اخر الروايات

رواية انا والطبيب قيس وقدر الفصل الرابع 4 بقلم سارة نيل

رواية انا والطبيب قيس وقدر الفصل الرابع 4 بقلم سارة نيل 



[أنا والطبيب]

الفصل الرابع -٤-

– أيه يا قدر موحشتكيش .. عزيز جوزك حبيبك مش وحشك ولا أيه يا صبارتي….

كلمات سقطت على قلب قيس زلزلته بعدما عاد ليُحضر دفتره الذي نساه في غُرفة قدر، تخشب جسده وتربدت ملامحه بالصدمة وهو يقف أمام باب الغرفة الغير مُكتمل الغلق..

بينما في الداخل فمُحق الضعف من فوق وجه قدر وتبدل بالثبات والوجوم فاقترب عزيز منها يهمس أمام وجهها بنبرة مُهددة خبيثة:-


– أيه يا قدر الخوف والرعب إللي كنت بشوفهم في عينك مش موجودين يعني..

أوعي تكوني نسيتي رحلتنا سوا يا صبارتي ولو نسيتي أنا عيني لكِ أنا بحب أرجع الذكريات، بس يا حلوة متنسيش أنك لسه تحت إيدي ومش علشان طلقتك يبقى كدا عزيز إنتهى..

أنتِ عارفع أنا طلقتك ليه … طبعًا فضيحة كبيرة لعيلة البحيري إن يبقى حد شايل اسمهم وفي بيتهم مجنون … المجانين مكانهم هنا .. في مستشفى المجانين، أنتِ من البداية مكونتيش تستاهلي اسمي ولا تطولي إن حتى أبصلك وأنا مستنضفش أبدًا واحدة زيك تشيل اسمي..

اتجوزتك بس علشان أزلك وأكسرك وأكسر كبريائك وغرورك وأعرفك نهاية إللي بيقف قدامي، لولا أنه كان أمر جعفر باشا إن أطلقك مستحيل كنت طلقتك وخليتك طول العمر زي البيت الواقف لا طايلة سما ولا أرض..

بس أوعي تنسي إن رقبتك ورقبتهم تحت إيدي يا قدر .. ومستحيل توصليلهم ولا عينك تلمح طرفهم تاني .. هما كمان بياخدوا جزاءهم..

دار حولها ونظر لها نظرة ذات معنى ثم قال:-

– تعرفي إن منى حد هاجمها وهي نايمة وطع-نها في جسمها … والغريبة .. ماية النا’ر .. فكراها أكيد يا قدر … ودي حاجة تتنسي بردوه..!!

اقترب منها وانحنى ثم قال بفحيح فوق رأس قدر التي تنظر للأمام بثبات:-

– تعرفي أنتِ لو في حالة غير حالتك دي كنت شكيت فيكِ بس أنا عارف ومتأكد أنك متتجرأيش .. وأكيد إللي حصل مش صدفة يا صبارة، بس اتأكدي إن لو عرفت إن ليك علاقة من قريب أو ومن بعيد .. ساعتها هشوفي جحيم ولا حاجة جمب الجحيم إللي شوفتيه وهتكون نهايتك..

كان يتحدث بنبرة تبث الرعب في أوصال من يسمعها، نبرة جحيمية تُحاكي ملامحه التي يرتسم فوقها شر لا نهاية له..

وأكمل يقول بنبرة مريضة:-

– اصبري على رزقك يا قدر دا أنا محضرلك مفاجآت هتعجبك..

وسار يخرج من الغرفة ليستدير قيس يصطنع السير في الممر وخرج عزيز نحو غرفة مكتب مدير المشفى..

بقى قيس جامدًا بمكانه يستوعب ما سمعه وفوران غضب يمور بقلبه كلمات هذا الحقير المريض كانت كحُمم بركانية تسقط على روحه، ويبدو أن ما خفي كان أعظم وأن قدر تُخبأ أسرارًا مؤلمة وأوجاع مرمرت جنبات روحها..

دلف لغرفة قدر ثم توقف أمامها فوجدها تنظر أمامها بشرود وأعين غائمة فهتف قيس وهو لا يشعر بأنها بدأت تتخلل روحه وتسكنها وهالتها تلك لا فرار منها..

– قدر .. عايز أقولك إن أنا الوحيد هنا إللي هقدر أساعدك وأخلصك بس الأول لازم تساعدي نفسك يا قدر .. المستشفى هنا مكان خطر عليكِ .. ساعديني وأنا مستعد أهربك من هنا..

وعد مني قدام رب العالمين إن مش هتخلى عن مساعدتك بس لازم أنتِ تقرري .. لازم تخرجي من القوقعة دي مستعينة برب العالمين..


لم يكن الحب يومًا مجرد كلمات عشق وحروف، الحُب سند .. وجود ملجأ دائم .. شعور بالحماية والإحتواء .. معانٍ أسمى من الحُب مدلولها الوقوع في العشق..

خرج قيس قاصدًا شيئًا ما وتركها خلفه بنظرات خامدة لا توحي بحياة..

عاد قيس سريعًا بعد أقل من ساعة وهو يحمل حقيبة قماشية متوسطة ليجد قدر كما تركها، فقط تنظر إلى هذا الخيط من الضوء الضئيل بشرود غريب..

وضع قيس الحقيبة فوق ساقيها ثم أردف بيقين:-

– دا المخرج لكل أزمة في الحياة، أي مشكلة وأي وجع وأي حاجة مستحيلة حلّها عنده صدقيني يا قدر .. يمكن تستغربيني بس أنا واثق من طريقة العلاج دي..

جربي ومش هتخسري أبدًا، جربي مش يمكن تلاقي الطريق إللي أنتِ تايهة عنه، أوعي تيأسي من رحمته مهما بلغ بُعدك عنه .. صدقيني هيستقبلك بحفاوة..

وتركها وخرج مرةً أخرى وقد نجح بجدارة ليُحول كل أنظارها تجاهه وتُحفر كلماته بقلبها قبل عقلها وهي تتسائل داخلها بتعجب..

من هذا قيس؟!!

أخرجت ما في الحقيبة لتتوسع أعينها باندهاش سُرعان ما تحولت إلى حنين وروحها المعطشة تهفو إليه..

ابتسمت بإشراق إبتسامة حانية وأصابعها تتحسس رداء الصلاة بلون السماء ونُقش فوقه الكثير من الفراشات البيضاء..

من أين علم أنها تعشق الفراشات.!!

أخرجت المتبقي في الحقيبة لتجد مصلاه “سجادة للصلاة”..

اقتحمت الذكريات السيئة ذاكرتها ودموعها تنزف ألم روحها على وجهها..

جذب حجابها الساتر الطويل من فوق رأسها وهو يُحرر خصلاتها الذي جذبهم منها بعنف بينما يسحبها وهو يسحب جميع أحْجبتها بيده الأخرى، ألقاها بأرضية الحديقة أمام أعين الرجال التي أخذت تتأملها بفضول لمعرفة ما كان يُخيئة الحجاب عن أنظارهم..

سقطت خصلاتها كشلال من النُحاس اللامع من حولها وهي تضم جسدها تحاول لملمة شعرها وتخبئته بكفيها..

فأخذ عزيز يصرخ كمن أُصيب بمسّ من الجنون:-

– قاعدة ليلك ونهارك بيه وبتنامي بيه وعاملة نفسك أحسن وانضف من إللي هنا ونظراتك كلها لنا استحقار .. طب من هنا ورايح هتفضلي كدا وهحرقهم كلهم قدام عينك واليوم إللي هلاقيكي لبستيه فيه هكسر صوابعك أنتِ سامعه..

وألقى بجميع أحْجبتها أرضًا أمام أعينها المحمرة التي تجمدت بها الدموع الحارة وهي ترميه بنظرات حادة شرسة كارهة تتوعده بأنه ينتظره يوم…

تصاعدت النيران أمام أعين قدر من أحْجبتها المحترقة..

استقامت تنفض ملابسها ثم دلفت داخل هذا القصر الملعون نحو غرفة سجنها وأخذت تبحث من بين ملابسها على أحد فساتينها الطويلة ومزقت منها جزء كبير ثم عقدته فوق رأسها تخفي خصلاتها..


صعد عزيز من خلفها وهو يصرخ بجنون:-

– قدر … قدر .. إزاي تتجرأي وتمشي من قدامي من غير ما أسمحلك..

وبمجرد أن دلف للغرفة حتى تسمرت أعينه فوقها وهو يرى هذه الإجابة الصريحة في تحديها وعدم خوفها منه ومن تهديده..

ترفع رأسها بكبرياء وتحدي وشجاعة وقوة هي من اسقطتها بطريقه..

فهي لا تخنع أبدًا…

انتفخت عروقه وتنامى غضبه وهو يرى عدم مبالاتها بتهديده وبأن الشخص الوحيد التي يفرض سيطرته ويمارسها عليه يتمرد، هجم عليها وهو يتذكر سيطرة جعفر البحيري التامة عليه وإذعانه له .. هجم ينهال بالضرب العنيف على قدر ثم سحب كفها وبشيطانية جذب أصابعها للجهة المعاكسة دون رحمة لتدوي صوت فرقعة وتكسر العظام بالغرفة مصحوبة بصرخاتها المتوجعة حد الموت…

انتفضت قدر تخرج من ادكارها فرفعت كفها أمام وجهها وهي تقبض أصابعها وتبسطها ثم كورت قبضتها بشدة..

استقامت تقف حافية القدمين واتجهت نحو المرحاض وبعد قليل خرجت وهي تسحب رداء الصلاة ترتديه وتبسط المصلاة بتجاه كانت تعلمه جيدًا ووقفت لتنمو إبتسامة هادئة فوق شفتيها وتومض قوة عاتية بأعينها الزبرجدية وهمست للمرة الأولى بنبرة شديدة شرسة:-

– الحر’ق .. النا’ر .. دول حقي وأنا منتظره عدلك..

ورفعت كفيها المُثقلة بالدعاء وسط الظلام … وهل رُد مظلوم خائبًا من أمام باب الملك يومًا ما؟!

لقد أقسم بجلاله وعزته .. لقد كان المظلوم من الثلاث الذي لا يوجد بين دعاءهم وبين السماء حجاب..

وعزتي وجلالي لأنصرنّكِ ولو بعد حين..

كيف يحزن مظلوم بعد سماع هذا الوعد!

_______بقلم/سارة نيل______

وبذات الطريقة وبذات التوقيت رغم الحماية والحراسة المشددة كان يتسلل هذا المجهول لغرفة مختلفة..

اقترب من تلك الغافية بنومٍ عميق تضع سماعات الأذن بموسيقى صاخبة في أذنيها، غرز تلك الأبرة بذراعها وسحب المجهول أصبعها يضعه فوق شاشة الهاتف ليُفتح أمام أعينه..

وشرع في الخطوة الثانية من الإنتقام لكن تلك المرة ستكون مختلفة … ومن العيار الثقيل..!

موعدهم معها الصُبح أليس الصُبح بقريب!!

_______بقلم/سارة نيل_______


كانت فترة عمله للصباح، بجوف الليل بعد أن انتهى من قراءة ما تيسر له من القرآن وردد بعض الذكر خرج يتمشى بالممرات الساكنة الهادئة يتأكد أن كل شيء على ما يُرام قبل أن ينعم ببعض النوم..

وأثناء مروره بأحد الغُرف الجانبية تسلل لمسامعه صوت همس ضعيف..

عقد حاجبيه بعجب وأوشك أن يدلف لداخل الغرفة ليعلم ما الأمر لكنه توقف متسمرًا وهو يستمع لحديث مدير المشفى المنخفض وقد بدى متوترًا مرتجفًا:-

– زي ما بقولك كدا يا ماهر .. هو طلب نبدأ نديها العلاج ده .. تعرف ده معناه أيه..

ردد الطبيب ماهر بفزع:-

– بيعجل بموتها يا دكتور سامي، العلاج ده خطير جدًا .. علاج يدخلها في إكتئاب ويخليها متحسش بالعالم من حوليها ويوصلها بكل سهولة للإنتحا”ر ودا إللي يقصده..

– هنعمل أيه .. المجرم ده بقت المستشفى كلها تحت إيده ومهددني بأمي الكبيرة في السن..

ردد الأخر بهمّ وحزن:-

– وعيالي يا دكتور سامي .. أنا مش عارف أعمل أيه .. إحنا مالنا ومال إنتقامهم وليه يدخلنا في الحرب دي..

قال الطبيب سامي بحسم وأعين شاردة:-

– هنفذ يا دكتور ماهر .. من الصبح تنفذ..

هرع قيس يبتعد عن الغرفة بأعين متوسعة وهو لا يُصدق ما سمع، ألهذه الدرجة يصل الأمر؟!

تفاقمت نبضات قلبه تضرب صدره بعنف وهو يشعر أنه بدوامة لا يستيطع الخروج منها، لكن الأهم الآن هي .. حياتها أصبحت في خطر..

يجب أن ينقذها..

سار مسرعًا تجاه غرفتها فتلك المشفى أصبحت تُشكل خطرًا عليها، التفت بحذر قبل أن يلوى مفتاح الغرفة يفتحها بهدوء دون إصدار صوت، وفور أن فُتح الباب وقف مستمرًا ليتوارى سريعًا وهو يرى آخر شيء توقعه على الإطلاق..

صاعقة رعدية ضربت جسده بقوة مزلزلة قلبه..!



الخامس من هنا 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close