اخر الروايات

رواية كوخ باخر المدينة الفصل التاسع 9 بقلم سارة سيف

رواية كوخ باخر المدينة الفصل التاسع 9 بقلم سارة سيف



               
كان آسر في طريقه إلى الخارج عندما مر بجوار غرفة إبنته وقد سمع صوت نحيبها الخافت ، تقدم من حجرتها ودلف إليها وقد شعر بالشفقة على حالها ، جالس بجانبها وحدثها بهدوء: بتعيطي ليه يا نادين؟ 
نظرت له بضيق: مالكش دعوة! .. وأنت من امتى بتهتم أصلا بحالي ... حتى الانسانه الوحيده اللي حسيت انها بتحبني فعلا ومهتمه بيا بجد حرمتني منها ... انا نفسي أعرف أنت بتكرهني كدا ليه؟ 
علت الدهشه ملامح وجهه: أنا ؟ أنا باكرهك يا نادين؟ مين اللي قالك كدا؟
نظرت إليه بثقة: مش محتاجه حد يقولي تصرفاتك بتدل على كدا ... على طول مسافر مش باشوفك ما تعرفش عيد ميلادي امتى حتى ! ... واخرك تخلي السكيرتيرة تبعتلي هدية عيد ميلادي وخلاص كدا انت عملت اللي عليك ! ... ما تعرفش انه كلمة كل سنة وانتي طيبه منك احلى من شعر الدنيا على كارت والهدايا العالم
تنهد بندم: معلش ... أنا كنت غلطان في حقك سامحيني يا نادين
أجابته بحقد: أسامحك؟... انت عارف انه بالرغم اني زعلانه انه إيلين سابت البيت الا اني فرحانه ... فرحانه عشان انت ما كنتش تستاهلها هي كانت خساره فيك انا كنت ساعات كتير اقعد افكر هي قبلت بيك ليه ... وكنت باقول لنفسي اكيد ما تعرفش حقيقتك ولما تعرفها هتبعد ومش هاشوفها تاني وكنت بادعي ربنا انها ما تشوفهاش ... بس انت ماكنتش بتسيب فرصه غير لما تبينها لها كأنك قاصد تبعدها!
شعر آسر بخنجر يخترق قلبها وقال بانكسار: للدرجه دي بتكرهيني وتتمنيلي الأذى ؟
هزت رأسها نافية بقوة: أنا مش باكرهك ولا عمري هاكرهك انا باقولك اللي في قلبي بس لكن كره ؟ لا ... إيلين علمتني انه ما ينفعش نكره عشان ما نلوثش قلبنا ونبعد عن ربنا ... انا فكرت انه بعد إيلين عنك دا حاجه من ربنا عشان تدوق الالم اللي بيسببه بعد الشخص اللي بتحبه عنك زي ما بعدت عني
أمسك آسر يدها والدموع تهطل بقوة من عينيه لأول مرة تراها نادين فعلت الصدمة وجهها: أنا آسف سامحيني يا نادين أنا غلطان أنا عندي عذري لكل دا بس بردوا مهما كان عذري قوي ماكانش لازم أبعد عنك للدرجه دي وانتي فعلا مالكيش ذنب ... صدقيني هاتغير ومش هابقى بعيد عنك تاني وهنبقى صحاب وهنقضي وقت أكتر مع بعض ولما إيلين ترجع إن شاء الله هاخدكوا وافسحكوا على طول وهنكون عيله احنا التلاته وهاعمل اللي اقدر عليه عشان تبقوا مبسوطين بس سامحيني يا نادين
زادت الدموع في عيني نادين وألقت بنفسها في حضن والدها لتشعر بقربه ودفء قلبه لأول مرة وقالت: أنا بحبك أوي يا بابا ومش زعلانه منك خلاص
آسر بفرحة: وأنا بحبك يا نادين ووعد مني انه هارجع إيلين مرة تانية وهنفضل إحنا التلاته سوا طول العمر
--------------------
نظر إليها جدها بشفقة فهي تنظر إلى نقطة محدده طوال الوقت بشرود ، هذه الفتاة التي عادت منذ شهر ليست هي نفسها الفتاة التي سافرت منذ سنة مليئة بالحياة والحب .... يا ترى ماذا فعل لكي ذلك الأسر حتى تصلي إلى هذه الحالة. إذا وقع في يدي أقسم أن أجعله يدفع الثمن ، لقد أخذ جوهرتي الثمينة ليعيدها هكذا؟
قاطع شرودها قائلا: ايه يا إيلي هتفضلي سرحانه كدا على طول ؟
أجابته بضعف: وعايزني اعمل ايه يعني يا جدو ؟
الجد حازما: تفوقي لنفسك وتنسيه خاالص ... مهما كان اللي عمله أنا مش عايز اعرفه لاني متأكد انك مش هتسيبي بيتك غير لو حاجه كبيرة اوي ولو عرفتها هاقلب عليه الدنيا وهادفعه تمن زعلك دا كتير اوووي
ضمته بقوة قائلة: ربنا يخليك ليا يا جدو
الجد مشجعا: يبقى لازم تنسيه ... اتفقنا ؟
تنهدت بحزن: هاحاول
حول مصطفى محور الحديث قائلا: شوفتي الارض اللي بينا وبين إسراء؟... مش فيه واحد اشتراها وبنى عليها بيت ؟
استغربت وسألت جدها: بجد؟ .. ومين دا؟
هز كتفيه قبل أن يجيبها: والله ما اعرف ماحدش شافه هنا خالص حتى العمال كمان بيقولوا انهم ما شافهوش ... هو بعتهم يجهزوا البيت وهو هيجي عالسكن على طول
إيلين بلا مبالاة: طيب ... ان شاء الله يكونوا جيران كويسين
الجد محفزا: ما تروحي لإسراء واهو تغيري جو شوية
نهضت إيلين: اه ... حتى أشوف أحمد الصغير
ضحك الجد: اه وسلميلي على الواد الشقي دا كل ما اشيله يغرقني ههههههه
إيلين مبتسمة بسعادة: ربنا يخليهلهم يا رب
قال الجد بلهجة ذات مغذى: عقبال ما اشيل عيالك يا إيلي
توترت بشدة فنهضت مسرعة: انا هاروح عشان ما اتأخرش
سارت مبتعدة عن كوخ جدها متجهه إلى منزل صديقتها التي أسست عائلة سعيدة ورزقت بطفل صغير من الرجل الذي تحب ؛ انه أحمد الذي يناهز من العمر شهرين ، لقد أعاد لها روحها مرة أخرى ، عندما تنظر إلى وجهه تجده يشع براءة محببة إلى قلبها ، وضعت يدها على بطنها متذكره ذلك الجنين الذي ينمو باحشاءها ، لقد علمت بحملها بالامس فقط ولم تخبر أحد حتى جدها ، اتهمها آسر بأنها لا تريد أن تنجب منه حتى لا ترتبط به والمفارقة أنها تكتشف حملها الآن بعد أن قرر كلا منهما عدم رؤية الآخر ، لماذا أسرع باتهامها والتشكيك بها ألم يفكر بأن أمر مثل الإنجاب ليس بيدها ولا بيده ؟ انه أمر من الله فهو من يقول للشئ كن فيكون ، مرت بجوار البيت الذي انتهى العمال من بناءه وقد جذبها بجماله ن كم تمنت أن تعيش هنا مع آسر ، آسر الذي سقطت طائرته بأرض جدها الذي أحبته لم يكن يتعالى أو يتكبر ، كانت ترى بعيونه الحب الذي لم ينطقه بلسانه ليس ذلك الوحش الذي عيونه تمتلئ بالبرود ومعاملته شديدة الجفاء ، تابعت طريقها وهي تنفض تلك الافكار عن رأسها ، حتى وصلت إلى منزل إسراء الجالسة بمفرده في هذا الوقت حيث يعمل محمد بالحقل الذي يملكه جدها .
إسراء بسعادة: اهلا يا إيلي ... وحشتيني
إيلين بشك: وحشتك ايه يا بكاشة ما أنا كنت عندك امبارح
إسراء مغيظه: تصدقي اني غلطانه ... خدي أحمد عقبال ما اعملنا كوبيتين شاي
حملت إيلين الصغير ولاعبته وهي تتابع الحديث مع إسراء: دا حبيبي أنا مش كدا يا حماده يا عسل انت
إسراء بتعب: دا مطلع عيني! ... مش بينام
إيلين مدافعه: عادي يا سوسو دا لسه يادوب شهرين ... لما يكبر شوية نوم هينتظم عن كدا
رفعت يديها لأعلى قائلة: ياااارب ... ربنا يسمع منك يا إيلي
ضحكت إيلين: ما دام تاعبك كدا هاتيه عندي وانا هاشيله في عيني
إسراء: ربنا يخليكي يا إيلي ... ما أنا عارفه إنتي هتقوليلي؟
استفسرت منها إيلين عن المنزل الجديد الذي رأته في طريقها فأجابتها إسراء باقتضاب: مش عارفه مين صاحبه ... حتى محمد ما يعرفش... على العموم هو عامل حفلة بليل عشان هيسكن هنا خلاص وعازم كل الجيران يعني مش بعيد اول ما ترجعي البيت جدو مصطفى يقولك انه عازمكوا ؟
إيلين مستغربه: وعزمكوا ازاي مادام أحمد ما شافهوش؟
كادت إسراء توقع الشاي من يدها من فرط توتره : بعت كارت دعوة مع واحد من العمال
استهجنت إيلين هذا التصرف الذي ينم عن عدم ذوق صاحبه: دا قليل الذوق اووي
كتمت إسراء ضحكتها قائلة: يا رب ما تندمي على الكلمه دي
أجابتها متعجبه: واندم ليه؟... انتي مش شايفاه كدا ولا ايه؟
غمزتها إسراء: فكك يا بنتي .... قوليلي انتي عامله ايه وجدو مصطفى ازيه؟
ودار الحديث بشكل طبيعي حتى حان موعد رحيل إيلين فودعتها إسراء على وعد أن تلتقيا في الحفلة التي ستقام في منزل جارهما الجديد.
استعدت إيلين وارتدت ثوب في غاية البساطه تصل أطرافه إلى الأرض لونه أزرق سماوي تزينه زهور صغيرة ملونة وارتدت عليه بوليرو يصل إلى خصره باللون الأبيض ، كانت شديدة التأنق بنظر فلاحة كما كانت تدعوها كوثر هانم ، هنا لا يوجد من يهتم بالمظهر فالناس هنا يهتمون بالجوهر قبل المظهر ، انطلقت برفقة جدها الذي جل ما فعله أن بدل قميص وبنطال العمل بأخرين نظيفين.
كانت الاضواء الزاهية تنير المكان، وموسيقى هادئة تزيد المكان ألفه ، اعتلت الدهشه وجه إيلين عند رؤيتها لشروق وبرفقتها كرم يتحدثون مع إسراء ويمزحون سويا كأنهم على معرفة ببعض ، اقتربت منهم بهدوء بينما انصرف جدها ليتكلم مع والد إسراء ، وعندما رأتها شروق اتجهت إليها مسرعة لتضمها قائلة بشوق: وحشتيني يا إيلي ... البيت كان وحش من غيرك اووي
كرم: ازيك يا إيلين؟
إيلين: الحمدلله وانتي اكتر يا شروق ... عاملين ايه؟
أشارت إلى بطنها قائلة بعد أن تبادلت نظرات الخجل مع كرم: كويسه بس كرم الصغير تاعبني اوي يا إيلي
صرخت إيلين بسعادة وهي تضمها بقوة: مبروووك ... فرحتلك اوي يا شوشو
شروق: الله يبارك فيكي .... عقبالك
جاءت نادين هاتفة بسعادة: وحشتيني يا إيلي ... كدا مش تسألي عني ؟ وسبتيني لوحدي كدا
أجابتها بأسف: معلش حقك عليا... وبعدين أنا ماكنتش سيباكي لوحدك انتي كنتي مع جاسر وشروق وكرم ونانا وبابا
تذمرت: بس انا كنت عايزاكي انتي
شروق مسرعة: ما خلاص بقى يا نادو ... ان شاء الله مش هتبعديني عنها تاني
دعت نادين بصدق: يااااارررررب
كانت إيلين تتلف خلسة باحثة بعيونها بين الحضور عن شخص اشتاقت لرؤيته بالرغم من كل ما فعله بها ، شعرت إيلين بيد توضع على كتفها فتسارعت دقات قلبها ، فهل يا ترى يكون هو؟ التفتت لتجد آخر من توقعت أن تراه يبتسم في وجهها.
كوثر هانم بابتسامة هادئة: ازيك يا بنتي؟
نظرت لها نظرة خاوية وأجابتها: الحمدلله ... ازي حضرتك يا كوثر هانم ؟
هزت رأسها رفضا: من هنا ورايح تقوليلي يا ماما كوثر
لاحظت كوثر ملامحها المليئة بالتعجب فابتسمت بحزن: أنا آسفة يا بنتي على كل اللي حصل واللي عملته في حقك ... ربنا أخدلك حقك مني ونفسي اتكسرت خلاص كنت أنانية وما فكرتش غير في نفسي ونسيت انه انتي انسانة بردوا زينا ومن حقك تعيشي مبسوطة ...... صدقيني انا مش هاقف في طريقوا تاني.. ومن انهارده انا هابقى أمك انتي قبل ما اكون أمه هو... ممكن تسامحيني؟
ترقرقت الدموع بمقلاتيها واومأت موافقة فجذبتها الأم إلى صدرها لتغرقا معا في حمى من البكاء الشديد ، لم تبتعد أيا منهما عن الأخرى حتى أتى مصطفى وقال مستغربا: في ايه يا إيلين؟ بتعيطي ليه؟ ومين الست دي؟
مسحت إيلين دموعها مقدمة: دي كوثر هانم مامت آسر يا جدو
نهرتها كوثر: وبعدين ؟ احنا قولنا ايه؟
ابتسمت إيلين: ماما كوثر .. دا جدي مصطفى
هز الجد رأسه بابتسامه مرحبه: اهلا ... اتشرفت بحضرتك
تعجبت كوثر قليلا فكيف لفلاح أن يكون على هذه الدرجه من اللباقه؟.. يبدو أنها أخطأت كثيرا وكثيرا جدا أيضا : اهلا بحضرتك
لكزتها شروق قائلة: اومال ما سألتنيش جاسر فين يعني؟
إيلين مستدركه: اه صحيح هو فين؟
شروق: البيه ما قدرش يجي عشان ما يسبش فريده لوحدها
تعجبت قائلة: ومال جاسر بفريده؟
حركت شروق يديها في الهواء: هوهو دا انتي فايتك كتير ... بس المهم يعني انه باباها دخل المستشفى لما جاتله الازمه وهو بقى الواد الجنتل اللي وقف جنبها وخير الله اما اجعله خير شكله كدا حبها ومش بيتحرك من جنبها واتقدملها ووفقت بس لسه ما عملناش حاجه رسمي يعني ... بس يا ستي هو كان جاي معانا انهارده بس باباها تعب فجأة امبارح بليل واتحجز في المستشفى تحت الملاحظه فمش قدر يسيبها
إيلين متعجبه: وانتي مالك مضايقة كدا ؟ مش عجباكي فريده؟
تنهدت مستسلمة: فريده اتغيرت خالص ما بقتش فريده بتاعت زمان ... تخيلي انها اتحجبت ؟... اه والله يا بنتي زي ما باقولك كدا ... قالت انها تعبت من اللي هي فيه ومرض ابوها فوقها انه الدنيا مالهاش كبير الواحد بيبقى بصحته وفجأة هوووب يفلسع ... بس المشكله في ابوها دا مش طيقااااه
تعجبت إيلين فهي لم تعتد على تحيز شروق تجاه شخص هكذا دون سبب: هو كان عملك ايه يا بنتي ؟
استهجنت شروق السؤال فأجابت: لا طبعا هو يقدر يعملي حاجه؟... هو بس قدر على ناس عزيزة عليا
لوت إيلين شفتيها فهي لا تفهم مقصدها وتعلم أنها ما دامت لم تخبرها مباشرة بالموقف الذي تسبب برأيها ذاك فهو لا يعنيها.
بعد فترة تنهدت إيلين بملل ، لم تعد الاحاديث الدائرة حولها تجذب اهتمامها فسارت مبتعده تستنشق الهواء العليل وتفكر في وضعها وكيف ستخبر آسر بحملها ؟... هي لا تريد أي احتكاك به بعد ما حدث ولكن ما ذنب طفلها وما ذنب أب حُرم من رؤية ابنه ؟... مهما أخطأ في حقها يجب ان تبعد طفلها عن تلك الامور الخاصة حتى لا يصبح شخص غير سوي.
-ماشية لوحدك كدا ليه ؟ مش خايفه؟

+
 نظرت إيلين خلفها بفزع لتجد آسر أمامها ، تبادلا النظرات فترة بين نظرة لوم وعتاب منها ونظرة ندم واسف منه ، استدارت لترحل فتشبث بذراعها متوسلا : ما تمشيش ... لازم اقولك عاللي جوايا وبعدين هاسيبلك القرار

+



لم تنظر إليه بل وجهت نظرها إلى نقطه وهميه تبعد بصرها عنه ولكن وقوفها مستكينه كان اشارتها له بالحديث فبدأ مسرعا: أنا عمري ما كلمتك عن إنجي مش كدا ؟ ما تعرفيشعنها حاجه ولا عن علاقتي بيها مش كدا ؟
رفعت بصرها إليه من دهشتها فهي لم تتوقع أن يكون هذا سبب حديثه معها: وانا مالي ومالها ؟
ابتسم بسخرية من نفسه: ما هو غلطتي من الاول اني ما حكتلكيش عنها واللي حصل بينا
انتبهت إيلين وشجعته على المتابعه فأشار إلى جزع شجره ملقى على جانب الطريق ليجلسوا عليه وبدأ بالحديث: كان عندي عشرين سنة بابا كان مهتم بشغله اوي لدرجه انه ما بقاش فيه شغل لحد تاني يساعده فيه فعشت حياتي عادي جدا اسهر واخرج عادي وبالطريقة دي قبلت إنجي اتعرفنا وعجبتني دماغها واحده مش بتحب المشاكل اللي للعلم كنت مخنوق منها بسبب ماما و زنها اني باضيع نفسي والموشحات دي ... ما اقدرش انكر اني كمان اتشدتلها زي ما اي واحد هيتشد لوحده ست... كنت بالنسبه لها عادي زيي زي اي واحد وبصراحه هي كمان كانت كدا بالنسبه لي عشان كدا كنا متفاهمين جدا بس جه موت بابا واللي خلى كل الشغل عليا والمسئوليات شغلتني عن الخروج معاهم فسألت وعرفت اني ورثت ثروة كبيرة بدأ تيجي الاماكن اللي باروحها واكنها صدفه تقرب مني وتخفف عني وتشجعني يعني اي حاجه كنت محتاجه في الوقت دا كانت بتعملهالي وبعدين اتجوزنا ووصلت للي كانت عايزه بس طبعا ما عجبهاش التغير اللي حصل بعد الجواز كانت فاكره انها بجوازها مني هتصرف على مزاجها وتجيب اللي نفسها فيه وتعيش ملكة ومن دون مقابل ... وقتها طبعا كنت باحاول اثبت وجودي كرجل اعمال ليا مركزي وقوتي بالرغم من صغر سني ومش محتاج حد يمسك عليا أي نقطة ضعف بس هي ما كانتش فاهمه كدا لما بدأت امنعها عن الخروج في الوقت المتأخر دا من غيري وانها تقابل الناس دي وقتها كانت حامل والمفروض اصلا كانت تعمل دا من نفسها لكن بردوا اتمردت وما عجبهاش لدرجه في يوم رجعت متأخر وماكانتش في البيت اتصلت بيها وقالتلي على مكانها روحتلها وكانت في حضن واحد ومبسوطه الدم غلي في عروقي وجرتها غصب عنها معايا وفضلنا نتخانق في الطريق لدرجه انه العربية كانت هتتقلب بينا اكتر من مرة ومن بين الكلام اللي قالته واللي فهمني حاجات كتيره انه اللي هي حامل فيه دا مش ابني انا اتجننت وحاولت اعرف مين ابوه ما رديتش تقول ... وتاني يوم تعبت وكانت هتجهض لولا ستر ربنا والدكتور امرها بالراحه وهي اصرت تخرج ما كانش في ايدي حاجه غير اني احبسها وفعلا كنت حابسها في الفيلا يعني تمشي في الجنينة براحتها وتتحرك على كيفها بس من غير ما تعتب بره الفيلا غير معايا انا بس و ولدت نادين بس كان جسمها ضعيف جدا وما اتحملتش الولادة خصوصا انها نزفت فيها كتير ، وهي بتموت قالتلي انه نادين مش بنتي ، انا كنت نسيت كلامها وقولت انه كان في لحظة عصبيه مش اكتر أو تقدري تقولي تناسيت .... وقتها نادين كانت محتاجه واحده ست قبل ما تحتاج أب فسبتها لأمي تربيها وانشغلت ... وطلعت نادين بنتي وكانت كدبه DNA بالشركة لحد ما في مرة عملت تحليل
منها مش أكتر عشان تعيشني في الشك ، من ساعتها وانا اخدت عهد على نفسي اني ما اتجوزش تاني ، لانه اي واحده هتبقى زيها زي إنجي عايزه الفلوس وبس لحد ما قابلتك انتي وشوفتك عاملتيني ازاي من غير ما تعرفي انا مين وحتى لما عرفتي فضلت معاملتك ليا زي ما هي ما اتغيرتش ، وقتها عرفت انه انتي فعلا اللي اتمنتها تكون مراتي وشريكة حياتي.
وضعت إيلين يدها فوق رأسها بتشتت: كل دا حصل معاك وماحكتليش غير دلوقتي؟ طب ليه ؟
تنهد بأسف: انا قولت اللي فات مات .. ومش هاخلي الماضي يأثر على مستقبلنا بس اكتشفت اني كنت غلطان وانه الماضي غصب عني لسه بيأثر فيا وفي تفكيري.....وياريت تسامحيني يا إيلين
نظرت إليه متشككه: وانت ايه اللي غير رأيك؟... مش كنت فاكرني خاينة زيها؟
نظر أرضا من شدة خجله منها ومن تصرفه معها وبدأ يقص عليها ما أخبرته به والدته وفريدة وكذلك اعتذار مختار نفسه على ما حدث منه وكيف كان يريد أن يأتي إلى هنا بنفسه ليطلب منها الغفران ولكن حالته الصحيه لم تسمح بذلك.
إيلين بحسرة: يعني كلام مامتك ليك هو اللي خلاك تعمل معايا كدا وكلام مامتك بردوا ومختار هو اللي رجعك ؟
نظر إليها متمعنا: عرفت اني غلط في حقك وكان لازم تعرفي كل حاجه عشان نفسي تسامحيني
ابعدت نظرها عنه ناهضه: وانا مش باعرف اشيل من حد أطمن ... عن إذنك
أمسك يدها قائلا بقلق: انتي رايحه فين؟
هزت كتفيها: أنت مش خلصت كلامك ؟ وانا قولتلك خلاص؟ ريح ضميرك بقى وانا هاروح اشوف جدو عشان مشيت من غير ما اقوله
تمسك بيدها بقوة قائلا بإصرار: لا مش عشان كدا وبس ... انا مش عايزك تسامحيني عشان ضميري يرتاح ... أنا عايزك تسامحيني عشان أنا ما أقدرش اعيش من غيرك عشان الشهر اللي عدى من غير ما انام وانتي جنبي ولا اشوف ابتسامتك في وشي كان بالنسبه لي 30 سنة مش 30 يوم ... أنا بأحبك اوي يا إيلين ونفسي ترجعيلي مرة تانيه واوعدك اني مش هازعلك مني تاني واعوضك عن كل اللي حصل مني دا
سألته إيلين بصدمه: انت قولت انك ايه؟
ابتسم بحب: بحبك والله العظيم بحبك ... مش مصدقه؟
نظرت له بقوة وقالت: الكلمة دي أنا كنت عايشه معاك على أمل اني اسمعها منك في يوم من الايام بس أنت عمرك ما قولتها حتى الكلمة البسيطه دي حرمتني منها ومش أنا لوحدي لا بنتك اللي مالهاش ذنب كمان
تنهد نادما: أنا عارف دا بس كنت فاكر أنه المشاعر ضعف لحد ما فكرت كويس ولاقيتها بالعكس إنها قوة ! عشان كدا إنتي كنتي طول عمرك قوية عمرك ما خبيتي مشاعرك عمرك ما كرهتي ولا شلتي من حد على طول قلبك قطنه بيضه وأنا آسف ومن هنا ورايح هاقولك بأحبك على طول لحد ما تقوليلي كفاية زهقت وهاتغير ويبقى فيه وقت كبير ليكي ولنادين والشغل هيبقى رقم اتنين وانتي وهي رقم واحد
ابتسمت وقالت بحب: وأنا عمري ما هازهق منها أبدا ... بس نادين ؟ هتعمل معاها ايه؟
بادلها آسر الإبتسام قائلا: نادين دي خلاص موضوعها انتهى وانا كلمتها ووضحت معاها الأمور وبقينا زي العسل والطحينة مع بعض وعلى فكره هي حكت لي كل اللي عملتيه معاها واللي حصل في المدرسة وكلمت شروق عشان أعرف باقي التفصيل بردوا لما نادين قالتلي انها كانت معايا وأنا شايف انه لازم نغير المدرسة بتاعتها هو مش فيه مدارس هنا كويسه بردوا ولا ايه؟
قالت إيلين بسعادة شديدة: طبعا فيه .. المدرسة اللي كنت فيها كانت كويسة اوي
غمزها آسر بمكر: يعني خلاص موافقة انه ترجعيلي ونعيش سوى هنا ؟
أدعت التفكير قبل أن تقول بسعادة يخالطها الخجل: امممم .... موافقة طبعا
أمسك آسر بيدها وجذبها خلفه قائلا: طب تعالي معايا بقى
سحبها معه عائدين باتجاه الحفل وما إن رأهم الجميع يقتربون حتى ساد السكون المكان ووقف آسر برفقة إيلين بالمنتصف وهو مازال ممسكا بيدها وركع على إحدى ركبتيه قائلا وعيناه تشع حبا: بحبك ونفسي تسامحيني وتنسي اللي فات و اوعدك من اللحظة دي هاعيشك احلى ايام حياتك وهاعيشها معاكي مش عايز في الدنيا دي الا سعادتك وبس ... ها ؟ تقبلي؟ تقبلي ترجعي تحبيني؟
ترقرق الدمع في أعينها وقالت بصوت متهدج: انا اصلا ما اقدرتش أبطل حبك عشان ارجعله تاني... وانا راضيه بالنار وأنا معاك ... لانه الجنة من غيرك عذاب
تعالى التصفيق الحار ، متأثرين بذل الحب الصادق وتلك الكلمات المرتجله المعبرة وعاد الجميع للحديث بعد انقطاعه عند دخولهما ، وتقدم البعض الآخر مهنئا.
الجد محركا إصبعه في وجه آسر: لولا بس اني باحبك وهي كمان بتحبك كنت قطعتك حتت على اللي عملته
إيلين مندهشه: وانت عرفت منين يا جدو ؟
أشار لكوثر هانم قائلا: هي شرحتلي كل حاجه
كوثر هانم بخجل: اتمنى انك تكوني سامحتيني
إيلين بطيبة قلب: سامحتك من قبل ما اعرف اي حاجه ... انسي اللي فات مات ولا ايه يا ماما كوثر؟
شروق ضاحكه: بس ايه رأيك في البيت دا؟ ... دا آسر عمله مخصوص عشانك
كرم متنهدا بتعب: دا طلع عنينا عقبال ما خلص
نظرت إيلين إليه:بجد ؟
ابتسم آسر: كنت بافكر اصالحك ازاي ... قولت مافيش حل غير انه احققلك طلبك اللي طلبتيه أول ما طلبت منك الجواز ... أعيشك هنا .. قولت هاقعد فيه لحد ما اقنعك ... بس الحمدلله ما احتجتش وقت وهنعيش فيه سوا من اول يوم
شروق غامزه: ايوووه دي طلعت وقعه عالاخر أما صدقت
إسراء مؤيده: أومال ايه يا بنتي
إيلين بغل: بقى انتي كنتي عارفه ومتفقه معاهم يا إسراء؟
إسراء: آسر طلب من محمد انه هو اللي يشرف عالبيت والعمال ومحمد قالي بس نبه عليا ما اجبلكيش سيرة لحد ما آسر يشوف الوقت المناسب ويتكلم هو
إيلين بمكر: طب على فكره مش لوحدكوا اللي بتعرفوا تخبوا ... انا كمان مخبيه حاجه ماحدش يعرفها غيري انا بس
آسر بقلق: مخبيه إيه؟
نظرت إيلين إلى أظافرها: ابدا ... كل ماهنالك إني حامل


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close