رواية خادمة الشيطان الفصل العاشر 10 بقلم شروق حسن
«بسم ﷲ الرحمن الرحيم»
+
احتدت عيناه بشدة من تلك الرسالة المقيتة بالنسبة له، ها قد عاد الماضي اللعين لينهش حاضره ليستعيد ذكرياته التي حاول جاهدًا القضاء عليها ودفنها ولكن دائمًا للقدر رأي أخر، صور من الماضي تجري أمام عينه، طفل صغير لم يتعدي الثانية عشر من عمره ذات ملامح طفولية بريئة، يبتسم ويجري ويلعب مع ابناء عمومته أمام منزله ليتوقف امامهم سيارتان من اللون الأسود الكالح ويهبط منها رجلان بأجساد ضخمة يقومون بأخذه عنوة عنه وسط صراخه ومقاومته ولكن هيهات فمن هو ليقاوم تلك الحوائط البشرية، ظل ينظر إليهم برعب ودموع عينه تسقط بشدة لا تجف مخبرًا إياهم بأنه يريد الذهاب لأبيه، ولكن اكثر ما اخافه هي تلك النظرات الخبيثة بأعينهم وجملة واحدة ظلت عالقة بعقله حتي الآن «اللي عمله ابوك انت اللي هتشيل تمنه».
نعم ظل متذكرًا تلك المرحلة من عمره فما حدث له يصعب محوه بصعوبة بالغة إلا بموته.
+
هز رأسه بشدة محاولًا عدم تذكر أكثر من هذا، علي صوت تنفسه بشدة وكأنه بسباق عنيف يجري به لأميال طويلة، وخطوط حمراء تكونت بعيناه البنية لتجعلها قاتمة بطريقة مرعبة، عضلات فكه المتشددة بقوة فكاد أن يكسر اسنانه، ويده التي ابيضت من شدة ضغطه عليها، من يراه يقسم بأنه يتحول لوحش كاسر من قساوة ملامحه.
+
لما عاد!! كان يحاول الإنتقام يعلم ذلك، ولكن الإنتقام فقط وليس إجباره علي العمل معهم.
+
خرجت من المرحاض لتجده يقف وسط الغرفة بملامحه المخيفة، للحظة احست بالرعب يسري بأنحاء جسدها من هيئته تلك ولكنها ذهبت إليه واضعة كفها علي طول زراعه متحدثة بتعجب:
_يزن!! مالك.. واقف كدا ليه..
+
انتقل ببصره إليها فاقترب منها متحدثًا بفحيح افعي مستعدة للإنقضاض علي فريستها:
_دلوقتي عايزك تقوليلي تعرفي مرتضي الرفاعي منين وازاي.
+
ارتعش جسدها عن ذكر اسمه وتجعدت ملامحها بقنوط فتكونت عبرات كثيفة بعينيها عندما تذكرت ما حدث معها، فزعت بقوة عندما سمعت صراخه الجحيمي بها:
_بقــــــولك انطــــــقـــي، تعررررفي زفت منيــــن.
+
تحشرج صوتها مهددًا إياها بالبكاء، فحاولت التماسك وعدم إظهار ضعفها ولكن رغمًا عنها أمام صراخه بها وتذكرها لما حدث هبطت دموعها بشدة وهي تروي له ما حدث معها بداية من عملها معه حتي محاولته للإعتداء عليها وإفلاتها منه بصعوبة بالغة بعد ان ظنت بأنها قتلته ولكن خابت ظنونها عندما نظرت خلفها وهي ترقض فرأته ينظر لها بتوعد ونظرة خبيثة لم تغفل عنها.
+
انتهت من روي ما حدث بشفاة مرتجفة فنظرت له وجدت عينه ازدات حدة من زي قبل فقالت بارتعاش:
_و. والله.. هو.. هو.
+
قطعت حديثها بخوف عندما هدر بها بغضب:
_اخــــرررررسي.
+
وعند ذلك الحد لم تحتمل اكثر من ذلك فانفجرت باكية بشدة وهي تتذكر ما حدث وصوت شهقاتها يعلو بشدة فها هي قوتها الزائفة قد انهارت امامه ليظهر ضعفها وهشاشتها.
+
لانت ملامحه قليلًا عند رؤية بكائها الكثيف، للحظة شعر بالندم يتخلله عند رؤية مظهرها هذا، وقف يتطلع إليها بحيرة فهو لا يعلم ما عليه فعله هو دائمًا لا يبالي لبكاء أحد ولكن بكائها مزق نياط قلبه ليشعر بالأسف وهذا ما جعله يتعجب من نفسه كثيرًا.
+
حمحم واقترب منها ولكنها لم تنتبه له، فزفر بضيق واضعًا يده علي ذراعها بتردد قائلًا بخفوت وصوت متوتر:
_خ.. خلاص متعيطيش، مكنتش اقصد اتعصب عليكي.
+
ولكنها زادت في بكائها مما جعله ينهر نفسه بشدة محدثًا نفسه:
_وهما بيسكتوا ازاي دول.
12
حاول التحدث مرة أخري ولكنها قاطعته ببكاء متقطع:
_انا.. انا معملتش.. حاجة والله.. هو.. هو اللي كان عايز..
قطعت جملتها ولم تستطيع إكمالها فبكت اكثر لم يجد حلًا سوا احتضانها.
+
احتضنها بحنان مربتًا علي ظهرها بهدوء قائلًا:
_خلاص اهدي.. الحمد لله محصلش حاجة وحقك هجبهولك تالت ومتلت.
2
هدأت شهقاتها قليلًا فقالت بنبرة طفولية حزينة وهي ما زالت بأحضانه:
_ما انت اللي زعقتلي وانا معملتش حاجة.
+
ابتسم وهو يهدهدها كطفلة صغيرة إلا أن هدأت تمامًا فابتعدت عنه بخجل ووجها يزينه حمرة الخجل مع البكاء فكانت لذيذة للغاية.
+
ازالت الدموع المتعلقة بأهدابها بطفولة ناظرة له بامتنان:
_شكرًا.
+
ولأول مرة يبتسم لها بحنان قائلًا بمزاح:
_مكنش شوية العصبية دول هما اللي هيخلوكي تعيطي، امال هتعملي ايه بعدين.
+
نظرت له بطرف عينها قائلة بصوت متحشرج من اثر البكاء:
_شوية!! يا جدع انت كان ناقص تاكلني.
_جت فيكي انتِ بقا.
_صحيح مقولتليش ايه اللي كان معصبك كدا، انا حسيتك زي الطور الهايج.
+
نظر لها بحدة متحدثًا وهو يجز علي اسنانه مقتربًا منها بهدوء مميت وهي تعود للخلف بتوتر:
_انتي لسانك دا ايه!! مبرد يا شيخة.
+
عادت للخلف وثغرها يزينه ابتسامة بلهاء:
_صلي عالنبي في قلبك بس دا احنا كنا بندردشوا معاك يسطا.
1
_يسطا!!
هتف بها بإستنكار فأكمل متعجبًا:
_انتي جاية من اي زريبة؟!
+
نظرت له بغضب فقالت متسرعة بحدة:
_من نفس الزريبة اللي امك جيباك منها.
32
وضعت يدها علي فاهها بصدمة مما تفوهت به ناظرة لملامح وجهه التي لا تنذ بالخير.
اقترب منها اكثر قائلًا ببسمة شيطانية وهو يقوم بخلع حزامه:
_ومالو... اوريكي انا جاي من اي زريبة.
الحادي عشر من هنا
