اخر الروايات

رواية غيبيات تمر بالعشق الفصل السادس 6 بقلم مروة البطراوي

رواية غيبيات تمر بالعشق الفصل السادس 6 بقلم مروة البطراوي

الحمدلله الذى بنعمته تتم الصالحات
من أنت حتى تقوم بتهديدي بهذه الطريقة الفظة المفجعة؟ أنت عبارة عن ظلام حالك سيودي بي إلى القاع. اقترابك أكثر مني هلاك محتم أنا امرأة تراني قوية ولكن حقيقة أمري ليست كذلك. أنا ضعيفة مثل القشة الهشة وأنت نواياك بي كانت واضحة وضوح العين منذ البداية، ولكنني ظللت أتجاهلها حتى وقعت أسيرة لها رغمًا عني كنت مدركة مراقبتك لي وأنت تحاول أن تخفي عني أسرارًا ولا تعلم من منا يخفي أسراره عن الآخر أتمنى أن تدرك أنني لست مناسبة لك ولمحيطك. كأنك أجنبي عني كأنك تمتلك ديانة تبطل زواجك بي يا لها من أمنية تمنتها للتو واللحظة.
جحظت بأعينها عندما اقتحم شفتيها بسلاحه الفتاك وقذف بقبلته داخل جوفها غير عابئ بردة فعلها لتحاول أن تهتف بغضب ولكنها تريثت واستخدمت معه سلاح أقوى من سلاحه ألا وهو المكر والخديعة. ترى حقًا استخدمت هذا السلاح أم أعجبتها القبلة. أغمضت عينيها كأنها تتلذذ بقبلته حتى اندهش من هدوئها واستسلامها له فتنحى عنها ينظر أمامه بشرود لتخرجه من شروده قائلة بهدوء ورقة لم يعهدهما فيها من قبل : أنت بتهددني يا زيدان ؟ وبمين بنورا ؟


ثم صمتت وهو في حالة شروده لتتنهد قائلة : علشان عارف أنها النقطة البيضا في حياتي صح؟ ليه كده يا زيدان ؟


ثم تطاولت بيدها تربت على يده لدرجة جعلته ينتفض من لمساتها قائلة برجاء : بلاش نورا أرجوك. أنا ممكن أعمل أي حاجة تطلبها مني بس محدش يقرب منها.
ظل على حالته لا يعلم هو لا يقاوم تأثير شفتيها أم لم يقاوم استسلامها ولا يعلم أنها تمكر به.
وفي لحظة شروده وضياعه وحيرته فيها بخفة ومهارة منها فتحت باب السيارة وهرعت منها وعبرت الشارع لتذهب إلى شاطيء البحر وترمي نفسها بين الأمواج والتي التقطتها بكل خفة وهو عندما أدرك ما فعلته ركض خلفها ولم يقدر على ملاحقتها لخفة وزنها وضياعه الذي تسببت فيه تلك الماكرة إلى أن وصل إلى الشاطيء وجدها في منتصف البحر تتقاذفها الأمواج وهي مستسلمة لها ومستسلمة لموتها دون مقاومة. خلع معطفه ولحسن حظه أن مقتنياته بالسيارة حتى سلاحه وهاتفه ورمى بنفسه إليها وصارع الأمواج حتى وصل إليها وهي تقاوم مساعدته وترفضها إلى أن ضرب جبهته برأسها حتى تهدأ وأخرجها إلى الشاطيء ومن حسن حظها أنهم كانوا في موسم الشتاء، فالشاطيء بدون بشر. وصل إلى الشاطيء وهو مازال يحملها محاولًا إفاقتها وهو خائف أن تكون الضربة أثرت برأسها. بات متوترًا حتى تفاجئ بها حيث صفعته على وجهه صفعه جعلته يزمجر من الغضب. قيد ذراعيها وهي تتملص منه قائلة : سيبني عايز مني ايه. مش قلت لي هخليكي تتمني الموت.
ثم صرخت بأعلى صوتها كأنها بعذاب قائلة : أهو شايف بعينك أنا عايزة أموت خلصني منك أنا مش عايزاك ولا عايزة حاجة تربطني بيكم.
جذبها بين أحضانه واحتضنها بعناية مشددًا عليها كالأب الذي يخشى فقدان ابنته مشفقًا على الحالة التي وصلت لها .جعلها تستغرب فعلته فهي لم تشعر بهذا من قبل لا مع والدها ولا قصي. فاقت من استغرابها على حمله لها على كتفيه يغطي جسدها بمعطفه لا يعلم لكي لا يراها أحد أم لخوفه عليها من البرد. عبر بها الشارع حتى وصل إلى السيارة وفتحها ثم أنزلها ببطء ووجه نظر بداخل عينيها ليرى طيات من الآلام فأغلق الباب بهدوء وارتد عائدًا إلى مكان القياده سريعا وجلس بجانبها ينظر إليها وهو يسعل من شدة البرودة متحدثًا بصوت مبحوح قائلًا : أنتِ مفكرة اللي بتعمليه ده هيحل مشاكلي؟ أبدًا أنا مشاكلي هتبتدي لو مسمعتيش كلامي. أنا عمر ما حد وقف قصادي زيك.
ثم استدار بعينيه إليها قائلًا : على الرغم إني عايزك تاخدي حقك.
أخذت تبكي وتعالى نحيبها وهو يزفر بحنق فتلك المواقف غير مناسبة له. فرفع يده على مضض وأزال شعرها المبلل من على وجهها لالتصاقه به ووضعه خلف أذنها ورفع ذقنها برقة لم يعهدها من قبل في نفسه ووضع بصرها مواجهًا لبصره لينظر إلى لمعة وبريق عينيها ويتخيل أن تلك اللمعة كانت يومًا ما لقصي ولم يرحمها ليرأف هو بها ويرق قلبه لأول مرة في حياته مشجعًا لها : مش حابة تاخدي حقك منه ؟عارفة لو العكس وكانت شذى أو سمر مكانك كان ممكن هما اللي يلجأوا لي علشان ياخدوا حقهم.


ثم ابتسم لها ابتسامة ليقنعها قائلًا : وبعدين أنا عايز أتجوزك مش أعمل فيكي حاجة مهينة.
أنزلت يده من على وجهها بعنف وزفرت بحنق لتجده يجز على أسنانه لترتعد منه مرة أخرى فأرادت استسماحه برجاء قائلة : أنا عارفة إنك مش هتعمل معايا حاجة وحشة، بس صدقني طاقتي مبقتش مستحملة أرتبط بأي واحد تاني.

ثم تنهدت بتعب قائلة : أنا خلاص كيفت أموري أني أعيش لوحدي.


ما زالت متشبثة برأيها ومحاولة إقناعها معقدة فراوغها قائلًا : وهو أنتِ مفكرة ان ارتباطنا هيبقا زي أي ارتباط على فكرة المواضيع دي مش بتفرق بالنسبة لي لما بحب أعملها بعملها.
ثم نظر إليها ببرود قائلًا : إنما أنتِ جواز مصلحة.
شعرت بسعادة طفيفة بداخلها وللأسف هو استشعر تلك السعادة عندما لمح بطرف عينيه لمعة الفرحة بعينيها. بالطبع هو غير مندهش لتلك الفرحة لأنه يعلم مدى عشقها وأملها في الرجوع لزوجها الأول. نظر أمامه بعنف وصدح صوته الجهورى قائلًا بغيظ : المفروض تكوني عرفتي إن ده قصدي من الأول. أصل أنا ليه هتجوز واحدة مطلقة وعاقر إلا لما يكون ليا مصلحة.
ليستطرد وهو يجز على أسنانه قائلًا : إني أذل وأكسر اللي حاول يستغفلني.
ليحاول تحطيم أنوثتها بإكمال كلامه وهو يلتفت ناظرًا إليها وجهًا لوجه هاتفًا برعب وغضب : كل واحد عمل معايا حاجة هردها له. حتى أمي، أمي منعت جوازي من شذى علشان مستواها أقل مني.
ليشير إليها بإهانة قائلًا : أوكيه أجبلها أنا اللي أقل منها ونشوف مين فينا اللي هيكسب.
أسقط كرامتها بكل سهولة جعلها تلتصق بمكانها غير قادرة على التفوه بأي شئ حتى مقاومتها في الحديث أخرسها بكل برود ليستكمل ببرود وعنجهية قائلًا : أناهتجوزك وهعملك مكانة في وسط المجتمع الراقي اللي كنتِ فيه في يوم من الأيام.
ليستطرد بسخرية قائلًا : بس الهلفوت اللي كنتِ متجوزاه مقدرش يعطيها ليكي.
أغمضت عينيها بمرارة وهو يرتفع بصوته لكي تكون منتبهة إليه وهو يقول : أعتقد إن أنا كده عداني العيب على الأقل يوم ما هننفصل.
استوقف حديثه عندما وجدها تتنهد براحة ليعلم أنها تنتظر لحظة الإنفصال ليبتسم بخبث ويشدد على حروف كلماته قائلًا : ويمكن ميحصلش..
لتنظر إليه بذعر ليبتسم أكثر وبشماتة واضحة في ابتسامته قائلًا : هيقولوا طليقة زيدان الجمال وهيتعملك ألف حساب.
ابتسمت ريحانة بسخرية على تعدد المسميات والألقاب والطلاق هو طلاق ليفهم مغزى ابتسامتها و يكمل بجمود قائلًا : أنا فاهم دماغك رايحة لفين إن كله طلاق. أنا معاكي.
ثم غمز بشقاوة قائلًا : ولو مش حابه بلاش. أنا بس بفهمك إنك لو اطلقتي هيبقى معاكي نص مليون جنيه والمصنع هيتكتب باسمك يوم كتب كتابنا. كل ده في حالة موافقتك.
ثم رفع سبابته بتحذير قائلًا : لكن لو رفضتي يا ريحانة. صدقيني هتفتحي على نفسك أبواب جهنم ومش في صاحبتك بس افتكري الشيك اللي أمك كتبته على نفسها واللي بقا من نصيب أمير دلوقتي.


لم تنطق ببنت شفه هي فقط ارتعشت من برودة الموقف ومن نزولها للبحر ففهم ما أصبحت عليه فانطلق مسرعًا إلى القاهرة ليوصلها للبيت بدون أن ينطق بكلمة. هبطت من السيارة ببطء ودخلت إلى البناية وهو ينظر إليها لا يعلم فيما هي عازمة أمرها بعد ذلك ولكنه اختار تركها.
سبعة أيام غابت فيها عن المصنع حاول الاتصال بها مرارًا وتكرارًا إلى أن جائه الرد من شخص آخر فتبين له أنها رمت الخط القديم واشترت خطًا آخر. من المفروض تأكده من ذلك منذ بادئ الأمر الذي يجعلها تترك المكان وتهرب يجعلها تغير خطها. ظلت طوال الأسبوع تفكر بداية تفكيرها لا تتخيلون بماذا فكرت تذكرت قبلته المجنونة مجنونة! نعم مجنونة فهو اقتحمها بكل جنون تشعر أنها لم تُقبل من قبل. لقد أسرها بهذه القبله قبلة رجل ناضج. وليست قبلة رجل يدعي حبها ومحدثًا لقبلته منها أمام الجميع. فكرت في كل ما قاله من بداية عرضه ومغرياته إلى تهديده بكل شيء جميل تمتلكه بحياتها. تذكرت أيضا ما دار بينهما بداية ظهوره داخل المعمل الذي كانت تنام به إلى البحر ومحاولة إنتحارها كمراهقه ترفض عريسًا ثريًا حتى لا تضحي بحبيبها لا يعلم أنها منذ اليوم الذي أثبت فيه قصي خسته وندالته معها وهي تود الإنتحار لتحطم قلبها وتكسير حلمها الكبير في كل شيء. لا تنسى أنها قبل رميها بنفسها في البحر ليبتلعها نظرت إلى شفافية البحر وذكرها بقلبها لماذا لا يغدر قلبها مثل البحر. لطالما البحر بالرغم من شفافيته يغدر لو كانت مثل البحر لارتاحت من هذا العناء.


أما عنه طوال السبعة أيام كان مثل الثور الهائج لا يعلم ما عليه فعله. أينفذ تهديده أم ينتظر؟ رفض دخول المصنع واعتكف في الشركة التي توجد بها سمر وبالطبع سمر لم تتركه حتى بحالات شروده. ذات يوم من كثرة دلوفها وخروجها من مكتبه. أطاح بكل شئ على المكتب لحظة دخولها للمرة الثالثة وهتف بغضب قائلًا : ايه في ايه خنقتيني. أنتِ عايزة ايه بالظبط ؟ ما تخلي عندك كرامة بقا شايفاني على أخري وبرضه مصرة تتكلمي في مواضيع تافهة.
ارتجفت من غضبه وهتفت بأسف قائلة : حقك عليا بس أنا مش بحب أشوفك مزعل نفسك وبصراحة أمير وصاني عليك وعرفني أنت متعصب من ايه وصدقني يا زيدان أنت غلطان.
جلس زيدان على كرسيه الوثير ومسح بيده على وجهه بتعب قائلًا : أنا مش غلطان يا سمر أنا حاسبها صح أوي عكسك أنتِ وأمير. أمير كل اللي يهمه المظهر العام وده اللي عاوز أهدمه للست شكران.
نظرت له بعدم تصديق ليتقدم بجسده للأمام متكئًا على سطح المكتب بمرفقيه ويسند ظهر كفيه تحت ذقنه قائلًا بهدوء : طبعا أنتِ مش مصدقة اللي بقوله، ومفكرة إني بجري وراها لنزوة بس فكري كويس كده ايه اللي في ريحانة يغريني ؟ هتلاقي ولا حاجة.
ربعت ذراعيها فوق صدرها ووقفت تهز رجليها بعنف إثر تصميمه ليندهش من عصبيتها ويهتف بسخرية قائلًا : ايه ؟ ما أنتِ معاشراها بقالك تلات سنين عمرك شفتي فيها حاجة تميزها عنك وعن غيرك ؟ وعلشان مفيش أخوكي سابها وراح لشذى مش حجة الخلف.
تضايقت سمر أكثر وفكت ذراعيها وبكل حقد وغل ردت عليه قائلة : في حاجة لازم تفكر فيها يا زيدان أي واحدة مكانها هتقبل بعرضك إنما هي لا عارف ليه ؟ لأنها لسه بتحب قصي ومش بعيد لما تتجوزها تحلى في عينيه مرة تانية، وهي بس بصه من عيون قصي بتخليها تدوب فخاف على نفسك زي ما أمير بيقول بدل ما الفضيحة تبقى فضيحتين.

ظل في حالة حرب مع نفسه يريد توفير كل وسائل الحياة السعيدة لها حتى ولو لفترة زمنية قصيرة ومع ذلك تنقم عليه لا تدري أنها بعروضه المذهلة ستنعم وستغتنم كل شيء ما عدا جزء مهم افتقدته مؤخرًا ألا وهو الحب. هي أيضًا كانت في حالة حرب من التفكير جذبتها دوامة التفكير في عرضه وتهديده كما جذبتها دوامة البحر الذي ألقت بنفسها فيه، ولكن دوامة البحر كانت وسيلة للهروب أما دوامة التفكير وسيلة للدمار. أعطاها مهلة للتفكير ولكن اختفت بدون رد فانطلق لتنفيذ تهديده دون رحمة. لا يعلم أن أبشع طلب يهين كرامة المرأة هو الزواج بالإتفاق.
أما عن سمر فقد فشلت في إقناعه كالعادة فعادت إلى بيتها محطمة، فقابلها قصي يسألها بتوجس فيما فشلت فيه قائلًا بغضب : برضه مفيش فايده صح ؟ أنا كنت عارف بس نفسي أفهم ليه ريحانة بالذات ما عنده ميت بنت مستواها الاجتماعي زفت اشمعنا هي؟
نظرت له بألم وحزن اعتصرته بقلبها لتلميحه أن زيدان يعشق ريحانة وتركته ودلفت إلى غرفتها في لحظة خروج شذى من غرفتها بعد سماعها لثورة قصي لتبتسم بسخرية قائلة : هقولك أنا اشمعنا هي..لأنها زبالة وحقيرة عرفت ازاي تاخد حق تلات سنين منك لفت ودارت وراحت اشتغلت عنده في المصنع.
عادت سمر لها مرة أخرى قائلة باستهزاء : لا يا شذى اوعي تفكري كل الناس زيك وريحانة فعلًا اشتغلت في المصنع وهي متعرفش إن زيدان صاحبه وأنا إعتراضي مش على كده إعتراضي الوحيد اني عارفة ريحانة وعارفة قد ايه هي حبت قصي وزيدان هيرجع يحط الجاز جمب البنزين من جديد وريحانة هتحن لقصي لأن قصي مش هيسيبها في حالها وفي النهاية زيدان هيخسر للمرة التانية مرة بسببك ومرة بسببها.
جز قصي على أسنانه بغضب يحقد على مدافعة شقيقته عن زيدان غير مبالية بما يشعر به ليندفع فيها قائلًا : كل ده طلعتي عارفاه يا ست سمر؟ ولما أنتِ عارفاه وخايفة على سي زيدان أوي فين دورك؟ أنت على رأي عمتى ملكيش لزمة.
عاودت شذى السخرية منه قائلة : وهو يعني أنت اللي ليك لزمة نقحت عليك كرامتك أوي لما طلبت الطلاق ؟ طالما ليك لسه تأثير عليها كنت فلحت ساعتها وخلتها على ذمتك.
نظر إليها بحقد قائلًا : أنتِ اللي دخولك حياة زيدان من الأول غلط بوظتي كل حاجة. تحديكي لعمتى خلاها تحدفك عليا ومكنش قدامي اني أعترض وضيعت أحلى حاجة في حياتي.
وجدها تلوي شفتيها بإمتعاض من حديثه وسمر تنظر إليهما باشمئزاز ليستطرد حديثه قائلًا : وحياة أحلى حاجة كانت في حياتي لأصلح كل حاجة. وترجعي للزبالة اللي كنتي فيها يا شذى وأنتِ يا سمر هنولك مرادك من زيدان .
جحظت سمر بعينيها مندهشة لوعده وتأكده من تنفيذه لتخرج من شرودها على صوت ضحكات شذى المتعالية وهي تقول غير قادرة على كتمان الضحك في صدرها : هههههه هتنول سمر مرادها من زيدان..طب تيجي ازاي دي يا قصي هو أنت مفكر زيدان زيك ؟ لااا ده زيدان ده سيد الرجالة لا سمر ولا غيرها يقدروا يوقعوه ما عدا ريحانة اللي متأكدة إنها عرفت تنصبله الفخ كويس.
ثم التفتت إلى سمر البائسة الغير مصدقة لكلماتها ونظرت لها بسخرية ودلفت إلى غرفتها نظرت سمر إلى قصي الشارد من تأثير كلمات شذى وهزت رأسها بيأس ودلفت إلى غرفتها لتجلس وتزفر بحنق متمنية رفض ريحانة لزيدان.

في الشركة ظل جالسًا والنيران تبعث بداخله لتأخرها في الرد وفجأة نهض يبحث عن مفتاح سيارته، وذهب إلى المنزل الذي تقطن فيه مع نورا صعد البناية وتمنى عدم وجود نورا بالمنزل حتى يستطع السيطرة على ريحانة لأنه يعلم جيدًا أن ريحانة تستمد منها القوة وحتى يجبرها على الزيجة عن طريق التهديد بما سيحل بنورا عند رفضها وعليها إنقاذها من براثن أمير اللعوب لحظات وسيصل إلى باب الشقة ويتم مراده يصدق أمير القول أنها لا تناسبه اطلاقا ويعلم جيدًا أن أمير يخشى عليه من تدمير نفسه عن طريقها لذلك مازال يتحدث معه حتى بعد فعلته معها ولكن عليه أن يتزوجها ويثبت لوالدته أنه الوحيد الذي يستطيع تحديد مصيره وليس هي سيجعل من ريحانة سيدة مجتمع راقية تطيح بوضع والدته. علم بمصادره الخاصه أن ريحانة لديها شقيق ولكن أين هو أمتزوج مثل شقيقته ويقيم بالخارج مبتعدًا عن هذه العائلة المفككة قام بدق جرس الباب فنهضت من فراشها وتوقعت أن نورا نست مفتاحها فتحت الباب بأعين ناعسة لتستبين الرؤية أمامها لتجده يبتسم ابتسامة خبيثة حيث كانت ترتدي بيجامة شتوية ولكن أظهرت مفاتنها ومنحنيات جسدها لتسارع بإغلاق الباب في وجهه ليضع رجله عند العتبة ويقتحمه ويدلف ويغلقه خلفه قائلًا : كنت مفكر إنك من النوع الجبان اللي لازم تعرفي مين قبل ما تفتحي بس لقيت ما شاء الله مش هامك.
ثم نظر إليها نظره مغرية وقال : حتى بتفتحي الباب بهدوم البيت طب لما هو كده رجعتي عايزة تقفلي الباب في وشي ليه ؟
نظرت له باستحقار ودلفت إلى الغرفة لتأخذ مئورًا ترتديه فوق البيجامه وربطت الحزام من المنتصف وخرجت تنظر إليه بإمتعاض ليبتسم بسخرية قائلًا : أنتِ مفكرة ان الروب ده مثلا هيداري.
لا ينكر السعادة بداخله أنها لم ترتدي أكثر منه ليمني عينيه بتفاصيلها فردد قائلًا : ماشي عموما كويس إنك اكتفيتي بيه وخرجتي بسرعة قبل ما الست نورا تصحى ويا رب ما تكون موجودة أصلًا.
هزت رأسها بيأس و زفرت بإختناق تود أن تسحقه بمكانه ليزداد عناده وتمسكه بها قائلًا : ممتاز طالما نفختي يبقا مش موجوده طبعًا أنا كان ليا عرض عندك.
واستطرد وهو يرفع حاجبيه ليعلمها أنها استهانت بعرضه : وسيادتك نفضتيلي ومخوفتيش وأنا جيت لعندك وشكلك لسه راكبة راسك. فأنا مش هجي على كرامتى أكتر من كده أولًا نورا بعون الله مش هترجع على البيت النهارده.
ثم رفع اصبعيه السبابة والوسطى قائلًا : ثانيًا الست الحلوة ماما هتشرف السجن بكرة الصبح فرصة تشوف بابكي فاتوا واحشها، ثالثًا بقا وده الأهم هعرف مكان أخوكي فين وايه حكايته وهرجعه تاني لو هو إنسان محترم هخليه يعرف يربيكي.
ثم نظر إليها بإستهانة مستكملًا حديثه قائلًا : لو هو مش تمام زي أبوكي وأمك وهربان من حاجة يبقا حلال عليه السجن.
رمى تهديداته دفعة واحدة جعلها تتسمر في مكانها لم تقدر على الحركة ولا التحدث إلى أن اتجه نحو الباب ليخرج من الشقة ليجد يد ضعيفة مرتعشة تقبض على ذراعه القوى العضلات وتتحدث بصوت مبحوح قائلة : خلاص يا زيدان أنا هتجوزك بس بلاش أرجوك لا نورا ولا أهلي.
عقد ما بين حاجبيه أيعقل أنها ما زالت تخشى على أهلها ليتفاجئ من حديثها وهي تقول : أه أنامشفتش من أهلي حاجة كويسة وأخويا نفسه معرفش إن كان كويس ولا وحش بس دول أهلي.

شرد في كلمة أهلي التي تتمسك بها رغم حقارتهم ثم أنتبه إليها ينظر إلى حالتها المميتة والمرتعدة قائلًا باطمئنان لها : متخافيش طالما موافقة كل مشاكلك هتتحل.
وأراد اراحتها أكثر فقال : حتى أخوكي هرجعه حتى لو كان عليه حكم أنا هقدر أخلصه منه. أبوكي نفسه هخرجه من السجن.
اندهشت لسطوته ووعوده التي يقولها وكادت أن تتحدث إلا أن صوت هاتفه قاطعها يعلن عن مكالمة انشق وجهه لها بابتسامة خبيثة وأصر على الرد عليها ليجد سمر تهتف بحزن قائلة : أنا عارفة إنك مش طايقني ولا طايق تسمع صوتي بس أنا لازم أعرفك حاجة إن لا شذى ولا قصي هيسكتوا عليك أنت وريحانة وقصي بالذات.
تنهد زيدان باستمتاع وهو ينظر إلى ريحانة التي تود معرفة من المتحدث إليه ليبتسم بخبث قائلًا : وماله أعلى ما في خيله يركبه يا سمر ما هي كانت معاه وملكه ده غير خمس شهور سايبين بعض.
ثم نظر إلى ريحانة بخبث وأراد أن يحاكي تلك الجملة التالية ليشعرها أنها ساقطة من حسابات قصي حيث قال : مفكرش في مرة يرن عليها ويطمن حليت في عينه دلوقتي؟
زفرت ريحانة بحنق عندما ذكر اسم قصي وسمر ليركز فيها جيدًا ويشرد في كرهها لهم لينتبه على صوت سمر وهي تقول : أنا أخويا بيحب ريحانة يا زيدان وما زال واللي هو في ده طبيعي دي كانت في يوم من الأيام مراته وأكيد ده سبب رفضها ليك حبها لقصي.
رفع حاجبيه باستمتاع أكثر قائلًا : لا رفض ايه بقا يا سمورة..احنا نولنا القبول وبإكتساح كمان.
ثم أثار غيظها أكثر وقال : يا ريتك بقا بدل ما تفكري في خيالات أخوكي المريضة تفكري معايا هنعمل الفرح فين.
أغمضت سمر عينيها بمرارة وعضت على شفتيها بألم لموافقة ريحانة.
أما عن ريحانة فقد حدقت بعينيها طويلًا وهو يتحدث عن الفرح أي فرح سيقام لها وهي مطلقة لتجده يستدير حولها ببطء ويتحدث إلى سمر بخبث قائلًا : عايز فرح يا سمر متعملش قبل كده حتى لو كلفني ملايين دي أول جوازة ليا.
ثم دنا من أذن ريحانة قائلًا : ومليش فيه لو اللي هتجوزها متجوزة قبل كده ولا لا.
هزت ريحانة رأسها بيأس عما يتفوه به وتنهدت بتعب غير قادرة على السيطرة بما يمر بها لتنزعج من جملته الأخيرة وهو يقول : مش كفاية ان أخوكي معملش ليها فرح وهي رضيت وسكتت ولما ربنا فتحها عليه برضه قفلها عليها أهو أنا بقا هعملها كل اللي نفسها فيه.
ثم تعالت ضحكاته قائلًا : أه يا سمورة يا فتانة اوعي تنسي تقولي لمامي علشان تعمل الصح مع ريحانة.
أغلق الهاتف في وجه سمر التي ازدادت غيظًا من طريقته معها أما عن ريحانة فقد شردت تتأمل حالها وما وصلت إليه لتنتبه على كلماته وهو يتنحنح قائلًا : أنا عارف إن كلامي مع سمر ضايقك بس هو مش كلام علشان أغيظها وخلاص احنا فعلا هنعمل فرح.
كادت أن تعترض ليستوقفها قائلًا : واعتراضك عليه هيبقي زي رفضك للجواز.
تضايقت ريحانة وقبضت على يدها بغضب قائلة : أنا بجد تعبت. هلاقيها منك ولا من سمر ولا من قصي ولا من والدتك اللي أكيد مش هتسكت على ارتباطنا.

ثم زفرت بحنق قائلة : ولا من أمي وأبويا وجاي كمان تقولي فرح ؟
ابتسم بسخرية قائلًا : ده حقي وحقك أنتِ كمان أعتقد اني بقدملك فرص واحدة غيرك لازم تغتنمها.
ثم استطرد بقوة قائلًا : وإن كان على الباقي اللي شايلة همهم أنا كفيل بيهم.
واستطرد حديثه : هااا لسه في حاجة تعباكي ولا كده خلاص. أصل بصراحة بدأت أتوغوش.
وقذف بعدها بجملة أراد منها أن تصعق وتقول الحقيقة التي تؤرقه : وأرجع بقا أصدق كلام سمر ولا قصي الواثق من نفسه إنك لسه بتحبيه.
تفاجئت من حديث قصي واتسعت حدقه عينيها تهتف بذهول قائلة : بحبه! ده عبيط أوي هو أنا لو كنت لسه بحبه كنت طلبت الطلاق.
واستطردت بسخرية قائلة : طب بلاش دي لما كلمني وأنا بشتغل عندك في المصنع وقالي ارجعيلي مرجعتش ليه وقفلت السكة في وشه؟
رفع كتفيه ومط شفتيه ليغيظها قائلًا : يمكن عايزة تذليه أكتر وكان عندك أمل يجيلك راكع. بس أنا اللي سبقته وعرضت العرض عليكي.
واستطرد بغيرة وخوف قائلًا : ويمكن واحنا متجوزين الشوق يناديكي.
هزت رأسها بذهول من اتهاماته وتلميحاته لتزداد غضبًا قائلة : أنا عمري ما أخون يا زيدان أنت متعرفنيش كفاية علشان تحكم عليا.
ثم رفعت أنفا بشموخ قائلة : أنا لو بعرف أخون كان فات قصي أول واحد خنته في حياتي وبعدين أنت راجل صعب تتخان.
استشعر مدى غضبها منه واستشعر حلاوة جملتها الأخيرة أنه من الصعب خيانته ولكنه صدم عندما توجهت إلى الباب وفتحته وأشارت له بالخروج. لم يتردد للحظه وخرج فورا لاحساسه بمدى تسلطه عليها خرج لتقوم بسند رأسها على الحائط تحاول تسديد ضربات لها حتى تستفيق من الحاله التي مرت بها. تتمنى الهروب من الوعي إلى اللاوعي ثم جلست تتذكر كل فعل صدر منه وكل قول تفوه به حتى خبثه وعلقته في ذاكرتها جيدًا.
هبط درجات السلم وهو يتذكر كلماتها الأخيرة عن عدم خيانتها ولكن عليه أن يعرف جيدًا ما معنى أنها لو أرادت الخيانة لخانت قصي. نظر إلى المنزل من الأسفل هو بناية عادية ولكن أفضل من منزل والدتها لما تعترض على حياته المرفهة وهي ستعيش في منزل أفضل مما عاشت في منزلها أو منزل صديقتها أو منزل قصي؟ يكفيها أنه اختارها لسببين أن يهين عقلية والدته وأن يعوضها ولكن هل من الممكن أن يصدق حس أمير أن اختياره خاطئا ؟ لا ليس خاطئًا ما الذي يتبقى منها ؟ بعد ما مرت به حطامًا مجرد حطام وعليه إزالة هذا الحطام وسيكون بسهولة لأنه يمتلك كل شئ سيارته قادته إلى النادي الذي يمتلكه أمير دلف وطلب قهوة مما أثار استغراب العامل لأن المكان للمسكرات التي تذهب العقل وتقوده للنوم ولكنه فضل القهوة لكي يستفيق من الصداع الذي عصف برأسه جلس و أمال رأسه للخلف يفكر في قرارها الذي جاء بعد التهديد ويضع كل كلمات سمر وأمير بعين الإعتبار دلف أمير لينظر إليه وإلى القهوة بنصف عين قائلًا : مالك يا زيدان بتشرب قهوة في النادي مش عوايدك يعني..هي لسه مزرجنة معاك برضه؟
أمال زيدان رأسه إلى الأمام يتنهد قائلًا : بالعكس..دي وافقت بس بعد التهديد طبعًا.
مط أمير شفتيه قائلًا : بس معتقدش ده يزعلك.أهم حاجة إنها وافقت أنت أساسًا مكنتش متوقع إنها توافق.

لمح زيدان في عيني أمير الخبث في حديثه فسأله قائلًا : قصدك ايه ؟ .أنا وأنت لجأنا للتهديد ده علشان توافق وغير كده عمرها ما كانت هتوافق وأنا واثق في كلامي.
لوى أمير شفتيه بخبث قائلًا : وماله خليك واثق. بس فتح عينك ليها يا زيدان. بصرف النظر عن المحيط اللي هي جاية منه دي واحدة حبت بإخلاص وادبحت.
زفر زيدان بحنق قائلًا : أنا مش محتاج تعرفني هي قد ايه كانت بتحبه. افتكر هي كانت مرات قريبي وكنت بشوفهم دايمًا مع بعض ومش عايز أفسر ليك كنت بشوفهم ازاي.
هز أمير رأسه بامتعاض غير راضٍ عن تصميم زيدان وخرج بحجة متابعة سير الأعمال ولكن كانت حجته الأكبر هي مهاتفة سمر. كانت سمر بحالة يرثى لها تود إخبار قصي بموافقة ريحانة ولكن بذات الوقت تخشى منه ومن اندفاعه أخرجها من هذه الحالة اتصال أمير والذي ردت عليه بلهفة ليسألها بهدوء قائلًا : بلغتك الأخبار؟ السنيورة وافقت كنتي فين من ده كله يا هانم؟
أغمضت سمر عينيها بألم قائلة : حاولت يا أمير مفيش فايدة ده لو بيحبها مش هيبقى مصمم عليها بالشكل ده بدأت أحس أن كلام شذى صح.
ابتسم أمير بسخرية قائلًا : أنتِ مش ذكية يا سمر وزي ما قالت عمتك شكران عديمة الفايدة.
جزت سمر على أسنانها قائلة : بقا كده يا أمير طب أعمل ايه؟ كل واحد فيكم من ناحية أنت وعمتى أه أنت ممكن تسهلي أموري اني أتجوزه بعدها بس عمتى لا.
رد عليها أمير بكل ثقة قائلًا : قدامك فرصة أخيرة. هقولك تعملي ايه كويس بس مش عايز غلطة فهماني؟



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close