رواية دوائي الضرير الفصل الثاني عشر12 بقلم نرمين ابراهيم
الفصل الثاني عشر...
لم يقبل عاصم بأن تترك سارة المشفى قبل أن يتم شفاؤها بالكامل.. فلم يكن ليغامر بإحتمالية انتكاستها و مرضها مرة أخرى.. فقد تأكد من شفائها تماماً من طبيبها المتابع لحالتها قبل أن تخرج من المشفى الذي ظلت به خمسة أيام صعاب طوال
وصل الجميع إلى السرايا و دخلوا معاً و كانت سارة مستندة على ذراع آسر و خلفهما عاصم و معه والدته وسط فرحة عارمة بعودة سارة إليهم بسلام و وسط الزغاريد التي أطلقتها فاطمة دون انقطاع فرحة بعودتها...
فاطمة(و هي تطلق زغاريد الفرح): ألف حمد الله على سلامتك يا ست سارة.
سارة(و هي تستند إلى ذراع شقيقها): الله يسلمك يا فطوم.. بس ايه كل الزغاريد دي.. هو فرح؟؟
فاطمة(بسعادة): ده احسن من 100 فرح.. هي دخلتك علينا تاني بالسلامة دي جليلة ولا ايه.
عبد الرحمن: خلاص بجى يا بت يا فاطنة.. روحي ياللا حضرولنا العشا انتي و البنات بسرعة..
فاطمة: من عنيا يابا الحاچ.. احلى وكل النهاردة عشان رچوع الست سارة.. و النبي يا ست سارة من يوم ما تعبتي ما حد داج الزاد.. اه والله.
سارة: ربنا يخليكو ليا يا فطوم يا قمر انتي.
اتجه الجميع بعد وقت يسير إلى غرفة الطعام ليتناولون وجبة العشاء في جو مرح قد عاد إليهم بعد غياب لمدة خمسة ايام قضتهم سارة في المشفى.
و بعد قليل كان قد اجتمع الجميع في غرفة الصالون يتناولون المشروبات و الفاكهة.. فوضع آسر كوبه على المنضدة الصغيرة ثم سأل شقيقته..
آسر: يعني برضه مش هاترجعي معايا يا سارة؟
سارة: يا حبيبي انا بجد مش عارفة انت قلقان اوي كدة ليه؟
آسر(بغضب مكبوت): لا ماهو ماليش حق أقلق الحقيقة.. دول يادوب 5 ايام في المستشفى و خضة و رعب وقفو قلبي عليكي بس.. بسيطة يعني.
سارة(و هي تضحك): ههههههههه.. حبيبي خلاص بقى انسى.. حصل خير.. و بعدين يعني ايه احتمالية أن تعبان يقرصني تاني.. مستحيل طبعاً..
عاصم(سريعاً و كأن الكلمة خرجت دون إرادته أو رغبته): بعد الشر عنيكي..
(ثم تدارك نفسه بعد أن نظر له الجميع بنظرات استفهام أو شك)جصدي يعني.. أن شاء الله دة مش هيحصل تاني..
عبد الرحمن: اكيد ماحدش فينا هايسمح للي حُصل ده أنه يتكرر تاني.
آسر: انا مش بشكك فيكم يا حاج عبد الرحمن لا سمح الله.. اللي حصل دة اصلا كان قضاء و قدر و كمان كان غصب عننا كلنا.. انا بس قلقان على سارة.
سارة: ماتبطل قلقك اللي مالوش لازمة دة بقى يا أخي.
آسر(بإصرار و شبه غضب): قلقي دلوقتي مابقاش له لازمة يا سارة.. امال امتى هيبقى ليه لازمة.. ها... استنى يحصل ايه اكتر من كدة عشان أقلق..
استشعرت سارة جدية قلقه و خوفه عليها من نبرة صوته العنيفة.. فأمسكت بكف يده رغماً عنه و قالت بنبرة حانية مقدرة لمشاعره..
سارة: آسر.. انت بتزعق ليه كدة.. خلاص حقك عليا ماكنتش اقصد اضايقك أو اقلقك عليا.. انا بس.. مش عايزاك تشغل بالك عليا...
آسر: و هو انا عندي اغلى منك اشغل بالي بيه.
هنية: خلاص بجى ربنا ما يجيب جلج.. و عموماً خلاص سارة اصلا ماهتسيبش السرايا واصل..
آسر: قصد حضرتك ايه؟
هنية: جصدي أن احنا نضفنا لسارة اوضة فوج اهنه في السرايا عشان تجعد فيها.. و بعد أكده مافيش نوم في العربية تاني.
سارة: لا يا ماما هنية مش للدرجة دي.
هنية: عاجولك ايه دة كلام ابوكي الحاچ عبده و كلام عاصم.. اتحدتي معاهم انتي لو تعرفي.. اني مالياش صالح عاد.
سارة: يا حاج عبده احنا مش متفقين و اتكلمنا في الموضوع دة لما جيت هنا اول مرة...
عبد الرحمن: ايوة حُصل.. بس الحديت دة كان جبل ما يُحصل اللي حُصل.
سارة: بس انتو عارفين أن السرايا هنا ما شاء الله كبيرة... و هيبقى صعب عليا اني احفظها.. كمان حاجتي كلها في الكراڤان هيبقى صعب انقلها.
عاصم: اولا بالنسبة لحاچتك اني خليت البنات ينجلوها للأوضة فعلا و رصوهالك في الدولاب كمان..
ثانياً بجى لو على وسع السرايا أنى هاخلي اي بت من اللي شغالين أهنه في السرايا ولا حتى البت فاطمة ترافجك زي ضلك لحد ما تتعودي ع السرايا..
ها جولتي ايه.. عنديكي حچچ تاني احب اعرفها يعني.
سارة(بحرج): انا مش عارفة اقولكم ايه يا جماعة.. بس انا كدة هاتعبكم اوي.
عاصم: تعبك راحة.. و بعدين مايچيش حاچة چنب تعبك انتي معانا و مع هدى.
هدى: خلاص بقى يا سارة وافقي عشان خاطري انا.. و بعدين انا اخترت لك الاوضة اللي جنبي بالظبط.
سارة: اممممم.. كدة ضمنت ان عيني مش هاتغمض لحظة.
هدى: اخس عليكي يا سارة يعني انا رغاية؟
سارة(بضحك): ههههههههه و انا أقدر اقول كدة برضه..
آسر: لو وافقتي يا سارة انا هاسافر و اسيبك و انا مطمن عليك.. ها قولتي ايه؟؟
سارة(تنهدت بامتنان لكل ذلك الحب من الجميع): اعتقد اني ماقدرش اقف قدام جبهة الأغلبية القوية دي خصوصا ان ماليش حجة فعلا.. خلاص اللي تشوفوه.
عبد الرحمن: ايوة أكده.. شاطرة و بتسمعي الكلام.
آسر(و هو يقف ممسكاً بيد سارة): طيب خلاص انا هاسافر انا بقى دلوقتي طالما اطمنت عليكي.
سارة: ليه يا آسر ماتخليك معايا يومين كمان.
آسر: معلش يا حبيبتي مش هاقدر صدقيني.. انا اصلاً لما جيت ماكنتش واخد إجازة.. دة انا سيبت البريمة الجديدة بتتدق و جريت على الهليكوبتر.. و المدير بتاعي لما عرف الظروف سمحلي بكام يوم كدة بس لحد ما اطمن عليكي.. و أصلا عاصم عرف يلاقيلي تذكرة على طيارة النهاردة بالعافية.
سارة(و هي تحتضنه): ماشي يا حبيبي.. توصل بالسلامة.
قام آسر بمصافحة الجميع و عندما اقترب ليصافح هدى.. ضغط على يدها بخفة و همس بكلمة واحدة..
آسر: هاشوفك قريب.
عقدت هدى حاجبيها بتعجب و هي تفكر فيما يعنيه.. و لكنه قبل أن يخرج...
آسر: عاصم ممكن توصلني لبرة.
عاصم: اه طبعا اتفضل..
خرجا معا و تركا الباقي يتسامرون.. وقف آسر قبل أن يركب السيارة التى ستوصله للمطار و نظر لعاصم..
آسر: عاصم.. انا طبعا مش عايز أوصيك تاني على سارة.. عارف ان اللي حصل دة كان غصب عن الكل... بس ارجوك.. انت عندك اخت و اكيد مقدر اللي انا كنت حاسس بيه.
عاصم(بخزي): عارف و مقدر و الله يا آسر و انا اصلا اول ما عرفت اخدتها على المستشفى.. صدقني عملت معاها زي ما كنت هاعمل مع هدى لو كانت مكانها و يمكن اكتر كمان.
آسر: و انا متأكد من كدة.. و بمناسبة هدى.. كنت عايز اكلمك في موضوع كدة بخصوصها.
عاصم(عقد حاجبيه بتساؤل): موضوع ايه دة اللي يخص هدى اختي.
آسر: هو المفروض أن سارة كانت هاتكلمكم فيه الاسبوع اللي فات لكن للاسف بقى اللي حصل دة بوظ كل حاجة.
عاصم: انا مش فاهم حاجة.. ياريت تتكلم بصراحة.. موضوع ايه اللي انت هاتكلمني فيه و يخص هدى؟
آسر: بصراحة كدة و من غير مقدمات انا عايز اطلب ايد الآنسة هدى اختك.
عاصم: ايد مين؟؟
آسر: هدى.. الآنسة هدى اختك... اكيد مش ايد اختي سارة... أعتقد لا يجوز.
عاصم: انت عايز تتجوز هدى اختي؟
آسر: و متاكد اني هاكون اسعد انسان في الدنيا لو دة حصل..
عاصم(نظر له بتفحص): و ياترى هدى رأيها ايه؟
آسر(و قد فهم مقصده): طبعا أنا فاهم أن سؤالك بيحمل معنى خفي و هو ان انت عايز تعرف اذا كنت انا و هدى على علاقة ببعض ولا لا..
لكن احب اقولك أن لا... انا لا كلمت هدى ولا هي تعرف اي حاجة عن اللي انا بكلمك فيه دة دلوقتي.. كل الحكاية اني حاسس براحة ناحيتها و انا انسان دغري ماحبش اللف و الدوران.
فأول ما حسيت بمشاعر ناحيتها قلت اني لازم اخد خطوة رسمي.. و كلمت سارة فوراً.
عاصم: طيب و سارة رأيها ايه؟
آسر: سارة موافقة طبعا.. هي بس كانت معترضة على التوقيت.. و فعلا اضطريت اسمع كلامها و استنى الوقت اللي هي شافته مناسب.. و الوقت دة كان من اسبوع و هي كانت هاتاخد رأي هدى و بعدين تفاتحك و الحاجة هنية و الحاج عبد الرحمن كمان طبعآ و بعدين تديني اوكي.. بس للاسف مالحقتش.
عاصم: و الله يا آسر انا شخصياً ماعنديش مانع.. انت راجل محترم و مهندس شاطر و اخلاقك مايختلفش عليها اتنين.. بس طبعا أنا رأيي لوحدي مش كفاية.
آسر: اكيد طبعا.. انا عارف انك لازم تاخد رأي هدى و الحاج و الحاجة كمان..
خد رايهم و الوقت اللي تحتاجوه... و عموما انا بابا و ماما راجعين من أمريكا كمان اسبوعين.. و أن شاء الله تكلمني و نحدد معاد و اجي معاهم نتقدم رسمي.
عاصم: اللي فيه الخير يقدمه ربنا..
آسر: طيب اشوف وشك بخير و قريب إن شاء الله..
عاصم: إن شاء الله.. توصل بالسلامة..
صافحه عاصم بود و فرحة.. فآسر نعم الرجل الذي يريده ليكون زوجا لأخته.. فقد اعتادا أن يتحدثا هاتفياً كل بضعة أيام حتى يطمئن آسر على سارة و يتأكد من أنها بخير و أنها لا تخفي عليه تعبها إن تعبت..
فعرف عاصم عنه الكثير فقد كان آسر يستعمل ذكائه بشكل جيد و يحرص على نقل بعض المعلومات عن حياته و عمله لعاصم بشكل خفي حتى يبني جدار ثقة صلب بينهما مما قد يسهل مهمته...
و كان يتحدث معه في أمور شتى و مواضيع مختلفة حتى يجعله يكون رأي مباشرة عنه.
عاد عاصم بعد قليل إلى الداخل و تعلو ثغره ابتسامة مريبة و هو ينظر لهدى التي لم تفهم سببها..
عبد الرحمن: ركبت الباشمهندس آسر العربية يا عاصم.
عاصم: ايوة يابوي.. ركب و طلع على المطار.
هنية: امال كل ده برة بتعمل ايه؟
عاصم(و هو ينظر لهدى بعيون ضيقة): مافيش.. بس أصله كان بيحدتني في موضوع أكده.
هدى(لعاصم): في ايه.. مالك بتبصلي كدة ليه..
عاصم(و هو يحك ذقنه بمكر): ابدا.. بس وحشاني شوية.. أو شكلك هاتوحشينا كلنا.
هنية: واه.. بعد الشر.. مالك يا عاصم عاتفول على خيتك ولا ايه؟؟
عاصم: واه ياما.. عافول عليها ليه بس؟؟ مش يمكن تسافر رحلة ولا فسحة و اتوحشها.
هدى(رفعت حاجبها الأيمن و نظرت له بشك): لا والله.. و دة من امتى دة؟؟ دة انت زي ما تكون ما صدقت اني وقفت على رجليا تاني و رجعت انت لرخامتك تاني.. و الله قعدتي على الكرسي كانت شايلة عني بلاوي رخامتك دي.
هنية: تفي من بجك يا بت.. دة احنا ما صدجنا أن ربنا شفاكي و رچعتي تجفي على رچليكي تاني.. ربنا يفرح جلبي بشفاكي يارب.
عاصم: سيبيها ياما.. هي كدة دايما لسانها مطلوج علينا كيف التور الهايچ.
سارة(ضاحكة): ههههههههه.. دة الحفلة شكلها عليكي النهاردة يا دودو.
هدى: لا و على ايه انا اقوم انام احسن.
عاصم: تجومي فين يا هدى.. دة اني كنت لسة هاكلمك في موضوع أكده.
هدى: موضوع ايه؟
عاصم: موضوع مهم و خطير و حيوي.
سارة: اممممم.. يبقى انا عرفت انت اتاخرت ليه و انت بتوصل آسر.
عاصم: طيب ايه.. مش كنتي تجوليلي طيب.
سارة: اكيد قالك اني كنت هاقولكم قبل ما ادخل المستشفى بس اللي حصل بقى.
عاصم: طيب ايه.. تجولي انتي ولا اجول اني؟
عبد الرحمن(بحيرة): فيه ايه عاد.. هو ايه اللي تجولي ولا اجول.. و موضوع.. في ايه يا عاصم؟؟
سارة: طيب انا عندي اقتراح.. انا هاخد هدى توريني اوضتي فوق.. و انت خليك هنا مع الحاج و الحاجة و قولهم بقى الموضوع و اللي جال و اللي ماجالش و عيشو.. ياللا يابنتي ياللا...(و حاولت أن تتحدث بلهجتهم) دة كلام استغفر الله العظيم يا رب بتاع كبار مالناش دعوة بيه.
هنية: بجيتي تتحدتي زيينا اها .
سارة: من عاشر القوم 40 يوم بقى منهم يا حاجة.. و انا هنا بقالي 4 شهور.. و اديني بحاول ولو اني حاسة اني مش هاعرف اتكلم زيكم أبداً.
صعدت هدى بصحبة سارة.. يستندان على بعضهما.. فإحداهما لا ترى و الأخرى تتمسك بعكاز بيمينها و بيسارها تستند إلى الضريرة..
ياله من مشهد عجيب.. يثير السخرية أو الاعجاب بقوة هاتين الفتاتين اللتين يظهرتان بمظهر الضعف و بداخلهما قوة لا تجدها في أعتى الرجال.
التفت عاصم لسؤال والده بعد أن اختفت الفتاتان عن عيونهم...
عبد الرحمن: ممكن بجى تجولنا في ايه.. و موضوع ايه ده اللي آسر كلمك فيه و أخته عارفاه.
عاصم(تنهد و اعتدل ليواجه والديه): آسر يابوي عايز يتچوز هدى.
هنية(بفرحة عارمة): صُح يا واد؟
عاصم(نظر لوالدته بتعجب): واه.. واد؟؟ فچأة اكدة بجيت واد.. ماشي يا ام عاصم مجبولة منيكي.
هنية: يووه.. ماجصديش... دة انت راچل و سيد الرچالة كمان.. بس جولي الله يرضى عنيك.. صُح اللي عاتجوله ده... آسر عايز يتچوز اختك؟؟!!!
عاصم: ايوة ياما..
عبد الرحمن: و ده من ميته ده؟؟ يعني ده ماشفهاش غير مرة واحدة و دي التانية.. فچأة اكده..
عاصم: يابوي التفاصيل دي مجدور عليها.. و بعدين هو مچرد إعچاب.. يعني شاب شاف واحدة عچبته و أخلاجها عچبته و جرر يتجدم لها.. بس.
اصلا سارة كانت هاتتحدت معانا في الموضوع ده من اسبوع.. بس اللي حُصل بجى منعها.. فهو فاتحني دلوجت بما أنه كان اهنه يعني.
عبد الرحمن: و هو احنا يعني نوافجو ولا نرفضو على ايه.. ده حتى مش حديت رسمي.
و بعدين اني هاسلم بتي ليه هو و أخته أكده من غير كبير ليهم ولا ايه.
عاصم: لا يابوي طبعا لا.. هو أبوه و أمه راچعين من امريكا بعد اسبوعين.. لما يُحصل جبول منينا هانحددو معاه معاد يچيبهم و يچيب أهله و كبراته و ياچي.. و ساعتها نفكرو و يبجى حديت كبار و رچالة... ها جولتو ايه؟
هنية: و هي دي فيها جوالة.. موافجين طبعاً..
عبد الرحمن: يا ولية اتهتي شوية.. ايه... انتي ما صدجتي ولا ايه؟؟
هنية: يووه يا حاج.. فرحانة ببتي.. و بعدين هو ده عريس يترفض برضيك يا حاچ.. ولا انت شايف عليه حاچة احنا ماشيفنهاش؟؟
عبد الرحمن: لا.. الشهادة لله الواد في الكام يوم اللي جعدهم معانا هنا سوا المرة دي واللي فاتت عمره ما جال كلمة كدة ولا كدة.. و عينه دايما في الأرض.. عمره ما رفعها في حد بطريجة عفشة.. و حديته دايما بأدب و زوج.
هنية: يبجى خلاص.. على خيرة الله.
عبد الرحمن(بنزق): شوف برضيك الولية اجولها ايه تجولي ايه..
عاصم: عموما يابوي.. أهله لسة هايوصولو بعد اسبوعين من السفر.. و عبال ما يستجرو و يحدتهم و نتفجو على معاد... يعني فيها ياچي شهر..
نفكرو براحتنا و كمان نكونو خدنا رأي هدى و سألنا عنيه..
عبد الرحمن: ماشي يا عاصم.. اللي فيه الخير يجدمه ربنا.. بجولك ايه يا ام عاصم.. اعمليلي كوباية شاي و هاتيهالي فوج.. احسن راسي اماتنبض.
هنية: حاضر يا حاج من عنيا.
عاصم: الف سلامة عليك يابوي.
عبد الرحمن: الله يسلمك يا ولدي... تتمسو بالخير.
عاصم: و انت من اهله يابوي.
انتظرت هنية بلا صبر صعود عبد الرحمن لغرفتهما و دخوله اليها ثم نظرت لولدها و جذبته من ذراعه لتقترب من أذنه ثم تحدثت بهمس و قالت...
هنية: و انت يا عاصم رأيك ايه؟؟
عاصم(ابتسم بحب على والدته و فرحتها): الصراحة ياما انى شايف أن آسر مايتعيبش.. شاب محترم.. اخلاجه زينه و هايجدر بتنا و هايراعي فيها ربنا.. مهندس جد الدنيا.. مجتدر و يجدر يفتح بيت.. يعني.. و بعدين ماهي سارة أخته معاشرانا اهي بجالها مدة.. و على جولة أبوي ماشوفناش منيها غير كل خير..
و عموماً زي ما حاولت لابوي اني كمان هاوصي حد معرفة في مصر يسألنا عنيه في مكان شغله ولا بيته..
هنية: ماشي..(ربتت على كتفه بحنان) عجبالك يا ولدي انت كمان لما افرح بيك..
عاصم(قبل يدها بحب): ادعيلي ياما.. ادعيلي بالجوي اليومين دول.
هنية: ربنا يريح جلبك يا ولدي..(ثم نظرت لأعلى حيث غرفة سارة) و ينولك اللي في بالك.. انى هاجوم اعمل الشاي لابوك الحاچ.. عايزنيش اعملك حاچة انت كمان.
عاصم: سلم يدك ياما.. لا اني هاطلع انام اني.. و انتي بس ماتنسيش تبجي تجسي نبض هدى بكرة.. تصبحي على خير.
هنية: و انت من اهله...
تركها تتجه إلى المطبخ و اتجه هو لأعلى..
اما بغرفة هدى.. كانت سارة قد قصت على هدى ذلك الموضوع الذي قصده عاصم برغبة آسر أخيها في الارتباط بها....
سارة: ها يا هدهود.. ايه رأيك بقى؟
هدى(بدهشة): آسر.. الباشمهندس آسر اخوكي.. عايز يتجوزني انا؟
سارة: اكيد مش هايتجوزني انا..
صمتت هدى و هي تفكر بعقل شريد.. فأمهلتها سارة بعض الدقائق ليستعيد عقلها صوابه...
سارة: سكتي يعني يا هدى.. قولي حاجة.
هدى: اقول ايه.. اللي انتي بتقوليه دة يتقال عليه ايه؟؟
سارة: اعملي زي ما اتعودنا نعمل في أي مشكلة ولا حاجة مهمة.. فكري معايا بصوت عالي.. و انسي خالص أن آسر يبقى اخويا.. ها يا ستي قولي بتفكري في ايه..
هدى: و هو آسر يعني مالقيش غيري انا عشان يتجوزها..
سارة: يا سلام.. و انتي مالك بقى إن شاء الله عشان مايتجوزكيش... ناقصك ايه يعني عشان مايفكرش يتجوزك..
هدى: انتي بجد بتسألي.. سارة انا من شهرين بس كنت على كرسي بعجل.
سارة: بالظبط.. من شهرين كنتي.. ها "كنتي" على كرسي بعجل.. لكن دلوقتي قدامك شهرين و اقل و تسيبي حتى العكاز دة و تجري من غيره مش بس تمشي.. ها ايه تاني؟؟
هدى: انتي ازاي شايفة الموضوع بالبساطة دي؟؟
سارة: عشان هو فعلاً بالبساطة دي.. واحد و شاف واحدة أعجب بيها و أتقدم لها.. ايه المشكلة..
هدى: المشكلة أن الواحدة دي مشلولة.. ماحدش ابدا يحب يربط نفسه بواحدة مشلولة يا سارة.
سارة(امسكت يدها بدعم بهدوء): بس انتي مش مشلولة يا هدى.. انتي كنتي تعبانة شوية و خلاص خفيتي.. و بعدين آسر كلمني في موضوعكم دة من ساعة ما كان هنا المرة اللي فاتت.
يعني شافك على الكرسي و برضه ماهموش.. مش هاقولك إن آسر حبك و عشقك.. بس كمان هو مبسوط و مرتاح ليكي اوي.. و انا متأكدة انه لما الموضوع يوصل بينكم لحب، آسر هايحبك بكل حالاتك.. هايحبك على الكرسي و هايحبك لما وقفتي.. هايحبك بالعكاز و هايفضل يحبك لما تقفي على رجليكي.
حبيبتي انتي مش ناقصك حاجة عشان تستكتري على نفسك انك تحبي و تفرحي..
هدى(اختفت في حضنها بدموع و بكاء): إذا كان اللي كان في بينا عشرة و ايام و شهور سابني في أول أزمة قابلتني.. امال اللي ماشافنيش غير مرتين هايعمل فيا إيه؟!!
سارة: بصي مش عشان آسر يبقى اخويا انا هاشكرلك فيه يا هدى.. بس اوعي اوعي ابدا تقارني بين آسر و بين خطيبك الاولاني دة.. عارفة ليه؟؟
هدى(خرجت من حضنها و سألتها بأمل): ليه؟؟
سارة: عشان الندل التاني دة سابك وقت ما كنتي محتجاله.. إنما آسر لما كلمني عارفة قالي ايه.
هدى: ايه؟
سارة(ابتسمت لها بحب): فضل يزن عليا افاتحكم في الموضوع عشان يفضل جنبك و يساعدك في ازمتك لحد ما تعديها.. عشان يساعدك و يشجعك و يفضل معاكي... مش مثلا قالي لما تخف ابقى أتقدم لها لا.. آسر عايز يشاركك كل حاجة في حياتك.. الوحش اللي فيها قبل الحلو.. آسر شاريكي اوي اوي.. يارب نفهم..
هدى(سألته بدموع و تردد): طيب.. طيب ليه.. يعني اشمعنى انا.
سارة: مش عارفة بالظبط بس هاقولك تخميني يعني.
هدى: قولي.
سارة: آسر بقاله مدة موضوع الجواز دة مونون في دماغه.. بس ماكنش قابل حد مناسب مع ان في بنات كتير اوي في دايرة علاقاتنا بس ما اتشدش لأي واحدة فيهم.
و لسبب لا يعلمه الا الله انشد ليكي انتي.. انتي و بس.. و بعدين لما يبقى يحصل قبول و نصيب ابقي اسأليه و هو أكيد هابجاوبك بدل حيرتك دي.
لم ترد هدى عليها فقررت سارة ان نتركها لعقلها حتى تهتدي لقرار مناسب....
سارة: بس عموما انا عايزاكي تفكري كويس اوي.. فكري بعقلك يا هدى.. عقلك الاول و الاهم دلوقتي.
هدى: معاكي حق عشان قلبي ماكنش اختياره صح.
سارة: لا مش قصدي.. انا اقصد ان مافيش بينك و بين آسر الحب لسة اللي يخليكي توافقي عليه.. يبقى نحسبها بالعقل..
يعني مواصفاته العامة بتاعة اي شاب.. شغله، حياته، اخلاقه، دمه خفيف على قلبك ولا غلس.. كدة يعني..(ثم اكملت بمرح) و بعدين دة يكفيكي فخرا اني انا ابقى اخته.. دة لوحده سبب يخليكي توافقي.
هدى: يخرب بيت التواضع يا شيخة.
سارة(ضحكت بمرح): هههه.. شكرا شكرا لا داعي للتصفيق.. ياللا انا هاسيبك تفكري براحتك طول الليل بقى و اقوم انام.. ما انا اكيد مش هاسهر اعد النجوم زيك..
هدى(بترجي): اخس عليكي ما تخليكي معايا شوية.. ماتسيبنيش في الحيرة دي و تمشي.
سارة: لا يا حبيبتي انتي هاتفكري في العريس اللي متقدملك.. و اللي انا حاسة كدة انك هاتوافقي عليه.. و انا اصلا مش هاشوف النجوم عشان اعدها..
و بعدين القرار دة بالذات ما ينفعش حد ياخده معاكي.. لازم انتي اللي تقرري و لوحدك.. ماشي يا حبيبتي.
تنهدت هدى بحيرة لاحظتها سارة و لكنها لم تعلق..
سارة: ياللا تصبحي على خير بقى.
هدى: هاتعرفي تروحي اوضتك ولا اجي اوصلك؟؟
سارة(بغرور مصطنع): امال انتي فاكرة ايه يا بنتي.. دة انا ماحدش يتوقعني... لا ياختي شكرا.. ما انتي ورتيهالي قبل ما نيجي هنا.. اشوفك بكرة..
بس بقولك ايه ابقى شقري عليا كدة كمان نص ساعة ولا حاجة احسن اروح انام في البلكونة ولا في المطبخ..
ضحكت هدى من بين حيرتها ثم خرجت سارة لتتركها في دوامة أفكارها لتتجه إلى غرفتها أو على الأقل لتحاول..
خرجت سارة و عدت الخطوات التي احصتها قبلا مع هدى فوجدت باباً مغلقاً طرقت عليه أولا حتى تتأكد أنه ليس لغرفة أحد و عندما لم تجد رد.. فتحته و دخلت..
شعرت بتيار هواء قوي فظنت أن باب الشرفة مازال مفتوحاً..
حاولت أن تتحرك بحذر حتى تحدد إتجاه التيار لتعلم مكان الشرفة فلم تعرف.. فقد كان الهواء قوياً و يأتي من كل الاتجاهات..
سارة: ايه دة؟؟ و انا هاعرف مكان البلكونة ازاي بقى دلوقتي؟؟ دة الهوا جاي من كل حتة.
ظلت تتحرك بروية و هدوء حتى قاطع حركتها صوته المتفاجئ بوجودها.. كان عاصم..
فعاصم لم يشعر برغبة في النوم بسبب فرحته بعودة سارة إلي المنزل بسلام و مرور تلك الأزمة بخير و انها اخيراً سوف تنام معه تحت سقف واحد.. فإتجه إلى ذلك الجانب من الدور العلوي الذي خصصه لنفسه..
فقد ترك جزءاً من الدور العلوي مفتوح بلا أي حوائط حتى ينعم فيه بشمس الصعيد الدافئة شتاءاً و نسماته الباردة صيفاً..
ظل يحمد ربه على سلامة حبيبته و هو يفكر في حاله معها و هو يمني نفسه بقربها.. حتى سمع باب ذلك المكان الخاص يفتح و تدخل منه معذبة فؤاده.. لم يصدق نفسه أن الله قد سمع دعائه بتلك السرعة و أحضرها إليه.. فوقف متفاجئاً مبتسماً...
عاصم: سارة.. انتي بتعملي ايه هنا؟؟
سارة: عاصم... انا اسفة.. هو انا دخلت اوضتك ولا ايه.. اسفة بس شكلي اتلخبطت.. انا هاخرج..
عاصم: استني استني.. دي مش اوضتي.
سارة: امال اوضتي انا؟ طيب بتعمل ايه هنا؟
عاصم: يا ستي ولا اوضتك..
سارة: أمال ايه.. يكونش اوضة الحاج عبده و انا مش واخدة بالي.
عاصم(ضحك بخفوت): ههههههههه.. لا برضه.. دة السطح.
سارة: سطح ايه؟ ازاي و انا ماطلعتش سلالم..
عاصم: لا ماهو مش سطح اوي يعنى.. دة زي ما تقولي كده الروف.
سارة: ازاي بس.. انا خرجت من عند هدى و عديت بابها و مشيت 6 خطوات لقيت الباب دة..
عاصم: اكيد عديتي غلط.. تعالي.. تعالي اقعدي و انا اقولك..
اقترب منها و امسك بيدها حتى يساعدها تجلس على أحد المقاعد الوثيرة المريحة ثم جلس بجانبها..
سارة(بعد أن جلست): و bean bag كمان.. لا صارف و مكلف و الصرف باين الحقيقة.
عاصم: هو انتي ماتعرفيش تكملي جملة من غير تريقة ابدا..
سارة(و هي تضحك): ههههههههه.. لا.. المهم قولي ايه الاوضة دي بقى ؟
عاصم: يعني هو انتي مش حاسة بالهوا دة كله عشان تقولي اوضة.
سارة: هو انت لازم كدة تنظر عليا و خلاص.. ماتقول يا عم و تخلصنا..
عاصم: حاضر يا ستي.. دة جزء من الدور التاني ماقفلتهوش اوض زي الباقي.. احنا عملنا 6 اوض و الحتة دي ماقفلتهاش.. مساحتها حوالي اوضتين مثلا.. سقفتها بس و سببتها زي ڤرندا كدة.
سارة: ايه سقفتها دي.. (و هي تصفق بيديها) سقفتها ولا قصدك سقفت لها؟
عاصم(برخامة): ياااه على خفة دمك.
سارة: مش فاهمة بجد.. يعني ايه سقفتها؟؟
عاصم: سقفتها يعني عملت لها سقف بس.. و فرشتها بكام كرسي و ترابيزة و قاعدة عربي.. بتبقى حلوة اوي بالليل في الصيف و الجو فيها بيبقى تحفة.
سارة: فكرة هايلة.. دي فكرتك زي تكعيبة العنب كدة؟
عاصم: لا التكعيبة دي مش فكرتي.. دي كانت قاعدة جدي الله يرحمه المفضلة.. ماكنش يحب غيرها.. انا بس باخد بالي منها..
لما الجنايني هنا اهملها بعد ما جدي مات لقيت ابويا زعل اوي.. فوعدته اني هارجعها زي الاول و احسن.. و بقيت أتابعها بنفسي.
سارة: اممممم.. طيب و هنا.
عاصم: لا هنا دة بقى بتاعي انا.. كله.. من كام سنة كدة قبل ما جدي يموت قرر أن الاوض هنا مش كفاية و لازم اوض كفاية للاحفاد و للضيوف لو حد زارنا..
فاداني انا المهمة دي.. هديت البيت القديم كله.. كان من طين اصلا و حاجة بدائية خالص.. و عملت البيت دة على تصميمي انا..
وقفت على ايد العمال في كل حاجة.. عملت تحت 3 اوض.. منهم اللي هدي كانت قاعدة فيها.
سارة: و التانيين.
عاصم: دول للبنات اللي بيشتغلو و بينامو هنا مش بيروحو.. و لما بنيت الدور التاني خصصت الحتة دي مفتوحة عشان أنا بحب الأماكن المفتوحة.. بس و دي كانت قصة الڤراندا.. بكرة بقى احكيلك حكاية المطبخ الامريكاني.
سارة(و هي تضحك): ههههههههه.. ماشي يا سيدي متشكرين على المعلومات القيمة عن نشأة بيت المنياوية.
عاصم: مافيش فايدة.. لازم تتريقي.
سارة: على فكرة انا مش بتريق.. بس انت اللي دمك تقيل النهاردة و مش عايز تضحك.. هو بصراحة مش النهاردة بس دة من ساعة ما كنت في المستشفى.. صح؟
عاصم(بإرتباك): ليه بتقولي كدة.. لا خالص.. عادي يعني.
سارة: لا مش عادي.. انا من ساعة ما فوقت و انت تقريبا ماتكلمتش معايا كلمتين على بعض.. ممكن أسألك ليه؟؟
ظل ينظر إلى وجهها الجميل و لم يرد.. فماذا يمكن أن يخبرها.. هل يقول بأن لسانه عجز أمام خوف قلبه عليها.. هل يقول أنه كان يشكر ربه سراً على سلامتها حتى أنه لم يقدر أن يقطع حمده لربه بالحديث مع أي شخص حتى لو كان هي.. ففضل الصمت.
صمته أشعرها أنه لن يتحدث بما يجيش في قلبه و تشعر هي به.. شعرت باليأس فتنهدت بثقل و قالت..
سارة: هو سؤالي صعب اوي كدة.
عاصم(وقف ليستند إلي السور و هو يقول بأسف): أصعب مما تتخيلي.
سارة(وقفت و تتبعت صوته لتقترب منه): ليه يا عاصم.. ليه صعب.. صدقني مش صعب ابدا.
صمته لمرة أخرى جعل اليأس يتملك منها.. ابتلعت غصة مريرة بحلقها..
سارة: واضح اني دخلت المكان دة غلط.. شكلي كدة ماليش مكان هنا.. عن إذنك.
لم تكن تقصد المكان بل كانت تقصد قلبه التي تراه مغلقاً أمامها من كل الإتجاهات.. و لكنه لم يقدر أن يدعها تذهب و هو يرى الحزن يرمح بحرية على وجهها.. فقبل أن ترحل وجدته يمسك بيدها حتى لا تتركه و سألها..
عاصم: عايزة تعرفي ايه يا سارة.. عايزة تعرفي ليه ماكنتش بتكلم معاكي طول ما انتي في المستشفى.. عايزة تعرفي ماكنتش بعرف اضحك ليه من ساعة ما تعبتي.
سارة(دارت برأسها لتواجهه): ليه يا عاصم.. ريحني و قول لي ليه.
عاصم(اعتدل و وقف قبالتها و بنبرة يظهر بها العذاب و الخوف): عشان تعبك وجعني.. قلبي كان هايقف يا سارة.. قلبي كان موجوع عليكي.. كنت حاسس إن روحي بتخرج من جسمي و بتوجعني و انا شايف حالتك دي.
سارة(و أصابتها دهشة عظيمة): عاصم انت.....
عاصم(قاطعها): سيبيني أكمل.. مش انتي عايزة تعرفي كل حاجة.. اسمعيني بقى للآخر.
لما فاطمة دخلت علينا تصرخ و تقول انك مابترديش عليها حسيت إن اتشليت.. حسيت إن نفسي اتحبس جوة صدري و قلبي وقف.. جريت مش عارف ازاي و دخلت عليكي قبلهم كلهم.. لقيت العرق مغرقك.. وشك احمر من السخونة اللي كانت عندك..
برغم أن كل الأعراض دي أعراض برد... يعني حاجة بسيطة.. لكن قلبي ماكنش مطمن.. كنت حاسس اني خايف و قلقان ز يمكن مرعوب كمان.
لما شفنا رجلك و عرفنا أنها قرصة تعبان.. صرخت بإسمك يمكن صوتي يوصلك في نومك و تسمعيني و تفوقي.. بعديها ماحستيش بنفسي غير و انا شايلك بين ايديا و بجري بيكي على المستشفى زي المجنون.. و انتي بين ايديا كنت حاضنك و كأني عيل صغير خايف من فراق أمه اللي هاتسيبيه لوحده.. كان نفسي اضمك اكتر و اخبيكي جوة صدري و اخد منك السم كله.. كان هاين عليا اديكي روحي....
لم يهدأ بل اكمل بنفس حدته و صوته السريع...
عاصم: كنت سايق العربية على 120 في ارض زراعية مكسرة و كلها مطبات.. انتي متخيلة العربية كانت ماشية ازاي؟؟
كنتي نايمة على الكرسي جنبي من غير لا حول ولا قوة بس كأنك ماسكة قلبي بتعصريه بغيابك عنه.
فضلت أخطف نظرة لعنيكي يمكن تفتحيهم حتى لو مش بقصد.. كنت عايز اي اشارة من ربنا انك بخير..
لما الدكتور اخيرا طمنا عليكي انا ماقدرتش أفارق المستشفى الا لما اشوفك فايقة بعنيا الاتنين.. قلت لما تفوقي هامشي عشان ماحدش يقول حاجة.. خصوصا لما آسر وصل..
خفت يسألني انت ازاي ملازم اختي و بأي صفة.. بس ماقدرتش.. ماقدرتش اسيبك و ارجع البيت من غيرك.. فضلت كل شوية اخترع في حجج عشان افضل في المستشفى معاكي..
ماقدرتش اسيبك.. ماقدرتش ادخل البيت من غيرك.. ماقدرتش يا سارة ماقدرتش.
زاد اندهاشها.. ليس لمعرفتها بتلك الحقيقة التي كانت ظاهرة لها.. ليس لأنها تتخيل ملامحه العاشقة و هو يتحدث معها و ليس بسبب نبرته الحنونة و التي تخرج لها وحدها.. و بسبب مكالماته السرية بعد نوم الجميع..
بل لأنها لم تكن تتخيل أن بداخله كل ذلك العشق.. فهي لم تكن تتخيل أن عشقه لها يؤلمه لهذه الدرجة.. فكأنه كان يريد أن يقتل ذاك العشق في مهده أو أن يجعله حبيس قلبه و لا يعلم عنه أحدا.. و لكن أزمة مرضها أظهرته و هو لم يرد ذلك.. فقررت أن تسأله لتسمعها صريحة...
فرفعت يدها تتلمس طريقها نحوه..
سارة (بنفس دهشتها): عاصم.. انت..
التقط يدها و قبلها بمنتهى العشق ثم وضعها على صدره فوق قلبه النابض بحبها بصوت اعلى من صوته هو شخصياً حتى يجعلها تشعر بما بداخله....
عاصم(قاطعها): ايوة يا سارة.. بحبك.. انا بحبك يا سارة اكتر من اي حاجه في الدنيا.. حبيتك من غير ما أحس.. سرقتي قلبي و تفكيري و كل كياني من غير أدنى مجهود منك.
بحبك و انا حتى مش عارف رد فعلك ايه.. بحبك و انا مش عارف آخرة حبي دة ايه.. بس مش بإيدي حبيتك يا سارة.. حبيتك أوي.
سارة: امتى و ازاي؟؟ دة انت دائما كنت بتعاملني....
عاصم(مقاطعاً): بعاملك وحش و دايما بتعصب عليكي و كلامي معاكي كله عند و زغيق.. صح؟ مش دة قصدك...
سارة(يدهشة مماثلة): ايوة.. كان ليه كل دة؟
عاصم: كنت بحاول اداري مشاعري ناحيتك بطريقتي.. كنت فاكر اني بكدة هابعد اي شك ناحيتي.. أو يمكن قلت إن الطريقة دي تخليني انساكي.. لكن ماحصلش.. بالعكس قربت اكتر و حبيتك اكتر.
تربع الصمت على الأجواء.. كانت هي تشعر بمنتهى السعادة و هي تستمع لتصريحاته التي لم يكن يتوقعها أحد خاصة بسبب معاملته العنيفة لها..
و لكن في الفترة الأخيرة شعرت هي وحدها بتغيير أسلوبه معها لأسلوب أكثر ليناً و حناناً و دلها قلبها أن سبب تغييره معها ما هو إلا بسبب تغيير مشاعره أيضاً..
و لكنه لم يصرح بأي شيء حتى اليوم..
اما هو...
فصمتها جعله يفكر بأنها لا تبادله تلك المشاعر.. ظن أنها لا تحبه.. ففكر في قلبه..
عاصم(لنفسه): قلتلك يا غبي أنها مش ممكن تحبك.. تحبك ازاي حتى لو مش عارفة عيبك.. عيبك اللي كان السبب في أن بنت عمك اللي من لحمك و دمك ماتستحملهوش و تطلب الطلاق منك قبل ماتكملو سنتين جواز .. عايز واحدة زي سارة الدكتورة تربيه بلاد برة تقبله..
و أصلا إيه اللي يخليها توافق على واحد زيك.. كان متجوز قبل كدة و عايش في قرية في الصعيد يعني دنيته غير دنيتها خالص..
تنهد بحرقة عندما تملك يأسه منه.. ترك يديها بهدوء.. و أعطاها ظهره حتى يترك لدموعه العنان حتى لو كانت لن تراها.. فكرامته كرجل تمنعه من إظهار دموعه و ضعفه أمام أي شخص...
عاصم: انا اسف لو كنت ضايقتك.. اعتبريني ماقولتش حاجة.. و اتفضلي روحي نامي..
سارة(ابتسمت بفرحة و سعادة و سخرية من جهله بمشاعرها): هو من ناحية ضايقتني.. فأنت ضايقتني و نشفت دمي كمان.
شعر بخنجر صراحتها يقتله ببطء.. لم يتحرك أو لم يقدر أن يتحرك.. اغمض عينيه فنزلت تلك الدمعة الصامتة تحرق وجنته.. و قال بصوت متقطع...
عاصم(بحزن و قهر): ياااه.. للدرجة دي.. انا حقيقي اسف.. ارجوكي ماتزعليش و انسي تماماً كل حرف انا قولتهولك.. ارجوكي سيبيني عشان عايز ابقى لوحدي.
سارة: مش تسأل الاول ايه اللي ضايقني؟
عاصم: مش محتاجة سؤال.. انا مش غبي اوي كدة.
سارة: لا غبي.. و اوي كمان..
نظر لها حتى يستقبل كل ما لديها حتى يجد سبباً جيداً يجعله يتوقف عن حبها...
عاصم: ليه؟ عشان حبيتك صح؟؟
سارة: لا مش بس عشان حبيتني.. عشان حبيتني و فضلت ساكت و كاتم في قلبك كل المدة دي و انا مستنياك تقول كلمة ولا تلمح حتى.. يا غبي.
عاصم: قصدك ايه؟؟
سارة(قضبت بين حاجبيها بغضب مفتعل): لا كدة كتير.. انا اروح انام احسن.
و قبل أن تتحرك مسكها عاصم من ذراعها بقوة لم تؤلمها و لكنها أظهرت مقدار حبه لها.. ثم وقف أمامها بأمل ولد من جديد....
عاصم: سارة ماتلعبيش بأعصابي ابوس ايدك.. انتي قصدك ايه..
سارة: قصدي اني استنيتك كتير تقولي الكلمتين دول.. مستنياك بقالي كتير عشان تقول انك بتحبني.. كنت هاموت و انا في المستشفى عشان اعرف ايه اللي كان مغيرك اوي كدة معايا.
كنت ببقى عايزاك تكلم اي حد او حد يكلمك بس عشان اسمع صوتك اللي كان واحشني.. كنا نهزر و نضحك انا و آسر و هدى و انت حتى مابتكلفش نفسك تضحك معانا.
عاصم: من خوفي عليكي.. الرعب اللي حسيته لما لقيت رجلك مزرقة و جسمك مولع نار عمري ما حسيته في حياتي قبل كدة..
ماكنتش ناوي اتكلم.. ماكنتش عمري هاقول اني بحبك.. كنت هادفن حبي جوة قلبي لأخر عمري ولا كنت هقولك اي حاجة.
سارة (بنبرة عميقة جادة): ليه.. ليه يا عاصم ؟
عاصم(بتردد): يعني مش عارفة ليه؟ آسر ماقلكيش حاجة ولا هدى حتى قالتلك انا طلقت عبير ليه..
سارة: و هو آسر هايقولي ايه.. ولا حتى هدى قالتلي حاجة عن موضوع طلاقك دة خالص.
عاصم: غريبة..
سارة: هي ايه اللي غريبة.. و ايه اللي كان المفروض يقولو لي عليه.
عاصم(بتلعثم): بعدين.. بعدين.. مش مهم دلوقتي.. هاقولك كل حاجة في وقتها.. المهم دلوقتي اني بحبك.. و انتي؟؟
سارة(اطرقت رأسها بخجل): انا ايه؟؟
عاصم: سارة ارحميني.
سارة: طيب عايزة اشوفك الاول..
عاصم(بحزن): على عيني.. لو بأيدي مش هاتأخر لحظة واحدة.. حتى لو هاديكي عنيا ماتغلاش عليكي ابدا.
سارة: يعني ممكن اشوفك.. تسمحلي اشوفك.
عاصم: مش فاهم يا سارة.. قصدك ايه؟؟
ابتسمت سارة بحب ثم رفعت يدها لتتحسس وجهه لمدة طويلة برقة ليس لها مثيل.. ظلت تتحس وجهه بحب و شوق... جبهته العريضة.. حاجبيه الكثيفين.. عينيه التي تمنت بشدة أن تراهما و تعرف لونهما.
أنفه المستقيم و المدقوق بعناية.. شفتيه الغليظتين اللتان يسمعاها الكثير من الحديث سواء العصبي أو اللين.. و بعد انتهت و وصلت إلى لحيته النامية التي تغطي ذقنه فقال بهمس ملتاع...
عاصم(بلوعة الحب): ارحميني يا سارة.
سارة: كان نفسي اشوفك الاول قبل ما اقولها.
عاصم: تقولي ايه.
سارة: اني.. اني بحبك يا عاصم.
استطاع بصعوبة تصديق ما سمعته أذنيه و بعد برهة احتضنها بسعادة غامرة يشعر بها لأول مرة و رفعها ليدور بها عدة مرات..
انزلها بعد برهة و ظل يتأمل وجهها بحب و عشق و راحة.. ثم جلست معاه لمدة ساعتين تقريبا حتى أصر على أن تذهب إلى غرفتها حتى تستريح..
و لكن لم يزورهما النوم في تلك الليلة مطلقاً..
فلا يزور النوم المحبين..
ياترى هدى هاتوافق على طلب آسر..
و ياترى آسر حب هدى ولا لسة..
و عاصم و سارة كدة خلاص موضوعهم هاينتهي النهاية السعيدة مع آسر و هدى ولا لسة في كلام تاني.
لم يقبل عاصم بأن تترك سارة المشفى قبل أن يتم شفاؤها بالكامل.. فلم يكن ليغامر بإحتمالية انتكاستها و مرضها مرة أخرى.. فقد تأكد من شفائها تماماً من طبيبها المتابع لحالتها قبل أن تخرج من المشفى الذي ظلت به خمسة أيام صعاب طوال
وصل الجميع إلى السرايا و دخلوا معاً و كانت سارة مستندة على ذراع آسر و خلفهما عاصم و معه والدته وسط فرحة عارمة بعودة سارة إليهم بسلام و وسط الزغاريد التي أطلقتها فاطمة دون انقطاع فرحة بعودتها...
فاطمة(و هي تطلق زغاريد الفرح): ألف حمد الله على سلامتك يا ست سارة.
سارة(و هي تستند إلى ذراع شقيقها): الله يسلمك يا فطوم.. بس ايه كل الزغاريد دي.. هو فرح؟؟
فاطمة(بسعادة): ده احسن من 100 فرح.. هي دخلتك علينا تاني بالسلامة دي جليلة ولا ايه.
عبد الرحمن: خلاص بجى يا بت يا فاطنة.. روحي ياللا حضرولنا العشا انتي و البنات بسرعة..
فاطمة: من عنيا يابا الحاچ.. احلى وكل النهاردة عشان رچوع الست سارة.. و النبي يا ست سارة من يوم ما تعبتي ما حد داج الزاد.. اه والله.
سارة: ربنا يخليكو ليا يا فطوم يا قمر انتي.
اتجه الجميع بعد وقت يسير إلى غرفة الطعام ليتناولون وجبة العشاء في جو مرح قد عاد إليهم بعد غياب لمدة خمسة ايام قضتهم سارة في المشفى.
و بعد قليل كان قد اجتمع الجميع في غرفة الصالون يتناولون المشروبات و الفاكهة.. فوضع آسر كوبه على المنضدة الصغيرة ثم سأل شقيقته..
آسر: يعني برضه مش هاترجعي معايا يا سارة؟
سارة: يا حبيبي انا بجد مش عارفة انت قلقان اوي كدة ليه؟
آسر(بغضب مكبوت): لا ماهو ماليش حق أقلق الحقيقة.. دول يادوب 5 ايام في المستشفى و خضة و رعب وقفو قلبي عليكي بس.. بسيطة يعني.
سارة(و هي تضحك): ههههههههه.. حبيبي خلاص بقى انسى.. حصل خير.. و بعدين يعني ايه احتمالية أن تعبان يقرصني تاني.. مستحيل طبعاً..
عاصم(سريعاً و كأن الكلمة خرجت دون إرادته أو رغبته): بعد الشر عنيكي..
(ثم تدارك نفسه بعد أن نظر له الجميع بنظرات استفهام أو شك)جصدي يعني.. أن شاء الله دة مش هيحصل تاني..
عبد الرحمن: اكيد ماحدش فينا هايسمح للي حُصل ده أنه يتكرر تاني.
آسر: انا مش بشكك فيكم يا حاج عبد الرحمن لا سمح الله.. اللي حصل دة اصلا كان قضاء و قدر و كمان كان غصب عننا كلنا.. انا بس قلقان على سارة.
سارة: ماتبطل قلقك اللي مالوش لازمة دة بقى يا أخي.
آسر(بإصرار و شبه غضب): قلقي دلوقتي مابقاش له لازمة يا سارة.. امال امتى هيبقى ليه لازمة.. ها... استنى يحصل ايه اكتر من كدة عشان أقلق..
استشعرت سارة جدية قلقه و خوفه عليها من نبرة صوته العنيفة.. فأمسكت بكف يده رغماً عنه و قالت بنبرة حانية مقدرة لمشاعره..
سارة: آسر.. انت بتزعق ليه كدة.. خلاص حقك عليا ماكنتش اقصد اضايقك أو اقلقك عليا.. انا بس.. مش عايزاك تشغل بالك عليا...
آسر: و هو انا عندي اغلى منك اشغل بالي بيه.
هنية: خلاص بجى ربنا ما يجيب جلج.. و عموماً خلاص سارة اصلا ماهتسيبش السرايا واصل..
آسر: قصد حضرتك ايه؟
هنية: جصدي أن احنا نضفنا لسارة اوضة فوج اهنه في السرايا عشان تجعد فيها.. و بعد أكده مافيش نوم في العربية تاني.
سارة: لا يا ماما هنية مش للدرجة دي.
هنية: عاجولك ايه دة كلام ابوكي الحاچ عبده و كلام عاصم.. اتحدتي معاهم انتي لو تعرفي.. اني مالياش صالح عاد.
سارة: يا حاج عبده احنا مش متفقين و اتكلمنا في الموضوع دة لما جيت هنا اول مرة...
عبد الرحمن: ايوة حُصل.. بس الحديت دة كان جبل ما يُحصل اللي حُصل.
سارة: بس انتو عارفين أن السرايا هنا ما شاء الله كبيرة... و هيبقى صعب عليا اني احفظها.. كمان حاجتي كلها في الكراڤان هيبقى صعب انقلها.
عاصم: اولا بالنسبة لحاچتك اني خليت البنات ينجلوها للأوضة فعلا و رصوهالك في الدولاب كمان..
ثانياً بجى لو على وسع السرايا أنى هاخلي اي بت من اللي شغالين أهنه في السرايا ولا حتى البت فاطمة ترافجك زي ضلك لحد ما تتعودي ع السرايا..
ها جولتي ايه.. عنديكي حچچ تاني احب اعرفها يعني.
سارة(بحرج): انا مش عارفة اقولكم ايه يا جماعة.. بس انا كدة هاتعبكم اوي.
عاصم: تعبك راحة.. و بعدين مايچيش حاچة چنب تعبك انتي معانا و مع هدى.
هدى: خلاص بقى يا سارة وافقي عشان خاطري انا.. و بعدين انا اخترت لك الاوضة اللي جنبي بالظبط.
سارة: اممممم.. كدة ضمنت ان عيني مش هاتغمض لحظة.
هدى: اخس عليكي يا سارة يعني انا رغاية؟
سارة(بضحك): ههههههههه و انا أقدر اقول كدة برضه..
آسر: لو وافقتي يا سارة انا هاسافر و اسيبك و انا مطمن عليك.. ها قولتي ايه؟؟
سارة(تنهدت بامتنان لكل ذلك الحب من الجميع): اعتقد اني ماقدرش اقف قدام جبهة الأغلبية القوية دي خصوصا ان ماليش حجة فعلا.. خلاص اللي تشوفوه.
عبد الرحمن: ايوة أكده.. شاطرة و بتسمعي الكلام.
آسر(و هو يقف ممسكاً بيد سارة): طيب خلاص انا هاسافر انا بقى دلوقتي طالما اطمنت عليكي.
سارة: ليه يا آسر ماتخليك معايا يومين كمان.
آسر: معلش يا حبيبتي مش هاقدر صدقيني.. انا اصلاً لما جيت ماكنتش واخد إجازة.. دة انا سيبت البريمة الجديدة بتتدق و جريت على الهليكوبتر.. و المدير بتاعي لما عرف الظروف سمحلي بكام يوم كدة بس لحد ما اطمن عليكي.. و أصلا عاصم عرف يلاقيلي تذكرة على طيارة النهاردة بالعافية.
سارة(و هي تحتضنه): ماشي يا حبيبي.. توصل بالسلامة.
قام آسر بمصافحة الجميع و عندما اقترب ليصافح هدى.. ضغط على يدها بخفة و همس بكلمة واحدة..
آسر: هاشوفك قريب.
عقدت هدى حاجبيها بتعجب و هي تفكر فيما يعنيه.. و لكنه قبل أن يخرج...
آسر: عاصم ممكن توصلني لبرة.
عاصم: اه طبعا اتفضل..
خرجا معا و تركا الباقي يتسامرون.. وقف آسر قبل أن يركب السيارة التى ستوصله للمطار و نظر لعاصم..
آسر: عاصم.. انا طبعا مش عايز أوصيك تاني على سارة.. عارف ان اللي حصل دة كان غصب عن الكل... بس ارجوك.. انت عندك اخت و اكيد مقدر اللي انا كنت حاسس بيه.
عاصم(بخزي): عارف و مقدر و الله يا آسر و انا اصلا اول ما عرفت اخدتها على المستشفى.. صدقني عملت معاها زي ما كنت هاعمل مع هدى لو كانت مكانها و يمكن اكتر كمان.
آسر: و انا متأكد من كدة.. و بمناسبة هدى.. كنت عايز اكلمك في موضوع كدة بخصوصها.
عاصم(عقد حاجبيه بتساؤل): موضوع ايه دة اللي يخص هدى اختي.
آسر: هو المفروض أن سارة كانت هاتكلمكم فيه الاسبوع اللي فات لكن للاسف بقى اللي حصل دة بوظ كل حاجة.
عاصم: انا مش فاهم حاجة.. ياريت تتكلم بصراحة.. موضوع ايه اللي انت هاتكلمني فيه و يخص هدى؟
آسر: بصراحة كدة و من غير مقدمات انا عايز اطلب ايد الآنسة هدى اختك.
عاصم: ايد مين؟؟
آسر: هدى.. الآنسة هدى اختك... اكيد مش ايد اختي سارة... أعتقد لا يجوز.
عاصم: انت عايز تتجوز هدى اختي؟
آسر: و متاكد اني هاكون اسعد انسان في الدنيا لو دة حصل..
عاصم(نظر له بتفحص): و ياترى هدى رأيها ايه؟
آسر(و قد فهم مقصده): طبعا أنا فاهم أن سؤالك بيحمل معنى خفي و هو ان انت عايز تعرف اذا كنت انا و هدى على علاقة ببعض ولا لا..
لكن احب اقولك أن لا... انا لا كلمت هدى ولا هي تعرف اي حاجة عن اللي انا بكلمك فيه دة دلوقتي.. كل الحكاية اني حاسس براحة ناحيتها و انا انسان دغري ماحبش اللف و الدوران.
فأول ما حسيت بمشاعر ناحيتها قلت اني لازم اخد خطوة رسمي.. و كلمت سارة فوراً.
عاصم: طيب و سارة رأيها ايه؟
آسر: سارة موافقة طبعا.. هي بس كانت معترضة على التوقيت.. و فعلا اضطريت اسمع كلامها و استنى الوقت اللي هي شافته مناسب.. و الوقت دة كان من اسبوع و هي كانت هاتاخد رأي هدى و بعدين تفاتحك و الحاجة هنية و الحاج عبد الرحمن كمان طبعآ و بعدين تديني اوكي.. بس للاسف مالحقتش.
عاصم: و الله يا آسر انا شخصياً ماعنديش مانع.. انت راجل محترم و مهندس شاطر و اخلاقك مايختلفش عليها اتنين.. بس طبعا أنا رأيي لوحدي مش كفاية.
آسر: اكيد طبعا.. انا عارف انك لازم تاخد رأي هدى و الحاج و الحاجة كمان..
خد رايهم و الوقت اللي تحتاجوه... و عموما انا بابا و ماما راجعين من أمريكا كمان اسبوعين.. و أن شاء الله تكلمني و نحدد معاد و اجي معاهم نتقدم رسمي.
عاصم: اللي فيه الخير يقدمه ربنا..
آسر: طيب اشوف وشك بخير و قريب إن شاء الله..
عاصم: إن شاء الله.. توصل بالسلامة..
صافحه عاصم بود و فرحة.. فآسر نعم الرجل الذي يريده ليكون زوجا لأخته.. فقد اعتادا أن يتحدثا هاتفياً كل بضعة أيام حتى يطمئن آسر على سارة و يتأكد من أنها بخير و أنها لا تخفي عليه تعبها إن تعبت..
فعرف عاصم عنه الكثير فقد كان آسر يستعمل ذكائه بشكل جيد و يحرص على نقل بعض المعلومات عن حياته و عمله لعاصم بشكل خفي حتى يبني جدار ثقة صلب بينهما مما قد يسهل مهمته...
و كان يتحدث معه في أمور شتى و مواضيع مختلفة حتى يجعله يكون رأي مباشرة عنه.
عاد عاصم بعد قليل إلى الداخل و تعلو ثغره ابتسامة مريبة و هو ينظر لهدى التي لم تفهم سببها..
عبد الرحمن: ركبت الباشمهندس آسر العربية يا عاصم.
عاصم: ايوة يابوي.. ركب و طلع على المطار.
هنية: امال كل ده برة بتعمل ايه؟
عاصم(و هو ينظر لهدى بعيون ضيقة): مافيش.. بس أصله كان بيحدتني في موضوع أكده.
هدى(لعاصم): في ايه.. مالك بتبصلي كدة ليه..
عاصم(و هو يحك ذقنه بمكر): ابدا.. بس وحشاني شوية.. أو شكلك هاتوحشينا كلنا.
هنية: واه.. بعد الشر.. مالك يا عاصم عاتفول على خيتك ولا ايه؟؟
عاصم: واه ياما.. عافول عليها ليه بس؟؟ مش يمكن تسافر رحلة ولا فسحة و اتوحشها.
هدى(رفعت حاجبها الأيمن و نظرت له بشك): لا والله.. و دة من امتى دة؟؟ دة انت زي ما تكون ما صدقت اني وقفت على رجليا تاني و رجعت انت لرخامتك تاني.. و الله قعدتي على الكرسي كانت شايلة عني بلاوي رخامتك دي.
هنية: تفي من بجك يا بت.. دة احنا ما صدجنا أن ربنا شفاكي و رچعتي تجفي على رچليكي تاني.. ربنا يفرح جلبي بشفاكي يارب.
عاصم: سيبيها ياما.. هي كدة دايما لسانها مطلوج علينا كيف التور الهايچ.
سارة(ضاحكة): ههههههههه.. دة الحفلة شكلها عليكي النهاردة يا دودو.
هدى: لا و على ايه انا اقوم انام احسن.
عاصم: تجومي فين يا هدى.. دة اني كنت لسة هاكلمك في موضوع أكده.
هدى: موضوع ايه؟
عاصم: موضوع مهم و خطير و حيوي.
سارة: اممممم.. يبقى انا عرفت انت اتاخرت ليه و انت بتوصل آسر.
عاصم: طيب ايه.. مش كنتي تجوليلي طيب.
سارة: اكيد قالك اني كنت هاقولكم قبل ما ادخل المستشفى بس اللي حصل بقى.
عاصم: طيب ايه.. تجولي انتي ولا اجول اني؟
عبد الرحمن(بحيرة): فيه ايه عاد.. هو ايه اللي تجولي ولا اجول.. و موضوع.. في ايه يا عاصم؟؟
سارة: طيب انا عندي اقتراح.. انا هاخد هدى توريني اوضتي فوق.. و انت خليك هنا مع الحاج و الحاجة و قولهم بقى الموضوع و اللي جال و اللي ماجالش و عيشو.. ياللا يابنتي ياللا...(و حاولت أن تتحدث بلهجتهم) دة كلام استغفر الله العظيم يا رب بتاع كبار مالناش دعوة بيه.
هنية: بجيتي تتحدتي زيينا اها .
سارة: من عاشر القوم 40 يوم بقى منهم يا حاجة.. و انا هنا بقالي 4 شهور.. و اديني بحاول ولو اني حاسة اني مش هاعرف اتكلم زيكم أبداً.
صعدت هدى بصحبة سارة.. يستندان على بعضهما.. فإحداهما لا ترى و الأخرى تتمسك بعكاز بيمينها و بيسارها تستند إلى الضريرة..
ياله من مشهد عجيب.. يثير السخرية أو الاعجاب بقوة هاتين الفتاتين اللتين يظهرتان بمظهر الضعف و بداخلهما قوة لا تجدها في أعتى الرجال.
التفت عاصم لسؤال والده بعد أن اختفت الفتاتان عن عيونهم...
عبد الرحمن: ممكن بجى تجولنا في ايه.. و موضوع ايه ده اللي آسر كلمك فيه و أخته عارفاه.
عاصم(تنهد و اعتدل ليواجه والديه): آسر يابوي عايز يتچوز هدى.
هنية(بفرحة عارمة): صُح يا واد؟
عاصم(نظر لوالدته بتعجب): واه.. واد؟؟ فچأة اكدة بجيت واد.. ماشي يا ام عاصم مجبولة منيكي.
هنية: يووه.. ماجصديش... دة انت راچل و سيد الرچالة كمان.. بس جولي الله يرضى عنيك.. صُح اللي عاتجوله ده... آسر عايز يتچوز اختك؟؟!!!
عاصم: ايوة ياما..
عبد الرحمن: و ده من ميته ده؟؟ يعني ده ماشفهاش غير مرة واحدة و دي التانية.. فچأة اكده..
عاصم: يابوي التفاصيل دي مجدور عليها.. و بعدين هو مچرد إعچاب.. يعني شاب شاف واحدة عچبته و أخلاجها عچبته و جرر يتجدم لها.. بس.
اصلا سارة كانت هاتتحدت معانا في الموضوع ده من اسبوع.. بس اللي حُصل بجى منعها.. فهو فاتحني دلوجت بما أنه كان اهنه يعني.
عبد الرحمن: و هو احنا يعني نوافجو ولا نرفضو على ايه.. ده حتى مش حديت رسمي.
و بعدين اني هاسلم بتي ليه هو و أخته أكده من غير كبير ليهم ولا ايه.
عاصم: لا يابوي طبعا لا.. هو أبوه و أمه راچعين من امريكا بعد اسبوعين.. لما يُحصل جبول منينا هانحددو معاه معاد يچيبهم و يچيب أهله و كبراته و ياچي.. و ساعتها نفكرو و يبجى حديت كبار و رچالة... ها جولتو ايه؟
هنية: و هي دي فيها جوالة.. موافجين طبعاً..
عبد الرحمن: يا ولية اتهتي شوية.. ايه... انتي ما صدجتي ولا ايه؟؟
هنية: يووه يا حاج.. فرحانة ببتي.. و بعدين هو ده عريس يترفض برضيك يا حاچ.. ولا انت شايف عليه حاچة احنا ماشيفنهاش؟؟
عبد الرحمن: لا.. الشهادة لله الواد في الكام يوم اللي جعدهم معانا هنا سوا المرة دي واللي فاتت عمره ما جال كلمة كدة ولا كدة.. و عينه دايما في الأرض.. عمره ما رفعها في حد بطريجة عفشة.. و حديته دايما بأدب و زوج.
هنية: يبجى خلاص.. على خيرة الله.
عبد الرحمن(بنزق): شوف برضيك الولية اجولها ايه تجولي ايه..
عاصم: عموما يابوي.. أهله لسة هايوصولو بعد اسبوعين من السفر.. و عبال ما يستجرو و يحدتهم و نتفجو على معاد... يعني فيها ياچي شهر..
نفكرو براحتنا و كمان نكونو خدنا رأي هدى و سألنا عنيه..
عبد الرحمن: ماشي يا عاصم.. اللي فيه الخير يجدمه ربنا.. بجولك ايه يا ام عاصم.. اعمليلي كوباية شاي و هاتيهالي فوج.. احسن راسي اماتنبض.
هنية: حاضر يا حاج من عنيا.
عاصم: الف سلامة عليك يابوي.
عبد الرحمن: الله يسلمك يا ولدي... تتمسو بالخير.
عاصم: و انت من اهله يابوي.
انتظرت هنية بلا صبر صعود عبد الرحمن لغرفتهما و دخوله اليها ثم نظرت لولدها و جذبته من ذراعه لتقترب من أذنه ثم تحدثت بهمس و قالت...
هنية: و انت يا عاصم رأيك ايه؟؟
عاصم(ابتسم بحب على والدته و فرحتها): الصراحة ياما انى شايف أن آسر مايتعيبش.. شاب محترم.. اخلاجه زينه و هايجدر بتنا و هايراعي فيها ربنا.. مهندس جد الدنيا.. مجتدر و يجدر يفتح بيت.. يعني.. و بعدين ماهي سارة أخته معاشرانا اهي بجالها مدة.. و على جولة أبوي ماشوفناش منيها غير كل خير..
و عموماً زي ما حاولت لابوي اني كمان هاوصي حد معرفة في مصر يسألنا عنيه في مكان شغله ولا بيته..
هنية: ماشي..(ربتت على كتفه بحنان) عجبالك يا ولدي انت كمان لما افرح بيك..
عاصم(قبل يدها بحب): ادعيلي ياما.. ادعيلي بالجوي اليومين دول.
هنية: ربنا يريح جلبك يا ولدي..(ثم نظرت لأعلى حيث غرفة سارة) و ينولك اللي في بالك.. انى هاجوم اعمل الشاي لابوك الحاچ.. عايزنيش اعملك حاچة انت كمان.
عاصم: سلم يدك ياما.. لا اني هاطلع انام اني.. و انتي بس ماتنسيش تبجي تجسي نبض هدى بكرة.. تصبحي على خير.
هنية: و انت من اهله...
تركها تتجه إلى المطبخ و اتجه هو لأعلى..
اما بغرفة هدى.. كانت سارة قد قصت على هدى ذلك الموضوع الذي قصده عاصم برغبة آسر أخيها في الارتباط بها....
سارة: ها يا هدهود.. ايه رأيك بقى؟
هدى(بدهشة): آسر.. الباشمهندس آسر اخوكي.. عايز يتجوزني انا؟
سارة: اكيد مش هايتجوزني انا..
صمتت هدى و هي تفكر بعقل شريد.. فأمهلتها سارة بعض الدقائق ليستعيد عقلها صوابه...
سارة: سكتي يعني يا هدى.. قولي حاجة.
هدى: اقول ايه.. اللي انتي بتقوليه دة يتقال عليه ايه؟؟
سارة: اعملي زي ما اتعودنا نعمل في أي مشكلة ولا حاجة مهمة.. فكري معايا بصوت عالي.. و انسي خالص أن آسر يبقى اخويا.. ها يا ستي قولي بتفكري في ايه..
هدى: و هو آسر يعني مالقيش غيري انا عشان يتجوزها..
سارة: يا سلام.. و انتي مالك بقى إن شاء الله عشان مايتجوزكيش... ناقصك ايه يعني عشان مايفكرش يتجوزك..
هدى: انتي بجد بتسألي.. سارة انا من شهرين بس كنت على كرسي بعجل.
سارة: بالظبط.. من شهرين كنتي.. ها "كنتي" على كرسي بعجل.. لكن دلوقتي قدامك شهرين و اقل و تسيبي حتى العكاز دة و تجري من غيره مش بس تمشي.. ها ايه تاني؟؟
هدى: انتي ازاي شايفة الموضوع بالبساطة دي؟؟
سارة: عشان هو فعلاً بالبساطة دي.. واحد و شاف واحدة أعجب بيها و أتقدم لها.. ايه المشكلة..
هدى: المشكلة أن الواحدة دي مشلولة.. ماحدش ابدا يحب يربط نفسه بواحدة مشلولة يا سارة.
سارة(امسكت يدها بدعم بهدوء): بس انتي مش مشلولة يا هدى.. انتي كنتي تعبانة شوية و خلاص خفيتي.. و بعدين آسر كلمني في موضوعكم دة من ساعة ما كان هنا المرة اللي فاتت.
يعني شافك على الكرسي و برضه ماهموش.. مش هاقولك إن آسر حبك و عشقك.. بس كمان هو مبسوط و مرتاح ليكي اوي.. و انا متأكدة انه لما الموضوع يوصل بينكم لحب، آسر هايحبك بكل حالاتك.. هايحبك على الكرسي و هايحبك لما وقفتي.. هايحبك بالعكاز و هايفضل يحبك لما تقفي على رجليكي.
حبيبتي انتي مش ناقصك حاجة عشان تستكتري على نفسك انك تحبي و تفرحي..
هدى(اختفت في حضنها بدموع و بكاء): إذا كان اللي كان في بينا عشرة و ايام و شهور سابني في أول أزمة قابلتني.. امال اللي ماشافنيش غير مرتين هايعمل فيا إيه؟!!
سارة: بصي مش عشان آسر يبقى اخويا انا هاشكرلك فيه يا هدى.. بس اوعي اوعي ابدا تقارني بين آسر و بين خطيبك الاولاني دة.. عارفة ليه؟؟
هدى(خرجت من حضنها و سألتها بأمل): ليه؟؟
سارة: عشان الندل التاني دة سابك وقت ما كنتي محتجاله.. إنما آسر لما كلمني عارفة قالي ايه.
هدى: ايه؟
سارة(ابتسمت لها بحب): فضل يزن عليا افاتحكم في الموضوع عشان يفضل جنبك و يساعدك في ازمتك لحد ما تعديها.. عشان يساعدك و يشجعك و يفضل معاكي... مش مثلا قالي لما تخف ابقى أتقدم لها لا.. آسر عايز يشاركك كل حاجة في حياتك.. الوحش اللي فيها قبل الحلو.. آسر شاريكي اوي اوي.. يارب نفهم..
هدى(سألته بدموع و تردد): طيب.. طيب ليه.. يعني اشمعنى انا.
سارة: مش عارفة بالظبط بس هاقولك تخميني يعني.
هدى: قولي.
سارة: آسر بقاله مدة موضوع الجواز دة مونون في دماغه.. بس ماكنش قابل حد مناسب مع ان في بنات كتير اوي في دايرة علاقاتنا بس ما اتشدش لأي واحدة فيهم.
و لسبب لا يعلمه الا الله انشد ليكي انتي.. انتي و بس.. و بعدين لما يبقى يحصل قبول و نصيب ابقي اسأليه و هو أكيد هابجاوبك بدل حيرتك دي.
لم ترد هدى عليها فقررت سارة ان نتركها لعقلها حتى تهتدي لقرار مناسب....
سارة: بس عموما انا عايزاكي تفكري كويس اوي.. فكري بعقلك يا هدى.. عقلك الاول و الاهم دلوقتي.
هدى: معاكي حق عشان قلبي ماكنش اختياره صح.
سارة: لا مش قصدي.. انا اقصد ان مافيش بينك و بين آسر الحب لسة اللي يخليكي توافقي عليه.. يبقى نحسبها بالعقل..
يعني مواصفاته العامة بتاعة اي شاب.. شغله، حياته، اخلاقه، دمه خفيف على قلبك ولا غلس.. كدة يعني..(ثم اكملت بمرح) و بعدين دة يكفيكي فخرا اني انا ابقى اخته.. دة لوحده سبب يخليكي توافقي.
هدى: يخرب بيت التواضع يا شيخة.
سارة(ضحكت بمرح): هههه.. شكرا شكرا لا داعي للتصفيق.. ياللا انا هاسيبك تفكري براحتك طول الليل بقى و اقوم انام.. ما انا اكيد مش هاسهر اعد النجوم زيك..
هدى(بترجي): اخس عليكي ما تخليكي معايا شوية.. ماتسيبنيش في الحيرة دي و تمشي.
سارة: لا يا حبيبتي انتي هاتفكري في العريس اللي متقدملك.. و اللي انا حاسة كدة انك هاتوافقي عليه.. و انا اصلا مش هاشوف النجوم عشان اعدها..
و بعدين القرار دة بالذات ما ينفعش حد ياخده معاكي.. لازم انتي اللي تقرري و لوحدك.. ماشي يا حبيبتي.
تنهدت هدى بحيرة لاحظتها سارة و لكنها لم تعلق..
سارة: ياللا تصبحي على خير بقى.
هدى: هاتعرفي تروحي اوضتك ولا اجي اوصلك؟؟
سارة(بغرور مصطنع): امال انتي فاكرة ايه يا بنتي.. دة انا ماحدش يتوقعني... لا ياختي شكرا.. ما انتي ورتيهالي قبل ما نيجي هنا.. اشوفك بكرة..
بس بقولك ايه ابقى شقري عليا كدة كمان نص ساعة ولا حاجة احسن اروح انام في البلكونة ولا في المطبخ..
ضحكت هدى من بين حيرتها ثم خرجت سارة لتتركها في دوامة أفكارها لتتجه إلى غرفتها أو على الأقل لتحاول..
خرجت سارة و عدت الخطوات التي احصتها قبلا مع هدى فوجدت باباً مغلقاً طرقت عليه أولا حتى تتأكد أنه ليس لغرفة أحد و عندما لم تجد رد.. فتحته و دخلت..
شعرت بتيار هواء قوي فظنت أن باب الشرفة مازال مفتوحاً..
حاولت أن تتحرك بحذر حتى تحدد إتجاه التيار لتعلم مكان الشرفة فلم تعرف.. فقد كان الهواء قوياً و يأتي من كل الاتجاهات..
سارة: ايه دة؟؟ و انا هاعرف مكان البلكونة ازاي بقى دلوقتي؟؟ دة الهوا جاي من كل حتة.
ظلت تتحرك بروية و هدوء حتى قاطع حركتها صوته المتفاجئ بوجودها.. كان عاصم..
فعاصم لم يشعر برغبة في النوم بسبب فرحته بعودة سارة إلي المنزل بسلام و مرور تلك الأزمة بخير و انها اخيراً سوف تنام معه تحت سقف واحد.. فإتجه إلى ذلك الجانب من الدور العلوي الذي خصصه لنفسه..
فقد ترك جزءاً من الدور العلوي مفتوح بلا أي حوائط حتى ينعم فيه بشمس الصعيد الدافئة شتاءاً و نسماته الباردة صيفاً..
ظل يحمد ربه على سلامة حبيبته و هو يفكر في حاله معها و هو يمني نفسه بقربها.. حتى سمع باب ذلك المكان الخاص يفتح و تدخل منه معذبة فؤاده.. لم يصدق نفسه أن الله قد سمع دعائه بتلك السرعة و أحضرها إليه.. فوقف متفاجئاً مبتسماً...
عاصم: سارة.. انتي بتعملي ايه هنا؟؟
سارة: عاصم... انا اسفة.. هو انا دخلت اوضتك ولا ايه.. اسفة بس شكلي اتلخبطت.. انا هاخرج..
عاصم: استني استني.. دي مش اوضتي.
سارة: امال اوضتي انا؟ طيب بتعمل ايه هنا؟
عاصم: يا ستي ولا اوضتك..
سارة: أمال ايه.. يكونش اوضة الحاج عبده و انا مش واخدة بالي.
عاصم(ضحك بخفوت): ههههههههه.. لا برضه.. دة السطح.
سارة: سطح ايه؟ ازاي و انا ماطلعتش سلالم..
عاصم: لا ماهو مش سطح اوي يعنى.. دة زي ما تقولي كده الروف.
سارة: ازاي بس.. انا خرجت من عند هدى و عديت بابها و مشيت 6 خطوات لقيت الباب دة..
عاصم: اكيد عديتي غلط.. تعالي.. تعالي اقعدي و انا اقولك..
اقترب منها و امسك بيدها حتى يساعدها تجلس على أحد المقاعد الوثيرة المريحة ثم جلس بجانبها..
سارة(بعد أن جلست): و bean bag كمان.. لا صارف و مكلف و الصرف باين الحقيقة.
عاصم: هو انتي ماتعرفيش تكملي جملة من غير تريقة ابدا..
سارة(و هي تضحك): ههههههههه.. لا.. المهم قولي ايه الاوضة دي بقى ؟
عاصم: يعني هو انتي مش حاسة بالهوا دة كله عشان تقولي اوضة.
سارة: هو انت لازم كدة تنظر عليا و خلاص.. ماتقول يا عم و تخلصنا..
عاصم: حاضر يا ستي.. دة جزء من الدور التاني ماقفلتهوش اوض زي الباقي.. احنا عملنا 6 اوض و الحتة دي ماقفلتهاش.. مساحتها حوالي اوضتين مثلا.. سقفتها بس و سببتها زي ڤرندا كدة.
سارة: ايه سقفتها دي.. (و هي تصفق بيديها) سقفتها ولا قصدك سقفت لها؟
عاصم(برخامة): ياااه على خفة دمك.
سارة: مش فاهمة بجد.. يعني ايه سقفتها؟؟
عاصم: سقفتها يعني عملت لها سقف بس.. و فرشتها بكام كرسي و ترابيزة و قاعدة عربي.. بتبقى حلوة اوي بالليل في الصيف و الجو فيها بيبقى تحفة.
سارة: فكرة هايلة.. دي فكرتك زي تكعيبة العنب كدة؟
عاصم: لا التكعيبة دي مش فكرتي.. دي كانت قاعدة جدي الله يرحمه المفضلة.. ماكنش يحب غيرها.. انا بس باخد بالي منها..
لما الجنايني هنا اهملها بعد ما جدي مات لقيت ابويا زعل اوي.. فوعدته اني هارجعها زي الاول و احسن.. و بقيت أتابعها بنفسي.
سارة: اممممم.. طيب و هنا.
عاصم: لا هنا دة بقى بتاعي انا.. كله.. من كام سنة كدة قبل ما جدي يموت قرر أن الاوض هنا مش كفاية و لازم اوض كفاية للاحفاد و للضيوف لو حد زارنا..
فاداني انا المهمة دي.. هديت البيت القديم كله.. كان من طين اصلا و حاجة بدائية خالص.. و عملت البيت دة على تصميمي انا..
وقفت على ايد العمال في كل حاجة.. عملت تحت 3 اوض.. منهم اللي هدي كانت قاعدة فيها.
سارة: و التانيين.
عاصم: دول للبنات اللي بيشتغلو و بينامو هنا مش بيروحو.. و لما بنيت الدور التاني خصصت الحتة دي مفتوحة عشان أنا بحب الأماكن المفتوحة.. بس و دي كانت قصة الڤراندا.. بكرة بقى احكيلك حكاية المطبخ الامريكاني.
سارة(و هي تضحك): ههههههههه.. ماشي يا سيدي متشكرين على المعلومات القيمة عن نشأة بيت المنياوية.
عاصم: مافيش فايدة.. لازم تتريقي.
سارة: على فكرة انا مش بتريق.. بس انت اللي دمك تقيل النهاردة و مش عايز تضحك.. هو بصراحة مش النهاردة بس دة من ساعة ما كنت في المستشفى.. صح؟
عاصم(بإرتباك): ليه بتقولي كدة.. لا خالص.. عادي يعني.
سارة: لا مش عادي.. انا من ساعة ما فوقت و انت تقريبا ماتكلمتش معايا كلمتين على بعض.. ممكن أسألك ليه؟؟
ظل ينظر إلى وجهها الجميل و لم يرد.. فماذا يمكن أن يخبرها.. هل يقول بأن لسانه عجز أمام خوف قلبه عليها.. هل يقول أنه كان يشكر ربه سراً على سلامتها حتى أنه لم يقدر أن يقطع حمده لربه بالحديث مع أي شخص حتى لو كان هي.. ففضل الصمت.
صمته أشعرها أنه لن يتحدث بما يجيش في قلبه و تشعر هي به.. شعرت باليأس فتنهدت بثقل و قالت..
سارة: هو سؤالي صعب اوي كدة.
عاصم(وقف ليستند إلي السور و هو يقول بأسف): أصعب مما تتخيلي.
سارة(وقفت و تتبعت صوته لتقترب منه): ليه يا عاصم.. ليه صعب.. صدقني مش صعب ابدا.
صمته لمرة أخرى جعل اليأس يتملك منها.. ابتلعت غصة مريرة بحلقها..
سارة: واضح اني دخلت المكان دة غلط.. شكلي كدة ماليش مكان هنا.. عن إذنك.
لم تكن تقصد المكان بل كانت تقصد قلبه التي تراه مغلقاً أمامها من كل الإتجاهات.. و لكنه لم يقدر أن يدعها تذهب و هو يرى الحزن يرمح بحرية على وجهها.. فقبل أن ترحل وجدته يمسك بيدها حتى لا تتركه و سألها..
عاصم: عايزة تعرفي ايه يا سارة.. عايزة تعرفي ليه ماكنتش بتكلم معاكي طول ما انتي في المستشفى.. عايزة تعرفي ماكنتش بعرف اضحك ليه من ساعة ما تعبتي.
سارة(دارت برأسها لتواجهه): ليه يا عاصم.. ريحني و قول لي ليه.
عاصم(اعتدل و وقف قبالتها و بنبرة يظهر بها العذاب و الخوف): عشان تعبك وجعني.. قلبي كان هايقف يا سارة.. قلبي كان موجوع عليكي.. كنت حاسس إن روحي بتخرج من جسمي و بتوجعني و انا شايف حالتك دي.
سارة(و أصابتها دهشة عظيمة): عاصم انت.....
عاصم(قاطعها): سيبيني أكمل.. مش انتي عايزة تعرفي كل حاجة.. اسمعيني بقى للآخر.
لما فاطمة دخلت علينا تصرخ و تقول انك مابترديش عليها حسيت إن اتشليت.. حسيت إن نفسي اتحبس جوة صدري و قلبي وقف.. جريت مش عارف ازاي و دخلت عليكي قبلهم كلهم.. لقيت العرق مغرقك.. وشك احمر من السخونة اللي كانت عندك..
برغم أن كل الأعراض دي أعراض برد... يعني حاجة بسيطة.. لكن قلبي ماكنش مطمن.. كنت حاسس اني خايف و قلقان ز يمكن مرعوب كمان.
لما شفنا رجلك و عرفنا أنها قرصة تعبان.. صرخت بإسمك يمكن صوتي يوصلك في نومك و تسمعيني و تفوقي.. بعديها ماحستيش بنفسي غير و انا شايلك بين ايديا و بجري بيكي على المستشفى زي المجنون.. و انتي بين ايديا كنت حاضنك و كأني عيل صغير خايف من فراق أمه اللي هاتسيبيه لوحده.. كان نفسي اضمك اكتر و اخبيكي جوة صدري و اخد منك السم كله.. كان هاين عليا اديكي روحي....
لم يهدأ بل اكمل بنفس حدته و صوته السريع...
عاصم: كنت سايق العربية على 120 في ارض زراعية مكسرة و كلها مطبات.. انتي متخيلة العربية كانت ماشية ازاي؟؟
كنتي نايمة على الكرسي جنبي من غير لا حول ولا قوة بس كأنك ماسكة قلبي بتعصريه بغيابك عنه.
فضلت أخطف نظرة لعنيكي يمكن تفتحيهم حتى لو مش بقصد.. كنت عايز اي اشارة من ربنا انك بخير..
لما الدكتور اخيرا طمنا عليكي انا ماقدرتش أفارق المستشفى الا لما اشوفك فايقة بعنيا الاتنين.. قلت لما تفوقي هامشي عشان ماحدش يقول حاجة.. خصوصا لما آسر وصل..
خفت يسألني انت ازاي ملازم اختي و بأي صفة.. بس ماقدرتش.. ماقدرتش اسيبك و ارجع البيت من غيرك.. فضلت كل شوية اخترع في حجج عشان افضل في المستشفى معاكي..
ماقدرتش اسيبك.. ماقدرتش ادخل البيت من غيرك.. ماقدرتش يا سارة ماقدرتش.
زاد اندهاشها.. ليس لمعرفتها بتلك الحقيقة التي كانت ظاهرة لها.. ليس لأنها تتخيل ملامحه العاشقة و هو يتحدث معها و ليس بسبب نبرته الحنونة و التي تخرج لها وحدها.. و بسبب مكالماته السرية بعد نوم الجميع..
بل لأنها لم تكن تتخيل أن بداخله كل ذلك العشق.. فهي لم تكن تتخيل أن عشقه لها يؤلمه لهذه الدرجة.. فكأنه كان يريد أن يقتل ذاك العشق في مهده أو أن يجعله حبيس قلبه و لا يعلم عنه أحدا.. و لكن أزمة مرضها أظهرته و هو لم يرد ذلك.. فقررت أن تسأله لتسمعها صريحة...
فرفعت يدها تتلمس طريقها نحوه..
سارة (بنفس دهشتها): عاصم.. انت..
التقط يدها و قبلها بمنتهى العشق ثم وضعها على صدره فوق قلبه النابض بحبها بصوت اعلى من صوته هو شخصياً حتى يجعلها تشعر بما بداخله....
عاصم(قاطعها): ايوة يا سارة.. بحبك.. انا بحبك يا سارة اكتر من اي حاجه في الدنيا.. حبيتك من غير ما أحس.. سرقتي قلبي و تفكيري و كل كياني من غير أدنى مجهود منك.
بحبك و انا حتى مش عارف رد فعلك ايه.. بحبك و انا مش عارف آخرة حبي دة ايه.. بس مش بإيدي حبيتك يا سارة.. حبيتك أوي.
سارة: امتى و ازاي؟؟ دة انت دائما كنت بتعاملني....
عاصم(مقاطعاً): بعاملك وحش و دايما بتعصب عليكي و كلامي معاكي كله عند و زغيق.. صح؟ مش دة قصدك...
سارة(يدهشة مماثلة): ايوة.. كان ليه كل دة؟
عاصم: كنت بحاول اداري مشاعري ناحيتك بطريقتي.. كنت فاكر اني بكدة هابعد اي شك ناحيتي.. أو يمكن قلت إن الطريقة دي تخليني انساكي.. لكن ماحصلش.. بالعكس قربت اكتر و حبيتك اكتر.
تربع الصمت على الأجواء.. كانت هي تشعر بمنتهى السعادة و هي تستمع لتصريحاته التي لم يكن يتوقعها أحد خاصة بسبب معاملته العنيفة لها..
و لكن في الفترة الأخيرة شعرت هي وحدها بتغيير أسلوبه معها لأسلوب أكثر ليناً و حناناً و دلها قلبها أن سبب تغييره معها ما هو إلا بسبب تغيير مشاعره أيضاً..
و لكنه لم يصرح بأي شيء حتى اليوم..
اما هو...
فصمتها جعله يفكر بأنها لا تبادله تلك المشاعر.. ظن أنها لا تحبه.. ففكر في قلبه..
عاصم(لنفسه): قلتلك يا غبي أنها مش ممكن تحبك.. تحبك ازاي حتى لو مش عارفة عيبك.. عيبك اللي كان السبب في أن بنت عمك اللي من لحمك و دمك ماتستحملهوش و تطلب الطلاق منك قبل ماتكملو سنتين جواز .. عايز واحدة زي سارة الدكتورة تربيه بلاد برة تقبله..
و أصلا إيه اللي يخليها توافق على واحد زيك.. كان متجوز قبل كدة و عايش في قرية في الصعيد يعني دنيته غير دنيتها خالص..
تنهد بحرقة عندما تملك يأسه منه.. ترك يديها بهدوء.. و أعطاها ظهره حتى يترك لدموعه العنان حتى لو كانت لن تراها.. فكرامته كرجل تمنعه من إظهار دموعه و ضعفه أمام أي شخص...
عاصم: انا اسف لو كنت ضايقتك.. اعتبريني ماقولتش حاجة.. و اتفضلي روحي نامي..
سارة(ابتسمت بفرحة و سعادة و سخرية من جهله بمشاعرها): هو من ناحية ضايقتني.. فأنت ضايقتني و نشفت دمي كمان.
شعر بخنجر صراحتها يقتله ببطء.. لم يتحرك أو لم يقدر أن يتحرك.. اغمض عينيه فنزلت تلك الدمعة الصامتة تحرق وجنته.. و قال بصوت متقطع...
عاصم(بحزن و قهر): ياااه.. للدرجة دي.. انا حقيقي اسف.. ارجوكي ماتزعليش و انسي تماماً كل حرف انا قولتهولك.. ارجوكي سيبيني عشان عايز ابقى لوحدي.
سارة: مش تسأل الاول ايه اللي ضايقني؟
عاصم: مش محتاجة سؤال.. انا مش غبي اوي كدة.
سارة: لا غبي.. و اوي كمان..
نظر لها حتى يستقبل كل ما لديها حتى يجد سبباً جيداً يجعله يتوقف عن حبها...
عاصم: ليه؟ عشان حبيتك صح؟؟
سارة: لا مش بس عشان حبيتني.. عشان حبيتني و فضلت ساكت و كاتم في قلبك كل المدة دي و انا مستنياك تقول كلمة ولا تلمح حتى.. يا غبي.
عاصم: قصدك ايه؟؟
سارة(قضبت بين حاجبيها بغضب مفتعل): لا كدة كتير.. انا اروح انام احسن.
و قبل أن تتحرك مسكها عاصم من ذراعها بقوة لم تؤلمها و لكنها أظهرت مقدار حبه لها.. ثم وقف أمامها بأمل ولد من جديد....
عاصم: سارة ماتلعبيش بأعصابي ابوس ايدك.. انتي قصدك ايه..
سارة: قصدي اني استنيتك كتير تقولي الكلمتين دول.. مستنياك بقالي كتير عشان تقول انك بتحبني.. كنت هاموت و انا في المستشفى عشان اعرف ايه اللي كان مغيرك اوي كدة معايا.
كنت ببقى عايزاك تكلم اي حد او حد يكلمك بس عشان اسمع صوتك اللي كان واحشني.. كنا نهزر و نضحك انا و آسر و هدى و انت حتى مابتكلفش نفسك تضحك معانا.
عاصم: من خوفي عليكي.. الرعب اللي حسيته لما لقيت رجلك مزرقة و جسمك مولع نار عمري ما حسيته في حياتي قبل كدة..
ماكنتش ناوي اتكلم.. ماكنتش عمري هاقول اني بحبك.. كنت هادفن حبي جوة قلبي لأخر عمري ولا كنت هقولك اي حاجة.
سارة (بنبرة عميقة جادة): ليه.. ليه يا عاصم ؟
عاصم(بتردد): يعني مش عارفة ليه؟ آسر ماقلكيش حاجة ولا هدى حتى قالتلك انا طلقت عبير ليه..
سارة: و هو آسر هايقولي ايه.. ولا حتى هدى قالتلي حاجة عن موضوع طلاقك دة خالص.
عاصم: غريبة..
سارة: هي ايه اللي غريبة.. و ايه اللي كان المفروض يقولو لي عليه.
عاصم(بتلعثم): بعدين.. بعدين.. مش مهم دلوقتي.. هاقولك كل حاجة في وقتها.. المهم دلوقتي اني بحبك.. و انتي؟؟
سارة(اطرقت رأسها بخجل): انا ايه؟؟
عاصم: سارة ارحميني.
سارة: طيب عايزة اشوفك الاول..
عاصم(بحزن): على عيني.. لو بأيدي مش هاتأخر لحظة واحدة.. حتى لو هاديكي عنيا ماتغلاش عليكي ابدا.
سارة: يعني ممكن اشوفك.. تسمحلي اشوفك.
عاصم: مش فاهم يا سارة.. قصدك ايه؟؟
ابتسمت سارة بحب ثم رفعت يدها لتتحسس وجهه لمدة طويلة برقة ليس لها مثيل.. ظلت تتحس وجهه بحب و شوق... جبهته العريضة.. حاجبيه الكثيفين.. عينيه التي تمنت بشدة أن تراهما و تعرف لونهما.
أنفه المستقيم و المدقوق بعناية.. شفتيه الغليظتين اللتان يسمعاها الكثير من الحديث سواء العصبي أو اللين.. و بعد انتهت و وصلت إلى لحيته النامية التي تغطي ذقنه فقال بهمس ملتاع...
عاصم(بلوعة الحب): ارحميني يا سارة.
سارة: كان نفسي اشوفك الاول قبل ما اقولها.
عاصم: تقولي ايه.
سارة: اني.. اني بحبك يا عاصم.
استطاع بصعوبة تصديق ما سمعته أذنيه و بعد برهة احتضنها بسعادة غامرة يشعر بها لأول مرة و رفعها ليدور بها عدة مرات..
انزلها بعد برهة و ظل يتأمل وجهها بحب و عشق و راحة.. ثم جلست معاه لمدة ساعتين تقريبا حتى أصر على أن تذهب إلى غرفتها حتى تستريح..
و لكن لم يزورهما النوم في تلك الليلة مطلقاً..
فلا يزور النوم المحبين..
ياترى هدى هاتوافق على طلب آسر..
و ياترى آسر حب هدى ولا لسة..
و عاصم و سارة كدة خلاص موضوعهم هاينتهي النهاية السعيدة مع آسر و هدى ولا لسة في كلام تاني.