اخر الروايات

رواية حلم الطفولة الفصل الخامس 5 بقلم نورهان ذكي

رواية حلم الطفولة الفصل الخامس 5 بقلم نورهان ذكي


جاء يوم الثلاثاء وجهزت نفسي وذهبت إلى الحفل .. لقد كان إحساسا جميلا أن أخرج من المنزل بعد فترة طويلة من العزلة ، لقد شعرت بالراحة عندما خرجت في الهواء الطلق..
وعندما وصلت القاعة وجدت المئات من الأشخاص معظمهم في نفس عمري وكذلك الكثير من أولياء الأمور من الآباء والأمهات..
تعجبت من الزحام الشديد رغم أن القاعة كانت واسعة وجميلة وصورة دينا على شاشة كبيرة وضخمة وكذلك باقي أعضاء الحفل من الطلاب الموهوبين !!
جلستُ على كرسي وأمامي منضدة ، رآني أصدقائي فأسرعوا إليَّ وسألوني عن الغياب الطويل .. فأجبتهم بأن حالتي كانت سيئة ولا تسمح بالخروج ولم أكن أقابل أي أحد كل تلك الفترة..
جلسنا سوِيًّا إلى أن صعدت سيدة إلى المسرح وبيدها ميكروفون ، فانتبه الجميع لها وعمَّ الهدوءُ المكان بأكمله .
فقالت تلك السيدة بعد مقدمة طويلة عن المواهب وتنميتها...: رحبوا معي بالطفلة المبدعة والرسامة الصغيرة " دينا أحمد " !!
ثم صفق الجميع إلا أنا !
ومع ذلك لم تسألني أي من صديقاتي عن سبب عدم تصفيقي ، فقد كانوا منشغلين بالاستماع .
دخلت دينا وصعدت إلى المسرح في سعادة شديدة ، فقالت المذيعة : فنانتنا الصغيرة تود عرض لوحة جميلة لها رسمتها بنفسها .. ثم كشفت دينا عن اللوحة ، فصدمتُ مما رأيت !
لقد أثبتت لي دينا أنها سارقة ومحتالة دون شك .. تلك اللوحة !
ل..لقد رسمتها بيديّ هاتين .. ولكن كيف يعقل هذا ؟؟!
أنا لا أصدق ما يحدث حقا !!
فقاطع أفكاري تصفيق الجمهور إلا أنا كذلك ، فقد كنت في حالة صدمة وحزن .
قالت المذيعة مبتسمة: ما هذا الإبداع ؟!! .. يالكِ من جميلة.
لوحتك رائعة جدا وتعبر عن حضارة مصر الفرعونية .. كيف استطعتي رسم الأهرامات الثلاثة وأبو الهول بهذه التفاصيل الدقيقة الجميلة ؟!
أنتِ حقًّا مبدعة !! .. أريد منك أن تخبريني وتخبري الحاضرين بقصة نجاحك وكفاحك ليستفيدوا من تجربتك .

ثم أعطتها الميكروفون وبدأت دينا بالحديث قائلة : بدأت قصتي عندما كنت طفلة صغيرة .. تعرفت علي رسام في الحديقة وعلمني الرسم خطوة بخطوة حتى أتقنته !!
لا أستطيع وصف شعورى وقتها عندما سمعت ما قالته دينا .. لو يوجد تعبير أقوى وأشد من الغضب لكنت قلته لكم !!!
الغضب كاد أن يقضي عليّ ، فقمت من مكاني فجأة بكل غضب ووقفت مكاني ثابتة ، فتعجبت صديقاتي وكذلك الجميع .. ثم صرخت بقوة وبأعلى صوت قائلة : كاااذبة .. إنها كااااذبة !!؟
فعَمَّ الصمتُ القاعة ونظر الجميع إليَّ في دهشة ، بينما بدى القلق الشديد على دينا !
فقالت لي المذيعة : من أنتِ ؟؟ .. وكيف تجرؤين على قول هذا الكلام ؟؟!
قلت لها : آسفة أنا لا أقصد شيئًا ، ولكن هل تسمحين لي بكلمة ؟؟
فقالت لي : بالطبع تفضلي .. اصعدي إلى المسرح ، فصعدتُ وشكرتها وأعطتني ميكروفونًا ووقفت بجانبها وقلت لها : لقد أردت أن أخبركم بأن الفتاة التي تقف أمامكم الآن " وأشرت إلى دينا " كااذبة !!
هي لم ترسم أيًّا من اللوحات الني اشتهرت بها بل أنا من رسمتها ..
فصرخت بوجهي المذيعة قائلة : ما هذا الكلام ؟؟! .. نحن لسنا في محكمة هنا لكي تتحدثي بهذه الطريقة ! .. هذه الفتاة رسامة مبدعة وموهوبة والحاضرون يشهدون على ذلك ، وإن كنتِ صادقة في كلامك ما الدليل عليه إذًا ؟؟
فقلت لها : أنا آسفة على طريقتي ولكني أتألم كل يوم لضياع حقي .. لقد قضيتُ سنواتٍ من عمري بأكملها أتعلم الرسم وحاولت كثيرًا لأنجح في هذا المجال وفي النهاية وبكل بساطة تخدعني صديقتي التي كانت أقرب الناس لقلبي ولم أكن أشك فيها للحظة حتى القصة التي حكتها لكم عن الرسام هي قصتي أنا " وحكيتها لهم كااملة".. ماذا فعلتُ لكل هذا ؟؟! .. ثم حكيتُ لهم قصتي مع دينا وما فعلته بلوحاتي .
حزنت المذيعة وقالت لي : آسفة يا عزيزتي لم أكن أتخيل أن الموضوع كبير لهذا الحد...أناا..
فقاطعت حديثها قائلة : لا داعي للشك في كلامي سأثبت لكم الآن صحة ما أقول .. دعونا نجري تحدي بيننا " أنا ودينا " ونرى من ستستطيع رسم تلك اللوحة " لوحة الأهرامات وأبو الهول " !!
قالت لي المذيعة في حماس : فكرة رائعة ، هيا بنا !
نظرت دينا إليّ بحزن ثم صرخت قائلة : إنها كاذبة !! .. لقد اخترعت تلك القصة لتسرق مكاني وتحظى بالشهرة مثلي .. إنها غشاشة !!

نظرت المذيعة إليها في عجب ثم قالت : ولِمِ الحيرة إذًا ؟؟! .. سيق الآن التحدي بينكما في الرسم ، ومن ترسم لوحة مطابقة لهذه اللوحة ستكون هي الرسامة الحقيقة وصاحبة القصة الصادقة ، أما الأخرى ستكون هي الكاذبة وستفضح أمام الجميع الآن .
هياا ليبدأ التحدي .. ارسماا !
وبالفعل بدأتُ في الرسم وكذلك دينا وبعد دقائق أنهيت اللوحة بنفس التفاصيل تمامًا ، ولكن دينا تأخرت كثيرًا في الرسم وكلما سألتها المذيعة هل أنهيت أم لا ؟ تجيب بلا ..!
فانزعجت المذيعة وقالت : يكفي الآن يا دينا .. انتهى الوقت ، أنتِ ترسمين منذ وقت طويل .
ثم توجهت الكاميرا نحو لوحتي وعرضتها على الشاشة أمام الجمهور فصفق لي الجميع في انبهار شديد ، وعندما رأوا لوحة دينا صدموا منها ومن رسمها الذي بدى كرسم طفل صغير لا يعرف ما يرسم !
وقالت لي المذيعة مبتسمة: حقًّا صدقتي .. أنا آسفة لقد أخطأت في حقك ، لقد ظهر الحق الآن !
أما أنتِ يا دينا فلقد خدعتِ الجميع وخنتي ثقة صديقتكِ وخسرتِ حبها لكِ .. ألهذا الحد أنتِ حقودة !؟
أين والداكي من كل هذا ؟؟!
لن أنسى يومها شكل والديها وما بدى عليهما من إحراج أمام الناس ، وعرفت أن والدها كان سيبيع لوحاتي باسم ابنته لأجل الشهرة والمال .. ولن أنسى أيضًا أن أغلب زميلاتي اعتذرن لي بعد الحفل عن سوء فهمهم لي وتصديقهم لدينا لأنهم لم يروا لوحاتي من قبل ، وكل ما كانوا يعرفونه هوا أنني أجيد الرسم فقط .
قامت المذيعة بتكريمة ذلك اليوم وكذلك مؤسسي الحفل وأعطوني درعًا زجاجيًّا ، ولوحة صغيرة وجميلة وأدوات رسم جديدة ومنحوني لقب الرسامة الصغيرة .
قلبي لم يسع فرحتي ذلك اليوم .. كان أسعد أيام حياتي ، لقد تعلمت الكثير من تلك التجربة واستفدت منها ..
عدت للمنزل ذلك اليوم وأنا سعيدة للغاية وأخبرت والداي وإخوتي ففرحوا كثيرًا وخصوصا بعد تحسن حالتي منذ ذلك اليوم ..
أصبحت رسامة مشهورة كما تمنيت ، وعدت للرسم في الحديقة كما كنت أفعل وقت فراغي أرسم الأطفال وأجعلهم سعداء .
وكانت تلك الفترة من أسعد فترات حياتي .. ولكن للأسف السعادة لا تدوم !!
ذات يوم..
عاد والدي من عمله مبكرا فتعجبنا جميعا وخصوصا امي بعدما رأته حزينا والحزن يغمر وجهه فسألته عن السبب وما به ؟؟!
فقال : هناك أعداءٌ للعم سمير ويبدوا أنهم غاضبون بشدة ولا أدري لماذاا؟؟!
نظرت إلى أبي في عجب وقلت له : من يا أبي؟؟.. ومن أخبرك بهذا ؟؟!
قال لي في ذهول : أنا لا أدري من يكونون ! .. ولكنني سأحكي لكما ما حدث السوم في العمل ..
لقد كنت جالسا في مكتبي كالعادة أنظم أوراق العمل وفجأة رن هاتف المكتب .. فأجبت : من معي ؟؟
فردت سيدة قائلة : لا داعي للتعريف .. اسمع ما سأقوله لك جيدًا ! .. أنت بالطبع الأستاذ أحمد منصور ؟.. فأجبتها قائلا : نعم ، ولكن من تكونين؟؟! .. فقالت في غضب : لا تسأل كثيرًا أجب عن سؤالي فقط ولا تكثر في الكلام !
لقد سمعت عنك وعلمت أنك رجل صالح تحب الخير وتقبله وتكره الشر وترفضه ! .. إذًا أتقبل أن رجلا صالحا مثلك يقبل على نفسه وعلى أولاده أن يأخذ حق غيره زورًا وبهتانًا ؟؟!
قلت لها في عجب : بالطبع لا .. ولكن عن أي حق تتحدثين؟؟!..فقطاعت حديثي قائلة : هل بينك وبين الرجل الذي مات منذ فترة المدعو سمير أي صلة قرابة ؟؟!
قلت : لا
قالت : فلِمَ تأخذ أمواله دون وجه حق ؟؟! .. ميراثه من حق أهله فقط ويجب أن يرد لهم !! .. وإلاا .. وإلا سأجعلك تندم .. سأجعلك تخسر أغلى ما لديك .. ابنتك الجميلة رحاب !!
صرخت : ماذا تقولين ؟؟..من أنتِ ؟؟
ولكنها أغلقت الهاتف ولم تجب!
صدمت من كلام أبي وما حكاه لنا ونظرات أمي لي والدموع في عينيها ثم احتضنتني بقوة وقالت : لن أسمح لأحد أيا كان أن يأخذك مني !
وقال أبي : وأنا كذلك يا عزيزتي لا تقلقي سنرى ما في الأمر .
قلت في دهشة: ولكن من تكون تلك السيدة ؟؟! .. وما الذي جعلها تتذكر حقها الآن؟؟ .. لقد مر على وفاة عمي سمير أربعة شهور وهذه فترة طويلة !
فقاطع أبي حديثي قائلا : هل ذكر لكِ العم سمير أن لديه أقارب ؟؟
فقلت له في عجب : لا .. لم يكن لديه أقارب !! .. ثم سكتت قليلا وقلت : أجل تذكرت....!!؟

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close