رواية وله في ظلامها حياة كاملة وحصرية بقلم دينا احمد
لفصل الاول
"بداية جديدة"
في منطقة راقية لا يسكنها إلاّ ذوي الطبقة العالية و تحديداً في قصر عائلة النجدي يجلس كبير العائلة رأفت النجدي ذلك الرجل صاحب الشخصية الصارمة الذي يهابه الجميع يضرب الأرض بالعصا الخاصة به وهو يزمجر بغضب ليهتف بصوته الاجش:
- البنات اللي فوق دول هيستمروا في اللعب كدا كتير ولا إيه؟!
ليقول حازم و هو يضع يده على موضع قلبه بطريقة درامية
-الله يا بابا خلي قلبك ابيض و سيب حبي تفرح براحتها
لينظر له رأفت عاقداً حاجباه وهو يقول بحنق
- انت يالا قاعد هنا ليه من دلوقتي ... عايزك تسلم على مراد و تطير ولا أنت عجباك اصوات البنات
ليكمل قائلاً:
- معرفش كان تفكيري فين لما قررت الاتنين المجانين يتجوزا
تصنع حازم العبس وهو يقول:
- جرا ايه يا حج انتوا جايبيني عشان تهزقوني ولا إيه؟! وبعدين انت بتتكلم عن المدام بتاعتي
اقتربت منه فرح لتهمس في أذنه:
- اشتري كرامتك يا حازم عشان برستيجك أنت و المدام بتاعتك هينزل الأرض دلوقتي
زم حازم شفتيه بامتعاض وهو ينظر لوالده الذي يضرب الأرض بغضب ليقول بصرامة:
- فاتن ... اطلعي لـ بنتك و خليها تتهد شوية هي و البنات اللي معاها مراد زمانه على وصول و اكيد هيكون عايز يرتاح
أومأت له فاتن بتوتر لتذهب سريعاً إلى الأعلى لمصدر تلك الضوضاء لتفتح باب الغرفة ثم وضعت يدها في خصرها و هي تهز رأسها في يأس من تلك الفتاة التي ترقص و تتمايل ببراعة بجسدها الممشوق المثير في ذلك الرداء الاسود القصير الذي ترتديه و تجتمع الفتيات الاخري حولها و يرقصون و يغنون بسعادة كبيرة لتقترب فاتن من نورا ثم ضربتها بخفة على كتفها لتسحبها نورا و ياسمين من يدها لكي ترقص معهم لترفض فاتن بشدة وهي تصيح بـ نورا قائلة:
- يا بنتي تعبتي قلبي ما تتهدي شوية ... عمك معه حق لما قال إنك مجنونة زي حازم بتاعك ده ... تعالي انزلي تحت عشان حبيب القلب بتاعك موجود و مراد هيوصل
لتقول نورا بمرح:
-يعني زومي تحت لا بقي انا لازم انزل و...
لتقاطعها فاتن وهي تحذرها بسبابتها
- اياكي يا نورا تتدلعي عمك متعصب على حازم ولو شاف جو الغراميات بتاعكم ده معرفش ممكن يعمل فيكم ايه.
لتضرب نورا الأرض بقدمها بحنق طفولي و تنهدت فاتن وهي تنظر لأبنتها التي وأخيراً ارتسمت السعادة في حياتها بعد معاناة لتدعوا ربها أن يديم السعاده في قلبها دائماً ثم غادرت الغرفة.. أما في الأسفل فجاء إتصال مفاجئ لـ حازم فتركهم و دخل إلي المكتب حتي لا يسمعه أحد.
______________________________________
جاءت سيارة فارهة بسائق شاب لأستقبال مراد ليقول السائق بابتسامة ترحاب:
- حمد لله على السلامه يا مراد بيه.
ليجيبه مراد ببرود
- الله يسلمك يا سعد.
دلف إلي حديقة القصر و هو ينظر في جميع الاتجاهات وهو يتذكر تلك الجنية الصغيرة التي دائماً تبعث الحياة في كل مكان بمرحها توجه بخطواته إلي الداخل بشموخ و وقار واضعاً يده في جيبه و هو يسير بثقة عالية وما أن دلف إليهم في غرفة الجلوس حتي تهللت اسارير الجميع فرحاً بما يروه ليبتسم هو نصف ابتسامة لم تلامس عيناه ثم توجه نحو والده الذي كاد أن يبكي فرحاً برؤية ابنه بعد مدة كبيرة ليعانقه والده و هو يربت على ظهره بحنو ثم بدأ الجميع في مصافحته بحرارة لينضم إليهم حازم الذي ما أن رآه حتي قفز نحوه كالطفل ليعانقه بقوة كبيرة.
صاح حازم بعد أن أبتعد عنه
- ايه يا كبير ملكش أهل تسأل عليهم ولا إيه؟.
هم مراد للتحدث ولكن صدح صوت اغنية 'بنت الجيران' في أرجاء المكان ليعقد مراد حاجباه في استغراب.
أما رأفت فغضب أكثر عندما بدأت الفتيات بالغناء بصوت واحد مع الأغنية.
( بهوايـا انتي قاعدة معايا ... عينيكي ليا مراية ... يا جمال مراية العين ... خليكـي لو هتمشي اناديكي انتي ليا انا ليكي احنا الاتنين قاطعيـن... )
ليقول رأفت بصرامة وهو يقف:
- انا بقي اللي هطلع للمجنونة دي
ليوقفه حازم قائلاً:
- أهدي يا حج الله يخليك و سيبني انا هطلع اجيبها تهزقها براحتك.
ليقول له رأفت وهو يرمقه بغضب رافعاً أحدي حاجباه:
- اخرس يا آخرة صبري... تطلع تجيبها ولا تلعب معها برضوا.
ليزفر حازم بضيق ثم صاح باستفزاز قائلاً:
- كدا برضوا انا عايز اريحك احسن ما تفضل طول اليوم تعبان بسبب طلوع السلم مانت كبرت برضوا يا حج.
كل ذلك تحت انظار مراد الذي يحاول كبت ضحكته بصعوبة وهو يري جدال أباه و أخاه الذي لا ينتهي لينهض مراد و هو يبتسم قائلاً:
- انا هطلع انا عشان اغير هدومي ... شكلها متعرفش اني جيت لحد دلوقتي.
ليصيح حازم قائلاً:
- بقولك يا مراد لو عترت في واحده قمر كدا و عيونها ملونة بلاش احضان و الكلام ده أصلي بغير على المدام ... كفاية كلامها عنك.
ظهرت ابتسامة على ثغره و سار للصعود إلى الأعلى وفي نفس الوقت كانت تركض نورا خارج الغرفة و تركض ورائها يارا بغضب عندما بدأت نورا في مشاكستها و فجأة تعثرت قدم نورا وكادت أن تسقط من السلم ولكن جسد صلب منعها من السقوط حتي سقطت في حضنه نظر إليها مراد وهي مغمضة عيناها و تتمسك بذراعه بقوة ليتفحص كل إنش في وجهها و شعر وكأنه مغيب عن الواقع بملامحها شديدة الجمال و النعومة... وفجأة بدأت بفتح عيناها ببطئ ليلعن تحت أنفاسه بخشونة من تلك الخضراوتين!! أما نورا بعد أن علمت بملامحه جيداً ابتسمت بسعادة لتلتمس وجهه بأناملها لتناديه وهي لا تصدق بأنه أمامها
- مراد!!.
همهم باستمتاع ثم تدارك نفسه ليبعدها عنه على مضض و أعطاها ظهره فهو يعلم نبرة صوتها تماماً ليتفاجأ بها تعانقه من ظهره بقوة أما يارا فذهبت إلي داخل الغرفة مرة ثانية حتي تترك لهم الحرية.
التفت إليها مراد وهي متمسكة به بقوة ليقول بصوت خافت وهو يعانقها
- وحشتيني اوي يا نوري.
مسد على شعرها باشتياق لتشهق هي خجلاً عندما تذكرت ما ترتديه لتبتعد عنه بتوتر شديد لتقول بتعثلم:
- اللبس ... اااا ... هروح اغير.
ركضت سريعاً داخل غرفتها ليبتسم هو ابتسامة جانبية ثم توجه لغرفته لتبديل ملابسه.
______________________________________
جلست ناهد والدة يارا في حديقة الفيلا واضعة قدماً فوق الاخري بغرور و ترافقها امرأة أخري (منال) يبدو عليها الهيبة و الجمال رغم تقدم عمرها فهي في منتصف الخمسينات ولكن ملامحها و ملابسها تجعلها في ريعان شبابها و كذلك ناهد التي تُعتبر نسخة من يارا ابنتها
لتقول منال بحيره:
- عاصم ابني غلبني والله يا ناهد مفيش بنت عجباه ولا عايز يتجوز ... تقريباً عرضت عليه نص بنات البلد و هو رافض.
ابتسمت لها ناهد وهي تفكر أن تُريها ابنتها فمن لا تريد عاصم المنياوي زوجاً لها لتقول بخبث وهي تري ابنتها تدلف إلي الحديقة:
- معلشي يا منال ... سليم ابني غلبني معاه هو كمان.
ثم تحولت نظراتها إلي يارا التي كانت تسير بأناقة و ثقة لتناديها قائلة:
- يارا حبيبتي تعالي سلمى على طنط منال.
تأففت يارا لتتجه إليهم على مضض أما منال فكانت تنظر لها بتقييم و إعجاب بالغ لتصافحها بابتسامة واسعة فستأذنت يارا منهم و توجهت للداخل لتنظر منال إلي طيفها بإعجاب لتهتف بابتسامة:
- هي دي يا ناهد!! لازم عاصم يشوفها في اقرب وقت.
ابتسمت ناهد بخبث و قد تحقق مرادها لتقول:
- تنورونا في أي وقت يا حبيبتي.
لتبادلها منال الابتسامة و بداخلها تتراقص فرحاً لأن يارا تلك تشبه حبيبة ابنها السابقة إلي حد كبير و بالتأكيد لن يستطيع رفضها.
______________________________________
في مكان آخر تحديداً في فيلا عائلة كامل فتحت تلك الخضراوتين بتثاقل، و سرعان ما ابتسمت بسعادة عندما تذكرت مجيء حبيبها مرة ثانية، و سرعان ما عبست مرة ثانية عندما تذكرت أنه من المستحيل أن يبادلها شعورها وهو قد قرر عدم الزواج مرة أخرى بعد وفاة شقيقتها لتزم شفتيها بضيق بسبب تمسكه بشقيقتها بهذه الطريقة وكأنها الفتاة الوحيدة في العالم ولكن ليست ديما من تستسلم للأمر الواقع بل ستحرق الأرض بما عليها لتحصل على حبيبها حتي لو تطلب الأمر منها الكثير ... ابتسمت بخبث وهي تفكر في خطتها للتقرب منه عازمة على أن تجعله زوجاً لها في اقرب وقت ليس حباً فقط و أنما للاستيلاء على أمواله الطائلة التي لو أسرفت بها طوال العمر لن تنتهي.
_____________________________________________
اجتمع الجميع على طاولة الطعام عدا نورا و فاتن، ثواني و هبطت نورا برفقة والدتها وهي تبتسم بمرح الجميع ينظر لهم و بداخله الكثير.
حازم الذي ينظر إلى نورا و تفاصيلها بابتسامة بلهاء
مراد الذي يتنهد بحرارة وهو يتذكر لقاءه بها
اسماعيل الذي ينظر إلى فاتن بإعجاب لم يستطيع اخفاءه طوال السنوات الماضية
نسرين و قسمت الذين ينظرون إليهم بحقد و غل شديد
رأفت الذي يتمني أن تدوم السعادة في حياة ابنة أخاه
الجميع يدور في داخله الكثير حول فاتن و ابنتها.
جلست نورا بجانب مراد بابتسامة عريضة فبادلها الابتسامة وهو ينظر لها ليعقد حازم حاجباه في ضيق ثم نظر لها بعبوس لتبتسم له بخفة ثم وضعت قدمها فوق قدمه من اسفل الطاولة و سحبتها مرة ثانية ليبتسم لها بخبث ليضع قدمه على قدم مراد ظناً بأنها قدم نورا فنظر له مراد رافعاً أحدي حاجباه فوجده ينظر إلى نورا و الابتسامة تعلو ثغره ففهم مراد ما يفعله ليضغط على قدمه بقوة و عنف فصرخ حازم متأوهاً من الألم.
نظر له الجميع باستغراب و تسائل ليقول رأفت بصرامة:
- جرا ايه يا عيل بتصرخ كدا ليه؟!
ليزمجر حازم بضيق ثم قال وهو ينظر إلي مراد الذي ينظر له بتحدي:
- أبداً يا بابا بس حسيت بشد عضلي
ليقول مراد بنبرة ذات مغزى:
- اجمد يا عريس
صاح اسماعيل وهو يوجه حديثه إلي مراد:
- وانت يا مراد ناوي تستقر هنا ولا هتسافر تاني؟
ليجيبه مراد بجمود:
- ايوا هسافر في اقل من شهر هرجع تاني بس عايز اتابع صفقة مهمة هنا...
نظر له الجميع بأسي وقد اعتقدوا أنه سوف يُقيم هنا مرة ثانية فتنهد والده بحزن ليقول:
- مراد عايزك في مكتبي بعد الأكل
قالها ليومأ له مراد فتركهم رأفت و غادر المكان وهو يفكر في طريقة كي يجعل مراد لا يسافر مرة ثانية.
هتفت نسرين بدلال قائلة:
- حازم لو هتمشي دلوقتي ممكن توصلني معك؟ اصل لطفي السواق واخد اجازة انهارده.
أومأ لها حازم بالايجاب ثم صدح رنين هاتفه ليبتعد عن طاولة الطعام و ذهب بعيداً عنهم ليرد بتوجس قائلاً:
- انا مش قولتلك متتصلش بيا وانا في البيت يا غبي.
= الله ... انت اللي أتاخرت بس عايز اقولك اني مجهز سهرة إنما ايه بس متنساش الفلوس.
- تمام مسافة السكة هكون عندك.
= سلام يا زميل.
اغلق مصطفي الاتصال و على ثغره ابتسامة شيطانية.
وفي نفس الوقت ذهب حازم مع نسرين لتوصيلها و اتجه إلي الشركة حتي يجلب الأموال.
______________________________________
في مكان آخر يجلس رجل على أحدي الكراسي واضعاً قدماً فوق الاخري بغرور رن هاتفه ليبتسم بغرور ثم أجاب:
- اتصالك وراه معلومة جديدة.
ليجيب الطرف الآخر:
= بس كله بفلوسه يا باشا.
- فلوسك هتوصل و زيادة كمان.
= مراد وصل مصر النهارده والمفروض عشان فرح اخوه و هيعمل صفقة كبيرة و مهمة اوي كمان و مستنين أوامرك عشان انفذ
- بص انت هتعمل كل اللي هقولك عليه بالحرف الواحد....
أخبره بما يجب أن يفعل و اغلق الخط ليبتسم بشر خالص وهو يتحدث بفحيح الافعي:
- نهايتك على أيدي يا ابن رأفت
"بداية جديدة"
في منطقة راقية لا يسكنها إلاّ ذوي الطبقة العالية و تحديداً في قصر عائلة النجدي يجلس كبير العائلة رأفت النجدي ذلك الرجل صاحب الشخصية الصارمة الذي يهابه الجميع يضرب الأرض بالعصا الخاصة به وهو يزمجر بغضب ليهتف بصوته الاجش:
- البنات اللي فوق دول هيستمروا في اللعب كدا كتير ولا إيه؟!
ليقول حازم و هو يضع يده على موضع قلبه بطريقة درامية
-الله يا بابا خلي قلبك ابيض و سيب حبي تفرح براحتها
لينظر له رأفت عاقداً حاجباه وهو يقول بحنق
- انت يالا قاعد هنا ليه من دلوقتي ... عايزك تسلم على مراد و تطير ولا أنت عجباك اصوات البنات
ليكمل قائلاً:
- معرفش كان تفكيري فين لما قررت الاتنين المجانين يتجوزا
تصنع حازم العبس وهو يقول:
- جرا ايه يا حج انتوا جايبيني عشان تهزقوني ولا إيه؟! وبعدين انت بتتكلم عن المدام بتاعتي
اقتربت منه فرح لتهمس في أذنه:
- اشتري كرامتك يا حازم عشان برستيجك أنت و المدام بتاعتك هينزل الأرض دلوقتي
زم حازم شفتيه بامتعاض وهو ينظر لوالده الذي يضرب الأرض بغضب ليقول بصرامة:
- فاتن ... اطلعي لـ بنتك و خليها تتهد شوية هي و البنات اللي معاها مراد زمانه على وصول و اكيد هيكون عايز يرتاح
أومأت له فاتن بتوتر لتذهب سريعاً إلى الأعلى لمصدر تلك الضوضاء لتفتح باب الغرفة ثم وضعت يدها في خصرها و هي تهز رأسها في يأس من تلك الفتاة التي ترقص و تتمايل ببراعة بجسدها الممشوق المثير في ذلك الرداء الاسود القصير الذي ترتديه و تجتمع الفتيات الاخري حولها و يرقصون و يغنون بسعادة كبيرة لتقترب فاتن من نورا ثم ضربتها بخفة على كتفها لتسحبها نورا و ياسمين من يدها لكي ترقص معهم لترفض فاتن بشدة وهي تصيح بـ نورا قائلة:
- يا بنتي تعبتي قلبي ما تتهدي شوية ... عمك معه حق لما قال إنك مجنونة زي حازم بتاعك ده ... تعالي انزلي تحت عشان حبيب القلب بتاعك موجود و مراد هيوصل
لتقول نورا بمرح:
-يعني زومي تحت لا بقي انا لازم انزل و...
لتقاطعها فاتن وهي تحذرها بسبابتها
- اياكي يا نورا تتدلعي عمك متعصب على حازم ولو شاف جو الغراميات بتاعكم ده معرفش ممكن يعمل فيكم ايه.
لتضرب نورا الأرض بقدمها بحنق طفولي و تنهدت فاتن وهي تنظر لأبنتها التي وأخيراً ارتسمت السعادة في حياتها بعد معاناة لتدعوا ربها أن يديم السعاده في قلبها دائماً ثم غادرت الغرفة.. أما في الأسفل فجاء إتصال مفاجئ لـ حازم فتركهم و دخل إلي المكتب حتي لا يسمعه أحد.
______________________________________
جاءت سيارة فارهة بسائق شاب لأستقبال مراد ليقول السائق بابتسامة ترحاب:
- حمد لله على السلامه يا مراد بيه.
ليجيبه مراد ببرود
- الله يسلمك يا سعد.
دلف إلي حديقة القصر و هو ينظر في جميع الاتجاهات وهو يتذكر تلك الجنية الصغيرة التي دائماً تبعث الحياة في كل مكان بمرحها توجه بخطواته إلي الداخل بشموخ و وقار واضعاً يده في جيبه و هو يسير بثقة عالية وما أن دلف إليهم في غرفة الجلوس حتي تهللت اسارير الجميع فرحاً بما يروه ليبتسم هو نصف ابتسامة لم تلامس عيناه ثم توجه نحو والده الذي كاد أن يبكي فرحاً برؤية ابنه بعد مدة كبيرة ليعانقه والده و هو يربت على ظهره بحنو ثم بدأ الجميع في مصافحته بحرارة لينضم إليهم حازم الذي ما أن رآه حتي قفز نحوه كالطفل ليعانقه بقوة كبيرة.
صاح حازم بعد أن أبتعد عنه
- ايه يا كبير ملكش أهل تسأل عليهم ولا إيه؟.
هم مراد للتحدث ولكن صدح صوت اغنية 'بنت الجيران' في أرجاء المكان ليعقد مراد حاجباه في استغراب.
أما رأفت فغضب أكثر عندما بدأت الفتيات بالغناء بصوت واحد مع الأغنية.
( بهوايـا انتي قاعدة معايا ... عينيكي ليا مراية ... يا جمال مراية العين ... خليكـي لو هتمشي اناديكي انتي ليا انا ليكي احنا الاتنين قاطعيـن... )
ليقول رأفت بصرامة وهو يقف:
- انا بقي اللي هطلع للمجنونة دي
ليوقفه حازم قائلاً:
- أهدي يا حج الله يخليك و سيبني انا هطلع اجيبها تهزقها براحتك.
ليقول له رأفت وهو يرمقه بغضب رافعاً أحدي حاجباه:
- اخرس يا آخرة صبري... تطلع تجيبها ولا تلعب معها برضوا.
ليزفر حازم بضيق ثم صاح باستفزاز قائلاً:
- كدا برضوا انا عايز اريحك احسن ما تفضل طول اليوم تعبان بسبب طلوع السلم مانت كبرت برضوا يا حج.
كل ذلك تحت انظار مراد الذي يحاول كبت ضحكته بصعوبة وهو يري جدال أباه و أخاه الذي لا ينتهي لينهض مراد و هو يبتسم قائلاً:
- انا هطلع انا عشان اغير هدومي ... شكلها متعرفش اني جيت لحد دلوقتي.
ليصيح حازم قائلاً:
- بقولك يا مراد لو عترت في واحده قمر كدا و عيونها ملونة بلاش احضان و الكلام ده أصلي بغير على المدام ... كفاية كلامها عنك.
ظهرت ابتسامة على ثغره و سار للصعود إلى الأعلى وفي نفس الوقت كانت تركض نورا خارج الغرفة و تركض ورائها يارا بغضب عندما بدأت نورا في مشاكستها و فجأة تعثرت قدم نورا وكادت أن تسقط من السلم ولكن جسد صلب منعها من السقوط حتي سقطت في حضنه نظر إليها مراد وهي مغمضة عيناها و تتمسك بذراعه بقوة ليتفحص كل إنش في وجهها و شعر وكأنه مغيب عن الواقع بملامحها شديدة الجمال و النعومة... وفجأة بدأت بفتح عيناها ببطئ ليلعن تحت أنفاسه بخشونة من تلك الخضراوتين!! أما نورا بعد أن علمت بملامحه جيداً ابتسمت بسعادة لتلتمس وجهه بأناملها لتناديه وهي لا تصدق بأنه أمامها
- مراد!!.
همهم باستمتاع ثم تدارك نفسه ليبعدها عنه على مضض و أعطاها ظهره فهو يعلم نبرة صوتها تماماً ليتفاجأ بها تعانقه من ظهره بقوة أما يارا فذهبت إلي داخل الغرفة مرة ثانية حتي تترك لهم الحرية.
التفت إليها مراد وهي متمسكة به بقوة ليقول بصوت خافت وهو يعانقها
- وحشتيني اوي يا نوري.
مسد على شعرها باشتياق لتشهق هي خجلاً عندما تذكرت ما ترتديه لتبتعد عنه بتوتر شديد لتقول بتعثلم:
- اللبس ... اااا ... هروح اغير.
ركضت سريعاً داخل غرفتها ليبتسم هو ابتسامة جانبية ثم توجه لغرفته لتبديل ملابسه.
______________________________________
جلست ناهد والدة يارا في حديقة الفيلا واضعة قدماً فوق الاخري بغرور و ترافقها امرأة أخري (منال) يبدو عليها الهيبة و الجمال رغم تقدم عمرها فهي في منتصف الخمسينات ولكن ملامحها و ملابسها تجعلها في ريعان شبابها و كذلك ناهد التي تُعتبر نسخة من يارا ابنتها
لتقول منال بحيره:
- عاصم ابني غلبني والله يا ناهد مفيش بنت عجباه ولا عايز يتجوز ... تقريباً عرضت عليه نص بنات البلد و هو رافض.
ابتسمت لها ناهد وهي تفكر أن تُريها ابنتها فمن لا تريد عاصم المنياوي زوجاً لها لتقول بخبث وهي تري ابنتها تدلف إلي الحديقة:
- معلشي يا منال ... سليم ابني غلبني معاه هو كمان.
ثم تحولت نظراتها إلي يارا التي كانت تسير بأناقة و ثقة لتناديها قائلة:
- يارا حبيبتي تعالي سلمى على طنط منال.
تأففت يارا لتتجه إليهم على مضض أما منال فكانت تنظر لها بتقييم و إعجاب بالغ لتصافحها بابتسامة واسعة فستأذنت يارا منهم و توجهت للداخل لتنظر منال إلي طيفها بإعجاب لتهتف بابتسامة:
- هي دي يا ناهد!! لازم عاصم يشوفها في اقرب وقت.
ابتسمت ناهد بخبث و قد تحقق مرادها لتقول:
- تنورونا في أي وقت يا حبيبتي.
لتبادلها منال الابتسامة و بداخلها تتراقص فرحاً لأن يارا تلك تشبه حبيبة ابنها السابقة إلي حد كبير و بالتأكيد لن يستطيع رفضها.
______________________________________
في مكان آخر تحديداً في فيلا عائلة كامل فتحت تلك الخضراوتين بتثاقل، و سرعان ما ابتسمت بسعادة عندما تذكرت مجيء حبيبها مرة ثانية، و سرعان ما عبست مرة ثانية عندما تذكرت أنه من المستحيل أن يبادلها شعورها وهو قد قرر عدم الزواج مرة أخرى بعد وفاة شقيقتها لتزم شفتيها بضيق بسبب تمسكه بشقيقتها بهذه الطريقة وكأنها الفتاة الوحيدة في العالم ولكن ليست ديما من تستسلم للأمر الواقع بل ستحرق الأرض بما عليها لتحصل على حبيبها حتي لو تطلب الأمر منها الكثير ... ابتسمت بخبث وهي تفكر في خطتها للتقرب منه عازمة على أن تجعله زوجاً لها في اقرب وقت ليس حباً فقط و أنما للاستيلاء على أمواله الطائلة التي لو أسرفت بها طوال العمر لن تنتهي.
_____________________________________________
اجتمع الجميع على طاولة الطعام عدا نورا و فاتن، ثواني و هبطت نورا برفقة والدتها وهي تبتسم بمرح الجميع ينظر لهم و بداخله الكثير.
حازم الذي ينظر إلى نورا و تفاصيلها بابتسامة بلهاء
مراد الذي يتنهد بحرارة وهو يتذكر لقاءه بها
اسماعيل الذي ينظر إلى فاتن بإعجاب لم يستطيع اخفاءه طوال السنوات الماضية
نسرين و قسمت الذين ينظرون إليهم بحقد و غل شديد
رأفت الذي يتمني أن تدوم السعادة في حياة ابنة أخاه
الجميع يدور في داخله الكثير حول فاتن و ابنتها.
جلست نورا بجانب مراد بابتسامة عريضة فبادلها الابتسامة وهو ينظر لها ليعقد حازم حاجباه في ضيق ثم نظر لها بعبوس لتبتسم له بخفة ثم وضعت قدمها فوق قدمه من اسفل الطاولة و سحبتها مرة ثانية ليبتسم لها بخبث ليضع قدمه على قدم مراد ظناً بأنها قدم نورا فنظر له مراد رافعاً أحدي حاجباه فوجده ينظر إلى نورا و الابتسامة تعلو ثغره ففهم مراد ما يفعله ليضغط على قدمه بقوة و عنف فصرخ حازم متأوهاً من الألم.
نظر له الجميع باستغراب و تسائل ليقول رأفت بصرامة:
- جرا ايه يا عيل بتصرخ كدا ليه؟!
ليزمجر حازم بضيق ثم قال وهو ينظر إلي مراد الذي ينظر له بتحدي:
- أبداً يا بابا بس حسيت بشد عضلي
ليقول مراد بنبرة ذات مغزى:
- اجمد يا عريس
صاح اسماعيل وهو يوجه حديثه إلي مراد:
- وانت يا مراد ناوي تستقر هنا ولا هتسافر تاني؟
ليجيبه مراد بجمود:
- ايوا هسافر في اقل من شهر هرجع تاني بس عايز اتابع صفقة مهمة هنا...
نظر له الجميع بأسي وقد اعتقدوا أنه سوف يُقيم هنا مرة ثانية فتنهد والده بحزن ليقول:
- مراد عايزك في مكتبي بعد الأكل
قالها ليومأ له مراد فتركهم رأفت و غادر المكان وهو يفكر في طريقة كي يجعل مراد لا يسافر مرة ثانية.
هتفت نسرين بدلال قائلة:
- حازم لو هتمشي دلوقتي ممكن توصلني معك؟ اصل لطفي السواق واخد اجازة انهارده.
أومأ لها حازم بالايجاب ثم صدح رنين هاتفه ليبتعد عن طاولة الطعام و ذهب بعيداً عنهم ليرد بتوجس قائلاً:
- انا مش قولتلك متتصلش بيا وانا في البيت يا غبي.
= الله ... انت اللي أتاخرت بس عايز اقولك اني مجهز سهرة إنما ايه بس متنساش الفلوس.
- تمام مسافة السكة هكون عندك.
= سلام يا زميل.
اغلق مصطفي الاتصال و على ثغره ابتسامة شيطانية.
وفي نفس الوقت ذهب حازم مع نسرين لتوصيلها و اتجه إلي الشركة حتي يجلب الأموال.
______________________________________
في مكان آخر يجلس رجل على أحدي الكراسي واضعاً قدماً فوق الاخري بغرور رن هاتفه ليبتسم بغرور ثم أجاب:
- اتصالك وراه معلومة جديدة.
ليجيب الطرف الآخر:
= بس كله بفلوسه يا باشا.
- فلوسك هتوصل و زيادة كمان.
= مراد وصل مصر النهارده والمفروض عشان فرح اخوه و هيعمل صفقة كبيرة و مهمة اوي كمان و مستنين أوامرك عشان انفذ
- بص انت هتعمل كل اللي هقولك عليه بالحرف الواحد....
أخبره بما يجب أن يفعل و اغلق الخط ليبتسم بشر خالص وهو يتحدث بفحيح الافعي:
- نهايتك على أيدي يا ابن رأفت