اخر الروايات

رواية شظايا قلوب محترقة الفصل العاشر 10 بقلم سيلا وليد

رواية شظايا قلوب محترقة الفصل العاشر 10 بقلم سيلا وليد 


                                   
"اللهم استرنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليك "

+


لن نتفق ! 
أنتَ لا يُلفِتُكَ الحَريقُ في صدري
وأنايُثير انتِبَاهِي خَدشٌ صغِيرٌ في يدِكَ ..
عَاهَدَتني ألّا تَميْلَ مع الهوى ،
يـَ كاذباً بالعهد أنت قتلتني " 💔
أيُّ كَرَمٍ هذا حيْنَ تَرَكْتَ لِي وَجَعَاً يَكْفِينِي سَبْعِينَ عَامًاً ...
أيُّ خيبة تلكَ التي عشتها أنا ..
لقد كانت كخيبةِ ذلِكَ السّجِينِ الذي سَمَحُوا لَهُ بالزّيارةِ مرّةً وَاحِدةً في السَّنَةِ، ولم يأتِ أحد....
فـ ليتنَا مِثْلَ الخَرِيف..
نَنفِضُ أوراقَ مشاعرِنا الجافَّةِ..
وكلّ ما أتمناه
أنْ تتساقَطَ أوراقُ أوجاعِنا وذكرياتنا الحزِينة..

+


لكنني...صُلْبَةٌ؛ صُلْبَةٌ جِدًا وَكَأَنَّنِي أَنْتَقِمُ مِنْ أَيَّامٍ عِشْتُ بِهَا لِيِّنَةً فَسَحَقُونِي....
تسمرَّت كالجماد، وكأنَّها تنتظرُ الطلقاتَ الناريةِ بصدرٍ رحْب، تثاقلت أنفاسها وتمنَّت أن يُصيبها اللهُ بالعمى وهي تراهُ يضعُ هويتهِ وهويةَ رؤى أمامَ المأذون..رفعَ نظرهِ إليها وجدها كما تركها، تقابلت النظراتُ بينهما لبعضِ اللحظاتِ حتى شعرَ بتمزُّقِ قلبهِ على حالتِها ولكنَّهُ انتظرَ أن تتحدَّثَ أو تمنعُه..

+


بدأ المأذونُ بكلماتهِ المعتادة، وظلَّت هي تنظرُ بداخلِ مقلتيهِ لم تقوَ على الحركةِ أو التفوُّه، كأنَّها أُصيبت بشللٍ بكاملِ جسدِها..سحبت قدميها تجرُّها بصعوبةٍ مع كلماتِ المأذونِ التي جعلت صدرها كمِرجلٍ يغلي مع قلَّةِ مياهِه..حاولت الهدوءَ أو الهروبَ أو الصُراخَ ولكنَّها لم تقو..ذهبت ببصرِها إلى سلاحهِ الموضوعِ على الطاولة، خطت كطفلٍ يتعلَّمُ السيرَ إلى أن وصلت إلى رؤى..سحبتها من ذراعيها وبلسانٍ ثقيلٍ همست بتقطُّع:
آسفة ياعمُّو الشيخ، بس عايزة أبارِك لجوزي قبلِ ماأمشي..قالتها وعينيها جامدةً تنظرُ إلى اللاشيء..
دفعت الطاولةَ قليلًا..وتوقَّفت تستندُ بظهرِها عليها، ثمَّ حاوطت عنقهِ منحنيةً إلى خاصَّتهِ لتعقِدَ علاقةً منفردةً مع بركِ عيناها التي سمحت لها بالتَّحرُّر، لحظاتٍ أو ربَّما دقيقةٍ وهو متجمِّدٌ بمكانهِ لم يتوقَّع ما تفعلُه، ظنَّ أنَّها ستثورُ أو تطلبَ الطلاق، استندت بجبينها على جبينِه، تلمسُ وجنتيهِ بكفِّها المرتعشَ وعينيها التي عانقت عيناهُ تحاولُ إخراجَ الحروف: 
حبيتَك كتير، وكِرهتَك أكتر، بس كان لازم أهاديك هديَّة فرحَك، مبروك ياوجع قلبي، هديِّتي عُمرَك ماهتنساها طول حياتَك، وكلِّ ماتيجي تحتفِل تفتكرني، قالتها وهي تجذبُ السلاحَ من جوارهِ بلحظاتٍ قليلةٍ وقامت بإطلاقِ النارَ على نفسِها، ليهبَّ فزعًا من مكانِه، يحاوطُ جسدها مذهولًا لما فعلته..افرح ياإلياس افرح أوي وإنتَ قتلتني بإيدَك، صرخةٌ شقَّت صدرهِ باسمها وهو يسقطُ معها بسقوطِ جسدِها، صرخاتٌ وصرخاتٌ إلى أن شعرَ بانقطاعِ أحبالهِ الصوتيةِ يضمُّها إلى صدره، وهو يرى موضعَ الرصاصةِ الخطير..نزل بجسده يحاوط جسدها واغروقت عيناه بالدموع مهمهمًا:
-ليه حرام عليكي..!!
مش حملِ وجعَك..رفعت كفها على موضع قلبه وهمست بتقطع 
-وجعتني لحد ماموتني..قالتها لتغمضَ عينيها.. اتسعت حدقتيه بذهول مع دموعه التي انسابت رغمًا عنه، يهز رأسه رافضًا ماصار، ضم رأسها إلى صدره، وهو يشعر بإزهاق روحه
-إلياس إلحقها لسة عايشة..رددها إسلام محاولًا رجوعه إلى وعيه..ظل يهزه بينما الآخر ظل يضمها بصمت وكأن أحدهم سيخطفها من حضنه..حاول اسلام مساعدته إلى أن
هبَّ من مكانهِ يحملُها ويخرجَ بها سريعًا..ورغم سرعة تحركه، ولكن كان يترنح بمشيه، وصل إلى السيارة مع استقلال اسلام إليها بعدما فتح بابها الخلفي

+      
جلس يضمها بقوة ينظر باكيًا
-ميرال ..ميرال، ولكن كيف تستمعُ إليهِ بعد غيابها عن الوعي بالكامل..، وضعها بهدوء، واستدار إلى القيادة، ثم جذب اسلام يخرجه من السيارة واتجه إليها 

+


وقادَها بسرعةٍ كبيرةٍ كعاصفةٍ هبَّت فجأةً ليهربَ الجميعُ للاحتماء، دقائقَ إلى أن وصلَ إلى المشفى يحملُها كالطفلِ الرضيعِ يهرولُ بخطواتٍ كبيرةٍ إلى غرفةِ الطبيب..وضعها ينظرُ لشحوبِ وجهها،
ملَّسَ على وجهها ودمعةٌ خائنةٌ تحرَّرت من جفنيهِ يهمسُ بتقطُّع:
ميرال أوعي تقتليني كدا..دفعها المسعفُ إلى داخلِ غرفةِ العملياتِ سريعًا..ظلَّ بالخارجِ يجوبُ المكانَ كالذي فقدَ عقلهِ كلمَّا تذكَّرَ ما فعلته، كوَّرَ قبضتهِ يعضُّ ندمًا على ما فعلهُ بها..هوى بعدما شعرَ بوجعٍ يغزو أضلعهِ وكأنَّهُ طُعنَ بأبشعِ الطُّرق ..توقَّفَ عندما فقدَ السيطرةَ على نفسِه، يجذُبَ خصلاتهِ يقتلِعها.. 
يودُّ أن يحطِّمَ الجدارَ ويدلفَ إليها يضمُّها لأحضانِه، لا يريدُ سوى أحضانها، وصلَ مصطفى وفريدة بعد إخبارِ إسلام، تحرَّكت بعجزٍ تنظرُ إليه:
-ميرال فين؟!...تراجعَ بجسدهِ مبتعدًا عن الجميع، لا يريدُ الحديث َمع أحدٍ يريدُ الاطمئنانَ عليها فقط، لا يريدُ سوى سماعِ صوتها، أطبقَ على جفنيهِ 
وداخلهِ بركانٌ ثائرَ الحممِ أوشكَ على الانفجار..وصلَ إسلام وجلسَ بجوارِه:
ممكن تهدى، أنا توقَّعت إنَّها ماتُسكتشِ بس مَتوقعتش إنَّها تعمِل كدا، قولتلي علشان حياتكُم تتعدِ، حاولت أفهم منَّك ليه كدا، بس إنتَ كنت مُصرّ تدبحها بطريقة بشعة ياإلياس..
إسلام مش عايز أسمع حاجة، قوم امشي من هنا..قالها غاضبًا.. 

+


عدَّةِ ساعاتٍ مرَّت عليهم كأعوامٍ إلى أن خرجَ الطبيبُ ليصلَ إليه بخطوة:
-العملية انتهت الحمدُلله، مخبِّيش عليكم الرصاصة كانت قريبة من القلب، هننتظر الساعات الجاية، إن شاءالله تعدِّي على خير...

+


-عايز أدخلَّها..قالها وعينيهِ على غرفةِ العناية ..نظرَ إليه لبعضِ اللحظاتِ بصمتٍ ثمَّ هتف:
خمس دقايق بس، استنى شوية لما يظبَّطوا أجهزِتها ..خطا إلى النافذةِ الزجاجيةِ وعينيهِ تتجوَّلُ بألمٍ فاقَ التحمُّل..توقَّفت بجوارهِ تنظرُ إليها بدموعِها تهمس:
-لو أعرف ناوي تدبحها كدا كنت منعتها تروحلَك، كانت سعيدة وبتتنطط زي الفراشة، لكن شوفها دلوقتي، شوف عمايل إيدَك، وصلَ بيها الحال تقتِل نفسها علشان فاض بيها..
استندَ برأسهِ على الزجاجِ ومازالت عيناهُ تحاكيها..
-إلياس ..استدارَ للتي تناديه، وجدها تقفُ خلفهُ بعيونٍ حزينة..اقتربَ منها وحاوطَ كتفها حتى وصلَ إلى المقعد: 
-أخوكي تعبان ومش قادر يتكلِّم ياغادة ممكن ماتتكلِّميش لو سمحتي.. 
ربتت على ظهرِه:
-سلامتَك من التعب حبيبي، أنا متأكدة ميرال هتقوم بالسلامة..نهضَ من مكانهِ بوصولِ رؤى..
-ميرال عاملة إيه..استمعت فريدة إلى صوتِها فاستدارت ترمقُها بحدَّةٍ وهدرت بها:
-البتِّ دي بتعمِل إيه هنا، دي خانت العيش والملح إيه اللي جابها، اقتربت فريدة تدفعُها بقوَّة:
-إيه جاية تطمِّني ماتت ولَّا لسة..
طنط فريدة لو سمحتي.. 
اخرسي مسمعشِ صوتَك، لكمتهُ بصدره: 
اخرس ياجبروت، على قدِّ حزني على اللي حصلَّها بس فرحانة فيك، عارف ليه، علشان ترتاح منَّك..دنت خطوةً وعينيها تخترقُ عيناهُ بنيرانٍ من قاعِ جهنَّم:
كنت عايز تموِّتها وتاخد حقَّك منِّي، أهي ماتت افرح بقى، سقَّف ياإلياس باشا، بنتِ عدوِّتَك بتصارِع الموت جوَّا، دفعتهُ بقوَّةٍ بكفَّيها الاثنين:
مراتك بتموت بسبب واحد ماشي بمبدأ آخد حقِّي من البرئء، ذنبها إيه...ذنبها إنَّها حبتَك، قولِّي ذنبها إيه؟...
وصلَ مصطفى من غرفةِ الطبيب، اقتربَ منها يجذُبها بعيدًا عن إلياس:
-فريدة اتجنِّنتي إنتِ مش شايفة حالتُه، اهدي علشان صحِّتِك.. 

+

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close