رواية دوائي الضرير الفصل التاسع 9 بقلم نرمين ابراهيم
الفصل التاسع
مرت بضع أيام أخرى و كانت خطة سارة تسير على أكمل وجه حتى أتى يوماً ما و طلبت سارة من عاصم أن يكملا اخر جزء من الخطة و هو...
عاصم: ها يا ستي عايزاني اعمل ايه المرة دي؟؟
سارة: عايزاك تقوم الصبح بدري اوي و تخرج قبل ما اي حد في البيت يصحى .
عاصم(بتعجب): و دة ليه يعني؟؟
سارة: عشان هدى ماتلاقيش حد ينزلها الصبح زي كل يوم..
عاصم: ماهي كدة هاتحس بالعجز و دة اللي كان بيعملوه الدكاترة اللي قبلك و كان بيجرحها اوي .
سارة: كان بيجرحها و يضايقها لأنهم كانوا بيقولهولها بصراحة شديدة و بطريقة قاسية.. إنما احنا لا.
برغم أن عاصم قد أوضح لعبير بشكل واضح و صريح أن اسمه و اسمها لن يجتمعا بجملة واحدة ابدا مرة أخرى.. الا أنه استمتع بكلمة "احنا" التي قالتها سارة و التي كانت تقصدهما بها.. فعمت فرحة لا يعلم سببها قلبه...
عاصم(ابتسم بحب): احنا؟؟
سارة(ابتسمت برقة): ايوة إحنا.. مش انت اللي بتساعدني؟ يبقى احنا.. انا و انت.. ولا ايه؟؟
زادت فرحته بجملة "انا و انت" فانفرجت اساريره و زاد نور وجهه بابتسامته التي اتسعت و أجابها..
عاصم: طبعا.. كملي.. إنما احنا ايه؟؟
سارة(تنهدت بسعادة): إنما احنا بنعمل المشكلة و نخليها هي تدور على الحل عشان تسترد جزء من ثقتها في نفسها.. زي اللي بيحط الدوا المر في كوباية عصير حلوة..
عاصم: و لو دة جرحها أو زعلها..
سارة: سيب الحكاية دي عليا.. هدى هاتضايق لو انا قولتلها ..
"شوفتي بقى لو كنتي ابتديتي علاج كان زمانك بتتحركي دلوقتي و نزلتيلي تحت مش انا اللي اطلعلك أو نبقى مضطرين نستنى عاصم ينزلك"..
إنما أنا مش هابين لها اني مضايقة خالص من اني طلعت لها فوق.. بالعكس دة بالنسبة لي هيبقى تغيير حلو.. لكن هي اللي من جواها هاتقول لنفسها كدة..
"لو كنت اتعالجت كان زماني بتحرك براحتي".. و هو دة اللي انا عايزاه.. اني ازرع جواها الدافع اللي يبقى نابع منها هي مش من أي حاجة خارجية عشان تتعالج بمزاجها و عشان نفسها مش اي حاجة تانية..
عاصم: ماشي.. حاضر.. هاخرج الفجر قبل ما تصحى الست هدى حلو كدة؟؟
سارة(ابتسمت بامتنان): حلو.
عاصم: برضو مش ناوية تقوليلي عبير قالتلك ايه لما راحت لك الكراڤان؟؟
سارة(تجهمت ملامحها و زفرت بملل): مازهقتش من السؤال دة.. بقالك اسبوع من ساعة اللي حصل بتسألني و بجاوبك نفس الإجابة.. كانت بتعتذرلي..
عاصم: بس انا مش مصدقك.. و انا قولتلك كدة.
سارة: طيب هاسألك سؤال الاول تجاوبني عليه و انا اجاوبك.. ماشي.
عاصم: ماشي؟؟ اسألي..
سارة: هو.. هو انت و هي يعني.. ناويين ترجعو لبعض تاني؟؟
عاصم: ماقولتلك قبل كدة لا.. لا.. و بعدين انتي جبتي منين الكلام دة.. أنا مستحيل ارجع لها تاني.. مستحيل.
سارة(و حاولت كبح ابتسامتها): ابدا ابدا؟؟
عاصم(إبتسم السعادة التي ظهرت في صوتها): ابدا ابدا.. لو اخر واحدة في الدنيا.. عمري ما هارجع لها.. مستحيل بعد اللي عملته فيا.
سارة: هو انا ممكن أسألك انتو اتطلقتو ليه؟؟
عاصم(توتر و حاول تغيير الموضوع): احنا كنا متفقين على سؤال واحد.. ولا ايه؟؟
سارة: ماشي.. معاك حق..
عاصم: جاوبيني بقى قالتلك ايه...
سارة: قالتلي كدة.. انكو ولاد عم و مسيركم هاترجعو لبعض تاني.. و مافيش داعي اني اعلق نفسي بحبال دايبة أو اني ارسم عليك.
عاصم: ترسمي عليا؟؟ و هي قالتلك كدة ليه؟
سارة: المدام فاكرة ان في بينا حاجة.
عاصم: و انتي قولتيلها ايه؟؟
سارة: قولتلها أن بيتهيألها و ان العلاقة اللي بينا هي مجرد علاقة بين دكتورة و اخو المريضة بتاعتي و بس.. او ان أحنا حتى مجرد اضدقاء و بس.. مش احنا مجرد اصدقاء يا عاصم؟؟
قالتها و كأنها تطلب ان ينفي تلك الصفة في علاقتهما.. و كأنها كانت تطلب منه أن يقول ما يخفيه و ان علاقتهما ليست صداقة فقط.. و لكنها شعرت بالإحباط عندما رد ببرود..
عاصم: ها.. ايوة.. طبعاً.. اصدقاء أكيد.. بقولك ايه.. انا هاقوم اعمل تليفون مهم.. عن إذنك..
لم يمهلها الوقت لترد بل قام يفر من أمامها اما هي.. فتنهدت بيأس منه..
سارة(و هي تقلده): ايوة طبعا اصدقاء.. افففف.. ماشي يا عاصم أنا وراك و الزمن طويل لحد ما تقر و تعترف.. ماشي.
مر ذلك اليوم بسلام و آتى اليوم التالي و استيقظ الجميع ليمارسوا روتينهم اليومي لتذهب هنية الي غرفة ابنتها لتوقظها
هنية: صباح النور على البنور.. دة انا كنت فاكراكي لساتك نايمة..
هدى: لا يا ماما صاحية يا حبيبتي.. انتي جايبالي الفطار ليه هنا؟؟
هنية: اصل اخوكي طلع من الفچر يا حبة عيني ما فطرش حتى.. و كدة مش هاتجدري تنزلي تحت النهاردة..
هدى: ايه.. يعني انا هافضل محبوسة في الاوضة هنا طول النهار.. و هو عاصم ازاي يخرج من غير ما يصحيني و ينزلني...
هنية: معلش يابتي.. طلعتله مُصلحة راح يجضيها في المركز و نزل بدري جوي والله... دة حتى اني ماشوفتوش..
هدى(و ظهر على وجهها الضيق): ااه.. طيب يا ماما..
هنية: ياللا بجى نفطرو... اني عملالك فطور إنما ايه ملوكي.. صنع ايديا وحياة عنيا.
هدى(بحزن): تسلم عنيكي و ايديكي يا ماما.. بس خليه شوية.. ماليش نفس..
و دخلت سارة الى الغرفة على اخر كلمات هدى مستندة على ذراع فاطمة حتى ترشدها لغرفة هدى الجديدة و هي تقول بمرحها المعتاد...
سارة: مين دي اللي بتقول مالهاش نفس..
هنية: تعالي يا ستي شوفي صاحبتك.. جال ايه مالهاش نفس...
سارة: ازاي دة.. دة ريحة البيض و السمن البلدي هي اللي جابتني لحد هنا مش بطة لا..
فاطمة(بعتاب لطيف): اكده يا ست سارة.. طيب اني زعلت..
سارة: يا عبيطة انا بقول كدة بس عشان مابينلهمش اني مش عارفة البيت.. استري عليا بقى.
ضحك جميعهم ماعدا هدى التي فقط اكتفت بابتسامة باهتة...
سارة: و انا يا ستي مارضيتش افطر مع ابوكي الحاج عبده و قلت اجي افطر معاكي.. و ابوكي قلب عليا تحت و كان هايشحني على مصر بسبب اني سيبته و جيت افطر معاكي.. ياللا اكلوني بقى..
هنية: ياللا يا حبيبتي بألف هنا و شفا..
ظلت سارة بصحبة هدى بغرفتها طوال اليوم.. لم تذكر لها مطلقاً اي شئ يخص علاجها ولا عجزها.. و لكنها اطمأنت من نجاح تلك الخطوة من ضيق هدى الذي كان ظاهراً في صوتها و نبرتها..
إلى أن طلبت منها هدى أن تتركها وحدها حتى ترتاح قليلاً..
اتجهت سارة أيضاً لمقصورتها بحجة أن ترتاح قليلاً مثل هدى و لكنها أجرت اتصالا هاتفيا هاما..
سارة(للهاتف): call Assem. (اي اتصل بعاصم فهو هاتف مخصص لفاقدي البصر حتى يساعدهم على استعماله مثل المبصرين و لكن ببصمة الصوت)
و انتظرت حتى أتاها الرد...
عاصم: ها.. اجي ولا لسة.. انا زهقت..
سارة(ضحكت بمرح): ههههههههه.. ايه ياعم بالراحة علينا.. مالك داخل سخن كدة.
عاصم: ما انا زهقت انا خلصت شغل اسبوعين قدام و مافيش حاجة تاني اعملها.. قوليلي اجي بقى و حياة عيالك يا شيخة.
سارة(ضحكت ثانية): ههههههههه.. عيالي مرة واحدة.. لا طالما حلفتني بعيالي اللي لسة في علم الغيب.. خلاص تعالى يا عم..
عاصم: و هدى عاملة ايه؟؟
سارة: استوت على الآخر.. خلاص جابت آخرها من الحبسة في الاوضة اللي كانت نسيتها و رجعت لها مجبرة ياعيني.. و هما يومين تلاتة بالكتير و تقولك هاتلي الدكتور..
عاصم: يارب.. طيب ايه هانعمل الحركة دي تاني؟؟
سارة: لا طبعا.. هاتبقى مفقوسة اوي... لما تيجي هاقولك نعمل ايه؟
عاصم: ماشي انا جاي...
و بالفعل أتى عاصم و لكن اتى ليلا و تناولوا العشاء معا و أوصل هدى لغرفتها مرة أخرى و انتهي اليوم بتفكير هدى في أنها بالفعل تريد أن تستقل بنفسها مرة أخرى..
=================================
بدأت علاقة هدى بسارة أن تقوى أكثر و اكثر.. كانت تتحدث سارة معها عن أى شيئٍ غير مرضها.. مما جعل هدى تشعر أنها أصبحت شبه طبيعية.. فكل الأطباء السابقين لسارة كانو يضغطون و بقوة على جزء عجزها و مرضها..
و هو الأمر الذي جعلها تنفر منهم و من العلاج و من كل شئ.. فتشجعت هدى قليلاً و بدأت أن تتحدث أكثر عن أي شئ.. حتى لو كان تافهاً كانت سارة تتقبله منها كبادرة فتح قلبها لها...
و في أحد الأيام..
كانت سارة تجلس مع هدى في شرفة المنزل بعد أن انزلها عاصم صباحاً قبل أن يغادر لعمله.. كانتا جالستين في الشرفة التي اقنعتها أخيراً بالخروج إليها و لو لنصف ساعة فقط.. فقد خرجت هدى فقط من غرفتها و لكنها رفضت و بشدة الخروج خارج حدود المنزل حتى و لو للحديقة التي تقع داخل حدود سور منزلها حتى لا يراها أحد المارة عاجزة.
كانت هدى تتصفح أحد المواقع الاجتماعية و سارة تستمتع بحرارة الشمس الدافئة في اخر ذلك اليوم البارد....
سارة(بغضب طفولي لطيف): لا ما انا مش عشان اقنعتك ترجعي تمسكي الموبايل و تشوفي احوال الدنيا إيه اللي انتي سايباها من 8 شهور.. تديني انا الصابونة.
هدى(ضحكت بمرح): ههههههههه.. صابونة؟! في دكتورة نفسية محترمة و كمان تعليم امريكاني زيك كدة تقول اديكي الصابونة.
سارة(ضحكت بدورها): ههههههههه.. و انا اعملك إيه؟ ما انتي مطنشاني من ساعة ما قعدنا و ماقولتيش كلمتين على بعض.. و بعدين انتي هاتعملي زى آسر اخويا.. دايما يقولي كدة..
هدى: و بيقولك ايه اخوكي؟؟
سارة: دايما يقولي أمريكية تربية شبرا.. و بعدين ما انتو اللي بتستفزوني.. الله!!
هدى: هو شكله ايه آسر اخوكي دة.. انتي دايما تكلميني عنه و بتقولي أنه بيعاملك زي بنته مش أخته بس.. لكن عمرك ما ورتيني صورته.
سارة(و هي تعطيها هاتفها): خدى قلبي في الصور اللي هنا هاتلاقيله صور كتير معايا.. بس ماتركزيش فيها اوي عشان اكيد هتلاقي فيها شوية صور هبلة يعني.
بس اصلا مش هاتشوفي جديد.. اصل احنا شبه بعض جدا.. هو كمان عنيه خضرا و شعره اصفر.
هدى(نظرت لها بخبث): سارة.. انا مشلولة مش عامية.
سارة(تصنعت المفاجأة): ايه دة صحيح... خلاص بقى عديها.
ضحكتا معا على خفة ظل سارة ثم اخذت هدى منها الهاتف و اخذت تقلب فيه حتى وجدت ضالتها.. وجدت بعض الصور التي تجمعها برجل وسيم للغاية.. و لكنه يشبه أخته بالفعل..
فشعره الاسود و عيناه الكحيلة زادا من وسامة ملامحه.. ظلت تنظر له و تشاهد صورهم معاً لبضع دقائق...
هدى: مش معقول.. دة انتو شبه بعض جدا.
سارة: اخس عليكي.. بقى انا مناخيري مخنشرة و طول الدولاب كدة.
هدى(ضحكت): ههههههههه.. مش قصدي.. بس فعلا ملامحكم قريبة من بعض اوي.. شعركم نفس اللون و عنيكم شبه بعض جدا..
سارة: طيب خليها في سرك احسن كدة مش هلاقي حد يتجوزني و انا شبه اخويا كدة.
صمتت هدى لبضع ثوان تستوعب ما قالته.. تريد الزواج؟؟ كيف ذلك.. هل نسيت ما حدث لها من وراء الحب و الارتباط.. فكرت قليلاً قبل أن تسأل سارة بتوجس...
هدى(بتلعثم): هو.. هـ.. هو انتي ناوية تتجوزي يا سارة؟؟
سارة: طبعا يا بنتي.. امال هاعيش سنجل بائسة كدة ولا ايه؟؟ فجلة انا عشان ماتجوزش؟؟ و بعدين ماتجوزش ليه يعني.. ناقصة ايد ولا رجل.. دي حتة عين صغننة جدا.. ما تأثرش في حاجة يعني.
هدى: لا مش قصدي.. قصدي يعني بعد اللي حصل من خطيبك.. هاتقدري تحبي تاني و ترتبطي تاني.. هاتأمني لحد تاني على قلبك ازاي؟؟
سارة: طبعا.. ما يمكن ربنا عمل كل دة عشان يكشفه قدامي.. خلاه يخوني دلوقتي قبل ما اتدبس و اتجوزه و اكتشف بلاويه دي بعد الجواز.
هدى: طيب و عنيكي..
سارة: عنيا كدة كدة هاتخف.. لو مش دلوقتي فهاتخف بعدين.. و حتى لو ما خفتش مش هاوقف حياتي عليها و مسيري الاقي اللي يحبني كدة من غير عنيا.. مش فارقة معايا اوي يعني.
و بعدين مش يمكن دي هي اللي تخليني الاقي الحد اللي يحبني بجد حب حقيقي مش مزيف.
هدى: ازاي؟؟
سارة: تخيلي كدة أن في حد يحبني و انا عامية مش بشوف.. هايكون بيحبني قد ايه.. أن حتى موضوع عنيا يكون مش فارق معاه.
هدى: و لما هي مش فارقة معاكي.. ليه فارق معاكم عجزي انا.. ليه كلكم مصرين تعالجوني بالعافية.
سارة(بنبرة حانية): عشان انتي شفاكي في ايدك.. سهل انك تحاولي تتعالجي و أن شاء الله تخفي.. إنما أنا عجزي غصب عني.. خارج عن إرادتي..
كمان انا راضية بنصيبي و مؤمنة بربنا و قضائه و قدره.. لكن انتي مستسلمة و دي تفرق كتير اوي يا هدى صدقيني..
صدقيني يا هدى انا لو في أيدي ارجع عنيا تاني هانحت في الصخر عشان اعمل كدة.. أو انا بعمل كدة فعلا..
هدى: إزاي؟؟
سارة: باخد أدوية السيولة بتاعتي و بعمل المساچ اللي الدكتور علمهولي عشان أحاول احرك التجمع الدموي دة من مكانه..
و كمان انا و اهلي حاولنا نسأل على التدخل الجراحي بس للأسف طلع اختيار فيه خطورة و نتيجته مش مضمونة.
عرفتي بقى ان انا موضوعي معقد و أن موضوعك انتي اسهل بكتير؟
أنهت سارة حديثها لتصمت هدى أيضاً و هي تفكر في حديث سارة حتى سمعت صوت هاتفها يعلن عن إشعار جديد من الـ facebook.. فتحته فجحظت عينيها و كتمت شهقتها التي انتبهت لها سارة و سألتها بقلق...
سارة: هدى.. فيه ايه مالك..
هدى: .........
سارة: هدي.. في ايه.. حصل حاجة؟؟
هدي: اتجوز.. اتجوز يا سارة خلاص.
سارة: هو مين دة؟؟
هدي: خطيبي.. خطيبي اتجوز من يومين و منزل صور فرحه على الفيس كمان.
سارة: طيب و إيه يعني؟ ماهو كان مسيره يتجوز.. صدقيني يا هدى انتي لازم تحمدي ربنا أنه بينهولك على حقيقته.. و تدعي للغلبانة اللي اتدبست فيه دي.
هدى: ادعي لها.. ادعي لمين؟ دي نورا.. نورا اعز اصحابي.
سارة(باندهاش): اعز اصحابك؟ ازاي؟
هدى: زميلتي من و احنا في اعدادي.. مافرقتنيش يوم واحد.. انا دخلت فنون جميلة و هي دخلت اداب.. كنا كل ما نتجمع هنا في البلد ما نفارقش بعض غير على النوم.. طول النهار مع بعض..
لكن... لكن هي من ساعة ما عملت الحادثة و رجعت البيت هنا مازارتنيش غير مرتين تلاتة.. و فجأة قطعت زياراتها.. اتصلت بيها انا كام مرة عشان تيجي تقعد معايا شوية و كانت كل مرة بحجة..
مرة تعبانة و مرة مسافرة مش عارفة عند مين.. و مرة خرجت مع امها.. لحد ما بطلت اطلبها خالص.. و اتاريها بتتهرب مني عشان اتخطبت لخطيبي..
(تسائلت بألم) مالقيتش غيره.. ماكنش فيه غيره يا سارة؟؟
سارة: اهدي يا هدي.. اهدي يا حبيبتي.. صدقيني انتي ربنا بيحبك عشان كشفهوملك على حقيقتهم.. الاتنين اندال و ماينفعش تندمي عليهم..
و صدقيني ربنا شايلك نصيبك اللي هايعوضك عن كل حاجة وحشة حصلت.. و هايعوضك عن كل احساس وحش حستيه..
هدي: انا عايزة ابقى لوحدي لو سمحتي.
سارة: حاضر.. بس هاقولك كلمتين قبل ما اخرج.. انتي طبعا عندك حق انك تزعلي و تتوجعي براحتك و تاخدي وقتك في الحزن كمان.. بس بمجرد الوقت دة ما ينتهي عايزاكي تقفلي الصفحة دي من حياتك نهائي و تولعي فيها كمان.
هاسيبك و اجيلك بعدين.. و مش هاخلي حد يقرب من البلكونة دي لحد ما تخرجي.. و اوعدك مش هادخل الا لو انتي سمحتيلي.. بس عايزاكي تفتكري حاجة مهمة اوي..
إن اكتر اتنين انتي زعلانة منهم في حياتك كلها و موقفة حياتك عشانهم حياتهم ماشية و ماشية كويس اوي.. ماينفعش انتي بقى توقفي حياتك عشان ناس انتي مش فارقة معاهم اصلا.. فكري في الناس اللي انت جزء مهم اوي من حياتهم.
لازم تبقي قوية.. لازم تبقى متماسكة.. مافيش مانع ننهار شوية.. لكن بعد الانهيار.. لازم نرجع اقوى من الاول.. عن إذنك.
ثم تركتها سارة في دوامة أفكارها و حزنها.. خطيبها الشخص الوحيد الذي أحبته.. أحبته بصدق و لكنه تركها في عز مرضها تركها في ظل اكبر و اصعب أزمة يمكن أن تمر بأي شخص..
لم يرق قلبه لها و لحالتها النفسية أو الصحية حتى يؤجل انفصاله عنها لبعد أن تُشفى.. بل ركض بعيداً هرب مثل ما قالت سارة و تركها في منتصف الطريق..
كان أناني و ضعيف.. لم يستطع أن يتحمل مسئوليه حبه لها.. فتركها.
و صديقتها الوحيدة التي اعتبرتها كأخت لم تلدها أمها.. تركتها أيضاً و تزوجت خطيبها.. لماذا.. لماذا هو تحديداً.. الم يكن أمامها غيره.. ام أنها كانت تريده هو من الأصل..
و هنا تذكرت هدى كل خلاف كان يقع بينها و بين خطيبها و تأتي صديقتها نورا لتحكي لها.. تذكرت الان فقط أن نورا لم تحاول و لو لمرة واحدة أن توفق بينهما.. بل أنها كانت طوال الوقت تحاول أن تفرق بينهما.
كانت تزيد البنزين إلى نار خلافهم أكثر و أكثر.. تذكرت الأن نظرة الحقد التي كانت تفترش وجهها عندما تعرف أن حالهما جيدا أو أن خلاف انتهى بينهما..
وجع... قهر... ضعف... خذلان.. كان هذا ما شعرت به هدى و لم يكن علاج كل هذا سوى البكاء.. فأخذت تبكي بنحيب لمدة لا يعلمها الا الله..
خرجت سارة من غرفة هدى ليقابلها كل من عاصم و والدته الست هنية التي سألتها عن ابنتها..
هنية: ها يا سارة.. امال فين هدى.. ماطلعتش معاكي ليه.. دة الغدا خلاص جرب يچهز.
سارة: لا ماهي يمكن ما تقدرش تتغدى معانا النهاردة.
هنية(بقلق): ليه ايه اللي حصل؟؟
سارة: أصلها يعني عرفت كدة خبر مش كويس.. و ضايقها شوية.
هنية: خبر ايه عاد بس؟؟ دة احنا ما صدجنا أنها تخرچ و تعيش حياتها من تاني.. ايه اللي حُصل؟؟
سارة: أصلها يعني عرفت أن خطيبها اتجوز.
هنية(ضرب على صدرها بصدمة): يا مري..
عاصم(و الذي كان قد وصل تواً على كلمة سارة): و دي عرفتها منين الحكاية دي؟؟
سارة: أستاذ عاصم؟!!
هنية: تعالى يا ولدي الحقني..
عاصم: ماحدش چاوبني.. هدى عرفت منين حكاية چواز الزفت ده؟؟
سارة: من الفيس بوك..
عاصم: و هي من ميتى عاتفتح هي الفيس زفت ده؟ ما هي من ساعة الحادثة ماعتمسكش تلفونها أصلا.. انتي ياما اللي عطيتها المحروج ده؟
هنية: لا يا ولدي وحياتك ما حُصل .
عاصم(بعصبية و حيرة): امال مين اللي عطاهولها بس؟؟
سارة(رفعت يدها بحرج): أنا.
التفت لها عاصم بدهشة أو غضب.. أما هنية فضربت على صدرها بقوة مما هو على وشك الحدوث.. فعاصم على وشك أن يفتك بتلك المسكينة فحاولت أن تقف بالقرب منها حتى تحميها من بطشه... اما هو فقد اخذ عدة ثوان حتى استوعب ما فعلت..
فهي لمرة أخرى تتسبب في إنهيار شقيقته و سوء حالتها.. فسألها بإستهجان...
عاصم: انتي؟؟ كيف يعني؟؟ انتي اللي جولتيلها تاخد تلفونها و تفتح الفيس؟؟
سارة: ايوة انا.
عاصم: و انتي كيف تعملي حاچة زي اكدة و من غير ماتجوليلي؟؟
سارة: حضرتك انا مش لازم اخد رأيك في كل حاجة بعملها مع هدى.. انا الدكتورة مش انت..
عاصم(بعصبية تكاد ترتقي للغضب): دكتورة دكتورة.. ياخي فلجتينا بالدكتورة و كأن مافيش في الدنيا دكتورة غيرك.. و بعدين اني اخوها.. و مالكيش الحق انك تعملي اي حاجة من غير ما ترچعيلي الاول..
هنية: بالراحة يا عاصم مش أكده.. سارة اكيد ماكنتش تقصد.
عاصم (و هو على نفس درجة غضبه): تقصد ولا ماتقصدش.. انى اخوها و اني بس اللي اجول ايه اللي يُحصل و إيه اللي مايحصلش.
سارة(بحسم اكتر منه غضب): لا طبعا انا الدكتورة اللي متابعة حالتها في الوقت الحالي.. و انا بس اللي من حقي اقول ايه اللي المفروض يتعمل..
و لو حضرتك شايف أن وجودي هنا غلط زي ما سيادتك بتلمح كل شوية يبقى عادي جدا امشي و اتفضل بقى ورينا هاتعمل ايه مع اختك...
بس طبعا مع العلم أنك كنت معاها كأخ طول المدة اللي فاتت و ماحدش لاحظ اي تغيير على حالتها مع أنك كنت موجود جنبها و ملازمها 7/24.
Twenty four / seven.
قالتها بالانجليزية و هي متأكدة أنه سيفهمها بالطبع... ثم أكملت لتترجم للسيدة هنية...
سارة: أقصد طول اليوم يا ماما هنية..(ثم عادت توجه له الحديث) إنما بعد فضل ربنا انا قدرت أخرجها ترجع تاكل معاكم تاني و تسهر معاكم في سهرة أسرية كلها ضحك و حب.. رجعت لها ضحكتها من تاني اللي انتو ماكنتوش شوفتوها من شهور.. ولا ايه يا بشمهندس؟؟
هنية(سألت بترجي): بس هي ماكنش لازمن تعرف الخبر ده..
سارة: ليه لا؟؟
هنية: عشان ماتتعبش.
سارة: و مين قال إنها هاتتعب.. و مين في الدنيا مش تعبان يا ماما هنية.. كلنا تعبانين لكن بنقدر نتخطى تعبنا.. بنقدر نعديه.
هدى كمان لازم تتعلم تواجه اي حاجة تتعبها أو توجعها.. لازم تتعلم أنها تتغلب على اي حاجة وحشة ممكن تحصل لها و لوحدها..
ماينفعش تفضلو تدارو عليها اللي ممكن يوجعها.. لازم تعرف و تتوجع و تواجه.
هنية: طيب و ليه بس من الاول..
سارة: لان الدنيا مش دايما وردي يا ماما هنية.. زي ما فيها الكويس فيها الوحش.. و زي ما فيها الحلو فيها المر... و يمكن الوحش و المر اكتر من الحلو.. هدى لازم تتعلم تواجه كل دة لوحدها.
عاصم: و احنا دورنا ايه بقى لما هانسيبها تتعرض لأي حاجة تضايقها.
سارة(بتقرير): دورنا نقف جنبها.. نخفف عنها إنما مش أننا نحميها من أي حاجة و كل حاجة كدة.. كدة احنا بنلغي هدى بنلغي شخصيتها بنخليها شخص اعتمادي.. شخص مابيعملش اي حاجة لوحدة.. شخص جبان بيخاف من أي حاجة و دة غلط..
و اعتقد من المدة اللي قعدتها هنا و الشوط الكبير اللي مشيته معاها انكم المفروض تثقو فيا اكتر من كدة.
لم ينطق لسانه فهو يعلم كل ذلك و لكنه لم يكن يريد لهدى أن تعلم هذا الخبر على الاطلاق.. فهو يعلم جيداً كم كانت تحب هذا الاحمق الجبان الذي تركها.. كم عانت بعد أن تركها فهو سببا رئيسياً في حالتها تلك..
عندما طال صمته حاولت والدته أن تنهي هذه المناقشة التي لربما تجعل سارة تنهي مهمتها و تعود للقاهرة و لن يلومها أحد.. فعاصم يعاملها معاملة سيئة للغاية.. فمن أجل مصلحة ابنتها ستتحدث...
هنية: طبعا يا سارة يا بتي.. بنوثج فيكي جوي جوي كمان امال ايه.. انتي الوحيدة اللي جدرتي تغيري في حالها كتير.. ماتزعليش من عاصم يا بتي هو بس خايف على هدى.. زينا كلنا.
سارة: مش زعلانة يا ماما.. بس حبيت اوضح الأمور.. عن اذنك.
هنية: على فين بس يابتي دة احنا هانتغدو خلاص.
سارة: معلش بألف هنا انتو.. انا ماليش نفس.. بعد اذنك.
استأذنت منها هي فقط و لم تعيره اي انتباه و كأنه لم يكن موجوداً بالأصل.. تركتهما و خرجت.. فهي قد سأمت من اتهاماته لها بالتقصير و بأنها دائما تتعمد أن تؤذي هدى و هذا بالطبع غير صحيح..
فدائماً ما يكون الدواء مراً و لكنه يريد أن يكون دواءها حلواً و هذا صعب.. تعلم سارة خوفه على شقيقته الوحيدة و تقدره أيضاً... و لكن دلاله المبالغ فيه لها قد يعطل علاجها و هي بالفعل قد قطعت شوطاً كبيراً في علاجها ولا تريد أن تخسر ما وصلت له..
و من وجهة نظرها الطريقة الوحيدة لذلك هو أن تجعل هدى تعتمد على نفسها مرة أخرى.. فلا يجب أن تخفي عنها خبر كهذا بالرغم من أن لم يكن لسارة اي يد في معرفة هدى لذلك الخبر.. و لكنها خطوة عظيمة حتى تعتمد على نفسها مرة أخرى..
فرصة لها لكي تدرك أن من ترفض العلاج من أجلهم يعيشون حيواتهم بكل ما فيها.. يحبون و يتزوجون دون أن يعيروها اي اهتمام...
نظرت هنية لولدها... ذلك العصبي الذي أصبح مؤخراً لا يطيق الحديث مع أحد.. ربما بعد طلاقه.. لا فقد كان هادئاً عطوفاً كما هو و لكن منذ وصول سارة و تحول لشخص آخر.. سارة الوحيدة التي يعاملها بتلك الطريقة الفظة السيئة... فنظرت له بحزم و قالت بغضب...
هنية: ايه يا عاصم.. ماعتبطلش طريجتك دي مع سارة؟؟ عملتلك ايه هي البنية تخليك تعاملها إكده؟؟
عاصم: ياما اسمعيني بس...
هنية(قاطعته بقسوة يراها منها لاول مرة): لا.. انت اللي تسمعني و تسمعني زين.. اني كنت بسكت لما ابوك بيتحددت معاك لما بتزعلها.. إنما لا بكفاية اكدة.. البت من يوم ما رجلها خطت الدار اهنه ماشوفناش منها حاجة عفشة..
متربية زين اخلاجها كيف الچنيه الدهب.. بتتعامل معانا كيف ما نكونو أهلها... خيتك اللي انت محموج عليها جوي سارة هي الوحيدة اللي عرفت تخرچها من وحدتها اللي كانت بتاكل فيها يا حبة عيني..
خلتنا نتلمو من تاني على سفرة واحدة.. و اني مش هاسمحلك يا عاصم انك تطفشها فاهم.. مش هاسمحلك تهد اللي هي عملته عشان حاچات اني مش عارفاها.. فاهم..
لم تنتظر رده ولا اعتذاره.. تركته و خرجت.. تركته لعقله الذي أخذ يؤنبه مع ضميره على معاملته الجافة بل و القاسية لها.. ظل يعاند ضميره ام يا ترى هو قلبه الذي ظل يأمره بالخروج إليها و الاعتذار منها و مراضاتها بأي طريقة.. فهي إنسانة رقيقة بحق ولا تستحق منه تلك المعاملة أبداً..
=================================
و بعدين معاك يا عاصم..
بتحبها ولا لا..
بتثق فيها ولا خايف منها ...
ارسى على بر...
يا ترى عاصم بيعمل كل دة ليه...
و ياترى هدى هاتقدر تتخطى صدمة جواز خطيبها و صاحبتها ولا هاتتعب اكتر..
مرت بضع أيام أخرى و كانت خطة سارة تسير على أكمل وجه حتى أتى يوماً ما و طلبت سارة من عاصم أن يكملا اخر جزء من الخطة و هو...
عاصم: ها يا ستي عايزاني اعمل ايه المرة دي؟؟
سارة: عايزاك تقوم الصبح بدري اوي و تخرج قبل ما اي حد في البيت يصحى .
عاصم(بتعجب): و دة ليه يعني؟؟
سارة: عشان هدى ماتلاقيش حد ينزلها الصبح زي كل يوم..
عاصم: ماهي كدة هاتحس بالعجز و دة اللي كان بيعملوه الدكاترة اللي قبلك و كان بيجرحها اوي .
سارة: كان بيجرحها و يضايقها لأنهم كانوا بيقولهولها بصراحة شديدة و بطريقة قاسية.. إنما احنا لا.
برغم أن عاصم قد أوضح لعبير بشكل واضح و صريح أن اسمه و اسمها لن يجتمعا بجملة واحدة ابدا مرة أخرى.. الا أنه استمتع بكلمة "احنا" التي قالتها سارة و التي كانت تقصدهما بها.. فعمت فرحة لا يعلم سببها قلبه...
عاصم(ابتسم بحب): احنا؟؟
سارة(ابتسمت برقة): ايوة إحنا.. مش انت اللي بتساعدني؟ يبقى احنا.. انا و انت.. ولا ايه؟؟
زادت فرحته بجملة "انا و انت" فانفرجت اساريره و زاد نور وجهه بابتسامته التي اتسعت و أجابها..
عاصم: طبعا.. كملي.. إنما احنا ايه؟؟
سارة(تنهدت بسعادة): إنما احنا بنعمل المشكلة و نخليها هي تدور على الحل عشان تسترد جزء من ثقتها في نفسها.. زي اللي بيحط الدوا المر في كوباية عصير حلوة..
عاصم: و لو دة جرحها أو زعلها..
سارة: سيب الحكاية دي عليا.. هدى هاتضايق لو انا قولتلها ..
"شوفتي بقى لو كنتي ابتديتي علاج كان زمانك بتتحركي دلوقتي و نزلتيلي تحت مش انا اللي اطلعلك أو نبقى مضطرين نستنى عاصم ينزلك"..
إنما أنا مش هابين لها اني مضايقة خالص من اني طلعت لها فوق.. بالعكس دة بالنسبة لي هيبقى تغيير حلو.. لكن هي اللي من جواها هاتقول لنفسها كدة..
"لو كنت اتعالجت كان زماني بتحرك براحتي".. و هو دة اللي انا عايزاه.. اني ازرع جواها الدافع اللي يبقى نابع منها هي مش من أي حاجة خارجية عشان تتعالج بمزاجها و عشان نفسها مش اي حاجة تانية..
عاصم: ماشي.. حاضر.. هاخرج الفجر قبل ما تصحى الست هدى حلو كدة؟؟
سارة(ابتسمت بامتنان): حلو.
عاصم: برضو مش ناوية تقوليلي عبير قالتلك ايه لما راحت لك الكراڤان؟؟
سارة(تجهمت ملامحها و زفرت بملل): مازهقتش من السؤال دة.. بقالك اسبوع من ساعة اللي حصل بتسألني و بجاوبك نفس الإجابة.. كانت بتعتذرلي..
عاصم: بس انا مش مصدقك.. و انا قولتلك كدة.
سارة: طيب هاسألك سؤال الاول تجاوبني عليه و انا اجاوبك.. ماشي.
عاصم: ماشي؟؟ اسألي..
سارة: هو.. هو انت و هي يعني.. ناويين ترجعو لبعض تاني؟؟
عاصم: ماقولتلك قبل كدة لا.. لا.. و بعدين انتي جبتي منين الكلام دة.. أنا مستحيل ارجع لها تاني.. مستحيل.
سارة(و حاولت كبح ابتسامتها): ابدا ابدا؟؟
عاصم(إبتسم السعادة التي ظهرت في صوتها): ابدا ابدا.. لو اخر واحدة في الدنيا.. عمري ما هارجع لها.. مستحيل بعد اللي عملته فيا.
سارة: هو انا ممكن أسألك انتو اتطلقتو ليه؟؟
عاصم(توتر و حاول تغيير الموضوع): احنا كنا متفقين على سؤال واحد.. ولا ايه؟؟
سارة: ماشي.. معاك حق..
عاصم: جاوبيني بقى قالتلك ايه...
سارة: قالتلي كدة.. انكو ولاد عم و مسيركم هاترجعو لبعض تاني.. و مافيش داعي اني اعلق نفسي بحبال دايبة أو اني ارسم عليك.
عاصم: ترسمي عليا؟؟ و هي قالتلك كدة ليه؟
سارة: المدام فاكرة ان في بينا حاجة.
عاصم: و انتي قولتيلها ايه؟؟
سارة: قولتلها أن بيتهيألها و ان العلاقة اللي بينا هي مجرد علاقة بين دكتورة و اخو المريضة بتاعتي و بس.. او ان أحنا حتى مجرد اضدقاء و بس.. مش احنا مجرد اصدقاء يا عاصم؟؟
قالتها و كأنها تطلب ان ينفي تلك الصفة في علاقتهما.. و كأنها كانت تطلب منه أن يقول ما يخفيه و ان علاقتهما ليست صداقة فقط.. و لكنها شعرت بالإحباط عندما رد ببرود..
عاصم: ها.. ايوة.. طبعاً.. اصدقاء أكيد.. بقولك ايه.. انا هاقوم اعمل تليفون مهم.. عن إذنك..
لم يمهلها الوقت لترد بل قام يفر من أمامها اما هي.. فتنهدت بيأس منه..
سارة(و هي تقلده): ايوة طبعا اصدقاء.. افففف.. ماشي يا عاصم أنا وراك و الزمن طويل لحد ما تقر و تعترف.. ماشي.
مر ذلك اليوم بسلام و آتى اليوم التالي و استيقظ الجميع ليمارسوا روتينهم اليومي لتذهب هنية الي غرفة ابنتها لتوقظها
هنية: صباح النور على البنور.. دة انا كنت فاكراكي لساتك نايمة..
هدى: لا يا ماما صاحية يا حبيبتي.. انتي جايبالي الفطار ليه هنا؟؟
هنية: اصل اخوكي طلع من الفچر يا حبة عيني ما فطرش حتى.. و كدة مش هاتجدري تنزلي تحت النهاردة..
هدى: ايه.. يعني انا هافضل محبوسة في الاوضة هنا طول النهار.. و هو عاصم ازاي يخرج من غير ما يصحيني و ينزلني...
هنية: معلش يابتي.. طلعتله مُصلحة راح يجضيها في المركز و نزل بدري جوي والله... دة حتى اني ماشوفتوش..
هدى(و ظهر على وجهها الضيق): ااه.. طيب يا ماما..
هنية: ياللا بجى نفطرو... اني عملالك فطور إنما ايه ملوكي.. صنع ايديا وحياة عنيا.
هدى(بحزن): تسلم عنيكي و ايديكي يا ماما.. بس خليه شوية.. ماليش نفس..
و دخلت سارة الى الغرفة على اخر كلمات هدى مستندة على ذراع فاطمة حتى ترشدها لغرفة هدى الجديدة و هي تقول بمرحها المعتاد...
سارة: مين دي اللي بتقول مالهاش نفس..
هنية: تعالي يا ستي شوفي صاحبتك.. جال ايه مالهاش نفس...
سارة: ازاي دة.. دة ريحة البيض و السمن البلدي هي اللي جابتني لحد هنا مش بطة لا..
فاطمة(بعتاب لطيف): اكده يا ست سارة.. طيب اني زعلت..
سارة: يا عبيطة انا بقول كدة بس عشان مابينلهمش اني مش عارفة البيت.. استري عليا بقى.
ضحك جميعهم ماعدا هدى التي فقط اكتفت بابتسامة باهتة...
سارة: و انا يا ستي مارضيتش افطر مع ابوكي الحاج عبده و قلت اجي افطر معاكي.. و ابوكي قلب عليا تحت و كان هايشحني على مصر بسبب اني سيبته و جيت افطر معاكي.. ياللا اكلوني بقى..
هنية: ياللا يا حبيبتي بألف هنا و شفا..
ظلت سارة بصحبة هدى بغرفتها طوال اليوم.. لم تذكر لها مطلقاً اي شئ يخص علاجها ولا عجزها.. و لكنها اطمأنت من نجاح تلك الخطوة من ضيق هدى الذي كان ظاهراً في صوتها و نبرتها..
إلى أن طلبت منها هدى أن تتركها وحدها حتى ترتاح قليلاً..
اتجهت سارة أيضاً لمقصورتها بحجة أن ترتاح قليلاً مثل هدى و لكنها أجرت اتصالا هاتفيا هاما..
سارة(للهاتف): call Assem. (اي اتصل بعاصم فهو هاتف مخصص لفاقدي البصر حتى يساعدهم على استعماله مثل المبصرين و لكن ببصمة الصوت)
و انتظرت حتى أتاها الرد...
عاصم: ها.. اجي ولا لسة.. انا زهقت..
سارة(ضحكت بمرح): ههههههههه.. ايه ياعم بالراحة علينا.. مالك داخل سخن كدة.
عاصم: ما انا زهقت انا خلصت شغل اسبوعين قدام و مافيش حاجة تاني اعملها.. قوليلي اجي بقى و حياة عيالك يا شيخة.
سارة(ضحكت ثانية): ههههههههه.. عيالي مرة واحدة.. لا طالما حلفتني بعيالي اللي لسة في علم الغيب.. خلاص تعالى يا عم..
عاصم: و هدى عاملة ايه؟؟
سارة: استوت على الآخر.. خلاص جابت آخرها من الحبسة في الاوضة اللي كانت نسيتها و رجعت لها مجبرة ياعيني.. و هما يومين تلاتة بالكتير و تقولك هاتلي الدكتور..
عاصم: يارب.. طيب ايه هانعمل الحركة دي تاني؟؟
سارة: لا طبعا.. هاتبقى مفقوسة اوي... لما تيجي هاقولك نعمل ايه؟
عاصم: ماشي انا جاي...
و بالفعل أتى عاصم و لكن اتى ليلا و تناولوا العشاء معا و أوصل هدى لغرفتها مرة أخرى و انتهي اليوم بتفكير هدى في أنها بالفعل تريد أن تستقل بنفسها مرة أخرى..
=================================
بدأت علاقة هدى بسارة أن تقوى أكثر و اكثر.. كانت تتحدث سارة معها عن أى شيئٍ غير مرضها.. مما جعل هدى تشعر أنها أصبحت شبه طبيعية.. فكل الأطباء السابقين لسارة كانو يضغطون و بقوة على جزء عجزها و مرضها..
و هو الأمر الذي جعلها تنفر منهم و من العلاج و من كل شئ.. فتشجعت هدى قليلاً و بدأت أن تتحدث أكثر عن أي شئ.. حتى لو كان تافهاً كانت سارة تتقبله منها كبادرة فتح قلبها لها...
و في أحد الأيام..
كانت سارة تجلس مع هدى في شرفة المنزل بعد أن انزلها عاصم صباحاً قبل أن يغادر لعمله.. كانتا جالستين في الشرفة التي اقنعتها أخيراً بالخروج إليها و لو لنصف ساعة فقط.. فقد خرجت هدى فقط من غرفتها و لكنها رفضت و بشدة الخروج خارج حدود المنزل حتى و لو للحديقة التي تقع داخل حدود سور منزلها حتى لا يراها أحد المارة عاجزة.
كانت هدى تتصفح أحد المواقع الاجتماعية و سارة تستمتع بحرارة الشمس الدافئة في اخر ذلك اليوم البارد....
سارة(بغضب طفولي لطيف): لا ما انا مش عشان اقنعتك ترجعي تمسكي الموبايل و تشوفي احوال الدنيا إيه اللي انتي سايباها من 8 شهور.. تديني انا الصابونة.
هدى(ضحكت بمرح): ههههههههه.. صابونة؟! في دكتورة نفسية محترمة و كمان تعليم امريكاني زيك كدة تقول اديكي الصابونة.
سارة(ضحكت بدورها): ههههههههه.. و انا اعملك إيه؟ ما انتي مطنشاني من ساعة ما قعدنا و ماقولتيش كلمتين على بعض.. و بعدين انتي هاتعملي زى آسر اخويا.. دايما يقولي كدة..
هدى: و بيقولك ايه اخوكي؟؟
سارة: دايما يقولي أمريكية تربية شبرا.. و بعدين ما انتو اللي بتستفزوني.. الله!!
هدى: هو شكله ايه آسر اخوكي دة.. انتي دايما تكلميني عنه و بتقولي أنه بيعاملك زي بنته مش أخته بس.. لكن عمرك ما ورتيني صورته.
سارة(و هي تعطيها هاتفها): خدى قلبي في الصور اللي هنا هاتلاقيله صور كتير معايا.. بس ماتركزيش فيها اوي عشان اكيد هتلاقي فيها شوية صور هبلة يعني.
بس اصلا مش هاتشوفي جديد.. اصل احنا شبه بعض جدا.. هو كمان عنيه خضرا و شعره اصفر.
هدى(نظرت لها بخبث): سارة.. انا مشلولة مش عامية.
سارة(تصنعت المفاجأة): ايه دة صحيح... خلاص بقى عديها.
ضحكتا معا على خفة ظل سارة ثم اخذت هدى منها الهاتف و اخذت تقلب فيه حتى وجدت ضالتها.. وجدت بعض الصور التي تجمعها برجل وسيم للغاية.. و لكنه يشبه أخته بالفعل..
فشعره الاسود و عيناه الكحيلة زادا من وسامة ملامحه.. ظلت تنظر له و تشاهد صورهم معاً لبضع دقائق...
هدى: مش معقول.. دة انتو شبه بعض جدا.
سارة: اخس عليكي.. بقى انا مناخيري مخنشرة و طول الدولاب كدة.
هدى(ضحكت): ههههههههه.. مش قصدي.. بس فعلا ملامحكم قريبة من بعض اوي.. شعركم نفس اللون و عنيكم شبه بعض جدا..
سارة: طيب خليها في سرك احسن كدة مش هلاقي حد يتجوزني و انا شبه اخويا كدة.
صمتت هدى لبضع ثوان تستوعب ما قالته.. تريد الزواج؟؟ كيف ذلك.. هل نسيت ما حدث لها من وراء الحب و الارتباط.. فكرت قليلاً قبل أن تسأل سارة بتوجس...
هدى(بتلعثم): هو.. هـ.. هو انتي ناوية تتجوزي يا سارة؟؟
سارة: طبعا يا بنتي.. امال هاعيش سنجل بائسة كدة ولا ايه؟؟ فجلة انا عشان ماتجوزش؟؟ و بعدين ماتجوزش ليه يعني.. ناقصة ايد ولا رجل.. دي حتة عين صغننة جدا.. ما تأثرش في حاجة يعني.
هدى: لا مش قصدي.. قصدي يعني بعد اللي حصل من خطيبك.. هاتقدري تحبي تاني و ترتبطي تاني.. هاتأمني لحد تاني على قلبك ازاي؟؟
سارة: طبعا.. ما يمكن ربنا عمل كل دة عشان يكشفه قدامي.. خلاه يخوني دلوقتي قبل ما اتدبس و اتجوزه و اكتشف بلاويه دي بعد الجواز.
هدى: طيب و عنيكي..
سارة: عنيا كدة كدة هاتخف.. لو مش دلوقتي فهاتخف بعدين.. و حتى لو ما خفتش مش هاوقف حياتي عليها و مسيري الاقي اللي يحبني كدة من غير عنيا.. مش فارقة معايا اوي يعني.
و بعدين مش يمكن دي هي اللي تخليني الاقي الحد اللي يحبني بجد حب حقيقي مش مزيف.
هدى: ازاي؟؟
سارة: تخيلي كدة أن في حد يحبني و انا عامية مش بشوف.. هايكون بيحبني قد ايه.. أن حتى موضوع عنيا يكون مش فارق معاه.
هدى: و لما هي مش فارقة معاكي.. ليه فارق معاكم عجزي انا.. ليه كلكم مصرين تعالجوني بالعافية.
سارة(بنبرة حانية): عشان انتي شفاكي في ايدك.. سهل انك تحاولي تتعالجي و أن شاء الله تخفي.. إنما أنا عجزي غصب عني.. خارج عن إرادتي..
كمان انا راضية بنصيبي و مؤمنة بربنا و قضائه و قدره.. لكن انتي مستسلمة و دي تفرق كتير اوي يا هدى صدقيني..
صدقيني يا هدى انا لو في أيدي ارجع عنيا تاني هانحت في الصخر عشان اعمل كدة.. أو انا بعمل كدة فعلا..
هدى: إزاي؟؟
سارة: باخد أدوية السيولة بتاعتي و بعمل المساچ اللي الدكتور علمهولي عشان أحاول احرك التجمع الدموي دة من مكانه..
و كمان انا و اهلي حاولنا نسأل على التدخل الجراحي بس للأسف طلع اختيار فيه خطورة و نتيجته مش مضمونة.
عرفتي بقى ان انا موضوعي معقد و أن موضوعك انتي اسهل بكتير؟
أنهت سارة حديثها لتصمت هدى أيضاً و هي تفكر في حديث سارة حتى سمعت صوت هاتفها يعلن عن إشعار جديد من الـ facebook.. فتحته فجحظت عينيها و كتمت شهقتها التي انتبهت لها سارة و سألتها بقلق...
سارة: هدى.. فيه ايه مالك..
هدى: .........
سارة: هدي.. في ايه.. حصل حاجة؟؟
هدي: اتجوز.. اتجوز يا سارة خلاص.
سارة: هو مين دة؟؟
هدي: خطيبي.. خطيبي اتجوز من يومين و منزل صور فرحه على الفيس كمان.
سارة: طيب و إيه يعني؟ ماهو كان مسيره يتجوز.. صدقيني يا هدى انتي لازم تحمدي ربنا أنه بينهولك على حقيقته.. و تدعي للغلبانة اللي اتدبست فيه دي.
هدى: ادعي لها.. ادعي لمين؟ دي نورا.. نورا اعز اصحابي.
سارة(باندهاش): اعز اصحابك؟ ازاي؟
هدى: زميلتي من و احنا في اعدادي.. مافرقتنيش يوم واحد.. انا دخلت فنون جميلة و هي دخلت اداب.. كنا كل ما نتجمع هنا في البلد ما نفارقش بعض غير على النوم.. طول النهار مع بعض..
لكن... لكن هي من ساعة ما عملت الحادثة و رجعت البيت هنا مازارتنيش غير مرتين تلاتة.. و فجأة قطعت زياراتها.. اتصلت بيها انا كام مرة عشان تيجي تقعد معايا شوية و كانت كل مرة بحجة..
مرة تعبانة و مرة مسافرة مش عارفة عند مين.. و مرة خرجت مع امها.. لحد ما بطلت اطلبها خالص.. و اتاريها بتتهرب مني عشان اتخطبت لخطيبي..
(تسائلت بألم) مالقيتش غيره.. ماكنش فيه غيره يا سارة؟؟
سارة: اهدي يا هدي.. اهدي يا حبيبتي.. صدقيني انتي ربنا بيحبك عشان كشفهوملك على حقيقتهم.. الاتنين اندال و ماينفعش تندمي عليهم..
و صدقيني ربنا شايلك نصيبك اللي هايعوضك عن كل حاجة وحشة حصلت.. و هايعوضك عن كل احساس وحش حستيه..
هدي: انا عايزة ابقى لوحدي لو سمحتي.
سارة: حاضر.. بس هاقولك كلمتين قبل ما اخرج.. انتي طبعا عندك حق انك تزعلي و تتوجعي براحتك و تاخدي وقتك في الحزن كمان.. بس بمجرد الوقت دة ما ينتهي عايزاكي تقفلي الصفحة دي من حياتك نهائي و تولعي فيها كمان.
هاسيبك و اجيلك بعدين.. و مش هاخلي حد يقرب من البلكونة دي لحد ما تخرجي.. و اوعدك مش هادخل الا لو انتي سمحتيلي.. بس عايزاكي تفتكري حاجة مهمة اوي..
إن اكتر اتنين انتي زعلانة منهم في حياتك كلها و موقفة حياتك عشانهم حياتهم ماشية و ماشية كويس اوي.. ماينفعش انتي بقى توقفي حياتك عشان ناس انتي مش فارقة معاهم اصلا.. فكري في الناس اللي انت جزء مهم اوي من حياتهم.
لازم تبقي قوية.. لازم تبقى متماسكة.. مافيش مانع ننهار شوية.. لكن بعد الانهيار.. لازم نرجع اقوى من الاول.. عن إذنك.
ثم تركتها سارة في دوامة أفكارها و حزنها.. خطيبها الشخص الوحيد الذي أحبته.. أحبته بصدق و لكنه تركها في عز مرضها تركها في ظل اكبر و اصعب أزمة يمكن أن تمر بأي شخص..
لم يرق قلبه لها و لحالتها النفسية أو الصحية حتى يؤجل انفصاله عنها لبعد أن تُشفى.. بل ركض بعيداً هرب مثل ما قالت سارة و تركها في منتصف الطريق..
كان أناني و ضعيف.. لم يستطع أن يتحمل مسئوليه حبه لها.. فتركها.
و صديقتها الوحيدة التي اعتبرتها كأخت لم تلدها أمها.. تركتها أيضاً و تزوجت خطيبها.. لماذا.. لماذا هو تحديداً.. الم يكن أمامها غيره.. ام أنها كانت تريده هو من الأصل..
و هنا تذكرت هدى كل خلاف كان يقع بينها و بين خطيبها و تأتي صديقتها نورا لتحكي لها.. تذكرت الان فقط أن نورا لم تحاول و لو لمرة واحدة أن توفق بينهما.. بل أنها كانت طوال الوقت تحاول أن تفرق بينهما.
كانت تزيد البنزين إلى نار خلافهم أكثر و أكثر.. تذكرت الأن نظرة الحقد التي كانت تفترش وجهها عندما تعرف أن حالهما جيدا أو أن خلاف انتهى بينهما..
وجع... قهر... ضعف... خذلان.. كان هذا ما شعرت به هدى و لم يكن علاج كل هذا سوى البكاء.. فأخذت تبكي بنحيب لمدة لا يعلمها الا الله..
خرجت سارة من غرفة هدى ليقابلها كل من عاصم و والدته الست هنية التي سألتها عن ابنتها..
هنية: ها يا سارة.. امال فين هدى.. ماطلعتش معاكي ليه.. دة الغدا خلاص جرب يچهز.
سارة: لا ماهي يمكن ما تقدرش تتغدى معانا النهاردة.
هنية(بقلق): ليه ايه اللي حصل؟؟
سارة: أصلها يعني عرفت كدة خبر مش كويس.. و ضايقها شوية.
هنية: خبر ايه عاد بس؟؟ دة احنا ما صدجنا أنها تخرچ و تعيش حياتها من تاني.. ايه اللي حُصل؟؟
سارة: أصلها يعني عرفت أن خطيبها اتجوز.
هنية(ضرب على صدرها بصدمة): يا مري..
عاصم(و الذي كان قد وصل تواً على كلمة سارة): و دي عرفتها منين الحكاية دي؟؟
سارة: أستاذ عاصم؟!!
هنية: تعالى يا ولدي الحقني..
عاصم: ماحدش چاوبني.. هدى عرفت منين حكاية چواز الزفت ده؟؟
سارة: من الفيس بوك..
عاصم: و هي من ميتى عاتفتح هي الفيس زفت ده؟ ما هي من ساعة الحادثة ماعتمسكش تلفونها أصلا.. انتي ياما اللي عطيتها المحروج ده؟
هنية: لا يا ولدي وحياتك ما حُصل .
عاصم(بعصبية و حيرة): امال مين اللي عطاهولها بس؟؟
سارة(رفعت يدها بحرج): أنا.
التفت لها عاصم بدهشة أو غضب.. أما هنية فضربت على صدرها بقوة مما هو على وشك الحدوث.. فعاصم على وشك أن يفتك بتلك المسكينة فحاولت أن تقف بالقرب منها حتى تحميها من بطشه... اما هو فقد اخذ عدة ثوان حتى استوعب ما فعلت..
فهي لمرة أخرى تتسبب في إنهيار شقيقته و سوء حالتها.. فسألها بإستهجان...
عاصم: انتي؟؟ كيف يعني؟؟ انتي اللي جولتيلها تاخد تلفونها و تفتح الفيس؟؟
سارة: ايوة انا.
عاصم: و انتي كيف تعملي حاچة زي اكدة و من غير ماتجوليلي؟؟
سارة: حضرتك انا مش لازم اخد رأيك في كل حاجة بعملها مع هدى.. انا الدكتورة مش انت..
عاصم(بعصبية تكاد ترتقي للغضب): دكتورة دكتورة.. ياخي فلجتينا بالدكتورة و كأن مافيش في الدنيا دكتورة غيرك.. و بعدين اني اخوها.. و مالكيش الحق انك تعملي اي حاجة من غير ما ترچعيلي الاول..
هنية: بالراحة يا عاصم مش أكده.. سارة اكيد ماكنتش تقصد.
عاصم (و هو على نفس درجة غضبه): تقصد ولا ماتقصدش.. انى اخوها و اني بس اللي اجول ايه اللي يُحصل و إيه اللي مايحصلش.
سارة(بحسم اكتر منه غضب): لا طبعا انا الدكتورة اللي متابعة حالتها في الوقت الحالي.. و انا بس اللي من حقي اقول ايه اللي المفروض يتعمل..
و لو حضرتك شايف أن وجودي هنا غلط زي ما سيادتك بتلمح كل شوية يبقى عادي جدا امشي و اتفضل بقى ورينا هاتعمل ايه مع اختك...
بس طبعا مع العلم أنك كنت معاها كأخ طول المدة اللي فاتت و ماحدش لاحظ اي تغيير على حالتها مع أنك كنت موجود جنبها و ملازمها 7/24.
Twenty four / seven.
قالتها بالانجليزية و هي متأكدة أنه سيفهمها بالطبع... ثم أكملت لتترجم للسيدة هنية...
سارة: أقصد طول اليوم يا ماما هنية..(ثم عادت توجه له الحديث) إنما بعد فضل ربنا انا قدرت أخرجها ترجع تاكل معاكم تاني و تسهر معاكم في سهرة أسرية كلها ضحك و حب.. رجعت لها ضحكتها من تاني اللي انتو ماكنتوش شوفتوها من شهور.. ولا ايه يا بشمهندس؟؟
هنية(سألت بترجي): بس هي ماكنش لازمن تعرف الخبر ده..
سارة: ليه لا؟؟
هنية: عشان ماتتعبش.
سارة: و مين قال إنها هاتتعب.. و مين في الدنيا مش تعبان يا ماما هنية.. كلنا تعبانين لكن بنقدر نتخطى تعبنا.. بنقدر نعديه.
هدى كمان لازم تتعلم تواجه اي حاجة تتعبها أو توجعها.. لازم تتعلم أنها تتغلب على اي حاجة وحشة ممكن تحصل لها و لوحدها..
ماينفعش تفضلو تدارو عليها اللي ممكن يوجعها.. لازم تعرف و تتوجع و تواجه.
هنية: طيب و ليه بس من الاول..
سارة: لان الدنيا مش دايما وردي يا ماما هنية.. زي ما فيها الكويس فيها الوحش.. و زي ما فيها الحلو فيها المر... و يمكن الوحش و المر اكتر من الحلو.. هدى لازم تتعلم تواجه كل دة لوحدها.
عاصم: و احنا دورنا ايه بقى لما هانسيبها تتعرض لأي حاجة تضايقها.
سارة(بتقرير): دورنا نقف جنبها.. نخفف عنها إنما مش أننا نحميها من أي حاجة و كل حاجة كدة.. كدة احنا بنلغي هدى بنلغي شخصيتها بنخليها شخص اعتمادي.. شخص مابيعملش اي حاجة لوحدة.. شخص جبان بيخاف من أي حاجة و دة غلط..
و اعتقد من المدة اللي قعدتها هنا و الشوط الكبير اللي مشيته معاها انكم المفروض تثقو فيا اكتر من كدة.
لم ينطق لسانه فهو يعلم كل ذلك و لكنه لم يكن يريد لهدى أن تعلم هذا الخبر على الاطلاق.. فهو يعلم جيداً كم كانت تحب هذا الاحمق الجبان الذي تركها.. كم عانت بعد أن تركها فهو سببا رئيسياً في حالتها تلك..
عندما طال صمته حاولت والدته أن تنهي هذه المناقشة التي لربما تجعل سارة تنهي مهمتها و تعود للقاهرة و لن يلومها أحد.. فعاصم يعاملها معاملة سيئة للغاية.. فمن أجل مصلحة ابنتها ستتحدث...
هنية: طبعا يا سارة يا بتي.. بنوثج فيكي جوي جوي كمان امال ايه.. انتي الوحيدة اللي جدرتي تغيري في حالها كتير.. ماتزعليش من عاصم يا بتي هو بس خايف على هدى.. زينا كلنا.
سارة: مش زعلانة يا ماما.. بس حبيت اوضح الأمور.. عن اذنك.
هنية: على فين بس يابتي دة احنا هانتغدو خلاص.
سارة: معلش بألف هنا انتو.. انا ماليش نفس.. بعد اذنك.
استأذنت منها هي فقط و لم تعيره اي انتباه و كأنه لم يكن موجوداً بالأصل.. تركتهما و خرجت.. فهي قد سأمت من اتهاماته لها بالتقصير و بأنها دائما تتعمد أن تؤذي هدى و هذا بالطبع غير صحيح..
فدائماً ما يكون الدواء مراً و لكنه يريد أن يكون دواءها حلواً و هذا صعب.. تعلم سارة خوفه على شقيقته الوحيدة و تقدره أيضاً... و لكن دلاله المبالغ فيه لها قد يعطل علاجها و هي بالفعل قد قطعت شوطاً كبيراً في علاجها ولا تريد أن تخسر ما وصلت له..
و من وجهة نظرها الطريقة الوحيدة لذلك هو أن تجعل هدى تعتمد على نفسها مرة أخرى.. فلا يجب أن تخفي عنها خبر كهذا بالرغم من أن لم يكن لسارة اي يد في معرفة هدى لذلك الخبر.. و لكنها خطوة عظيمة حتى تعتمد على نفسها مرة أخرى..
فرصة لها لكي تدرك أن من ترفض العلاج من أجلهم يعيشون حيواتهم بكل ما فيها.. يحبون و يتزوجون دون أن يعيروها اي اهتمام...
نظرت هنية لولدها... ذلك العصبي الذي أصبح مؤخراً لا يطيق الحديث مع أحد.. ربما بعد طلاقه.. لا فقد كان هادئاً عطوفاً كما هو و لكن منذ وصول سارة و تحول لشخص آخر.. سارة الوحيدة التي يعاملها بتلك الطريقة الفظة السيئة... فنظرت له بحزم و قالت بغضب...
هنية: ايه يا عاصم.. ماعتبطلش طريجتك دي مع سارة؟؟ عملتلك ايه هي البنية تخليك تعاملها إكده؟؟
عاصم: ياما اسمعيني بس...
هنية(قاطعته بقسوة يراها منها لاول مرة): لا.. انت اللي تسمعني و تسمعني زين.. اني كنت بسكت لما ابوك بيتحددت معاك لما بتزعلها.. إنما لا بكفاية اكدة.. البت من يوم ما رجلها خطت الدار اهنه ماشوفناش منها حاجة عفشة..
متربية زين اخلاجها كيف الچنيه الدهب.. بتتعامل معانا كيف ما نكونو أهلها... خيتك اللي انت محموج عليها جوي سارة هي الوحيدة اللي عرفت تخرچها من وحدتها اللي كانت بتاكل فيها يا حبة عيني..
خلتنا نتلمو من تاني على سفرة واحدة.. و اني مش هاسمحلك يا عاصم انك تطفشها فاهم.. مش هاسمحلك تهد اللي هي عملته عشان حاچات اني مش عارفاها.. فاهم..
لم تنتظر رده ولا اعتذاره.. تركته و خرجت.. تركته لعقله الذي أخذ يؤنبه مع ضميره على معاملته الجافة بل و القاسية لها.. ظل يعاند ضميره ام يا ترى هو قلبه الذي ظل يأمره بالخروج إليها و الاعتذار منها و مراضاتها بأي طريقة.. فهي إنسانة رقيقة بحق ولا تستحق منه تلك المعاملة أبداً..
=================================
و بعدين معاك يا عاصم..
بتحبها ولا لا..
بتثق فيها ولا خايف منها ...
ارسى على بر...
يا ترى عاصم بيعمل كل دة ليه...
و ياترى هدى هاتقدر تتخطى صدمة جواز خطيبها و صاحبتها ولا هاتتعب اكتر..