رواية ما بين العشق والخذلان الفصل السادس 6 بقلم هدي زايد
الهدوء الشديد الذي يتعامل به “خاطر” مع الجميع يجعل ” رحيم” لا يعرف كيف يفكر أو يستنتج أي ردة فعل من ذاك الرجل الغامض
لم يعقب على سؤاله بل تابع دراسة القضية في صمتٍ تام .
على الجانب الآخر من نفس المكان، كانت واقفة أمام الموقد تُعد قدحًا من القهوة كان الشرود و الصمت سيد الموقف حينها، سألها و لم ترد فكرر سؤاله انتبهت أخيرًا لوجوده فقالت:
– مافيش حاجة أنا اللي بقالي فترة مش متحملة حاجة ولا طايقة حد عشان كدا متحملتش كلام خاطر .
انسحبت بهدوء كعادها وهي تقول بعتذار:
– أنا آسفة مش قادرة اتكلم اكتر من كدا عن أذنك محتاجة ارتاح شوية .
ظل يتابعها حتى اختفت عن أنظاره، حك لحيته و هو يحدث نفسه قائلًا:
– هو إيه الحكاية بالظبط ؟! .
******
بعد مرور عدة أيام
كان ” رحيم ” جالسًا أمام المغطس و بجواره
تلك الشاردة دائمًا، انتبهت له حين بدأ يتكلم عن ” قاسم” بجدية:
– قاسم دا يا سچى عبارة عن الشيطـ ـان و العقل المدبر لكل حاجة بتحصل في الممكلة مشكلته الوحيدة شايف كل الناس غبية زيه !
ابتسمت له ثم قالت:
– بس أنا شايفة إنه ذكي جدًا جدًا حد بالدماغ دي يدير مملكة بالحجم دا يبقى لازم يبقى ذكي لو هنقول إن عنده مشكلة فهي المشكلة الوحيدة اللي عنده إنه خارج على القانون .
وضع كفه أسفل ذقنه و قال:
– ما تروحي تطلبي ايده طالما عجبك اوي كدا .
ابتسمت ملء شدقيها ثم عادت لطبيعتها وهي تشير بيدها تجاه الحاسوب :
– خلينا نتكلم جد شوية النداخل والمخارج دي كلعا متراقب ولو دخلنا استحالة نطلع ولو طلعنا هيبقى في تعداد الاموات هنعمل إيه بقى ؟!
رد “رحيم” و قال:
– احنا سهل ندخل و سهل نخرج وأنا عملت كل حساباتي و ظبط الدنيا على كدا اللي باقي بالنسبة لي هو ازاي هنخرج بـ ليلي و ازاي هتطمن إننا تابعها مش ضدها .
ردت “سچى” بفضول :
– أنا لحد دلوقتي مش عارفة ازاي خاطر هيدخل معاك و هو معروف لـ قاسم إنه يهو دي .
رد” رحيم” ببساطة شديدة:
– مش هيقدر يعمل حاجة طالما أنا موجود لأن ببساطة أبوه دايس في أي حاجة وأي مصلحة و بالنسبة لهم خاطر أكبر تاجر سلاح و هيساعدهم كتير في بيع الشحنة الأخيرة فـ من مصلحتهم يحطوا ايدهم في ايده عشان أبوه يخرج من الصفقة دي بأقل الخساير .
ردت ” سچى” بفضول و قالت:
– وهو قاسم ميعرفش يعمل دا لوحده ؟!
– طبعًا يعرف قاسم الكارت السحري لأي مكان و لأي شئ هو بس اللي مش حابب يمشي الصفقة مش أكتر .
بتعملوا إيه ؟!
قالها ” خاطر” و هو يحلس بينهما بمقعده الخشبي ابتسم له “رحيم” بسماجة و قال:
– بنتكلم شوية عن قاسم .
ارتشف ” خاطر” رشفات سريعة و متتالية من قهوته و هو يقلد “رحيم”
– بتتكلموا عن قاسم اممم و ماله نتكلم .
تنحنحت ” سچى” ثم قالت بجدية:
– في كام حاجة كدا محتاجة اتكلم فيها معاك يا خاطر
– اتفضلي !
بلعت لعابها قبل أن تقول بهدوء:
– دكتورة علياء إبراهيم تعرفها ؟!
كانت أعين ” رحيم” معلقتان عليها حين نطقت باسم تلك الأخيرة، عقد ما بين حاجبيه و قال بفضول:
– مين علياء و مالها ؟!
أوزعت نظراتها بينهما ثم قالت بهدوء شديد:
– تبقى حبيبة قاسم الوزان .
لم تتغير ملامحه تماما لكنه فجأها بسؤاله وهو يقول:
– طب و أنتِ عرفتي مين إنها حبيبته و جبتي المعلومات دي منين ؟!
صُعقت من سؤالهلكنها حافظت على هدوئها بأعجوبة شديدة، بينما رد ” خاطر” و قال:
– مش دا المهم المهم علياء دي هتفيدنا في ايه في القضية ؟!
رفعت كتفيها و قالت بنبرة مختنقة:
– ولا حاجة أنا قلت إن عرفت معلومة جديدة جايز تفيدنا في شئ .
رد” خاطر” بجدية و قال:
– مش عاوزين نضيع وقت أكتر من كدا النهاردا لازم نتحرك و نروح الاوتيل اللي هيروح في قاسم .
تابع بتساؤل و قال:
– جاهزة يا سچى ؟!
تنفست بعمق ثم قالت:
– إن شاء الله جاهزة .
********
داخل إحدى الغرف بأحد الفنادق الشهيرة كان”قاسم” يفترش السرير بجسده فتح عيناه بأعجوبة بعدما فتح له الستار، رجل تجاوز الخمسون بأشهر قليلة رفع يده ليحجب ضوء الشمس عنه و هو يقول:
– في حد يصحي حد كدا بردو ؟!
ابتسم له و قال:
– واضح كدا إنك خدت على الراحة يلا فوق لعبنا هيبدأ من النهاردا ؟!
اعتدل في جلسته و قال:
– بقالي تسع شهور بجهز نفسي و كل يوم يتأجل اللعب لما مبقتش عارف معاد اللعب الحقيقي إمتى بالظبط !
قهقه عاليًا ثم قال:
– أول مرة تلعب مع واحدة ست معلش ماهي و مش أي ست بردو دي من الداخلية يعني المكر و الدهاء كله .
ابتسم له ثم قال:
– صحيح إن كيدهن عظيم، دي خلتني الف وراها السبع بلاد و ياريت وصلنا لحاجة في الآخر إلا كله طلع فشنك و الشريحة طلعت ملهاش أي تلاتين لازمة .
اتجه حيث الهاتف الأرضي و ضغط على الارقام و قبل أن يطلب شئ سأله :
– قهوتك إيه ؟!
القى على كتفه منشفة صغيرة و قال بصوتٍ مرتفع قبل يصل للمرحاض
– ما أنت عارف بحب اشرب قهوتي مُرة .
– مش عارف ازاي بتحبها مُرة ؟!
– هي الوحيدة اللي بتعدلي مزاجي .
*******
في المساء
كان جالسًا داخل الملاهى الليلي التابع للفندق
يشاهد العرض الأسبوعي و الذي يعرض فيه
“ليلي” في المزاد العلني لمن يدفع أكثر و عندما يقترب أحدهم من دفع ثمنها يُنهي المزاد بعد أن تتوسل إليه و تقبل ساق ويد أبيه حتى يرحمها و بالفعل يُنهي هذا المزاد و لكن قبل أن تعود للمملكة طلبت أن تلج المرحاض لكنه رفض و بين توسلها و رفضها انقطع التيار الكهربائي لمدة ثلاث دقائق تقريبًا أو أقل و حدث خلالهما حالة من الهرج و المرج عاد التيار و لم يجد “ليلي” في مكانها
انتشر رجاله في كل مكان محاولين إيجادها لكن دون فائدة لقد تم إنقاذها بالفعل و نجحت أولى خططتهم .
على الجانب الآخر من نفس المكان .
يلا بسرعة مافيش وقت للكلام !
كان يركض و هو قابضًا على كفها بقوةً شديدة
لما تعد تتحمل كل هذا الكم من الضغط النفسي و الجسدي و أتى من يجعلها تركض قرابة الثلاثة كيلو متر تقريبًا، توقفت على سطح البناية و هي تلتقط أنفاسها بصعوبة بالغة ثم قالت:
– كفاية مش قادرة مش قادرة اخد نفسي حرام عليك .
لم يرد عليها بل كان منشغلًا في ربط حزام عريض من اللون الأسود على خصره، كانت عيناه معلقتان على باب سطح البناية، سرعان ما انفتح باب البناية هرع نحوه و قال بسرعة:
– بسرعة بسرعة طالعين على السلم عطلتهم على ما قدرت .
وقف على حافة السور بعد أن ثبت الحبل علي الجهة الأخرى، قبضت على كتفه و قالت:
– أنت هتنط من الدور الخمسين ؟!
جذبها من يدها لتصطدم بصدره حدثها بنبرة جادة:
– أنتِ كمان هتنطي يا حلوة
– أنت مين و بتعمل معايا كدا ليه ؟!
قبض على الحبل بقوة شديدة و هو ينظم انفاسه اللاهثة نظر للباب ثم عاد ببصره لها و قال بإبتسامة خفيفة:
– أنا اللي حررتك من العبودية يا بنت الشيخ فهد .
هبط الأربعة عن طريق الأحبال المثبتة و العجيب أن كل شئ كان بسيط لدرجة تثير الشكوك لكن لن يلفت ” خاطر” نظر أحدهم لهذا عاد كل شئ كما كان حتى ” ليلي” عادت لأبيها بخيرٍ و سلام، عانقت أبيها بقوةٍ و رأسها تتوسد كتفه. حدثته بنبرة تملؤها الحزن الشديد حين قالت:
-اتوحشتك يابوي
– كنت هموت عليكي يا بتي و ربنا يعلم عيوني ديه ماشافت النوم من يوم غيابك عني.
تنهد “رحيم” بعمق ثم قال:
– بنتك رجعت لك يا شيخ فهد و اثبتنا حسن نيتنا وجه الوقت اللي تساعدنا زي ما ساعدناك
– اعتبره حصل يا سيادة المقدم طلباتكم اوامر ولو على رقبتي، خدوا واجبكم و يطلع الصبح و إن شاء الله نتكلم في كل حاجة .
******
في صباح اليوم التالي
كانت ” سچى” في منزل التدريب تُنهي تفتش بكل مكان تستطيع الوصول إليه، فتشت ملابسه جيدًا كل شئ تستطيع الوصول إليه فتشته فشلتفي العثور على أي دليل يثبت عكس توقعاتها، جلست و نيران الغضب و الغيظ تتملكان منها، حدثت نفسها بتساؤل:
– يعني إيه ؟! يعني مش هعرف اوصل لأي حاجة اثبتها عليه ؟!
وصل لمسامعها صوت صرير إطار السيارة ركضت حيث النافذة سحبت الستار برفق وجدته يدخلان الفيلا، خرجت بسرعة شديدة بعد أن القت نظرة سريعة حول الغرفة لتتأكد من ترتيبها، تقابلت معه على سلالم الدرج تنفس الصعداء و هو يرأها بأمان وسلام التقط أنفاسه اللاهثة ثم قال:
– كنتي فين و ليه مبترديش على تليفونك ؟!
– كنت نايمة و لما صحيت فضلت ادور عليكم و ملقتش حد فيكم و لسه هتصل بيكم لاقيتكم دخلتوا .
رَ الصدق بأم اعينها، تنفس بعمق ثم قال:
– خاطر كان عاوز يروح الفندق يتأكد من اللي حصل و يشوف حصل إيه بس الحمد لله ربنا سترها
– ليه هو حصل حاجة ؟!
– المجنون كان عاوز يطلع أوضة قاسم و يفتشها ولولا تتدخلي كان زمانه في خبر كان.
– اممم قلت لي، طب كويس أنك كنت معاه .
دام الصمت لعدة دقائق بينهما قبل أن يبتره
بتقربه و هو يقول بخفوت:
– هو أنتِ فيكي غريبة و لا أنا بتخيل ؟!
ابتعدت عنه و هي تقول بجدية
– أنا هنزل اشوف خاطر .
كادت أن تهبط سلالم الدرج لكنه قبض على رسغها ثم دفعها برفق على الجدار و قال بخفوت بعدما اقترب بوجهه لوجهها:
– سيبك من خاطر و الدنيا كلها طولما أنا معاكي.
حاولت أن تتماسك أمامه وبعد محاولات عديدة فشلت دفعته بعيدًا عنها و هرعت للمرحاض لتفرغ ما في معدتها، شعور بالنفور و الاشمئزاز لا تريد تقربه هذا، كلما اقترب منها تشعر بالغثيان .
بعد مرور عدة أيام
لم يحدث شيئًا جديدًا يذكر سوى فشل مقابلة
” سچي و قاسم” لكنها استطاعت أن تصل لحسابه الشخصي بعد محاولات عديدة بدأت التواصل معه بين فترة و الأخرى، بتعليمات منه كان يتودد إليها و يشاكسها تارة و يعنادها تارة أخرى حتى تعتاد عليه و يُصبح جزء لا يتجزأ في يومها لكن كل ما يفعله يجعله يعود للخلف و لم يجد أي تقدم معها، لا يعرف سبب هذا النفور و الغريب أنه لم يستسلم أبدًا .
بعد مرور يومين و تحديدًا قبل خطة الهجوم الجديدة التي وضعها ” رحيم” كانت “ليلي”
في ضيافة الثلاثي المرح كما قالت عنهم تسمتع لهذا و تحذر ذاك و تتودد لتلك إلى أن انتهى الأمر بها أن تجلس معها لتخبرها عن
” قاسم الوزان” .
بصي يا سچى قاسم نقطة ضعفه الحريم الحلوة اللي كيفك بالتمام يعني عشان توصلي لمرادك اتچلعي عليه .
اردفت “ليلي” عبارتها و هي تجلس على حافة الأريكة تخبرها بأدق التفاصيل التي تعرفها عنه بينما ردت ” سچى” بنبرة حائرة و هي تنظر إليها
– ادلع عليه ازاي ارقص له مثلا ؟!
ردت ” ليلي” ضاحكة:
– رجص إيه بس يا سچى جصدي تكوني ناعمة في حديتك وياه و يا حبذا لو نفذتي له اللي يطلبه منك بدون مناقشة .
تدخل ” رحيم” بنبرة مغتاظة و قال:
– هو إبليس بيقبضك بالدولار و لا باليورو يا ليلي أصل مستحيل يكون بيقبضك بالمصري و تكون دي دماغك .
ردت ” ليلي” و قالت بتعجب
– وه مش صاحبك اللي جالي عرفيها كل حاچة عن قاسم !
– صاحبي ! دا هيو لع في نا ر جهنم صاحبي دا
تابع بجدية و هو يشير بيده تجاه المطبخ و قال:
– نهايته قومي اعملي لنا قهوة على ما أتكلم شوية مع الهانم اللي مش عارفة تدلعه ازاي
ما إن غادرت الردهة رفعت ” سچى” سبابتها و قالت بتوتر
– و الله العظيم كنت بستفسر بس مش أكتر
جلس على الأريكة جوارها ثم قام بفتح حاسوبه النقال و قال:
– أنا هفتح دلوقتي و تتكلمي مع قاسم لو قالك ابعتي لي صوتك وسمعيني ضحكتك و ضحكتي زي المرة اللي فاتت هعملك عملية نقل حنجرة أنا مش خاطر هاا راعي إني مش صبور أنا أصلًا معايا شهادة معاملة اطفال .
– حاضر افتح بقى احسن متأخرة عليه خمس دقايق .
ما أن ضغط على زر المراسلة وجدها تلوح له و هي تقول بنبرة غنجة
– حياتي اتأخرت عليك ياحبيبي
ضغط على قدمها تأواهت بصوتٍ مسموع فـ سألها فأجابته بألم
– مافيش يا حبيبي دي رجلي اتخبطت في التربيزة إيه اصور لك رجلي ؟!
ردت بغنج و قالت:
– لا مش هينفع أنت كنت قليل الأدب المرة اللي فاتت و لسه زعلانة منك
حدثها بكلمة لم تتوقعها فـ اصدرت ضحكة و لكن سرعان ما كتمتها، رفع حاجبه الأيسر أما هي قالت بجدية مصطنعة:
– بس بقى عشان لسه زعلانة منك مش هضحك لا مش هضحك
ضغط ” رحيم” على زر كتم الصوت و قال:
– اعرفي منه هو قاعد في أنهي اوتيل و هيمشي امتى ؟
نفذت توجيهاته فـ بدأ يسأل عن ملابسها و ماذا ترتدي على وجه الدقة، فبدأ يرسل لها بعض الصور غير اللائقة و كتب اسفلهم أنه يتمنى رؤيتها بهذه الأوضاع معه ظنت أنه سيرسل صورًا عاديًا حتى ضغط على زر التحميل و بدأ الصور تظهر تدريجيًا، جحظت عيناها عن آخرهم صرخت بصوتٍ مرتفع مما جعل ” رحيم” ينتفض على إثر صوتها حاول تهدأتها لكنها لن تقبل بأي حديث الآن، حدثته من بين أسنانها
– هات اللاب توب دا و احذف الزفت الصور دي
رد ” رحيم” و قال:
– اللاب توب دا عُهدة الحكومة
– و الزفت الصور !
– عُهدتي أنا .
تنحنح و قال بجدية مصطنعة:
– أنا بدرس كل حاجة تخص القضية و أكيد الحاجات هتفدني
تنفست بعمق ثم جذبت من بين ساقيه الحاسوب النقال انتفض على إثر حركتها تلك و قال:
– طب براحة على العُهدة طب .
كادت أن تدمر الحاسوب لكنه استوقفها قائلًا بجدية:
– بطلي جنانك دا اللاب توب في حاجات مهمة
– مش عاوزة الزفت اللاب دا قرفت منه
– خلاص هاتي أنا هعمله همسح اللي عليه و ابعته لك بليل .
ردت بنبرة مغتاطة قائلة:
– الحيوان دا لازم يتحاسب على اللي عمله معايا و الصور الزفت دي لازم لازم لازم تتمسح كلها
أومأ لها برأسه علامة الإيجاب و قال:
– هاتي اللاب توب اشوف الصور قبل ما امسحهم
– إيه ؟!
– قصدي امسحهم قبل ما اشوفهم
– أنت بتقول إيه ؟!
– بقول هاتي الزفت دا معرفتش اتفرج كويس !
القت بحضن الحاسوب النقال و قالت بغضبٍ جم :
– خد اتفرج يا مقرف !
في المساء كانت جالسة على حافة المقعد المطل على المسبح، أتى و جلس جوارها حدثها بخفوت:
– منامتيش ليه لحد دلوقتي ؟!
نظرت إليه و قالت دون أدنى مقدمات
– هو اخويا معتز مات ازاي ؟! مين اللي كان السبب في موته ؟! قاسم الوزان فعلًا و لا
قاطعها بنبرة هادئة تملؤها المكر:
– لو كان قاسم الوزان قـ تـله ليه معملش كدا معاكي ما أنتِ كمان بتنكشي وراه زي أخوكي بالظبط ؟!
– ما هو دا اللي مجنني
ابتسم لها بخفة ثم قال:
– بعد الشر عليكي من الجنان يا چوچي
كادت أن تقف عن مقعدها لكنه قبض على كفها برفق و هو يقول بهدوء:
– سچى خليكي معايا
– ليه؟!
– أنا بحبك يا سچى
اعترافه لها كان بسيط غاية في البساطة، لم تبدء أي ردة فعل تجاه هذا الإعتراف، مما جعله يشعر بالقلق و الحيرة هل تسرع في اعترافه لها أم صمتها أمرًا طبيعي.
قرر أن يحدثها بنبرة ناعمة تغلفها المكر و الدهاء
– سچى أنا من يوم ما شوفتك و أنا مش عارف أنام ولا اكمل حياتي أنا و بس اللي اقدر اسعدك كل اللي بتحلمي بيه هيبقى معاكي و تحت رجليكي مهما كان فكري في حياتك معايا هتبقى عاملة ازاي هخليكي عايشة في جنة اللي زيك ميعرفش يعيش مع حد في الوجود غيري .
تابع بنبرة هادئة:
– عندك مثلا قاسم لم بعت لك صورة مجرد صورة مقدرتيش تشوفيها ولا اتحملتي التفكير
فيها دا أنتٍ يا سچى بقالك يومين كارهة تأكلي معانا على تربيزة المطبخ بسبب اللي قاله لك تخيلي لما حد غيري يقرب لك هتعملي إيه ؟!
سألته بعدم فهم و قالت:
– أنت بتقول إيه و لاتقصد إيه ؟!
تعالي نهرب يا سچى
قالها بدون أي مقدمات قالها ولا يعرف كيف نطق بها لسانه أما هي نظرت له و قالت:
– و نهرب ليه ؟!
– عشان نتجوز
– نتجوز !
– سچى أنا مش هسيبك تروحي من بين ايديا أنا بحبك و أنتِ بتحبيني
– و عرفت منين إني بحبك بقى ؟!
– كل حتة في جسمك حباني و متقدريش تنكري دا أبدًا يا سچى .
فرغ فاها لترد عليه لكنه قاطعها و هو يقول :
– أنا رتبت لكل حاجة هنخلص المهمة و نبعد بعيد هرتب ازاي اخدت من المملكة هاتي الشريحة اللي اخوكي دفنها في المغارة و بعدها نهرب برا مصر .
ردت ” سچى” بنبرة ذاهلة:
– و ليه نهرب ؟! عملنا إيه عشان نهرب ؟!
تنفس بعمق ولم يرد على سؤالها وقف عن المقعد و قال بهدوء:
– أنا لازم ارتاح شوية عن أذنك .
في تمام الساعة الثانية فجرًا
كانت تغط في نومٍ عميق حين ولج حجرتها
اقترب منها حتى جلس على حافة الفراش مد يده ليحسس خدها برفقٍ شديد، انتفضت على إثر لمسته سحبت الدثار على جسدها و هي تقول بنبرة غاضبة:
– إيه دا يا رحيم في حد يدخل كدا بردو ؟!
رد بإبتسامة بشوشة:
– أنا بحبك يا سچى، تعالي نمشي و بلاش نكمل المهمة دي .
غادرت الفراش و هي ترتدي ردائها الأسود ثم قالت بنبرة لا تقبل النقاش
– احنا اتكلمنا في الموضوع دا تحت و قلت لك إن دا حق اخويا يا رحيم ومش هسيبه مهما حصل إيه اللي جد بقى و خلاك تدخل اوضتي الساعة اتنين بليل بالطريقة ؟!
سچى أنتِ ملك ليا أنا و بس مش من حق أي حد تاني يقرب لك غيري .
قالها و هو يقترب منها حد الالتصاق، كانت تتابع عيناه بخاصتها التي كانت في حالة من الدهشة الشديد ما أن اقترب منها ليرتوي من رحيق شفتاها شعرت بالنفور الشديد هرعت تجاه المرحاض كانت تتقي كلما اقترب منها، هبطت دموعها على وجنتها وهي تمتم بخفوت شديد
– كنت حاسة و دلوقتي اتأكدت !
سحبت نفسًا عميقًا قبل أن تستجمع شتات نفسها ثم خرجت متظاهرة بالجمود و القوة وقفت وسط الغرفة تستمع لحديثه النرجسي من جديد كادت أن تغادر الحجرة لكنه قبض على خصرها من الخلف عناقه لها غاية في التملك الشديد و النرجسية، اطبقت على جفنيها و هي تعافر في أن لا تتقي من جديد شعورها بالنفور و الغثيان تجاهُ لم يتغير منذ اللحظة الأولى التي رأته فيه و الآن تزايد، فكت قبضته من حول خصرها بهدوء شديد لتتقابل مع عيناه و هي تقول :
– متقلقش يارحيم أنا ليك و بس .
تنهيدة عميقة خرجت من أعماقه كانت إبتسامته تزين ثغره و لم يعقب على حديثها بعد وعدها له بالبقاء معه ماتبقى من حياته .
في صباح اليوم التالي
و قبل أن يبدأ ” رحيم ” خطة الهجوم بدأ
” قاسم ” هذه المرة هبطت من سيارة فارهة كانت عيناها تدوران في كل مكان إلى أن وقعت عليه، كانت طلته ذو هيبة و وقار لاحت إبتسامة جانبية دون إرادة منها تمتم بخفوت و قالت:
– و أخيرًا اتقابلنا !
تقدم بخطواته الثابتة و الواثقة نظر لرجاله أولًا ثم قال:
– متشكرين يا رجالة كنتوا قدها روحوا خدوا الحلوان من وهبي هو في انتظاركم .
ما أن غادر الرجال ابتسم لها و قال:
– يا مرحب ببنت الداخلية نورتي المملكة .
كان الصمت حال لسانها تأملته فقط تأملته و كأنه لوحة فنية تريد أن تدقق في جميع تفاصيلها انتبهت لنفسها أخيرًا و عادت لرشدها و هي تقول بجدية مصطنعة:
– أنا عاوزة اعرف أنا بعمل إيه هنا بالظبط ؟!
– مافيش ممكلة بتكون خالية من غير الملك بتاعها و مافيش يعيش من غير مراته الملكة يعني أنتِ هنا في مكانك يا ملكة .
الهدوء الشديد الذي تتمتع به الآن يُثير دهشته لا يعرف كيف تفكر لكن على كل حال ستظهر اوراقها واحد تلو الأخر.
نظرت حولها ثم دارت حوله بهدوء شديد و هي تشبع عيناها من جمال المكان فـهو في مكان طبيعي أشبه بالمحمية الطبيعة كل شئ حوله له لمسة سحرية بعيدة كل البُعد عن لمسات الإنسان هذه قدرة الخالق فـ سبحان الذي صور فأبدع احسن الصور .
عادت تقف أمامه من جديد و هي تقول بجدية
-أنا فين و بعمل إيه هنا أنا عاوزة امشي الصقر لو عرف إني هنا هيرزعلك جامد اوي على فكرة .
ابتسم لها و قال:
– الصقر زعلني فـ زعلته على عمره متقلقيش
رفعت حاجبيها بالتزامن مع مط شفتاها قليلًا ثم تسألت:
– فعلًا ؟! بس دا لسه كان معايا من قيمة ساعة واحدة بس !
– لا ما هو أنتِ في السكة كنت مخلص كل حاجة و بعدين مافيش ملكة تسأل عن راجل تاني غير الملك بتاعها مش كدا و لا إيه ؟!
سألته بفضول
– هتعمل إيه مع رحيم و خاطر
– هما مش اخدوا اللي هما عاوزينه ؟! أنا كمان خدت اللي أنا عاوزه !
– و أنا فين اللي أنا عاوزاه ؟!
– شاوري و الكل يجي لك تحت رجلك يا ملكة
سارت بهدوء شديد حيث مكانه المخصص جلست عليه ثم وضعت ساق فوق الأخرى و هي تقول :
– عاوزة رحيم يجي لي تحت رجلي
– اشمعنى رحيم؟!
– اصله زعلني شوية
– عملك إيه ؟!
– طلع قليل الأدب
– مش فاهم ؟!
– مش عيب يا ملك عندك مملكة بالجمال دا و بتديرها بالعقل دا و مش فاهم قصدي ؟!
ربتت على كتفه ثم قالت:
– اسأل رحيم
كادت أن تغادر لكنه قبض على رسغها و قال:
– أنا بسألك أنتِ !
ابتسمت له ثم قالت:
– أنا شايفة إن الملك من صفاته القسوة و دي متكلم معايا فيها الظاهر إني كنت غلطانة لما صدقتك
ترك يدها بهدوء شديد فإبتسمت استدارت بجسدها كله تجاه المنزل الصغير و هي تقول:
– محتاجة ارتاح شوية و بعدها هنتكلم
توقفت عند باب المنزل ثم لوحت بيدها و هي تقول:
– متنساش تجيب لي رحيم في شوال، سلام يا ملك .
على الجانب الآخر و تحديدًا داخل مكتب
” خاطر” ولج صديقه المقرب و هو يقول بغضبٍ مكتوم :
خاطر أنت كنت تعرف إن اللي معانا طول الفترة اللي فاتت دي قاسم مش رحيم و إن رحيم اساسًا مش في المهمة ؟!
هيفرق في إيه ؟!
هيفرق كتير طبعًا يعني ايه اصلا اللي حصل وليه و امتى وازااااي انا دماغي لفت هو ايه اللي بيحصل بالظبط مين ضد مين ومين بيلعب لمصلحة مين
اهدأ يا نادر عشان ميحصلكش حاجة
اهدأ أيه و زفت إيه أنا عاوز اعرف حاجة واحدة فين سچى بعد ما قاسم اتكشف ؟!
سچى اتخطفت
مين اللي خطفها ؟!
صالح الوزان و ابنه قاسم الوزان
– يا ابني أنت هتجنني ما قاسم هو اللي كان معاك طول الفترة اللي فاتت دي يبقى ازاي خطـ ـفها ؟!
– لا أنا اقصد اللي قام بدور قاسم و اللي هو في الأساس رحيم العرابي .
يتبع…..