اخر الروايات

رواية مزيج العشق الفصل السابع والثلاثون 37 بقلم نورهان محسن

رواية مزيج العشق الفصل السابع والثلاثون 37 بقلم نورهان محسن


الفصل السابع والثلاثون
بعضهم مريض ، يكذب و يلومك علي عدم التصديق ..!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليلا في قصر البارون
داخل جناح ادهم
خرج أدهم من الحمام ، وهو يلف أسفل جسده بمنشفة كبيرة فقط ، بعد أن أخذ حمام منعش من عناء السفر الطويل ، ولكي يجدد نشاطه تمهيداً لسفره الذي يفكر في كيفية إخبار كارمن بذلك الآن.
توقف مكانه ، وهو يراها تدير اليه ظهرها ، وتعبث في حقيبة سفره.
رفع ادهم حاجبيه متسائلا : بتعملي ايه!!
أدارت كارمن كتفها إليه ، وقالت بنبرة عادية : بطلع هدومنا من الشنط زي ما انت شايف
أخذ نفسا عميقا قبل الرد محاولا الحفاظ علي رِباطة جأشه أمامها : احم لا سيبي هدومي زي ماهي في الشنطة
رمشت كارمن بعدم استيعاب : ليه مش فاهمة!!
تحرك بثبات نحو غرفة الملابس ، قائلاً ببرود : انا مسافر .. بعد كام ساعة هتقوم طيارتي
وقفت هناك مصدومة ، وعقلها يكافح لترجمة ما قاله منذ ثوان ، ثم مشيت ورائه إلى غرفة الملابس ، قائلة بتوتر : هتسافر لوحدك
تسائل أدهم بدهشة وهو يقف زر بنطاله بعد أن لبسه : نعم!
تنحنحت بحرج من سؤالها السخيف مصححة صيغة سؤالها : قصدي يعني هتسافر فين و هتقعد قد ايه؟
أجاب أدهم ، وهو يستمر في ارتداء ملابسه بجمود : رايح باريس في عملاء مهمين لازم اقابلهم قبل ما يبدأ الديفليه
فركت كارمن رقبتها بإضطراب ، وقالت بإستفهام : ضروري يعني السفر النهاردة. ..احنا لسه راجعين من مشوار متعب كتير عليك الضغط دا
رد أدهم بكذب دون أن ينظر إليها : ماتقلقيش عليا انا متعود .. وكمان هما ناس مهمه جدا يعني وقتهم بفلوس و مرتبطين بمواعيد كتير واحنا المحتاجين ليهم لان الفايدة الاكبر هتعود علينا فلازم اسافر بسرعة
قطبت كارمن حاجبيها قائلة بضيق : هتغيب كتير
ادهم بتنهيدة : مش اقل من اسبوعين
وأضاف بعد أن انتهى من لبسه ، وتوجه نحو باب غرفة الملابس ، ملاحظًا صمتها قائلا بهدوء وهو يقف أمامها مباشرة ، ومد يده إلى ذقنها ليجعلها تنظر إليه : مكشرة ليه!!
نظرت كارمن اليه ببراءة قائلة بنعومة : مافيش حاجة
نظر أدهم إلى داخل زرقاوتيها التي شتت كيانه بالكامل ، خاصة عندما حدقت فيه بعيونها اللامعة بإطلالاتها البريئة ، ثم تدحرجت عيناه على ملامحها عاقدا حاجبيه ، بينما زرقاوتيه الداكنه تموج بمشاعر مختلطة علي ملامحها الجميلة ، فهو يشتاق إليها منذ الأن ، هامسا بدون وعي : هتوحشيني
أحاط أدهم رأسها بكفيه وقبل جبهتها بحنان لم يستطيع قمعه ، ليغمغم بصوت هادئ : خدي بالك من نفسك كويس و من ملك
ابتسمت كارمن بحب رغم الضيق الذي يألم قلبها ، وتمتمت : وانت كمان
رفعت أصابع قدميها ، لتطبع قبلة رقيقة دافئة بجوار فكه مما ألهب مشاعره بشوق أكبر لها.
ثبت أدهم عينيه على شفتيها المرتعشتين ، ثم جذبها إليه علي حين غرة ، مقتنصا شفتيها في قبلة محمومة بمشاعر عديدة.
اتسعت عيناها مصدومة من فعلته لبرهة ، ثم سرعان ما تلاشت الصدمة ، وهي تلف ذراعيها حول رقبته.
تبادلت معه القبلات الحارة بجرأة كبيرة أثارت مفاجأتها هي نفسها ، لكنها من الآن تشتاق إليه ، لا تريده أن يبتعد عنها ، تريد أن تحيطه بحنانها ، و أن تشعر بالأمان الذي يحيطها بحضوره بجانبها.
كيف ستتحمل غيابه عنها ، على الأقل الآن ، يمكنها أن تأخذ منه جرعة صغيرة لتهدئة روحها ، لعلها تستكين قليلاً ، فأن عشقه سكن وجدانها ، واصبح حياتها كلها.
إستمع إلى تنبيه عقله ، وانه يتواجب عليه أن يتغلب على هذا الانجراف الذي قد يجعله يلغي كل ما خطط له ، ويبقى في ذلك النعيم بالقرب منها.
يريد الابتعاد ، لكن كل حواسه ترفض الانصياع لأوامر عقله ، مطالبة بالبقاء على هذا القرب المهلك منها ، ولا تريد سواها.
كانت الدموع تنهمر من جفنيها المغلقين ، وأغرقت خدها حين صفعت تلك الأفكار السيئة التي تخيفها في عقلها ، وأنها لن تبقى معه في هذا الوضع أكثر من بضع ثوانٍ ، ثم سيبتعد عنها.
كيف ستتحمل فراقه ، لا تستطيع ليس بعد أن أحبته بجنون.
شعر أدهم بتلك القطرات التي بللت وجهه ، وعقد حاجبيه بحيرة وهو يفصل بين قبلتهما ويبتعد قليلاً ، ناظرًا إليها بدهشة ، لكن عقله ترجم تلك الدموع التي رآها تغرق وجهها بشكل خاطئ تمامًا.
حيث ظن أنها تذكرت أخاه ، أو ربما لا تريده أن يكون قريبًا منها من الأساس ، فلم يستطيع التحدث معها أو مواجهتها ، قائلاً بصوت أجش : انا لازم انزل اعمل شوية مكالمات من المكتب قبل السفر
شعرت كارمن بالدوار حالما ابتعد فجأة عن جسدها ، فحاولت أن تتكئ على الباب خلفها ، قائلة بحة خافتة ، وهي تمسح دموعها بظهر كفها : طيب انا هحضرلك باقي الحاجات في شنطتك
ذهب ادهم الي المنضدة ، وتناول ساعته لكي يلبسها ، قائلا بجمود : تمام
ابتلعت كارمن غصه تشكلت بحلقها قبل أن تتساءل بتفكير : احط لبس تقيل
هتف ادهم وهو يفتح باب الغرفة ، ليغادر إلى الأسفل : مش كتير الجو في الوقت دا كويس من السنة هناك
همست كارمن بأنفاس مضطربة : حاضر
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد عدة أيام من سفر أدهم
في الصعيد
هتفت روان بصوت عال : ايوه يا كوكي وحشتيني اخبارك ايه
قطبت كارمن بين حاجبيها من صخب صوت روان وقالت بلطف : الحمدلله حبيبتي انتي عاملة ايه و جدو والجماعه كلهم ازيهم
وزعت روان أنظارها بين جدها وامها الذين يجلسون أمامها وقالت علي الفور : كلنا بخير الحمدلله بيسلمو عليكي و جدو عايز يكلمك
همست لجدها بعيون تلتمع برجاء : جدو عشان خطري بلاش تطول .. عايزة الحق اكلم معاها شوية
زجرتها حنان بتأنيب : بطلي رخامة يا روان سيبي جدك براحته عيب كدا
قال الحاج عبد الرحمن وهو يمسك الهاتف : ماشي يا شقية سيبي التليفون من يدك هيقع مني كدا
ثم قال الجد بمحبة بعد أن وضع الهاتف بجوار اذنه : الو يا نن عين جدك اتوحشتك يا حبيبتي
ابتسمت كارمن بسعادة وهي تستمع إلى كلماته الحنونة ، حيث حياتها اصبحت افضل بعد أن تقربت من جدها : اهلا اهلا يا جدو .. انت كمان وحشتني .. طمني علي صحتك بتاخد الدواء و لا بتطنش
ضحك الجد قائلا ببشاشة : لا يا بنتي عندي هنا طقم كامل بيشرف علي كل مواعيد الدواء .. دا كفايه زين لوحده لو نسيت او راحت عليا نومه يفضل يتحدث كثير علي انه غلط .. لكن كلامه مابفهموش اصلا
قالت كارمن بضحكة : خايفين عليك يا جدو و دا لمصلحتك .. سيبك منهم كلهم وحياتي انا عندك خد الدواء بإنتظام
الحج عبد الرحمن بحنان : عيوني يا روح جدك .. سلميلي علي والدتك ووصلي سلامي لجوزك و امه كمان و بوسي الصغيرة نيابة عني
اردف بضحكة رجوليه عاليه : المخبلة روان عينيها بتطق شرار من دلعي ليكي خدي اهي معاكي كلميها
ضحكت كارمن علي كلماته وقالت برقة : حاضر يا جدي يوصل
أخذت روان الهاتف عن جدها ، وابتعدت عنهما قليلاً ، وقالت مازحة : ايوه يا كوكي كدا عايزة تخطفي مني الراجل حرام عليكي
كارمن بإستياء مزيف : انتي طماعة اوي يا لهوي منك مش مكفيكي جوزك
روان بتذمر طفولي : جدو قاعد معايا علي طول بس جوزي بينزل الفجر و يرجع بليل يا اختي
كارمن بسخرية : احمدي ربنا انا بقي جوزي مسافر بقالو 4 ايام اهو و محدش بيدلعني
روان بضحكة عاليه قائلة بمكر : ليه هو مش بيديكي جرعة حنان و رومانسية في التليفون
تنهدت بحزن : لا شكلو مشغول جدا بشغلو ومعندوش وقت للرومانسية
روان بإستغراب من صوت ابنة عمها الحزين : مالك يا كوكي حاسه انك مضايقة
تطلعت كارمن إلى السقف وقالت بهدوء : انا تمام يا حبيبتي ماتقلقيش .. بس عندي شغل دلوقتي لما اروح البيت هرجع اكلمك براحتي
صمتت روان قليلا ولم تصدق نبرتها المهزوزة ، لكنها أجلت الأسئلة لوقت أخر ، قائلة بقلة حيلة : ماشي يا قلبي هستناكي سلام
كارمن : مع السلامه
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
ظهرا في النادي
حيث تجلس نادين وميرنا
تساءلت ميرنا ، وهي تري شرود صديقتها الغريب : ايه الاخبار؟
تنهدت نادين بسأم : من وقت ما رجعو من السفر و ادهم سافر علي باريس .. مافيش اي جديد غير ان الهانم كل يوم بتنزل الشركة مع الحرس بتوع ادهم
ميرنا بإستفهام : و تفتكري ليه ماسفرتش معه؟
تمتمت نادين بغيظ : مالحقتش افهم ايه اللي حصل اصلا في الصعيد .. بس سمعت امه بتقول ان كارمن هانم بتجهز للديفليه اللي هتعملو شركة ادهم .. يمكن عشان كدا ماسفريتش معه
ميرنا بإبتسامة خبيثة : واو شكل كارمن هانم هتكون سيدة اعمال مهمه الفترة الجاية
نظرت نادين إليها نظرة حارقة وصاحت بغضب : ميرنا انا مش نقصاكي .. دا كلو كوم و الحصار بتاع امه عليا كوم تاني خالص .. حاسبة عليا الدخول و الخروج ربنا ياخدها الحيزبونه دي و يخلصني منها
إلتفتت ميرنا حولها وعلي وجهها إبتسامة جامدة ، وهمست بزمجرة فيها : اهدي يا نادين كل مرة تفرجي علينا الناس بصريخك دا
نادين بقهر : مش عارفه اتصرف ازاي معهم حاسة بخنقة بشعة بسببهم
فجأة ، شعرت بصدام على الطاولة التي كانوا يجلسون عليها ، فتطلعت إلى الأمام لتري بعض الأطفال يلعبون بالكرة ، وقد اصطدمت بالطاولة أثناء اللعب.
صرخت عليهم نادين بغضب حاد : انت يا شاطر منك له العبو بعيد لا اخلي امن النادي يطلعو برا
خاف الأطفال من صراخها المرعب وهربوا من المكان ، بينما كانت ميرنا تراقب ما يحدث ، وهي تضحك على طريقة صديقتها المخيفة مع الأطفال.
ضحكت ميرنا بقلة حيلة : ما تهدي يا نادين دول اطفال ذنبهم ايه تطلعي همك فيهم .. وانتي اصلا موضوعك معقد وبعدين كنت عايزة افهم حاجة ..
عقدت نادين حاجبيها وقالت : حاجة ايه!!
ميرنا بتساءل : انتي ليه كنتي مستعجلة في اول جوازك علي الخلفة و انتي اساسا مابتحبيش الاطفال ؟
اجابت استخفاف : مين قال اني كنت مستعجلة انا حتي لو كنت خلفت كانت هتربيه مربيات مش انا خالص ..
ثم أردفت بحنق : دي كانت فكرة بابا منه لله بقي قبل ما يموت ملي دماغي .. خلفي منه و هاتيلو وريث عشان تضمني انك تعيشي في العز عمرك كله
أومأت ميرنا برأسها ساخرة : ايوه و مات ابوكي و البستي انتي في حيطة
أومأت نادين وقد تجعد وجهها بعبوس ، قائلة بإستياء : بالظبط كدا فتحت علي نفسي فتحة سوده .. كان بقالنا 10 شهور متجوزين ومفيش حمل .. فضلت ازن ازن علي دماغ ادهم عشان نكشف و انتي عارفه الباقي و بقت اكذب كذبة ورا كذبة عشان اداري علي الكذبة الكبيرة
ابتسمت ميرنا بتلاعب ، وقالت بخبث : عارفه احسن حل تعمليه ايه
نادين بلهفة : الحقيني به
ميرنا بغموض : تخلصي من مراته دي تماما
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد مرور اسبوع
في شركة البارون
داخل مكتب كارمن ، الذي كان في الماضي مكتب عمر المدير التنفيذي السابق ، لكن يبدو مختلف تمامًا بعد التجديدات التي طرأت عليه.
أغمضت عينيها وأعادت رأسها إلى المقعد المريح ، منهكة من كثرة التدقيق في الأوراق أمامها ، ثم شردت في أفكارها بعيدا.
مر الأسبوعان بسرعة ، وهي تستمر في العمل بانتظام ، وكل شئ يسير على ما يرام ، لكنها تجد ضغوطًا كبيرة من مقدار الأعباء التي تتحمل مسؤوليتها وحدها.
ماذا عليها أن تفعل؟
يجب أن تتحمل ، لأنها تريد أن تثبت جدارتها حتى يعلم أدهم مدى التزامها وجديتها في العمل.
تنهدت بعمق علي ذكر أدهم الذي تفتقده بشدة ، لكنها حزينة في أعماقها رغم أنها لا تظهر ذلك ، لكن عدة مشاعر تأتي إليها ، وتزعج نومها في الليل حزينة لأنه بعيد عنها.
بعد أن تعودت على وجوده بجانبها ، تفتقد مشاكسته معها ، وجديته ، ومداعبته ، وقربه الذي يجعل قلبها يخفق مثل الطبول.
تعترف بأنها تشتاق لكل شئ يخصه ، وما يحزنها كثيرا هو بروده في الحديث معها عندما يتصل بها ، فهو لا يتحدث في الهاتف لأكثر من دقيقتين ، ولا يتحدث معها إلا عن أمور العمل وعن أحوال ملك.
لتنتهي المكالمة خالية من أي عواطف ، رغم أنها ترغب في التعبير عن شوقها إليه ، لكنها عندما تتلقى هذا الجفاء غير المبرر منه تصمت حفاظًا على كرامتها.
أطلقت تنهيدة عميقة ، وهي تفتح عينيها محاولة إخراج كل هذه الأفكار من عقلها حتى تتمكن من التركيز فقط على العمل.
بعد بضع دقائق رن الهاتف اللاسلكي بجانبها حيث كانت السكرتارية تتصل بها ، وأجابت بجدية : ايوه يا مها
تحدث مها بنبرة عملية مهذبة : استاذة كارمن الفريق في انتظار حضرتك في القاعة عشان ميعاد الاجتماع
كارمن بهدوء : تمام انا جاية حالا
أغلقت المكالمة ، وقامت من مقعدها ، وجمعت الأوراق والأشياء التي تخصها ، وأمسكت بها بإحكام في يدها ، وغادرت المكتب بخطوات ثابتة.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد بضع ساعات من العمل
تقف كارمن داخل غرفة فسيحة مخصصة للتصميم مع فريقها ، وكانت الغرفة مميزة جدًا بزخارفها التي تتناسب مع أجواء الفساتين ، وكل ما يتعلق بالأزياء والموضة.
التفتت كارمن إلى الفتاة التي تقف خلفها ، وبدت وكأنها شاردة ، حتى بعد أن أنهى الجميع عملهم وبدأوا في مغادرة الغرفة.
بقيت واقفة في مكانها غير منتبهة لأي شيء ولا تتحرك ، تفاجأت كارمن بها وذهبت نحوها ، قائلة بسؤال قلق : مالك يا نسمة .. نسمة بكلمك
خرجت نسمة من شرودها قائلة بإحراج ، وهي تري أن المكان كان خاليًا من الجميع : انا اسفه في حاجة فاتتني؟؟
عبست ملامح كارمن ، وقالت بإستغراب : انتي مش معايا خالص عقلك فينه
خجلت نسمة منها قليلا ، وقالت بإبتسامة بسيطة : موجود والله
ضيقت كارمن عينيها عليها ، وقالت بفطنة : لا انتي كنتي سرحانه في حاجة شغلاكي
ثم تركت كارمن الأقلام من بين يديها ، واقتربت منها واضعة راحة يدها على ظهر نسمة ، لتمشي معها دون اعتراض من الاخري ، ثم جلسوا على الكنبة بجانب بعضها البعض.
تسائلت كارمن بهدوء : مالك احكيلي
نسمة بإضطراب : مافيش حاجة مهمة
كارمن بإصرار : لا اكيد مهمة عندك طالما مشغول بالك بيها لدرجة دي
ابتسمت نسمة بأدب وقالت بصدق : انا اسفه انا فعلا سرحت شويه غصب عني صدقيني مش قصدي
ربت كارمن براحة يدها علي كتف نسمة بلطف : مش محتاجة تعتذري كتير كدا .. لو مش هتعتبريني بدخل في امورك الشخصية .. هو السرحان دا سببه يوسف مش كدا
حدقت نسمة فيها ، لتقول بصدمة : هو انا واضح عليا للدرجة دي
أومأت كارمن وقالت بهدوء : كان واضح من نظراته المركزة فيكي طول الاجتماع و انتي كمان كنتي متوترة و مسهمة .. كأن الجو مكهرب بينك وبينه هو مضايقك في حاجة
تحول وجهها إلى اللون الأحمر من الحرج الذي تسببت فيه لنفسها ، ولم تستطع الإجابة.
عندما تلقت كارمن منها الصمت غيرت صيغة سؤالها ، وقالت بإستفهام : انتي بتحبيه يا نسمة؟
أطلقت تنهيدة قصيرة وخفضت جفنيها ، وكانت الأفكار تتضارب في عقلها.
تحتاج إلى أن تخبر أحدهم بما يزعجها ، لأنها بطبيعتها انطوائية للغاية وتحتفظ بأسرارها في داخلها ، لكنها حزينة لدرجة أنها تشعر وكأنها على وشك الاختناق.
لا تعرف سبب ارتياحها لكارمن ، فهي تعمل معها منذ أسبوعين فقط ، لكن طيبة قلبها ولطفها في المعاملة جعلها تطمئن ، وتفتح قلبها لها ، لعلها تهدأ قليلاً.
همست نسمة بصوت خجول منخفض : انا و يوسف كنا مخطوبين لبعض
ارتفعت حواجب كارمن بإندهاش عند سماع هذا النبأ : بتكلمي بجد!!
اومأت برأسها قائلة بنبرة هادئة يشوبها الحزن : ايوه .. اتخطبنا 6 شهور و قبلها كنا زمايل و اصدقاء هنا بالشركة سنتين من وقت ماجيت اشتغلت في الشركة
عضّت كارمن شفتيها بتردد خوفًا من إزعاجها : تسمحيلي اسألك طيب ايه اللي حصل معاكو
أسدلت نسمة عينيها واستمرت في الحديث بنفس الهدوء : في الاول انا كنت فرحانه اوي لما خطبني هو انسان كويس اوي و ابن ناس و طموح جدا في شغله وناجح .. كانت كل الامور تمام و بجهز للجواز ..
تنهدت بضيق مردفه : بس هو فجأة اتغيرت طريقته معايا بقي مشغول طول الوقت معندوش دقيقة واحدة يكلمني فيها .. في الاول عذرته وقولت يمكن عنده سبب مهم وضغط الشغل عليه و التزامات الجواز فسيبته لنفسه شويه ...
نطقت كارمن تحثها على استكمال حديثها : تمام و بعدين
أخذت نفسا عميقا قبل أن تستأنف كلامها : الوضع دا استمر شهر و نص .. وانا معرفش مالو ولا عارفه اتكلم معه .. ومن 3 شهور كنت جيبالو ورق مهم يمضيه في مكتبه .. كان ممكن ابعته مع السكرتاريه بس قصدت اروحلو انا عشان اتكلم معه
ثم اضافت بتفسير : كان هو في حمام المكتب وقتها .. انا قعدت استناه و كنت محضره كلام كتير اقوله لما يخرج .. كان حاطط تليفونه علي المكتب .. سمعت صوت وصول رسالة ليه وانتي عارفه فضول البنات حبيت اشوف الرسالة عادي مش اكتر .. قومت ووقفت ورا المكتب وانا مترددة وخايفه من رد فعله واول مرة اتصرف بالشكل دا وعلي اخر لحظة كنت خلاص غيرت رأيي وهرجع مكاني .. لكن لمحت اسم رانيا علي الرسالة ففتحتها...
كارمن بتساءل : رانيا مين!!
رمشت نسمة وقالت : بنت بتشتغل هنا في الشركة عارضة ازياء
جاءت في ذهن كارمن صورة تلك الفتاة الفاتنة التي لم تشعر بالراحة إليها منذ الوهلة الأولى : ايوه افتكرتها انا شوفتها مرة قبل كدا .. معلش اني قاطعتك كملي
أضافت نسمة بصوت مخنوق بالعبرات : لما فتحت الرسالة لاقيت محادثة طويلة بينهم و كلها كلام زي حبيبي روحي وبيدلعها وبيهزروا سوا بقالهم فترة كبيرة
ارتفعت حاجبين كارمن بإزدارء وقالت : يعني طول الفترة اللي كان متغير معاكي فيها كانو بيكلمو بعض
نسمة : بالظبط كدا
كارمن : و عملتي ايه؟
Flash Back
كانت نسمة واقفة بجانب المكتب ، وعلى وجهها علامات استغراب وصدمة مما قرأته من كلمات غزل تشير إلى وجود علاقة حب بين خطيبها ، وتلك الفتاة المسماة رانيا.
قلبت بأصابعها مرة أخرى في الهاتف ، ووجدت تاريخ الرسائل بينهما منذ أشهر ، وأنهما يتواصلان بشكل يومي.
تجمعت دموع كثيفة في عينيها لدرجة أن بصرها أصبح مشوش.
هتف يوسف بإستغراب من خلفها : انتي بتعملي ايه هنا يا نسمة و وافقة كدا ليه ..
فجأة إنتفضت في مكانها من الذعر عندما سمعت صوته خلفها ينادي باسمها ، فالتفتت إليه لتواجهه بهذا الشكل المذري الذي أصبحت عليه بسبب صدمتها.
رمش بعينه في اضطراب عندما رأى هاتفه في يديها ، والدموع تنهمر على خديها مردفا بتساءل : انتي بتعيطي ليه!!
حدقت به ، دموعها تتسرب على خديها الناعمتين ببطء ، ولم تستطع الرد بأي كلمة ، لكنها مدت يدها وسلمت له هاتفه.
أخذ الهاتف منها و هو متعجب من بكائها ، ثم حدق في شاشة الهاتف ليتفاجأ بأن محادثته مع رانيا كانت مفتوحة ، والآن وجد إجابة علي كل ما يحدث أمامه.
حاول السيطرة على توتره قائلا بنبرة هادئة يسودها الاضطراب : نسمة ممكن تهدي عشان نعرف نتكلم
هتفت نسمة من بين شهقاتها بتهدج : كنت جاية فعلا هنا عشان نتكلم بس المفروض هتقول ايه بعد اللي شوفته .. هتبرر بإيه انشغالك عني شهرين بدون اي سبب واضح وانا زي الهبلة عماله احطلك اعذار من الهواء
اردفت بحدة : ولا انك بتعرف واحدة تانيه و بينكم غرميات و انا اللي اسمي خطيبتك ولا معبرني ..
جعد بين حاجبيه مقاطعا جملتها وهو يهتف بإنفعال : انتي ايه الهبل اللي عماله تخرفي به من الصبح دا .. مفيش حاجة بيني وبينها مجرد كلام عادي بين صحاب
راحت تحملق فيه بعين تطلق شرزا من بروده قائلةً بغضب شديد : صحاب يعني ايه .. الكلام اللي قرأته مش كلام بين اتنين صحاب
يوسف بتوتر : ايه اللي بتقوليه دا قولتلك انتي فاهمه الموضوع غلط
عقدت نسمة ذراعيها أمام صدرها قائلة بحدة : خلاص فهمني ايه هو السبب اللي مخليك مشغول ولا بتكلف نفسك برسالة فيها كلمة واحدة ليا .. دا حتي مش هاين عليك ترد علي مكالماتي و لو رديت تقولي مشغول ..
اردفت بسخرية : اتاريك مقضيها حواديت و ضحك مع الانسة رانيا
هتف يوسف بنفاذ صبر : اسمعي ماتتجاوزيش حدك وانتي بتكلميني .. انتي هتفتحيلي تحقيق و ازاي اصلا تسمحي لنفسك تمسكي تليفوني وتفتشي فيه
مسحت ما تبقى من دموعها بأطراف أصابعها قائلة بتهكم ساخر : بقي هو دا ردك عليا .. بتهاجمني عشان تتهرب من الرد علي كلامي
تحدث يوسف بهدوء قدر المستطاع : نسمة قولتلك نقعد وانا هفهمك بهدوء انتي مش عايزة تسمعي الكلام .. و اصلا احنا في مكان شغل مايصحش الكلام دا هنا خلينا ننزل نقعد في اي حته طيب و نتفاهم
حدقت فيه نسمة بنظرة حادة وحاولت أن تجعل صوتها ثابتا لكنه خانها أيضا وخرج مرتجفا قليلا : لا هنا و لا في اي مكان .. لو كان عندك ذرة شجاعة واحدة بس .. كنت وجهتني من البداية و قولت انك مش عايز تكمل .. مش تتهرب مني و عايش حياتك ولا كأن في انسانه ربطتها بيك .. وشكرا يا ابن الاصول علي تقديرك واحترامك ليا و ربنا يسعدك انت وهي مع بعض
ثم خلعت الخاتم من إصبعها ووضعته في يده ، ثم غادرت المكان دون تردد
Back
نسمة : من وقتها مفيش بينا كلام الا في حدود الشغل وبس .. لولا اني متمسكة بشغلي هنا انا كنت سيبت المكان من زمان
ثم نظرت اليها بحيرة من ذاتها : انا اتوجعت جدا من اللي حصل


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close