق معايا، ليه..واحدة كلِّ شوية تتنطَّط من هنا لهنا مع واحد شكل، أزعل عليها ليه وهي دايسة بالقوي..

+
    
رفعت رأسها واغروقت عينيها بماءِ الندمِ قائلة:
-مكنتش قاصدة أزعَّلك أو أقلِّ منَّك أبدًا، أنا كنت طالبة منَّك تديني أهمية حتى لو بسيطة، بس إنتَ كنت قاسي أوي، وكلِّ اللي عليك إنِّي متخلفة ومبفهمش، تعبت أوي وتعبتني معاك،  
كنت مفكَّرة لمَّا أعمل كدا أحرَّك قلبك، بس كنت غلطانة.. 

+


اعتدلَ على الفراشِ يجذبُ ثيابهِ ورمقها بنظرةٍ جانبية:
-ميرال إنتِ جاية تتكلِّمي في الماضي ليه، إحنا اتجوزنا دلوقتي، وإنتِ حامل، ادفني الماضي، علشان لو فتحته هضايقِك صدَّقيني وهتطلعي خسرانة، مش عايز أفتكر غير إنِّك مراتي وحبيبتي وبس دلوقتي..نهضَ من فوق الفراشِ واتَّجهَ إلى الحمامِ قائلًا وهو يواليها ظهره:
-قومي اجهزي علشان هنخرج..
تنهيدةٌ عميقةٌ أخرجتها بحزن، فمهما يحدث سيظلُّ كما هو، وضعت كفَّيها على أحشائها تكلِّمُ جنينها:
-شوفت بابي دايمًا قاسي على مامي، يمكن لمَّا تيجي قلبه يحنِّ شوية.. 
استمعَ إلى حديثها بابتسامةٍ عريضة، ليلتفتَ ينظرُ إليها وهي تكلِّمُ جنينهما، هزَّ رأسهِ ومازالت ابتسامةٌ تُرسمُ على محيَّاه، تحرَّكَ دون حديث.. 

2


بعدَ فترةٍ انتهت من ارتداءِ ثيابها، دلفَ يبحثُ عنها وجدها ترتدي حذاءها، أوقفها وهو يحملُ صندوقٌ ورقيٌّ مزيَّن،  
ضيَّقت عينيها متسائلة: 
-إيه دا..سحبَ كفَّها واتَّجهَ بها إلى المقعد: 
-اقعدي علشان أشوفه كدا ..نظرَت للذي بيديهِ وهو يقومُ بفتحها، دقيقةٌ وانتهى من فتحها ليخرجَ حذاءً رياضيًا خفيفًا، جلسَ أمامها على عقبيه، ثمَّ رفعَ قدمها وألبسها إياهُ وسطَ ذهولها..رفعَ رأسهِ مبتسمًا:
-شكله حلو على رجلك، بلاش من الكعب علشان ميتعبكيش في الحمل..
استندت على كتفه، للحظات ثم توقَّفت تنظرُ إلي خطواتها تضحكُ بصوتٍ مرتفع، وأشارت على نفسها:
-ألبس أرضي، عمري ما فكَّرت فيها.. 
مطَّ شفتيهِ يطالعها بنزق، ثمَّ اقتربَ يجذبها من خصرها:
-مش عايز تريقة، كعب مش هتلبسيه، ممكن يتعبك أو توقعي وإنتِ ماشاء الله عارف حركاتك الهبلة.. 
ابتعدت عن أحضانهِ وزفرت بغيظ من كلماتهِ وأردفت ممتعضة:
-لا متخافش على ابنك هحميه ومش هأذيه أكيد، الأرضي دا معرفشِ أمشي بيه ومتحاولشِ تقنعني.. 
اتَّجهَ إلى نظارتهِ وهاتفهِ وسحب َكفَّها متَّجهًا للخارج: 
-مين قالِّك إنِّي بقنعك، أنا بقولِّك البسيه، مش باخد رأيك..توقّّفت تسحبُ يديها، وحرَّرت نفسًا ناعمًا، وهي متخصِّرة: 
-وبعدهالك ياإلياس، إنتَ كدا هتكرَّهني في الحمل، لسة يادوب عرفت إمبارح، وبدأت تحطّ قوانين أومال لمَّا يعدي كام شهر هتعمل إيه، أنا مش عايزة أغيَّر حياتي علشان الحمل.. 

+


انعقدَ لسانهِ من حديثها، فاستدارَ متحرِّكًا للخارجِ قائلًا:
-مش هنتظر كتير، العربية وصلت برَّة، ياإما نرجع مصر، توقَّفَ واستدارَ إليها: 
-متخلنيش أندم على حبِّك ياميرال، وأنا مستحيل أذيكي، ومفيش حدِّ هيخاف عليكي قدِّي، ياريت تفهمي دا..

+


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close