اخر الروايات

رواية جوازة ابريل الجزء الثاني الفصل الرابع 4 بقلم نورهان محسن

رواية جوازة ابريل الجزء الثاني الفصل الرابع 4 بقلم نورهان محسن



الفصل الرابع (الحب لعبة خطيرة) رواية جوازة ابريل" ج2

القدر لا يعني أن حياتك يحددها مصير لا مفر منه ، ولذلك فإن ترك كل شيء للقدر وعدم المشاركة في عزف موسيقى الكون دليل على الجهل المطلق ، لأن موسيقى الكون تعم في كل مكان وتتألف من مستويات مختلفة ، وقدرك هو المستوى الذي تعزف عليه لحنك ، بالتأكيد لا يجوز لك تغيير آلتك الموسيقية ، لكن يمكنك تغيير الدرجة التي تجيد فيها العزف.

❈-❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈

بعد قليل

داخل غرفة العناية المشددة

كانت إبريل ترقد غائبة عن الوعى في سكون يتناقض مع ثوران الغضب المشع في مقلتي ريهام ، المثبتة بهدوء ظاهري علي تلك النائمة ، وهي واقفة بجوار سريرها وذراعاها مطويتان ، بينما على الجانب الآخر من السرير يقف يوسف ووجهه متغضن من الأسى ، وعيناه الحزينتين تجوبان ملامح إبريل البيضاء بشيء من الشحوب ، نزولاً إلى أنبوب التنفس الرفيع الذى تم تثبيته داخل فتحتي أنفها ، وصولاً إلى الإبرة التى تخترق كف يدها اليمنى ومتصلة بمحلول معلق أعلى السرير.

دنى منها يقبل جبهتها بخفة ، لتتجه نظرات ريهام نحوه ، وتقوس فمها ، وهي تخاطبه بهمس ناعم مليء بالسخرية : تصدق اول مرة اخد بالي انك بتحبها وبتخاف عليها اوي كدا

عدل يوسف من وقفته ، ونظر إليها وقد عقد حاجبيه بإستغراب قبل أن يقول بصوت رجولى منخفض يملؤه الحزن : وايه الغريب في كدا مش اختي .. من ساعة ماعرفت اننا كدبنا عليها وهي مابصتش في وشي

خفض نظره إلى وجه إبريل مردفاً بذات النبرة : كنت خايف يحصلها حاجة وهي مش مسمحاني

هزت ريهام كتفاها ، وهى تلوى فمها متشدقة بتبرم : ماتأفورش خلاص ما احنا اطمنا وكلها شوية وتفوق

زفر يوسف بانزعاج ، فهو يعلم جيداً أنها تشعر بالغيرة من اهتمام الجميع بتلك الفتاة المسكينة ، ثم تمتم بضيق : انا بكلم معاكي ليه اصلا!

إستدار يوسف متحركاً من مكانه ، وهو على وشك الخروج من الغرفة ، في نفس الوقت الذي فتح فيه الباب ، ثم ظهرت من خلفه ، ممرضة شابة قائلة بنبرة هادئة : من فضلكم ياريت تخرجوا وتسيبوا المريضة تستريح ولما تتنقل لغرفة عادية تقدروا تدخلولها

هز يوسف رأسه بالإيجاب ، وخرج من الغرفة ، وتتبعه ريهام التي ألقت نظرة أخيرة على أبريل في غموض قبل أن تغادر.

❈-❈-❈

_حمدلله علي سلامتها

قالتها وسام بلطف بعد أن وقفت بجوار سلمى التي استدارت رأسها نحوها لترد بصوت أنثوي هادئ : الله يسلمك قلقناكم وتعبناكم معانا

ابتسمت وسام في وجهها بمودة ، وتحدث بذوق : ماتقوليش كدا .. ان شاء الله تقوم بخير وسلامة وتتطمنوا عليها

قالت سلمي ببسمة صغيرة : ربنا يخليكي يا قلبي

❈-❈-❈

عند باسم

أغلق خالد جواز سفر أبريل بعد أن فحصه بسرعة ، ثم استفسر عنه بذهول : وصلك ازاي دا؟

أجاب باسم يقول بنبرة ملتوية : لما قابلتها قريب من البيت ووقعت قدام عربيتي .. وقع الباسبور من شنطتها فاخدته من غير ما تحس

سأل مستنكراً فعلته بنبرة أجشة : بس تاخده ليه مش فاهم؟

هز باسم كتفيه ثم أجابه بتلقائية ، فى حين ارتعد بداخله شعور غريب عندما تكرر مشهد لقائهما الليلة في ذهنه مرة أخرى ، مع تسلل بعض وخزات الندم على ما فعله بعد ذلك : شكلها كان غريب بتجري ومعاها شنطة كبيرة ماستريحتش فلاقيت نفسي باخده

صمت باسم لثوانٍ قبل أن يستكمل موضحاً له أكثر : وتيمور قالي ان في وقت تدريبها العملي في شركة مقاولات عرضوا عليها تشتغل في فرعهم بدبي بعد التخرج .. هي اعتذرت عن العرض لانها هتتجوز وكانت هتتعين في الفرع اللي هنا

نظرة شك إلتمعت بعينين خالد الخضراوين الواسعتين قبل أن ينطق بسؤال مريب : يعني كانت هربانة عشان تسافر؟

رفع باسم حاجبيه بترفع ، وهو يرد بصوت واثق : بما ان دا معاها يبقي اكيد كان في نيتها تسافر علي هناك بعد مافسخت خطوبتها من مصطفي الترابلسي من غير ماتقوله اصلا

رفع خالد حاجبه الأيسر مع رد باسم ، ليهتف بخشونة : يعني كلامي كان مظبوط و زي ما قولتلك البت دي وراها حوارات كتير وانت بتعقدها زيادة

❈-❈-❈

عند هالة

_انا اول ما لاقيت دراعه كله دم اترعبت .. واول واحدة فكرت فيها هي انتي .. عشان كدا جبتو علي هنا علي طول

كانت مرام تدردش مع هالة أثناء دخولهما غرفة الفحص قبل أن تتركها الأخيرة ، لتذهب إلى الممرضة التي سألتها بنبرة جادة : وضعه ايه؟

ردت الممرضة بصوت عملى : جرح في الدراع اليمين و داخل فيه شظايا ازاز يا دكتورة وفي خدوش في الرقبة وفوق الحاجب الشمال

_دول مش مهمين

جاءت تلك الكلمات الواثقة بصوت رجولى عميق لفت انتباهها ، فأدارت رأسها نحو الشخص الجالس على سرير الفحص ، ذو الجسم الرياضي والأكتاف العريضة ، لتمعن النظر إلى وجهه لأول مرة منذ دخولها ، وإلتقت سماء عيناها الزرقاوان الداكنتان بالشهاب الذهبي في مقلتيه ، أما هو كان ينظر إليها بريبة بعد أن فهم أنها طبيبة من سؤالها للممرضة ، فتدحرجت عيناه بتعجب كبير على فستان السهرة الذي كانت لا تزال ترتديه.

عقدت هالة حاجبيها في عدم فهم ، لكنها لم تعلق ، ظنًا منها أنه يهذي ، فيما جاءت الإجابة على سؤال فريد الداخلي من مرام التي وضحت له بابتسامة : دي دكتورة هالة صحبتي .. معلش اصل انهارده كانت خطوبتها

إزدادت الدهشة فى ذهنه دون تعليق على الأمر ، فى حين حدجتها هالة غير راضية عن ثرثرتها ، ثم ما لبث أن نبست بذوق : سلامتك

أماء بخفة ، وهو يرد بتحفظ بارد : الله يسلمك متشكر

تابعت مرام التعريف بينهم بعذوبة ، مشيرة بكفها نحوه في امتنان وإعجاب إلتمع فى حدقتاها : دا استاذ فريد اللي انقذني لولاه كان الله اعلم كان جرالي ايه؟

❈-❈-❈

عند عز

_عز

لم ينتبه عز لنداء وسام التي اقتربت من خلفه بخطوات هادئة ، وهو يواصل النظر إلى هاتفه شارد الذهن أمام نافذة القاعة.

تقَوَّسَ فم وسام بإستغراب ، ووقفت بجواره ، تربت على ظهره بحنان ، فالتفت إليها بنظرات ضائعة ، لتبتسم بخفة وهى تسأل بصوت حانى : ايه يا عز .. مش هتروح؟

زفر عز بثقل مجيباً إياها : مستني ماما ترجع اوصلها وبعديها اروح

عارضت وسام حديثه تأمره بلطافة : لا انا وعمك والبنات هنروح دلوقتي ومامتك هنوصلها طريقنا .. انت روح لمراتك

ردد عز بآسى : مراتي!

إبتلعت وسام لعابها ، وهي تنظر إليه بحزن ، ثم بنبرة حذرة استفسرت : هو انت محاولتش تكلمها؟

أطال عز النظر أمامه بصمت قبل أن يغمغم بصوت أجش : مابتردش

نظرت إليه وسام بتعاطف ، ولم تعجبها نبرة عز البائسة أو حالته المؤسفة ، فقالت بجدية : اسمع انا لسه معرفش ايه الحكاية .. بس انا مربياك علي ايدي دول وعارفك كويس .. دايمًا مندفع و مش بتفكر كويس في عصبيتك ولا بتحسب حساباتك صح .. بس انتو الاتنين بينكو حب كبير ماتضيعوش من ايدك يا عز

رمش عز عدة مرات متتالية ، وعلق بنبرة قلقة : كل مرة كنا بنتخانق هي ماكنتش بتسيب البيت .. بس المرة دي غير كل مرة وخايف أروح مالقهاش

ربتت وسام على كتفه بحنو ، متفهمة تشتته، ثم نظرت إلى ساعة هاتفها ، لتجد أنها قد اقتربت من الثانية صباحًا ، لتقول بسلاسة : ان شاء الله تلاقيها الوقت متأخر دلوقتي .. وافترض مالقتهاش روح علي بيت اهلها وصالحها بس ماتسيبوش الامور بينكم تخرب كدا

قرأت وسام التردد في ملامحه دون أن يضيف تعليقا على كلماتها ، فأردفت بنفس النبرة وهى تدفعه للتحرك : انت لسه واقف ماتضيعش الوقت .. وانا مش هقول لمامتك حاجة .. بلاش تعرف احسن

هز عز رأسه بالموافقة ، قائلا بنبرة صادقة ممتنة ، فكانت كلماتها شعلة من نور ممزوجة بـ الأمل الذي أضاء الطريق لعقله ، ليحاول استعادة ما دمرته عصبيته : ماشي ربنا مايحرمنيش منك يا سوما

❈-❈-❈

فى الردهة داخل المستشفي

كتفت دعاء ذراعيها ، وهى تتساءل بتهكم : مابتردش علي رسايلي ليه؟

تجنب صلاح النظر في عينيها ، وأطلق تنهيدة طويلة من فمه قبل أن يرد عليها بتبرير : انتي شايفة ان اللي احنا فيه دي حالة تسمح ارد..

إشتعلت عيناها بالغضب الجامح من إجابته ، وقاطعته بنبرة أنثوية حادة : الحالة ماتسمحلكش تعبرني بس تفضل ماسك في ايد وسام وحاضنها طول الوقت مش كدا

عقد صلاح حاجبيه ، وسألها مستغربا من عصبيتها الزائدة : دعاء فيكي ايه من امتي بتدققي علي الكلام دا؟

رفعت دعاء حاجبيها باستنكار تجلى في نبرة صوتها وهي تعلق على سؤاله بسؤال غاضب : هو انا عشان مابكلمش ولا ببينلك ضيقتي بقيت في نظرك ست باردة معنديش احساس؟

صاح صلاح دون وعي من نفاد صبره ، منزعجًا من حدة حديثها معه : انتي مزودها اوي في العصبية .. وانا مش رايقلك دلوقتي .. عندي كم مصايب فوق دماغي مش طبيعي .. من ناحية مشكلة هالة مع خطيبها ومن ناحية مشاكل باسم اللي جابها فوق دماغي والناس اللي هخسرهم بسبب طيشه

هتفت دعاء بنبرة ذات معنى يتخللها الحقد : ليك حق ما عيلتك و ولادك رقم واحد عندك دايما ..و احنا دايما اخر ناس بتفكر فيهم

جحظت عيناه مستنكرا كلماتها المستهجنة المليئة بالإستهزاء في موقف كهذا ، فهو لم يكن يعهدها بهذا الاضطراب العصبي ، لذا خرجت الحروف بنبرة تحذيرية من فمه : وطي صوتك انتي اتجننتي!

❈-❈-❈

أمام غرفة ابريل

نظر فهمي إلى ريهام التي تجلس بجواره في صمت قبل أن يتحدث بهدوء : ريهام يلا مافيش داعي تفضلي قاعدة كدا روحي لابنك

هزت ريهام رأسها نفياً ، وهى تخبره بخفوت : لا يا بابا انا هفضل معاها .. وانت وماما روحوا ارتاحوا

تدخلت سلمى بالحديث موافقة ابنتها الرأى : ريهام عندها حق يا فهمي .. ابريل نايمة جوا ولمتنا حواليها كدا مش هتفيدها .. الصبح بدري نبقي نيجي وبالمرة نجيبلها معانا غيار نضيف

هز فهمي رأسه دون تعليق ، فيما نهضت ريهام لتتجه نحو شقيقها ، وطرحت سؤالاً ذا معنى وهي واقفة بجانبه ، تريد أن تجعله يغادر حتى تتاح لها الفرصة ، لتتحدث مع باسم على انفراد قبل رحيله ، بعد أن رأته من النافذة قبل قليل واقفاً في حديقة المستشفى مع صديقه : وانت مش هتروح توصلهم؟

تبصَّر يوسف فيها مليًّا ببرود ، ثم دحرج عينيه لينظر إلى أبريل من خلال نافذة غرفتها الزجاجية ، وهو يجيبها بهمس أجش : مش هتحرك من جنبها غير لما تفوق ولا عايزاني اسيبها لوحدها والبني ادم دا هنا

لكزته ريهام فى ذراعه مهسهسة بتوبيخ : وبعدهالك ما تعقل مش عايزين مشاكل ومش معقولة تصرفاتك معاه يعني هيكون عملها ايه؟

هز كتفيه معاً دليلاً على جهله بمعرفة إجابة سؤالها ، ثم التفت إليها بقلب غير مرتاح ، ليقول بريبة : معرفش بس الموضوع في ان .. فجأة كدا اللي كان بينه وبين الجواز مصانع الحداد في يوم وليلة يقرر يتجوز وهي بالذات .. دا كلام مايدخلش مخ عيل صغير

❈-❈-❈

عند وسام

عاد وسام إلى لميس التي كانت تنتظرها أمام غرفة العناية المركزة ، ويبدو الشرود إلى ملامحها ، فرفعت وسام حاجبيها في حيرة من حالة الجميع غير الطبيعية هذا اليوم.

جلست وسام بجانبها ، ووضعت يدها على كف لميس الناعمة وسألتها بلطف : مالك يا لميس مساهمة كدا ليه؟

_مفيش يا سوما انا تمام

تحدثت وسام بعدم إقتناع من نبرة صوتها المبحوحة ، وعيناها تسير على ملامحها : مش عارفة حاسة فيكي حاجة .. وشك مصفر كدا وباين عليكي الارهاق .. لا تكوني تعبانة؟

سألتها بقلق حنون ، فسارعت لميس بالنفس مبررة ذلك بشيء من الصدق : لا خالص يا سوما .. صدقيني انا كويسة .. بس مابحبش جو المستشفيات دا مابيريحنيش خالص

فضلت وسام عدم الضغط عليها ، قائلة بإبتسامة عذبة : ماشي يا قلبي .. اومال فين هالة؟

_معرفش هكلمها

_خلاص كلميها وحصلوني علي تحت .. انا رايحة اشوف فين صلاح؟

❈-❈-❈

عند باسم

حدجه خالد بوجه عابس متحدثاً بحزم : اظن كفاية لعب لحد كدا

أغمض باسم عينيه للحظات ، وهو يتنفس بحدة ، ويطقطق رقبته ، قبل أن يتمتم من بين أسنانه بسخط : خالد انت صاحبي من سنين طويلة .. بس انت عارف اكره كره العمي اللي يدخل في حياتي الشخصية واقدر اتصرف واحل اموري

أطلق خالد زفيرًا يائسًا ، وأدار وجهه بعيدًا مغمغماً بخفوت : براحتك يا باسم

عاود خالد النظر إليه خالد ، وتابع بجدية ، وهو يضع يده على صدره : بس عشان ارضي ضميري وابقي عملت اللي عليا للاخر .. بقولك اللي انت ناوي عليه دا اكبر غلط وهيسبب مشاكل كتير ليك ولأبوك وللغلبانة دي .. اللي كنت عارف انها مريضة ومع كدا مرحمتش ضعفها

ضرب باسم بيد فوق الأخرى متعجبًا من اتهامات صديقه له ، وهو يعلق بصدمة : محسسني اني سفاح وكأني كنت قاصد اللي حصلها!!

جاء جواب خالد حازمًا قاطعًا : مافرقتش حاجة عن السفاحين .. تنكر انك انت كنت بتفش غليلك من ريهام فيها

زفر باسم زفيراً حاراً ، وهو ينظر حوله ، وبعد صمت قصير أخبره بصوت منخفض واثق ، وكأنه يتحدث إلى نفسه : ودلوقتي بقيت عارف انها مالهاش دعوة باللي عملته ريهام .. بس كمان دي فرصة وجت لحد عندي وابقي مغفل لو ماستغلتهاش لمصلحتي .. منها اسكت الاشاعات عني عشان اركز في شغلي ومنها ابعد ريهام عني

قست تعابير وجه خالد خلال تذكير الأخر بنبرة تحذيرية : بس انت كدا بتدوس علي وحدة في سكتك مالهاش ذنب واضعف من اللي ممكن تتعرضله بسببك انت واختها

لمعت عيناه بمكر بينما يخبره بثقة : صدقني انا متأكد انها كمان مش سهلة .. بس هبقي واخد بالي اكتر في التعامل معاها بعد كدا

ابتسم خالد مقهقهاً ، وتحدث بشماته : دا اذا رضيت تبص في وشك بعد عملتك يا حلو

_انا عارف هعمل ايه عشان دا يحصل ماتشغلش بالك انت

عبست ملامح خالد من لهجته الواثقة ، مستفهمًا بصوت أجش : والله بالسرعة دي حسبت حساب كل حاجة

نكس باسم رأسه ، وفي داخله شعوران متضاربان بين الحماس لمغامرة جديدة ، والتردد الذى يحذره من الخطر المتوجه إليه ، ليزفر بحرارة ، حاسماً أمره ، الذي جاء من خلال إجابته له قائلاً بنبرة جادة يتخللها حماس : زي ما انا بقيت محتاجلها .. هي كمان محتجاني يعني المصلحة مشتركة .. وهنعتبر اللي جاي .. ماتش ودي هنلعبو فترة بالإتفاق .. وبعدها جيم اوفر وكل واحد يرجع لحياته

نظر خالد إليه لوهلة بحاجب مرفوع ، فهو يعرف صديقه كيف يعمل عقله بدهاء ، حالما يتحمس لشيء ، ولا يستطيع أحد إيقافه ، لذا سأله بابتسامة ساخرة : ومفكرتش ايه ممكن يحصل لو اللعبة قلبت جد؟

ضحك باسم بصوت عالٍ قبل أن يعلق على سؤاله بنبرة متغطرسة : ايه خايف عليها لا تتعلق بيا وتحبني و تتوجع لما الجيم يخلص

حك خالد ذقنه ، مستطرداً بذات النبرة ، دون أن تتلاشى ابتسامته الساخرة من استهتار باسم بالأمر : او يمكن تيجي تصيبها فتصيبك كل شئ ممكن

❈-❈-❈

عند هالة

كانت هالة تقف بجانب المكتب بعد أن ارتدت معطفها الطبي ، وقبل أن ترتدي القفازات الطبية ، جاءها صوت مرام تخبرها بإستعجال ممزوج بالنعومة حيث تريد لفت الانتباه الجالس بتعبير مبهم على وجهه : هالة .. انا رايحة الاستقبال طلبني هناك

أومأت هالة بخفة دون النظر لها ، وقالت بهدوء : تمام

أغلقت مرام الباب خلفها بإحباط من عدم التفاته لها ، بينما تحركت هالة نحوه بخفة ، وهي تحمل الإبرة بين أصابعها ، فسألها بلهجة ثقيلة يشوبها الكثير من الشك ، فهو يعاني من الوسواس القهري فيما يتعلق بنظافة الأدوات الطبية تحديدا : الابرة دي معقمة؟

رفعت هالة نظرها إليه بذهول واستنكار لسؤاله ، لتجيبه ببساطة : طبعا!!

توقفت يد هالة في الهواء فور أن شعرت باهتزاز هاتفها في جيب معطفها قبل أن يرن صوته في المكان ، فوضعت يدها فوقه تلقائيا ، وهمست باعتذار : عفوا .. ممكن تيجي تخيطي الجرح

وجهت هالة حديثها إلى الممرضة ، بينما كان فريد ينظر إليها بحاجب مرفوع ونظرة حادة ، غير راضٍ عن إهمالها في أداء عملها من وجهة نظره الصارمة فى تلك الأمور ، بينما هالة لم تنتبه لأنها ولت ظهرها له ، وابتعدت عدة خطوات قبل أن ترد عليه برقة : ايوه يا لميس

❈-❈-❈

عند صلاح

تأفف صلاح داخليًا من هذا الهراء الذي تهذي به فى هذا المكان تحديداً ، لكنه حاول أن يتكلم بنبرة هادئة بعض الشيء : كفاية جنان يا دعاء .. انتي عارفة انك..

كانت دعاء مستمرة في هز جسدها بعصبية ، وهى تلعب بأظافرها بتوتر ، لتحاول قمع إمتعاضها من عدم فهمه ، لكنها لم تستطع الصمت طويلا ، إذ نظرت إليه بعينين تشعان بحدة قبل أن توبخه بنبرة مقيتة : كفاية .. انت ايه مابتزهقش من .. انا خلاص زهقت بجد من العيشة .. وزهقت من نفس الكلام اللي بتسكتني بيه كل مرة

أنهت دعاء جملتها بضيق شديد ، وهي تدور بجسدها راغبة في الرحيل ، لكن يده أمسكت بمعصمها ، يمنعها من الذهاب وهو يسأل بتعجب : رايحة فين؟

سحبت يدها منه بنفور ، مدمدمة بعنف مكبوت : سيب ايدي

أردفت بنبرة ساخرة ، والإنزعاج يملأ تعبيرات وجهها : راجعة عند وسام ولا عايزاها تلاحظ غيابنا احنا الاتنين و تشك فيك وحياتك اللي تعبت عشان تبنيها تتهد فوق دماغنا كلنا

_في ايه صوتكم عالي كدا ليه؟

جاء صوت وسام المذهول التي كانت تتجول بين الممرات بحثاً عن زوجها ، ولم يكن معها هاتفها لتتصل به ، حتى رأت كلاً من صلاح ودعاء يقفان مقابل بعضهما البعض ، وبدا من أصواتهما وأظهرت ملامحهما العابسة أنهما يتشاجران.

تدحرجت أعينهما عليها ، وبحثا داخل أذهانهما المشتتة عن كلمات التبرير الواقفة على طرف ألسنتهما.

أضافت وسام متسائلة في شك من صمتهم المفاجئ منذ قدومها ، وهى تحدق في ملامحهم المبهوتة ، لتعقد ذراعيها منتظرة الجواب : ايه اللي هيتهد وفوق دماغ مين بالظبط؟

❈-❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈

نهاية الفصل الرابع




تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close