رواية تناديه سيدي الفصل الخامس عشر 15 بقلم صابرين شعبان
الفصل الخامس عشر
أرتعشت يد نجمة التي تمسك بيد فريدة و شحب وجهها فشكوكها كانت في موضعها و هو فعلاً مريض كما ظنت أمس سألتها نجمة بخوف .." ما به سيدي جدتي "
لاحظت فريدة رعشة يدها و قد علمت أن نجمة تكن بعض المشاعر لحفيدها فقالت تطمئنها .." لا شئ حبيبتي هو فقط لديه بعض الحرارة و الطبيب أعطاه الدواء و أخبرني أنه سيكون بخير "
فقالت صبا تقاطعهم حتى لا يسترسلون في هذا الحديث و تعود فريدة للقلق و البكاء مرة أخرى .." أخبريني نجمة هل هذا موعدك لبدء العمل"
أشاحت نجمة بوجهها عن الجدة تنظر لصبا بعدم راحة قائلة ..
" لا لقد أتيت باكرة اليوم لأطمئن على الجدة بعد رحلة الأمس "
تفحصت فريدة ملامحها بدت شاحبة قليلاً و كأنها لم تأخذ وقتاً كافيا من النوم فمطت شفتيها تخفي بسمتها فيبدو أن نجمة شعرت أن حفيدها ليس على مايرام بالأمس و لذلك أتت مسرعة صباحاً ..
هزت صبا رأسها بتفهم و قالت .." حسنا تعالي معي نعد الفطور لحين يهبط تامر من عند طِراد فهو يعطيه الدواء و يطعمه "
تركت فريدة يدها قائلة .." أذهبي حبيبتي معها فسهر لم تأت بعد و حتماً وسيم جائع "
فسألتها نجمة .." أين هو لم أره "
أجابتها صبا .." مع والده فوق ، هيا بنا و أنت جدتي كفي عن القلق و أستريحي بعد تناولك الفطور يمكنك الصعود و رؤيته "
أومأت فريدة بصمت فأنصرفت كلتاهما لتعدان الفطور .
******
تجلس على الطاولة تتلاعب بطعامها شاردة غير منتبهه لنظرات تامر الماكرة و لا فريدة المتفائلة و صبا الحائرة لما ترى من هذان الإثنان زوجها و الجدة فريدة و لما ينظران لنجمة بطريقة غريبة ، كانتا تعدان الطعام عندما أتت سهر لتقول ببرود .." إذا سمحتما أنا سأقوم بإعداد الطعام و لا داعي لتتعبان نفسيكما "
فخرجت كلتاهما و صبا تسأل نجمة .." لما هى غاضبة هكذا لقد وفرنا عليها المزيد من العمل لليوم "
هزت نجمة كتفيها بلامبالاة و هى تقول .." لا أعلم هى دوماً هكذا يبدوا أنها لا تحب أن يتدخل أحد في عملها هنا فهى دوماً ما تتضايق عندما أفعل شئ هى مكلفة به "
غمغمت صبا بتعجب .." غريبة حقاً "
عادت من شرودها على صوت فريدة و هى تسأل نجمة .." عزيزتي لما لا تتناولين طعامك هل تناولته في المنزل قبل مجيئك و خجلتي من إخباري حتي لا أتضايق "
رفعت نجمة رأسها عن طبقها و قالت بهدوء تحاول التخفي خلفه حتى لا يظهر شعورها بالقلق و اللهفة على رؤيته ذلك القابع في الأعلى.. تحاول التماسك حتى لا تطالب الجدة بالصعود له و رؤيته .." لا جدتي و لكني لا أشعر بالجوع ، هل تسمحين سأذهب للجلوس في الخارج قليلاً لحين تتناولي طعامك "
نهض وسيم بدوره قائلاً و فمه ملئ بالطعام .." سأتي معك نجمة رأيت كوخ بالأمس تتسلق عليه نبته أريد أن أراه مرة أخرى "
نهضت نجمة باسمة و هى تمد يدها إليه .." هيا بنا و سأخبرك ما إسم النبته "
خرج كلاهما تاركين الصمت سائد بين الجالسين على الطاولة و الذي قطعته صبا متسأله بجدية .." هل لكما أن تخبراني لما كنتما تنظران لنجمة هكذا و كأنها كائن فضائي " و عندما لم يجيب أحدهم التفتت لزوجها قائلة .." تامر "
تنحنح تامر مشيرا لها بعينيه تجاه الجدة وأن تمتنع عن الحديث الآن و لكن فريدة أنتبهت لإشارته فقالت بهدوء .." بني هل تعلم شئ لا أعلمه عن نجمة و طِراد "
نظر إليها تامر بتعجب و سأل .." شئ مثل ماذا جدتي لا أفهم "
تنهدت فريدة و قالت بلامبالاة .." حسنا بني على راحتك لن أجبرك على شئ "
سألته صبا بحزم رغم أنها لا تفهم لما تربط الجدة بين نجمة و طِراد في سؤالها و لم كانا ينظران إليها بغرابة و كأنهم يعرفون عنها شيئاً ..
" تامر أخبرني هل هناك شئ تعلمه هل حدث شئ بينهما ، أنا أرى نجمة شاردة صامته على غير العادة ماتفسير ذلك "
تذمر زوجها و قال بصوت لاذع .." و لما لا تسألينها هى ...هى صديقتك أنت لا أنا و لا يجب أن تحادثيني عن إمرأة أخرى فأنا ليس لي شأن بإحداهن "
نظرت إليه بسخرية و قالت تجيبه ببرود .." يال زوجي المستقيم "
ضحكت فريدة و قالت .." كفاكما مجادلة أنا لا أريد أن أعرف شيئاً لقد كان سؤال برئ من ناحيتي ، لا تتشبثين بعنق زوجك لتخانقيه و كأن الفرصة أتت إليك على طبق من ذهب لتفعلي "
لوا تامر شفتيه ساخرا و زمت صبا شفتيها بضيق صامته ..فضحكت فريدة قائلة .." إذن كان معي حق في حديثي يالك من إمرأة محبة للنكد "
نهضت صبا بتذمر و قالت بحنق و هى تلقى على زوجها نظرة متوعدة ..
" أنا سأذهب للجلوس مع نجمة في الخارج قليلاً قبل رحيلنا جدتي و أنا لست محبة للنكد كما تقولين "
خرجت مسرعة تسبقها صوت ضحكاتهم المرحة عليها ..
التفتت فريدة لتامر قائلة بخبث .." هيا الآن أخبرني بما كنت ستخبره لزوجتك عندما ترحلان لمنزلكم من هنا ، هل تعرف شئ عن حفيدي لا أعرفه " ؟؟
أربتسم تامر بمكر و قال .." هل تعرفين أنت شئ جدتي ربما ما تعرفينه أنت يكون هو نفسه الذي أعرفه أنا "
قالت فريدة بتحذير كما فعلت صبا منذ قليل .. " تامر "
فتنهد قائلاً بهدوء .." أعتقد أن حفيدك يحب نجمة جدتي و أنه أخبرها بذلك و هى لم تقبله "
أنتبهت إليه فريدة بكل حواسها و قالت بجدية .." لما تقول ذلك و لما تقول أنها رفضته بني "
قال تامر يجيبها بهدوء .." لقد سمعت حديثه عن الأمر أمس صباحاً في المزرعة حين ذهبت لأوقظه "
قالت فريدة بإهتمام .." أخبرني بما سمعته "
سرد لها تامر بما كان يهذى به طِراد في نومه و ما يظنه قد حدث ..بعد أن أنهى حديثه صمت فتنهدت فريدة بحزن قائلة بشرود .. " هذا إذن ما يقض مضجعه هو يخشى أن ترفضه إذن "
ثم عادت و أنتبهت لتامر تكمل بجدية .. " لا لم يخبرها بني و لكن أعتقد أن هذا ما يقلقه أن أخبرها هو يخشى أن ترفضه أي إمرأة لجرح وجهه و ليست نجمة فقط و لكن قلقه هذا ظهر في شخص نجمة لأني قد حادثته عن رغبتي في أن يتزوج ، قال لي عندما أخبرته أنه لا يريد أن يجازف و يتقرب من إمرأة و يقابل بالرفض كما حدث له منذ سنوات "
قال تامر يسألها بإهتمام .." هل لديك مانع في إخباري ما حدث مع طِراد و كيف أصيب بهكذا جرح في وجهه "
أجابت فريدة و قد شعرت حقاً أنها في أمس الحاجة لإخراج ما بداخلها من ألم لأحد لربما خفف عنها حزنها على ما حدث مع حفيدها ..
" حسنا بني سأخبرك و لكن عدني ألا تخبر صبا بما ستعلمه حتى لا تخبر نجمة فأنا أريد التأكد من شئ قبل أن أطلع نجمة على ما حدث مع حفيدي "
قال تامر يسألها .." و هل نجمة طلبت منك إخبارها عن ما حدث مع طِراد "
هزت رأسها إيجابا فأبتسم تامر قائلاً .." ألا يدل ذلك على شئ سيدتي "
نظرت إليه بتساؤل فقال موضحاً .." يدل على إهتمامها به سيدتي إذا أرادت أن تعلم ما حدث له فهى حقاً تهتم به "
ثم أكمل بحزن .."نحن نريد أن نعلم كل شئ عن الأشخاص الذين نهتم بهم هذا ما أكتشفته مؤخراً أنا و زوجتي مررنا بالكثير و لكن لم أكتشف أني لم أكن أهتم بها حقا سوى بعد عودتها الآن أتعجب كيف كنت أحبها لهذا الحد و لم أحرك ساكنا عندما تركتنا و أختفت منذ سنوات و لذلك سيدتي صدقيني الإهتمام من رأى الآن أنه يفوق الحب و هذا عن تجربة شخصية ، و الآن أخبريني ما حدث مع طِراد و جعله يظن أنه لا أحد سيقبل بالتقرب منه بسبب جرح بسيط "
تنهدت فريدة قائلة .." سأخبرك "
*******************
وجدتهما جالسين على المقعد الخشبي الطويل الشبيه بمقاعد الحدائق العامة التي يذهبون لها معا كانت ضامة وسيم بجانبها و هى تتحدث بهدوء و كأنها تفهمه شيئاً ..أبتسمت صبا و دلفت لداخل الكوخ تتنحنح مازحة و كأنها أمسكت بهم بالجرم المشهود قائلة .." ما هذا الذي أراه أمامي نجمة و ولدي الصغير وسيم في أحضان بعضهما "
ضحك وسيم بخجل و قال .." أمي أفزعتني "
أبتسمت نجمة وقالت بمرح.." تعالي يا أم وسيم أجلسي أنا أخبرك منذ الآن أنك لن تجدي كنة مثلي جميلة و طيبة و مطيعة و ستضع ولدك في عينها "
ضحك وسيم و قال بخجل لنجمة و صبا .." أنتن جننتما حتما أنا مازلت صغيرا و لا أريد أن أتزوج فتاة كبيرة كأمي و لكنك نجمة تستطيعين الزواج بأبي و تعيشين معنا أنا و أمي سأكون سعيدا "
ضربته صبا على مؤخرة رأسه بغضب و أنفجرت نجمة ضاحكة و هى تقول بمرح .." أقسم أن أبنك هذا ليس طفلاً أبداً "
نهرته صبا غاضبة .." هيا أذهب من أمامي لقد غضبت منك الآن و لن أتحدث معك "
أقترب وسيم يضمها قائلاً برجاء .." كنت أمزح أمي صدقيني نجمة كشقيقتي الكبيرة فهى لديها شقيق أصغر مني "
فقالت صبا بحدة .." معني هذا هى تستطيع أن تقول لي يا أمي أليس كذلك "
أنفجرت نجمة ضاحكة قائلة .." حسنا أمي لا تخشي على أبي مني "
قالت صبا باسمة .." أذهب للعب وسيم سأتحدث مع إبنتي قليلاً "
ثم أكملت بتحذير غاضب .." و إياك أن تتفوه بما قلته هذا أمام إبيك مفهوم "
هز وسيم رأسه و ذهب خارج الكوخ للعب حتى لا يغضب والدته أكثر مما فعل بمزاحه ..التفتت صبا لنجمة قائلة .." ما بك نجمة أنت لست على طبيعتك اليوم رغم ضحكاتك الرنانة أنت تبدين قلقة و حزينة هل هناك شئ يؤرقك عزيزتي "
تلاشت أبتسامتها عن وجهها و هى تجيب بهدوء .." لا شئ صبا أنا بخير أنت يهيئ لك فقط "
علمت صبا أنها لا تريد التحدث عما يضايقها تود لو تسألها هل هناك شئ بينها وبين حفيد الجدة لم تشعر أنه له علاقة بما يضايق صديقتها ..
قالت صبا بجدية .." حسنا حبيبتي كما تريدين و لكن أن شعرتي أنك بحاجة للحديث مع أحد أنا هنا متوفرة من أجلك "
أبتسمت نجمة ممتنة و هى تجيبها مازحة .." حسنا أمي "
ضربتها صبا بمرح كما فعلت مع وسيم منذ قليل قائلة .." تأدبي مع أمك إذن "
تنحنح تامر و هو يدلف لداخل الكوخ قائلاً بمرح .." على من تتأمران يا ترى هكذا جلسات النساء دوماً "
ردت صبا ساخرة .." حقاً سيد تامر و على من نتأمر برأيك "
هز كتفيه بلامبالاة قائلاً .." أخبريني أنت "
مطت صبا شفتيها و قالت ببرود .." سأخبرك و لكن ليس الآن ، و الآن أخبرني متى سنعود للمنزل "
أجابها تامر .." سنعود بعد قليل عزيزتي و الآن هل أستطيع الجلوس قليلاً في هذا المكان الرائع قبل أن نرحل "
قبل أن تجيبه زوجته نهضت نجمة قائلة .." أنا سأذهب لأرى جدتي ماذا تفعل عن إذنكما "
ذهبت نجمة مسرعة لداخل المنزل فجلس تامر بجوار صبا يضمها بقوة فقالت تزيحه بعيداً عنها .." كف عن وقاحتك في الخارج تامر ما بك كلما وجدتني جالسة تقترب مني بعدم إحتشام و لا تراعي أننا في الخارج و يمكن لأي شخص أن يرانا و منهم وسيم الذي يلعب في الجوار "
قال لها بلامبالاة .." أحبك هل هذا ممنوع "
نظرت إليه بغيظ و قالت .." لدينا منزل يا سيد ولنا به غرفة لتحبني كما تريد و ليس أمام المارة "
أبتسم ساخرا و هو يشير حوله .." أين هم المارة لا أرى أحدا هنا "
تنفست بغضب و سألته بجدية .." حسنا كل ما تفعله لن يثنيني عن سؤالك فيما تخفيه عني أخبرني ماذا تخفي عني متعلق بنجمة و حفيد الجدة فريدة و لا تقل لي لا شئ فأنا أعلم أن هناك شئ و لكن لا أعرف ما هو "
أجابها تامر بمكر .." ماذا تعطيني أن أخبرتك زوجتي "
كتفت يدها إعتراضا قائلة ببرود .." رشوة تريد رشوة تامر "
رفع حاجبه متعجبا .." لم تفهمينها هكذا لم لا تقولين مكافأة مثلاً "
نهضت قائلة بلامبالاة .." حسنا أحتفظ بمعلوماتك لنفسك أنا لا أريد أن أعرف شيئاً الأمر بمجمله لا يهمني سأذهب لأرى وسيم حتى نستعد للذهاب إلى المنزل و أنت أستمتع بالجلوس وحدك "
قبل أن تخرج من الكوخ وجدته يطوق خصرها من الخلف قائلاً بسخرية " حسنا سأخبرك " أبتسمت بدهاء و أستدارت بين ذراعيه تنتظر أن يتحدث فقال بمكر .." و لكن ليس قبل أن أقبلك أولاً "
قبل أن تبتعد غاضبة كان قد قبض على خصرها بقوة يمنع رحيلها و هو يقبلها بعنف تحت تذمراتها المعترضة على خداعه لها .
******************
وجدتها جالسة تنتظرها فلما رأتها أبتسمت بحنان و أشارت بجوارها على الأريكة لتجلس قائلة بحنان .." كيف حالك نجمة ، أنت لم تتحدثي كثيرا اليوم منذ أتيتي "
قالت نجمة تجيبها بهدوء تحاول إخفاء اللهفة به .." لا شئ جدتي أخبريني كيف حال سيدي هل هو بخير "
أبتسمت فريدة قائلة بتساؤل .." حبيبتي لم لا تقولين طِراد فقط أعتقد أنه لا يمانع أن تناديه بإسمه "
صمتت نجمة و لم تجب هل تخبرها أنه طلب منها ذلك و لكنها رفضت خوفاً من أن تشعر بقربه منها أكثر مما هو عليه يكفيها ما تشعر به من ضيق لقرب رحيلها عنه تنهدت فريدة قائلة .." حسنا حبيبتي هل لك أن تساعديني في الصعود إليه أريد أن أطمئن عليه الآن فلم أره منذ رحل الطبيب صباحاً "
نهضت نجمة تساعدها بصمت و قلبها يخفق بقوة ستراه الآن ستطمئن عليه و تراه فهى منذ علمت لم تستطع صبرا لتراه و لولا خجلها لطلبت من الجدة الصعود إليه منذ علمت أتجهتا للأعلى لغرفته فتحت فريدة الباب لتدلف إليه وقفت نجمة مترددة في الدخول فقالت فريدة برقة .." تعالي نجمة أدخلي حبيبتي "
دلفت إلى الغرفة لتقع عيناها بلهفة عليه كان نائما على جانبه وجهه محمر من الحرارة و بعض حبات العرق تلمع على جبينه يبدوا أن الدواء يجعله يتعرق ..أقتربت فريدة منه لتجلس على الفراش بجواره لتميل على رأسه تقبله بحنان و هى تتلمس وجهه و تزيل حبات العرق عن جبينه برقة و نجمة تقف بعيداً تراقبه تود لو تزيل تعبه بيديها كما أزالت فريدة عرقه عن جبينه ..فتح عينيه بتعب عندما شعر بيد جدته تلامسه أبتسم لجدته التي قالت بحزن .." حبيبي لا بأس عليك طِراد شفاك الله لي بني "
أمسك بيدها التي تلامسه مقبلا و هو يجيب .." أنا بخير جدتي لا تقلقي أنت تشعريني بالقلق عليك و أنا أراك هكذا "
قالت فريدة متلمسه جبينه .." و على من أقلق أن لم يكن عليك بني أنت لست حفيدي أنت عائلتي أجمعين طِراد أنت أبي و ولدي و حفيدي كل هذا بالنسبة لي "
قال طِراد بألم .." و أنت أيضاً جدتي أنت الأم التي لم أعرف غيرها "
كانا يتحدثان و قد تناست فريدة نجمة الواقفة عيناها تلمع بالدمع بألم لشدة تعلقهما ببعضهما ..قالت فريدة بهدوء متذكرة .." حبيبي نجمة تريد أن تطمئن عليك هل تمانع "
رفع رأسه يراها تقف بخجل بثوبها الطويل و ضفيرتها الملقاه على كتفها لتصل لخصرها شاردا في صورتها التي رأها عليها في غرفة جدته و هى نائمة كانت تبدو بشعرها المشعث و المتدلي على الأرض كطفلة كانت تلعب طوال الوقت في الحقل و نامت تعبا ..حاول أن يعتدل في فراشه فأسرعت نجمة تضع يدها على كتفه توقفه عن النهوض شعر بيدها ترتعش على كتفه فنظر إلى وجهها المحتقن حائرا و هى تقول بخجل و صوتها يخرج خافتا .." لا بأس عليك سيدي لا تنهض أبق مستريحا حمد لله أنك بخير سيدي "
عاد ليستلقي قائلاً .." أنا بخير نجمة جدتي فقط تقلق كثيرا دون داع "
هزت رأسها بخجل قائلة .." أنها تحبك سيدي فلا تلومها على ذلك "
قال بهدوء و هو ينظر إليها بتفحص .." أعلم أنها تحبني نجمة و لكن لا أريد أن تقلق حد المرض لأمر بسيط كهذا "
أخفضت رأسها خجلا من نظراته و قالت بإرتباك .." حسنا سيدي سأتركك مع جدتي لتتحدثا قليلاً لا بأس عليك سيدي "
التفتت لفريدة .." أنا سأنتظرك بالأسفل جدتي "
قالت فريدة .." حسنا حبيبتي لم لا تأتين لطِراد بكوب حليب دافئ "
هم طِراد أن يعترض و لكن نجمة خرجت مسرعة تلبي طلب الجدة قائلة ..» حسنا جدتي ثانية واحدة و أتي "
أبتسمت فريدة بمرح كان صامتا شاردا عيناه مسمرة في إثرها فأمسكت فريدة بيده قائلة ..
" ما بك طِراد هل هناك ما يشغلك "
هز رأسه بنفي .." لا شئ جدتي فقط أفكر في العمل فلدي الكثير منه "
قالت فريدة متذمرة .." لا عمل طِراد لا عمل راحة فقط فهمت أريدك أن تتعافى بسرعة بني أتفقنا "
هز رأسه بصمت و أستمع إليها و هى تتحدث عن اليومين الماضيين و كيف سعدت بهما و كم أشتاقت للمنزل هناك و هو كان شاردا في تلك الهاربة من أمامه بخصلاتها المشعثة التي لا تريد أن تفارق خياله .
أرتعشت يد نجمة التي تمسك بيد فريدة و شحب وجهها فشكوكها كانت في موضعها و هو فعلاً مريض كما ظنت أمس سألتها نجمة بخوف .." ما به سيدي جدتي "
لاحظت فريدة رعشة يدها و قد علمت أن نجمة تكن بعض المشاعر لحفيدها فقالت تطمئنها .." لا شئ حبيبتي هو فقط لديه بعض الحرارة و الطبيب أعطاه الدواء و أخبرني أنه سيكون بخير "
فقالت صبا تقاطعهم حتى لا يسترسلون في هذا الحديث و تعود فريدة للقلق و البكاء مرة أخرى .." أخبريني نجمة هل هذا موعدك لبدء العمل"
أشاحت نجمة بوجهها عن الجدة تنظر لصبا بعدم راحة قائلة ..
" لا لقد أتيت باكرة اليوم لأطمئن على الجدة بعد رحلة الأمس "
تفحصت فريدة ملامحها بدت شاحبة قليلاً و كأنها لم تأخذ وقتاً كافيا من النوم فمطت شفتيها تخفي بسمتها فيبدو أن نجمة شعرت أن حفيدها ليس على مايرام بالأمس و لذلك أتت مسرعة صباحاً ..
هزت صبا رأسها بتفهم و قالت .." حسنا تعالي معي نعد الفطور لحين يهبط تامر من عند طِراد فهو يعطيه الدواء و يطعمه "
تركت فريدة يدها قائلة .." أذهبي حبيبتي معها فسهر لم تأت بعد و حتماً وسيم جائع "
فسألتها نجمة .." أين هو لم أره "
أجابتها صبا .." مع والده فوق ، هيا بنا و أنت جدتي كفي عن القلق و أستريحي بعد تناولك الفطور يمكنك الصعود و رؤيته "
أومأت فريدة بصمت فأنصرفت كلتاهما لتعدان الفطور .
******
تجلس على الطاولة تتلاعب بطعامها شاردة غير منتبهه لنظرات تامر الماكرة و لا فريدة المتفائلة و صبا الحائرة لما ترى من هذان الإثنان زوجها و الجدة فريدة و لما ينظران لنجمة بطريقة غريبة ، كانتا تعدان الطعام عندما أتت سهر لتقول ببرود .." إذا سمحتما أنا سأقوم بإعداد الطعام و لا داعي لتتعبان نفسيكما "
فخرجت كلتاهما و صبا تسأل نجمة .." لما هى غاضبة هكذا لقد وفرنا عليها المزيد من العمل لليوم "
هزت نجمة كتفيها بلامبالاة و هى تقول .." لا أعلم هى دوماً هكذا يبدوا أنها لا تحب أن يتدخل أحد في عملها هنا فهى دوماً ما تتضايق عندما أفعل شئ هى مكلفة به "
غمغمت صبا بتعجب .." غريبة حقاً "
عادت من شرودها على صوت فريدة و هى تسأل نجمة .." عزيزتي لما لا تتناولين طعامك هل تناولته في المنزل قبل مجيئك و خجلتي من إخباري حتي لا أتضايق "
رفعت نجمة رأسها عن طبقها و قالت بهدوء تحاول التخفي خلفه حتى لا يظهر شعورها بالقلق و اللهفة على رؤيته ذلك القابع في الأعلى.. تحاول التماسك حتى لا تطالب الجدة بالصعود له و رؤيته .." لا جدتي و لكني لا أشعر بالجوع ، هل تسمحين سأذهب للجلوس في الخارج قليلاً لحين تتناولي طعامك "
نهض وسيم بدوره قائلاً و فمه ملئ بالطعام .." سأتي معك نجمة رأيت كوخ بالأمس تتسلق عليه نبته أريد أن أراه مرة أخرى "
نهضت نجمة باسمة و هى تمد يدها إليه .." هيا بنا و سأخبرك ما إسم النبته "
خرج كلاهما تاركين الصمت سائد بين الجالسين على الطاولة و الذي قطعته صبا متسأله بجدية .." هل لكما أن تخبراني لما كنتما تنظران لنجمة هكذا و كأنها كائن فضائي " و عندما لم يجيب أحدهم التفتت لزوجها قائلة .." تامر "
تنحنح تامر مشيرا لها بعينيه تجاه الجدة وأن تمتنع عن الحديث الآن و لكن فريدة أنتبهت لإشارته فقالت بهدوء .." بني هل تعلم شئ لا أعلمه عن نجمة و طِراد "
نظر إليها تامر بتعجب و سأل .." شئ مثل ماذا جدتي لا أفهم "
تنهدت فريدة و قالت بلامبالاة .." حسنا بني على راحتك لن أجبرك على شئ "
سألته صبا بحزم رغم أنها لا تفهم لما تربط الجدة بين نجمة و طِراد في سؤالها و لم كانا ينظران إليها بغرابة و كأنهم يعرفون عنها شيئاً ..
" تامر أخبرني هل هناك شئ تعلمه هل حدث شئ بينهما ، أنا أرى نجمة شاردة صامته على غير العادة ماتفسير ذلك "
تذمر زوجها و قال بصوت لاذع .." و لما لا تسألينها هى ...هى صديقتك أنت لا أنا و لا يجب أن تحادثيني عن إمرأة أخرى فأنا ليس لي شأن بإحداهن "
نظرت إليه بسخرية و قالت تجيبه ببرود .." يال زوجي المستقيم "
ضحكت فريدة و قالت .." كفاكما مجادلة أنا لا أريد أن أعرف شيئاً لقد كان سؤال برئ من ناحيتي ، لا تتشبثين بعنق زوجك لتخانقيه و كأن الفرصة أتت إليك على طبق من ذهب لتفعلي "
لوا تامر شفتيه ساخرا و زمت صبا شفتيها بضيق صامته ..فضحكت فريدة قائلة .." إذن كان معي حق في حديثي يالك من إمرأة محبة للنكد "
نهضت صبا بتذمر و قالت بحنق و هى تلقى على زوجها نظرة متوعدة ..
" أنا سأذهب للجلوس مع نجمة في الخارج قليلاً قبل رحيلنا جدتي و أنا لست محبة للنكد كما تقولين "
خرجت مسرعة تسبقها صوت ضحكاتهم المرحة عليها ..
التفتت فريدة لتامر قائلة بخبث .." هيا الآن أخبرني بما كنت ستخبره لزوجتك عندما ترحلان لمنزلكم من هنا ، هل تعرف شئ عن حفيدي لا أعرفه " ؟؟
أربتسم تامر بمكر و قال .." هل تعرفين أنت شئ جدتي ربما ما تعرفينه أنت يكون هو نفسه الذي أعرفه أنا "
قالت فريدة بتحذير كما فعلت صبا منذ قليل .. " تامر "
فتنهد قائلاً بهدوء .." أعتقد أن حفيدك يحب نجمة جدتي و أنه أخبرها بذلك و هى لم تقبله "
أنتبهت إليه فريدة بكل حواسها و قالت بجدية .." لما تقول ذلك و لما تقول أنها رفضته بني "
قال تامر يجيبها بهدوء .." لقد سمعت حديثه عن الأمر أمس صباحاً في المزرعة حين ذهبت لأوقظه "
قالت فريدة بإهتمام .." أخبرني بما سمعته "
سرد لها تامر بما كان يهذى به طِراد في نومه و ما يظنه قد حدث ..بعد أن أنهى حديثه صمت فتنهدت فريدة بحزن قائلة بشرود .. " هذا إذن ما يقض مضجعه هو يخشى أن ترفضه إذن "
ثم عادت و أنتبهت لتامر تكمل بجدية .. " لا لم يخبرها بني و لكن أعتقد أن هذا ما يقلقه أن أخبرها هو يخشى أن ترفضه أي إمرأة لجرح وجهه و ليست نجمة فقط و لكن قلقه هذا ظهر في شخص نجمة لأني قد حادثته عن رغبتي في أن يتزوج ، قال لي عندما أخبرته أنه لا يريد أن يجازف و يتقرب من إمرأة و يقابل بالرفض كما حدث له منذ سنوات "
قال تامر يسألها بإهتمام .." هل لديك مانع في إخباري ما حدث مع طِراد و كيف أصيب بهكذا جرح في وجهه "
أجابت فريدة و قد شعرت حقاً أنها في أمس الحاجة لإخراج ما بداخلها من ألم لأحد لربما خفف عنها حزنها على ما حدث مع حفيدها ..
" حسنا بني سأخبرك و لكن عدني ألا تخبر صبا بما ستعلمه حتى لا تخبر نجمة فأنا أريد التأكد من شئ قبل أن أطلع نجمة على ما حدث مع حفيدي "
قال تامر يسألها .." و هل نجمة طلبت منك إخبارها عن ما حدث مع طِراد "
هزت رأسها إيجابا فأبتسم تامر قائلاً .." ألا يدل ذلك على شئ سيدتي "
نظرت إليه بتساؤل فقال موضحاً .." يدل على إهتمامها به سيدتي إذا أرادت أن تعلم ما حدث له فهى حقاً تهتم به "
ثم أكمل بحزن .."نحن نريد أن نعلم كل شئ عن الأشخاص الذين نهتم بهم هذا ما أكتشفته مؤخراً أنا و زوجتي مررنا بالكثير و لكن لم أكتشف أني لم أكن أهتم بها حقا سوى بعد عودتها الآن أتعجب كيف كنت أحبها لهذا الحد و لم أحرك ساكنا عندما تركتنا و أختفت منذ سنوات و لذلك سيدتي صدقيني الإهتمام من رأى الآن أنه يفوق الحب و هذا عن تجربة شخصية ، و الآن أخبريني ما حدث مع طِراد و جعله يظن أنه لا أحد سيقبل بالتقرب منه بسبب جرح بسيط "
تنهدت فريدة قائلة .." سأخبرك "
*******************
وجدتهما جالسين على المقعد الخشبي الطويل الشبيه بمقاعد الحدائق العامة التي يذهبون لها معا كانت ضامة وسيم بجانبها و هى تتحدث بهدوء و كأنها تفهمه شيئاً ..أبتسمت صبا و دلفت لداخل الكوخ تتنحنح مازحة و كأنها أمسكت بهم بالجرم المشهود قائلة .." ما هذا الذي أراه أمامي نجمة و ولدي الصغير وسيم في أحضان بعضهما "
ضحك وسيم بخجل و قال .." أمي أفزعتني "
أبتسمت نجمة وقالت بمرح.." تعالي يا أم وسيم أجلسي أنا أخبرك منذ الآن أنك لن تجدي كنة مثلي جميلة و طيبة و مطيعة و ستضع ولدك في عينها "
ضحك وسيم و قال بخجل لنجمة و صبا .." أنتن جننتما حتما أنا مازلت صغيرا و لا أريد أن أتزوج فتاة كبيرة كأمي و لكنك نجمة تستطيعين الزواج بأبي و تعيشين معنا أنا و أمي سأكون سعيدا "
ضربته صبا على مؤخرة رأسه بغضب و أنفجرت نجمة ضاحكة و هى تقول بمرح .." أقسم أن أبنك هذا ليس طفلاً أبداً "
نهرته صبا غاضبة .." هيا أذهب من أمامي لقد غضبت منك الآن و لن أتحدث معك "
أقترب وسيم يضمها قائلاً برجاء .." كنت أمزح أمي صدقيني نجمة كشقيقتي الكبيرة فهى لديها شقيق أصغر مني "
فقالت صبا بحدة .." معني هذا هى تستطيع أن تقول لي يا أمي أليس كذلك "
أنفجرت نجمة ضاحكة قائلة .." حسنا أمي لا تخشي على أبي مني "
قالت صبا باسمة .." أذهب للعب وسيم سأتحدث مع إبنتي قليلاً "
ثم أكملت بتحذير غاضب .." و إياك أن تتفوه بما قلته هذا أمام إبيك مفهوم "
هز وسيم رأسه و ذهب خارج الكوخ للعب حتى لا يغضب والدته أكثر مما فعل بمزاحه ..التفتت صبا لنجمة قائلة .." ما بك نجمة أنت لست على طبيعتك اليوم رغم ضحكاتك الرنانة أنت تبدين قلقة و حزينة هل هناك شئ يؤرقك عزيزتي "
تلاشت أبتسامتها عن وجهها و هى تجيب بهدوء .." لا شئ صبا أنا بخير أنت يهيئ لك فقط "
علمت صبا أنها لا تريد التحدث عما يضايقها تود لو تسألها هل هناك شئ بينها وبين حفيد الجدة لم تشعر أنه له علاقة بما يضايق صديقتها ..
قالت صبا بجدية .." حسنا حبيبتي كما تريدين و لكن أن شعرتي أنك بحاجة للحديث مع أحد أنا هنا متوفرة من أجلك "
أبتسمت نجمة ممتنة و هى تجيبها مازحة .." حسنا أمي "
ضربتها صبا بمرح كما فعلت مع وسيم منذ قليل قائلة .." تأدبي مع أمك إذن "
تنحنح تامر و هو يدلف لداخل الكوخ قائلاً بمرح .." على من تتأمران يا ترى هكذا جلسات النساء دوماً "
ردت صبا ساخرة .." حقاً سيد تامر و على من نتأمر برأيك "
هز كتفيه بلامبالاة قائلاً .." أخبريني أنت "
مطت صبا شفتيها و قالت ببرود .." سأخبرك و لكن ليس الآن ، و الآن أخبرني متى سنعود للمنزل "
أجابها تامر .." سنعود بعد قليل عزيزتي و الآن هل أستطيع الجلوس قليلاً في هذا المكان الرائع قبل أن نرحل "
قبل أن تجيبه زوجته نهضت نجمة قائلة .." أنا سأذهب لأرى جدتي ماذا تفعل عن إذنكما "
ذهبت نجمة مسرعة لداخل المنزل فجلس تامر بجوار صبا يضمها بقوة فقالت تزيحه بعيداً عنها .." كف عن وقاحتك في الخارج تامر ما بك كلما وجدتني جالسة تقترب مني بعدم إحتشام و لا تراعي أننا في الخارج و يمكن لأي شخص أن يرانا و منهم وسيم الذي يلعب في الجوار "
قال لها بلامبالاة .." أحبك هل هذا ممنوع "
نظرت إليه بغيظ و قالت .." لدينا منزل يا سيد ولنا به غرفة لتحبني كما تريد و ليس أمام المارة "
أبتسم ساخرا و هو يشير حوله .." أين هم المارة لا أرى أحدا هنا "
تنفست بغضب و سألته بجدية .." حسنا كل ما تفعله لن يثنيني عن سؤالك فيما تخفيه عني أخبرني ماذا تخفي عني متعلق بنجمة و حفيد الجدة فريدة و لا تقل لي لا شئ فأنا أعلم أن هناك شئ و لكن لا أعرف ما هو "
أجابها تامر بمكر .." ماذا تعطيني أن أخبرتك زوجتي "
كتفت يدها إعتراضا قائلة ببرود .." رشوة تريد رشوة تامر "
رفع حاجبه متعجبا .." لم تفهمينها هكذا لم لا تقولين مكافأة مثلاً "
نهضت قائلة بلامبالاة .." حسنا أحتفظ بمعلوماتك لنفسك أنا لا أريد أن أعرف شيئاً الأمر بمجمله لا يهمني سأذهب لأرى وسيم حتى نستعد للذهاب إلى المنزل و أنت أستمتع بالجلوس وحدك "
قبل أن تخرج من الكوخ وجدته يطوق خصرها من الخلف قائلاً بسخرية " حسنا سأخبرك " أبتسمت بدهاء و أستدارت بين ذراعيه تنتظر أن يتحدث فقال بمكر .." و لكن ليس قبل أن أقبلك أولاً "
قبل أن تبتعد غاضبة كان قد قبض على خصرها بقوة يمنع رحيلها و هو يقبلها بعنف تحت تذمراتها المعترضة على خداعه لها .
******************
وجدتها جالسة تنتظرها فلما رأتها أبتسمت بحنان و أشارت بجوارها على الأريكة لتجلس قائلة بحنان .." كيف حالك نجمة ، أنت لم تتحدثي كثيرا اليوم منذ أتيتي "
قالت نجمة تجيبها بهدوء تحاول إخفاء اللهفة به .." لا شئ جدتي أخبريني كيف حال سيدي هل هو بخير "
أبتسمت فريدة قائلة بتساؤل .." حبيبتي لم لا تقولين طِراد فقط أعتقد أنه لا يمانع أن تناديه بإسمه "
صمتت نجمة و لم تجب هل تخبرها أنه طلب منها ذلك و لكنها رفضت خوفاً من أن تشعر بقربه منها أكثر مما هو عليه يكفيها ما تشعر به من ضيق لقرب رحيلها عنه تنهدت فريدة قائلة .." حسنا حبيبتي هل لك أن تساعديني في الصعود إليه أريد أن أطمئن عليه الآن فلم أره منذ رحل الطبيب صباحاً "
نهضت نجمة تساعدها بصمت و قلبها يخفق بقوة ستراه الآن ستطمئن عليه و تراه فهى منذ علمت لم تستطع صبرا لتراه و لولا خجلها لطلبت من الجدة الصعود إليه منذ علمت أتجهتا للأعلى لغرفته فتحت فريدة الباب لتدلف إليه وقفت نجمة مترددة في الدخول فقالت فريدة برقة .." تعالي نجمة أدخلي حبيبتي "
دلفت إلى الغرفة لتقع عيناها بلهفة عليه كان نائما على جانبه وجهه محمر من الحرارة و بعض حبات العرق تلمع على جبينه يبدوا أن الدواء يجعله يتعرق ..أقتربت فريدة منه لتجلس على الفراش بجواره لتميل على رأسه تقبله بحنان و هى تتلمس وجهه و تزيل حبات العرق عن جبينه برقة و نجمة تقف بعيداً تراقبه تود لو تزيل تعبه بيديها كما أزالت فريدة عرقه عن جبينه ..فتح عينيه بتعب عندما شعر بيد جدته تلامسه أبتسم لجدته التي قالت بحزن .." حبيبي لا بأس عليك طِراد شفاك الله لي بني "
أمسك بيدها التي تلامسه مقبلا و هو يجيب .." أنا بخير جدتي لا تقلقي أنت تشعريني بالقلق عليك و أنا أراك هكذا "
قالت فريدة متلمسه جبينه .." و على من أقلق أن لم يكن عليك بني أنت لست حفيدي أنت عائلتي أجمعين طِراد أنت أبي و ولدي و حفيدي كل هذا بالنسبة لي "
قال طِراد بألم .." و أنت أيضاً جدتي أنت الأم التي لم أعرف غيرها "
كانا يتحدثان و قد تناست فريدة نجمة الواقفة عيناها تلمع بالدمع بألم لشدة تعلقهما ببعضهما ..قالت فريدة بهدوء متذكرة .." حبيبي نجمة تريد أن تطمئن عليك هل تمانع "
رفع رأسه يراها تقف بخجل بثوبها الطويل و ضفيرتها الملقاه على كتفها لتصل لخصرها شاردا في صورتها التي رأها عليها في غرفة جدته و هى نائمة كانت تبدو بشعرها المشعث و المتدلي على الأرض كطفلة كانت تلعب طوال الوقت في الحقل و نامت تعبا ..حاول أن يعتدل في فراشه فأسرعت نجمة تضع يدها على كتفه توقفه عن النهوض شعر بيدها ترتعش على كتفه فنظر إلى وجهها المحتقن حائرا و هى تقول بخجل و صوتها يخرج خافتا .." لا بأس عليك سيدي لا تنهض أبق مستريحا حمد لله أنك بخير سيدي "
عاد ليستلقي قائلاً .." أنا بخير نجمة جدتي فقط تقلق كثيرا دون داع "
هزت رأسها بخجل قائلة .." أنها تحبك سيدي فلا تلومها على ذلك "
قال بهدوء و هو ينظر إليها بتفحص .." أعلم أنها تحبني نجمة و لكن لا أريد أن تقلق حد المرض لأمر بسيط كهذا "
أخفضت رأسها خجلا من نظراته و قالت بإرتباك .." حسنا سيدي سأتركك مع جدتي لتتحدثا قليلاً لا بأس عليك سيدي "
التفتت لفريدة .." أنا سأنتظرك بالأسفل جدتي "
قالت فريدة .." حسنا حبيبتي لم لا تأتين لطِراد بكوب حليب دافئ "
هم طِراد أن يعترض و لكن نجمة خرجت مسرعة تلبي طلب الجدة قائلة ..» حسنا جدتي ثانية واحدة و أتي "
أبتسمت فريدة بمرح كان صامتا شاردا عيناه مسمرة في إثرها فأمسكت فريدة بيده قائلة ..
" ما بك طِراد هل هناك ما يشغلك "
هز رأسه بنفي .." لا شئ جدتي فقط أفكر في العمل فلدي الكثير منه "
قالت فريدة متذمرة .." لا عمل طِراد لا عمل راحة فقط فهمت أريدك أن تتعافى بسرعة بني أتفقنا "
هز رأسه بصمت و أستمع إليها و هى تتحدث عن اليومين الماضيين و كيف سعدت بهما و كم أشتاقت للمنزل هناك و هو كان شاردا في تلك الهاربة من أمامه بخصلاتها المشعثة التي لا تريد أن تفارق خياله .
السادس عشر من هنا