رواية زائر الليل كاملة وحصرية بقلم دعاء سعيد
جلست ناهد فى غرفتها تنظر فى ألبوم الصور وتستعيد ذكريات حياتها الماضية والحزن يعتصرها كلما رأت صورها مع زوجها وحبيبها الذى فارق الحياة من شهرين فى حادث وتركها هى وطفليها وحيدة ..تستعيد الذكريات وتحاول ان تتغلب على حزنها لتواصل رعاية الطفلين ..فبينما كانت تتظاهر أمامهما بالقوة والتحمل الا انها كلما اختلت بنفسها فى غرفتها وخصوصاَ ليلا.... تتكالب عليها الأحزان والذكريات... هذا بالاضافة لشعورها بالقلق والخوف كلما جن عليها الليل ..فالمنزل يبعد عن المدينة ببضعة كيلومترات ولا يوجد حولهم الكثير من الجيران....فقد انتقلوا منذ خمس سنوات للعيش فى هذا المنزل بعدما اشتراه زوجها أحمد وتركا بيتهما المستَأجر...وع الرغم من قلقها من هذا المكان الا انها وافقت زوجها الذى كان يرآها فرصة لشراء هذا المنزل وخصوصا ان ثمنه كان فى استطاعته إخيرا
ولكن بعد رحيل زوجها هذا القلق والخوف أصبحا يلازماها كل ليلة .....وبينما هى جالسة غلبها النعاس ولكنها استيقظت بعد فترة قصيرة ع صوت بكاء طفلتها الصغيرة ...فاسرعت لغرفتها لتجدها محمومة...اضطربت ناهد وشعرت بالفزع ولكنها تماسكت واسرعت توقظ ابنها الأكبر مجد الذى يبلغ من العمر إحدى عشر عاما
واخبرته (((اصحى يامجد ياحبيبى بسرعة ...)))
اجابها وهو يفرك عينيه (((خير ياماما..بتصحينى ليه؟؟؟)))
قالت. (((اختك كارلا تعبانة اوى ولازم نوديها حالا المستشفى..))) فنهض مع أمه وجلس مع شقيقته التى تبلغ من العمر خمسة أعوام حتى انتهت أمه من ارتداء ثيابها ..
ثم خرجوا من المنزل واستقلوا سيارتهم ولكن عندما أرادت ناهد ان تدير المحرك لم تعمل السيارة....ازداد اضطراب ناهد فى هذا الوقت المتأخر وطفلتها محمومة والسيارة لاتعمل ولا توجد وسائل مواصلات أخرى فى هذا الوقت وهذا المكان...وبينما تعصف الأفكار برأسها وصوت بكاء طفلتها وتسأؤلات ابنها وهى مشتتة لاتدرى ماذا تعمل وكيف تاصرف...فوجأَت برجل يطرق لها ع الشباك ...ويسألها ..
(((محتاجة اى مساعدة يا مدام...؟؟؟))) اجابته بنبرة مخنوقة..(((بنتى تعبانة وعايزة اوديها المستشفى والعربية مبتشتغلش. ))) قال لها ..(((افتحى الكابوت واول ما اقولك دورى تدورى ..)))وبالفعل بعد بضع دقائق سمعت صوته وهو يخبرها ..(((دورى المحرك كده ))) فلما حاولت ناهد وجدت العربية بدأت تعمل.. ..فنزلت لتشكره ولكنها لم تجده ....تعجبت من سرعة اختفائه.... ولكن ماكان يشغلها هو حالة طفلتها المريضة ..فانطلقت بالسيارة إلى المستشفى
وبالفعل فحص الأطباء الطفلة ووصفوا لها العلاج وطمأنوا ناهد ..ثم عادت بطفليها للمنزل ويراودها سؤال عن هذا الرجل الذى ظهر فجأة واختفى فجأة كأنه شبح فى الظلام ...أو ملاك حارس أرسله لها الله فى الوقت المناسب...
بعدما عادت للمنزل وأنامت طفلتها فى سريرها واطمأنت ع حالتها ..عادت لتستريح فى غرفتها من إرهاق الليلة ..فالقت بنفسها ع السرير من شدة الإرهاق ولم تشعر الا عندما انتصف النهار وبدأت الشمس تتسلل لغرفتها وتداعب وجهها ...استيقظت من نومها ولكنها فوجأت بأن الغطاء كان عليها ..ع الرغم من انها تذكر انها نامت دون أن تضع غطاء عليها ..تعجبت فى البداية ولكنها عندما سمعت صوت طفلتها ...أسرعت لغرفتها لتطمئن عليها..فوجدتها تحسنت ..ووجدت بجوارها كوب فارغ يبدو أنه كان به مشروبا ..فذهبت لغرفة ابنها مجد فوجدته قد غادر لمدرسته..فأعتقدت انه اعد لاخته مشروبا ساخنا قبل مغادرته ...فتبسمت قائلة.....(((اخيرا يامجد هتشيل معايا المسئولية.، صحيح اللى خلف مامتش ..))) وتذكرت حنية زوجها عليها عندما كانت تمرض هى او اى من الطفلين ...ثم غادرت غرفة ابنتها وذهبت لتعد الغداء ...وما ان استيقظت طفلتها حتى نادت عليها ..فاسرعت إليها وأخذت تحضنها وتقبلها وتخبرها ..(((قلقتينا عليكى امبارح ..بس الحمد لله بقيتى احسن يا كارلا..))) ثم أكملت (((خليكى بنوتة شطورة ..انا هعمل الغدا وانتى خليكى فى اوضتك تلعبى بالعابك ))) أجابت الطفلة ..((روحى انتى ياماما انا هلعب مع عمو..))) تبسمت الام لابنتها واعتقدت ان عمو هو صديق الطفلة الخيالى مثل بقية الأطفال...
وما ان جاء مجد من المدرسة ..حتى طلبت منه أمه ان يبدل ملابسه ويأتي لغرفة الطعام...
وجلس ثلاثتهم ع المائدة وبدأت ناهد تتحدث مع مجد وتساله عن يومه بالمدرسة وهو يجيب باقتضاب...فارادت امه تجتذبه أكثر للحديث ..فبدأت بمدحه ع شجاعته بالأمس وتحمله المسئولية..وهو يبتسم ع استحياء ويستحسن المدح ..فاكملت الام فى الثناء عليه لاعداده المشروب لاخته قبل ذهابه للمدرسة ....
فاجابها وقد تجمدت ابتسامته ع وجهه..(((بس انا معملتش اى مشروب لكارلا قبل مااروح المدرسة.... )))...
وهنا قطعت كارلا حديث امها ومجد قائلة..((ده مش مجد يا ماما .....ده عمو هو اللى عمل لى الينسون الصبح...)))
وهنا اتسعت عينى ناهد التى بدأت ضربات قلبها تتزايد ونظرت لكارلا محدّقة ..((( عمو مين ......؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟))
الثاني من هنا