رواية وتكالبت عليهما الذئاب الفصل الرابع 4 بقلم ميمي عوالي
الفصل الرابع
عندما وجدوا الفريق المختص بالتعقيم ينقر على باب الغرفة الخارجى ، سمحوا لهم بالدخول الي الجد ليقوموا بتجهيزه للجراحة
ليجدوا مفاجأة مذهلة بانتظارهم جميعا
فقد وجدوا الجد مكوما على الارض فوق سجادة صلاته دون حراك ، و عندما اسرع اليه المسعفون وجدوا انه قد فارق الحياة بالفعل اثناء الصلاة
بعد مرور عدة ايام و انقضاء ايام العزاء .. كانت رنيم قلما تفارق غرفة جدها الا سويعات قليله كل صباح ، ثم تعود اليها و لا تخرج منها الا اليوم التالى ، فكانت مقيمة بداخلها منذ واروه الثرى .. ترافقها رغدة و ببعض الاوقات ايضا ترافقهما يقين ، حتى انها لم تتلقى العزاء مع باقى افراد الاسرة و لم تحضر ايا من الطقوس الخاصة بالعزاء
و لكنها كانت صباحا تذهب الى قبر جدها بمفردها دون علم احد و بعد ان تقوم برى الزهور .. تجلس الى جوار قبره فى سكون تام لا يتحرك منها سوى عبراتها المنسالة فوق وجنتيها و عينيها و شفتيها التى تتحرك مع كلمات القرآن الكريم التى كانت تقرأه بهمس يكاد يكون مسموعا
و كانت عودتها تحت انظار داوود الملتاعة من اجلها ، و الذى كلما سألها عن سبب خروجها رغم تخمينه ..الا انها كانت تنظر اليه دون اجابة و تعود مرة اخرى الى صومعتها
حتى كان صباح اليوم ، و الذى قرر فيه داوود ان يعلم اين تذهب ، فانتظرها و قام بتتبع خط سيرها ، و كان قد توقع من هيئتها ماتفعل ، و عند دخولها الى المقبرة .. انتظر دقائق قليلة قم لحق بها بالداخل ، فوجدها قد جلست كعادتها الى جوار القبر و بيدها المصحف الشريف و هى تستعد لقراءة القرآن الكريم .. فحمحم بصوته حتى لا يفزعها لترفع عيناها اليه بوهن ثم اعادتهم مرة اخرى دون اى حديث و بدأت فى تلاوتها و كأن شيئا لم يكن
فلم يجد داوود بدا من الجلوس هو الاخر فى انتظارها بعد ان قام بالدعاء لجده
و اثناء انتظاره .. ظل يحدق برنيم التى نقص وزنها و شحب وجهها ، فقد شعر بشحوب وجهها و يديها ، و لولا احمرار جفونها و انفها بسبب البكاء لقاربت شحوب الموتى
و فى خضم افكاره وجدها اغلقت المصحف الشريف و ظلت تتمتم بهمس ظنه دعاءا لجده ، فأخذ يدعو له هو الاخر مرة اخرى حتى نهضت من جلستها و عدلت من وضع عصاتها و اتكأت عليها و اتجهت الى الخارج
فخرج ورائها على الفور و اكرم الحارس امتنانا لتواجده إلى جوارها طوال تواجدها ، ثم لحق بها قبل ان تدير سيارتها قائلا : ثوانى يا رنيم من فضلك
فنظرت له دون حديث فى انتظار ما سيقول ، فاستطرد قائلا : محتاج اتكلم معاكى شوية لو ممكن
رنيم : سمعاك
داوود و هو يتلفت حوله : اكيد مش هتكلم معاكى هنا وسط المقابر ، ايه رايك ، تعالى نفطر سوا و نتكلم شوية
رنيم بخفوت : ماعنديش نفس
داوود : طب بلاش اكل ، تعالى نقعد فى اى حتة و نتكلم
رنيم بضيق : انا تعبانة يا داوود و مش قادرة حاليا انى ..
داوود مقاطعا : انا اللى هتكلم مش انتى ، انتى اللى مطلوب منك انك تسمعينى ، ثم دار حول سيارتها و قام بفتح الباب المجاور لها و قال : هركب معاكى و بعدين ابقى ابعت اى حد يجيبلى العربية ، ياللا بينا
رنيم ببعض الامتعاض : على فين
داوود : اطلعى ناحية المينا .. فيه قاعدة هناك حلوة
ادارت رنيم السيارة و هى تقول : طب و اللى انت عاوز تقوله ده .. ماينفعش يتقال و انا سايقة
داوود باختصار : لا ما ينفعش
ظل السكون يخيم عليهما حتى وصلا الى مكان بعينه .. فاشار لها داوود على نقطة لصف سيارتها و ترجلا منها .. ليصطحبها الى داخل احد الكافيهات و يجلسها امامه و يطلب من النادل ان يحضر لهما مشروبا ، ثم ينظر الى رنيم قائلا : قبل ما اتكلم فى اى خاجة .. انا عاوز اعتذر لك
رنيم بدهشة : تعتذر لى انا .. ليه
داوود : يعنى .. عشان جيت وراكى الصبح من غير ما اقول لك .. بس عذرى انك مش مديانى فرصة ابدا انى اتكلم معاكى من وقت وفاة جدى الله يرحمه ، و الايام بتعدى و مابقاش فى وقت
رنيم بذهول للمرة الثانية : وقت لايه .. وضح كلامك انا مش فاهمة حاجة
داوود : المحامى جى النهاردة بعد الضهر عشان يفتح وصية جدى
رنيم برجفة بعضلات وجهها : بسرعة كده
داوود : دى كانت وصية جدى ، هو اللى كان محدد الوصية تتفتح بعد كام يوم من وفاته
لتغمض رنيم عينيها فى محاولة لكبت عبراتها ، ثم قالت بصوت مرتعش : و انا مطلوب منى ايه
داوود : مطلوب منك تستعدى للى جاى
رنيم : مش فاهمة
داوود و هو يشير للكأس الذى احضره لها النادل : اشربى العصير .. انا متاكد انك ما اكلتيش و لا شربتيش اى حاجة من امبارح
رنيم : ماليش نفس
داوود محفزا اياها : تفتكرى جدى لو عايش كان هيبقى مبسوط منك و انتى بتعملى كده .. اشربى العصير يا رنيم من فضلك
لتخونها عبراتها و هى تتسارع فى السقوط من بين جفنيها ، لتتفاجئ بداوود يبدل مقعده ليحلس بالقرب منها مناولا اياها محرمة ورقية و هو يقول : بشويش على نفسك يا رونى ، جدى قطع بينا كلنا ، لكن افتكرى انه كان تعبان و بيتألم ، و افتكرى كمان ان فى كل الاحوال كلنا هنموت ، و ان المسالة مش اكتر من معاد بيختلف من واحد للتانى
ثم ربت على كفها قائلا : اشربى العصير .. ياللا عشان جدى ما يزعلش منك
لتمتد يدها المرتعشة الى كأس العصير و هى تقربه من شفتيها لترتسف رشفة صغيرة ثم تعيد الكأس مرة اخرى الى موضعه و تقول : انا سامعاك .. كمل كلامك
داوود : انتى طبعا عارفة ان لحد دلوقتى ماحدش يعرف بجوازنا غير انا و انتى و الشهود
رنيم بتقطيبة و كأنها كانت نسيت تماما تلك القصة : جوازنا
داوود : ايوة جوازنا
رنيم : يعنى ايه
داوود : يعنى النهاردة كلهم هيعرفوا و لاول مرة بالحكاية دى ، و لازم احنا الاتنين نبقى مستعدين لده كويس جدا
رنيم : نستعد ازاى يعنى .. مش فاهمة
داوود و هو يحدق بعينا رنيم : ندعم بعض يا رنيم ، نسند بعض ، مهما حصل .. ماحدش فينا يتخلى عن التانى ابدا
رنيم : بس انت عارف انى …
داوود : انك وافقتى على الجواز عشان خاطر جدى الله يرحمه
رنيم : ايوة ، يعنى دلوقتى .. اعتقد ان الجوازة دى ما بقيتش …
ليقاطعها داوود بحزم قائلا : الجوازة دى لا يمكن تنتهى ابدا
رنيم برهبة : تقصد ايه .. انى هفضل طول عمرى على ذمتك
داوود : او طول عمرى انا
رنيم : مش فاهمة
داوود بتنهيدة : اسمعى يا رنيم ، انا عاوزك تفهمى و تتاكدى ان ماحدش فى الدنيا دى كلها هيخاف عليكى و على مصالحك زيى
و لا حد فى الدنيا دى كلها برضة يقدر يحميكى زيى
رنيم : يحميني من ايه .. هو انا مهد.دة من حد و انا ما اعرفش
داوود بامتعاض : للاسف مش كل حاجة هقدر احكيهالك دلوفتى
ىنيم ببعض الحدة : لا بقى .. انا لما جدو قاللى زيك كده قبل كده سكتت ، بس لان اللى قالى كده كان جدو ، لكن لما انت تيجى تقوللى نفس الكلام اوعى تفكر انى هسمع و اقول حاضر من غير ما افهم
كانت عينا داوود تتنقل بين مقلتا رنيم طوال حديثها حتى انتهت من الحديث و هو مازال يتنقل بين عينيها و كأنه يفاضل بين امرين لا يعلم أيهما افضل ، و ظل على حاله حتى قالت رنيم و هى على نفس وتيرة حد.تها : هتتكلم و تفهمنى و اللا اقوم امشى و اللا ايه
ليدلك داوود وجهه ببعض القسو.ة ، ثم نظر إليها و قال : والدك جاى النهاردة .. السواق هيروح يجيبه من المطار الساعة تلاتة او اربعة تقريبا ، يعنى احتمال كبير انه هيبقى فى البيت قبل خمسة
رنيم بدهشة : بابا .. ماقاليش ، و كمان .. انا مابلغتوش بموت جدو ، هو عرف ؟
داوود : ايوة
رنيم : طب و انت عرفت ازاى انه جاى
داوود : المحامى كلمنى و بلغنى ان والدك اتصل بيه و ساله عن معاد فتح الوصية لانه عاوز يحضرها معاكى
لتنظر له رنيم و على وجهها علامات التخبط الشديدة ، فاسترسل داوود قائلا : انا عارف ان جدى وصاكى باللى انا بطلبه منك ده ، ارجوكى يا رنيم ، ماتسمحيش لحد ابدا انه يفرق بينا على الاقل الفترة دى مهما ان كان وضعه او صفته حتى لو كان والدك
انا متاكد انك لو قلتى لوالدك انك مغصوبة على جوازك منى ماهيصدق انه يحاول يطلقك منى و يمكن كمان ياخدك معاه
رنيم برفض : بابا ياخدنى معاه ، لا يمكن ابدا
داوود ببادرة امل : يعنى هتفضلى معايا و هتساندينى حتى لو والدك طلب ده
رنيم : بابا عمره ما هيطلب منى حاجة زى كده اصلا ، اللى خلاه ماعملهاش العمر ده كله .. هيعملها دلوقتى ، ده لا يمكن يحصل
داوود ببعض الاحباط : تقصدى انك مش هتساقرى معاه لانه مش هيطلب ده
رنيم بتاكيد : ايوة طبعا
داوود : طب لو حصل و طلب ده .. هتوافقى تسافرى معاه
و عندما ارتسمت علامات الحيرة على وجهها قال : جدى اخر حاجة طلبها مننا اننا مانتفرقش ابدا عن بعض يارنيم
رنيم بفضول : وجودى من عدمه يهمك فى ايه يا داوود
داوود بحمحمة : اكيد يهمنى ، على الاقل ابقى متطمن عليكى و كمان اقدر انفذ وصية جدى ، و جدى موصينى انك ماتسافريش لباباكى
رنيم : و انا لازم افهم السبب
داوود : اوعدك انى قريب خالص ان شاء الله هفهمك كل اللى انتى عاوزة تفهميه ، بس بلاش سفر ارجوكى
رنيم : بس انا اكيد مش هفضل عمرى كله مربوطة جنبك
داوود : ماتنسيش انك مراتى
رنيم : و ماتنساش انى مغصوبة
داوود ببعض الضيق : ياريت بلاش نرجع نجيب الشريط من اوله ، طب ايه رايك .. تيجى نتفق اتفاق
رنيم ببعض الترصد : اتفاق ايه بقى ده
داوود : ايه رايك فى هدنة بيننا و بين بعض ، نتمسك ببعض قدام الكل على الاقل على ما الوصية تتفتح و باباكى يسافر من تانى
لتنظر له دون اجابة و كانها تفكر فى حديثه ، لتتذكر حديث جدها لها حينما قال لها .. ( خايف من بعد ابوكى عنك ، و يمكن اخاف اكتر من قربه )
فقالت : و انا موافقة بس بشرط
داوود : شرط ايه ده
رنيم : ماتجبرنيش على حاجة انا مش عاوزاها
داوود : مش هجبرك على حاجة غير لو كانت فى مصلحتك
رنيم : يبقى تفهمنى
داوود : حاضر ، ها .. اتفقنا
رنيم : اتفقنا .. عاوزنى اعمل ايه بالظبط
داوود : تعالى رجعينى اخد عربيتى و هفهمك كل حاجة
كان سليم قبل ظهيرة نفس اليوم على متن الطائرة المتجهة الى الاراضى المصرية و بصحبته زوجته و ابنتيه ، و كانت نانس تجلس الى جوار سليم و تقول : كل ما افتكر انك كنت رايح تقدم استقالتك ، و بعدين عرفت بموته ، اقول الحمدلله انك لحقت نفسك
سليم ضاحكا : ايوة ، الله يرحمه بقى اهو فك عن انفاسنا
نانسى : طب ليه ما كلمتش رنيم و عرفتها اننا جايين
سليم بخبث : تليفونها على طول مقفول ، انا عارف هى كانت متعلقة بالمنشاوى اد ايه ، و هو الحقيقة كان حنين عليها بزيادة ، فعاوزها تفهم انى اول ما عرفت سيبت كل حاجة عشان ابقى معاها و جنبها ، و ان المنشاوى مات بصحيح بس انا موجود
نانسى : بس برضة مش غريبة شوية انها ماتكلمكش تبلغك
سليم : طبعا ، بس هديها عذرها ، لكن ده ما يمنعش انى اعاتبها انى اعرف من الميديا زيى زى الغريب ، المهم .. فهمتى بناتك يتعاملوا ازاى و يعملوا ايه
نانسى : ايوة فهمتهم .. ماتقلقش
بس تفتكر جدها كان كاتبلها حاجة اسبشيال ليها بعيد عن الميراث
سليم بتمنى : متهيالى .. و كمان كان كاتبلها على حياة عينه كذا حاجة كده برضة
نانسى : طب و المصنع
سليم بطمع : اهو المصنع ده اللى لو حطيت رجلى فيه هتبقى نقلة تانية خالص
نانسى : بس احنا عندنا اللى اكتر من المصنع
سليم : المصنع هيبقى غطا يا حبيبتى لفلوسنا لما نحب نطلعها ، هيدى شرعية لفلوسنا اللى لسه برة لما نحب ندخلها هى كمان
نانسى بسخرية : غسيل اموال يعنى
سليم : اديكى فهمتى
نانسى : تفتكر حد من اهل بنتك ممكن يتضايق من وجودى انا و البنات معاك
سليم بنفى : مش عارف ، بس مايهمنيش
نانسى بانتباه : طب تفتكر حد فيهم يعرف الكلام اللى جدها بعتهولك قبل ما يموت
سليم بجمود : مش عارف ، بس اكيد هنعرف ، اما نشوف الدنيا هترسى على ايه
اما بفيلا المنشاوى .. فكانت تجلس ليلى بالشرفة كعادتها عند وجودها بالفيلا ، و كانت يقين تجلس على مقربة منها بحزن وهي ترتل ايات الذكر الحكيم و عندما انتهت من ترتيلها قالت لها ليلى : مش ناوية تفوقى بقى شوية
يقين : عاوزانى افوق و اعمل يعنى يا ماما
ليلى : انتبهى لحالك شوية ، حزنك و زعلك و عياطك ده مش هيرجعه
يقين: عارفة
ليلى : و أما انتى عارفة ، مابترحميش عينيكى اللى ورمت من كتر العياط دى ليه
يقين ببكاء مكتوم : هو بمزاجى يعنى يا ماما ، ثم مانتى عارفة انا كنت بحب جدو و متعلقة بيه اد ايه ، و كل ما افتكر انى لو ماكنتش قطعت الرحلة و رجعت .. وانى ماكنتش هشوفه قبل ما يموت بحس انى بتخنق و موجوعة اوى
ليلى بامتعاض : هو انتى يا بنتى غاوية نكد ، انتى رجعتى و شوفتيه و قعدتى معاه بدل اليوم خمسه ، لازمته ايه بقى الافتراضات السودة دى
نفسى تفردوا وشوشكم دى شوية ، انا تعبت من المناظر دى
لتدير يقين وجهها بامتعاض و تقلع عن الحديث الذى لا طائل منه
لتسمع امها تقول مرة اخرى : الهانم اتاخرت يعنى النهاردة ، كانت كل يوم بترجع على عشرة ، و ادينا داخلين على واحدة و لسه ماجاتش ، و صاحبتها قاعدة برة فى الجنينة ، ماتكلميها تشوفيها فين لا يكون حصل لها حاجة هى راخرة
يقين : قافلة فونها بقالها كذا يوم ، بس ماتقلقيش عليها
ليلى بفضول : انتى عارفة هى فين
يقين : مع داوود
ليلى بانتباه : معاه فين .. فى المصنع ، هى ناوية تتنطط بقى و اللا ايه
يقين : اهدى .. ماهياش فى المصنع رغم انها عادى يعنى لو راحت
ليلى بحدة : انتى مش بتقولى انها مع اخوكى ، اومال معاه فين فى الوقت ده ماتنطقى
يقين : ما اعرفش يا ماما ، هى لما اتاخرت قلقت عليها و كلمت داوود عشان اقول له ، لقيته بيقوللى ماتقلقيش و انها معاه
و قبل ان تقول ليلى شيئا اخر سمعت نفير سيارة رنيم و هى تمرق من البوابة الرئيسية ، ثم رأت رنيم و هى تتكئ على عصاتها باتجاه الداخل و تذهب اليها رغدة من فورها لملاقاتها و مساندتها ، لتنهض ليلى من جلستها و تتجه لملاقاتهما ، و ما ان وصلتا اليها قالت بفضول كبير و هى تنظر لرنيم بترصد ملحوظ : انتى كنتى فين
رنيم و هى تتبادل النظرات بينها و بين رغدة و يقين : كنت عند جدو
ليلى بشك : كل ده
رنيم : بعدها قعدت مع داوود شوية
ليلى : ايواااا .. قعدتوا فين بقى
رنيم بتعجب : هو فى اى يا طنط
ليلى : فيه انى عاوزة اعرف قعدتى مع ابنى فين و ليه كل الوقت ده
لتنظر إليها رنيم بجمود و تقول : اعتقد حضرتك ممكن تسالى داوود نفسه عن الكلام ده .. لانى ما اقدرش اقولك
ليلى بحدة : و ليه بقى ان شاء الله ماتقدريش تقوليلى ، و فين داوود ، طالما كان معاكى كل ده
رنيم : اعتقد ان زمانه وصل برة لانه كان ورايا بعربيته
ليدخل عليهم داوود بوجه عابس قائلا : ايه الصوت العالى ده .. فى ايه
ليلى بحدة : انت اللى فى ايه ، انت كنت قاعد مع الهانم فين كل ده و لوحدكم
لينظر داوود الى رنيم فوجدها تنظر اليه و تنتظر رده ، فاعاد نظره الى والدته و قال بحزم : ما هو مش كل حاجة المفروض انها على الملأ كده يا ماما
لتشعر رغدة بالحرج و تحمحم قائلة : طب يا رنيم انا همشى انا و …
رنيم بحزم : لأ يا رغدة ، خليكى معايا .. انتى عارفة انى محتاجالك
رغدة بتردد : بس فى خصوصيات مايصحش انى ..
ليقاطعها داوود تلك المرة قائلا : انا اسف يا رغدة ، انا ما اقصدكيش انتى ابدا بكلامى ده
ليلى بترصد : اومال تقصد مين بقى بالظبط
داوود بحزم : اقصد الكل يا ماما ، انا و رنيم فيه بيننا حاجات ماحدش يعرفها غيرنا احنا الاتنين و …
ليلى بحدة : حاجات ايه دى ان شاء الله .. فهمنى حالا
داوود : هتفهموا كل حاجة وقت فتح الوصية
ليلى بفضول : تقصد ان جدك كان كاتبلكم حاجة مع بعض
داوود و هو يشير لرنيم بالذهاب الى الاعلى مع صديقتها : اقصد ان الوصية لما هتتفتح كلكم هتفهموا كل حاجة
و بعد انصراف رنيم و رغدة قالت ليلى : هو انت عارف الوصية فيها ايه
داوود : لأ
ليلى بغضب : اومال بتقول اننا هنفهم بعد ما تتفتح ليه
داوود ببعض الحدة : لان لو الوصية مافيهاش اللى انا اقصده ، فانا بنفسى اللى هقول لكم على كل حاجة
ليلى : طب ما تقول من دلوقتى
ليتجه داوود الى غرفة المكتب و يغلقها دونه بعد ان قال : ماينفعش
لتظل ليلى تقطم اظافرها بتوتر و هى تستشيط غيظا
اما بغرفة رنيم فكانت رغدة تقول بدهشة : هى طنط مالها سانة سنانها عليكى كده النهاردة
رنيم : مش عارفة
رغدة : يعنى دى اول مرة و اللا هى كده على طول
رنيم : هى متغيرة معايا من فترة و مش فاهمة ليه
رغدة بتخمين : يمكن بسبب حكاية معتز
رنيم بنفى : تؤء .. من قبلها ، بس ماكانتش بالحدة دى ، اى نعم من وقت للتانى بتسمعنى كلام زى الس.م ، بس مش بالاسلوب ده برضة
رغدة : طب و انتى روحتى فين مع داوود و اتاخرتى فعلا بالشكل ده ، و اتقابلتوا فين و ازاى
رنيم : و انا عند جدو .. لقيتو جاى ورايا ، و فضل مستنينى لغاية ماخلصت و بعدين طلب اننا نقعد نتكلم سوا ، فروحنا كوفى ناحية المينا و قعدنا اتكلمنا و بس
رغدة : ايوة يعنى .. اتكلمتوا فى ايه
رنيم : كان بيقوللى على اللى هيحصل النهاردة
رغدة : ايوة انا سمعت طنط بتقول ان الوصية هتتفتح النهاردة بعد الضهر
رنيم : و بابا جاى النهاردة
رغدة بدهشة : بجد .. طب ده خبر كويس جدا ، بس ازاى انتى ماتعرفيش
رنيم و هى تشير الى هاتفها المهمل فوق المنضدة : ما انتى عارفة انى قافلة تليفونى
رغدة : اممم … عشان كده اتصل على داوود
رنيم بحيرة : لأ .. اتصل بالمحامى سأله عن معاد فتح الوصية
رغدة بتقطيبة : غريبة اوى ، طب و الحكاية دى تهمه فى ايه
رنيم بتردد : مش عارفة
رغدة : طب عرفتى هيوصل امتى
رنيم و هى تلقى نظرة على ساعة معصمها : المفروض السواق يروح يجيبه من المطار بعد ساعتين من دلوقتى
رغدة : عموما وجود اونكل سليم وياكى فى ظرف زى ده حاجة كويسة ، لكن هو ده يستدعى ان داوود يتكلم معاكى كل الوقت ده
رنيم : داوود طلب منى انى اسانده و اايده قدامهم
رغدة : تأيديه فى ايه بالظبط .. مش فاهمة
رنيم : اللى خمنته ان ممكن انهم اما يعرفوا بموضوع جوازنا .. حد يحاول يطلقني منه
رغدة بخبث : و هو مش عاوز ده يحصل
رنيم بتنهبدة مثقلة : و لحد دلوقتى مش فاهمة ليه
رغدة ببعض المكر : ماتشغليش دماغك و سيبى كل حاجة لوقتها ، بس متهيالى يا رونى طالما اونكل جى .. المفروض امشى انا بقى ، وجودى هيبقى شكله بايخ و كمان عشان فتح الوصية
رنيم : انا محتاجالك معايا
رغدة : و انا مش هسيبك غير بس الليلة دى ، و ليكى عندى انك بكرة لما ترجعى من عند جدو تلاقينى عندك
و فى الموعد المحدد .. وصل سليم و زوجته و ابنتيه الى فيلا المنشاوى ، ليستقبلهم عابد ببعض الفتور و ليلى باحتقا.ر ، و داوود بكثير من الجمود ، و ما ان جلسوا جميعا قال سليم لعابد : البقاء لله يا عابد .. انا اول ما عرفت الخير صممت انى اجى بنفسى ، و كان نفسى اجى على طول يوميها بس للاسف كان لازم شوية اجراءات عشان نانسى و البنات صمموا ييجوا يقفوا جنب رنيم و مايسيبوهاش لوحدها
عابد بتهكم ضمنى : طول عمرك صاحب واجب يا سليم
سليم : اومال ايه .. ده مهما ان كان المنشاوى .. الله يرحمه و يحسن اليه
ثم التفت حوله و قال : اومال فين رنيم
عابد : فى اوضتها ، بعتت يقين بنتى تندهلها
لتدخل عليهم رنيم بهدوء قائلة : مساء الخير
لينهض سليم متلقفا اياها بين ذراعيه قائلا بجلبة : رنيم يا حبيبتى وحشتينى اوى .. عاملة ايه يا حبيبتى طمنينى عليكى
رنيم : انا بخير الحمدلله
لتنهض نانسى هى الاخرى و التى لم تكن رنيم قد انتبهت إليها بعد و قالت : البقاء لله يا رنيم .. شدى حيلك يا حبيبتى ، انا اول ما عرفت قلت لسليم انى لازم انزل معاه و اعزيكى بنفسى
لتحتضنها نانسى بينما وقفت رنيم بجمود بين ذراعيها ، لتسمع سليم يقول : و اخواتك كمان جولك معانا عشان يعزوكى و يقفوا معاكى
لتلتفت رنيم بفضول لتجد سالى و سيلا تتقدمان منها و تعرفها كل منهما على نفسها و تحتضنها و تقبلها
و على الرغم من ان رنيم كانت تتمنى تلك اللحظة منذ سنوات .. ان تجتمع بشقيقتيها ، الا انها شعرت بين احضانهم جميعا بشوك سا.م ينغس قلبها من الداخل ، لتجد عيناها تبحث على الفور عن داوود الذى ما ان نظرت اليه حتى وجدته ينظر لها بكل الدعم مما جعلها تستعيد بعض ثقتها بنفسها
و سمعت سليم يقول : تعالى يا رنيم .. تعالى يا حبيبتى اقعدى هنا جنبى .. انا من وقت ما عرفت و انا بحاول اكلمك و انتى تليفونك على طول بيدينى مغلق لدرجة انى شكيت انك تكونى غيرتى رقمك
رنيم و هى تتحمحم و تبحث عن صوتها : لا .. هو بس خلص شحن و انا نسيت اشحنه
نانسى : اعذرها يا سليم ، انت بنفسك قلتلى المرحوم كان غالى عندها اد ايه
لتدخل عليهم هاجر و تخبرهم ان المائدة جاهزة ، لينهض داوود قائلا : متهيالى نلحق نتغدى و نشرب القهوة قبل ما المحامى يوصل
نانسى : طب ممكن بس تسمحولنا انا و البنات نغير هدوم السفر
ليلى باعتراض متوارى : هو انتو جايبين شنطكم على هنا
سليم : الحقيقة ايوة ، انتو عارفين شقتى بقالها سنين مقفولة ، فقلت ننزل ضيوف عندكم اليومين دول و اللا هنضايقكم يا عابد
عابد باحراج : لا ابدا .. تضايقونا ازاى
ثم نادى داوود بصوت عالى على هاجر التى اتت مسرعة ، فقال لها و هو يشير لنانسى : خدى المدام و البنات وصليهم اوضة الضيوف ، و خلى السواق بجيبلهم الشنط بتاعتهم
و بعد انصراف نانسى و ابنتيها مع هاجر يقول سليم بضحكة صغيرة : معلش بقى هنتقل عليكم
ليلى بهمهمة و هى تنصرف بامتعاض : قلة ذوق
ليصبح مكوث سليم بفيلا المنشاوى امرا واقعا ، و بعد تناولهم الغداء بنصف الساعة يصل المحامى ، و بعد تبادل التحيات يجلس بينهم و يقول : فى حاجة مهمة جدا لازم تعرفوها قبل ما نفتح الوصية
عندما وجدوا الفريق المختص بالتعقيم ينقر على باب الغرفة الخارجى ، سمحوا لهم بالدخول الي الجد ليقوموا بتجهيزه للجراحة
ليجدوا مفاجأة مذهلة بانتظارهم جميعا
فقد وجدوا الجد مكوما على الارض فوق سجادة صلاته دون حراك ، و عندما اسرع اليه المسعفون وجدوا انه قد فارق الحياة بالفعل اثناء الصلاة
بعد مرور عدة ايام و انقضاء ايام العزاء .. كانت رنيم قلما تفارق غرفة جدها الا سويعات قليله كل صباح ، ثم تعود اليها و لا تخرج منها الا اليوم التالى ، فكانت مقيمة بداخلها منذ واروه الثرى .. ترافقها رغدة و ببعض الاوقات ايضا ترافقهما يقين ، حتى انها لم تتلقى العزاء مع باقى افراد الاسرة و لم تحضر ايا من الطقوس الخاصة بالعزاء
و لكنها كانت صباحا تذهب الى قبر جدها بمفردها دون علم احد و بعد ان تقوم برى الزهور .. تجلس الى جوار قبره فى سكون تام لا يتحرك منها سوى عبراتها المنسالة فوق وجنتيها و عينيها و شفتيها التى تتحرك مع كلمات القرآن الكريم التى كانت تقرأه بهمس يكاد يكون مسموعا
و كانت عودتها تحت انظار داوود الملتاعة من اجلها ، و الذى كلما سألها عن سبب خروجها رغم تخمينه ..الا انها كانت تنظر اليه دون اجابة و تعود مرة اخرى الى صومعتها
حتى كان صباح اليوم ، و الذى قرر فيه داوود ان يعلم اين تذهب ، فانتظرها و قام بتتبع خط سيرها ، و كان قد توقع من هيئتها ماتفعل ، و عند دخولها الى المقبرة .. انتظر دقائق قليلة قم لحق بها بالداخل ، فوجدها قد جلست كعادتها الى جوار القبر و بيدها المصحف الشريف و هى تستعد لقراءة القرآن الكريم .. فحمحم بصوته حتى لا يفزعها لترفع عيناها اليه بوهن ثم اعادتهم مرة اخرى دون اى حديث و بدأت فى تلاوتها و كأن شيئا لم يكن
فلم يجد داوود بدا من الجلوس هو الاخر فى انتظارها بعد ان قام بالدعاء لجده
و اثناء انتظاره .. ظل يحدق برنيم التى نقص وزنها و شحب وجهها ، فقد شعر بشحوب وجهها و يديها ، و لولا احمرار جفونها و انفها بسبب البكاء لقاربت شحوب الموتى
و فى خضم افكاره وجدها اغلقت المصحف الشريف و ظلت تتمتم بهمس ظنه دعاءا لجده ، فأخذ يدعو له هو الاخر مرة اخرى حتى نهضت من جلستها و عدلت من وضع عصاتها و اتكأت عليها و اتجهت الى الخارج
فخرج ورائها على الفور و اكرم الحارس امتنانا لتواجده إلى جوارها طوال تواجدها ، ثم لحق بها قبل ان تدير سيارتها قائلا : ثوانى يا رنيم من فضلك
فنظرت له دون حديث فى انتظار ما سيقول ، فاستطرد قائلا : محتاج اتكلم معاكى شوية لو ممكن
رنيم : سمعاك
داوود و هو يتلفت حوله : اكيد مش هتكلم معاكى هنا وسط المقابر ، ايه رايك ، تعالى نفطر سوا و نتكلم شوية
رنيم بخفوت : ماعنديش نفس
داوود : طب بلاش اكل ، تعالى نقعد فى اى حتة و نتكلم
رنيم بضيق : انا تعبانة يا داوود و مش قادرة حاليا انى ..
داوود مقاطعا : انا اللى هتكلم مش انتى ، انتى اللى مطلوب منك انك تسمعينى ، ثم دار حول سيارتها و قام بفتح الباب المجاور لها و قال : هركب معاكى و بعدين ابقى ابعت اى حد يجيبلى العربية ، ياللا بينا
رنيم ببعض الامتعاض : على فين
داوود : اطلعى ناحية المينا .. فيه قاعدة هناك حلوة
ادارت رنيم السيارة و هى تقول : طب و اللى انت عاوز تقوله ده .. ماينفعش يتقال و انا سايقة
داوود باختصار : لا ما ينفعش
ظل السكون يخيم عليهما حتى وصلا الى مكان بعينه .. فاشار لها داوود على نقطة لصف سيارتها و ترجلا منها .. ليصطحبها الى داخل احد الكافيهات و يجلسها امامه و يطلب من النادل ان يحضر لهما مشروبا ، ثم ينظر الى رنيم قائلا : قبل ما اتكلم فى اى خاجة .. انا عاوز اعتذر لك
رنيم بدهشة : تعتذر لى انا .. ليه
داوود : يعنى .. عشان جيت وراكى الصبح من غير ما اقول لك .. بس عذرى انك مش مديانى فرصة ابدا انى اتكلم معاكى من وقت وفاة جدى الله يرحمه ، و الايام بتعدى و مابقاش فى وقت
رنيم بذهول للمرة الثانية : وقت لايه .. وضح كلامك انا مش فاهمة حاجة
داوود : المحامى جى النهاردة بعد الضهر عشان يفتح وصية جدى
رنيم برجفة بعضلات وجهها : بسرعة كده
داوود : دى كانت وصية جدى ، هو اللى كان محدد الوصية تتفتح بعد كام يوم من وفاته
لتغمض رنيم عينيها فى محاولة لكبت عبراتها ، ثم قالت بصوت مرتعش : و انا مطلوب منى ايه
داوود : مطلوب منك تستعدى للى جاى
رنيم : مش فاهمة
داوود و هو يشير للكأس الذى احضره لها النادل : اشربى العصير .. انا متاكد انك ما اكلتيش و لا شربتيش اى حاجة من امبارح
رنيم : ماليش نفس
داوود محفزا اياها : تفتكرى جدى لو عايش كان هيبقى مبسوط منك و انتى بتعملى كده .. اشربى العصير يا رنيم من فضلك
لتخونها عبراتها و هى تتسارع فى السقوط من بين جفنيها ، لتتفاجئ بداوود يبدل مقعده ليحلس بالقرب منها مناولا اياها محرمة ورقية و هو يقول : بشويش على نفسك يا رونى ، جدى قطع بينا كلنا ، لكن افتكرى انه كان تعبان و بيتألم ، و افتكرى كمان ان فى كل الاحوال كلنا هنموت ، و ان المسالة مش اكتر من معاد بيختلف من واحد للتانى
ثم ربت على كفها قائلا : اشربى العصير .. ياللا عشان جدى ما يزعلش منك
لتمتد يدها المرتعشة الى كأس العصير و هى تقربه من شفتيها لترتسف رشفة صغيرة ثم تعيد الكأس مرة اخرى الى موضعه و تقول : انا سامعاك .. كمل كلامك
داوود : انتى طبعا عارفة ان لحد دلوقتى ماحدش يعرف بجوازنا غير انا و انتى و الشهود
رنيم بتقطيبة و كأنها كانت نسيت تماما تلك القصة : جوازنا
داوود : ايوة جوازنا
رنيم : يعنى ايه
داوود : يعنى النهاردة كلهم هيعرفوا و لاول مرة بالحكاية دى ، و لازم احنا الاتنين نبقى مستعدين لده كويس جدا
رنيم : نستعد ازاى يعنى .. مش فاهمة
داوود و هو يحدق بعينا رنيم : ندعم بعض يا رنيم ، نسند بعض ، مهما حصل .. ماحدش فينا يتخلى عن التانى ابدا
رنيم : بس انت عارف انى …
داوود : انك وافقتى على الجواز عشان خاطر جدى الله يرحمه
رنيم : ايوة ، يعنى دلوقتى .. اعتقد ان الجوازة دى ما بقيتش …
ليقاطعها داوود بحزم قائلا : الجوازة دى لا يمكن تنتهى ابدا
رنيم برهبة : تقصد ايه .. انى هفضل طول عمرى على ذمتك
داوود : او طول عمرى انا
رنيم : مش فاهمة
داوود بتنهيدة : اسمعى يا رنيم ، انا عاوزك تفهمى و تتاكدى ان ماحدش فى الدنيا دى كلها هيخاف عليكى و على مصالحك زيى
و لا حد فى الدنيا دى كلها برضة يقدر يحميكى زيى
رنيم : يحميني من ايه .. هو انا مهد.دة من حد و انا ما اعرفش
داوود بامتعاض : للاسف مش كل حاجة هقدر احكيهالك دلوفتى
ىنيم ببعض الحدة : لا بقى .. انا لما جدو قاللى زيك كده قبل كده سكتت ، بس لان اللى قالى كده كان جدو ، لكن لما انت تيجى تقوللى نفس الكلام اوعى تفكر انى هسمع و اقول حاضر من غير ما افهم
كانت عينا داوود تتنقل بين مقلتا رنيم طوال حديثها حتى انتهت من الحديث و هو مازال يتنقل بين عينيها و كأنه يفاضل بين امرين لا يعلم أيهما افضل ، و ظل على حاله حتى قالت رنيم و هى على نفس وتيرة حد.تها : هتتكلم و تفهمنى و اللا اقوم امشى و اللا ايه
ليدلك داوود وجهه ببعض القسو.ة ، ثم نظر إليها و قال : والدك جاى النهاردة .. السواق هيروح يجيبه من المطار الساعة تلاتة او اربعة تقريبا ، يعنى احتمال كبير انه هيبقى فى البيت قبل خمسة
رنيم بدهشة : بابا .. ماقاليش ، و كمان .. انا مابلغتوش بموت جدو ، هو عرف ؟
داوود : ايوة
رنيم : طب و انت عرفت ازاى انه جاى
داوود : المحامى كلمنى و بلغنى ان والدك اتصل بيه و ساله عن معاد فتح الوصية لانه عاوز يحضرها معاكى
لتنظر له رنيم و على وجهها علامات التخبط الشديدة ، فاسترسل داوود قائلا : انا عارف ان جدى وصاكى باللى انا بطلبه منك ده ، ارجوكى يا رنيم ، ماتسمحيش لحد ابدا انه يفرق بينا على الاقل الفترة دى مهما ان كان وضعه او صفته حتى لو كان والدك
انا متاكد انك لو قلتى لوالدك انك مغصوبة على جوازك منى ماهيصدق انه يحاول يطلقك منى و يمكن كمان ياخدك معاه
رنيم برفض : بابا ياخدنى معاه ، لا يمكن ابدا
داوود ببادرة امل : يعنى هتفضلى معايا و هتساندينى حتى لو والدك طلب ده
رنيم : بابا عمره ما هيطلب منى حاجة زى كده اصلا ، اللى خلاه ماعملهاش العمر ده كله .. هيعملها دلوقتى ، ده لا يمكن يحصل
داوود ببعض الاحباط : تقصدى انك مش هتساقرى معاه لانه مش هيطلب ده
رنيم بتاكيد : ايوة طبعا
داوود : طب لو حصل و طلب ده .. هتوافقى تسافرى معاه
و عندما ارتسمت علامات الحيرة على وجهها قال : جدى اخر حاجة طلبها مننا اننا مانتفرقش ابدا عن بعض يارنيم
رنيم بفضول : وجودى من عدمه يهمك فى ايه يا داوود
داوود بحمحمة : اكيد يهمنى ، على الاقل ابقى متطمن عليكى و كمان اقدر انفذ وصية جدى ، و جدى موصينى انك ماتسافريش لباباكى
رنيم : و انا لازم افهم السبب
داوود : اوعدك انى قريب خالص ان شاء الله هفهمك كل اللى انتى عاوزة تفهميه ، بس بلاش سفر ارجوكى
رنيم : بس انا اكيد مش هفضل عمرى كله مربوطة جنبك
داوود : ماتنسيش انك مراتى
رنيم : و ماتنساش انى مغصوبة
داوود ببعض الضيق : ياريت بلاش نرجع نجيب الشريط من اوله ، طب ايه رايك .. تيجى نتفق اتفاق
رنيم ببعض الترصد : اتفاق ايه بقى ده
داوود : ايه رايك فى هدنة بيننا و بين بعض ، نتمسك ببعض قدام الكل على الاقل على ما الوصية تتفتح و باباكى يسافر من تانى
لتنظر له دون اجابة و كانها تفكر فى حديثه ، لتتذكر حديث جدها لها حينما قال لها .. ( خايف من بعد ابوكى عنك ، و يمكن اخاف اكتر من قربه )
فقالت : و انا موافقة بس بشرط
داوود : شرط ايه ده
رنيم : ماتجبرنيش على حاجة انا مش عاوزاها
داوود : مش هجبرك على حاجة غير لو كانت فى مصلحتك
رنيم : يبقى تفهمنى
داوود : حاضر ، ها .. اتفقنا
رنيم : اتفقنا .. عاوزنى اعمل ايه بالظبط
داوود : تعالى رجعينى اخد عربيتى و هفهمك كل حاجة
كان سليم قبل ظهيرة نفس اليوم على متن الطائرة المتجهة الى الاراضى المصرية و بصحبته زوجته و ابنتيه ، و كانت نانس تجلس الى جوار سليم و تقول : كل ما افتكر انك كنت رايح تقدم استقالتك ، و بعدين عرفت بموته ، اقول الحمدلله انك لحقت نفسك
سليم ضاحكا : ايوة ، الله يرحمه بقى اهو فك عن انفاسنا
نانسى : طب ليه ما كلمتش رنيم و عرفتها اننا جايين
سليم بخبث : تليفونها على طول مقفول ، انا عارف هى كانت متعلقة بالمنشاوى اد ايه ، و هو الحقيقة كان حنين عليها بزيادة ، فعاوزها تفهم انى اول ما عرفت سيبت كل حاجة عشان ابقى معاها و جنبها ، و ان المنشاوى مات بصحيح بس انا موجود
نانسى : بس برضة مش غريبة شوية انها ماتكلمكش تبلغك
سليم : طبعا ، بس هديها عذرها ، لكن ده ما يمنعش انى اعاتبها انى اعرف من الميديا زيى زى الغريب ، المهم .. فهمتى بناتك يتعاملوا ازاى و يعملوا ايه
نانسى : ايوة فهمتهم .. ماتقلقش
بس تفتكر جدها كان كاتبلها حاجة اسبشيال ليها بعيد عن الميراث
سليم بتمنى : متهيالى .. و كمان كان كاتبلها على حياة عينه كذا حاجة كده برضة
نانسى : طب و المصنع
سليم بطمع : اهو المصنع ده اللى لو حطيت رجلى فيه هتبقى نقلة تانية خالص
نانسى : بس احنا عندنا اللى اكتر من المصنع
سليم : المصنع هيبقى غطا يا حبيبتى لفلوسنا لما نحب نطلعها ، هيدى شرعية لفلوسنا اللى لسه برة لما نحب ندخلها هى كمان
نانسى بسخرية : غسيل اموال يعنى
سليم : اديكى فهمتى
نانسى : تفتكر حد من اهل بنتك ممكن يتضايق من وجودى انا و البنات معاك
سليم بنفى : مش عارف ، بس مايهمنيش
نانسى بانتباه : طب تفتكر حد فيهم يعرف الكلام اللى جدها بعتهولك قبل ما يموت
سليم بجمود : مش عارف ، بس اكيد هنعرف ، اما نشوف الدنيا هترسى على ايه
اما بفيلا المنشاوى .. فكانت تجلس ليلى بالشرفة كعادتها عند وجودها بالفيلا ، و كانت يقين تجلس على مقربة منها بحزن وهي ترتل ايات الذكر الحكيم و عندما انتهت من ترتيلها قالت لها ليلى : مش ناوية تفوقى بقى شوية
يقين : عاوزانى افوق و اعمل يعنى يا ماما
ليلى : انتبهى لحالك شوية ، حزنك و زعلك و عياطك ده مش هيرجعه
يقين: عارفة
ليلى : و أما انتى عارفة ، مابترحميش عينيكى اللى ورمت من كتر العياط دى ليه
يقين ببكاء مكتوم : هو بمزاجى يعنى يا ماما ، ثم مانتى عارفة انا كنت بحب جدو و متعلقة بيه اد ايه ، و كل ما افتكر انى لو ماكنتش قطعت الرحلة و رجعت .. وانى ماكنتش هشوفه قبل ما يموت بحس انى بتخنق و موجوعة اوى
ليلى بامتعاض : هو انتى يا بنتى غاوية نكد ، انتى رجعتى و شوفتيه و قعدتى معاه بدل اليوم خمسه ، لازمته ايه بقى الافتراضات السودة دى
نفسى تفردوا وشوشكم دى شوية ، انا تعبت من المناظر دى
لتدير يقين وجهها بامتعاض و تقلع عن الحديث الذى لا طائل منه
لتسمع امها تقول مرة اخرى : الهانم اتاخرت يعنى النهاردة ، كانت كل يوم بترجع على عشرة ، و ادينا داخلين على واحدة و لسه ماجاتش ، و صاحبتها قاعدة برة فى الجنينة ، ماتكلميها تشوفيها فين لا يكون حصل لها حاجة هى راخرة
يقين : قافلة فونها بقالها كذا يوم ، بس ماتقلقيش عليها
ليلى بفضول : انتى عارفة هى فين
يقين : مع داوود
ليلى بانتباه : معاه فين .. فى المصنع ، هى ناوية تتنطط بقى و اللا ايه
يقين : اهدى .. ماهياش فى المصنع رغم انها عادى يعنى لو راحت
ليلى بحدة : انتى مش بتقولى انها مع اخوكى ، اومال معاه فين فى الوقت ده ماتنطقى
يقين : ما اعرفش يا ماما ، هى لما اتاخرت قلقت عليها و كلمت داوود عشان اقول له ، لقيته بيقوللى ماتقلقيش و انها معاه
و قبل ان تقول ليلى شيئا اخر سمعت نفير سيارة رنيم و هى تمرق من البوابة الرئيسية ، ثم رأت رنيم و هى تتكئ على عصاتها باتجاه الداخل و تذهب اليها رغدة من فورها لملاقاتها و مساندتها ، لتنهض ليلى من جلستها و تتجه لملاقاتهما ، و ما ان وصلتا اليها قالت بفضول كبير و هى تنظر لرنيم بترصد ملحوظ : انتى كنتى فين
رنيم و هى تتبادل النظرات بينها و بين رغدة و يقين : كنت عند جدو
ليلى بشك : كل ده
رنيم : بعدها قعدت مع داوود شوية
ليلى : ايواااا .. قعدتوا فين بقى
رنيم بتعجب : هو فى اى يا طنط
ليلى : فيه انى عاوزة اعرف قعدتى مع ابنى فين و ليه كل الوقت ده
لتنظر إليها رنيم بجمود و تقول : اعتقد حضرتك ممكن تسالى داوود نفسه عن الكلام ده .. لانى ما اقدرش اقولك
ليلى بحدة : و ليه بقى ان شاء الله ماتقدريش تقوليلى ، و فين داوود ، طالما كان معاكى كل ده
رنيم : اعتقد ان زمانه وصل برة لانه كان ورايا بعربيته
ليدخل عليهم داوود بوجه عابس قائلا : ايه الصوت العالى ده .. فى ايه
ليلى بحدة : انت اللى فى ايه ، انت كنت قاعد مع الهانم فين كل ده و لوحدكم
لينظر داوود الى رنيم فوجدها تنظر اليه و تنتظر رده ، فاعاد نظره الى والدته و قال بحزم : ما هو مش كل حاجة المفروض انها على الملأ كده يا ماما
لتشعر رغدة بالحرج و تحمحم قائلة : طب يا رنيم انا همشى انا و …
رنيم بحزم : لأ يا رغدة ، خليكى معايا .. انتى عارفة انى محتاجالك
رغدة بتردد : بس فى خصوصيات مايصحش انى ..
ليقاطعها داوود تلك المرة قائلا : انا اسف يا رغدة ، انا ما اقصدكيش انتى ابدا بكلامى ده
ليلى بترصد : اومال تقصد مين بقى بالظبط
داوود بحزم : اقصد الكل يا ماما ، انا و رنيم فيه بيننا حاجات ماحدش يعرفها غيرنا احنا الاتنين و …
ليلى بحدة : حاجات ايه دى ان شاء الله .. فهمنى حالا
داوود : هتفهموا كل حاجة وقت فتح الوصية
ليلى بفضول : تقصد ان جدك كان كاتبلكم حاجة مع بعض
داوود و هو يشير لرنيم بالذهاب الى الاعلى مع صديقتها : اقصد ان الوصية لما هتتفتح كلكم هتفهموا كل حاجة
و بعد انصراف رنيم و رغدة قالت ليلى : هو انت عارف الوصية فيها ايه
داوود : لأ
ليلى بغضب : اومال بتقول اننا هنفهم بعد ما تتفتح ليه
داوود ببعض الحدة : لان لو الوصية مافيهاش اللى انا اقصده ، فانا بنفسى اللى هقول لكم على كل حاجة
ليلى : طب ما تقول من دلوقتى
ليتجه داوود الى غرفة المكتب و يغلقها دونه بعد ان قال : ماينفعش
لتظل ليلى تقطم اظافرها بتوتر و هى تستشيط غيظا
اما بغرفة رنيم فكانت رغدة تقول بدهشة : هى طنط مالها سانة سنانها عليكى كده النهاردة
رنيم : مش عارفة
رغدة : يعنى دى اول مرة و اللا هى كده على طول
رنيم : هى متغيرة معايا من فترة و مش فاهمة ليه
رغدة بتخمين : يمكن بسبب حكاية معتز
رنيم بنفى : تؤء .. من قبلها ، بس ماكانتش بالحدة دى ، اى نعم من وقت للتانى بتسمعنى كلام زى الس.م ، بس مش بالاسلوب ده برضة
رغدة : طب و انتى روحتى فين مع داوود و اتاخرتى فعلا بالشكل ده ، و اتقابلتوا فين و ازاى
رنيم : و انا عند جدو .. لقيتو جاى ورايا ، و فضل مستنينى لغاية ماخلصت و بعدين طلب اننا نقعد نتكلم سوا ، فروحنا كوفى ناحية المينا و قعدنا اتكلمنا و بس
رغدة : ايوة يعنى .. اتكلمتوا فى ايه
رنيم : كان بيقوللى على اللى هيحصل النهاردة
رغدة : ايوة انا سمعت طنط بتقول ان الوصية هتتفتح النهاردة بعد الضهر
رنيم : و بابا جاى النهاردة
رغدة بدهشة : بجد .. طب ده خبر كويس جدا ، بس ازاى انتى ماتعرفيش
رنيم و هى تشير الى هاتفها المهمل فوق المنضدة : ما انتى عارفة انى قافلة تليفونى
رغدة : اممم … عشان كده اتصل على داوود
رنيم بحيرة : لأ .. اتصل بالمحامى سأله عن معاد فتح الوصية
رغدة بتقطيبة : غريبة اوى ، طب و الحكاية دى تهمه فى ايه
رنيم بتردد : مش عارفة
رغدة : طب عرفتى هيوصل امتى
رنيم و هى تلقى نظرة على ساعة معصمها : المفروض السواق يروح يجيبه من المطار بعد ساعتين من دلوقتى
رغدة : عموما وجود اونكل سليم وياكى فى ظرف زى ده حاجة كويسة ، لكن هو ده يستدعى ان داوود يتكلم معاكى كل الوقت ده
رنيم : داوود طلب منى انى اسانده و اايده قدامهم
رغدة : تأيديه فى ايه بالظبط .. مش فاهمة
رنيم : اللى خمنته ان ممكن انهم اما يعرفوا بموضوع جوازنا .. حد يحاول يطلقني منه
رغدة بخبث : و هو مش عاوز ده يحصل
رنيم بتنهبدة مثقلة : و لحد دلوقتى مش فاهمة ليه
رغدة ببعض المكر : ماتشغليش دماغك و سيبى كل حاجة لوقتها ، بس متهيالى يا رونى طالما اونكل جى .. المفروض امشى انا بقى ، وجودى هيبقى شكله بايخ و كمان عشان فتح الوصية
رنيم : انا محتاجالك معايا
رغدة : و انا مش هسيبك غير بس الليلة دى ، و ليكى عندى انك بكرة لما ترجعى من عند جدو تلاقينى عندك
و فى الموعد المحدد .. وصل سليم و زوجته و ابنتيه الى فيلا المنشاوى ، ليستقبلهم عابد ببعض الفتور و ليلى باحتقا.ر ، و داوود بكثير من الجمود ، و ما ان جلسوا جميعا قال سليم لعابد : البقاء لله يا عابد .. انا اول ما عرفت الخير صممت انى اجى بنفسى ، و كان نفسى اجى على طول يوميها بس للاسف كان لازم شوية اجراءات عشان نانسى و البنات صمموا ييجوا يقفوا جنب رنيم و مايسيبوهاش لوحدها
عابد بتهكم ضمنى : طول عمرك صاحب واجب يا سليم
سليم : اومال ايه .. ده مهما ان كان المنشاوى .. الله يرحمه و يحسن اليه
ثم التفت حوله و قال : اومال فين رنيم
عابد : فى اوضتها ، بعتت يقين بنتى تندهلها
لتدخل عليهم رنيم بهدوء قائلة : مساء الخير
لينهض سليم متلقفا اياها بين ذراعيه قائلا بجلبة : رنيم يا حبيبتى وحشتينى اوى .. عاملة ايه يا حبيبتى طمنينى عليكى
رنيم : انا بخير الحمدلله
لتنهض نانسى هى الاخرى و التى لم تكن رنيم قد انتبهت إليها بعد و قالت : البقاء لله يا رنيم .. شدى حيلك يا حبيبتى ، انا اول ما عرفت قلت لسليم انى لازم انزل معاه و اعزيكى بنفسى
لتحتضنها نانسى بينما وقفت رنيم بجمود بين ذراعيها ، لتسمع سليم يقول : و اخواتك كمان جولك معانا عشان يعزوكى و يقفوا معاكى
لتلتفت رنيم بفضول لتجد سالى و سيلا تتقدمان منها و تعرفها كل منهما على نفسها و تحتضنها و تقبلها
و على الرغم من ان رنيم كانت تتمنى تلك اللحظة منذ سنوات .. ان تجتمع بشقيقتيها ، الا انها شعرت بين احضانهم جميعا بشوك سا.م ينغس قلبها من الداخل ، لتجد عيناها تبحث على الفور عن داوود الذى ما ان نظرت اليه حتى وجدته ينظر لها بكل الدعم مما جعلها تستعيد بعض ثقتها بنفسها
و سمعت سليم يقول : تعالى يا رنيم .. تعالى يا حبيبتى اقعدى هنا جنبى .. انا من وقت ما عرفت و انا بحاول اكلمك و انتى تليفونك على طول بيدينى مغلق لدرجة انى شكيت انك تكونى غيرتى رقمك
رنيم و هى تتحمحم و تبحث عن صوتها : لا .. هو بس خلص شحن و انا نسيت اشحنه
نانسى : اعذرها يا سليم ، انت بنفسك قلتلى المرحوم كان غالى عندها اد ايه
لتدخل عليهم هاجر و تخبرهم ان المائدة جاهزة ، لينهض داوود قائلا : متهيالى نلحق نتغدى و نشرب القهوة قبل ما المحامى يوصل
نانسى : طب ممكن بس تسمحولنا انا و البنات نغير هدوم السفر
ليلى باعتراض متوارى : هو انتو جايبين شنطكم على هنا
سليم : الحقيقة ايوة ، انتو عارفين شقتى بقالها سنين مقفولة ، فقلت ننزل ضيوف عندكم اليومين دول و اللا هنضايقكم يا عابد
عابد باحراج : لا ابدا .. تضايقونا ازاى
ثم نادى داوود بصوت عالى على هاجر التى اتت مسرعة ، فقال لها و هو يشير لنانسى : خدى المدام و البنات وصليهم اوضة الضيوف ، و خلى السواق بجيبلهم الشنط بتاعتهم
و بعد انصراف نانسى و ابنتيها مع هاجر يقول سليم بضحكة صغيرة : معلش بقى هنتقل عليكم
ليلى بهمهمة و هى تنصرف بامتعاض : قلة ذوق
ليصبح مكوث سليم بفيلا المنشاوى امرا واقعا ، و بعد تناولهم الغداء بنصف الساعة يصل المحامى ، و بعد تبادل التحيات يجلس بينهم و يقول : فى حاجة مهمة جدا لازم تعرفوها قبل ما نفتح الوصية
الخامس من هنا