اخر الروايات

رواية ساكن الضريح الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم ميادة مأمون

رواية ساكن الضريح الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم ميادة مأمون


صرخت بفرح لتفيقه وتعيه ما قال، لينتفض معتدلاً منتبه لما لفظه لسانه تواً، ليراها تقفز في الهواء و تدور حول نفسها.
تلك الجنية الصغيرة التي اقتحمت حياته، و لا ينجح ابداً في انتشال قلبه من بين يديها.
توقفت عن الدوار و ظلت تصفق بيديها، ناظرة في عينه مبتسمة له.
شذي بمرح
– هيههههه بتحبني، لسه بتحبني قولي بقى انك سامحتني، و انك شيلت الفكره الوحشه دي من دماغك.
اغمض عينيه يأنب نفسه على ما قاله، اعتدل جالساً مستنداً بظهره على وسادته، لكنه شعر و كأن ماس كهربي قد صعقه، عندما تفاجأ بها تجلس بجانبه و تحتضن كفه برجاء.

شذي مصتنعه الحزن
-مش قولت انك بتحبني، سكت ليه بقى، و لا انت لسه مش سامحتني.
مالك متجنباً النظر لها
-انا لسه صايم يا شذى هاتي كوباية مايه اشرب و اكسر صيامي طيب، وبعد كده ابقى اتكلمي براحتك.
التفتت الي المائدة الصغيرة التي وضعت عليها الطعام، لتتفاجئ بعدم وجود الماء.
شذي ناظره له
-انا نسيت الماية.
فرصه اتاته على طبق من ذهب.
مالك بهدوء
-طب معلش ممكن تجيبي من تحت.
وقفت بحب لتسرع في خطواتها، لتجيبه بحماس
-حاضر يا حبيبي حالاً هاتكون عندك.
مالك مردفاً لنفسه
-طب اقولها لاء ازاي دي بس يا ربي، اربيها ازاي و اطبعها بطبعي بس، دي هي اللي هاتربيني، يارب قويني عليها و على جمالها ده.
❈-❈-❈
للمره الثانية يشاهدوها تجري على الدرج بأسدالها، لتحذرها والدتها مزمجره.
-يا بنتي حسبي بقى لاتت… و تقعي على وشك تاني، هو انتي مش لسه طالعه لجوزك بالأكل لحقتي تصحيه و تفطرو سوي.
شذي وهي تتكفي متجهه نحو غرفة الطهي
-بطلي رغي بقى يا ماما، احنا لسه مافطرناش اصلاً، دا انا نسيت المايه ونازله اجبها لمالك.
اردفت الحاجة مجيدة بمصمصة شفتيها الشهيره
-شوف البت ال نسيت المايه و نازله تجيبها لمالك.
حضرت إليهم و بيدها زجاجة المياة وكوب زجاجي، و عيناها تطق شرزاً لهم صارخه في وجوههم
-ممكن تخليكم في حالكم شويه.

جحظت عين والدتها و اشارت لها بطرفها، لتلاحظ نزوله على الدرج، توتر وجهها وابتلعت لعابها خوفاً من ان يعنفها، فاصبت المياه في الكوب و وقفت تمد يدها به له.
هبط بروية و عينه على هاتان الجالستان بجانب بعضهم، يلقى عليهم لقب ساخر.
أهلاً بالحموات الفاتنات.
الحاجه مجيدة ناظرة اليه بضحك
-اهلا بيك يا سي السيد خد يا اخويا المايه من البت الا ايدها وجعتها من الوقفه.
نفت ما قالته خالتها بهزه من رأسها يمين و يساراً
-لاء بالعكس انا ماتعبتش و لا حاجه
خد اشرب يا مالك، انت رايح فين؟
كاد ان يشرق قبل أن يبتلع الماء، ليسعل قليلاً ثم يروي ظمأه بالقليل من المياه، ليرد عليها بهدوء مكتاظاً بالغيظ.
-هاتوضي و اروح اصلي المغرب يا شذى.
تخطاها متجنباً النظر في عيناها، لتوقفه قبل أن يدلف للرواق المؤدي الي المرحاض.
شذي معترضه على ماقاله
-اجل الصلاه شويه لحد ما نفطر، انا مافطرتش من الصبح و كنت مستنياك لما تيجي و ناكل سوي.
انتفضت في مكانها عندما توقف فاجئه و بدون ان يلتفت لها صاح بصوت مفزع.
-ااجل ايه.
و بوجه يكسوه الغضب استدار لها سائلاً….
-انتي صليتي النهاردة؟
تلجلج لسانها و بدئت الكلمات تخرج من فاهها متقطعه.
-اااانا ااااصلي يييعني انا اه كنت تعبانه
تملك منه الضجر الان ليهتف ساخراً
-و ماكنتيش تعبانه وانتي بتعملي الرز بلبن مش كده.
تلك الكاذبه الصغيرة فشلت حتى في ان تكذب عليه، يا الله الا يوجد شئ ينجيها من هذا المأذق.
مالك مشيراً إليها بسبابته بأن تتقدم امامه

-قدامي على الحمام تدخلي تتوضي و تطلعي تصلي كل فروضك.
شذي منحنية الرأس
-طب مش هاتاكل الرز بلبن.
رفع حاجبه مندهشاً من هذه المختلفه، و اذا به يجهر بصوته
-يخرب بيت الرز بلبن على اللي هياكله يا شيخه ادخلي يلااا.
جرت اللي الرواق سريعاً قبل أن يقترب منها و يهشم رأسها، ولجت امامه و اغلقت الباب خلفها، ليتنهد صبراً مخرجاً زفيراً كاد ان يحرقه من الداخل.
ليلتفت باتجاه هاتان الجالستان في صمت تام، و عقد حاجبيه بغيظ، وكأنه يقول لهم، لما انتم هنا الان.
هبت ماجدة واقفة تداري عيناها منه
-انا هاقوم اشغل التلفزيون اتفرج على البرنامج الديني احسن.
علا جانب ثغر الحاجة مجيدة مشيرة إليها بأن تجلس
-اقعدي اقعدي الفرجه عليهم هما احسن.
فاض به الكيل من الجميع الان هرول مسرعاً للخارج يردف بزمجرة
-لالالا انا ايه اللي يقعدني في وسط الجنان ده، انا اروح اصلي في الضريح احسنلي، صبرني يا رب على اللي انا فيه ده.
جري سريعاً للخارج، و إذا بالشقيقتان تطلقان الضحكات سوياً.
ترجلت من المرحاض، قاصدة الصعود لغرفته متعجله في خطواتها.
لتوقفها خالتها بضحك
-ههههههه على مهلك يا لوزه واحده واحده يا حلوه، مش هاتتلاقيه فوق ياختي.
تصنمت على الدرج مرتعبه هل تركها مره اخرى، لتردف قائله.
-مش فوق! اومال راح فين يا خالتو؟
اقتربت ماجدة منها خاشيةً عليها من ان تسقط و ربتت على كتفها.
-راح يصلي في المسجد يا حبيبتي اسمعي انتي كلامه بقى، و اطلعي صلى فروضك على ما هو يرجع.
جلست على الدرج تنعي بختها، واضعه قبضتيها أسفل ذقنها.
-انشالله تكونو انبسطوا دلوقتي، انا عارفه ان دي آخرة عينكم اللي رشاقه في حياتي.

شهقت ماجدة أثر كلمة ابنتها و اردفت
-اخص عليكي يا شذى بقى دي كلمه تقوليها على مامتك و خالتك برضو.
و قبل ان تنطق اصتدمت بهذا السلاح الطائر من الأسفل الي الأعلى، ليرتطم بجسدها شب.. شب السيدة مجيدة الذي لا يخيب هدفه ابدا….
-بقى احنا اللي حاسدينكم يا مجن… يا بنت المجا….. طب و حياة ربنا لأقطعه على دماغك يا شذى.
انفزعت و جرت نحو غرفتها و هي تضحك على ما تفعله بخالتها تلك المسنه المحببه بكل حالتها.
❈-❈-❈
عاد من صلاته وجدهم على جلستهم يضحكون
لتوقفه ماجده قبل أن يصعد.
استنى يا مالك انا سخنت الاكل ليكم تاني احطلكم هنا على السفره و لا اطلعو ليكم فوق.
مالك ساخراً
-شكراً يا ميمي لما شذى تخلص صلاه تبقى تطلعه
ضمت حاجبيها مستغربه، ايدللها و يختار لها اسمٌ مدلل.
الحاجة مجيدة ساخرة
-تعالي يا ميمي ماتتعبيش نفسك و افرحي جوز بنتك بيدلعك.
أراد مالك اغاظتها هي الاخري فهتف
نطب و دي حاجه تزعلك يا ماري.
اارتاب الشك بعقلها فصاحت فيه
-واد انت انا مش مطمنه ليك، مين ميمي وماري دول يا روح امك.
مالك موضحاً لها مشيراً عليهم بأصبعه :
-ميمي شكيب و ماري منيب
(الحموات الفاتنات)
نفس القذيفه التي تلقطها شذى، اندفعت نحوه و اصابت الهدف بإتقان، ليجري للأعلي ضاحكاً ناجحاً بزيادة حنقهما، ليستمع إلى
قصيدة توبيخه من الأسفل.

-و حياة…. يا بن مجيدة لاربيك، طيب اصبر عليا يا مالك.
التفت الي شقيقتها التي وقفت تنظر لها كالبلهاء.
-مالك ياختي انتي كمان واقفه متسمره كده ليه
ماجده مشيره على نفسها
-الحمد لله انا ميمي
وكما ظنت كانت القذيفة الثالثه من نصيبها بالفعل
-طب اجري من قدامي طلعي ليهم الاكل، بدل ما اطلع غلي انا كله فيكي يا ختي.
❈-❈-❈
دلف إليها وجدها تصلي في خشوع تام، فقرر ان يجلس خلفها و لا يريها وجهه، حتى لا يشتتها عن الصلاة.
لكن ما ازعجه و فرط قلبه، بكائها و دعائها بألا يبتعد عنها، و يسامحها على غلطتها الوحيدة في حقه.
لتدمع عيناه هو الأخر، انه يحبها وقلبه يذوب عشقاً لها، هو مليكها و هي مأمنه، لكن كيف له ان يتغاضي عن ما فعلته، ان فعل هذا ستظل على عنادها عدم احترامها له و للجميع،
عليه اذاً ان ينفي تلك الفكره التي تملكت رأسها، و بعدها سيذيبها عشقاً.
دق علي باب الغرفة أخرجه من شجنه، ليغمض عينه منزعجاً منهم، ليخرج من حالته هذه، مجففاً عينه بمحرم ورقي ثم اتجه نحو الباب و فتحه.
مالك متأففاً
-نعم في اي..، صمت بخجل و اخذ من يد خالته الطعام مردفاً.
طلعتي ليه بس مانا قولتلك شذى هتبقى تنزل تجيبه هي.
ماجده مبتسمه له
-انا قولت زمانها تعبت من مجهود الصلاه، و انا كده كده مافيش ورايا حاجه و قاعده فاضيه.
مالك مبتسماً لها
-ماشي يا ميمي متشكرين.
ماجده ضاحكة
-ههههههه اسكت بقى كفايه اللي عملته فيك و فيا.

مالك مستفهماً
-ليه عملت ايه تاني.
-نفس الشب.. شب اللي اخدته حدفتني بيه، ال زعلت لما قولتلها اني انا ميمي وهي ماري
-هههههههه يا ستي انتو الاتنين قمرات، طب ممكن تدخلي انا كنت عايز اتكلم معاكي انتي و شذى شوية.
أصرت الا تلج غرفتهم و همت بالانصراف مؤكده عليه….
-خلصوا اكل براحتكم و انا هادخل اوضتي اصلي العشا لما تأذن و بعدها ابقو تعالوا نتكلم بقى براحتنا
وافقها الرأي دلف يضع الطعام من يده، ليجد فتاته قد انهت صلاتها، فجلس و نادها.
-خلصتي يا شذى.
-ايوه.
-طب يلا تعالي ناكل.
-لاء مش جعانه انا هاصلي العشا.
ضم حاجبيه مشكساً لها.
-العشا لسه ماذنتش تعالي ناكل و انا هاصلي بيكي.
-لاء معلش انا هاصلي لوحدي وانت روح صلي في المسجد.
وضع الملعقة من يده منزعجاً مما قالته، على ما يبدو أنها لم يعجبها أمره لها.
-لاء و الله، معلشي ممكن تبصيلي و انتي بتكلميني، هو انتي زعلانه اني خليتك تأدي الفرد اللي عليكي.
استدارت له بغيظ، و مازلت الدموع تحرق وجنتها.
-انا زعلانه من اوامرك اللي مش بتخلص، زعلانة انك مش بتقدر غير عليا انا بس.
فهم مقصدها، و اومئ لها برأسه، وأصر بأن قراره هو الاصح.
انحني بجزعه للأمام شابكاً اصابعه في بعضهم.
-لاء اطمني يا شذى انا مش هأمرك على حاجه تاني، بس انا مش مستعد اشيل ذنب عدم صلاتك و انتي علي زمتي، تقدري بعد كده تعملي اللي انتي عايزاه.
الما يرمي بكلماتها هذه، فهمت ما يقوله و ذرفت الدمع، لقد ظن بأنها مازلت تهينه و تستضعفه، بل و يؤكد لها بأنه سيتركها.
وقف امامها و اتجه نحو معطفه المعلق على المشجب، و اذا به يخرج من جيبه الداخلي بعض الأظرف البيضاء.

مد يده بأحداهم لها قائلاً
-ده ورق الكلية بتاعتك انتي خلاص بقيتي مقيدة على زمة الجامعه هنا اتفضلي.
اغمضت عيناها بألم و تقدمت منه باسف.
-مالك انا ماقصدش حاجه من اللي في دماغك دي، اأنا بس كان قصدي ا.
مالك مقاطعاً لها مبتعداً عنها قبل أن تلمسه:
-من فضلك ابعدي عني انا متوضي و مش عايز انقض وضوئي، خلاص يا شذى مبقاش في بنا كلام يتقال.
تباً لتسرعها، تباً لسانها الزالف الذي دائماً ما يضعها في مأزق معه هو بالذات، لكن لما هو دائماً ما يتصايد لها الغلطات، لما لا يلتمس لها أي أعذار.
اوف لها الحق بأن تسأم و تمل، الا يلاحظ انها صغيرة في السن عنه بكثير، كما أنه لا يلاحظ أيضاً انها جميله و من حقها ان تهنئ بجمالها، الا يمكن أن تفرح مره مثل كل الفتايات في عمرها.
لذلك لن تتزل له مره اخرى، وأن كان لا يريدها، و يريد أن يتركها فاله ما يشاء، هي أيضاً لا تبالي بما سيفعل، و من الان ستتمرد عليه وعلى كلمته.
اجتذبت الظرف الأبيض من يده بسرعه و اتجهت للخارج، اوقفها هو لائماً عليها.
-رايحه على فين العشا بتأذن.
ألقت عليه نظرة لائمه مردفه بسخرية
-صليها لوحدك، انا هبات مع ماما في اوضتها.
جرت سريعاً الى غرفة والدتها، ليستمع الي دفع بابها خلفها فاستغفر ربه و اتجه هو أيضاً للخارج ليذهب مره اخرى الي الضريح.
لتوقفه والدته التي مازلت جالسه بالأسفل..
-الله انت خارج تاني يا مالك؟ دانت لسه جاي من المسجد يا بني.
مالك محاولاً ان يسيطر على اعصابه
-رايح اصلي العشا يا أمي.
الحاجه مجيدة سائلة
-فطرت يا مالك؟
مالك مغمضاً عينيه منزعجاً من طفلته اللعينه:
-الحمد لله سيبيني بقى الحق الصلاة.

اسرع في خطاه ليتركها في حيرتها، لتعرف هي انه به شئ يقلقه.
الحاجة مجيدة منزعجة هي أيضاً منهم
-يا ترى يا بني بنت ماجدة قلقت راحتك تاني في ايه بس.
❈-❈-❈
صلت مع والدتها صلاة العشاء، و تفاجئت بها و هي تشلح اسدالها من عليها محرره شعرها ايضاً، لتجلس على الفراش و تفتح ذلك الظرف لترى ما فيه.
ماجدة شاهقه
-قلعتي أسدالك ليه انتي عايزة جوزك يتخانق معاكي تاني.
شذي رافعة جانب شفاها العلوي ساخرة
-جوزي! لاء اطمني مش هايزعق و مش هيسأل عليا اصلاً.
عقدت ماجدة حاجبيها
-انتي قصدك ايه، و ايه الورق اللي في ايدك ده.
شذي ناظره الي تلك البطاقه بتفكير
-ده ورق و كارنيه الكليه، تصوري الباشا قيدني في كلية التجارة هنا و طلعلي الكارنية كمان، بس ايه ده هو صورني الصورة دي امتى؟
ماجدة مجتذبة منها تلك البطاقة
-وريني كده دي بالنقاب يا شذى.
شذي ساخطه عليه بكلمات لاذعه
-اه ما هو لو كان يقدر يعملو من غير صوره اصلاً كان عملها ،لتجد في باقي الأوراق جدول خاص بأمتحانها، و تشهق بفزع…..
ايه ده انا عندي امتحان بكره يا ماما عااااااا.
ماجدة محاوله تهدئتها
-اهدي طيب بصي اقعدي زاكري براحتك وانا هانزل اجبلك كوباية عصير.
جرت مره اخرى نحو غرفتها، لتأتي ببعض الملازم، و جلست على المقعد خلف مكتبه، طردت كل الأفكار من رأسها وسمت الله ثم بدئت في المذاكرة.
دلف هو عليها ليجدها على حالتها هذه، لم يتحدث معها، و بالاصح لم ينظر إليها، واخذ الظرف الاخر متجهاً نحو خالته.
لكن خالته ولجت عليهم بكأسين من العصير الطازج لتردف بسعاده

-انا سمعتك و انت بتقفل باب البيت يا مالك، قولت اجبلك كأس عصير مع شذى، بجد فرحت انك قدرت تحولها ورقها بالسرعه دي، و كمان هتقدر تمتحن و مش هاتضيع عليها السنه.
نظرت الي والدتها شزراً مجتزة على اسنانها بغيظ، ثم عادت لتنظر في تلك الأوراق الموضوعه امامها.
بينما ابتسم هو لها مطمئناً
-ماكنتش هاسمح بكده اصلاً، المهم دلوقتي هي بقي تشد حيلها في الامتحان بكره.
ألقت القلم من يدها مرجعه شعرها خلفها بردة فعل صاخبه
-و عشان كده حضرتك كنت عاملهالي مفاجئة مش كده.
اهذي هي كلمة الشكر التي تقوليها له أيتها التافهه.
و كأنها هواء بالغرفه، و كأنه لم يسمع شئ مما قالته ليكمل مع والدتها….
-تعالي يا ماجدة اقعدي انا كنت جايلك اصلاً.
جلسوا سوياً مقابل بعضهم بعد أن ألقت ابنتها بنظرة غاضبة، و همست له…
-في ايه يا مالك هي البت دي، زعلتك في حاجه تاني.
مالك ملقي جنيته بنظرة حائرة
-سيبك منها دلوقتي وامسكي الظرف ده ليكي.
ماجده عاقدة حاجبيها بعدم فهم
-ظرف ايه دا يا مالك؟
-ده عقد البيت اللي قاصدنا بتاع الحاج أمام ابو خالتي فاطمه فكراهم و لا نسيتهم يا خالتي.
ماجدة متذكرة
-لاء طبعاً فاكراهم، بس لسه مش فاهمه حاجه.
مالك موضحاً لها
-افهمك يا ستي الحاج أمام الله يرحمه يبقى جد حسام صاحبي، و حسام ورث البيت ده من جده، و انا اشتريته منه ليكي انتي و بنتك.
ماجدة بحزن
-للدرجة دي انت اضيقت مننا يا مالك، طب ان كان عليا انا هامشي هاشوف شقه انشالله اوضه واقعد فيها، بس يعني كمان مراتك.

مالك بحزم
-بس يا ماجدة لو سمحتي بطلي تخريف واسمعيني و افهمي قصدي.
-انتي مش ليكي نصيب في بيت جدي الله يرحمه.
ماجده مستأنفه
-ايوه بس ده وقع خالص يا مالك انا شوفته مجيدة ورتهوني واحنا بره.
مالك مصدقاً على كلامها
-تمام انا بقى اشتريت ليكي البيت ده بدل نصيبك في البيت القديم لاني هاعيد بنائه تاني واحوله لعيادات طبية تخدم اهل الحي، و قبل ما تقولي حاجه وتفكري في اي كلام تاني بصي على اسم المشتري في العقد كده.
فتحت ماجدة الظرف واخرجت العقد بيدها لترى اسمها و اسم شقيقتها و معهم اسم عنيدته.
ماجدة ناظرة لابنتها بأبتسامه
-طب دا حقي انا و اختي البت دي تشاركنا فيه ليه.
رفعت رأسها عن ما بيدها ناظره لهم، معنى هذا انه قد اشركها معهم، لتهب واقفه متمسكة بأوراقها بغضب مترجله للخارج.
صحيح انت ايه الي يخليك تشاركني معاكم في حاجه تخصكم، و اذا بها تصرخ
هو انا بنتكم؟
انا مش عايزة منكم حاجه انا بنت محمد العسال مش بنتكم انتو عشان تورثوني او تشاركوني معاكم.
جرت نحو غرفة والدتها، و القت بنفسها على الفراش تبكي بحرارة، الهذا الحد يريد إبعدها عنه.
تنهد بقلة حيلة ولم يعلق على ما فعلته جنيته.
لتردف ماجدة بحزن
-انا مش عارفة هي هاتفضل كده لحد امتى بس، كل حاجة تاخدها بعصبية و تتهور و تقول كلام يحزن و بعد كده ترجع تندم عليه.
هم مالك بالخروج هو الاخر و قال بتروي
-قومي روحي ليها و خليكي معها، هديها و قوليلها لما تخلص مذاكرة تيجي تنام في سريرها، و عرفيها اني طالع الخلوه بتاعتي و هبات فوق، و الصبح هاوديها الامتحان.
❈-❈-❈

ذهبت إليها مشتعلة من الغضب، و ولجت لها تريد أن تكسر رأسها على ما تفعله.
ماجدة جاهرة بصوتها الضاجر
-هاتفضلي طول عمرك غبية، هاتكرهي جوزك فيكي بعمايلك دي يا متخلفه انتي، تقدري تقوليلي عملك ايه، مالك دلوقتي عشان تعمليه بالطريقة دي، ده بدل ما تشكريه على كل حاجه بيجبها و يعملها
ليكي.
شذي بصراخ
-لاء مش هاشكره انا مش عايزه منه حاجه، انتي فاهمه روحي قوليله يغير العقد ده، يشيل اسمي منه خالص انتي سامعه.
ماجدة مغلقة الباب عليهم سريعاً حتى لا يصل صوت ابنتها لزوجها
-اهدي يا شذى مالك يا حبيبتي فيكي ايه بس، يا بنتي جوزك بيعمل كل ده عشانك انتي عشان يكسب قلبك يا شذي.
ضحكت من وسط بكاها ضحكة ساخرة
-يكسب قلبي ايه انتي مش فاهمه حاجه يا ماما.
جلست والدتها بجانبها، رابته على جسدها برفق
-طب فهميني انتي يا حبيبتي.
اعتدلت جالسه تجفف دمعها بيدها، اتقول لها انه بشرائه لهذا المنزل يؤكد لها ما ينتويه.
جمعت أوراقها و اعتزمت المذاكرة غير عابئه به و بهم جميعاً..
شذي محيدة بنظرها عن والدتها
-خلاص يا ماما اعملوا اللي تعملوه سيبيني بس اذاكر شوية عشان اقدر انام حبه قبل الامتحان.
ماجدة بيأس منها و من جنونها
-طيب يا حبيبتي ذاكري يا شذى، ربنا يهديكي يا بنتي.
❈-❈-❈
أعلنت ساعة هاتفها الملقي على الفراش بجانبها السابعه صباحاً، لطصدح رنينه ارجاء الغرفه بأكملها، دون أن تهتز لها شعره واحده.
ولج هو الي الغرفة، و ابتسم على تلك الملقاه وسط الاوراق على وجهها كالاطفال،
ليمسك الهاتف و يصمت صوت رنينه المزعج، محاولاً ايقاظها برفق.

مالك رابتاً على وجنتها هامساً لها بهدوء: –
– شذى فوقي يلا عشان الامتحان.
شذي بنعاس
-لاء سيبني مالكش دعوه بيا.
مالك مزمجراً
-قومي عشان الامتحان و بعدها مش هيبقى ليا دعوه بيكي.
فتحت عيناها له بضجر
-و لا الامتحان كمان و لا ليك دعوه بأي حاجه تخصني.
مالك منبهاً لها
-بطلي طريقتك دي، ماتحوليش تستفزيني و تختبري صبري عليكي اكتر من كده، قولتلك قومي يلا اجهزي عشان تلحقي تفطري و تاخذي علاجك قبل الامتحان.
قفزت من علي الفراش سريعاً مبتعدة عنه بصراخ…
-انا لا بستفزك و لا عايزة اتكلم معاك اصلاً، و لو سمحت مش كل شوية تقولي خدي علاجك انا مش مجنونه عشان اعيش على المهدئات.
مالك قابضاً على يده، جابراً نفسه علي الصبر
-يا رب صبرني عليها، انا اللي مجنون يا شذى، ممكن بقى تخلصي عشان الحق اوديكي الكلية عشان الحق اروح شغلي.
اتجهت نحو خزانة ملابسها، دون النظر اليه:
-لاء كتر خيرك، اتفضل حضرتك روح شغلك زي مانت عايز وانا هاروح لوحدي.
مالك وقد نفذ منه كل الصبر الان، و سريعاً ما قبض على رسغها، مجبرها على الالتفات له
-تروحي لوحدك فين هو انتي تعرفي حاجه هنا.
كورت قبضتيها الصغيرتان و بدئت تضرب صدره العريض و عينها تفيض دمعاً بشده.
تركها تدق على صدره كما تشاء، تفيض سيل دمعها مثلما تشاء، لم يعنفها او حتى يصدها، الي ان بدئت تهدئ، لفت يدها حول خصره بتملك و دفنت وجهها بين عضلات صدره، لا تريد شيئاً الان سوي امانه هو فقط.
هو أيضاً كان يحتاج هذا العناق، يريد أن يهدئ بها و لها، يتحلى بالصبر و بداخله بركان ثائر، و كيف يخمد بالابتعاد عنها.
مالك رابتاً على ظهرها بهدوء

-صليتي الفجر يا شذى.
هزت رأسها يميناً و يساراً بالنفي، و مازلت مختبئه بحضنه مؤكده له.
-لو كنت انت هنا كنت صحتني عشان اصلي، لكن انت سيبتني لوحدي.
مالك ساخراً منها
-يا سلام طب افرضي انا مت مش هاتصلى بقى مش كده.
-بعد الشر عليك يا حبيبي.
قالتها سريعة متلهفه، تزيد من احتضانه، ليشعر هو و كأنه يملك العالم بأكمله و هي بين يديه.
ليحل وثاق يدها بهدوء و يبتعد عنها قليلا مردفاً لها…
-ابعدي عني، انا صايم يا شذي.

يتبع


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close