رواية دوائي الضرير الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم نرمين ابراهيم
الفصل الخامس و العشرون...
حاولت سارة ان تنفرد بنفسها لوقت قصير حتى تؤهل نفسها للإنفصال عن عاصم من علاقة لم تكن قد بدأت بعد.. حاولت ان تجبر قبلها على نسيانه.. فيبدو ان هذه هي النهاية.
فذهبت لتجلس بإحدى الشرفات التي تطل على النيل في تلك الحديقة الملحقة بالقاعة التي قامت فيها دعوة أمير للإحتفال بالعروسين.
و ما أن رأتها عبير حتى ذهبت خلفها لكي تبث بعض السموم في أذنها و لكن سارة ليست بضعيفة ولا خائفة فقررت الانتقام منها و تفريغ طاقتها السلبية و غضبها كله فيها و كأن عبير قد جاءت لجحيمها..
عبير: ما جولتلك اننا هانرچعو لبعضينا و ان أحنا ولاد عم و الداخل باناتنا خارچ.. و انه عايحبني و عايموت فيا كمان.
سارة: و يا ترى بقى لو عرف السبب الحقيقي اللي انتي عايزة ترجعيله عشانه هايعمل فيكي إيه.. ها.. تفتكري هايفضل "يحبك" برضه.
قالتها سارة بسخرية و لكن ما جعل قلب الأخرى ينبض بالخوف هو ما قالتها عن علمها بالسبب الحقيقي وراء تمسكها بالرجوع لعاصم....
عبير(بخوف): جصدك إيه.. و سبب إيه دة اللي عاتتحدتي عنيه؟!!
سارة(بخبث و مكر): انك طلعتي مابتخلفيش مثلاً...
صدمة الجمت لسان عبير لبضع ثوان و كأن الشلل قد ترك هدى و حل بها... ظلت تسأل نفسها كيف علمت بتلك المعلومة الخطيرة التي لا يعلم عنها شئ سوى والدتها و زوجها السابق الذي لم يفصح عنها بعد ان ترجته طويلاً ان يطلقها بهدوء دون افتعال فضيحة...
و لكنه لم يكن ملاكاً كما تعتقدون.. فهو طلب منها التنازل عن جميع حقوقها مقابل صمته و وافقت.. فسألتها بنبرة مهتزة..
عبير: إيه.. إيه الحديت اللي عاتجوليه ده.. و.. و چبتيه منين؟
سارة(بخبث انثوي): إيه؟؟ مش هي دي الحقيقة اللي عايزة ترجعي لعاصم عشان يتجوزك عشانها.. ماهو ابن عمك بقى و أولى بيكي.. مش هايفضحك و رجولته هاتمنعه يعايرك بعيبك.. مع انك انتي اللي ياما عايرتيه بعيبه..
صمتت عبير بصدمة فقررت سارة ان تطرق حديد خوفها و هو ساخن فأكملت بثقة...
سارة: كمان عشان تبقى كاسرة عينه اكتر و اكتر.. و يجي يقولك الخلفة تقوليله ما يمكن انت اللي مابتخلفش من البهاق.. و لما يقولك ان الموضوع مالوش علاقة بالبهاق.. تقوليله مش كفاية اني مستحملاك و ساكته..
و تبقي ماشية معاه بمبدأ لا تعايرني ولا اعايرك دة الهم طايلني و طايلك.. صح؟؟
التفت حولها بمكر لا يخرج سوى من أنثى واثقة لحماية الاحباء.. و أكملت بتهديد و وعيد...
سارة: إيه رأيك بقى لو روحت قولت لعاصم الكلمتين دول.. تفتكري هايعمل فيكي إيه.. هايتجوزك برضه؟
عبير: عرفتي منين؟؟ مين جالك الحديت ده؟
سارة: غلطة المغرور انه بيفتكر ان ماحدش يقدر يقفشه.. و الغباء الحقيقي مش قلة الذكاء لا.. الغبي اللي بجد هو انك يفكر أن كل اللي حواليه أغبيا.. و عموما عشان اريحك هاقولك عرفت منين.. عرفت منك انتي و الست الوالدة.
عبير(بصدمة): امي؟
سارة: ايوة.. لما كنتو عندي في الكراڤان بتهددوني و تتهجمو عليا.. فاكرة ولا افكرك؟؟
عبير(بخوف غلف ملامحها و صوتها): كيف.. كيف؟؟
سارة: انا اقولك...
Flash back...
خرجت عبير و والدتها بعد أن بثا سموم حديثهما الجارح لسارة التي جلست هي بالقرب من نافذتها تحاول التحكم في انفاسها المتلاحقة من هول ما سمعته منهما لتسمع منهما ما هو أفظع...
صالحة: چدعة يا بت.. كيلتي لها صُح.. خليها تعرف مجامها و اخرها..
عبير: امال إيه ياما.. هي فاكرة انها هاتاچي تاخد عاصم مني اكده بالساهل؟؟ عاصم ده بتاعي اني و بس.. و مش ممكن اسيبه لواحدة غيري واصل..
صالحة(بيأس و تفكير): و هو أصلا هايرضي يرچعلك؟!!
دة انتي كنتي بتسممي بدنه كل شوية بحديتك و انتو متچوزين.
عبير: كانت غلطة.. غلطة كبيرة مني.. كنت ضامناه في يدي و هو ابن عمي و كنت عارفة انه عمره ماهايسيبني واصل عشان امر چدي.
صالحة: و كنتي سيبتيه ليه و طلبتي الطلاج طالما عارفة كل دة..
عبير: كنت زهجت بقى.. من امه و من اخته اللي عشان راحت الچامعة عاملالي فيها ست المتعلمة و ان ماحدش جديها.
و منيه هو ذات نفسه.. كان بدأ بجى يتحكم فيا.. ماتروحيش و ماتاچيش.. ماتتحدتيش مع ده.. و بتعملي إيه على المحمول و مابتعمليش إيه..
و عمره ما نصفني جدام امه و اخته لحد ما زهجت و جولت اطلج و اخلص بجى.
صالحة: و اديكي اطلجتي و اتچوزتي تاني كمان.. و اطلجتي تاني.
عبير: بس طلاجي المرة دي ماكنش بمزاچي ولا بيدي.. ماهو عشان موضوع الخلفة.. ولا انتي نسيتي يوم ما روحت معاكي للضاكتورة بعد زن اللي ما يتسمى چوزي التاني جال ايه عايز عيال عايز عيال.. و ساعتها الضاكتورة جالتلي اني ماعاخلفش..
ثم اكملت بحزن...
عبير: و جالتلي ان حتى مافيش امل في العلاچ.. كنت هاعمل ايه يعني؟؟
صالحة: دة لولا انك اتنازلتي لچوزك التاني عن كافة شئ من مؤخر و جايمة و كله كان فضحنا وسط الخلج... خلانا نخسرو كتير و دفعنا دم جلبنا عشان ماحدش يعرفه.
عبير: يوووه ياما.. هو انتي كل شوية تفكريني.. ماخلاص بجى...
و بعدين ما اني عايزة ارچع لعاصم عشان اعوض الفلوس دي كلها و اكتر كمان.
صالحة: بس هو انتي مالية يدك من عاصم انه هايرچعلك بسهولة اكده.
عبير: ايوة طبعاً.. و هو هايلاجي غيري تبص له بالجرف اللي عنده ده..
صالحة: بس لو فتح معاكي موضوع الخلفة و سألك ماحبلتيش ليه.. هاتجوليله ايه؟؟
عبير: مايجدرش يجولها ولا حتى يرفع عينه فيا.. ماهو كمان معيوب.. و هابجى اجوله انه يمكن أصلا الزفت اللي عنديه ده هو اللي جابله عجم و ماخلهوش يخلف.. فهمتي؟؟
صالحة: آه يا ناصحة طالعة لأمك..
عبير: اومال إيه.. ماحدش في الدنيا دي لازمن يعرف أني طلعت ماعخلفش... و بعدين هو انتي فاكرة اني ممكن اسيب عاصم لواحدة غيري...(بحزن و غل) خصوصا و اني عارفة ان مافيش حد هايفكر يتچوزني غيره..
(ثم أكملت بتملك و شر) عاصم بتاعي اني و بس.. و مش ممكن يبجى لواحدة تانية ابدا..
Back...
سارة: عرفتي يا عبير انا عرفت منين؟؟
عبير: انتي كدابة و ماحدش هايصدقك.
سارة: معاكي حق.. جايز يكدبوني انا.. لكن لو عملنا شوية تحاليل و اشاعات هاتبين مين فينا اللي كداب.. او يمكن عاصم يخطف رجله لحد طليقك و يسأله و يعرف منه بنفسه... (و قالت بقوة و حسم) هاقولهالك لأخر مرة ابعدي عن طريقي احسنلك.. فاهمة؟؟
و ابعدي عن عاصم كمان عشان حتى لو انا ماتجوزناش مش هاسمح انه يتجوز واحدة كدابة و غشاشة زيك و هاقول للحاجة هنية و الحاج عبد الرحمن على كل حاجة و هما يبقو يتصرفو معاكي بقى..فاهمة؟؟
سلام.. لا و من غير سلام كمان..
ثم تركتها شبه مشلولة من هول تلك الصاعقة التي ضربتها من قوة و ثقة حديث سارة و الذي يكون هو الحقيقة بالطبع...
فعبير بعد ان تزوجت بمدة.. وجدت زوجها و الذي يكون أرملاً قد توفت زوجته و هي تنجب له طفله الأول يتسائل عن سبب تأخر حملها.
و مع إصراره اضطرت عبير ان تذهب لرؤية طبيبة و التي اوضحت بعد الفحص استحالة حمل عبير نظراً لوجود عيب خلقي بالرحم يحول دون ذلك..
فأصر زوجها على الطلاق.. حتى أنها قد ترجته كثيراً حتى لا يُفصح عن السبب الحقيقي لذلك و بالفعل تم الطلاق بهدوء بعد ان تنازلت عن جميع حقوقها .
و ظلت تحمد الله انه كان من قرية أخرى و إلا لما تمكنت من إخفاء الحقيقة كل هذه المدة... و لكن ثرثرتها مع والدتها جلبت لها التعب خاصة بعد ان علمت سارة بكل شئ... فجلست تندب حظها العثر الذي اوقعها في شر اعمالها.
و لكنها أبت ان تستلم بتلك السهولة.. و أصرت على إسترداد عاصم بأي ثمن.
لم يحدث جديد في تلك السهرة سوى ان سارة عادت للداخل بطاقة جديدة بعد ان افرغت كمية طاقة سلبية لا بأس بها في تلك المدعوة عبير تكفيها لتكمل باقي السهرة دون انهيار .
و انتهى الأحتفال بسلام....
عاد الجميع لبيته و طلبت هنية من أسرة الأستاذ جميل أن يبقو بضعة أيام أخر... فبعد ان دخلو إلى السرايا...
عبد الرحمن: الف مبروك يا ولاد.. ربنا يتمملكم على خير.
آسر: الله يبارك فيك يا عمي.
هنية: ياللا بجى اطلعو غيرو خلجاتكم عبال ما نچهزو العشا.
سعاد: لا عشا إيه.. مافيش ليه مكان من الغدا بتاعك.. بصراحة الاكل بتاع الفرح كان تحفة.. تسلم ايدك يا حاجة هنية.
هنية: شالله تسلمي..
جميل: كمان الاكل اللي كان في القاعة كان حلو يا أمير.. عقبال ما نتعبلك في يوم فرحك يابني..
أمير: ربنا يخليك ياعمي.. آسر دة اخويا..
هنية: بس كيف ده؟؟ لازمن نتعشو الاول جبل ما ننام.. ما تجول حاچة يا حاچ.
عبد الرحمن: و اني اجول و اتعب نفسي ليه.. انتي تجومي من سكات اكده تچهزي العشا و نجعدهم بالعافية.
آسر: ايوة عشان يبقى عشا تحت تهديد السلاح.
ضحك الجميع....
عبد الرحمن: ايوة هو اكده.
جميل: يا حاج عبد الرحمن أحنا خلاص بقينا واحد و لو حد فينا محتاج حاجة هايطلبها.. أحنا أصلا مسافرين الليلة.
عبد الرحمن: واه واه.. كيف يعني تسافرو دلوجيت.. لا طبعا.. مايصحش.
جميل: معلش يا حاج... اصل أحنا كل دة من ساعة ما رجعنا من أمريكا ماروحناش البلد خلاص... انت عارف الظروف اللي مرينا بيها..
و اخويا الحاج جمال باعت أمير ابنه عشان ياخدنا معاه مخصوص .
أمير(بإصرار): ايون.. انا هنا عشان اخدهم معايا مخصوص.
هنية: كيف اكده؟؟ لا والله لازمن تجعدو معانا يومين.
جميل: معلش خليها مرة تانية يا حاجة.. ياللا يا سعاد خدي سارة و وضبو الشنط و آسر و أمير يطلعو يجيبوهم .
هنية: وااه.. و انتو عاتاخدو آسر و سارة كمان ولا ايه؟
جميل: ايوة طبعاً..
هنية: لا والله مايحصل.. لازمن العريس يجعد معانا يومين و مع عروسته ولا إيه يا آسر؟؟
آسر(مقبلاً يدها و وجنتيها بفرحة): ينصر دينك.. ايوة امسكي فيا جامد و النبي انشالله يخليهملك يارب و تفرحي بيهم.
أمير: ماكملتش ساعتين جواز و ابتديت تشحت اهو.. قولتلك...
سعاد: شوف الواد اللي كان هايسافر قبلينا..
جميل: لا يسافر فين بقى... انسي.. قالو بلدك فين يا جحا قال اللي مراتي فيها.
عبد الرحمن: ههههههههه... و انت يا چميل يا خوي بلدك فين..
جميل: اللي فيها مراتي برضه..ههههه..
ضحك الجميع بمرح ماعداهما.. كانت هي قد فقدت طاقتها التي كانت تختبيء خلفها تنظر بعيداً عن الجميع فظهر ألم قلبها على وجهها.. و لم يسمع هو كلمة مما دار منذ عودتهم حيث كان مشغولاً بها و بما فيها...
آسر(بمرح): طالع لأبويا انا.. (ثم غمز لهدى بعينيه بجرءة) واخدة بالك انتي.
خجلت هدى و لم ترد..
جميل: خلاص خليك يا آسر مع عروستك يومين ز تبقى حصلنا بعدين.. ياللا يا سارة اطلعي مع ماما جهزو الشنط.
سارة: حاضر يا بابا.
هنية: وااه.. و عاتاخدو سارة ليه هي كمان..
سعاد: الله.. طيب آسر و هايقعد يومين مع عروسته... عايزة سارة ليه بقى..
هنية: تجعد معايا تسليني بدل هدى.. ماهي هاتبجى مشغولة مع چوزها.
آسر: الله يا هنون يا عسل.. و النبي واحدة "چوزها" دي مرة كمان.
هنية: هههههههه.... يووه چاتك إيه يا آسر.. يا واد اهدى شوية الا العروسة تجول عليك مدلوج.
آسر: ما تقول.. ما انا مدلوق فعلاً.
هنية: ماشي يا سي چوزها.. استنى بجى اما نشوف اختك كمان.. ها يا استاذ چميل.. جولت ايه؟؟
جميل(بحرج): ما يهونش عليا ارفض لك طلب يا حاجة... بس يعني...
عبد الرحمن: بس إيه عاد..؟؟ إيه مامأنش على بتك عندينا ولا إيه.. و إذا كان على اللي حصل جيل سابج ده.. فعاصم اخدلها حجها تالت و متلت و اسأل آسر و هو يجولك.
آسر: هههههههه.. هو الحقيقة خدلها حقها تالت و متلت و رابع كمان..
جميل: يا خبر يا حاج عبد الرحمن.. لا طبعا مش دة قصدي.. و إذا كان على اللي حصل فانا عارف انكم حافظتو على سارة طول مدة قعدتها هنا..
و عارف طبعا ان عاصم اخد لها حقها..
سعاد: خلاص يا جميل بلاش تزعل الحاج و الحاجة مننا.. ها يا سارة إيه رأيك هاتقعدي مع آسر.
هنية(قاطعتها فهي توقعت رفضها): هاتجول إيه يعني.. أكيد موافجة.. ولا هاتسيبي ماما هنية وحديها تحدتت روحها..
سارة(ابتسمت بتكلف): لا طبعا يا ماما هنية.. حاضر هاقعد مع آسر .
سعاد: خلاص.. طيب ياللا ساعديني نجهز شنطتي انا و بابا بقى.
سارة: حاضر..
ظل يتابع صعودها إلى أن جائته مكالمة هاتفية اضطر على إثرها الاستئذان.. فصعد بعدهما إلى غرفته حتى يستقبل تلك المكالمة بحرية....
عاصم: الو.. ايوة يا عبير.. خير في حاچة؟؟
عبير: واه يا عاصم.. هو لازمن يكون في حاچة عشان اتحدت مع واد عمي؟
عاصم(متسلحاً بالصبر قدر الإمكان): لا مالزمش.. بس يعني مامتعودش منيكي على انك تتصلي بيا وش الفچر اكده.
عبير: ما انت أكيد لساتك صاحي.. ولا لحجت تنام؟
عاصم: لا لساتني صاحي.. المهم كنتي عايزة إيه انتي؟
عبير: مافيش كنت عاطمن عليك بس.
عاصم: ماتتكلمي دغري و تچيبي اللي في راسك من غير لف و دوران.
عبير: ما اللي في راسي جولتلك عليه.
عاصم: اممممم... جصدك اننا نرچعو لبعض يعني؟
عبير: ايوة.
عاصم: و انتي بجى مفكرة ان اللي انتي عملتيه هايعدي بالسهل اكده.
عبير: اني عارفة اني غلطت.. بس صدجني هاعوضك عن كل اللي حصل زمان.. و هاتأسفلك و اعتذرلك كل ساعة لحد ما ترضى عني.. هاعملك كل اللي تعوزه.. كل اللي يخليك تسامحني بس نرچعو لبعضينا... ها جولت ايه؟
عاصم: اللي فيه الخير يجدمه ربنا.. سيبيها لله.
عبير: يعني موافج؟؟
عاصم: عبير مش وجته الحديت ده عاد.. عندينا ضيوف.. لما يمشوا بالسلامة هاچيلكم البيت.
عبير(بفرحة شديدة): صُح يا عاصم هاتچيلنا؟؟
عاصم: طبعاً هاچيلكم.. انتي بت عمي و مالناش الا بعضينا.. ولا ايه؟؟
عبير: صُح.. معاك حج.
عاصم: تصبحي على خير بجى عشان هانام.
عبير: نوم الهنا و العافية يا واد عمي.
اغلق الخط معها و لم يحرك ساكناً.. بل ظل في مكانه يتأمل حياته و القررات المتعلقة بها و يقيمها....
===================================
أما سارة فقد صعدت مع والدتها و بدأتا في تجهيز الحقيبة... كانت سارة تبدل ملابسها داخل الحمام و خرجت لتجد سعاد قد انتهت من اعداد الحقيبة و فاجأتها بسؤالها الذي لم يخطر على بال سارة...
سعاد: غيرتي هدومك؟؟
سارة: ايوة يا ماما خلاص.
سعاد: عايزة تقعدي يا سارة ولا مش هاتقدري.. لو عايزة تسافري معانا قولي و انا هاتحجج للحاجة هنية بأي حاجة.
سارة: لا يا ماما ليه بتقولي كدة.. الحاجة هنية ست جميلة و طيبة و انا بحبها و هي بتحبني كمان .
سعاد: طيب و ابنها؟؟
سارة(بدهشة): ابنها.. قصدك عاصم؟؟
سعاد: و هي عندها غيره؟؟
سارة: ماله؟؟
سعاد: بيحبك برضه زي امه..
صدمت و صمتت فأكملت سعاد بعد ان مسكت يدها و جعلتها تجلس بجوارها على الفراش....
سعاد: اوعي تكوني فاكراني مش واخدة بالي.. كلنا اخدنا بالنا يوم ما فوقتي و كنتي منهارة بسبب النور اللي كان مضايق عنيكي و كان الدكتور هايديكي مهديء زي العادة..
لولا هو اتدخل بقوة ماتطلعش غير من قلب واحد بيحب.. لا همه أحنا ولا اهله ولا الدكاترة ولا اي حد.. كل اللي كان همه هو انتي... انتي و بس و انهم مكتفينك بالعافية.. خلاهم يسيبوكي و قرب هو منك و حضنك... انا اتفاجئت بيكي انك هديتي فعلا.. و اخدتي الحقنة بهدوء مش بانهيار زي كل مرة..
ثم سألتها بوضوح...
سعاد: بتحبيه يا سارة؟؟
لم ترد سارة بل اكتفت بإيماءة بسيطة تدل على مواففتها.. فسألتها سعادة مرة أخرى..
سعاد: طيب ليه ما اخدش خطوة لحد دلوقتي.. ليه بقى جاف معاكي كدة مش زي الاول.. ولا هو أصلا ماكنش بيحبك و كلنا فهمناه غلط.. بس ماعتقدش ان احساسنا كلنا هايبقى غلط ولا إيه..
دمعت عيناها و ألقت بنفسها في حضن والدتها و بكت بشدة.. فتفاجيت سعادة بالك الحافلة التي تراها عليها لأول مرة من أجل رجل.. فهي لم تفعل ذلك مسبقاً ولا لأجل كريم.
سعاد: كل دة يا حبيبتي... ليه عاملة في نفسك كدة بس؟؟ قوليلي يا حبيبتي.. فضفضيلي يا قلب ماما.
سارة: انا محتارة اوي يا ماما.. مش عارفة هو بيعمل معايا كدة ليه.. ولا عارفة انا اعمل إيه...
خرجت من حضنها لتسألها بلهفة غريق يتشبث بقشة إنقاذه التي فيها حياته....
سارة: اعمل إيه يا امي... ساعديني يا ماما و قوليلي اعمل إيه..
سعاد(مسحت دموعها بحنان): على عيني حيرتك دي يا حبيبتي.. بس هاقولك ايه... اللي يبيعك بيعيه و انتي الكسبانة.
لو ماحبكيش قد ما بتحبيه و اكتر يبقى انسيه يا قلبي عشان ترتاحي.
سارة: ياريتها سهلة كدة يا امي..
سعاد: الايام ياما بتنسي.. صدقيني بكرة تنسي و تعيشي و تحبي تاني كمان.. اهدي بقى.
تماسكت سارة قليلاً ثم...
سعاد: ياللا ننزل دلوقتي و بعدين نتكلم.. المهم انتي بس خلي بالك من نفسك يا روحي..
سارة: حاضر يا ماما..
نزلا مرة أخرى لتجد الجميع في انتظارهما ماعدا هو.. فسألت سعاد عنه...
سعاد: إيه دة اومال عاصم فين؟؟
هنية: چاله تلفون مهم طلع يرد و جال هاينام كمان..
سارة(لنفسها): صعد لينام.. يالغبائي فقد ذهب لينام... كم انك حقاً غبية.. هل تظنينه سينتظرك.. فقد صعد لينام قرير العينين لا يقلقه شيئاً.. هل سيبقى ليسهر معكِ كالسابق.. لا يا مخدوعة.. لا...
جميل: طيب نستأذن أحنا بقى..
هنية: توصلو بالسلامة..
جميل(و هو يحتضن ذراعي سارة): خدي بالك من نفسك يا حبيبتي.. ماشي؟؟
سارة(ابتسمت بتصنع): حاضر يا بابا..
سعاد(لسارة): طمنيني عليكي كل شوية.. اوعي تنسي.
سارة: ماتقلقيش... انا هابقى كويسة..
جميل(لآسر): شيل الشنط مع ابن عمك و تعالى يا آسر عايزك..
آسر: حاضر يا بابا..
عبد الرحمن: في حفظ الله..
خرج معهم آسر لينظر له والده نظرة عتاب يراها لأول مرة..
جميل: خد بالك من اختك يا آسر.. فاهم.. خد بالك منها.
آسر : ليه يا بابا بتوصيني اوي كدة.. هو في حاجة حصلت..
جميل: انت عارف إيه اللي حصل.. بس مش وقت كلام ولا عتاب دلوقتي نبقى نتكلم بعدين.. بس المهم تاخد بالك من اختك و من قلبها و تخافظ على كرامتها.. و دي اهم حاجة.
آسر(بعد ان فهم قصد والده): بابا سارة قوية و هاتقدر تعالج الموضوع دة.. و بعدين صدقني انا مش سايبها.. انا بس مديها مساحتها الشخصية زي ما حضرتك معودنا.
جميل: يعني انت عارف؟
آسر: ماهو...
جميل: ماهو إيه.. يعني انت عارف باللي اختك فيه دة و واقف تتفرج؟؟ هي دي وصيتي ليك عليها.. هو دة اللي انا ربيتك عليه طول عمرك.. هو دة دور السند اللي علمتك تقفه معاها؟؟
آسر: ارجوك يا بابا.. ماتظلمنيش.. صدقني انا مش سايبها.. و عارف كل حاجة عن الموضوع دة ما انا حاكيلك كل حاجة... و بتكلم معاها دايما فيه..
لكن دة موضوعها هي و بس.. و انا ماقدرش اتصرف فيه غير لما هي تسمحلي.. حضرتك معودنا دايما على كدة.. ليه دلوقتي عايزني الغيها و الغي شخصيتها و قرارها..
جميل: ماشي يا آسر.. ماشي.. عموما مش وقت كلام و عتاب نبقى نتكلم بعدين.. المهم دلوقتي اختك.. خد بالك منها.. انا بوصيك عليها اهو.
آسر: ربنا يخليك لينا يا بابا و يديك طويلة العمر.. حاضر يا بابا... في عنيا زي ما طول عمرها في عينيا...
تركه دون حديث و بعد ان ركب جميل بجانب أمير و سعاد بالخلف..
سعاد: إيه يا جميل.. كنت بتقول إيه لآسر..
جميل: ولا حاجة يا سعاد.. بعدين.
سعاد: كلمته؟؟
جميل(بغيظ): البيه طلع عارف.. عارف اللي بيحصل مع اخته و ساكت.. عارف ان البيه بيتهرب منها و ساكت.. طبعا.. ماهو اخو مراته.. لازم يعديله.
أمير: في ايه يا عمي.. هو في حاجة حصلت؟؟
جميل: مافيش يا امير.. مافيش.
سعاد: لا يا جميل.. انت عارف آسر بيحب سارة قد إيه و مستحيل يتهاون في حقها.
جميل: آه ماهو واضح.. بقولك إيه قفلي على السيرة دي مش وقته.. انا مش طايق نفسي.
لكن آسر قد تأكد من أن والده علم بما يحدث بين عاصم و سارة أو حتى أصبح لديه مجرد شك كبير.. فدخل الي السرايا متجهماً...
هدى: ها مشيو؟؟
آسر(بخجل من نفسه لم يلاحظه أحد): ايوة.
هدى(همست له بهدوء دون ان يلاحظها أحد بعد ان رأت حالته): مالك.. في حاجة حصلت؟؟
آسر: لا مافيش... سلامتك.
عبد الرحمن: طيب اني هاروح انعس اني بجى... البيت بيتك يا آسر...
آسر: طبعا يا عمي.. ربنا يخليك لينا.
عبد الرحمن: تصبحو على خير..
هنية: هدى.. البت فاطنة مچهزالكم العشا هناك على السفرة.. و لو عوزتي تسخنو حاچة تبجي سخنيها انتي بجى.. و لو چوزك عاز حاچة تانية ابجي اعمليله اللي يعوزه.
هدى: حاضر يا ماما.
آسر: صدقيني يا ماما هنية انا شبعان و كله تمام..
هنية: عاجولك إيه.. اني جولت اللي عندي و انت مانتاش غريب.. تصبحو على خير.. ها يا سارة هاتنامي ولا هاتسهري معاهم؟؟
سارة: لا يا ماما هنية هانام طبعا ولا عايزاهم يقولو عليا عزول..
قفز آسر من مكانه ليركض نحوها و يحتضنها و هو يشعر بالذنب و الندم بشكل كبير..
آسر: إيه اللي بتقوليه دة.. انتي عمرك ما هاتكوني عزول.. فاهمة.. اوعي تقولي كدة تاني.. انتي روحي.. بنتي مش بس اختي.. ماشي.
سارة(تعجبت قليلاً): ماشي يا عم فيه ايه؟؟
آسر: انتي كويسة صح؟؟
هنية: مالها عاد.. ما هي زينة اهي و زي الفل.
سارة(نظرت له بحب): ماتخافش عليا يا آسر.. صدقني انا كويسة.
آسر: أكيد؟!!
سارة: أكيد يا حبيبي.. ماتخافش.
هنية: ياللا يا سارة أحنا بجى و نسيبهم... تصبحو على خير يا ولاد.
صعدا معاً و لكن هنية اوقفتها قبل ان تتركها و تدخل لغرفتها..
هنية: ماتزعليش منيه يا سارة...
سارة: ازعل من آسر؟؟!!.. مستحيل طبعآ..
هنية: ماجصديش على آسر.. جصدي عاصم.
سارة(تنهدت بألم ظهر في صوتها): خلاص يا ماما هنية.. هو حر.. ربنا يسعده.
هنية: ماهاتحدتش معاكي دلوجيت عشان باينلك لساتك زعلانة.. الصباح رباح و بكرة كل شئ هايتصلح بإذن الله..
سارة: ان شاء الله.. تصبحي على خير...
هنية: و انتي من اهل الخير.
تركتها هنية و دخلت لغرفتها.. و اتجهت سارة لتدخل إلى غرفتها و لكنها لم تدخل.. نظرت لمكانها مع عاصم بحنين و شوق و ألم كبير... و قررت أن تدخل الى هناك لمرة اخيرة فهي سترحل بعد يومين و لن تسنح لها الفرصة مرة أخرى لتزور تلك القاعة... خاصة بعد ان علمت انه توجه لغرفته لينام... فعلمت انه ليس هناك..
دخلتها و جلست ليمر امام عينيها شريط علاقتها القصيرة معه.. حديثه الحنون.. ضحكته التي لم تسمعها سوى في وجودها و التي لم تخرج سوى لها.. كلامه المعسول و ذراعيه التي ضمتها بدعم و حب..
وجدت نفسها تبكي دون وعي.. تبكي حبها الأول و جرح قلبها... تبكي معاملته القاسية لها.. تبكي احلامها الضائعة.. بكت قلبها المكسور.. بكت و بكت و لم تشعر بصوتها الذي يرتفع و يمزق القلب.
أما هو..
فعندما شعر بجدران غرفته تضيق عليه و تخنقه خرج إلى تلك الشرفة حتى يتنفس بحرية.. فقد اصبح هذا المكان هو مكانه المفضل اكثر من السابق.. المكان الذي يشعر فيه ان حي بحق.. المكان الذي يجعله يتنفس بحرية و براحة اكثر من غيره.. دخل و جلس بعيداً عن مكانهما معاً ليتأمله بحزن.
فهنا ضحكا.. و هنا تعاتبا.. و هنا كانت بدايتهما.. ااااه يارب... لما تحملني ما لا طاقة لي به.. لما تعطيني ما لا استطيع حمله.. فساعدني يا رب.. ساعدني يا الله.
ظل غارقاً في ذكرياته معها حتى سمع الباب يُفتح و شعر بها قلبه قبل ان تراها عيناه..
لم يحرك ساكناً حتى لا تشعر به.. فقد كانت تلك هي فرصته الاخيرة حتى يتأملها بحرية للمرة الاخيرة قبل ان ترحل إلى الابد.
ظل يتأمل بكاءها و حزنها و لكنه لم يحتمل دموعها و نحيبها اكثر من ذلك.. خاصة عندما لسعتها برودة الجو.. ظن هو انها من طقس ديسمبر و لكنها في الحقيقة برودة بعده عنها.
كانت تجلس تحتضن نفسها بقوة حتى تعوض غيابه و شعرت على حين غرة بشئ يوضع على كتفها...
نظرت لتجده يقف خلفها يضعه سترة بدلته على كتفيها للتدفئة...
نظرت له بدموع العتاب التي لم يحتملها فأشاح بوجهه بعيداً و جلس امامها ليسألها بإهتمام..
عاصم: انتي كويسة؟؟
سارة(و قد أوقفت دموعها بكبرياء أنثى): ايوة.
عاصم: طول عمرك ماتعرفيش تكدبي.
سارة(باستفزاز): هايبقى انا و انت؟؟ كفاية انت بتعرف تكدب..
عاصم(تنهد بحزن): صح.. معاكي حق.. طيب بتعيطي ليه على واحد كداب.
سارة: و مين قالك اني بعيط عليك.. ياريت ماتديش لنفسك اكتر من حجمك.
قرر عاصم ان يتحملها حتى النهاية فتلك هي نتيجة جرحه لها.. فإن جرحها فعليه مداواتها أو على الاقل تحملها.. و هذا هو اقل شئ يمكنه ان يقدمه لها...
عاصم: اومال بتعيطي ليه؟
سارة: يهمك تعرف؟؟
عاصم(بكل الحب الذي يغمر قلبه): طبعا يهمني.
سارة: ليه؟؟
عاصم(زفر بتعب): عشان بغض النظر عن اي حاجة تانية.. فانتي ليكي فضل كبير اوي في البيت دة.. و بقيتي اخت جوز اختي.. فلازم اهتم.
سارة(بصدمة): بس.. عشان كدة و بس؟؟
عاصم(تنهد بألم لأنه على وشك ان يجرحها ثانيةً): ايوة.. بس.
تغلف صوتها بألم لم يعرفه قلبها من قبل و رسم على ملامحها صدمة إجتاحت كيانها و قالت ببكاء و دموع.
سارة: انت إيه يا اخي.. جبت القسوة دي كلها منين.. بلاش تعترف باللي كان بينا.. طيب انت إيه اللي جابك هنا دلوقتي.. المكان هنا مافكركش بأي حاجة خالص...
مافكركش بينا أحنا.. مافتكرتش لما كنا بنقعد هنا بعد ما كل البيت ينام نتكلم و نضحك و نهزر للفجر.. كنت بتشكيلي همومك و مشاكل يومك حتى لو في شغلك و حتى لو مافهمتكش اوي.
مافتكرتش كلمة بحبك اللي قولتهالي هنا.. مافتكرتش احساسك بيا و بوجودي معاك..
وقف هارباً من حصار كلمتها و لكنها ذهبت خلفه و أوقفته بكلامها تمنعه من الهرب..
سارة: مافتكرتش يوم ما غبت عنك لما اهلى كانو هنا و اول ما دخلت هنا حضنتني من كتر ما كنت مشتاقلي.. ساعتها لما قلتلك حد يشوفنا قولتلي مش مهم.. اللي يشوف يشوف و انك عايز كل الناس تعرف اننا بنحب بعض.
عاصم(بكذب): انا عمري ما قولت اني بحبك.
سارة(بصدمة): انت ازاي تقول كدة؟؟ انت بتكدب على مين.. عليا و على قلبك.. (بإصرار) لا قولتها.. و قولتها بدل المرة الف.. و مش بس قولتها بلسانك.. كمان قولتها بأفعالك..
قولتها لما روحت لبيت عمك عشان ماقتنعتش ان عبير و أمها كانو جايين عندي الكراڤان يعتذرولي.. قولتها في كل رسالة اهتمام على الواتس لما كان كريم هنا و انا كنت بموت لمجرد انه موجود في مكان انا فيه.
قولتها لما حضنتني في المستشفى عشان تخليهم يسيبوني و مايكتفونيش زي كل مرة بنهار فيها..
قايلها دلوقتي بعنيك دي اللي مليانة حزن و وجع... ليه.. ليه يا عاصم.. حرام عليك.
عاصم(التفت لها بألم توغل في ملامحه): حرام عليكي انتي اللي بتعمليه فيا دة... يا سارة انا مانفعكيش.. صدقيني والله مانفعكيش.. انتي تستاهلي حد احسن مني مليون مرة عشان انتي احسن بنت في الدنيا.
سارة: بس انا مش عايزة حد يكون احسن منك.. انا عايزاك انت.. انت و بس يا عاصم.
عاصم(صرخ بغضب): و انا مانفعكيش قولتلك..
ثم تركها و توجه لغرفته و لكنها استفاقت سريعاً و ذهبت خلفه...
=================================
أما عند هدى و آسر....
لم يتحدث معها.. ظل صامتاً يفكر في حديث والده و يسأل نفسه... هل كنت على قدر امانة أبي.. هل اخطأت عندما سمحت لها بالتواجد معه في منزله حتى بعد اعترافه لي بحبه لها..
هل كان يجب ان آخذها عنوة بعيداً عنه... و الف الف سؤال ظل يضرب برأسه خوفا على شقيقته..
أما هدى فقد لاحظت ما به من حيرة و حزن و يجوز غضب.. لم تفهم سببهم و لكنها تخطت خجلها منه في مثل هذا اليوم و جلست بجانبه بعد ان لاحظت تجهمه الواضح و سألته...
هدى: آسر.. آسر...
آسر(بعد ان عاد من شروده): ها.. إيه يا هدى بتكلميني؟؟
هدى: بكلمك.. بس واضح انك مش سامعني..
آسر(قربها اليه و قبل رأسها كإعتذار): معلش حقك عليا.. انشغلت عنك في يوم زي دة..
هدى: ولا يهمك انا مش زعلانة.. بس المهم تكون انت كويس.
آسر(و هو يحول تفكيره إلى هدى و التي ليس لها ذنب فيما يحدث): انا كويس يا روحي طول ما انا معاكي.. انتي عاملة إيه.. فرحانة يا هدى؟؟
هزت رأسها بخجل و لم ترد... فحثها هو على الحديث بإصرار....
آسر: لا بقولك إيه.. انا عايز اسمع صوتك النهاردة بالذات.. فاهمة.. مافيش كسوف ولا هز راس.. ماشي يا عروستي .
هدى: إيه حكاية عروستي اللي انت ماسكهالي دي.. هو انا لعبة..
قالتها بغضب لطيف جعلت الضحكة تعود له رغماً عنه...
آسر: ههههههه.. طبعا و احلى لعبة.. لعبتي.. بتاعتي انا .
هدى(عقدت ذراعيها بغضب طفولي محبوب): إيه دة.. إيه لعبتي و بتاعتي و الكلام دة؟؟
اقترب هو منها اكثر و امسك بأطراف شعرها يداعبها بخبث عاشق..
آسر: هو انتي كدة زعلانة يعني؟
هدى: ايه.. مش باين عليا؟
آسر: لا طبعا باين اوي كمان.. بس يعني هو انتي لما تزعلي هاتربعي ايدك و تبوزي كدة بس؟؟
شعرت بتهكمه فرفعت حاجبها و ضيقت عيناها بغضب..
هدى: لا.. في بقى وش تاني بيزعق و يكسر و يمكن يضرب و يعض كمان..
آسر: اموت انا في اللي بيضرب و يعض دة.. ماتوريني عضة من الوش الشرس اللي بيضرب دة.
هدى: انت بتهزر.
آسر: و ماهزرش ليه مش فاهم انا.. عريس و معايا عروستي حبيبتي يوم كتب كتابنا.. ماهزرش ليه بقى؟؟
هدى: آه عروستك ولا لعبتك.
آسر: عروستي و لعبتي و روحي و قلبي كمان... ماتكشريش بقى... بهزر معاكي يا دودو.
هدى: لا برضه زعلانة.
آسر: اصالحك حالا..
و هم ان ينقض عليها ليقتنص أولى قبلاته لها و لكنها ابتعدت سريعاً....
===================================
اما سارة فقد تبعت عاصم بعد ان تركها و استوقفته في ممر الغرف لتصرخ هي أيضاً به...
سارة: استنى هنا احنا لسة ماخلصناش كلامنا..
عاصم: انا خلصته.
سارة: يبقى تسمعني.
وصل صوت صراخهما لداخل غرفة والدي عاصم.. فخرجت هنية و بعدها زوجها على صوت صراخهما لتسألهما بقلق...
هنية: إيه ياولاد كفالله الشر.. مالكم؟
عبد الرحمن: إيه يا عاصم.. في ايه؟
عاصم: مافيش يابوي.
سارة: لا في.. و انا مش هاسيبك غير لما اعرف انت بتعمل كدة ليه.. إيه اللي حصل.. إيه اللي خلاك تعمل فيا كدة..
هنية: فيه ايه يا عاصم.. ماترد عليها و جولها و ريحها يا ولدي...
وصل صوتهم للأسفل عند هدى و آسر الذي كان على وشك ان يفوز بجائزته لتلك الليلة..
كان يقترب منها الى حد كبير و هو يجلس بجوارها و يحاوطها بذراعيه فسألته بوجه كاد ان ينفجر من جم خجلها و بلسان تلعثمت عليه الكلمات...
هدى: انت بتعمل ايه؟؟
آسر: بصالحك.. الله..
هدى: لا خلاص مش زعلانة..
اسر: لا زعلانة انا عارف... و. بعدين انتي قولتيلي بلاش حضن كتب الكتاب قدام الناس و انا وافقت بس مش هاسيبك الا لما اخد بداله..
هدى: إيه دة لا طبعاً..
آسر: هو إيه دة اللي لا طبعاً... تعالي هنا..
هم ان يقترب منها مرة أخرى و لكنها كانت أسرع منه و هربت بعيداً...
آسر: والله ما انا سايبك.
و ظل يركض خلفها و هما يمزحان و يمرحان حتى وجدت الحائط خلفها و حبيبها امامها..
آسر: ها يا قمر خلاص وقعتي في الفخ.. هاتروحي مني فين؟؟
هدى(بدلال انثوي رقيق): اخس عليك كدة تضحك عليا.
آسر(همس بإنتصار جميل): قولتلك انك مش قدي ماصدقتنيش..
هم ان يفوز بقبلته الأولى و لكنهما سمعا صوت سارة الصارخ و هي تركض خلف عاصم على الدرج و تمسك بذراعه حتى لا يهرب منها كالعادة....
سارة: بقولك استنى هنا و كلمني زي مابكلمك.
آسر: ايه دة فيه ايه.. ايه الصوت دة..
هدى: مش عارفة تعالى نشوف..
و ها قد أتت المواجهة...
و كل الكروت هاتتكشف..
سارة مش ناوية تسيبه المرة دي شكلها غير لما تعرف كل حاجة...
و ياترى هايقول لها و نوصل لحل ولا لسة هانلعب قط و فار تاني .
دة اللي هايبان في الفصل الجاي.. استنوني
حاولت سارة ان تنفرد بنفسها لوقت قصير حتى تؤهل نفسها للإنفصال عن عاصم من علاقة لم تكن قد بدأت بعد.. حاولت ان تجبر قبلها على نسيانه.. فيبدو ان هذه هي النهاية.
فذهبت لتجلس بإحدى الشرفات التي تطل على النيل في تلك الحديقة الملحقة بالقاعة التي قامت فيها دعوة أمير للإحتفال بالعروسين.
و ما أن رأتها عبير حتى ذهبت خلفها لكي تبث بعض السموم في أذنها و لكن سارة ليست بضعيفة ولا خائفة فقررت الانتقام منها و تفريغ طاقتها السلبية و غضبها كله فيها و كأن عبير قد جاءت لجحيمها..
عبير: ما جولتلك اننا هانرچعو لبعضينا و ان أحنا ولاد عم و الداخل باناتنا خارچ.. و انه عايحبني و عايموت فيا كمان.
سارة: و يا ترى بقى لو عرف السبب الحقيقي اللي انتي عايزة ترجعيله عشانه هايعمل فيكي إيه.. ها.. تفتكري هايفضل "يحبك" برضه.
قالتها سارة بسخرية و لكن ما جعل قلب الأخرى ينبض بالخوف هو ما قالتها عن علمها بالسبب الحقيقي وراء تمسكها بالرجوع لعاصم....
عبير(بخوف): جصدك إيه.. و سبب إيه دة اللي عاتتحدتي عنيه؟!!
سارة(بخبث و مكر): انك طلعتي مابتخلفيش مثلاً...
صدمة الجمت لسان عبير لبضع ثوان و كأن الشلل قد ترك هدى و حل بها... ظلت تسأل نفسها كيف علمت بتلك المعلومة الخطيرة التي لا يعلم عنها شئ سوى والدتها و زوجها السابق الذي لم يفصح عنها بعد ان ترجته طويلاً ان يطلقها بهدوء دون افتعال فضيحة...
و لكنه لم يكن ملاكاً كما تعتقدون.. فهو طلب منها التنازل عن جميع حقوقها مقابل صمته و وافقت.. فسألتها بنبرة مهتزة..
عبير: إيه.. إيه الحديت اللي عاتجوليه ده.. و.. و چبتيه منين؟
سارة(بخبث انثوي): إيه؟؟ مش هي دي الحقيقة اللي عايزة ترجعي لعاصم عشان يتجوزك عشانها.. ماهو ابن عمك بقى و أولى بيكي.. مش هايفضحك و رجولته هاتمنعه يعايرك بعيبك.. مع انك انتي اللي ياما عايرتيه بعيبه..
صمتت عبير بصدمة فقررت سارة ان تطرق حديد خوفها و هو ساخن فأكملت بثقة...
سارة: كمان عشان تبقى كاسرة عينه اكتر و اكتر.. و يجي يقولك الخلفة تقوليله ما يمكن انت اللي مابتخلفش من البهاق.. و لما يقولك ان الموضوع مالوش علاقة بالبهاق.. تقوليله مش كفاية اني مستحملاك و ساكته..
و تبقي ماشية معاه بمبدأ لا تعايرني ولا اعايرك دة الهم طايلني و طايلك.. صح؟؟
التفت حولها بمكر لا يخرج سوى من أنثى واثقة لحماية الاحباء.. و أكملت بتهديد و وعيد...
سارة: إيه رأيك بقى لو روحت قولت لعاصم الكلمتين دول.. تفتكري هايعمل فيكي إيه.. هايتجوزك برضه؟
عبير: عرفتي منين؟؟ مين جالك الحديت ده؟
سارة: غلطة المغرور انه بيفتكر ان ماحدش يقدر يقفشه.. و الغباء الحقيقي مش قلة الذكاء لا.. الغبي اللي بجد هو انك يفكر أن كل اللي حواليه أغبيا.. و عموما عشان اريحك هاقولك عرفت منين.. عرفت منك انتي و الست الوالدة.
عبير(بصدمة): امي؟
سارة: ايوة.. لما كنتو عندي في الكراڤان بتهددوني و تتهجمو عليا.. فاكرة ولا افكرك؟؟
عبير(بخوف غلف ملامحها و صوتها): كيف.. كيف؟؟
سارة: انا اقولك...
Flash back...
خرجت عبير و والدتها بعد أن بثا سموم حديثهما الجارح لسارة التي جلست هي بالقرب من نافذتها تحاول التحكم في انفاسها المتلاحقة من هول ما سمعته منهما لتسمع منهما ما هو أفظع...
صالحة: چدعة يا بت.. كيلتي لها صُح.. خليها تعرف مجامها و اخرها..
عبير: امال إيه ياما.. هي فاكرة انها هاتاچي تاخد عاصم مني اكده بالساهل؟؟ عاصم ده بتاعي اني و بس.. و مش ممكن اسيبه لواحدة غيري واصل..
صالحة(بيأس و تفكير): و هو أصلا هايرضي يرچعلك؟!!
دة انتي كنتي بتسممي بدنه كل شوية بحديتك و انتو متچوزين.
عبير: كانت غلطة.. غلطة كبيرة مني.. كنت ضامناه في يدي و هو ابن عمي و كنت عارفة انه عمره ماهايسيبني واصل عشان امر چدي.
صالحة: و كنتي سيبتيه ليه و طلبتي الطلاج طالما عارفة كل دة..
عبير: كنت زهجت بقى.. من امه و من اخته اللي عشان راحت الچامعة عاملالي فيها ست المتعلمة و ان ماحدش جديها.
و منيه هو ذات نفسه.. كان بدأ بجى يتحكم فيا.. ماتروحيش و ماتاچيش.. ماتتحدتيش مع ده.. و بتعملي إيه على المحمول و مابتعمليش إيه..
و عمره ما نصفني جدام امه و اخته لحد ما زهجت و جولت اطلج و اخلص بجى.
صالحة: و اديكي اطلجتي و اتچوزتي تاني كمان.. و اطلجتي تاني.
عبير: بس طلاجي المرة دي ماكنش بمزاچي ولا بيدي.. ماهو عشان موضوع الخلفة.. ولا انتي نسيتي يوم ما روحت معاكي للضاكتورة بعد زن اللي ما يتسمى چوزي التاني جال ايه عايز عيال عايز عيال.. و ساعتها الضاكتورة جالتلي اني ماعاخلفش..
ثم اكملت بحزن...
عبير: و جالتلي ان حتى مافيش امل في العلاچ.. كنت هاعمل ايه يعني؟؟
صالحة: دة لولا انك اتنازلتي لچوزك التاني عن كافة شئ من مؤخر و جايمة و كله كان فضحنا وسط الخلج... خلانا نخسرو كتير و دفعنا دم جلبنا عشان ماحدش يعرفه.
عبير: يوووه ياما.. هو انتي كل شوية تفكريني.. ماخلاص بجى...
و بعدين ما اني عايزة ارچع لعاصم عشان اعوض الفلوس دي كلها و اكتر كمان.
صالحة: بس هو انتي مالية يدك من عاصم انه هايرچعلك بسهولة اكده.
عبير: ايوة طبعاً.. و هو هايلاجي غيري تبص له بالجرف اللي عنده ده..
صالحة: بس لو فتح معاكي موضوع الخلفة و سألك ماحبلتيش ليه.. هاتجوليله ايه؟؟
عبير: مايجدرش يجولها ولا حتى يرفع عينه فيا.. ماهو كمان معيوب.. و هابجى اجوله انه يمكن أصلا الزفت اللي عنديه ده هو اللي جابله عجم و ماخلهوش يخلف.. فهمتي؟؟
صالحة: آه يا ناصحة طالعة لأمك..
عبير: اومال إيه.. ماحدش في الدنيا دي لازمن يعرف أني طلعت ماعخلفش... و بعدين هو انتي فاكرة اني ممكن اسيب عاصم لواحدة غيري...(بحزن و غل) خصوصا و اني عارفة ان مافيش حد هايفكر يتچوزني غيره..
(ثم أكملت بتملك و شر) عاصم بتاعي اني و بس.. و مش ممكن يبجى لواحدة تانية ابدا..
Back...
سارة: عرفتي يا عبير انا عرفت منين؟؟
عبير: انتي كدابة و ماحدش هايصدقك.
سارة: معاكي حق.. جايز يكدبوني انا.. لكن لو عملنا شوية تحاليل و اشاعات هاتبين مين فينا اللي كداب.. او يمكن عاصم يخطف رجله لحد طليقك و يسأله و يعرف منه بنفسه... (و قالت بقوة و حسم) هاقولهالك لأخر مرة ابعدي عن طريقي احسنلك.. فاهمة؟؟
و ابعدي عن عاصم كمان عشان حتى لو انا ماتجوزناش مش هاسمح انه يتجوز واحدة كدابة و غشاشة زيك و هاقول للحاجة هنية و الحاج عبد الرحمن على كل حاجة و هما يبقو يتصرفو معاكي بقى..فاهمة؟؟
سلام.. لا و من غير سلام كمان..
ثم تركتها شبه مشلولة من هول تلك الصاعقة التي ضربتها من قوة و ثقة حديث سارة و الذي يكون هو الحقيقة بالطبع...
فعبير بعد ان تزوجت بمدة.. وجدت زوجها و الذي يكون أرملاً قد توفت زوجته و هي تنجب له طفله الأول يتسائل عن سبب تأخر حملها.
و مع إصراره اضطرت عبير ان تذهب لرؤية طبيبة و التي اوضحت بعد الفحص استحالة حمل عبير نظراً لوجود عيب خلقي بالرحم يحول دون ذلك..
فأصر زوجها على الطلاق.. حتى أنها قد ترجته كثيراً حتى لا يُفصح عن السبب الحقيقي لذلك و بالفعل تم الطلاق بهدوء بعد ان تنازلت عن جميع حقوقها .
و ظلت تحمد الله انه كان من قرية أخرى و إلا لما تمكنت من إخفاء الحقيقة كل هذه المدة... و لكن ثرثرتها مع والدتها جلبت لها التعب خاصة بعد ان علمت سارة بكل شئ... فجلست تندب حظها العثر الذي اوقعها في شر اعمالها.
و لكنها أبت ان تستلم بتلك السهولة.. و أصرت على إسترداد عاصم بأي ثمن.
لم يحدث جديد في تلك السهرة سوى ان سارة عادت للداخل بطاقة جديدة بعد ان افرغت كمية طاقة سلبية لا بأس بها في تلك المدعوة عبير تكفيها لتكمل باقي السهرة دون انهيار .
و انتهى الأحتفال بسلام....
عاد الجميع لبيته و طلبت هنية من أسرة الأستاذ جميل أن يبقو بضعة أيام أخر... فبعد ان دخلو إلى السرايا...
عبد الرحمن: الف مبروك يا ولاد.. ربنا يتمملكم على خير.
آسر: الله يبارك فيك يا عمي.
هنية: ياللا بجى اطلعو غيرو خلجاتكم عبال ما نچهزو العشا.
سعاد: لا عشا إيه.. مافيش ليه مكان من الغدا بتاعك.. بصراحة الاكل بتاع الفرح كان تحفة.. تسلم ايدك يا حاجة هنية.
هنية: شالله تسلمي..
جميل: كمان الاكل اللي كان في القاعة كان حلو يا أمير.. عقبال ما نتعبلك في يوم فرحك يابني..
أمير: ربنا يخليك ياعمي.. آسر دة اخويا..
هنية: بس كيف ده؟؟ لازمن نتعشو الاول جبل ما ننام.. ما تجول حاچة يا حاچ.
عبد الرحمن: و اني اجول و اتعب نفسي ليه.. انتي تجومي من سكات اكده تچهزي العشا و نجعدهم بالعافية.
آسر: ايوة عشان يبقى عشا تحت تهديد السلاح.
ضحك الجميع....
عبد الرحمن: ايوة هو اكده.
جميل: يا حاج عبد الرحمن أحنا خلاص بقينا واحد و لو حد فينا محتاج حاجة هايطلبها.. أحنا أصلا مسافرين الليلة.
عبد الرحمن: واه واه.. كيف يعني تسافرو دلوجيت.. لا طبعا.. مايصحش.
جميل: معلش يا حاج... اصل أحنا كل دة من ساعة ما رجعنا من أمريكا ماروحناش البلد خلاص... انت عارف الظروف اللي مرينا بيها..
و اخويا الحاج جمال باعت أمير ابنه عشان ياخدنا معاه مخصوص .
أمير(بإصرار): ايون.. انا هنا عشان اخدهم معايا مخصوص.
هنية: كيف اكده؟؟ لا والله لازمن تجعدو معانا يومين.
جميل: معلش خليها مرة تانية يا حاجة.. ياللا يا سعاد خدي سارة و وضبو الشنط و آسر و أمير يطلعو يجيبوهم .
هنية: وااه.. و انتو عاتاخدو آسر و سارة كمان ولا ايه؟
جميل: ايوة طبعاً..
هنية: لا والله مايحصل.. لازمن العريس يجعد معانا يومين و مع عروسته ولا إيه يا آسر؟؟
آسر(مقبلاً يدها و وجنتيها بفرحة): ينصر دينك.. ايوة امسكي فيا جامد و النبي انشالله يخليهملك يارب و تفرحي بيهم.
أمير: ماكملتش ساعتين جواز و ابتديت تشحت اهو.. قولتلك...
سعاد: شوف الواد اللي كان هايسافر قبلينا..
جميل: لا يسافر فين بقى... انسي.. قالو بلدك فين يا جحا قال اللي مراتي فيها.
عبد الرحمن: ههههههههه... و انت يا چميل يا خوي بلدك فين..
جميل: اللي فيها مراتي برضه..ههههه..
ضحك الجميع بمرح ماعداهما.. كانت هي قد فقدت طاقتها التي كانت تختبيء خلفها تنظر بعيداً عن الجميع فظهر ألم قلبها على وجهها.. و لم يسمع هو كلمة مما دار منذ عودتهم حيث كان مشغولاً بها و بما فيها...
آسر(بمرح): طالع لأبويا انا.. (ثم غمز لهدى بعينيه بجرءة) واخدة بالك انتي.
خجلت هدى و لم ترد..
جميل: خلاص خليك يا آسر مع عروستك يومين ز تبقى حصلنا بعدين.. ياللا يا سارة اطلعي مع ماما جهزو الشنط.
سارة: حاضر يا بابا.
هنية: وااه.. و عاتاخدو سارة ليه هي كمان..
سعاد: الله.. طيب آسر و هايقعد يومين مع عروسته... عايزة سارة ليه بقى..
هنية: تجعد معايا تسليني بدل هدى.. ماهي هاتبجى مشغولة مع چوزها.
آسر: الله يا هنون يا عسل.. و النبي واحدة "چوزها" دي مرة كمان.
هنية: هههههههه.... يووه چاتك إيه يا آسر.. يا واد اهدى شوية الا العروسة تجول عليك مدلوج.
آسر: ما تقول.. ما انا مدلوق فعلاً.
هنية: ماشي يا سي چوزها.. استنى بجى اما نشوف اختك كمان.. ها يا استاذ چميل.. جولت ايه؟؟
جميل(بحرج): ما يهونش عليا ارفض لك طلب يا حاجة... بس يعني...
عبد الرحمن: بس إيه عاد..؟؟ إيه مامأنش على بتك عندينا ولا إيه.. و إذا كان على اللي حصل جيل سابج ده.. فعاصم اخدلها حجها تالت و متلت و اسأل آسر و هو يجولك.
آسر: هههههههه.. هو الحقيقة خدلها حقها تالت و متلت و رابع كمان..
جميل: يا خبر يا حاج عبد الرحمن.. لا طبعا مش دة قصدي.. و إذا كان على اللي حصل فانا عارف انكم حافظتو على سارة طول مدة قعدتها هنا..
و عارف طبعا ان عاصم اخد لها حقها..
سعاد: خلاص يا جميل بلاش تزعل الحاج و الحاجة مننا.. ها يا سارة إيه رأيك هاتقعدي مع آسر.
هنية(قاطعتها فهي توقعت رفضها): هاتجول إيه يعني.. أكيد موافجة.. ولا هاتسيبي ماما هنية وحديها تحدتت روحها..
سارة(ابتسمت بتكلف): لا طبعا يا ماما هنية.. حاضر هاقعد مع آسر .
سعاد: خلاص.. طيب ياللا ساعديني نجهز شنطتي انا و بابا بقى.
سارة: حاضر..
ظل يتابع صعودها إلى أن جائته مكالمة هاتفية اضطر على إثرها الاستئذان.. فصعد بعدهما إلى غرفته حتى يستقبل تلك المكالمة بحرية....
عاصم: الو.. ايوة يا عبير.. خير في حاچة؟؟
عبير: واه يا عاصم.. هو لازمن يكون في حاچة عشان اتحدت مع واد عمي؟
عاصم(متسلحاً بالصبر قدر الإمكان): لا مالزمش.. بس يعني مامتعودش منيكي على انك تتصلي بيا وش الفچر اكده.
عبير: ما انت أكيد لساتك صاحي.. ولا لحجت تنام؟
عاصم: لا لساتني صاحي.. المهم كنتي عايزة إيه انتي؟
عبير: مافيش كنت عاطمن عليك بس.
عاصم: ماتتكلمي دغري و تچيبي اللي في راسك من غير لف و دوران.
عبير: ما اللي في راسي جولتلك عليه.
عاصم: اممممم... جصدك اننا نرچعو لبعض يعني؟
عبير: ايوة.
عاصم: و انتي بجى مفكرة ان اللي انتي عملتيه هايعدي بالسهل اكده.
عبير: اني عارفة اني غلطت.. بس صدجني هاعوضك عن كل اللي حصل زمان.. و هاتأسفلك و اعتذرلك كل ساعة لحد ما ترضى عني.. هاعملك كل اللي تعوزه.. كل اللي يخليك تسامحني بس نرچعو لبعضينا... ها جولت ايه؟
عاصم: اللي فيه الخير يجدمه ربنا.. سيبيها لله.
عبير: يعني موافج؟؟
عاصم: عبير مش وجته الحديت ده عاد.. عندينا ضيوف.. لما يمشوا بالسلامة هاچيلكم البيت.
عبير(بفرحة شديدة): صُح يا عاصم هاتچيلنا؟؟
عاصم: طبعاً هاچيلكم.. انتي بت عمي و مالناش الا بعضينا.. ولا ايه؟؟
عبير: صُح.. معاك حج.
عاصم: تصبحي على خير بجى عشان هانام.
عبير: نوم الهنا و العافية يا واد عمي.
اغلق الخط معها و لم يحرك ساكناً.. بل ظل في مكانه يتأمل حياته و القررات المتعلقة بها و يقيمها....
===================================
أما سارة فقد صعدت مع والدتها و بدأتا في تجهيز الحقيبة... كانت سارة تبدل ملابسها داخل الحمام و خرجت لتجد سعاد قد انتهت من اعداد الحقيبة و فاجأتها بسؤالها الذي لم يخطر على بال سارة...
سعاد: غيرتي هدومك؟؟
سارة: ايوة يا ماما خلاص.
سعاد: عايزة تقعدي يا سارة ولا مش هاتقدري.. لو عايزة تسافري معانا قولي و انا هاتحجج للحاجة هنية بأي حاجة.
سارة: لا يا ماما ليه بتقولي كدة.. الحاجة هنية ست جميلة و طيبة و انا بحبها و هي بتحبني كمان .
سعاد: طيب و ابنها؟؟
سارة(بدهشة): ابنها.. قصدك عاصم؟؟
سعاد: و هي عندها غيره؟؟
سارة: ماله؟؟
سعاد: بيحبك برضه زي امه..
صدمت و صمتت فأكملت سعاد بعد ان مسكت يدها و جعلتها تجلس بجوارها على الفراش....
سعاد: اوعي تكوني فاكراني مش واخدة بالي.. كلنا اخدنا بالنا يوم ما فوقتي و كنتي منهارة بسبب النور اللي كان مضايق عنيكي و كان الدكتور هايديكي مهديء زي العادة..
لولا هو اتدخل بقوة ماتطلعش غير من قلب واحد بيحب.. لا همه أحنا ولا اهله ولا الدكاترة ولا اي حد.. كل اللي كان همه هو انتي... انتي و بس و انهم مكتفينك بالعافية.. خلاهم يسيبوكي و قرب هو منك و حضنك... انا اتفاجئت بيكي انك هديتي فعلا.. و اخدتي الحقنة بهدوء مش بانهيار زي كل مرة..
ثم سألتها بوضوح...
سعاد: بتحبيه يا سارة؟؟
لم ترد سارة بل اكتفت بإيماءة بسيطة تدل على مواففتها.. فسألتها سعادة مرة أخرى..
سعاد: طيب ليه ما اخدش خطوة لحد دلوقتي.. ليه بقى جاف معاكي كدة مش زي الاول.. ولا هو أصلا ماكنش بيحبك و كلنا فهمناه غلط.. بس ماعتقدش ان احساسنا كلنا هايبقى غلط ولا إيه..
دمعت عيناها و ألقت بنفسها في حضن والدتها و بكت بشدة.. فتفاجيت سعادة بالك الحافلة التي تراها عليها لأول مرة من أجل رجل.. فهي لم تفعل ذلك مسبقاً ولا لأجل كريم.
سعاد: كل دة يا حبيبتي... ليه عاملة في نفسك كدة بس؟؟ قوليلي يا حبيبتي.. فضفضيلي يا قلب ماما.
سارة: انا محتارة اوي يا ماما.. مش عارفة هو بيعمل معايا كدة ليه.. ولا عارفة انا اعمل إيه...
خرجت من حضنها لتسألها بلهفة غريق يتشبث بقشة إنقاذه التي فيها حياته....
سارة: اعمل إيه يا امي... ساعديني يا ماما و قوليلي اعمل إيه..
سعاد(مسحت دموعها بحنان): على عيني حيرتك دي يا حبيبتي.. بس هاقولك ايه... اللي يبيعك بيعيه و انتي الكسبانة.
لو ماحبكيش قد ما بتحبيه و اكتر يبقى انسيه يا قلبي عشان ترتاحي.
سارة: ياريتها سهلة كدة يا امي..
سعاد: الايام ياما بتنسي.. صدقيني بكرة تنسي و تعيشي و تحبي تاني كمان.. اهدي بقى.
تماسكت سارة قليلاً ثم...
سعاد: ياللا ننزل دلوقتي و بعدين نتكلم.. المهم انتي بس خلي بالك من نفسك يا روحي..
سارة: حاضر يا ماما..
نزلا مرة أخرى لتجد الجميع في انتظارهما ماعدا هو.. فسألت سعاد عنه...
سعاد: إيه دة اومال عاصم فين؟؟
هنية: چاله تلفون مهم طلع يرد و جال هاينام كمان..
سارة(لنفسها): صعد لينام.. يالغبائي فقد ذهب لينام... كم انك حقاً غبية.. هل تظنينه سينتظرك.. فقد صعد لينام قرير العينين لا يقلقه شيئاً.. هل سيبقى ليسهر معكِ كالسابق.. لا يا مخدوعة.. لا...
جميل: طيب نستأذن أحنا بقى..
هنية: توصلو بالسلامة..
جميل(و هو يحتضن ذراعي سارة): خدي بالك من نفسك يا حبيبتي.. ماشي؟؟
سارة(ابتسمت بتصنع): حاضر يا بابا..
سعاد(لسارة): طمنيني عليكي كل شوية.. اوعي تنسي.
سارة: ماتقلقيش... انا هابقى كويسة..
جميل(لآسر): شيل الشنط مع ابن عمك و تعالى يا آسر عايزك..
آسر: حاضر يا بابا..
عبد الرحمن: في حفظ الله..
خرج معهم آسر لينظر له والده نظرة عتاب يراها لأول مرة..
جميل: خد بالك من اختك يا آسر.. فاهم.. خد بالك منها.
آسر : ليه يا بابا بتوصيني اوي كدة.. هو في حاجة حصلت..
جميل: انت عارف إيه اللي حصل.. بس مش وقت كلام ولا عتاب دلوقتي نبقى نتكلم بعدين.. بس المهم تاخد بالك من اختك و من قلبها و تخافظ على كرامتها.. و دي اهم حاجة.
آسر(بعد ان فهم قصد والده): بابا سارة قوية و هاتقدر تعالج الموضوع دة.. و بعدين صدقني انا مش سايبها.. انا بس مديها مساحتها الشخصية زي ما حضرتك معودنا.
جميل: يعني انت عارف؟
آسر: ماهو...
جميل: ماهو إيه.. يعني انت عارف باللي اختك فيه دة و واقف تتفرج؟؟ هي دي وصيتي ليك عليها.. هو دة اللي انا ربيتك عليه طول عمرك.. هو دة دور السند اللي علمتك تقفه معاها؟؟
آسر: ارجوك يا بابا.. ماتظلمنيش.. صدقني انا مش سايبها.. و عارف كل حاجة عن الموضوع دة ما انا حاكيلك كل حاجة... و بتكلم معاها دايما فيه..
لكن دة موضوعها هي و بس.. و انا ماقدرش اتصرف فيه غير لما هي تسمحلي.. حضرتك معودنا دايما على كدة.. ليه دلوقتي عايزني الغيها و الغي شخصيتها و قرارها..
جميل: ماشي يا آسر.. ماشي.. عموما مش وقت كلام و عتاب نبقى نتكلم بعدين.. المهم دلوقتي اختك.. خد بالك منها.. انا بوصيك عليها اهو.
آسر: ربنا يخليك لينا يا بابا و يديك طويلة العمر.. حاضر يا بابا... في عنيا زي ما طول عمرها في عينيا...
تركه دون حديث و بعد ان ركب جميل بجانب أمير و سعاد بالخلف..
سعاد: إيه يا جميل.. كنت بتقول إيه لآسر..
جميل: ولا حاجة يا سعاد.. بعدين.
سعاد: كلمته؟؟
جميل(بغيظ): البيه طلع عارف.. عارف اللي بيحصل مع اخته و ساكت.. عارف ان البيه بيتهرب منها و ساكت.. طبعا.. ماهو اخو مراته.. لازم يعديله.
أمير: في ايه يا عمي.. هو في حاجة حصلت؟؟
جميل: مافيش يا امير.. مافيش.
سعاد: لا يا جميل.. انت عارف آسر بيحب سارة قد إيه و مستحيل يتهاون في حقها.
جميل: آه ماهو واضح.. بقولك إيه قفلي على السيرة دي مش وقته.. انا مش طايق نفسي.
لكن آسر قد تأكد من أن والده علم بما يحدث بين عاصم و سارة أو حتى أصبح لديه مجرد شك كبير.. فدخل الي السرايا متجهماً...
هدى: ها مشيو؟؟
آسر(بخجل من نفسه لم يلاحظه أحد): ايوة.
هدى(همست له بهدوء دون ان يلاحظها أحد بعد ان رأت حالته): مالك.. في حاجة حصلت؟؟
آسر: لا مافيش... سلامتك.
عبد الرحمن: طيب اني هاروح انعس اني بجى... البيت بيتك يا آسر...
آسر: طبعا يا عمي.. ربنا يخليك لينا.
عبد الرحمن: تصبحو على خير..
هنية: هدى.. البت فاطنة مچهزالكم العشا هناك على السفرة.. و لو عوزتي تسخنو حاچة تبجي سخنيها انتي بجى.. و لو چوزك عاز حاچة تانية ابجي اعمليله اللي يعوزه.
هدى: حاضر يا ماما.
آسر: صدقيني يا ماما هنية انا شبعان و كله تمام..
هنية: عاجولك إيه.. اني جولت اللي عندي و انت مانتاش غريب.. تصبحو على خير.. ها يا سارة هاتنامي ولا هاتسهري معاهم؟؟
سارة: لا يا ماما هنية هانام طبعا ولا عايزاهم يقولو عليا عزول..
قفز آسر من مكانه ليركض نحوها و يحتضنها و هو يشعر بالذنب و الندم بشكل كبير..
آسر: إيه اللي بتقوليه دة.. انتي عمرك ما هاتكوني عزول.. فاهمة.. اوعي تقولي كدة تاني.. انتي روحي.. بنتي مش بس اختي.. ماشي.
سارة(تعجبت قليلاً): ماشي يا عم فيه ايه؟؟
آسر: انتي كويسة صح؟؟
هنية: مالها عاد.. ما هي زينة اهي و زي الفل.
سارة(نظرت له بحب): ماتخافش عليا يا آسر.. صدقني انا كويسة.
آسر: أكيد؟!!
سارة: أكيد يا حبيبي.. ماتخافش.
هنية: ياللا يا سارة أحنا بجى و نسيبهم... تصبحو على خير يا ولاد.
صعدا معاً و لكن هنية اوقفتها قبل ان تتركها و تدخل لغرفتها..
هنية: ماتزعليش منيه يا سارة...
سارة: ازعل من آسر؟؟!!.. مستحيل طبعآ..
هنية: ماجصديش على آسر.. جصدي عاصم.
سارة(تنهدت بألم ظهر في صوتها): خلاص يا ماما هنية.. هو حر.. ربنا يسعده.
هنية: ماهاتحدتش معاكي دلوجيت عشان باينلك لساتك زعلانة.. الصباح رباح و بكرة كل شئ هايتصلح بإذن الله..
سارة: ان شاء الله.. تصبحي على خير...
هنية: و انتي من اهل الخير.
تركتها هنية و دخلت لغرفتها.. و اتجهت سارة لتدخل إلى غرفتها و لكنها لم تدخل.. نظرت لمكانها مع عاصم بحنين و شوق و ألم كبير... و قررت أن تدخل الى هناك لمرة اخيرة فهي سترحل بعد يومين و لن تسنح لها الفرصة مرة أخرى لتزور تلك القاعة... خاصة بعد ان علمت انه توجه لغرفته لينام... فعلمت انه ليس هناك..
دخلتها و جلست ليمر امام عينيها شريط علاقتها القصيرة معه.. حديثه الحنون.. ضحكته التي لم تسمعها سوى في وجودها و التي لم تخرج سوى لها.. كلامه المعسول و ذراعيه التي ضمتها بدعم و حب..
وجدت نفسها تبكي دون وعي.. تبكي حبها الأول و جرح قلبها... تبكي معاملته القاسية لها.. تبكي احلامها الضائعة.. بكت قلبها المكسور.. بكت و بكت و لم تشعر بصوتها الذي يرتفع و يمزق القلب.
أما هو..
فعندما شعر بجدران غرفته تضيق عليه و تخنقه خرج إلى تلك الشرفة حتى يتنفس بحرية.. فقد اصبح هذا المكان هو مكانه المفضل اكثر من السابق.. المكان الذي يشعر فيه ان حي بحق.. المكان الذي يجعله يتنفس بحرية و براحة اكثر من غيره.. دخل و جلس بعيداً عن مكانهما معاً ليتأمله بحزن.
فهنا ضحكا.. و هنا تعاتبا.. و هنا كانت بدايتهما.. ااااه يارب... لما تحملني ما لا طاقة لي به.. لما تعطيني ما لا استطيع حمله.. فساعدني يا رب.. ساعدني يا الله.
ظل غارقاً في ذكرياته معها حتى سمع الباب يُفتح و شعر بها قلبه قبل ان تراها عيناه..
لم يحرك ساكناً حتى لا تشعر به.. فقد كانت تلك هي فرصته الاخيرة حتى يتأملها بحرية للمرة الاخيرة قبل ان ترحل إلى الابد.
ظل يتأمل بكاءها و حزنها و لكنه لم يحتمل دموعها و نحيبها اكثر من ذلك.. خاصة عندما لسعتها برودة الجو.. ظن هو انها من طقس ديسمبر و لكنها في الحقيقة برودة بعده عنها.
كانت تجلس تحتضن نفسها بقوة حتى تعوض غيابه و شعرت على حين غرة بشئ يوضع على كتفها...
نظرت لتجده يقف خلفها يضعه سترة بدلته على كتفيها للتدفئة...
نظرت له بدموع العتاب التي لم يحتملها فأشاح بوجهه بعيداً و جلس امامها ليسألها بإهتمام..
عاصم: انتي كويسة؟؟
سارة(و قد أوقفت دموعها بكبرياء أنثى): ايوة.
عاصم: طول عمرك ماتعرفيش تكدبي.
سارة(باستفزاز): هايبقى انا و انت؟؟ كفاية انت بتعرف تكدب..
عاصم(تنهد بحزن): صح.. معاكي حق.. طيب بتعيطي ليه على واحد كداب.
سارة: و مين قالك اني بعيط عليك.. ياريت ماتديش لنفسك اكتر من حجمك.
قرر عاصم ان يتحملها حتى النهاية فتلك هي نتيجة جرحه لها.. فإن جرحها فعليه مداواتها أو على الاقل تحملها.. و هذا هو اقل شئ يمكنه ان يقدمه لها...
عاصم: اومال بتعيطي ليه؟
سارة: يهمك تعرف؟؟
عاصم(بكل الحب الذي يغمر قلبه): طبعا يهمني.
سارة: ليه؟؟
عاصم(زفر بتعب): عشان بغض النظر عن اي حاجة تانية.. فانتي ليكي فضل كبير اوي في البيت دة.. و بقيتي اخت جوز اختي.. فلازم اهتم.
سارة(بصدمة): بس.. عشان كدة و بس؟؟
عاصم(تنهد بألم لأنه على وشك ان يجرحها ثانيةً): ايوة.. بس.
تغلف صوتها بألم لم يعرفه قلبها من قبل و رسم على ملامحها صدمة إجتاحت كيانها و قالت ببكاء و دموع.
سارة: انت إيه يا اخي.. جبت القسوة دي كلها منين.. بلاش تعترف باللي كان بينا.. طيب انت إيه اللي جابك هنا دلوقتي.. المكان هنا مافكركش بأي حاجة خالص...
مافكركش بينا أحنا.. مافتكرتش لما كنا بنقعد هنا بعد ما كل البيت ينام نتكلم و نضحك و نهزر للفجر.. كنت بتشكيلي همومك و مشاكل يومك حتى لو في شغلك و حتى لو مافهمتكش اوي.
مافتكرتش كلمة بحبك اللي قولتهالي هنا.. مافتكرتش احساسك بيا و بوجودي معاك..
وقف هارباً من حصار كلمتها و لكنها ذهبت خلفه و أوقفته بكلامها تمنعه من الهرب..
سارة: مافتكرتش يوم ما غبت عنك لما اهلى كانو هنا و اول ما دخلت هنا حضنتني من كتر ما كنت مشتاقلي.. ساعتها لما قلتلك حد يشوفنا قولتلي مش مهم.. اللي يشوف يشوف و انك عايز كل الناس تعرف اننا بنحب بعض.
عاصم(بكذب): انا عمري ما قولت اني بحبك.
سارة(بصدمة): انت ازاي تقول كدة؟؟ انت بتكدب على مين.. عليا و على قلبك.. (بإصرار) لا قولتها.. و قولتها بدل المرة الف.. و مش بس قولتها بلسانك.. كمان قولتها بأفعالك..
قولتها لما روحت لبيت عمك عشان ماقتنعتش ان عبير و أمها كانو جايين عندي الكراڤان يعتذرولي.. قولتها في كل رسالة اهتمام على الواتس لما كان كريم هنا و انا كنت بموت لمجرد انه موجود في مكان انا فيه.
قولتها لما حضنتني في المستشفى عشان تخليهم يسيبوني و مايكتفونيش زي كل مرة بنهار فيها..
قايلها دلوقتي بعنيك دي اللي مليانة حزن و وجع... ليه.. ليه يا عاصم.. حرام عليك.
عاصم(التفت لها بألم توغل في ملامحه): حرام عليكي انتي اللي بتعمليه فيا دة... يا سارة انا مانفعكيش.. صدقيني والله مانفعكيش.. انتي تستاهلي حد احسن مني مليون مرة عشان انتي احسن بنت في الدنيا.
سارة: بس انا مش عايزة حد يكون احسن منك.. انا عايزاك انت.. انت و بس يا عاصم.
عاصم(صرخ بغضب): و انا مانفعكيش قولتلك..
ثم تركها و توجه لغرفته و لكنها استفاقت سريعاً و ذهبت خلفه...
=================================
أما عند هدى و آسر....
لم يتحدث معها.. ظل صامتاً يفكر في حديث والده و يسأل نفسه... هل كنت على قدر امانة أبي.. هل اخطأت عندما سمحت لها بالتواجد معه في منزله حتى بعد اعترافه لي بحبه لها..
هل كان يجب ان آخذها عنوة بعيداً عنه... و الف الف سؤال ظل يضرب برأسه خوفا على شقيقته..
أما هدى فقد لاحظت ما به من حيرة و حزن و يجوز غضب.. لم تفهم سببهم و لكنها تخطت خجلها منه في مثل هذا اليوم و جلست بجانبه بعد ان لاحظت تجهمه الواضح و سألته...
هدى: آسر.. آسر...
آسر(بعد ان عاد من شروده): ها.. إيه يا هدى بتكلميني؟؟
هدى: بكلمك.. بس واضح انك مش سامعني..
آسر(قربها اليه و قبل رأسها كإعتذار): معلش حقك عليا.. انشغلت عنك في يوم زي دة..
هدى: ولا يهمك انا مش زعلانة.. بس المهم تكون انت كويس.
آسر(و هو يحول تفكيره إلى هدى و التي ليس لها ذنب فيما يحدث): انا كويس يا روحي طول ما انا معاكي.. انتي عاملة إيه.. فرحانة يا هدى؟؟
هزت رأسها بخجل و لم ترد... فحثها هو على الحديث بإصرار....
آسر: لا بقولك إيه.. انا عايز اسمع صوتك النهاردة بالذات.. فاهمة.. مافيش كسوف ولا هز راس.. ماشي يا عروستي .
هدى: إيه حكاية عروستي اللي انت ماسكهالي دي.. هو انا لعبة..
قالتها بغضب لطيف جعلت الضحكة تعود له رغماً عنه...
آسر: ههههههه.. طبعا و احلى لعبة.. لعبتي.. بتاعتي انا .
هدى(عقدت ذراعيها بغضب طفولي محبوب): إيه دة.. إيه لعبتي و بتاعتي و الكلام دة؟؟
اقترب هو منها اكثر و امسك بأطراف شعرها يداعبها بخبث عاشق..
آسر: هو انتي كدة زعلانة يعني؟
هدى: ايه.. مش باين عليا؟
آسر: لا طبعا باين اوي كمان.. بس يعني هو انتي لما تزعلي هاتربعي ايدك و تبوزي كدة بس؟؟
شعرت بتهكمه فرفعت حاجبها و ضيقت عيناها بغضب..
هدى: لا.. في بقى وش تاني بيزعق و يكسر و يمكن يضرب و يعض كمان..
آسر: اموت انا في اللي بيضرب و يعض دة.. ماتوريني عضة من الوش الشرس اللي بيضرب دة.
هدى: انت بتهزر.
آسر: و ماهزرش ليه مش فاهم انا.. عريس و معايا عروستي حبيبتي يوم كتب كتابنا.. ماهزرش ليه بقى؟؟
هدى: آه عروستك ولا لعبتك.
آسر: عروستي و لعبتي و روحي و قلبي كمان... ماتكشريش بقى... بهزر معاكي يا دودو.
هدى: لا برضه زعلانة.
آسر: اصالحك حالا..
و هم ان ينقض عليها ليقتنص أولى قبلاته لها و لكنها ابتعدت سريعاً....
===================================
اما سارة فقد تبعت عاصم بعد ان تركها و استوقفته في ممر الغرف لتصرخ هي أيضاً به...
سارة: استنى هنا احنا لسة ماخلصناش كلامنا..
عاصم: انا خلصته.
سارة: يبقى تسمعني.
وصل صوت صراخهما لداخل غرفة والدي عاصم.. فخرجت هنية و بعدها زوجها على صوت صراخهما لتسألهما بقلق...
هنية: إيه ياولاد كفالله الشر.. مالكم؟
عبد الرحمن: إيه يا عاصم.. في ايه؟
عاصم: مافيش يابوي.
سارة: لا في.. و انا مش هاسيبك غير لما اعرف انت بتعمل كدة ليه.. إيه اللي حصل.. إيه اللي خلاك تعمل فيا كدة..
هنية: فيه ايه يا عاصم.. ماترد عليها و جولها و ريحها يا ولدي...
وصل صوتهم للأسفل عند هدى و آسر الذي كان على وشك ان يفوز بجائزته لتلك الليلة..
كان يقترب منها الى حد كبير و هو يجلس بجوارها و يحاوطها بذراعيه فسألته بوجه كاد ان ينفجر من جم خجلها و بلسان تلعثمت عليه الكلمات...
هدى: انت بتعمل ايه؟؟
آسر: بصالحك.. الله..
هدى: لا خلاص مش زعلانة..
اسر: لا زعلانة انا عارف... و. بعدين انتي قولتيلي بلاش حضن كتب الكتاب قدام الناس و انا وافقت بس مش هاسيبك الا لما اخد بداله..
هدى: إيه دة لا طبعاً..
آسر: هو إيه دة اللي لا طبعاً... تعالي هنا..
هم ان يقترب منها مرة أخرى و لكنها كانت أسرع منه و هربت بعيداً...
آسر: والله ما انا سايبك.
و ظل يركض خلفها و هما يمزحان و يمرحان حتى وجدت الحائط خلفها و حبيبها امامها..
آسر: ها يا قمر خلاص وقعتي في الفخ.. هاتروحي مني فين؟؟
هدى(بدلال انثوي رقيق): اخس عليك كدة تضحك عليا.
آسر(همس بإنتصار جميل): قولتلك انك مش قدي ماصدقتنيش..
هم ان يفوز بقبلته الأولى و لكنهما سمعا صوت سارة الصارخ و هي تركض خلف عاصم على الدرج و تمسك بذراعه حتى لا يهرب منها كالعادة....
سارة: بقولك استنى هنا و كلمني زي مابكلمك.
آسر: ايه دة فيه ايه.. ايه الصوت دة..
هدى: مش عارفة تعالى نشوف..
و ها قد أتت المواجهة...
و كل الكروت هاتتكشف..
سارة مش ناوية تسيبه المرة دي شكلها غير لما تعرف كل حاجة...
و ياترى هايقول لها و نوصل لحل ولا لسة هانلعب قط و فار تاني .
دة اللي هايبان في الفصل الجاي.. استنوني
السادس والعشرون من هنا