رواية وله في ظلامها حياة الفصل الرابع 4 بقلم دينا احمد
الفصل الرابع
(ما بين الحيرة و الضياع)
توجه حازم إلي خارج الفيلا مستقلاً بسيارته لكي يذهب إلي القصر و هو يكاد يشتعل غيظاً من تلك الغبية التي سوف توقعه في العديد من المشاكل.. سار بسيارته بسرعة جنونية و عقله مشتت من كل شىء يحدث معه فما مضمون تلك الرسالة ومن قام بإرسالها؟! وكذلك يشعر بالغضب من نفسه ومن نورا حاول التحكم في أعصابه قدر المستطاع فهو لا يريد اخافتها أو أن تكرهه بتصرفاته..
وقف بسيارته ثم سار بخطوات سريعة للداخل ليجدها جالسة وهي تعانق والدتها بقوة و تنظر له بخوف استعاد هدوءه حتي لا يفقد أعصابه أمامها... نظرت له فاتن بعتاب ليبتسم ابتسامة مصطنعة ثم اقترب من نورا بهدوء ليجلس جانبها ثم جذبها إلي أحضانه لتتفاجأ هي من رد فعله هذا فهي توقعت من أن يثور عليها، أخذ يربت على ظهرها متجاهل أسئلة فاتن المستمرة عن سبب مجئ نورا بهذه الحالة.
ليقول حازم بملل:
- ممكن نمشي ولا هتفضلي تسألي كتير؟!.
نظرت له فاتن رافعة حاجبها باستغراب من نبرته تلك لتقول بإصرار:
- عدي ليلتك على خير يا حازم احسنلك ... نورا مش هتمشي من هنا.
ابتسم حازم بسخرية:
- ليه هتعملي ايه يعني؟ ... وبعدين الأصول بتقول مينفعش العروسة تبات برا بيتها من أول يوم ولا انتي شايفة ايه؟.
= وهي الأصول بتاعتك بتقول انك تزعلها من أول يوم يا حازم بيه؟!.
قالتها فاتن بحدة وسط دهشة نورا من طريقة حديثهم و تفاجئت بحازم يمسك يدها بقوة ثم سحبها إلي الأعلى دون أن يتفوه بكلمة و تمتمة فاتن بعصبية.
أدخلها غرفته ثم وصد الباب بقوة لتنتفض هي فزعاً ثم انكمشت على نفسها وهي تنظر إليه.
خلل شعره بعصبية وهو ينظر لها بحدة ليقول بهدوء يعكس تلك الثورة التي بداخله:
- ممكن افهم إيه اللي جابك هنا يا محترمة؟!
لم تجيبه إنما اخفضت رأسها إلي الأسفل حتي لا تنظر إليه.
صاح هو قائلاً بتحذير:
- طيب واضح انك مش هتردي ... انا بحذرك يا نورا تطلعي من باب الفيلا إلا بأمري أنا.. عشان ساعتها هتصرف معكي تصرف مش هيعجبكِ، ياريت بلاش جو البنت المظلومة لما بابا و مراد يجي ... فاهمة؟!.
أومأت له برأسها عدة مرات ليخرج من الغرفة صافعاً الباب خلفه بقوة لتبكي هي بصمت بسبب تغيره المفاجئ معها بهذا الشكل... ظلت تفكر و تفكر لتلعن غبائها فهي قد أعطت الأمور أكبر من حجمها و من الممكن أن تكون تلك الرسالة مزحة من أحد أصدقائه لا أكثر ليصدح صوت رنين هاتفها وكان المتصل يارا لترد نورا قائلة بمرح:
- مكنتش اعرف انك بتحبيني كدا للدرجادي وحشتك!.
يارا: - بت انتي اخلصي و قوليلي اعمل ايه عشان اطفش عريس الغفلة اللي جاي بكرة ده.
لتقول نورا بحدة:
- ما تتلمي بقي يا زفتة انتي وكفاية لعب عيال وافقي بقي خلينا نخلص منكي!!.
يارا برجاء:
- كفاية دبش في الكلام الله يخليكي و قوليلي اعمل إيه؟.
صمتت نورا بضع ثواني ثم اردفت قائلة:
- بقولك ... تعالي عندنا هنا في القصر انا موجودة اهو و مستنياكي.
رفعت يارا حاجبيها بتعجب قائلة:
- وانتي من أول يوم تسيبي البيت كدا! في ايه بالظبط؟!.
هتفت نورا بملل:
- اخلصي يا بنتي تعالي بسرعة وانا هقولك على كل حاجة.
______________________________________
استيقظت لينا على صوت أخاها وهو يصيح بها بأعلى صوته حتي تستيقظ ليقول بصوت جهوري وهو يهزها بعنف:
- قومي يا *** نايمة ولا كأنك ملكة في قصر ... قومي يختي اعملي حاجة نأكلها هتفضلي طول اليوم نايمة مكانتش علقة اللي اخدتيها عشان تمثلي انك مش قادرة.
نظرت له لينا باشمئزاز و كراهية شديدة فهي لا تقوي على الحركة حتي ولكن هيهات فهذا القاسي الذي أصبحت تبغضه أكثر من أي شيء سوف يعنفها بقوة لتتحامل على نفسها واستطاعت الوقوف بوهن لتنظر لها زوجة أخاها (سمر) بتهكم وهي تقول بسخرية:
- هي البعيدة مش بتحس ولا انتي بتحبي ضربه ليكي يالا غوري اعملى اللي قالك عليه و بعدها روحي في الداهية اللي انتي بتروحي تبيعي جسمك و نفسك فيها والله بقرف ابص في وشك ... امك لو عرفت مصدر الفلوس اللي بتجيبي بيها العلاج ممكن تروح فيها بس انا عاملة معاكي الواجب ومش راضية احكي قدامها على حاجة تقدري تقولي جدعنة مني كدا..
أصدرت سمر ضحكة عالية ثم خرجت لتغلق باب الغرفة خلفها بقوة حتي سقطت لينا على السرير وهي تبكي بانهيار..
______________________________________
في احدي الشقق المفروشة:
يجلس مصطفي و بجانبه حازم الذي يتصبب عرقاً وهو ينظر إلى تلك المرأة التي ترتدي ملابس ملاصقة لجسدها شبه عارية وهي ترقص و تتمايل مبتسمة له بعُهر وقد أشعلت النار بجسده ليقترب هو منها حتي يقبلها فدفعته عنها برفق وهي تقول بغنج وتعطيه المخدرات:
- مش قبل ما تجرب دي الأول.
هز حازم رأسه بعنف وهو يقترب منها مرة ثانية:
- لا انا مليش في البودره و الكلام ده.
لتقول هي بامتعاض:
- يبقي خلاص طريق السلامة أنت ... أبعد كدا متلمسنيش!
مصطفي بخبث:
- خلاص يا مني هو مش عايز يجرب براحته وبعدين سيبيه في حاله واضح المدام نكدت جامد من أول يوم.
ليسرد حازم كل ما حدث وسط اندهاش مصطفي المصطنع فهو كل ما يهمه تخريب تلك العلاقة التي بينه وبينها حتي تصبح ملكه هو فقط!
مصطفي بأسي مصطنع: - غلط يا حازم بلاش تدلع فيها زيادة عن اللزوم عشان تعملك بعد كدا ألف حساب و إلا هتتحكم فيك هي و متقدرش عليها.
ظل حازم يفكر في كلام صديقه فكلامه منطقي ليتابع مصطفي بخبث:
- اكسر للبنت ضلع يطلع لها أربعة وعشرين وبعدين انا عارف انت مش عايز تجرب عشان خوفك لما تعرف و دا براحتك.
نظر له حازم بحيرة لينظر له مصطفي ببرود فأخذها من يدها ليستنشقها حازم مرة واحدة وهو يوصد عيناه باستمتاع تام!!
ثم سار بـ مني إلي أحدي الغرف ليفعلوا ما حرمه الله دون خجل ولكن عقاب الله لشديد.
______________________________________
وصلت يارا إلي القصر سريعاً فهو قريب منهم كثيراً فوجدت قسمت ترمقها باقتضاب لتسألها يارا وهي تبادلها نفس النظرة:
- نورا فين دلوقتي؟
لتهتف قسمت بامتعاض:
- الهانم قاعدة فوق اطلعي و بعدين بلاش شغل الهبل بتاعكم ده
رفعت يارا يدها دليل على اللامبالاة لتنظر لها قسمت بحقد وهمت أن تتحدث ليقاطعها صوت نورا وهي تنادي يارا في الأعلى فصعدت يارا إليها بسرعة لتحتضنها وكأنها لم تراها منذ سنوات..
جلست الفتاتان في جناح نورا لتقول يارا بحماس:
- ها قوليلي عمل فيكي ايه عشان تيجي هنا علطول و قالك ايه بالظبط و مد أيده عليكي ولا لسه؟!
نظرت لها نورا رافعة حاجبيها بتعجب لتصيح بها:
- حيلك حيلك يا بنتي انتي ليه بتقولي كدا بس؟!.
ظلت تفكر يارا بحيرة فهي لا تحب هذا الـ حازم و لا ترتاح له أبداً لتقول:
- انتي عارفة رأيي فيه كويس وانا مش برتاح فيه أبداً ولا بطمن عليكي معاه.
تنهدت نورا بعمق لتقص عليها ما حدث..
يارا بتفهم: - احتمال كبير يكون حد من أصحابه فعلاً زي ما بتقولي هو اللي بعت الرسالة.
زفرت نورا بحنق وهي تنظر إلي يارا بملل:
- ما تقولي يا ستي اعمل إيه؟ وبلاش تاخدي افكاري لأني لسه قايلة الجملة دي من شوية..
قاطعتها يارا بسخرية:
- دبش هانم بلاش تدخلي في كلامي و طالما بتاخدي رأيي يبقي تسمعي وبلاش كلام احسن اديكي بالجزمة.
ثم أضافت:
- اول ما يجي ياخدك امشي معاه بس قوليله آسفة الأول عشان دا قموصة و بيحب النكد زيك كدا ... وبلاش تعيطي على اي حاجة يقولها اصل انتي كمان عيوطة اوي وطبعاً مش هقولك دلعيه.
أومأت لها نورا برأسها لتسألها:
- هو دا الحل برأيك يعني؟
لتجيب يارا:
ايوا طبعاً مش محتاجة ذكاء، و قوليلي انا اعمل ايه بكرة؟!
جلست نورا بغرور و ثقة واضعة قدماً فوق الأخري:
- بصي يا ستي انتي هتقابليه عادي بكرة لو عجبك شخصيته خير و بركه ولو مش عجبك تطفشيه..
لتقول يارا بحماس:
و اعمل ايه عشان يطفش يعني؟!!
ابتسمت نورا لها لتبدأ بسرد كل ما يجب أن تفعله معه...
كانت تستمع لها يارا والإبتسامة تعلو ثغرها لتقول:
- انتي طلعتي داهية وانا معرفش بس يارب الخطة تنجح.
صدح صوت صرير سيارة لتركض نورا بلهفة نحو النافذة اعتقاداً بأنه حازم و اتبعتها يارا وهي تنظر بفضول فهبط مراد من السيارة يقف بوقار وشموخ مرتدي بدلة باللون الاسود و يرتدي نظارة شمسية زادت من جاذبيته و ساعة يد باهظة الثمن ثم نظر ناحية نافذة نورا لتبتلع نورا ريقها بصعوبة بينما هو نظر باستفهام إلي نورا و صديقتها!
لتقول يارا بهيام:
- يا بختها اللي هتتجوزه! ايه القمر ده؟!
ضربتها نورا على رأسها:
- امشي من هنا معندناش حد للجواز.
لتقول يارا بسخرية:
- أساساً همشي بس يارب تعملي اللي قولت عليه اصلك ما شاء الله ذكية من يومك.
نظرت لها نورا وابتسمت بتهكم لتتمتم قائلة: دا لو عدي اليوم على خير أصلا..
وبعد عدة دقائق فجأة استمعت إلى صوت صياح في الخارج لتهرول إلي الاسفل فكان مراد ممسكاً بيد نسرين بقسوة وهو يصرخ بها:
- انطقي احسنلك يا نسرين كنتي بتعملي ايه مع الحيوان اللي انتي متصوره معاه؟!!
بينما نسرين تصرخ ألما من قبضته و قسمت تحاول إبعاده عنها
صاح هو بصوته الاجش:
- لآخر مرة هسألك ايه الوضع الوسخ اللي انتي كنتي فيه ده؟!
لتصرخ به نسرين:
- وانت بتتحكم فيا على أساس ايه أصلا؟ ملكش دعوة بيا انا اعمل اللي انا عايزاه.
شهقت نورا بفزع عندما هبطت صفعة مدوية على وجه نسرين التي سقطت أرضاً مش قسوتها لتنظر إليه بصدمة!.
ثم أمسك شعرها بقوة وصفعها مرة ثانية ليقول مراد بتحذير:
- غوري اطلعي على فوق واياكي تطلعي من باب الاوضة تاني لو شفت وشك في أي مكان هنا او برا هقتلك بأيدي.
ركضت نسرين إلي الأعلى بسرعة كبيرة فهي لم تعهد على مراد الهادي هذه القسوة المفرطة لتقول قسمت بحدة:
- أنت ازاي تمد ايدك على بالشكل ده؟! أنت السبب في كل حاجة حصلت لو كنت اخدت بالك من بنت عمك و حبيتها مكنتش عملت كدا منـ..
قاطعها مراد بغضب:
- اخرسي انتي كمان.. انتي بتلوميني أنا على ايه انتي وعمي و علي المسئولين هنا مش أنا... الزبالة اللي بعت الصور بيهددني مفكر أنه ممكن ينشر الصور دي.. كنتي فين و بنتك في الوضعية الوسخة دي صدقيني لو ظهرت قدامي هشرب من دمها.
تدخلت فاتن بينهم لتهدئة الوضع وسط نظرات الخوف التي ترسلها نورا إلي مراد الذي نظر إليها بقسوة هي الأخري ثم صعد إلى الأعلى..
__________________________________
دلف مراد حجرته و وصد بابها بغضب ليجلس على الكراسي ينفث سيجارته بشراهة وهو يفكر في أحداث هذا اليوم لينظر إلي صورة ميس زوجته برفقته الموضوعة على الحائط باشتياق كبير تحجرت الدموع في عيناه ليوصد عيناه بألم وهو يحدث نفسه بنبرة مهتزة وهو ينظر إلى الصورة:
- لو كنتي معايا دلوقتي مكنش هيحصل دا كله حياتي كانت هتكون أسهل من كدا بكتير اوي، الكل شايفني هكون سعيد لما اتجوز تاني ازاي؟! طب واعمل ايه؟!.
"ليغني بصوته العذب
مالك مش باين ليه
قلبك تايه من مده كبيره
خايف تتكلم ليه
في عيونك حيره وحكاوي كتيره
متغير ياما عن زمان
قافل على قلبك البيبان
حبيت وفارقت كم مكان
عايش جواك
إحساسك كل يوم يقل
وتخطي وخطوتك تذل
من كتر ما أحبطوك تمل فين تلق دواك
بتودع حلم كل يوم
تستفرد بيك الهموم
وكله كوم والغربة كوم والجرح كبير
مبتديش حاجة اهتمام
أهلاً أهلاً سلام سلام
بقى طبعك قلة الكلام ومفيش تفسير
داري داري يا قلبي مهما تداري
قصاد الناس حزننا مكشوف
واهو عادي عادي محدش في الدنيا دي
بيتعلق بشيء إلا وفراقه يشوف
كل اللي معاك في الصورة غاب
وطنك والأهل والصحاب
كم واحد ودع وساب من غير أسباب
شايف في عينيك نظرة حنين بتحن لمين ولا مين
طول عمرها ماشيه السنين والناس ركاب
مع دقة عقرب الساعات
بتموت جوانا ذكريات
عشمنا قلوبنا باللي فات ونسينا نعيش
كان مكتوب نمشي الطريق ونفارق كل مدى شيء
اتسرق العمر بالبطيء ورسي على مافيش
ودارَيْ دارَيْ يا قَلْبَيْ مُهِمّا تُدارِي
قُصّاد الناس حزْننا مَكْشُوف
وَأاهْوَ عادِي عادِي محدش فِيَّ الدُنْيا دِي
بيتَعَلَّق بِشَيّء إِلّا وَفِراقهُ يُشَوِّف
داري داري يا قلبي مهما تداري
قصاد الناس حزننا مكشوف
واهو عادي عادي محدش في الدنيا دي
بيتعلق بشيء إلا وفراقه يشوف
وداري داري يا قلبي مهما تداري
قصاد الناس حزننا مكشوف
واهو عادي عادي محدش في الدنيا دي
بيتعلق بشيء إلا وفراقه يشوف
داري داري يا قلبي مهما تداري
قصاد الناس حزننا مكشوف
واهو عادي عادي محدش في الدنيا دي".
تنهد بأسي ليقبل تلك الصورة ثم وضعها مرة أخرى وصدح صوت رنين هاتفه فكان المتصل سامر ليجيبه ببرود:
- نعم؟!
اجابه سامر:
- ايه يا بارد مش ناوي تيجي معي الـNight club ولا هتفضل في الخنقة دي كتير؟
فكر مراد لثواني ليقول:
- طب تعالي يا خفيف نروح سوا.
سامر بمرح:
- أخيرا وافقت مشفتش في برودك.
اغلق مراد الهاتف بوجهه ليسبه سامر بسره فهو لا يمل من هذه الحركة.
ذهب إلي الحمام ليستحم ثم بدل ملابسه لملابس أخري.
_________________________________
في الـNight club
جلس مراد و سامر على البار لينظر مراد إلي سامر باستغراب ثم وكزه في ذراعه بقوة:
- بتلف و تدور كدا ليه يا عيل؟.
ليجيبه سامر بهيام:
- في بنت هنا مجننة امي بس تقيلة معي اوي.
عقد مراد حاجباه قائلاً:
- سيبك من جو الهبل ده وبعدين مين تعيسة الحظ اللي عجبتك دي؟.
وفي نفس اللحظة كانت تدلف فتاة جميلة للغاية (لينا) بجسدها المنحوت ببراعة و طولها كانت ترتدي فستان يصل إلي منتصف فخذها و تركت شعرها الأسود الغجري ينسدل على ظهرها مع المكياج الصارخ الذي برز لون عيناها الاخضر و وضعت احمر شفاه قاني ثم نظرت إليه نظرة عابرة لتجلس بجانب أحدي الرجال.
أوقفه شروده بها صوت مراد وهو يقول:
- تصدق انك ممل خليك بتبص اوي انا هسيبك و امشي.
قالها ثم غادر المكان بأكمله فهو ليس من محبي هذه الأماكن الصاخبة.
وفي نفس الوقت كانت تجلس نورا امام نافذة باب غرفتها منتظرة مجئ حازم والحزن يكسو على وجهها قد اعطي الأمور أكبر من حجمها زفرت بحنق وقررت الذهاب إلي النوم...
بعد مرور بعض الوقت تململت في فراشها بعدم راحة وقد سيطر شعور الجوع عليها فقررت الهبوط للأسفل حتي تصنع شيء تأكله خرجت من الغرفة فوجدت المكان مظلم والجميع نيام هبطت بخطي مترددة إلي الأسفل و ذهبت إلى المطبخ لتبدأ بصنع الطعام فهي تتضور جوعاً.
دلف مراد إلي داخل القصر ليلتفت حوله ليري مصدر الصوت فتوجه ناحية المطبخ ليبتسم على الفوضى التي تفعلها تلك الصغيرة ثم نادها بصوته الرخيم:
- نورا.
ابتلعت ريقها لتنظر إليه بتوتر وارتباك فابتسم هو على مظهرها ثم قال:
- حازم كلمني وقال إنه مش هيجي انهارده و هياخدك الصبح.
أومأت له على مضض فنظر لها باستغراب ولكنه لم يعلق على سبب مجيئها ليصعد هو للأعلى دون ان يتحدث بشيء أخر.
أمّا هي فجلست على طاولة الطعام تأكل بنهم ولم تعير غياب حازم اهتمام...
__________________________________
"تلك لم تكن صدفة فلقد خُلقنا لنلتقي"
في صباح يوم جديد استيقظت يارا من نومها وهي تفتح عيناها بأنزعاج لتقول لوالدتها:
-جرا ايه يا ماما بتصحيني من دلوقتي ليه؟!
ناهد بحدة:
- قومي يا هانم احنا العصر، و عاصم ومنال في الطريق قومي اجهزي بسرعة.
نظرت لها يارا ببرود و هدوء:
- اعمل ايه يعني؟!
ناهد بنفاذ صبر:
- اخلصي يا يارا احسنلك انا بدأت افقد صبري..
وبعد عدة دقائق وصل عاصم برفقة والدته و جلسوا في غرفة الجلوس لتهبط يارا الدرج وهي تفكر في كلام صديقتها لتتلاقي أعينهم فشعرت يارا بالقشعريرة بجسدها وهي تري ذلك الغريب الذي لم يبعده نظره عنها طوال الحفل اقتربت منهم لتصافح منال ثم صافحته هو الآخر وهي تنظر له بغموض وبعد مدة من الصمت الطويل قاطعته ناهد:
- طيب يا منال نسيبهم هما يتكلموا على انفراد.
أومأت لها منال ثم خرجوا من الغرفة ليتركوهم وحيدين هو ينظر إليها و يتأملها و هي تنظر ارضاً ليقول هو بصوته الجذاب:
- هتفضلي تتأملي السجاد كدا كتير ولا إيه؟!
يارا وقد استعادت شجاعتها:
- احم .. احم لو سمحت قول انت عايز ايه وبلاش لف و دوران.
رفع عاصم حاجباه بسخرية:
- يعني انتي متعرفيش انا جاي ليه ... ماشي يا ستي انا العريس المصون بتاع حضرتك و جيت اطلب ايدك وانتي طبعاً موافقة.
قال جملته الأخيرة بثقة لتنظر له بدهشة وقد تبخر كل شيء بعقلها حتي تتخلص منه:
- لا طبعاً مش موافقة.. انت ازاي تتكلم كدا؟!
ليقول هو بخفوت:
- كلامك مش هيفيد بحاجة يا انسة.
صاح لوالدته و ناهد للدخول فنظروا لهم بابتسامة ليبتسم هو بغرور قائلاً:
- يارا موافقة و الخطوبة الخميس الجاي ان شاء الله!.
اتسعت عيناها بصدمة ولم تتفوه بكلمة وسط تهنئة منال و ناهد لها!!
___________________________________
وقف حازم بسيارته أمام بوابة الفيلا لينظر إلي نورا بغضب وهو يقول بصرامة:
- اتفضلي يا هانم على فوق ولا انتي ناوية تعيشي هنا.
نظرت له نورا بعدم اكتراث لتفتح باب السيارة ثم دلفت إلي الداخل دون كلام فتبعها حازم إلي الداخل فوجدها تجلس على أحدي الارائك تنظر له ببرود:
- انا عايزة اعيش معاهم هناك في القصر طالما هتسيبني طول اليوم و تخرج برا.
قهقه حازم بسخرية:
- اطلعي فوق احسنلك يا نورا وكفاية جنان لحد كدا.
لتصرخ نورا قائلة:
- انا مش مجنونة و بعدين بطل التهديد بتاعك ده انت فاكرني عيله؟ وهروح اعيش هناك حتي لو مش موافق.
صفعة قوية كانت جواب حازم لها ليقترب...
(ما بين الحيرة و الضياع)
توجه حازم إلي خارج الفيلا مستقلاً بسيارته لكي يذهب إلي القصر و هو يكاد يشتعل غيظاً من تلك الغبية التي سوف توقعه في العديد من المشاكل.. سار بسيارته بسرعة جنونية و عقله مشتت من كل شىء يحدث معه فما مضمون تلك الرسالة ومن قام بإرسالها؟! وكذلك يشعر بالغضب من نفسه ومن نورا حاول التحكم في أعصابه قدر المستطاع فهو لا يريد اخافتها أو أن تكرهه بتصرفاته..
وقف بسيارته ثم سار بخطوات سريعة للداخل ليجدها جالسة وهي تعانق والدتها بقوة و تنظر له بخوف استعاد هدوءه حتي لا يفقد أعصابه أمامها... نظرت له فاتن بعتاب ليبتسم ابتسامة مصطنعة ثم اقترب من نورا بهدوء ليجلس جانبها ثم جذبها إلي أحضانه لتتفاجأ هي من رد فعله هذا فهي توقعت من أن يثور عليها، أخذ يربت على ظهرها متجاهل أسئلة فاتن المستمرة عن سبب مجئ نورا بهذه الحالة.
ليقول حازم بملل:
- ممكن نمشي ولا هتفضلي تسألي كتير؟!.
نظرت له فاتن رافعة حاجبها باستغراب من نبرته تلك لتقول بإصرار:
- عدي ليلتك على خير يا حازم احسنلك ... نورا مش هتمشي من هنا.
ابتسم حازم بسخرية:
- ليه هتعملي ايه يعني؟ ... وبعدين الأصول بتقول مينفعش العروسة تبات برا بيتها من أول يوم ولا انتي شايفة ايه؟.
= وهي الأصول بتاعتك بتقول انك تزعلها من أول يوم يا حازم بيه؟!.
قالتها فاتن بحدة وسط دهشة نورا من طريقة حديثهم و تفاجئت بحازم يمسك يدها بقوة ثم سحبها إلي الأعلى دون أن يتفوه بكلمة و تمتمة فاتن بعصبية.
أدخلها غرفته ثم وصد الباب بقوة لتنتفض هي فزعاً ثم انكمشت على نفسها وهي تنظر إليه.
خلل شعره بعصبية وهو ينظر لها بحدة ليقول بهدوء يعكس تلك الثورة التي بداخله:
- ممكن افهم إيه اللي جابك هنا يا محترمة؟!
لم تجيبه إنما اخفضت رأسها إلي الأسفل حتي لا تنظر إليه.
صاح هو قائلاً بتحذير:
- طيب واضح انك مش هتردي ... انا بحذرك يا نورا تطلعي من باب الفيلا إلا بأمري أنا.. عشان ساعتها هتصرف معكي تصرف مش هيعجبكِ، ياريت بلاش جو البنت المظلومة لما بابا و مراد يجي ... فاهمة؟!.
أومأت له برأسها عدة مرات ليخرج من الغرفة صافعاً الباب خلفه بقوة لتبكي هي بصمت بسبب تغيره المفاجئ معها بهذا الشكل... ظلت تفكر و تفكر لتلعن غبائها فهي قد أعطت الأمور أكبر من حجمها و من الممكن أن تكون تلك الرسالة مزحة من أحد أصدقائه لا أكثر ليصدح صوت رنين هاتفها وكان المتصل يارا لترد نورا قائلة بمرح:
- مكنتش اعرف انك بتحبيني كدا للدرجادي وحشتك!.
يارا: - بت انتي اخلصي و قوليلي اعمل ايه عشان اطفش عريس الغفلة اللي جاي بكرة ده.
لتقول نورا بحدة:
- ما تتلمي بقي يا زفتة انتي وكفاية لعب عيال وافقي بقي خلينا نخلص منكي!!.
يارا برجاء:
- كفاية دبش في الكلام الله يخليكي و قوليلي اعمل إيه؟.
صمتت نورا بضع ثواني ثم اردفت قائلة:
- بقولك ... تعالي عندنا هنا في القصر انا موجودة اهو و مستنياكي.
رفعت يارا حاجبيها بتعجب قائلة:
- وانتي من أول يوم تسيبي البيت كدا! في ايه بالظبط؟!.
هتفت نورا بملل:
- اخلصي يا بنتي تعالي بسرعة وانا هقولك على كل حاجة.
______________________________________
استيقظت لينا على صوت أخاها وهو يصيح بها بأعلى صوته حتي تستيقظ ليقول بصوت جهوري وهو يهزها بعنف:
- قومي يا *** نايمة ولا كأنك ملكة في قصر ... قومي يختي اعملي حاجة نأكلها هتفضلي طول اليوم نايمة مكانتش علقة اللي اخدتيها عشان تمثلي انك مش قادرة.
نظرت له لينا باشمئزاز و كراهية شديدة فهي لا تقوي على الحركة حتي ولكن هيهات فهذا القاسي الذي أصبحت تبغضه أكثر من أي شيء سوف يعنفها بقوة لتتحامل على نفسها واستطاعت الوقوف بوهن لتنظر لها زوجة أخاها (سمر) بتهكم وهي تقول بسخرية:
- هي البعيدة مش بتحس ولا انتي بتحبي ضربه ليكي يالا غوري اعملى اللي قالك عليه و بعدها روحي في الداهية اللي انتي بتروحي تبيعي جسمك و نفسك فيها والله بقرف ابص في وشك ... امك لو عرفت مصدر الفلوس اللي بتجيبي بيها العلاج ممكن تروح فيها بس انا عاملة معاكي الواجب ومش راضية احكي قدامها على حاجة تقدري تقولي جدعنة مني كدا..
أصدرت سمر ضحكة عالية ثم خرجت لتغلق باب الغرفة خلفها بقوة حتي سقطت لينا على السرير وهي تبكي بانهيار..
______________________________________
في احدي الشقق المفروشة:
يجلس مصطفي و بجانبه حازم الذي يتصبب عرقاً وهو ينظر إلى تلك المرأة التي ترتدي ملابس ملاصقة لجسدها شبه عارية وهي ترقص و تتمايل مبتسمة له بعُهر وقد أشعلت النار بجسده ليقترب هو منها حتي يقبلها فدفعته عنها برفق وهي تقول بغنج وتعطيه المخدرات:
- مش قبل ما تجرب دي الأول.
هز حازم رأسه بعنف وهو يقترب منها مرة ثانية:
- لا انا مليش في البودره و الكلام ده.
لتقول هي بامتعاض:
- يبقي خلاص طريق السلامة أنت ... أبعد كدا متلمسنيش!
مصطفي بخبث:
- خلاص يا مني هو مش عايز يجرب براحته وبعدين سيبيه في حاله واضح المدام نكدت جامد من أول يوم.
ليسرد حازم كل ما حدث وسط اندهاش مصطفي المصطنع فهو كل ما يهمه تخريب تلك العلاقة التي بينه وبينها حتي تصبح ملكه هو فقط!
مصطفي بأسي مصطنع: - غلط يا حازم بلاش تدلع فيها زيادة عن اللزوم عشان تعملك بعد كدا ألف حساب و إلا هتتحكم فيك هي و متقدرش عليها.
ظل حازم يفكر في كلام صديقه فكلامه منطقي ليتابع مصطفي بخبث:
- اكسر للبنت ضلع يطلع لها أربعة وعشرين وبعدين انا عارف انت مش عايز تجرب عشان خوفك لما تعرف و دا براحتك.
نظر له حازم بحيرة لينظر له مصطفي ببرود فأخذها من يدها ليستنشقها حازم مرة واحدة وهو يوصد عيناه باستمتاع تام!!
ثم سار بـ مني إلي أحدي الغرف ليفعلوا ما حرمه الله دون خجل ولكن عقاب الله لشديد.
______________________________________
وصلت يارا إلي القصر سريعاً فهو قريب منهم كثيراً فوجدت قسمت ترمقها باقتضاب لتسألها يارا وهي تبادلها نفس النظرة:
- نورا فين دلوقتي؟
لتهتف قسمت بامتعاض:
- الهانم قاعدة فوق اطلعي و بعدين بلاش شغل الهبل بتاعكم ده
رفعت يارا يدها دليل على اللامبالاة لتنظر لها قسمت بحقد وهمت أن تتحدث ليقاطعها صوت نورا وهي تنادي يارا في الأعلى فصعدت يارا إليها بسرعة لتحتضنها وكأنها لم تراها منذ سنوات..
جلست الفتاتان في جناح نورا لتقول يارا بحماس:
- ها قوليلي عمل فيكي ايه عشان تيجي هنا علطول و قالك ايه بالظبط و مد أيده عليكي ولا لسه؟!
نظرت لها نورا رافعة حاجبيها بتعجب لتصيح بها:
- حيلك حيلك يا بنتي انتي ليه بتقولي كدا بس؟!.
ظلت تفكر يارا بحيرة فهي لا تحب هذا الـ حازم و لا ترتاح له أبداً لتقول:
- انتي عارفة رأيي فيه كويس وانا مش برتاح فيه أبداً ولا بطمن عليكي معاه.
تنهدت نورا بعمق لتقص عليها ما حدث..
يارا بتفهم: - احتمال كبير يكون حد من أصحابه فعلاً زي ما بتقولي هو اللي بعت الرسالة.
زفرت نورا بحنق وهي تنظر إلي يارا بملل:
- ما تقولي يا ستي اعمل إيه؟ وبلاش تاخدي افكاري لأني لسه قايلة الجملة دي من شوية..
قاطعتها يارا بسخرية:
- دبش هانم بلاش تدخلي في كلامي و طالما بتاخدي رأيي يبقي تسمعي وبلاش كلام احسن اديكي بالجزمة.
ثم أضافت:
- اول ما يجي ياخدك امشي معاه بس قوليله آسفة الأول عشان دا قموصة و بيحب النكد زيك كدا ... وبلاش تعيطي على اي حاجة يقولها اصل انتي كمان عيوطة اوي وطبعاً مش هقولك دلعيه.
أومأت لها نورا برأسها لتسألها:
- هو دا الحل برأيك يعني؟
لتجيب يارا:
ايوا طبعاً مش محتاجة ذكاء، و قوليلي انا اعمل ايه بكرة؟!
جلست نورا بغرور و ثقة واضعة قدماً فوق الأخري:
- بصي يا ستي انتي هتقابليه عادي بكرة لو عجبك شخصيته خير و بركه ولو مش عجبك تطفشيه..
لتقول يارا بحماس:
و اعمل ايه عشان يطفش يعني؟!!
ابتسمت نورا لها لتبدأ بسرد كل ما يجب أن تفعله معه...
كانت تستمع لها يارا والإبتسامة تعلو ثغرها لتقول:
- انتي طلعتي داهية وانا معرفش بس يارب الخطة تنجح.
صدح صوت صرير سيارة لتركض نورا بلهفة نحو النافذة اعتقاداً بأنه حازم و اتبعتها يارا وهي تنظر بفضول فهبط مراد من السيارة يقف بوقار وشموخ مرتدي بدلة باللون الاسود و يرتدي نظارة شمسية زادت من جاذبيته و ساعة يد باهظة الثمن ثم نظر ناحية نافذة نورا لتبتلع نورا ريقها بصعوبة بينما هو نظر باستفهام إلي نورا و صديقتها!
لتقول يارا بهيام:
- يا بختها اللي هتتجوزه! ايه القمر ده؟!
ضربتها نورا على رأسها:
- امشي من هنا معندناش حد للجواز.
لتقول يارا بسخرية:
- أساساً همشي بس يارب تعملي اللي قولت عليه اصلك ما شاء الله ذكية من يومك.
نظرت لها نورا وابتسمت بتهكم لتتمتم قائلة: دا لو عدي اليوم على خير أصلا..
وبعد عدة دقائق فجأة استمعت إلى صوت صياح في الخارج لتهرول إلي الاسفل فكان مراد ممسكاً بيد نسرين بقسوة وهو يصرخ بها:
- انطقي احسنلك يا نسرين كنتي بتعملي ايه مع الحيوان اللي انتي متصوره معاه؟!!
بينما نسرين تصرخ ألما من قبضته و قسمت تحاول إبعاده عنها
صاح هو بصوته الاجش:
- لآخر مرة هسألك ايه الوضع الوسخ اللي انتي كنتي فيه ده؟!
لتصرخ به نسرين:
- وانت بتتحكم فيا على أساس ايه أصلا؟ ملكش دعوة بيا انا اعمل اللي انا عايزاه.
شهقت نورا بفزع عندما هبطت صفعة مدوية على وجه نسرين التي سقطت أرضاً مش قسوتها لتنظر إليه بصدمة!.
ثم أمسك شعرها بقوة وصفعها مرة ثانية ليقول مراد بتحذير:
- غوري اطلعي على فوق واياكي تطلعي من باب الاوضة تاني لو شفت وشك في أي مكان هنا او برا هقتلك بأيدي.
ركضت نسرين إلي الأعلى بسرعة كبيرة فهي لم تعهد على مراد الهادي هذه القسوة المفرطة لتقول قسمت بحدة:
- أنت ازاي تمد ايدك على بالشكل ده؟! أنت السبب في كل حاجة حصلت لو كنت اخدت بالك من بنت عمك و حبيتها مكنتش عملت كدا منـ..
قاطعها مراد بغضب:
- اخرسي انتي كمان.. انتي بتلوميني أنا على ايه انتي وعمي و علي المسئولين هنا مش أنا... الزبالة اللي بعت الصور بيهددني مفكر أنه ممكن ينشر الصور دي.. كنتي فين و بنتك في الوضعية الوسخة دي صدقيني لو ظهرت قدامي هشرب من دمها.
تدخلت فاتن بينهم لتهدئة الوضع وسط نظرات الخوف التي ترسلها نورا إلي مراد الذي نظر إليها بقسوة هي الأخري ثم صعد إلى الأعلى..
__________________________________
دلف مراد حجرته و وصد بابها بغضب ليجلس على الكراسي ينفث سيجارته بشراهة وهو يفكر في أحداث هذا اليوم لينظر إلي صورة ميس زوجته برفقته الموضوعة على الحائط باشتياق كبير تحجرت الدموع في عيناه ليوصد عيناه بألم وهو يحدث نفسه بنبرة مهتزة وهو ينظر إلى الصورة:
- لو كنتي معايا دلوقتي مكنش هيحصل دا كله حياتي كانت هتكون أسهل من كدا بكتير اوي، الكل شايفني هكون سعيد لما اتجوز تاني ازاي؟! طب واعمل ايه؟!.
"ليغني بصوته العذب
مالك مش باين ليه
قلبك تايه من مده كبيره
خايف تتكلم ليه
في عيونك حيره وحكاوي كتيره
متغير ياما عن زمان
قافل على قلبك البيبان
حبيت وفارقت كم مكان
عايش جواك
إحساسك كل يوم يقل
وتخطي وخطوتك تذل
من كتر ما أحبطوك تمل فين تلق دواك
بتودع حلم كل يوم
تستفرد بيك الهموم
وكله كوم والغربة كوم والجرح كبير
مبتديش حاجة اهتمام
أهلاً أهلاً سلام سلام
بقى طبعك قلة الكلام ومفيش تفسير
داري داري يا قلبي مهما تداري
قصاد الناس حزننا مكشوف
واهو عادي عادي محدش في الدنيا دي
بيتعلق بشيء إلا وفراقه يشوف
كل اللي معاك في الصورة غاب
وطنك والأهل والصحاب
كم واحد ودع وساب من غير أسباب
شايف في عينيك نظرة حنين بتحن لمين ولا مين
طول عمرها ماشيه السنين والناس ركاب
مع دقة عقرب الساعات
بتموت جوانا ذكريات
عشمنا قلوبنا باللي فات ونسينا نعيش
كان مكتوب نمشي الطريق ونفارق كل مدى شيء
اتسرق العمر بالبطيء ورسي على مافيش
ودارَيْ دارَيْ يا قَلْبَيْ مُهِمّا تُدارِي
قُصّاد الناس حزْننا مَكْشُوف
وَأاهْوَ عادِي عادِي محدش فِيَّ الدُنْيا دِي
بيتَعَلَّق بِشَيّء إِلّا وَفِراقهُ يُشَوِّف
داري داري يا قلبي مهما تداري
قصاد الناس حزننا مكشوف
واهو عادي عادي محدش في الدنيا دي
بيتعلق بشيء إلا وفراقه يشوف
وداري داري يا قلبي مهما تداري
قصاد الناس حزننا مكشوف
واهو عادي عادي محدش في الدنيا دي
بيتعلق بشيء إلا وفراقه يشوف
داري داري يا قلبي مهما تداري
قصاد الناس حزننا مكشوف
واهو عادي عادي محدش في الدنيا دي".
تنهد بأسي ليقبل تلك الصورة ثم وضعها مرة أخرى وصدح صوت رنين هاتفه فكان المتصل سامر ليجيبه ببرود:
- نعم؟!
اجابه سامر:
- ايه يا بارد مش ناوي تيجي معي الـNight club ولا هتفضل في الخنقة دي كتير؟
فكر مراد لثواني ليقول:
- طب تعالي يا خفيف نروح سوا.
سامر بمرح:
- أخيرا وافقت مشفتش في برودك.
اغلق مراد الهاتف بوجهه ليسبه سامر بسره فهو لا يمل من هذه الحركة.
ذهب إلي الحمام ليستحم ثم بدل ملابسه لملابس أخري.
_________________________________
في الـNight club
جلس مراد و سامر على البار لينظر مراد إلي سامر باستغراب ثم وكزه في ذراعه بقوة:
- بتلف و تدور كدا ليه يا عيل؟.
ليجيبه سامر بهيام:
- في بنت هنا مجننة امي بس تقيلة معي اوي.
عقد مراد حاجباه قائلاً:
- سيبك من جو الهبل ده وبعدين مين تعيسة الحظ اللي عجبتك دي؟.
وفي نفس اللحظة كانت تدلف فتاة جميلة للغاية (لينا) بجسدها المنحوت ببراعة و طولها كانت ترتدي فستان يصل إلي منتصف فخذها و تركت شعرها الأسود الغجري ينسدل على ظهرها مع المكياج الصارخ الذي برز لون عيناها الاخضر و وضعت احمر شفاه قاني ثم نظرت إليه نظرة عابرة لتجلس بجانب أحدي الرجال.
أوقفه شروده بها صوت مراد وهو يقول:
- تصدق انك ممل خليك بتبص اوي انا هسيبك و امشي.
قالها ثم غادر المكان بأكمله فهو ليس من محبي هذه الأماكن الصاخبة.
وفي نفس الوقت كانت تجلس نورا امام نافذة باب غرفتها منتظرة مجئ حازم والحزن يكسو على وجهها قد اعطي الأمور أكبر من حجمها زفرت بحنق وقررت الذهاب إلي النوم...
بعد مرور بعض الوقت تململت في فراشها بعدم راحة وقد سيطر شعور الجوع عليها فقررت الهبوط للأسفل حتي تصنع شيء تأكله خرجت من الغرفة فوجدت المكان مظلم والجميع نيام هبطت بخطي مترددة إلي الأسفل و ذهبت إلى المطبخ لتبدأ بصنع الطعام فهي تتضور جوعاً.
دلف مراد إلي داخل القصر ليلتفت حوله ليري مصدر الصوت فتوجه ناحية المطبخ ليبتسم على الفوضى التي تفعلها تلك الصغيرة ثم نادها بصوته الرخيم:
- نورا.
ابتلعت ريقها لتنظر إليه بتوتر وارتباك فابتسم هو على مظهرها ثم قال:
- حازم كلمني وقال إنه مش هيجي انهارده و هياخدك الصبح.
أومأت له على مضض فنظر لها باستغراب ولكنه لم يعلق على سبب مجيئها ليصعد هو للأعلى دون ان يتحدث بشيء أخر.
أمّا هي فجلست على طاولة الطعام تأكل بنهم ولم تعير غياب حازم اهتمام...
__________________________________
"تلك لم تكن صدفة فلقد خُلقنا لنلتقي"
في صباح يوم جديد استيقظت يارا من نومها وهي تفتح عيناها بأنزعاج لتقول لوالدتها:
-جرا ايه يا ماما بتصحيني من دلوقتي ليه؟!
ناهد بحدة:
- قومي يا هانم احنا العصر، و عاصم ومنال في الطريق قومي اجهزي بسرعة.
نظرت لها يارا ببرود و هدوء:
- اعمل ايه يعني؟!
ناهد بنفاذ صبر:
- اخلصي يا يارا احسنلك انا بدأت افقد صبري..
وبعد عدة دقائق وصل عاصم برفقة والدته و جلسوا في غرفة الجلوس لتهبط يارا الدرج وهي تفكر في كلام صديقتها لتتلاقي أعينهم فشعرت يارا بالقشعريرة بجسدها وهي تري ذلك الغريب الذي لم يبعده نظره عنها طوال الحفل اقتربت منهم لتصافح منال ثم صافحته هو الآخر وهي تنظر له بغموض وبعد مدة من الصمت الطويل قاطعته ناهد:
- طيب يا منال نسيبهم هما يتكلموا على انفراد.
أومأت لها منال ثم خرجوا من الغرفة ليتركوهم وحيدين هو ينظر إليها و يتأملها و هي تنظر ارضاً ليقول هو بصوته الجذاب:
- هتفضلي تتأملي السجاد كدا كتير ولا إيه؟!
يارا وقد استعادت شجاعتها:
- احم .. احم لو سمحت قول انت عايز ايه وبلاش لف و دوران.
رفع عاصم حاجباه بسخرية:
- يعني انتي متعرفيش انا جاي ليه ... ماشي يا ستي انا العريس المصون بتاع حضرتك و جيت اطلب ايدك وانتي طبعاً موافقة.
قال جملته الأخيرة بثقة لتنظر له بدهشة وقد تبخر كل شيء بعقلها حتي تتخلص منه:
- لا طبعاً مش موافقة.. انت ازاي تتكلم كدا؟!
ليقول هو بخفوت:
- كلامك مش هيفيد بحاجة يا انسة.
صاح لوالدته و ناهد للدخول فنظروا لهم بابتسامة ليبتسم هو بغرور قائلاً:
- يارا موافقة و الخطوبة الخميس الجاي ان شاء الله!.
اتسعت عيناها بصدمة ولم تتفوه بكلمة وسط تهنئة منال و ناهد لها!!
___________________________________
وقف حازم بسيارته أمام بوابة الفيلا لينظر إلي نورا بغضب وهو يقول بصرامة:
- اتفضلي يا هانم على فوق ولا انتي ناوية تعيشي هنا.
نظرت له نورا بعدم اكتراث لتفتح باب السيارة ثم دلفت إلي الداخل دون كلام فتبعها حازم إلي الداخل فوجدها تجلس على أحدي الارائك تنظر له ببرود:
- انا عايزة اعيش معاهم هناك في القصر طالما هتسيبني طول اليوم و تخرج برا.
قهقه حازم بسخرية:
- اطلعي فوق احسنلك يا نورا وكفاية جنان لحد كدا.
لتصرخ نورا قائلة:
- انا مش مجنونة و بعدين بطل التهديد بتاعك ده انت فاكرني عيله؟ وهروح اعيش هناك حتي لو مش موافق.
صفعة قوية كانت جواب حازم لها ليقترب...