رواية هويت رجل الصعيد الجزء الثاني الفصل العاشر 10 بقلم نور زيزو
الفصل العاشر (10)
___ بعنـــوان "إغمــــاء"___
أستيقظ “نوح” صباحًا من نومه ولم يجد زوجته بجواره فجلس يمطي جسده بتكاسل ثم خرج من الغرفة ورأى “عهد” تجلس” جوار “ليلى” على السفرة و”ليلى” تخبرهم عن الشركات التى طلبت أن تقوم “عهد” بحملة أعلانية لها ثم تبسمت “ليلى” وقالت بعفوية :-
-والحدث الأهم أن جامعة سوهاج طلبت أنك تعملى ندوة هناك ومش أى ندوة دى هتكون حفلة على شرف حضورك
تبسمت “عهد” بسعادة وهى تعلم أن زوجها تخرج من هذه الجامعة ومعظم سكان البلد أولادهم وبناتهم بهذه الجامعة فهل حان الوقت التى رأى بها أهله وأقاربه وحتى أصدقاء مدى نجاح زوجته فوافقت “عهد” على الفور بهذه الحفلة لتغادر “ليلى” من الشقة فألتفت “عهد” بعد أن أغلقت الباب لترى زوجها واقفًا هناك يحدق بها فتبسمت بعفوية وقالت:-
-صباح الخير
فتح “نوح” ذراعيه إليها لتركض له بعفوية وتعانقه بحب ليضع قبلة على جبينها فقالت وهى ترفع رأسها له قائلة:-
-أنا مبسوطة جدًا
تبسم “نوح” وهو يداعب وجنتيها ثم قال:-
-وأنا معايزش غير أن أشوفك مبسوطة دايمًا
رن هاتف “نوح” من الداخل فتركها ودلف إلى الغرفة ليجيب على الهاتف وكان والده فسأله بطريقة مباشرة
-مرتك عاملة أيه يا ولادى
-بخير الحمد لله
قالها نوح وهو يجلس على الفراش بتكاسل لكنه صُدم عندما قال على بنبرة قلق:-
-إحنا لاجينا الأزازة بس فاضية أتوكد يا ولدى أن مرتك وولدك زين
فزع “نوح” من مكانها وذهب للخارج ركضًا بذعر خوف من أن يكن قد تأخر بالفعل فى القبض على “تاج” وتكون هذه الحية الماكرة أعطت زوجته السحر لكى تُقتل طفلهم وعندما خرج صُدم عندما رأى “عهد” على الأرض فاقدة للوعى وملابسها غارقة بالدماء فأتسعت عينيه على مصراعيها بصدمة ممزوجة بالخوف وأسرع نحو زوجته ورفع رأسها على ذراعه مُحاولاً إفاقتها لكن لا جدوي من المحاولة حملها على ذراعيه وذهب إلى المستشفى....
____________________
خرجت “عليا” من غرفتها لكى تودع زوجها قبل أن يذهب للعمل وقالت:-
-أنا شوية كدة قبل ميعاد خروجك بساعة هلبس وأروح عند مامتك عشان أقعد معها شوية وأنت لما تخلص حصلنا على هناك
أومأ “عمر” إليها بنعم ثم قال:-
-حاضر يا حبيبتى، خلى بالك من نفسك
هزت رأسها له بالموافقة ليضع قبلة على جبينها ثم غادر الشقة ودلفت “عليا” للداخل وأخذت “يونس” إلى المرحاض ووضعت فى حوض الأستحمام وبعد أن أنتهت من اللعب معه وخرجت لتساعده فى أرتدي ملابسه وبدلت هى الأخرى ملابسها رن هاتفها برقم “نوح” لتجيب بنبرة لطيفة قليلًا:-
-أزيك يا نوح
أتسعت عينيها على مصراعيها بقوة بعد أن أخبرها بوجود “عهد” فى المستشفى لتخرج من شقتها مُتجهة إلى المستشفى المحددة وعندما وصلت إلى هناك بحثت عنه كثيرًا وأخيرًا وجدته يقف أمام باب غرفة العمليات مهمومًا وحزين بعد أخبره الطبيب بأن الطفل توفي داخل رحم والدته وأخذها إلى غرفة العمليات، أقتربت “عليا” منه بقلق وسألت بخوف:-
-عهد مالها؟
أجابها بنبرة منكسرة وحزينة:-
-أجهضت
شهقت “عليا” بذعر ووضعت يدها على فمها بخوف وحزن ووقفت تنتظر خروج أختها من غرفة العمليات و”نوح” كان بعالم أخر يفكر كيف سينتقم لقتل طفله وأذية زوجته من هذان الأثنين “تاج” و”خالد” هل سيكفى أن يحرقهما أحياء أم يدفنهم أحياء، قلبه يتعصر الوجع والحزن فهو لم يرتكب ذنب يستحق عليه قتل طفله داخل رحم والدته قبل أن يولد ويخرج للحياة، فتح باب غرفة العمليات فهرع “نوح” إلى زوجته وكانت “عهد” فاقدة للوعى على التروالى لتتدمع عيني “نوح” بعد رؤية زوجته الحبيبة مريضة وقد خسرت طفلها بسبب عائلته ومكرهم والكره الموجود بداخل قلوبهم تجاهه، أخذوها إلى غرفتها وظلت “عليا” جوارها بخوف على أختها بعد أن تستيقظ وتعلم بخسارة الجنين ام عن “نوح” كان واقفًا قرب الشرفة ينظر بالخارج ويفكر بشرود كيف يجلب حق ابنه من قاتله فهو لن يتنازل عن فعلتهما ودلفت الممرضة للغرفة ثم قالت:-
-الدكتور كان عايز الوصي على المريضة
نظرت “عليا” بقلق إلى الممرضة بينما تحرك “نوح” لكى يخرج من الغرفة وذهب إلى مكتب الطبيب ثم أخذ نفس عميق وسم باسم الله ودلف للداخل بقلب مرتجف رغم صمود جسده القوي فجلس أمام المكتب ليبدأ الطبيب بالحديث قائلًا:-
-حضرتك الوصي عليها
أومأ “نوح” إليه وقال:-
-اه جوزها
تنهد الطبيب بأسف ثم قال:-
-طب كنت عايز أوضح لحضرتك حاجة مهمة في حالة المدام
نظر “نوح” للطبيب بقلق وأزدرد لعابه الجاف في حلقه بخوف ليتابع الطبيب قائلًا:-
-مدام عهد ...
قطعه “نوح” بنبرة قوية ممزوجة بالغضب الموجود بداخله يسأل الطبيب:-
-حضرتك داكتور يعنى تعرف تعالجها وتعرف السبب اللى عمل فيها أكدة، أنا عايز أعرف هي شربت اللى شربته ميتة
تبسم الطبيب بعفوية رغم حزنه مما لديه ثم قال:-
-هي شربت حاجة؟
سأل “نوح” بقلق وهو يحدق بالطبيب وعقله على وشك الأنفجار من التخمين والتفكير:-
-أمال في ايه؟
-أنا قدامي الملف الطبي بتاع المدام وعلى حسب المذكور أنها زرع كبد
أومأ “نوح” عليه بنعم فتابع الطبيب:-
-الدكتور اللى عملها عملية الزرع منبه عليكم من الحمل
-لا حصل
تابع الطبيب بهدوء شديد قائلًا:-
-الحالة الصحية للمدام متسمحش بالحمل والموجود اللى بتعمله دا كله سفر لمسافة طويلة وقاعدة أو واقفة كتير ودا سبب النزيف اللى حصل، مدام عهد محتاجة راحة تامة وإحنا وقفنا النزيف والجنين بخير الحمد لله
أتسعت عيني “نوح” على مصراعيها بدهشة من هذا الخبر فما زال طفله بخير وينبض بداخل رحم والدته فتبسم بعفوية وهذه الكلمة الأخيرة كانت كفيلة بأمتصاص أي غضب من داخله فودع الطبيب بسعادة وركض إلى غرفتها ليراها قد أستيقظت وتبكي بأنهيار شديد بين ذراعي أختها ليقترب نحوها بلطف لتدفعه بقوة وهى تصرخ بأنهيار على فقد طفلها وتقول:-
-سيبنى وأمشي يا نوح
أخذ يديها فى راحتى يده وقال بلطف:-
=أهدئي يا عهدى ماشي أهدئي يا حبيبة قلبى وكله هيتحل
تحدث مرة أخرى وسط بكاءها الشديد ودموعها التى بللت وجنتيها كاملة وأحمرار أنفها:-
-أمشي يا نوح، أنا مبجبلكش غير المشاكل بس من يوم ما عرفتنى وأنا مشكلة ليك
شعر بأنتفض جسدها وهى تدفعه فى صدره بقوة بعد أن سرقت يديها من يديه، نظر ليديها التى تدفعه بهدوء، رغم دفعها إلا أنها تتشبث بعباءته مغلقة الأنامل عليها بإحكام، تلفظ بالرحيل وجسدها يتشبث بالبقاء فوضع يده على وجهها يجفف دموعها بلطف وأبهامه يمر على وجنتيها ثم قال بنبرة واهنة مُتألم لرؤيتها مُنكسرة هكذا:-
-والله أن أنطبجت السماء على الأرض ما ههملك لحالك وأمشي، كام جُندى خلف العهد وساب حربه عشان شوية تراب من العدو، أنا ما هخلفش عهدى يا عهد، كيف أهمل وصية حبيب الله ها..
كانت تبكي بأنهيار شديد مُعتقدة بأنها السبب فى موت طفلها ليمسح “نوح” على رأسها بحنان وقال:-
-ممكن تهدي بجى شوية عشان الزعل دا كله غلط على البيبى
نظرت “عليا” إليه بدهشة وهكذا “عهد” التى دهشت من جملته ورفعت يدها تمسح وجنتها وذقنها من الدموع لتقول:-
-أنت جولت أيه؟
-جولت تخلى بالك من اللى فى بطنك أمال وتبطلى بكي بجى
ضحكت “عهد” بسعادة من هذا الحديث وتسللت خارج حضنه ويديها تلمس بطنها بلطف وكيف لها ان تصدق هذا الحديث وتنكر شعورها بطفلها الصغير داخل رحمها، ظل “نوح” جوارها يمسح على رأسها بلطف وربت عليها بدلال كي يمتص كل الزعل والحزن من داخلها وهكذا الطاقة السلبية التى ربما تُنقل إلى طفلهما وتتأثر نفسيته بنفسية والدته، شعرت “عهد” بروحها تُرد إلى جسدها بهذا الدلال الموجود بعفوية داخله..
_________________
جمعت “فاتن” أغراض “أسماء” ثم وضعتها فى الحقيبة بعد ان تم تصريح ابنتها من المستشفى، كانت “أسماء” جالسة على الفراش مُرتدية بنطلون أسود وقميص نسائي أبيض اللون وطويل يصل لأسفل ركبتها وفضفاض ووضعت حجاب بسيطة على رأسها رغم ظهور غرة رأسها من الأمام وشعرها من الأسفل فى الخلف وكنت تنظر بهاتفها بتوتر وكأنها مُنتظرة أتصال من احد، لم يأتيها اتصال او رسالة منه مما أحزن “أسماء” كثيرًا، فتح باب الغرفة لترفع “أسماء” عينيها بلهفة ورسمت بسمة على شفتيها بسعادة وإشراق لكنها سرعان ما تلاشت هذه البسمة وأنطفت اللهفة عندما رأت “على” يقف على الباب وقد جاء لأخذها من المستشفى، وضعت يدها فى يد عمها ثم أخذها وخرجوا معًا من الغرفة لتقول:-
-تعبتك ويايا يا عمي
نظر “على” لها بحماس وقال:-
-واااا أيه اللى بتجولي دا يا بتى دا أنتِ بتى اللى مخلفتهاش
تبسمت بلطف ثم ضغطت “فاتن” على زر المصعد ووقفوا ينتظروا المصعد مع بقية الركاب وبعد دقائق فتح الباب لترى “نادر” بالداخل فألتزمت الصمت وحاولت السيطرة على نبضات قلبها وأخفاءها جيدًا عنه ودخلت المصعد مع عمها ووالدتها ودخل معهم بعض الركاب ليعم الصمت لكنها شعرت بشيء يداعب يدها بخفة لتنظر للأسفل فرأت يده تلامس يدها لتنظر إلى “على” بقلق ولم تقاوم “نادر” أو تشاجره ثم شعرت به يضع شيء فى يدها ثم ترجل من المصعد وتركها بالداخل، صعدت بالمقعد الخلفي للسيارة لتجلس “فاتن” مع “على” فى الأمام لتستغل “أسماء” الفرصة وتفتح يدها لترى ورقة صغيرة فتحتها بلطف وقرأتها كان بها (هستني أتصالك)
تبسمت “أسماء” بخفة وأخفت الورقة فى جيب ملابسها وكان “على” يقود” السيارة حتى وصل إلى المنزل، دلف معهم للداخل و”فاتن” تمسك يد ابنتها ليصدم الجميع بعودة “نوح” وزوجته من القاهرة، وقف الجميع من مكانهم فى الصالون وينظروا إلى “أسماء” بينما تشبثت “عهد” بيد زوجها بقلق وتطلع “نوح” بها بصمت فطيلة فترة مرضها وبقائها فى المستشفى لم يذهب لزيارتها مرة واحدة، شعر الجميع بالقلق من مقابلة ”أسماء" له بعد الحادثة لكن بدا الأمر كأنها تراه لأول مرة الآن فظلت “أسماء” واقفة مع والدتها تشعر بالغربة فى هذا المنزل وهى لا تملك عنه شيء فى ذكرياتها فأشارت “سلمى” على “نوح” تقول:-
-دا نوح ولدى ومرته عهد
تبسمت “أسماء” بعفوية إليهما وقالت بتلقائية ساحرة:-
-واا أخيرًا جابلتك صدعولي دماغي بولد عمي كبير العيلة
أومأ “نوح” إليها بنعم صامتًا بينما “عهد” كانت فى عالم أخر وتشفق على حال هذه الفتاة التى يبدو أن قلبها لفظ “نوح” خارجًا أخيرًا لكن المقابل كان نسيانها لكل سنوات حياتها وكأنها ولدت من جديد للتو لكن بنفس اللحظة شعرت “عهد” بأرتياح وتنفست الصعداء فأخيرًا سيعم الهدوء والسلام بداخل المنزل فلن تبكي “أسماء” حزنًا ولن تقبل “فاتن” على أزعاج “عهد” من أجل ابنتها العاشق لتقول:-
-حمد الله على السلامة
تبسمت “أسماء” بلطف وهى تجيب عليها قائلة:-
-الله يسلمك
أستاذنت “فاتن” لكى تأخذ أبنتها وتصعد فصعدوا لتقول “سلمى” بهدوء:-
-ربنا بيحبك يا ولدى
تبسم “نوح” بصمت دون أن بلفظ بحرف واحد ثم صعد إلى الدرج لتستأذن “عهد” وتصعد خلفه سريعًا ثم دخلت للغرفة لتراه يفك أزرار قميصه الأسود بعقل شارد لتقول بقلق:-
-نوح أنت زعلان عشان اللى حصل لأسماء
ألتف “نوح” إليها مذهولًا من سؤالها وكان قميصه مفتوح فتنهد بسخرية وهو يقول:-
-أنتِ واعية للى بتجولي يا عهد؟ أنا أيه اللى هيزعلنى أن شاء الله
صاحت “عهد” بأنفعال شديد تقول:-
-أنت مشوفتش وشك قلب أزاى أول ما دخلت علينا
أقترب “نوح” منها بهدوء صامتًا ثم توقف أمامها وقال بضيق شديد:-
-أنتِ محساش أن أنا السبب فى اللى جرالها ولا أيه، البنت بجت عاملة زى الطفلة اللى عندها خمس سنين بسببى
عقدت “عهد” ذراعيها امام صدرها بأختناق شديد لتقول:-
-والله مشوفتكش وأنت بترميها من الشباك ولا حاجة
هز “نوح” رأسه بضيق غير مصدق ما يسمعه من زوجته ثم قال بشجن ونبرة غليظة:-
-هو لازم أكون أنا الجاتل عشان يبجى الذنب ذنبي، البيت كله شايف أنى السبب فى اللى جرالها وأنتِ الوحيدة اللى شايفة أن ماليش ذنب
صرخت “عهد” بأختناق وهى تفك عقدة ذراعيها:-
-أنا ماليش دعوة وبعدين بتلسم عليها بالأيد وفرحان أوى، هى فين أيدك دى اللى سلمت بيها ها
أخذت يده اليمني فى يدها ثم ذهبت إلى المرحاض غاضبة والغيرة تأكل قلبها من الداخل وتحرقه نيرانها حتى وصلت للمرحاض ودلفت ووضعت يده تحت صنوبر المياه وبدأت تغسلها بقوة بالغسول وتفركها بقوة وكأنها ترغب بأنتزاع جلده التى لمس يد امرأة أخرى بينما “نوح” كان يتابعها بصمت وعينيه تخترق ملامحها الغاضبة فرغم غضبها كانت الغيرة تزين وجهها وتزيده جمالًا لتشعر بيده اليسري ترفع خصلات شعرها التى تحجب عنه الرؤية ويضعها خلف أذنيها فرفعت “عهد” رأسها إليه لتستقبل قبلة منه على جبينها بحب، قبلة أمتصت كل الغضب وأخمدت نيران الغيرة الملتهبة بداخلها ليبتعد “نوح” عنه وتقول:-
-نوح
جذب يده من يدها وقال:-
-أنا جولتلك جبل أكدة انك جميلة جوي فى غضبك يا عهد
نظرت لعينيه بصمت ليحملها على ذراعيه ويسير للخارج فقالت بتذمر:-
-أنا مش هتصالح كدة على فكرة
أجابها وهو يسير بها بخطوات ثابتة قائلًا:-
-متسبجيش الأحداث يا عهدي أنا هعتذر على طريجتى بعدها نشوف هتتصالحي ولا لا
خجلت من حديثه لتلف ذراعيها حول عنقه بدلال وقالتبعناد:-
-مش هتصالح برضو
ضحك “نوح” بقوة عليها ثم أنزلها على الفراش برفق وجلس جوارها يداعب خصلات شعرها بأنامله بأثارة ونعومة...
__________________
كانت “أسماء” جالسة على المقعد فى الحديقة وتمسك الهاتف فى يدها لتفكر فى الأتصال به أم لا ليأتيها صوت أنثوي من الخلف يقول:-
-ممكن أقعد معاكي
ألتفت لترى وجه “عهد” فأومأت لها بنعم ثم جلست “عهد” وقالت:-
-أنا أسفة لو هزعجك
-لا مفيش حاجة
تبسمت “عهد” بعفوية ثم قالت بلطف:-
-أنا أسمي عهد
-أتشرفت بيكي
أكتفت “عهد” بالبسمة ثم نظرت فى التابلت الخاص بها تشاهد الفيديو الجديد لها التى رفعته “ليلى” من ساعة لتشعر بأحد يجلس جوارها فرفعت نظرها لترى “أسماء” وقفت من مكانها وجلست جوارها تنظر للفيديو وعندما رمقتها “عهد” شعرت “أسماء” بحرج لتقول:-
-أنا أسفة
هزت “عهد” رأسها بلا وقدمت التابلت لها وقالت:-
-أتفرجي
جلست “أسماء” تشاهد الفيديو وتسمع حديث “عهد” عن أساس نجاح العلاقة وبعد أن أنتهي الفيديو قالت “أسماء”:-
-دى أنتِ صح
أومأت “عهد” إليها بنعم ثم بدأت تعرفها بعملها وما تفعله لتبتسم “أسماء” بحماس ثم قالت:-
-طب أنا ممكن اخد رأيك فى حاجة؟
أومأت “عهد” إليها بنعم ثم قالت بعفوية:-
-أيوة طبعًا
قصت لها ما حدث معها من “نادر” وما تشعر به وجلست تنتظر رد “عهد” …..
_________________
دخل “نوح” من الباب ليرى “خالد” مُقيد فى الأرض ووجه ملأ بالكدمات والجروح و”تاج” أخرجها الرجال من الصندوق وقيدوها أرضًا ليقترب خلف منه ويقول:-
-حاول يهرب مننا
ضحك “نوح” بسخرية وهو يجلس على المقعد أمامه وقال:-
-وغبائك جالك ان حتى لو أخترت الهرب وتجتل مرتك وولدك أنا ههملك أكدة تهرب مثلًا
صاح “خالد” بغضب سافر مكبوح بداخله وقد فاض به التحمل ولا يقوى على تحمل الأمر أكثر:-
-فكى يا نوح وتعالى نجف قصاد بعض رجل لرجل وأنا أوريك بكفايك تكون جبان وتتحامي فى رجالتك
ضحك “نوح” أكثر ثم قال ببرود شديد:-
-وااا يا ولد عمى أنت متعرفنيش زين ولا أيه، متعرفش أن الطريجة مهتستفزنيش وتخرجنى عن شعورى وأجول أيوة فكوا والنبى عشان أثبت له أنى أجوى...لا يا خالد من غير أثبت أنا أجوى ومهفكش وهتحامي فى رجالتى أنا حر ومستمتع أكدة 24 جيراط وفدان كمان
كز “خالد” أسنانه بضيق شديد ليتابع “نوح” قائلًا:-
-بس تعرف اللى يجهر بجد أن محدش برا بيدور عليك ولا حتى مهتم سواء أنت عايش ولا ميت لأنك من الأساس مالكش حد برا غير أمك وتجولت مهيش فاكرك وبتجولى يا ولدى فريح أكدة وأهدى عشان مجتلكش بجد ومحدش هيحس بغيابك ولا هيفرق لحد فراجك
أستشاط “خالد” غضبًا من هذا الحديث ليغادر “نوح” مُبتسمًا بعد أن أحرق روحه بحديثه وكلماته ثم تركه ورحل ليركل “خالد” الرمل بقدميه بأنفعال مكبوح لا يستطيع حتى أخراج هذا الغضب سواء أراد ذلك أو لا فهو ليس حرًا فى تصرفاته بل كالأسير الذي يُعد عليه أنفاسه وفى تلك اللحظة أدرك “خالد” مدى قوة “نوح” وكيف لم يراه بهذه القوة من قبل، هل هذا كان بسبب غفران “نوح” الدائم لأفعاله أم لهدوءه وشخصيته القوية فى كبح غضبها وأوجاعها وماهرة شخصيته فى الصمود والتحمل ليشعر “خالد” بالخوف من “نوح” وبدأ قلبه يرتجف خوفًا من أقتراب الموت منه لينظر إلى “تاج” الجالسة هناك صامتة وتبكي بأنهيار وهى تتذكر القارورة وأين أفرغتها لتعود بالذاكرة ….....
يتبـــــــــــــــــع.....
___ بعنـــوان "إغمــــاء"___
أستيقظ “نوح” صباحًا من نومه ولم يجد زوجته بجواره فجلس يمطي جسده بتكاسل ثم خرج من الغرفة ورأى “عهد” تجلس” جوار “ليلى” على السفرة و”ليلى” تخبرهم عن الشركات التى طلبت أن تقوم “عهد” بحملة أعلانية لها ثم تبسمت “ليلى” وقالت بعفوية :-
-والحدث الأهم أن جامعة سوهاج طلبت أنك تعملى ندوة هناك ومش أى ندوة دى هتكون حفلة على شرف حضورك
تبسمت “عهد” بسعادة وهى تعلم أن زوجها تخرج من هذه الجامعة ومعظم سكان البلد أولادهم وبناتهم بهذه الجامعة فهل حان الوقت التى رأى بها أهله وأقاربه وحتى أصدقاء مدى نجاح زوجته فوافقت “عهد” على الفور بهذه الحفلة لتغادر “ليلى” من الشقة فألتفت “عهد” بعد أن أغلقت الباب لترى زوجها واقفًا هناك يحدق بها فتبسمت بعفوية وقالت:-
-صباح الخير
فتح “نوح” ذراعيه إليها لتركض له بعفوية وتعانقه بحب ليضع قبلة على جبينها فقالت وهى ترفع رأسها له قائلة:-
-أنا مبسوطة جدًا
تبسم “نوح” وهو يداعب وجنتيها ثم قال:-
-وأنا معايزش غير أن أشوفك مبسوطة دايمًا
رن هاتف “نوح” من الداخل فتركها ودلف إلى الغرفة ليجيب على الهاتف وكان والده فسأله بطريقة مباشرة
-مرتك عاملة أيه يا ولادى
-بخير الحمد لله
قالها نوح وهو يجلس على الفراش بتكاسل لكنه صُدم عندما قال على بنبرة قلق:-
-إحنا لاجينا الأزازة بس فاضية أتوكد يا ولدى أن مرتك وولدك زين
فزع “نوح” من مكانها وذهب للخارج ركضًا بذعر خوف من أن يكن قد تأخر بالفعل فى القبض على “تاج” وتكون هذه الحية الماكرة أعطت زوجته السحر لكى تُقتل طفلهم وعندما خرج صُدم عندما رأى “عهد” على الأرض فاقدة للوعى وملابسها غارقة بالدماء فأتسعت عينيه على مصراعيها بصدمة ممزوجة بالخوف وأسرع نحو زوجته ورفع رأسها على ذراعه مُحاولاً إفاقتها لكن لا جدوي من المحاولة حملها على ذراعيه وذهب إلى المستشفى....
____________________
خرجت “عليا” من غرفتها لكى تودع زوجها قبل أن يذهب للعمل وقالت:-
-أنا شوية كدة قبل ميعاد خروجك بساعة هلبس وأروح عند مامتك عشان أقعد معها شوية وأنت لما تخلص حصلنا على هناك
أومأ “عمر” إليها بنعم ثم قال:-
-حاضر يا حبيبتى، خلى بالك من نفسك
هزت رأسها له بالموافقة ليضع قبلة على جبينها ثم غادر الشقة ودلفت “عليا” للداخل وأخذت “يونس” إلى المرحاض ووضعت فى حوض الأستحمام وبعد أن أنتهت من اللعب معه وخرجت لتساعده فى أرتدي ملابسه وبدلت هى الأخرى ملابسها رن هاتفها برقم “نوح” لتجيب بنبرة لطيفة قليلًا:-
-أزيك يا نوح
أتسعت عينيها على مصراعيها بقوة بعد أن أخبرها بوجود “عهد” فى المستشفى لتخرج من شقتها مُتجهة إلى المستشفى المحددة وعندما وصلت إلى هناك بحثت عنه كثيرًا وأخيرًا وجدته يقف أمام باب غرفة العمليات مهمومًا وحزين بعد أخبره الطبيب بأن الطفل توفي داخل رحم والدته وأخذها إلى غرفة العمليات، أقتربت “عليا” منه بقلق وسألت بخوف:-
-عهد مالها؟
أجابها بنبرة منكسرة وحزينة:-
-أجهضت
شهقت “عليا” بذعر ووضعت يدها على فمها بخوف وحزن ووقفت تنتظر خروج أختها من غرفة العمليات و”نوح” كان بعالم أخر يفكر كيف سينتقم لقتل طفله وأذية زوجته من هذان الأثنين “تاج” و”خالد” هل سيكفى أن يحرقهما أحياء أم يدفنهم أحياء، قلبه يتعصر الوجع والحزن فهو لم يرتكب ذنب يستحق عليه قتل طفله داخل رحم والدته قبل أن يولد ويخرج للحياة، فتح باب غرفة العمليات فهرع “نوح” إلى زوجته وكانت “عهد” فاقدة للوعى على التروالى لتتدمع عيني “نوح” بعد رؤية زوجته الحبيبة مريضة وقد خسرت طفلها بسبب عائلته ومكرهم والكره الموجود بداخل قلوبهم تجاهه، أخذوها إلى غرفتها وظلت “عليا” جوارها بخوف على أختها بعد أن تستيقظ وتعلم بخسارة الجنين ام عن “نوح” كان واقفًا قرب الشرفة ينظر بالخارج ويفكر بشرود كيف يجلب حق ابنه من قاتله فهو لن يتنازل عن فعلتهما ودلفت الممرضة للغرفة ثم قالت:-
-الدكتور كان عايز الوصي على المريضة
نظرت “عليا” بقلق إلى الممرضة بينما تحرك “نوح” لكى يخرج من الغرفة وذهب إلى مكتب الطبيب ثم أخذ نفس عميق وسم باسم الله ودلف للداخل بقلب مرتجف رغم صمود جسده القوي فجلس أمام المكتب ليبدأ الطبيب بالحديث قائلًا:-
-حضرتك الوصي عليها
أومأ “نوح” إليه وقال:-
-اه جوزها
تنهد الطبيب بأسف ثم قال:-
-طب كنت عايز أوضح لحضرتك حاجة مهمة في حالة المدام
نظر “نوح” للطبيب بقلق وأزدرد لعابه الجاف في حلقه بخوف ليتابع الطبيب قائلًا:-
-مدام عهد ...
قطعه “نوح” بنبرة قوية ممزوجة بالغضب الموجود بداخله يسأل الطبيب:-
-حضرتك داكتور يعنى تعرف تعالجها وتعرف السبب اللى عمل فيها أكدة، أنا عايز أعرف هي شربت اللى شربته ميتة
تبسم الطبيب بعفوية رغم حزنه مما لديه ثم قال:-
-هي شربت حاجة؟
سأل “نوح” بقلق وهو يحدق بالطبيب وعقله على وشك الأنفجار من التخمين والتفكير:-
-أمال في ايه؟
-أنا قدامي الملف الطبي بتاع المدام وعلى حسب المذكور أنها زرع كبد
أومأ “نوح” عليه بنعم فتابع الطبيب:-
-الدكتور اللى عملها عملية الزرع منبه عليكم من الحمل
-لا حصل
تابع الطبيب بهدوء شديد قائلًا:-
-الحالة الصحية للمدام متسمحش بالحمل والموجود اللى بتعمله دا كله سفر لمسافة طويلة وقاعدة أو واقفة كتير ودا سبب النزيف اللى حصل، مدام عهد محتاجة راحة تامة وإحنا وقفنا النزيف والجنين بخير الحمد لله
أتسعت عيني “نوح” على مصراعيها بدهشة من هذا الخبر فما زال طفله بخير وينبض بداخل رحم والدته فتبسم بعفوية وهذه الكلمة الأخيرة كانت كفيلة بأمتصاص أي غضب من داخله فودع الطبيب بسعادة وركض إلى غرفتها ليراها قد أستيقظت وتبكي بأنهيار شديد بين ذراعي أختها ليقترب نحوها بلطف لتدفعه بقوة وهى تصرخ بأنهيار على فقد طفلها وتقول:-
-سيبنى وأمشي يا نوح
أخذ يديها فى راحتى يده وقال بلطف:-
=أهدئي يا عهدى ماشي أهدئي يا حبيبة قلبى وكله هيتحل
تحدث مرة أخرى وسط بكاءها الشديد ودموعها التى بللت وجنتيها كاملة وأحمرار أنفها:-
-أمشي يا نوح، أنا مبجبلكش غير المشاكل بس من يوم ما عرفتنى وأنا مشكلة ليك
شعر بأنتفض جسدها وهى تدفعه فى صدره بقوة بعد أن سرقت يديها من يديه، نظر ليديها التى تدفعه بهدوء، رغم دفعها إلا أنها تتشبث بعباءته مغلقة الأنامل عليها بإحكام، تلفظ بالرحيل وجسدها يتشبث بالبقاء فوضع يده على وجهها يجفف دموعها بلطف وأبهامه يمر على وجنتيها ثم قال بنبرة واهنة مُتألم لرؤيتها مُنكسرة هكذا:-
-والله أن أنطبجت السماء على الأرض ما ههملك لحالك وأمشي، كام جُندى خلف العهد وساب حربه عشان شوية تراب من العدو، أنا ما هخلفش عهدى يا عهد، كيف أهمل وصية حبيب الله ها..
كانت تبكي بأنهيار شديد مُعتقدة بأنها السبب فى موت طفلها ليمسح “نوح” على رأسها بحنان وقال:-
-ممكن تهدي بجى شوية عشان الزعل دا كله غلط على البيبى
نظرت “عليا” إليه بدهشة وهكذا “عهد” التى دهشت من جملته ورفعت يدها تمسح وجنتها وذقنها من الدموع لتقول:-
-أنت جولت أيه؟
-جولت تخلى بالك من اللى فى بطنك أمال وتبطلى بكي بجى
ضحكت “عهد” بسعادة من هذا الحديث وتسللت خارج حضنه ويديها تلمس بطنها بلطف وكيف لها ان تصدق هذا الحديث وتنكر شعورها بطفلها الصغير داخل رحمها، ظل “نوح” جوارها يمسح على رأسها بلطف وربت عليها بدلال كي يمتص كل الزعل والحزن من داخلها وهكذا الطاقة السلبية التى ربما تُنقل إلى طفلهما وتتأثر نفسيته بنفسية والدته، شعرت “عهد” بروحها تُرد إلى جسدها بهذا الدلال الموجود بعفوية داخله..
_________________
جمعت “فاتن” أغراض “أسماء” ثم وضعتها فى الحقيبة بعد ان تم تصريح ابنتها من المستشفى، كانت “أسماء” جالسة على الفراش مُرتدية بنطلون أسود وقميص نسائي أبيض اللون وطويل يصل لأسفل ركبتها وفضفاض ووضعت حجاب بسيطة على رأسها رغم ظهور غرة رأسها من الأمام وشعرها من الأسفل فى الخلف وكنت تنظر بهاتفها بتوتر وكأنها مُنتظرة أتصال من احد، لم يأتيها اتصال او رسالة منه مما أحزن “أسماء” كثيرًا، فتح باب الغرفة لترفع “أسماء” عينيها بلهفة ورسمت بسمة على شفتيها بسعادة وإشراق لكنها سرعان ما تلاشت هذه البسمة وأنطفت اللهفة عندما رأت “على” يقف على الباب وقد جاء لأخذها من المستشفى، وضعت يدها فى يد عمها ثم أخذها وخرجوا معًا من الغرفة لتقول:-
-تعبتك ويايا يا عمي
نظر “على” لها بحماس وقال:-
-واااا أيه اللى بتجولي دا يا بتى دا أنتِ بتى اللى مخلفتهاش
تبسمت بلطف ثم ضغطت “فاتن” على زر المصعد ووقفوا ينتظروا المصعد مع بقية الركاب وبعد دقائق فتح الباب لترى “نادر” بالداخل فألتزمت الصمت وحاولت السيطرة على نبضات قلبها وأخفاءها جيدًا عنه ودخلت المصعد مع عمها ووالدتها ودخل معهم بعض الركاب ليعم الصمت لكنها شعرت بشيء يداعب يدها بخفة لتنظر للأسفل فرأت يده تلامس يدها لتنظر إلى “على” بقلق ولم تقاوم “نادر” أو تشاجره ثم شعرت به يضع شيء فى يدها ثم ترجل من المصعد وتركها بالداخل، صعدت بالمقعد الخلفي للسيارة لتجلس “فاتن” مع “على” فى الأمام لتستغل “أسماء” الفرصة وتفتح يدها لترى ورقة صغيرة فتحتها بلطف وقرأتها كان بها (هستني أتصالك)
تبسمت “أسماء” بخفة وأخفت الورقة فى جيب ملابسها وكان “على” يقود” السيارة حتى وصل إلى المنزل، دلف معهم للداخل و”فاتن” تمسك يد ابنتها ليصدم الجميع بعودة “نوح” وزوجته من القاهرة، وقف الجميع من مكانهم فى الصالون وينظروا إلى “أسماء” بينما تشبثت “عهد” بيد زوجها بقلق وتطلع “نوح” بها بصمت فطيلة فترة مرضها وبقائها فى المستشفى لم يذهب لزيارتها مرة واحدة، شعر الجميع بالقلق من مقابلة ”أسماء" له بعد الحادثة لكن بدا الأمر كأنها تراه لأول مرة الآن فظلت “أسماء” واقفة مع والدتها تشعر بالغربة فى هذا المنزل وهى لا تملك عنه شيء فى ذكرياتها فأشارت “سلمى” على “نوح” تقول:-
-دا نوح ولدى ومرته عهد
تبسمت “أسماء” بعفوية إليهما وقالت بتلقائية ساحرة:-
-واا أخيرًا جابلتك صدعولي دماغي بولد عمي كبير العيلة
أومأ “نوح” إليها بنعم صامتًا بينما “عهد” كانت فى عالم أخر وتشفق على حال هذه الفتاة التى يبدو أن قلبها لفظ “نوح” خارجًا أخيرًا لكن المقابل كان نسيانها لكل سنوات حياتها وكأنها ولدت من جديد للتو لكن بنفس اللحظة شعرت “عهد” بأرتياح وتنفست الصعداء فأخيرًا سيعم الهدوء والسلام بداخل المنزل فلن تبكي “أسماء” حزنًا ولن تقبل “فاتن” على أزعاج “عهد” من أجل ابنتها العاشق لتقول:-
-حمد الله على السلامة
تبسمت “أسماء” بلطف وهى تجيب عليها قائلة:-
-الله يسلمك
أستاذنت “فاتن” لكى تأخذ أبنتها وتصعد فصعدوا لتقول “سلمى” بهدوء:-
-ربنا بيحبك يا ولدى
تبسم “نوح” بصمت دون أن بلفظ بحرف واحد ثم صعد إلى الدرج لتستأذن “عهد” وتصعد خلفه سريعًا ثم دخلت للغرفة لتراه يفك أزرار قميصه الأسود بعقل شارد لتقول بقلق:-
-نوح أنت زعلان عشان اللى حصل لأسماء
ألتف “نوح” إليها مذهولًا من سؤالها وكان قميصه مفتوح فتنهد بسخرية وهو يقول:-
-أنتِ واعية للى بتجولي يا عهد؟ أنا أيه اللى هيزعلنى أن شاء الله
صاحت “عهد” بأنفعال شديد تقول:-
-أنت مشوفتش وشك قلب أزاى أول ما دخلت علينا
أقترب “نوح” منها بهدوء صامتًا ثم توقف أمامها وقال بضيق شديد:-
-أنتِ محساش أن أنا السبب فى اللى جرالها ولا أيه، البنت بجت عاملة زى الطفلة اللى عندها خمس سنين بسببى
عقدت “عهد” ذراعيها امام صدرها بأختناق شديد لتقول:-
-والله مشوفتكش وأنت بترميها من الشباك ولا حاجة
هز “نوح” رأسه بضيق غير مصدق ما يسمعه من زوجته ثم قال بشجن ونبرة غليظة:-
-هو لازم أكون أنا الجاتل عشان يبجى الذنب ذنبي، البيت كله شايف أنى السبب فى اللى جرالها وأنتِ الوحيدة اللى شايفة أن ماليش ذنب
صرخت “عهد” بأختناق وهى تفك عقدة ذراعيها:-
-أنا ماليش دعوة وبعدين بتلسم عليها بالأيد وفرحان أوى، هى فين أيدك دى اللى سلمت بيها ها
أخذت يده اليمني فى يدها ثم ذهبت إلى المرحاض غاضبة والغيرة تأكل قلبها من الداخل وتحرقه نيرانها حتى وصلت للمرحاض ودلفت ووضعت يده تحت صنوبر المياه وبدأت تغسلها بقوة بالغسول وتفركها بقوة وكأنها ترغب بأنتزاع جلده التى لمس يد امرأة أخرى بينما “نوح” كان يتابعها بصمت وعينيه تخترق ملامحها الغاضبة فرغم غضبها كانت الغيرة تزين وجهها وتزيده جمالًا لتشعر بيده اليسري ترفع خصلات شعرها التى تحجب عنه الرؤية ويضعها خلف أذنيها فرفعت “عهد” رأسها إليه لتستقبل قبلة منه على جبينها بحب، قبلة أمتصت كل الغضب وأخمدت نيران الغيرة الملتهبة بداخلها ليبتعد “نوح” عنه وتقول:-
-نوح
جذب يده من يدها وقال:-
-أنا جولتلك جبل أكدة انك جميلة جوي فى غضبك يا عهد
نظرت لعينيه بصمت ليحملها على ذراعيه ويسير للخارج فقالت بتذمر:-
-أنا مش هتصالح كدة على فكرة
أجابها وهو يسير بها بخطوات ثابتة قائلًا:-
-متسبجيش الأحداث يا عهدي أنا هعتذر على طريجتى بعدها نشوف هتتصالحي ولا لا
خجلت من حديثه لتلف ذراعيها حول عنقه بدلال وقالتبعناد:-
-مش هتصالح برضو
ضحك “نوح” بقوة عليها ثم أنزلها على الفراش برفق وجلس جوارها يداعب خصلات شعرها بأنامله بأثارة ونعومة...
__________________
كانت “أسماء” جالسة على المقعد فى الحديقة وتمسك الهاتف فى يدها لتفكر فى الأتصال به أم لا ليأتيها صوت أنثوي من الخلف يقول:-
-ممكن أقعد معاكي
ألتفت لترى وجه “عهد” فأومأت لها بنعم ثم جلست “عهد” وقالت:-
-أنا أسفة لو هزعجك
-لا مفيش حاجة
تبسمت “عهد” بعفوية ثم قالت بلطف:-
-أنا أسمي عهد
-أتشرفت بيكي
أكتفت “عهد” بالبسمة ثم نظرت فى التابلت الخاص بها تشاهد الفيديو الجديد لها التى رفعته “ليلى” من ساعة لتشعر بأحد يجلس جوارها فرفعت نظرها لترى “أسماء” وقفت من مكانها وجلست جوارها تنظر للفيديو وعندما رمقتها “عهد” شعرت “أسماء” بحرج لتقول:-
-أنا أسفة
هزت “عهد” رأسها بلا وقدمت التابلت لها وقالت:-
-أتفرجي
جلست “أسماء” تشاهد الفيديو وتسمع حديث “عهد” عن أساس نجاح العلاقة وبعد أن أنتهي الفيديو قالت “أسماء”:-
-دى أنتِ صح
أومأت “عهد” إليها بنعم ثم بدأت تعرفها بعملها وما تفعله لتبتسم “أسماء” بحماس ثم قالت:-
-طب أنا ممكن اخد رأيك فى حاجة؟
أومأت “عهد” إليها بنعم ثم قالت بعفوية:-
-أيوة طبعًا
قصت لها ما حدث معها من “نادر” وما تشعر به وجلست تنتظر رد “عهد” …..
_________________
دخل “نوح” من الباب ليرى “خالد” مُقيد فى الأرض ووجه ملأ بالكدمات والجروح و”تاج” أخرجها الرجال من الصندوق وقيدوها أرضًا ليقترب خلف منه ويقول:-
-حاول يهرب مننا
ضحك “نوح” بسخرية وهو يجلس على المقعد أمامه وقال:-
-وغبائك جالك ان حتى لو أخترت الهرب وتجتل مرتك وولدك أنا ههملك أكدة تهرب مثلًا
صاح “خالد” بغضب سافر مكبوح بداخله وقد فاض به التحمل ولا يقوى على تحمل الأمر أكثر:-
-فكى يا نوح وتعالى نجف قصاد بعض رجل لرجل وأنا أوريك بكفايك تكون جبان وتتحامي فى رجالتك
ضحك “نوح” أكثر ثم قال ببرود شديد:-
-وااا يا ولد عمى أنت متعرفنيش زين ولا أيه، متعرفش أن الطريجة مهتستفزنيش وتخرجنى عن شعورى وأجول أيوة فكوا والنبى عشان أثبت له أنى أجوى...لا يا خالد من غير أثبت أنا أجوى ومهفكش وهتحامي فى رجالتى أنا حر ومستمتع أكدة 24 جيراط وفدان كمان
كز “خالد” أسنانه بضيق شديد ليتابع “نوح” قائلًا:-
-بس تعرف اللى يجهر بجد أن محدش برا بيدور عليك ولا حتى مهتم سواء أنت عايش ولا ميت لأنك من الأساس مالكش حد برا غير أمك وتجولت مهيش فاكرك وبتجولى يا ولدى فريح أكدة وأهدى عشان مجتلكش بجد ومحدش هيحس بغيابك ولا هيفرق لحد فراجك
أستشاط “خالد” غضبًا من هذا الحديث ليغادر “نوح” مُبتسمًا بعد أن أحرق روحه بحديثه وكلماته ثم تركه ورحل ليركل “خالد” الرمل بقدميه بأنفعال مكبوح لا يستطيع حتى أخراج هذا الغضب سواء أراد ذلك أو لا فهو ليس حرًا فى تصرفاته بل كالأسير الذي يُعد عليه أنفاسه وفى تلك اللحظة أدرك “خالد” مدى قوة “نوح” وكيف لم يراه بهذه القوة من قبل، هل هذا كان بسبب غفران “نوح” الدائم لأفعاله أم لهدوءه وشخصيته القوية فى كبح غضبها وأوجاعها وماهرة شخصيته فى الصمود والتحمل ليشعر “خالد” بالخوف من “نوح” وبدأ قلبه يرتجف خوفًا من أقتراب الموت منه لينظر إلى “تاج” الجالسة هناك صامتة وتبكي بأنهيار وهى تتذكر القارورة وأين أفرغتها لتعود بالذاكرة ….....
يتبـــــــــــــــــع.....