رواية قطة في عرين الاسد الفصل السابع 7 بقلم مني سلامة
الحلقة ( 7 )
- دى صور بوكى يا بنتى .. صورى آنى وهو وعمك "عثمان" وعمتك "صباح" وعمك" ياسين" الله يرحمه ويحسن اليه
تطلعت "مريم" الى الصور وقد أغرورقت عيناها بالعبرات وهى تتطلع الى صورة والدها وعائلته .. كانت تنظر صور والدها بشوق ولهفة .. تساقطت عبراتها الصامته .. لم يتحمل "عبد الرحمن" أكثر فضمها بشدة الى صدره وهو يردد :
- بنت ولدى .. ما عاد سيبك واصل .. احنا اهلك يا بنتى .. احنا منك وانتى منينا .. وحشتينى كتير .. دورت عليكي كتير .. على ولاد الغالى .. والحمدلله لجيتك .. الحمد لله .. الحمد لله
رغم العبرات التى كانت تتساقط من عينيها وشهقات بكائها الصغيرة التى خرجت منها رغماً عنها .. إلا أنها وجدت ابتسامة صغيرة وقد رسمت على شفتيها وأخذت تتمسك بيديها بملابس هذا الرجل الذى يعانقها .. تشبثت به وكأنها تخشى أن يتركها .. كالغريق الذى يتعلق بطوق نجاته .. لكم افتقدت هذا الحضن الحانى .. حضن عائلتها التى فقدتها منذ سنوات .. وذاقت بعدهم مرارة الوحدة واليتم والحرمان .. وها هو الله الآن قد رزقها بعائلة والدها .. لتعوضها عن فقدان عائلتهــا .. ولتخرجها من وحدتها القاتلــة المميتـــة .
دلف ثلاثتهم الى داخل البيت .. رحبت "مريم" بهم بحماس قائله :
- اتفلضوا .. اتفضلوا
جلس جدها وعمها فى حجرة الصالون وأخذا يتطلعان الى الشقة المتواضعة وأثاثها المتواضع .. استأذنتهم ودخلت المطبخ لتعد لهم الشاى .. لم تشعر بنفسها إلا وهى تسجد شكراً لله على أرض المطبخ .. تشكره لأنها أخيراً ستشعر أنها وسط عائلة كأى فتاة أخرى .. لها عم وجد وعمه .. يا ما أحلى ذلك .. أخذت تتسائل تُرى هل جدتها على قيد الحياة .. هل لدى عمها وعمتها أطفال .. هل سيرحب الجميع بها .. لكم تتمنى رؤيتهم جميعاً .. والتعرف عليهم .. عادت بلهفة حاملة أقداح الشاى وقدمتها اليهما .. جذبها جدها من يدها وأجلسها جواره قائلا :
- تعالى يا بنت الغالى ..اجعدى جمبى اهنه .. حاسس انى شامم فيكي ريحة المرحوم "خيري"
ابتسمت له وجذبها الى حضنه وقبل رأسها .. ابتسمت فى سعادة .. رفعت رأسها وقالت :
- أنا لسه مش مصدقة .. حسه انى بحلم .. أنا فرحانه أوى .. فرحانه أوى انكوا جيتوا وانكوا دورتوا عليا
قال "عبد الرحمن" بتأثر :
- من يوم ما عرفت بموت أبوكى وأنا عم دور على ولاده .. والحمد لله لجيتك يا بنتى .. الحمد لله
قال "عثمان" مستفهماً :
- انتى عايشه لحالك اهنه
نظرت اليه وابتسمت بخجل قائله :
- أيوة عايشة لوحدى
شعرت فوراً بالألفة مع جدها .. لكنها كانت متوجسه خيفه من عمها .. ربما لتعبيراته الجامدة التى تظهر على ملامح وجهه .. ربما لو ابتسم لها لذاب الجليد قليلاً .. نظرت الى جدها قائله :
- أنا هقوم أحضر العشا
قال "عثمان" :
- لا نبجى ناكل فى البيت ان شاء الله .. يلا لمى خلجاتك عشان تيجي معانا
نظرت اليه "مريم" بدهشة وشعرت بالإضطراب قائله :
- آجى معاكوا فين
قال "عثمان" :
- تيجي معانا البلد .. النجع .. بيت أهل أبوكى
بدت عليها الحيرة فقال "عبد الرحمن" :
- مش معجول نسيبك عايشه اهنه لحالك يا بنتى .. انتى مهما كان بنت وصغيرة والدنيا معدتش أمان
ارتطمت عيناه بالدبلة فى أصابع يدها اليمنى فابتسم قائلاً :
- انتى مخطوبة يا بنتى ؟
نظرت "مريم" الى دبلتها ولمستها بأصابعها بحزن وقالت بصوت خافت :
- مكتوب كتابى
اتسعت ابتسامة جدها وقال :
- ما شاء الله .. خلاص كلمى جوزك ييجى عشان نتعرف عليه ويتعرف علينا عشان يعرف انك ليكى أهل وعزوة
ترقرقت العبرات فى عينيها وقالت بصوت مرتجف :
- هو .. ميت
ظهر الحزن على وجه جدها وقد شعر بالحزن الذى بداخلها .. قال "عثمان" :
- وليه لابسه دبلته .. مات الله يرحمه .. لازمن تجلعيها للناس تفتكرك مخطوبه
تضايقت من طلب عمها .. لكنها تمالكت "مريم" نفسها وأخفت حزنها وضيقها سريعاً .. وابتسمت قائله :
- هو تيته موجودة .. يعني عايشه ؟
قال "عبد الرحمن" بإستغراب :
- تيته .. تيته مين ؟
قال "عثمان" :
- تجصد أماى يا بوى .. اييوه عايشه
ابتسمت بسعادة وقالت :
- نفسي أشوفها أوى .. بابا الله يرحمه كان بيحكيلى عنها كتير
ربت "عبد الرحمن" على ظهرها قائلاً:
- وهى كمان نفسها تشوفك كتير .. هى مستنيانا .. يلا جومى يا بنتى جهزى حالك
قالت "مريم" بتردد :
- بس مش هينفع آجى كده مرة واحدة .. يعني أنا عندى شغل .. ومش عارفه .. مكنتش متخيلة أبداً انى هفارق البيت ده
قال "عثمان" بحده :
- عيزانا نسيبك لحالك اهنه ولا اييه .. ليه عيلتك مفيهاش راجل ولا اييه
قالت "مريم" بسرعة :
- لأ مش قصدى يا عمو .. بس أنا أقصد ان فى مصالح ناس فى ايدي .. يعنى فى الشغل .. ومينفعش أمشى كده فجأة من غير معرف حد .. وكمان معرفش أنا طول عمرى عايشه هنا .. معرفش عمرى ما روحت فى مكان تانى غير هنا
قال "عبد الرحمن" وقد شعر بالحيرة والتوتر داخلها :
- طيب يا بنتى .. هجولك على اجتراح وان شاء الله يعجبك
التفتت اليه قائله :
- اتفضل يا جدو
- بصى يا بنتى .. هنسيبك اهنه اسبوع .. تفكرى منيح .. وتعرفى صاحب الشغل انك هتمشى .. عشان بردك مصالح الناس اللى فى يدك متتعطلش .. وبعدين تيجي تعيشي حدانا شهر .. وتشوفى هترتاحى حدانا ولا ترجعى اهنه تانى
قال "عثمان" بحده :
- كيف يعني ترجع اهنه تانى يا بوى .. كيف تجول اكده
قال "عبد الرحمن" بصرامة بصوت مرتفع :
- مالك صالح يا "عثمان" .. الحكى بينى وبينها لا تتدخل واصل
سكت "عثمان" على مضد .. التفت "عبد الرحمن" الى "مريم" وقال بحنان :
- ايه جولك يا بنتى
ابتسمت "مريم" قائله :
- ماشى يا جدو موافقه
ابتسم "عبد الرحمن" وأخذها فى حضنه قائلاً :
- ربنا يبارك فيكي يا بنتى ويكملك بعجلك
نظرت اليه قائله :
- بلاش تروحوا النهاردة يا جدو .. خليكوا بايتين هنا النهاردة .. أوضة بابا وماما الله يرحمهم فاضيه .. وأنا بنضفها على طول .. باتوا فيها النهاردة
ابتسم "عبد الرحمن" قائلاً :
- ماشى يا بنتى .. كيف ما بدك
قالت له "مريم" بحماس :
- احكيلى عن المكان اللى عايشين فيه يا جدو
أخذ "عبد الرحمن" يحدثها عن بلدهم وبعض من عاداتهم وهى تستمع اليه وعلى ثغرها ابتسامه وفى عينها فرحه غابت عنها طويلاً .. قالت له عندما انتهى من حديث :
- أنا فرحانة أوى انى هعيش معاكوا هناك
قال "عبد الرحمن" وعلى ملامحه الجديه :
- قبل أى حاجه لازمن تعرفى الأول حكاية التار اللى كان على أبوكى الله يرحمه لعيلة "المنفلوطى"
قالت "مريم" بهدوء :
- عارفه يا جدو
- عارفه ايه بالظبط يا بنتى ؟
- بابا الله يرحمه قالى ان فى حد عندكوا اتقتل وهما اتهمومها فى بابا الله يرحمه .. وعشان كده هرب من بلده وجه القاهرة .. بس هو معملش كده .. مش هو اللى قتل الراجل اللى مات
سألها "عبد الرحمن" :
- مجالكيش حاجه تانى
- لأ قالى كده بس .. وأصلا مكنش بيحب يتكلم فى الموضوع ده
أومأ "عبد الرحمن" برأسه قائلاً :
- فعلاً محدش فينا بيحب يتكلم فى الموضوع ده .. بس لازمن تعرفى شئ .. محدش يعرف ان أبوكى مات .. لأن لو عيلة "المنفلوطى" خبرت انه مات وان معندوش الا بنت .. يبجى هياخدوا بتارهم من عمك "عثمان" يا بنتى .. وعشان اكده خبر موت أبوكى ما هيخرجش من عيلتنا .. كلياتهم عارفين انه هربان بره الصعيد .. لكن محدش يعرف انه مات الله يرحمه .. فهمتى يا بنتى ؟
أومأت "مريم" برأسها وقد شعرت ببعض الخوف .. ثم ما لبثت أن تناست خوفها وذكريات ماضى والدها .. و قامت "مريم" وحضرت العشاء لجدها وعمها .. ارتدت عباءة وشعرت بالخجل من الكشف عن شعرها بالرغم من أنهم محارمها .. كانت تشعر بالراحه مع جدها وكأنها تعرفه من زمان .. لكن خجلها الأكبر كان من "عثمان" الذى بدا جامداً فلم تستطع الشعور بالألفة تجاهه
قضت "مريم" ليلتها وهى تشعر بالراحة والأمان .. لأول مرة منذ سنوات تشعر بالأمان وهى فى بيتها .. تشعر بأنها ليست بمفردها .. كانت من فرط سعادتها لا تستطيع النوم .. كلما سمعت صوتاً فى الخارج ابتسمت .. ياه لكم تفتقد العيش مع غيرها .. لكم تفتقد أن تسمع فى البيت أصوات وحركات غير صوت جهاز التلفاز .. أصوات آدمية تعيش معها وتتحدث معها .. قامت على آذان الفجر .. خرجت لكى تتوضأ فوجدت جدها وعمها وقد استيقظا .. ابتسمت لهما قائله :
- صباح الخير
ابتسم "عبد الرحمن" قائلاً :
- صباح الخير يا بنتى
قال "عثمان" :
- صباح الخير يا بنت خوى
قال "عبد الرحمن" :
- سمعنا صوت مسجد جريب من اهنه
قالت "مريم" شارحه :
- أيوة يا جدو .. حضرتك انزل من العمار امشى شوية يمين هتلاقى المسجد
- طيب يا بنتى هننزل نصلى ونرجعلك
أومأت برأسها وأغلقت الباب خلفهما .. صلت الفجر وجلست تقرأ وردها .. سمعت صوت جرس الباب .. شعرت بالخوف لأول وهله .. ثم مالبثت أن تذكرت جدها وعمها .. ابتسمت بحزن وهى تحاول أن تتذكر متى آخر مرة سمعت فيها صوت هذا الجرس .. فتحت لهما وأدخلتهما .. قال "عثمان" :
- احنا هنمشى يا بنت خوى
قالت "مريم" بحزن :
- دلوقتى .. طيب نفطر سوا
قال "عبد الرحمن" بحزن :
- معلش يا بنتى بس جالنا تليفون ان جدتك بعافيه شويه
قالت بقلق :
- ليه مالها
- مفيش شوية تعب .. وكمان لينا مصالح هناك .. مينفعش نتأخر عليها واصل .. آنى كنت فاكر اننا هنرجع امبارح
شعرت "مريم" بالأسى .. جذها جدها الى حضنه قائلاً :
- هو اسبوع واحد زى ما اتفجنا وهنيجى ناخدك .. ماشى
أومأت برأسها قائله :
- ماشى يا جدو
آلمها رحيلهما سريعاً .. كانت تتمنى بقائهما فترة أطول .. طلبت من جدها ترك الصور معها .. جلست على فراشها وهى تتطلع الى صور أفراد العائله وهى مبتسمه وفرحه .. مضى وقت طويل لم تشعر فيه بهذه البهجة .. ذهبت الى عملها والابتسامه باديه على محياها وحيت "مى" و "سهى" قائله :
- السلام عليكم .. ازيكوا يا بنات
قالت "مى" :
- وعليكم السلام ازيك يا "مريم"
قالت "سهى " :
- الحمدلله ازيك انتى
قالت مبتسمه :
- كويسة الحمد لله
قالت لها "مى" وهى تتمعن فى النظر اليها :
- خير .. شكلك مبسوط
قالت "مريم" بسعادة :
- جدا يا "مى" جدا
صاحت "سهى" :
- ايه اتخطبتى ؟
نظرت اليها "مريم" وبدا وكأنها سمعت حديث يضايقها .. فقالت بضيق :
- لأ
مطت "سهى" شفتيها قائله :
- أمال ايه اللى يفرح غير كده
قالت "مريم" بسعادة :
- امبارح زارنى جدى وعمى
قالت "مى" بدهشة :
- جدك وعمك !
قالت "مريم" بابتسامه واسعة :
- أيوة وليا كمان عمه وجده
هتفت "مى" بسعادة :
- بجد ولا تهزرى
- أيوة بجد
- ما شاء الله .. أخيراً عرفتى طريق أهلك
ضحكت بسعادة :
- ومش كده وبس .. عايزينى أروح أعيش معاهم كمان
قالت "مى" بدهشة :
- تعيشي معاهم فين ؟
- فى الصعيد
شهقت "سهى" قائله :
- الصعيد .. بتهرجى يا "مريم"
قالت "مريم" بهدوء :
- لأ مش بهرج .. دول كمان كانوا عايزنى أسافر معاهم امبارح .. بس أنا مرضتش أسافر بسرعة كدة
قامت "مى" من مكتبها وجلست أمام "مريم" قائله :
- بتتكملى بجد .. يعني فعلاً هتسافرى الصعيد
قالت "مريم" بحيرة :
- مش عارفه يا "مى" حسه انى متلخبطه .. بس كل اللى أعرفه انى ليا أهل ومش عايزه أبعد عنهم .. أنا تعبت أوى من العيشه لوحدى يا "مى" .. أنا حبه أكون وسطيهم .. حبه أعيش معاهم .. بس هى فكرة الصعيد دى اللى مخوفانى .. أنا مش عارفه نظام حياتهم ازاى .. وهعرف أعيش معاهم ولا لأ .. ومش عارفه أصلا هما كلهم هيتقبلونى وسطيهم ويحبونى ولا لأ .. خايفه أوى .. وعشان كده جدو قالى أجرب شهر .. ولو ارتحت خلاص أفضل عايشه معاهم .. ولو مرتحتش أرجع القاهرة تانى
قالت "سهى" بسخريه :
- وانتى فكرك هيسيبوكى ترجعى القاهرة .. أكيد لأ طبعا .. مش هيخلوكى ترجعى تعيشي لوحدك .. دول صعايده يا بنتى يعني بيغيروا على بناتهم موت
تنهدت "مريم" قائله بحيره :
- أنا استخرت ربنا .. وراضيه باللى يختارهولى
قالت "مى" بأسى :
- على الرغم من انى فرحانه انك أخيراً عرفتى أهلك وقابلتيهم بس اضايقت أوى لما عرفت انك ممكن تسافرى ومترجعيش تانى
ابتسمت "مريم" قائله :
- عارفه يا "مى" انتى هتوحشيني أوى أوى بس حتى لو سافرت أكيد هاجى هنا كل فترة .. وبعدين هيكون بينا تليفونات ان شاء الله
قالت "سهى" مبتسمه :
- ربنا يسعدك يا "مريم" انتى طيبه وتستاهلى كل خير
توجهت "مريم" الى مكتب "عماد" لكى تخبره بأمر سفرها وتركها للعمل قال بوجوم :
- بصراحة أنا مضايق جداً انى هخسر واحدة زيك يا "مريم" .. انتى أفضل ديزاينر عندى فى الشركة
ابتسمت قائله :
- متشكره يا أستاذ "عماد" ..بس فى كتير زمايلى هنا موهوبين أكتر منى
قال بجديه :
- لما أقولك انك أفضل ديزاينر يبأه بقول الحقيقة ومش بجاملك
صمت قليلاً وبدا عليه التفكير ثم قال :
- طيب يا "مريم" أنا عندى اقتراح .. ايه رأيك تستمرى فى العمل فى الشركة حتى وانتى مسافره
قالت "مريم" بدهشة :
- ازاى ؟
ابتسم "عماد" قائلاً :
- عن طريق الانترنت .. هنتواصل معاكى ونبعتلك الأوردرز المطلوبة وانتى تنفذيها وتبعتيها على الميل ومرتبك يوصلك عن طريق البنك
ابتسمت "مريم" وقد شعرت بسعادة غامرة لأنها لن تضطر الى ترك عملها الذى تعشقه .. قالت بسعادة :
- بجد متشكرة جداً يا أستاذ "عماد" .. انا فعلاَ مكنتش حبه أبداً أسيب شغلى لانى بحب شغلى أوى .. ومش متخيله انى ممكن أبعد عنه
قال "عماد" بسعادة :
- خلاص اتفقنا .. وربنا يوفقك فى حياتك يا "مريم" انتى مش بس ديزاينر ممتاز .. لأ وعلى المستوى الشخصى بنت ممتازة كمان
أطرقت رأسها بخجل وقالت لخفوت :
- شكراً يا أستاذ "عماد" .. بعد اذنك
خرجت "مريم" من مكتبه وقلبها يقفز فرحاً .. ستعيش وسط عائلتها وفى نفس الوقت ستستمر فى عملها بالشركة .
********************************
جلس "عبد الرحمن" على المائدة مع زوجته و"عثمان" و "صباح" .. قالت زوجته بلهفه :
- شكلها ايه يا حاج
ابتسم "عبد الرحمن" قائلاً :
- حلوة وصغيره بس سفيفه جوى شكلها مبتتغذاش منيح
قالت "صباح" :
- متجوزه يابوى ؟
- لا .. كان مكتوب كتابها بس جوزها مات
قالت زوجته بحسره :
- لا حول ولا جوة الا بالله .. يعني اترملت جوام جوام
قال "عبد الرحمن" :
- بس هى لساتها صغيره .. والحياة أدامها .. وان شاء الله نجوزها حدا من عيلتنا واحنا أولى بلحمنا
أومأ "عثمان" برأسه قائلاً :
- اييوه يا بوى نشوفلها حدا من عيلتنا مينفعش تبجى لحالها اكده خاصه من بعد ما اترملت .. مش عايزين حدا يتكلم عليها
- ان شاء الله يا ولدى .. ان شاء الله
********************************
صاح "حامد" بحنق :
- بعتلى المحامى بتاعه عشان يفض الشراكه اللى بينى وبينه .. وكل ده عشان ايه عشان شافنى ببوس موظفه عنده .. وهو مال أهله هى كانت من بقيت عيلته
قال "سامر" بحزم :
- انت عارف كويس يا "حامد" ان "مراد" صعيدي وطبعه حامى .. يعني أكيد مش هيشوف منظر زى ده ويسكتلك
قال "حامد" بحنق :
- ده راجل متخلف .. تصور طرد البنت من الشركة .. طبعاً جبتها وشغلتها عندى فى شركتى .. ولا الحوجه لسى "مراد" خالص
قال "سامر" بضيق :
- بس مكنش يصح تقول لـ "مراد" الكلام اللى سمعته من "طارق" ده
صاح "حامد" بغضب :
- هى مش دى الحقيقة ولا ايه .. مراته سابته زى الكلب الجربان واطلقت منه وراحت اتجوزت واحد تانى .. ولما فكر يخطب تانى والبنت رحبت بيه .. أول ما عرفت ان رجله مبتوره رفضته على طول .. كدبت أنا ولا دى الحقيقة
قال "سامر" بغضب :
- انت ليه معندكش احساس كده هو ذنبه يعني .. دى حادثة قضاء وقدر .. وبعدين دى حاجه متعيبوش "مراد" راجل وشهم وصعب دلوقتى تلاقى واحد زيه
صاح "حامد" بسخريه :
- ليه ان شاء الله جايب الديب من ديله .. شكلكوا كلكوا عينه واحده
صمت "حامد" قليلاً وبدا عليه التفكير ثم قال وهو يحاول أن يكظم غيظه :
- فاكر انه لما يطردنى بره الشراكه هسكتله .. بكرة يشوف أنا هعمل فيه ايه
قال "سامر" بقلق :
- هتعمل ايه يعني يا "حامد"
نظر اليه "حامد" وقال بحزم :
- اتفرج واتعلم
شعر "سامر" بالقلق من التعبيرات الباديه على وجه "حامد" .. ونظر اليه يحاول أن يخترق عقله ليعلم فيما يفكر .. وماذا ينوى أن يفعل .. وكيف ينوى الإنتقام من "مراد"
************************************
- مش هتصدج يا "جمال ".. لجينا بنت "خيري" الله يرحمه
هتفت "صباح" بهذه العبارة وهى تلتقى بـ "جمال" سراً فى مكانهما المعتاد قال "جمال" بلهفه :
- بنت بس معندوش ولاد ؟
قالت "صباح" :
- لا معندوش ولاد .. بنت بس والبنت التانيه ماتت معاه فى الحادثه هو ومرته
أومأ "جمال" برأسه وقال وهو يمعن فى التفكير :
- يبجى اكده لو عيلة "المنفلوطى" فكروا ياخدوا بتارهم منيكم يبجى أخوكى "عثمان" هو اللى عليه الدور
قالت "صباح" بهلع :
- وايه اللى هيعرف عيلة "المنفلوطى" ان أخويا "خيري" مات وان عنديه بنت واحده
قال "جمال" وقد لمع عيناه بخبث :
- معاكى حج .. وايه اللى هيعرفهم
نفض "جمال" الأفكار من رأسه واقترب من "صباح" قائلاً :
- اشتجتلك جوى يا "صباح"
حاول تقبيلها فابتعدت قائله :
- آني مضايجه منك جوى يا "جمال" .. حسه انك مش رايد تتجوزنى
قبلها قائلاً :
- كيف تجولى اكده يا "صباح"
- أمال ليه مش بتطلبنى من أبوى يا "جمال" .. آنى خايفه حد يتجدملى .. وأبوى يوافج عليه
قال "جمال" وهو يغير الموضوع :
- لما بنت "خيري" توصل عرفيني يا "صباح"
قالت "صباح" بحده :
- وانت عايز تعرف ليه يا "جمال"
قال "جمال" بنفاذ صبر :
- عرفيني وخلاص ملكيش صالح
نهض وقال وهو يغادر :
- فتك بعافيه أنا راجع الشركة عندى شغل كتير
نظرت اليه "ًصباح" بغل وهو يبتعد .
***********************************
التف "مراد" حول طاولة الطعام مع أسرته فى أحد المطاعم الفخمة .. قالت "سارة" التى كان يبدو عليها الشرود والتفكير :
- أبيه أنا عايزة أشتغل عندك فى الشركة
نظر اليها "مراد" بدهشة قائلاً :
- تشتغلى فى الشركة
- أيوة
- تشتغلى ايه يا "سارة"
قالت بلهفه :
- أى حاجه فى المكان اللى انت تختاره
فكر "مراد" قليلاً ثم قال :
- لا يا "سارة" مش هينفع
قالت بإلحاح "
- ليه بس يا أبيه أنا هكون معاك .. وبعدين حطنى فى مكان مختلطش فيه بحد .. يعنى يكون اللى فى المكتب معايا بنات بس .. عشان خاطرى يا أبيه أنا حسه بزهق فظيع .. وبعدين هروح انا وانت سوا ونرجع سوا مش همشى لوحدى
تنهد "مراد" ثم قال :
- طيب يا "سارة" هفكر فى الموضوع وارد عليكي
قالت بحماس :
- بس عشان خاطرى مترفضش .. بجد أنا حبه أوى أشتغل فى الشركة
ابتسم قائلاً :
- خلاص سبيني أفكر
تلاقت نظرات "سارة" مع نظرات "نرمين" الى ابتسمت اليها بخبث .. فتجاهلتها "سارة" وتناولت طعامها فى صمت.. بعد قليل جاء لـ "مراد" اتصال هام فإستأذن منهم ليتحدث بالخارج .. خرج من المطعم ووقف على جانب يتحدث فى الهاتف .. ما كاد ينهى اتصاله حتى سمع سيدتان تخرجان من المطعم تقول احداهما للأخرى :
- خدتى بالك من "مراد خيري" وعيلته كانوا جوه
- أيوة شوفته صعبان عليا أوى بعد اللى حصله فى رجله
قالت الأولى فى أسى :
- وكمان مراته اللى سابته واتجوزت واحد غيره .. مسكين صعبان عليا أوى احساس صعب برده انه يحس ان مراته سابته عشان اعاقته واتجوزت واحد تانى وخاصه انه لسه متجوزش لحد دلوقتى
- طبعا يا بنتى صعب انه يلاقى واحده ترضى بيه أنا عن نفسي مرضاش أتجوز واحد أحس معاه بالنقص والناس بتبصله بشفقه وصحابي بأه يستلمونى تريقه ملقتيش الا واحد معاق
رحلت المرأتان .. دون أن تنتبها الى "مراد" الواقف فى أحد الأركان على مدخل المطعم .. شعر "مراد" بألم وغضب يغزوان قلبه وكيانه كله .. هذا ما يلاقيه من الناس إما الرفض وإما السخرية وإما الشفقه .. وثلاثتهم يكرههم كرهاً .. ولا يقبل على نفسه احداهن أبداً ..توجه الى داخل المطعم وقال لأسرته :
- يلا عشان نمشى
نظرت اليه "نرمين" قائله :
- لا يا أبيه سيبنا أعدين شويه لسه مطلبناش الحلو
صاح "مراد" فيها بغضب :
- قولت قومى حالاً
نظرت اليه أمه قائله :
- بتزعلقها ليه يا "مراد" .. خلينا أعدين شوية
نظر الى أمه قائلاً بحزم :
- أنا عايز أمشى عندى شغل .. ومش هينفع أسيبكوا لوحدكوا .. يلا قوموا معايا
نهضت الفتاتان وهما تشعران بالحنق والضيق .. شعرت والدته بأن شيئاً ما أصابه أو أن المحادثة الهاتفيه عكرت مزاجه للغايه .. أوصلهم الى المنزل دون أن يتفوه ببنت شفه .. ثم انطلق فى طريقه وهو لا يدرى وجهته .. فقط يدرى شئ واحد .. لا شئ فى هذه الدنيا يستطيع مداواة جراحه أبداً .
********************************
تعددت اللقاءات بين "خالد" و "سهى" .. كانت تخرج معه فى سيارته .. أخذها الى أماكن عده .. كانت تشعر بسعادة غامرة وهى تركب تلك السيارة الفارهه .. وتحاول الاقتراب منه أكثر فأكثر .. كانت تتمنى ألا تفترق عنه وأن توقعه فى حبها .. شعرت بأنها حققت هذا الهدف بالفعل .. فها هو "خالد" وقد أغمرها بالهدايا والفسح .. كانت تتمنى وهو يلبي .. ابتسمت لنفسها بسعادة والهواء المنعش يداعب وجهها من شباك السيارة .. مد "خالد" يده ونزع قطعة القماش الصغيره التى تسميها مجازاً حجاب .. ثم نظر اليها قائلاً :
- كده شكلك أحلى
ابتسمت له وعدلت من تصفيف شعرها وهى تنظر الى المرآة
لمس "خالد" شعرها قائلاً :
- طالما شعرك حلو كده بتخبيه ليه
ضحكت قائله :
- تعود بأه
- لأ مش عايزك تلبسيه تانى شكله وحش عليكي
ابتسمت قائله :
- بس لازم ألبسه أدام أهلى وأنا نازله من البيت .. بس أوعدك أول ما نتقابل هقلعه على طول
ابتسم قائلاً :
- ماشى يا جميل .. تحبي بأه تروحى فين النهاردة
قالت بدلع :
- اختار انت المكان
رفع حاجبه بخبث قائلاً :
- ومش هتعترضى
قالت بدلال :
- تؤ مش هعترض
بعد ربع ساعة من القيادة أوقف سيارته أمام العمارة التى يقطن فيها .. نظرت "سهى" الى العمارة بريبه ثم التفتت الى "خالد" قائله :
- مش ده بيتك
ابتسم قائلاً :
- أيوة يا حبيبتى
أوقف السيارة ونزل منها والتف حولها وفتح لها الباب .. نزلت وبدا عليها التردد ثم قالت :
- طيب مينفعش نروح مكان تانى
ابتسم لها قائلا :
- انتى خايفه منى ولا ايه
قالت بسرعة :
- لأ طبعا بس خايفة يعنى ان حد يشوفنا
جذبها من يدها قائلاً :
- محدش هنا يعرفك .. ولو عليا فمحدش له حاجه عندى
صعدت معه وهى تشعر بخفقات قلبها المتسارعه .. عاد الصوت بداخلها يخبرها بأنها تفعل شيئاً خاطئاً وبأنها تمادت كثيراً وتنازلاتها تكبر يوماً بعد يوم .. لكنها أسكتت هذا الصوت كالمعتاد وقالت له "أنا مش هعمل حاجه غلط مجرد زيارة صغيرة وهنزل على طول أنا كبيرة وعاقلة وأقدر أحافظ على نفسي كويس " .. دخلت الى البيت وهى متوتره قليلاً .. فضلت الجلوس فى الشرفة عاد اليها وقدم لها كأساً فقالت بدهشة :
- بالنهار كده
ضحك قائلاً :
- وفيها ايه يعني هى الخمرة ليها وقت محدد
قالت بقلق :
- لا بلاش مش عايزه
ابتسم قائلاً :
- خلاص براحتك
نظر اليها قائلاً :
- انتى ليه متوتره كده
- بصراحة أصل دى أول مرة أروح بيت واحد
- ما انتى جيتي هنا قبل كده
قالت بسرعة :
- بس يومها كان فى حفلة بس النهاردة مفيش غيري
اقترب منها قائلاً :
- ماهو حلاوتها ان مفيش غيرك
ابعدته عنها قائله :
- "خالد" انت عايز منى ايه بالظبط
لمعت عيناه قائلاً :
- لسه مفهمتيش .. حبيبتى أما عايز أتجوزك
شعرك بسعادة غامرة تجتاح كيانها كله .. شعرت وكأنها لمست النجوم بيديها وحصلت على نجمة منهم .. قالت بحبور :
- بجد يا "خالد" .. بتتكلم جد .. عايز تتجوزنى بجد
ابتسم واقترب منها قائلاً:
- أيوة طبعاً يا حبيبتى .. بتكلم جد .. من يوم ما شوفتك وانتى دخلتى دماغى .. ومبقتش بتمنى غير انك تكونى ليا
اتسعت ابتسامتها .. لكنها تحطمت وتلاشت عندما سمعته يقول :
- بس هنتجوز عرفى
صمتت قليلاً تحاول استيعاب ما قال .. ثم دفعته "سهى" بعيداً عنها وقالت بغضب :
- عرفى .. انت ازاى تعرض عليا حاجه زى كده .. انت فاكرنى ايه
حاول أن يقترب منها مرة أخرى فأبعدته عنها بعنف .. صاح غاضباً :
- انتى هتترسمى عليا ولا ايه .. ما انتى كنتى عارفه من البداية ان ده هيحصل
نظرت اليه وهى غير مصدقة أذنيها فأكمل بتهكم وسخرية قائلاً :
- بقيتي بتتحججى بأى حجة عشان تجيلى المكتب ولما عزمتك على عيد ميلادى كنتى طايره من الفرح .. ورقصتى معايا يوم عيد ميلادى ومفيش حاجه قولتهالك وعارضتيني فيها حتى لما ادتلك خمره تشربيها نفذتى كلامى ورضيتي تخرجى معايا وتقبلى منى هدايا وتيجى معايا بيتي وانتى عارفه انى عايش لوحدى .. فبلاش بأه الرسم ده وطالما أنا وانتى فاهمين بعض كويس وعارفين كل واحد فينا عايز ايه من التانى يبأه خلينا حلوين مع بعض وبلاش نعكر مزاجنا بكلام ملوش لزمه
كانت تشعر بصدمة شديدة .. من كلماته التى ألقاها على مسامعها .. حاول الإقتراب مرة أخرى .. ابتعدت عنه فوراً وتوجهت الى باب البيت وخرجت مسرعه .. نزلت درجات السلم وهى تكاد لا ترى من الدموع التى تنهمر من عينيها .. أوقفت سيارة أجرة .. وأسرعت مبتعدة عن هذا المكان وهذا الشخص الذى أشعرها أنها فتاة رخيصة يمكن شرائها ببضع هدايا وبضع كلمات.
**********************************
هاهى على موعد مع خطاب آخر من خطابات "ماجد" .. فتحت الخطاب بلهفة شديدة .. لكم كانت تتمنى وجوده معها لتخبره بأمر عائلة والدها.. قرأت ما كتبه "ماجد" لها :
- زوجتى الحبيبة "مريم" .. كيف هو حالك مع الله .. لا أريد أى شئ أن يشغلكِ عن وردك وأذكارك وقيامك وفعلك للخير يا "مريم" .. أتذكرين حديثنا معاًً ودعائنا معاً بأن نلتقى أنا وأنتِ فى الجنة من بعد هذا الفراق الذى كُتب علينا .. أنا هنا لا أدرى الى أين أوصلتنى أعمالى يا "مريم" وليس لى سواكى ليهديني ما يخفف عنى حملى الثقيل .. لن أطلب منكِ شيئاً محدداً .. لا أريد سوى ما فى استطاعتكِ فعله .. من أجلى ومن أجلك .. حبيبك "ماجد"
ابتسمت "مريم" وترقرقت العبرات فى عينيها وهى تعلم جيداً ما ستقدمه له .. توجهت الى أحد الأدراج فى غرفتها وأخرجت علبه صغيره .. فتحتها وأخرجت منها القطع الذهبيه التى بها .. وفى الصباح ذهبت الى الصائغ وباعت ما بجوزتها .. أخذت المال والابتسامه على شفتيها .. توجهت الى أحد المساجد التى تم بنائها حديثاً فى شارعها .. كان مسجداً صغيراً لم يتم الإنتهاء من تشطيبه حيث توقف استكماله بسبب قلة الموارد المالية .. سألت عن صاحب المسجد وذهبت الى محله الذى يقع فى نفس الشارع .. كان شيخاً ديناً .. أعطته "مريم" ما بحوزتها من مال جمعته من بيع مصوغاتها ومصوغات والدتها و أختها .. وطلبت منه أن يقوم بتشطيب المسجد بهذا المال ويقوم بفرش المسجد وشراء المصاحف .. شكرها الرجل كثيراً ودعا لها بسعة الرزق .. كانت "مريم" تشعر بسعادة غامرة لأنها لم تتصدق عن "ماجد" فقد بل شملت صدقتها أمها وأبيها وأختها .. وتذكرت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من بنى لله مسجداً يذكر فيه اسم الله تعالى بنى الله له به بيتا في الجنة " .. دعت الله أن يتقبل الهدية التى أهدتها لأفراد عائلتها.. قال لها الرجل :
- قوليلى يا بنتى الصدقة ليكي ولا لحد متوفى
قالت "مريم" بإستغراب :
- لحد متوفى .. بس ليه حضرتك بتسأله ؟
قال الرجل مبتسماً :
- عشان يا بنتى احنا هنعمل يافته بأسماء الناس المتوفيه واللى أهلهم اتبرعوا للمسجد وهنعلقها فى المسجد عشان الناس تدعيلهم بالرحمة والمغفرة
أومأت "مريم" برأسها وأملته أسماء أبيها وأمها وأختها .. فقال الرجل بأسى :
- ربنا يرحمهم ويغفرلهم .. ماتوا مع بعض
قالت "مريم" بحزن :
- أيوة فى حادثة
نظر اليها الرجل مشفقاً وقال :
- ربنا يجعل الصدقه دى فى ميزان حسناتهم وحسناتك يا بنتى
تمتمت بخفوت :
- آمين .. ولسه فى كمان جوزى
نظر اليها الرجل بحزن بالغ وقال:
- لا حول ولا قوة الا بالله .. ربنا يعوضك يا بنتى ويصبر قلبك .. قوليلى اسمه
قالت "مريم" بحزن :
- "ماجد" ... "ماجد خيري"
يتبع
- دى صور بوكى يا بنتى .. صورى آنى وهو وعمك "عثمان" وعمتك "صباح" وعمك" ياسين" الله يرحمه ويحسن اليه
تطلعت "مريم" الى الصور وقد أغرورقت عيناها بالعبرات وهى تتطلع الى صورة والدها وعائلته .. كانت تنظر صور والدها بشوق ولهفة .. تساقطت عبراتها الصامته .. لم يتحمل "عبد الرحمن" أكثر فضمها بشدة الى صدره وهو يردد :
- بنت ولدى .. ما عاد سيبك واصل .. احنا اهلك يا بنتى .. احنا منك وانتى منينا .. وحشتينى كتير .. دورت عليكي كتير .. على ولاد الغالى .. والحمدلله لجيتك .. الحمد لله .. الحمد لله
رغم العبرات التى كانت تتساقط من عينيها وشهقات بكائها الصغيرة التى خرجت منها رغماً عنها .. إلا أنها وجدت ابتسامة صغيرة وقد رسمت على شفتيها وأخذت تتمسك بيديها بملابس هذا الرجل الذى يعانقها .. تشبثت به وكأنها تخشى أن يتركها .. كالغريق الذى يتعلق بطوق نجاته .. لكم افتقدت هذا الحضن الحانى .. حضن عائلتها التى فقدتها منذ سنوات .. وذاقت بعدهم مرارة الوحدة واليتم والحرمان .. وها هو الله الآن قد رزقها بعائلة والدها .. لتعوضها عن فقدان عائلتهــا .. ولتخرجها من وحدتها القاتلــة المميتـــة .
دلف ثلاثتهم الى داخل البيت .. رحبت "مريم" بهم بحماس قائله :
- اتفلضوا .. اتفضلوا
جلس جدها وعمها فى حجرة الصالون وأخذا يتطلعان الى الشقة المتواضعة وأثاثها المتواضع .. استأذنتهم ودخلت المطبخ لتعد لهم الشاى .. لم تشعر بنفسها إلا وهى تسجد شكراً لله على أرض المطبخ .. تشكره لأنها أخيراً ستشعر أنها وسط عائلة كأى فتاة أخرى .. لها عم وجد وعمه .. يا ما أحلى ذلك .. أخذت تتسائل تُرى هل جدتها على قيد الحياة .. هل لدى عمها وعمتها أطفال .. هل سيرحب الجميع بها .. لكم تتمنى رؤيتهم جميعاً .. والتعرف عليهم .. عادت بلهفة حاملة أقداح الشاى وقدمتها اليهما .. جذبها جدها من يدها وأجلسها جواره قائلا :
- تعالى يا بنت الغالى ..اجعدى جمبى اهنه .. حاسس انى شامم فيكي ريحة المرحوم "خيري"
ابتسمت له وجذبها الى حضنه وقبل رأسها .. ابتسمت فى سعادة .. رفعت رأسها وقالت :
- أنا لسه مش مصدقة .. حسه انى بحلم .. أنا فرحانه أوى .. فرحانه أوى انكوا جيتوا وانكوا دورتوا عليا
قال "عبد الرحمن" بتأثر :
- من يوم ما عرفت بموت أبوكى وأنا عم دور على ولاده .. والحمد لله لجيتك يا بنتى .. الحمد لله
قال "عثمان" مستفهماً :
- انتى عايشه لحالك اهنه
نظرت اليه وابتسمت بخجل قائله :
- أيوة عايشة لوحدى
شعرت فوراً بالألفة مع جدها .. لكنها كانت متوجسه خيفه من عمها .. ربما لتعبيراته الجامدة التى تظهر على ملامح وجهه .. ربما لو ابتسم لها لذاب الجليد قليلاً .. نظرت الى جدها قائله :
- أنا هقوم أحضر العشا
قال "عثمان" :
- لا نبجى ناكل فى البيت ان شاء الله .. يلا لمى خلجاتك عشان تيجي معانا
نظرت اليه "مريم" بدهشة وشعرت بالإضطراب قائله :
- آجى معاكوا فين
قال "عثمان" :
- تيجي معانا البلد .. النجع .. بيت أهل أبوكى
بدت عليها الحيرة فقال "عبد الرحمن" :
- مش معجول نسيبك عايشه اهنه لحالك يا بنتى .. انتى مهما كان بنت وصغيرة والدنيا معدتش أمان
ارتطمت عيناه بالدبلة فى أصابع يدها اليمنى فابتسم قائلاً :
- انتى مخطوبة يا بنتى ؟
نظرت "مريم" الى دبلتها ولمستها بأصابعها بحزن وقالت بصوت خافت :
- مكتوب كتابى
اتسعت ابتسامة جدها وقال :
- ما شاء الله .. خلاص كلمى جوزك ييجى عشان نتعرف عليه ويتعرف علينا عشان يعرف انك ليكى أهل وعزوة
ترقرقت العبرات فى عينيها وقالت بصوت مرتجف :
- هو .. ميت
ظهر الحزن على وجه جدها وقد شعر بالحزن الذى بداخلها .. قال "عثمان" :
- وليه لابسه دبلته .. مات الله يرحمه .. لازمن تجلعيها للناس تفتكرك مخطوبه
تضايقت من طلب عمها .. لكنها تمالكت "مريم" نفسها وأخفت حزنها وضيقها سريعاً .. وابتسمت قائله :
- هو تيته موجودة .. يعني عايشه ؟
قال "عبد الرحمن" بإستغراب :
- تيته .. تيته مين ؟
قال "عثمان" :
- تجصد أماى يا بوى .. اييوه عايشه
ابتسمت بسعادة وقالت :
- نفسي أشوفها أوى .. بابا الله يرحمه كان بيحكيلى عنها كتير
ربت "عبد الرحمن" على ظهرها قائلاً:
- وهى كمان نفسها تشوفك كتير .. هى مستنيانا .. يلا جومى يا بنتى جهزى حالك
قالت "مريم" بتردد :
- بس مش هينفع آجى كده مرة واحدة .. يعني أنا عندى شغل .. ومش عارفه .. مكنتش متخيلة أبداً انى هفارق البيت ده
قال "عثمان" بحده :
- عيزانا نسيبك لحالك اهنه ولا اييه .. ليه عيلتك مفيهاش راجل ولا اييه
قالت "مريم" بسرعة :
- لأ مش قصدى يا عمو .. بس أنا أقصد ان فى مصالح ناس فى ايدي .. يعنى فى الشغل .. ومينفعش أمشى كده فجأة من غير معرف حد .. وكمان معرفش أنا طول عمرى عايشه هنا .. معرفش عمرى ما روحت فى مكان تانى غير هنا
قال "عبد الرحمن" وقد شعر بالحيرة والتوتر داخلها :
- طيب يا بنتى .. هجولك على اجتراح وان شاء الله يعجبك
التفتت اليه قائله :
- اتفضل يا جدو
- بصى يا بنتى .. هنسيبك اهنه اسبوع .. تفكرى منيح .. وتعرفى صاحب الشغل انك هتمشى .. عشان بردك مصالح الناس اللى فى يدك متتعطلش .. وبعدين تيجي تعيشي حدانا شهر .. وتشوفى هترتاحى حدانا ولا ترجعى اهنه تانى
قال "عثمان" بحده :
- كيف يعني ترجع اهنه تانى يا بوى .. كيف تجول اكده
قال "عبد الرحمن" بصرامة بصوت مرتفع :
- مالك صالح يا "عثمان" .. الحكى بينى وبينها لا تتدخل واصل
سكت "عثمان" على مضد .. التفت "عبد الرحمن" الى "مريم" وقال بحنان :
- ايه جولك يا بنتى
ابتسمت "مريم" قائله :
- ماشى يا جدو موافقه
ابتسم "عبد الرحمن" وأخذها فى حضنه قائلاً :
- ربنا يبارك فيكي يا بنتى ويكملك بعجلك
نظرت اليه قائله :
- بلاش تروحوا النهاردة يا جدو .. خليكوا بايتين هنا النهاردة .. أوضة بابا وماما الله يرحمهم فاضيه .. وأنا بنضفها على طول .. باتوا فيها النهاردة
ابتسم "عبد الرحمن" قائلاً :
- ماشى يا بنتى .. كيف ما بدك
قالت له "مريم" بحماس :
- احكيلى عن المكان اللى عايشين فيه يا جدو
أخذ "عبد الرحمن" يحدثها عن بلدهم وبعض من عاداتهم وهى تستمع اليه وعلى ثغرها ابتسامه وفى عينها فرحه غابت عنها طويلاً .. قالت له عندما انتهى من حديث :
- أنا فرحانة أوى انى هعيش معاكوا هناك
قال "عبد الرحمن" وعلى ملامحه الجديه :
- قبل أى حاجه لازمن تعرفى الأول حكاية التار اللى كان على أبوكى الله يرحمه لعيلة "المنفلوطى"
قالت "مريم" بهدوء :
- عارفه يا جدو
- عارفه ايه بالظبط يا بنتى ؟
- بابا الله يرحمه قالى ان فى حد عندكوا اتقتل وهما اتهمومها فى بابا الله يرحمه .. وعشان كده هرب من بلده وجه القاهرة .. بس هو معملش كده .. مش هو اللى قتل الراجل اللى مات
سألها "عبد الرحمن" :
- مجالكيش حاجه تانى
- لأ قالى كده بس .. وأصلا مكنش بيحب يتكلم فى الموضوع ده
أومأ "عبد الرحمن" برأسه قائلاً :
- فعلاً محدش فينا بيحب يتكلم فى الموضوع ده .. بس لازمن تعرفى شئ .. محدش يعرف ان أبوكى مات .. لأن لو عيلة "المنفلوطى" خبرت انه مات وان معندوش الا بنت .. يبجى هياخدوا بتارهم من عمك "عثمان" يا بنتى .. وعشان اكده خبر موت أبوكى ما هيخرجش من عيلتنا .. كلياتهم عارفين انه هربان بره الصعيد .. لكن محدش يعرف انه مات الله يرحمه .. فهمتى يا بنتى ؟
أومأت "مريم" برأسها وقد شعرت ببعض الخوف .. ثم ما لبثت أن تناست خوفها وذكريات ماضى والدها .. و قامت "مريم" وحضرت العشاء لجدها وعمها .. ارتدت عباءة وشعرت بالخجل من الكشف عن شعرها بالرغم من أنهم محارمها .. كانت تشعر بالراحه مع جدها وكأنها تعرفه من زمان .. لكن خجلها الأكبر كان من "عثمان" الذى بدا جامداً فلم تستطع الشعور بالألفة تجاهه
قضت "مريم" ليلتها وهى تشعر بالراحة والأمان .. لأول مرة منذ سنوات تشعر بالأمان وهى فى بيتها .. تشعر بأنها ليست بمفردها .. كانت من فرط سعادتها لا تستطيع النوم .. كلما سمعت صوتاً فى الخارج ابتسمت .. ياه لكم تفتقد العيش مع غيرها .. لكم تفتقد أن تسمع فى البيت أصوات وحركات غير صوت جهاز التلفاز .. أصوات آدمية تعيش معها وتتحدث معها .. قامت على آذان الفجر .. خرجت لكى تتوضأ فوجدت جدها وعمها وقد استيقظا .. ابتسمت لهما قائله :
- صباح الخير
ابتسم "عبد الرحمن" قائلاً :
- صباح الخير يا بنتى
قال "عثمان" :
- صباح الخير يا بنت خوى
قال "عبد الرحمن" :
- سمعنا صوت مسجد جريب من اهنه
قالت "مريم" شارحه :
- أيوة يا جدو .. حضرتك انزل من العمار امشى شوية يمين هتلاقى المسجد
- طيب يا بنتى هننزل نصلى ونرجعلك
أومأت برأسها وأغلقت الباب خلفهما .. صلت الفجر وجلست تقرأ وردها .. سمعت صوت جرس الباب .. شعرت بالخوف لأول وهله .. ثم مالبثت أن تذكرت جدها وعمها .. ابتسمت بحزن وهى تحاول أن تتذكر متى آخر مرة سمعت فيها صوت هذا الجرس .. فتحت لهما وأدخلتهما .. قال "عثمان" :
- احنا هنمشى يا بنت خوى
قالت "مريم" بحزن :
- دلوقتى .. طيب نفطر سوا
قال "عبد الرحمن" بحزن :
- معلش يا بنتى بس جالنا تليفون ان جدتك بعافيه شويه
قالت بقلق :
- ليه مالها
- مفيش شوية تعب .. وكمان لينا مصالح هناك .. مينفعش نتأخر عليها واصل .. آنى كنت فاكر اننا هنرجع امبارح
شعرت "مريم" بالأسى .. جذها جدها الى حضنه قائلاً :
- هو اسبوع واحد زى ما اتفجنا وهنيجى ناخدك .. ماشى
أومأت برأسها قائله :
- ماشى يا جدو
آلمها رحيلهما سريعاً .. كانت تتمنى بقائهما فترة أطول .. طلبت من جدها ترك الصور معها .. جلست على فراشها وهى تتطلع الى صور أفراد العائله وهى مبتسمه وفرحه .. مضى وقت طويل لم تشعر فيه بهذه البهجة .. ذهبت الى عملها والابتسامه باديه على محياها وحيت "مى" و "سهى" قائله :
- السلام عليكم .. ازيكوا يا بنات
قالت "مى" :
- وعليكم السلام ازيك يا "مريم"
قالت "سهى " :
- الحمدلله ازيك انتى
قالت مبتسمه :
- كويسة الحمد لله
قالت لها "مى" وهى تتمعن فى النظر اليها :
- خير .. شكلك مبسوط
قالت "مريم" بسعادة :
- جدا يا "مى" جدا
صاحت "سهى" :
- ايه اتخطبتى ؟
نظرت اليها "مريم" وبدا وكأنها سمعت حديث يضايقها .. فقالت بضيق :
- لأ
مطت "سهى" شفتيها قائله :
- أمال ايه اللى يفرح غير كده
قالت "مريم" بسعادة :
- امبارح زارنى جدى وعمى
قالت "مى" بدهشة :
- جدك وعمك !
قالت "مريم" بابتسامه واسعة :
- أيوة وليا كمان عمه وجده
هتفت "مى" بسعادة :
- بجد ولا تهزرى
- أيوة بجد
- ما شاء الله .. أخيراً عرفتى طريق أهلك
ضحكت بسعادة :
- ومش كده وبس .. عايزينى أروح أعيش معاهم كمان
قالت "مى" بدهشة :
- تعيشي معاهم فين ؟
- فى الصعيد
شهقت "سهى" قائله :
- الصعيد .. بتهرجى يا "مريم"
قالت "مريم" بهدوء :
- لأ مش بهرج .. دول كمان كانوا عايزنى أسافر معاهم امبارح .. بس أنا مرضتش أسافر بسرعة كدة
قامت "مى" من مكتبها وجلست أمام "مريم" قائله :
- بتتكملى بجد .. يعني فعلاً هتسافرى الصعيد
قالت "مريم" بحيرة :
- مش عارفه يا "مى" حسه انى متلخبطه .. بس كل اللى أعرفه انى ليا أهل ومش عايزه أبعد عنهم .. أنا تعبت أوى من العيشه لوحدى يا "مى" .. أنا حبه أكون وسطيهم .. حبه أعيش معاهم .. بس هى فكرة الصعيد دى اللى مخوفانى .. أنا مش عارفه نظام حياتهم ازاى .. وهعرف أعيش معاهم ولا لأ .. ومش عارفه أصلا هما كلهم هيتقبلونى وسطيهم ويحبونى ولا لأ .. خايفه أوى .. وعشان كده جدو قالى أجرب شهر .. ولو ارتحت خلاص أفضل عايشه معاهم .. ولو مرتحتش أرجع القاهرة تانى
قالت "سهى" بسخريه :
- وانتى فكرك هيسيبوكى ترجعى القاهرة .. أكيد لأ طبعا .. مش هيخلوكى ترجعى تعيشي لوحدك .. دول صعايده يا بنتى يعني بيغيروا على بناتهم موت
تنهدت "مريم" قائله بحيره :
- أنا استخرت ربنا .. وراضيه باللى يختارهولى
قالت "مى" بأسى :
- على الرغم من انى فرحانه انك أخيراً عرفتى أهلك وقابلتيهم بس اضايقت أوى لما عرفت انك ممكن تسافرى ومترجعيش تانى
ابتسمت "مريم" قائله :
- عارفه يا "مى" انتى هتوحشيني أوى أوى بس حتى لو سافرت أكيد هاجى هنا كل فترة .. وبعدين هيكون بينا تليفونات ان شاء الله
قالت "سهى" مبتسمه :
- ربنا يسعدك يا "مريم" انتى طيبه وتستاهلى كل خير
توجهت "مريم" الى مكتب "عماد" لكى تخبره بأمر سفرها وتركها للعمل قال بوجوم :
- بصراحة أنا مضايق جداً انى هخسر واحدة زيك يا "مريم" .. انتى أفضل ديزاينر عندى فى الشركة
ابتسمت قائله :
- متشكره يا أستاذ "عماد" ..بس فى كتير زمايلى هنا موهوبين أكتر منى
قال بجديه :
- لما أقولك انك أفضل ديزاينر يبأه بقول الحقيقة ومش بجاملك
صمت قليلاً وبدا عليه التفكير ثم قال :
- طيب يا "مريم" أنا عندى اقتراح .. ايه رأيك تستمرى فى العمل فى الشركة حتى وانتى مسافره
قالت "مريم" بدهشة :
- ازاى ؟
ابتسم "عماد" قائلاً :
- عن طريق الانترنت .. هنتواصل معاكى ونبعتلك الأوردرز المطلوبة وانتى تنفذيها وتبعتيها على الميل ومرتبك يوصلك عن طريق البنك
ابتسمت "مريم" وقد شعرت بسعادة غامرة لأنها لن تضطر الى ترك عملها الذى تعشقه .. قالت بسعادة :
- بجد متشكرة جداً يا أستاذ "عماد" .. انا فعلاَ مكنتش حبه أبداً أسيب شغلى لانى بحب شغلى أوى .. ومش متخيله انى ممكن أبعد عنه
قال "عماد" بسعادة :
- خلاص اتفقنا .. وربنا يوفقك فى حياتك يا "مريم" انتى مش بس ديزاينر ممتاز .. لأ وعلى المستوى الشخصى بنت ممتازة كمان
أطرقت رأسها بخجل وقالت لخفوت :
- شكراً يا أستاذ "عماد" .. بعد اذنك
خرجت "مريم" من مكتبه وقلبها يقفز فرحاً .. ستعيش وسط عائلتها وفى نفس الوقت ستستمر فى عملها بالشركة .
********************************
جلس "عبد الرحمن" على المائدة مع زوجته و"عثمان" و "صباح" .. قالت زوجته بلهفه :
- شكلها ايه يا حاج
ابتسم "عبد الرحمن" قائلاً :
- حلوة وصغيره بس سفيفه جوى شكلها مبتتغذاش منيح
قالت "صباح" :
- متجوزه يابوى ؟
- لا .. كان مكتوب كتابها بس جوزها مات
قالت زوجته بحسره :
- لا حول ولا جوة الا بالله .. يعني اترملت جوام جوام
قال "عبد الرحمن" :
- بس هى لساتها صغيره .. والحياة أدامها .. وان شاء الله نجوزها حدا من عيلتنا واحنا أولى بلحمنا
أومأ "عثمان" برأسه قائلاً :
- اييوه يا بوى نشوفلها حدا من عيلتنا مينفعش تبجى لحالها اكده خاصه من بعد ما اترملت .. مش عايزين حدا يتكلم عليها
- ان شاء الله يا ولدى .. ان شاء الله
********************************
صاح "حامد" بحنق :
- بعتلى المحامى بتاعه عشان يفض الشراكه اللى بينى وبينه .. وكل ده عشان ايه عشان شافنى ببوس موظفه عنده .. وهو مال أهله هى كانت من بقيت عيلته
قال "سامر" بحزم :
- انت عارف كويس يا "حامد" ان "مراد" صعيدي وطبعه حامى .. يعني أكيد مش هيشوف منظر زى ده ويسكتلك
قال "حامد" بحنق :
- ده راجل متخلف .. تصور طرد البنت من الشركة .. طبعاً جبتها وشغلتها عندى فى شركتى .. ولا الحوجه لسى "مراد" خالص
قال "سامر" بضيق :
- بس مكنش يصح تقول لـ "مراد" الكلام اللى سمعته من "طارق" ده
صاح "حامد" بغضب :
- هى مش دى الحقيقة ولا ايه .. مراته سابته زى الكلب الجربان واطلقت منه وراحت اتجوزت واحد تانى .. ولما فكر يخطب تانى والبنت رحبت بيه .. أول ما عرفت ان رجله مبتوره رفضته على طول .. كدبت أنا ولا دى الحقيقة
قال "سامر" بغضب :
- انت ليه معندكش احساس كده هو ذنبه يعني .. دى حادثة قضاء وقدر .. وبعدين دى حاجه متعيبوش "مراد" راجل وشهم وصعب دلوقتى تلاقى واحد زيه
صاح "حامد" بسخريه :
- ليه ان شاء الله جايب الديب من ديله .. شكلكوا كلكوا عينه واحده
صمت "حامد" قليلاً وبدا عليه التفكير ثم قال وهو يحاول أن يكظم غيظه :
- فاكر انه لما يطردنى بره الشراكه هسكتله .. بكرة يشوف أنا هعمل فيه ايه
قال "سامر" بقلق :
- هتعمل ايه يعني يا "حامد"
نظر اليه "حامد" وقال بحزم :
- اتفرج واتعلم
شعر "سامر" بالقلق من التعبيرات الباديه على وجه "حامد" .. ونظر اليه يحاول أن يخترق عقله ليعلم فيما يفكر .. وماذا ينوى أن يفعل .. وكيف ينوى الإنتقام من "مراد"
************************************
- مش هتصدج يا "جمال ".. لجينا بنت "خيري" الله يرحمه
هتفت "صباح" بهذه العبارة وهى تلتقى بـ "جمال" سراً فى مكانهما المعتاد قال "جمال" بلهفه :
- بنت بس معندوش ولاد ؟
قالت "صباح" :
- لا معندوش ولاد .. بنت بس والبنت التانيه ماتت معاه فى الحادثه هو ومرته
أومأ "جمال" برأسه وقال وهو يمعن فى التفكير :
- يبجى اكده لو عيلة "المنفلوطى" فكروا ياخدوا بتارهم منيكم يبجى أخوكى "عثمان" هو اللى عليه الدور
قالت "صباح" بهلع :
- وايه اللى هيعرف عيلة "المنفلوطى" ان أخويا "خيري" مات وان عنديه بنت واحده
قال "جمال" وقد لمع عيناه بخبث :
- معاكى حج .. وايه اللى هيعرفهم
نفض "جمال" الأفكار من رأسه واقترب من "صباح" قائلاً :
- اشتجتلك جوى يا "صباح"
حاول تقبيلها فابتعدت قائله :
- آني مضايجه منك جوى يا "جمال" .. حسه انك مش رايد تتجوزنى
قبلها قائلاً :
- كيف تجولى اكده يا "صباح"
- أمال ليه مش بتطلبنى من أبوى يا "جمال" .. آنى خايفه حد يتجدملى .. وأبوى يوافج عليه
قال "جمال" وهو يغير الموضوع :
- لما بنت "خيري" توصل عرفيني يا "صباح"
قالت "صباح" بحده :
- وانت عايز تعرف ليه يا "جمال"
قال "جمال" بنفاذ صبر :
- عرفيني وخلاص ملكيش صالح
نهض وقال وهو يغادر :
- فتك بعافيه أنا راجع الشركة عندى شغل كتير
نظرت اليه "ًصباح" بغل وهو يبتعد .
***********************************
التف "مراد" حول طاولة الطعام مع أسرته فى أحد المطاعم الفخمة .. قالت "سارة" التى كان يبدو عليها الشرود والتفكير :
- أبيه أنا عايزة أشتغل عندك فى الشركة
نظر اليها "مراد" بدهشة قائلاً :
- تشتغلى فى الشركة
- أيوة
- تشتغلى ايه يا "سارة"
قالت بلهفه :
- أى حاجه فى المكان اللى انت تختاره
فكر "مراد" قليلاً ثم قال :
- لا يا "سارة" مش هينفع
قالت بإلحاح "
- ليه بس يا أبيه أنا هكون معاك .. وبعدين حطنى فى مكان مختلطش فيه بحد .. يعنى يكون اللى فى المكتب معايا بنات بس .. عشان خاطرى يا أبيه أنا حسه بزهق فظيع .. وبعدين هروح انا وانت سوا ونرجع سوا مش همشى لوحدى
تنهد "مراد" ثم قال :
- طيب يا "سارة" هفكر فى الموضوع وارد عليكي
قالت بحماس :
- بس عشان خاطرى مترفضش .. بجد أنا حبه أوى أشتغل فى الشركة
ابتسم قائلاً :
- خلاص سبيني أفكر
تلاقت نظرات "سارة" مع نظرات "نرمين" الى ابتسمت اليها بخبث .. فتجاهلتها "سارة" وتناولت طعامها فى صمت.. بعد قليل جاء لـ "مراد" اتصال هام فإستأذن منهم ليتحدث بالخارج .. خرج من المطعم ووقف على جانب يتحدث فى الهاتف .. ما كاد ينهى اتصاله حتى سمع سيدتان تخرجان من المطعم تقول احداهما للأخرى :
- خدتى بالك من "مراد خيري" وعيلته كانوا جوه
- أيوة شوفته صعبان عليا أوى بعد اللى حصله فى رجله
قالت الأولى فى أسى :
- وكمان مراته اللى سابته واتجوزت واحد غيره .. مسكين صعبان عليا أوى احساس صعب برده انه يحس ان مراته سابته عشان اعاقته واتجوزت واحد تانى وخاصه انه لسه متجوزش لحد دلوقتى
- طبعا يا بنتى صعب انه يلاقى واحده ترضى بيه أنا عن نفسي مرضاش أتجوز واحد أحس معاه بالنقص والناس بتبصله بشفقه وصحابي بأه يستلمونى تريقه ملقتيش الا واحد معاق
رحلت المرأتان .. دون أن تنتبها الى "مراد" الواقف فى أحد الأركان على مدخل المطعم .. شعر "مراد" بألم وغضب يغزوان قلبه وكيانه كله .. هذا ما يلاقيه من الناس إما الرفض وإما السخرية وإما الشفقه .. وثلاثتهم يكرههم كرهاً .. ولا يقبل على نفسه احداهن أبداً ..توجه الى داخل المطعم وقال لأسرته :
- يلا عشان نمشى
نظرت اليه "نرمين" قائله :
- لا يا أبيه سيبنا أعدين شويه لسه مطلبناش الحلو
صاح "مراد" فيها بغضب :
- قولت قومى حالاً
نظرت اليه أمه قائله :
- بتزعلقها ليه يا "مراد" .. خلينا أعدين شوية
نظر الى أمه قائلاً بحزم :
- أنا عايز أمشى عندى شغل .. ومش هينفع أسيبكوا لوحدكوا .. يلا قوموا معايا
نهضت الفتاتان وهما تشعران بالحنق والضيق .. شعرت والدته بأن شيئاً ما أصابه أو أن المحادثة الهاتفيه عكرت مزاجه للغايه .. أوصلهم الى المنزل دون أن يتفوه ببنت شفه .. ثم انطلق فى طريقه وهو لا يدرى وجهته .. فقط يدرى شئ واحد .. لا شئ فى هذه الدنيا يستطيع مداواة جراحه أبداً .
********************************
تعددت اللقاءات بين "خالد" و "سهى" .. كانت تخرج معه فى سيارته .. أخذها الى أماكن عده .. كانت تشعر بسعادة غامرة وهى تركب تلك السيارة الفارهه .. وتحاول الاقتراب منه أكثر فأكثر .. كانت تتمنى ألا تفترق عنه وأن توقعه فى حبها .. شعرت بأنها حققت هذا الهدف بالفعل .. فها هو "خالد" وقد أغمرها بالهدايا والفسح .. كانت تتمنى وهو يلبي .. ابتسمت لنفسها بسعادة والهواء المنعش يداعب وجهها من شباك السيارة .. مد "خالد" يده ونزع قطعة القماش الصغيره التى تسميها مجازاً حجاب .. ثم نظر اليها قائلاً :
- كده شكلك أحلى
ابتسمت له وعدلت من تصفيف شعرها وهى تنظر الى المرآة
لمس "خالد" شعرها قائلاً :
- طالما شعرك حلو كده بتخبيه ليه
ضحكت قائله :
- تعود بأه
- لأ مش عايزك تلبسيه تانى شكله وحش عليكي
ابتسمت قائله :
- بس لازم ألبسه أدام أهلى وأنا نازله من البيت .. بس أوعدك أول ما نتقابل هقلعه على طول
ابتسم قائلاً :
- ماشى يا جميل .. تحبي بأه تروحى فين النهاردة
قالت بدلع :
- اختار انت المكان
رفع حاجبه بخبث قائلاً :
- ومش هتعترضى
قالت بدلال :
- تؤ مش هعترض
بعد ربع ساعة من القيادة أوقف سيارته أمام العمارة التى يقطن فيها .. نظرت "سهى" الى العمارة بريبه ثم التفتت الى "خالد" قائله :
- مش ده بيتك
ابتسم قائلاً :
- أيوة يا حبيبتى
أوقف السيارة ونزل منها والتف حولها وفتح لها الباب .. نزلت وبدا عليها التردد ثم قالت :
- طيب مينفعش نروح مكان تانى
ابتسم لها قائلا :
- انتى خايفه منى ولا ايه
قالت بسرعة :
- لأ طبعا بس خايفة يعنى ان حد يشوفنا
جذبها من يدها قائلاً :
- محدش هنا يعرفك .. ولو عليا فمحدش له حاجه عندى
صعدت معه وهى تشعر بخفقات قلبها المتسارعه .. عاد الصوت بداخلها يخبرها بأنها تفعل شيئاً خاطئاً وبأنها تمادت كثيراً وتنازلاتها تكبر يوماً بعد يوم .. لكنها أسكتت هذا الصوت كالمعتاد وقالت له "أنا مش هعمل حاجه غلط مجرد زيارة صغيرة وهنزل على طول أنا كبيرة وعاقلة وأقدر أحافظ على نفسي كويس " .. دخلت الى البيت وهى متوتره قليلاً .. فضلت الجلوس فى الشرفة عاد اليها وقدم لها كأساً فقالت بدهشة :
- بالنهار كده
ضحك قائلاً :
- وفيها ايه يعني هى الخمرة ليها وقت محدد
قالت بقلق :
- لا بلاش مش عايزه
ابتسم قائلاً :
- خلاص براحتك
نظر اليها قائلاً :
- انتى ليه متوتره كده
- بصراحة أصل دى أول مرة أروح بيت واحد
- ما انتى جيتي هنا قبل كده
قالت بسرعة :
- بس يومها كان فى حفلة بس النهاردة مفيش غيري
اقترب منها قائلاً :
- ماهو حلاوتها ان مفيش غيرك
ابعدته عنها قائله :
- "خالد" انت عايز منى ايه بالظبط
لمعت عيناه قائلاً :
- لسه مفهمتيش .. حبيبتى أما عايز أتجوزك
شعرك بسعادة غامرة تجتاح كيانها كله .. شعرت وكأنها لمست النجوم بيديها وحصلت على نجمة منهم .. قالت بحبور :
- بجد يا "خالد" .. بتتكلم جد .. عايز تتجوزنى بجد
ابتسم واقترب منها قائلاً:
- أيوة طبعاً يا حبيبتى .. بتكلم جد .. من يوم ما شوفتك وانتى دخلتى دماغى .. ومبقتش بتمنى غير انك تكونى ليا
اتسعت ابتسامتها .. لكنها تحطمت وتلاشت عندما سمعته يقول :
- بس هنتجوز عرفى
صمتت قليلاً تحاول استيعاب ما قال .. ثم دفعته "سهى" بعيداً عنها وقالت بغضب :
- عرفى .. انت ازاى تعرض عليا حاجه زى كده .. انت فاكرنى ايه
حاول أن يقترب منها مرة أخرى فأبعدته عنها بعنف .. صاح غاضباً :
- انتى هتترسمى عليا ولا ايه .. ما انتى كنتى عارفه من البداية ان ده هيحصل
نظرت اليه وهى غير مصدقة أذنيها فأكمل بتهكم وسخرية قائلاً :
- بقيتي بتتحججى بأى حجة عشان تجيلى المكتب ولما عزمتك على عيد ميلادى كنتى طايره من الفرح .. ورقصتى معايا يوم عيد ميلادى ومفيش حاجه قولتهالك وعارضتيني فيها حتى لما ادتلك خمره تشربيها نفذتى كلامى ورضيتي تخرجى معايا وتقبلى منى هدايا وتيجى معايا بيتي وانتى عارفه انى عايش لوحدى .. فبلاش بأه الرسم ده وطالما أنا وانتى فاهمين بعض كويس وعارفين كل واحد فينا عايز ايه من التانى يبأه خلينا حلوين مع بعض وبلاش نعكر مزاجنا بكلام ملوش لزمه
كانت تشعر بصدمة شديدة .. من كلماته التى ألقاها على مسامعها .. حاول الإقتراب مرة أخرى .. ابتعدت عنه فوراً وتوجهت الى باب البيت وخرجت مسرعه .. نزلت درجات السلم وهى تكاد لا ترى من الدموع التى تنهمر من عينيها .. أوقفت سيارة أجرة .. وأسرعت مبتعدة عن هذا المكان وهذا الشخص الذى أشعرها أنها فتاة رخيصة يمكن شرائها ببضع هدايا وبضع كلمات.
**********************************
هاهى على موعد مع خطاب آخر من خطابات "ماجد" .. فتحت الخطاب بلهفة شديدة .. لكم كانت تتمنى وجوده معها لتخبره بأمر عائلة والدها.. قرأت ما كتبه "ماجد" لها :
- زوجتى الحبيبة "مريم" .. كيف هو حالك مع الله .. لا أريد أى شئ أن يشغلكِ عن وردك وأذكارك وقيامك وفعلك للخير يا "مريم" .. أتذكرين حديثنا معاًً ودعائنا معاً بأن نلتقى أنا وأنتِ فى الجنة من بعد هذا الفراق الذى كُتب علينا .. أنا هنا لا أدرى الى أين أوصلتنى أعمالى يا "مريم" وليس لى سواكى ليهديني ما يخفف عنى حملى الثقيل .. لن أطلب منكِ شيئاً محدداً .. لا أريد سوى ما فى استطاعتكِ فعله .. من أجلى ومن أجلك .. حبيبك "ماجد"
ابتسمت "مريم" وترقرقت العبرات فى عينيها وهى تعلم جيداً ما ستقدمه له .. توجهت الى أحد الأدراج فى غرفتها وأخرجت علبه صغيره .. فتحتها وأخرجت منها القطع الذهبيه التى بها .. وفى الصباح ذهبت الى الصائغ وباعت ما بجوزتها .. أخذت المال والابتسامه على شفتيها .. توجهت الى أحد المساجد التى تم بنائها حديثاً فى شارعها .. كان مسجداً صغيراً لم يتم الإنتهاء من تشطيبه حيث توقف استكماله بسبب قلة الموارد المالية .. سألت عن صاحب المسجد وذهبت الى محله الذى يقع فى نفس الشارع .. كان شيخاً ديناً .. أعطته "مريم" ما بحوزتها من مال جمعته من بيع مصوغاتها ومصوغات والدتها و أختها .. وطلبت منه أن يقوم بتشطيب المسجد بهذا المال ويقوم بفرش المسجد وشراء المصاحف .. شكرها الرجل كثيراً ودعا لها بسعة الرزق .. كانت "مريم" تشعر بسعادة غامرة لأنها لم تتصدق عن "ماجد" فقد بل شملت صدقتها أمها وأبيها وأختها .. وتذكرت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من بنى لله مسجداً يذكر فيه اسم الله تعالى بنى الله له به بيتا في الجنة " .. دعت الله أن يتقبل الهدية التى أهدتها لأفراد عائلتها.. قال لها الرجل :
- قوليلى يا بنتى الصدقة ليكي ولا لحد متوفى
قالت "مريم" بإستغراب :
- لحد متوفى .. بس ليه حضرتك بتسأله ؟
قال الرجل مبتسماً :
- عشان يا بنتى احنا هنعمل يافته بأسماء الناس المتوفيه واللى أهلهم اتبرعوا للمسجد وهنعلقها فى المسجد عشان الناس تدعيلهم بالرحمة والمغفرة
أومأت "مريم" برأسها وأملته أسماء أبيها وأمها وأختها .. فقال الرجل بأسى :
- ربنا يرحمهم ويغفرلهم .. ماتوا مع بعض
قالت "مريم" بحزن :
- أيوة فى حادثة
نظر اليها الرجل مشفقاً وقال :
- ربنا يجعل الصدقه دى فى ميزان حسناتهم وحسناتك يا بنتى
تمتمت بخفوت :
- آمين .. ولسه فى كمان جوزى
نظر اليها الرجل بحزن بالغ وقال:
- لا حول ولا قوة الا بالله .. ربنا يعوضك يا بنتى ويصبر قلبك .. قوليلى اسمه
قالت "مريم" بحزن :
- "ماجد" ... "ماجد خيري"
يتبع